بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمودِ بجميع المحامد تعظيماً وثناءً .. المتصفِ بصفات الكمال عزّة وكبرياءً ..
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمةِ الكرام النجباء .. وسلم تسليمًا كثيرًا ..
ندوة الدراسات القرآنية عن موضوع الاستنباط من القرآن الكريم لفضيلة الشيخ الدكتور : فهد الوهبي .
تفريغ الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج: الدراسات القرآنية على إذاعة القرآن الكريم
بعنوان: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم ( 1 ) "
برنامج: الدراسات القرآنية على إذاعة القرآن الكريم
بعنوان: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم ( 1 ) "
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم مستمعينا الكرام إلى لقاء جديد في برنامج " الدراسات القرآنية " ، يسعدني في مطلع هذا اللقاء وبعد الترحيب بكم أن أرحب بالشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة والذي سيتحدث في هذا اللقاء عن منهج الاستنباط في أمور القرآن الكريم ، نرحب بكم ياشيخ فهد وأهلا وسهلا بكم .
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : حياك الله وحيا إذاعة القرآن الكريم .
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : منهج الاستنباط من القرآن الكريم هذا هو ما سيتحدث عنه فضيلة الشيخ فهد وعندما نتحدث عن التفسير فإن التفسير استنباط وقد يكون جزءاً من التفسير استنباط . ما المقصود بالاستنباط ؟ وما الفرق بين الاستنباط والتفسير؟ هل كل أحد له أن يستنبط من القرآن الكريم ؟ هل هناك اشتراطات محددة في الشخص الذي يقوم بهذا الاستنباط؟ ماهي هذه الاشتراطات إذا كانت موجودة ؟ كيف نعرف أن هذا المعنى المستنبط أيضاً صحيح أو أنه خطأ ؟ ثم هل هناك من سبب أو أسباب يمكن بأن نقول أنها هي التي توقع في الخطأ في التفسير وبالتالي الخطأ في الاستنباط من كتاب الله عز وجل ؟ هذا هو محور الحديث الذي سيدور في هذا الموضوع : " منهج الاستنباط من القرآن الكريم " . المقصود بالاستنباط يا شيخ فهد ماهو ياتُرى ؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . بداية أشكر إذاعة القرآن الكريم على إتاحة هذه الفرصة الكريمة للتعريف بهذا الموضوع الهام وهو منهج الاستنباط من القرآن الكريم .
أما الاستنباط فالمقصود به في اللغة هو : الاستخراج وقد ورد هذا المعنى في قوله جل وعلى : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ } يعني يستخرجونه وهذه مادة اللغة العربية وقد كانوا يطلقون على الماء الذي يخرج من البئر أول ما يخرج يقولون هذا نبط ثم استعملوا كل استخراج شيء خفي سموه استنباطا فإذا استخرج الإنسان شيئا خفيا سواءا كان محسوسا أو كان معنويا سموا هذا استنباطا ومن الأشياء المعنوية العلوم والفوائد فإنها تسمى استنباطا مع كونها غير محسوسة فإذاً هذا جاريا على المحسوس وغير المحسوس فالعرب كانت تسمي الاستنباط لجميع ما يستخرج لكن يشترط أن يكون شيئا خفيا أما الأشياء الظاهرة فلا تسمى استنباط هذا هو دلالة المعنى اللغوية .
أما الاستنباط عند إضافته للقرآن الكريم لما نقول الاستنباط من القرآن فيراد به " الكشف " يتغير للمعنى العرفي الاصطلاحي وهو:استخراج ما خفي من القرآن بطريق صحيح وإضافة الطريق الصحيح هنا المراد به الاستنباط المعتد به الذي عمله العلماء لأن هناك استخراج خفي من القرآن لكن بطريق غير صحيح فهذا لا يعد استنباطا ومنهجا صحيحا في الاستنباط كما هو عند بعض الفرق إذاً الاستنباط اصطلاحا هو :استخراج ماخفي من القرآن بطريق صحيح.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : الاستنباط والتفسير هل هناك بين اللفظتين تداخل وافتراق أم أنهما شيئا واحدا؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : الفرق بين الاستنباط والتفسير من ناحية التعريف ومن ناحية التنظير هناك فرق كبير لكن من ناحية العمل المفسرون القدامى عليهم رحمة الله كانوا يدخلون الاستنباط داخل كتب التفسير وكانوا يستنبطون في أثناء عملية التفسير وهم يفسرون يستنبطون ويسمى هذا درس التفسير أو كتاب التفسير ففي القديم لم يكن هناك تفريق واضح مابين الاستنباط من ناحية العمل من ناحية التأليف إلا في بعض الكتب القليلة أما من ناحية التعريفات فهناك فرق كبير بين الاستنباط وبين التفسير .
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : ماهو ياتُرى ؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : أولا : من ناحية اللغة التفسير في اللغة هو : الكشف وأما الاستنباط فهو الاستخراج فهذا فرق كبير من ناحية اللغة وغالباً إذا كانت الكلمات مختلفة في اللغة تختلف من ناحية الاصطلاح .
ثانيا : أن التفسير اصطلاحا عند العلماء هو بيان المعنى . أما الاستنباط فهو استخراج الأشياء الخفية من المعنى .فهناك دلالات للآية ليست دلالات ظاهرة وهذا هو الاستنباط مثال ذلك هو قول الله عز وجل: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } تفسيرها :أن الله جل وعلا يأمرنا بإقامة الصلاة. هذا تفسير لأنه دلالة ظاهرة أن الأمر للوجوب هذا أمر ظاهر لكن لما نأتي ويأتي شخص ويقول:أن الله أمر بصيغة الجماعة قال " أَقِيمُواْ " فيستنبط من الواو حكم وجوب الجماعة هذا ليس تفسيراً هذا استنباط من هذه الآية لأنه حكم خفي ولذلك قلنا أن الخفاء أمر ملازم للاستنباط لاينفك عنه بخلاف التفسير قد يكون أمراً واضحا أي ظاهرا وقد يكون خفيا في بعض الألفاظ مثل " القرء " مثلا خفي لكن هنا " أقيموا الصلاة " أمر ظاهر من أيضا الفروقات أن الاستنباط دائما يحتاج إلى مشقة لا يكون الاستنباط بسهولة ولذلك أغلب الذين يعرفون الاستنباط يقولون فيه جهد ومشقة في بذل في استعمال العقل في استخراج الأحكام أما التفسير فقد يكون فيه مشقة في بيانه وقد يكون أمراً ظاهرا لما أقول {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } لايوجد مشقة في فهم هذا المعنى. لكن قد يوجد في آيات أخر شيء من المشقة فالمشقة ليست ملازمة للتفسير ولكنها ملازمة بالضرورة للاستنباط. وأخيرا وهذا أمر مهم أيضا أن الاستنباط لا يمكن أن ينقطع بل هو دائم إلى قيام الساعة ونظيره هو الاجتهاد عند أهل الأصول فإنه لاينقطع إلى قيام الساعة أما التفسير فإن تفسير المعاني بمعنى بيان المفردات قد استقر وانتهى ولا يمكن أن يأتي شخص ويقول أن مثلا لفظة " القرء " لها معنى جديد ثالث غير المعاني التي ذكرها العلماء فإذاً الاستنباط لا ينتهي إلى قيام الساعة وأما التفسير فقد استقر وعلم من جهة المفردات والمعاني وأسباب النزول وغير ذلك من الأمور هذه أهم الفروق .