مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ ؟!

إنضم
08/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
السودان

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال للزملاء فى الملتقى :

ذكر فى سورة الحجر طلب كفّار قريش من الرسول (ص) أن يأتى لهم بالملائكة ليروها بأعينهم حتى يؤمنوا بصدق دعوته، فقال لهم الله تعالى أن الملائكة التى تطلبوها لا تأتى إلا "بالحق" ، "وما كانوا منظرين "::

وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ
(6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)


وجاء فى التفاسير أن معنى "وما كانوا إذا منظرين" أى لن يؤجلوا العذاب أو يؤخروه


سؤالى هو :
ألا يمكن أن تكون "وما كانوا إذا منظرين" ، أى أنه إذا جاءت الملائكة للرسول (ص) فلن تشاهدوها أو لن تعرفوها لأنها ستأتى بشكل رجال طبيعيين وليست بشكلها المخلوق بها من أجنحة وغيرها،
فقد جاء فى نهاية السورة ذكر للملائكة التى دخلت على إبراهيم عليه السلام بهيئة رجال ضيوف فلم يعرفهم ، ثم بشرته "بالحق" بعد أن عرف حقيقتهم عندما لم يقربوا الطعام، "والحق" أى بولادة إسحق ، فليس "الحق" هو العذاب فقط، كما جاء فى التفاسير :

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55)

ثم ذكرت السورة أيضا أن تلك الملائكة ذهبت بعدها الى لوط عليه السلام، ورآها قوم لوط على شكل رجال عاديين فلم يعرفوها :

فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ
(61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66) وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)

صدق الله العظيم

كما ورد فى الكثير من الأحاديث أن الملك جبريل عليه السلام كان يظهر للرسول (ص) فى شكل الصحابي دحية الكلبى.

 
أولا : لو تتبعنا مفردة "منظرين" في كتاب الله :

{ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ } [الأعراف:15]
{ مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ } [الحجر:8]
{ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} [الحجر:37]
{ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ } [ص:80]
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } [الدخان:29]

فنجد ان عموم دلالتها تشير إلإمهال و التأجيل ومنح الوقت ، فالفعل "يَنْظُر" بمعنى يرى ويشاهد يختلف عن الفعل "يُنظِر" أي يمهل ، فدلالتها أي : لن يمهلوا لو حدث وأنزلنا الملائكة بل سيقع عليهم العذاب فحضور الملائكة وإنزالهم هو كارثة ستحل عليهم فهم في سعة حتى يحصل ذلك فإن حصل توقف الامهال عنهم.
وهذا ليس الموضع الوحيد الذي يحذر فيه الله بأن استعجالهم بحضور الملائكة سوف يحرمهم من المهلة التي ينعمون بها فتنزل الملائكة يعني انقضاء الأمر ونفاد المهلة التي امهلوا بها يقول تعالى :

{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } [البقرة:210]

وهو سؤال استنكاري يوضح ضعف عقولهم فيعجب ربنا من ذلك ويستنكر طلبهم في موضع آخر فيقول تعالى:

{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } [الأنعام:158]​
فحصول مثل تلك الحوادث العظام يعني نهايتهم وزوالهم وفقدان المهلة التي منحوها ليؤمنوا.

وهنا يحذرهم بأن ما يستعجلون به من طلبهم للآيات يؤدي لانقضاء الأمر وانتهاء المهلة فإن لم يكن إيمانكم ناشئاً من ارادتكم وما يستقر في قلوبكم من هدى فقد خسرتم الدنيا والآخرة:
{ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ } [الأنعام:58]


{ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا * يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا [الفرقان:21 -22]
وهنا ايضا نجد أن ربنا يحذرهم بأن تلبية رغبتهم برؤية الملائكة يعني انتهاء المهلة وحلول الساعة التي يعذب فيها المجرمين


ثانياً :تفضلتي بالقول :
ألا يمكن أن تكون "وما كانوا إذا منظرين" ، أى أنه إذا جاءت الملائكة للرسول (ص) فلن تشاهدوها أو لن تعرفوها لأنها ستأتى بشكل رجال طبيعيين وليست بشكلها المخلوق بها من أجنحة وغيرها،​
فقد جاء فى نهاية السورة ذكر للملائكة التى دخلت على إبراهيم بهيئة رجال ضيوف فلم يعرفهم ، ثم بشرته "بالحق" بعد أن عرف حقيقتهم عندما لم يقربوا الطعام، "والحق" أى بولادة إسحق ، فليس "الحق" هو العذاب فقط، كما جاء فى التفاسير​

فهمت أن قصدك أن (مُنْظَرِينَ) تعني يرون بالبصر وينظر الناس اليهم فيعرفونهم ، وهنا نقول لا يمكن أن يكون هذا من جهة المفردة فهي لا تستعمل في باب الرؤية والنظر بصيغتها هذه ثم أن اتيان الملائكة في صورة غير صورتهم الحقيقية لا يعني انهم غير مرئيين بل يرون ولكن بصورة أخرى غير صورتهم الحقيقية ، ولو شاء الله لأظهرهم فلا يعجزه ذلك ابداً ولو فهم المشركون ذلك لاحتجوا بأن قدرة الله محدودة فهو لا يستطيع أن يرينا الملائكة فكيف نعبده ، وتعالى الله عن ذلك بل يستطيع ان يظهر لهم خلق الملائكة ولكن ما يمنع من ذلك رحمته بخلقه ورافته بهم حتى لا يقع عليهم العذاب.



 
شكرا اخ عدنان على الرد
ولكن ألا تلاحظ أن (منظرين) مفعول به؟
فمن الذى يمهلهم؟
او تكون منظرين تعود للقوم المراد هلاكه؟
 
مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ : لا يمكن انزال الملائكة عبثاً وتلبية لرغبات قومك

وَمَا كَانُوا :
أي قومك يا محمد.

إِذًا : أي في حال نزلنا الملائكة.

مُنْظَرِينَ :
مؤجلين بإمهال الله.

اي لا تنزل الملائكة لأجل طلبهم ولو أنزلناهم لكان قومك حينئذٍ غير منظرين اي غير ممهلين مؤجلين بل سيقع عليهم العذاب فيكون طلبهم بذلك عائداً عليهم بالثبور والندم.
 
- لغويا: "المُنظَر" مختلفة عن "المنظور"
والإنظار هو الإمهال.

- آية أخرى متعلقة بالمعنى:
ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين (7)
وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون (8)
ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون (9)

فواضح هنا أن الكلمة تعود على القوم لا على الملائكة، حيث أن المذكور هنا هو "ملك" (بصيغة المفرد)
فنفهم الآية الأخرى في ضوء هذه.
 
وفي سياق متصل بالمشاركة رقم 2
يقول الحق تبارك وتعالى:

{ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ } [الأنعام:8]

ومثانيها قوله تعالى:


{ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ } [الأنعام:58]

فنزول الملك والملائكة هو انقضاء المهلة وحلول النقمة على أهل الكفر ، فطلبهم هو استعجال بحصول ذلك من حيث لا يعلمون فكان تنبيها واقامة للحجة عليهم بأن تحديكم للنبي بهذا الطلب إنما سيعود عليكم بسوء العاقبة.
 
عودة
أعلى