عبدالكريم عزيز
New member
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
وبعد، أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ، فَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ "
فهذا الحديث يُظهر موقف ابن عباس تجاه الإسرائيليات في تفسير كتاب الله . لكن الإشكال يوجد في كون عدد من الأقوال التفسيرية التي تنتمي للإسرائيليات ، أسندت إلى ابن عباس ، زيادة على أن التفاسير المعتمدة والمنسوبة للتفسير بالمأثور ، أغلبها يسير في نفس النهج دون أدنى شك في تلك الأقوال .
والأدهى من ذلك يتجلى في عدد من المفسرين المعاصرين والمهتمين بالتفسير ، الذين لا يستسيغون نقد بعض أطروحات التفسير بالإسرائليات ، مدعين في ذلك قدسية التفسير بالمأثور ، خوفا على الإجماع الذي يحدثه السلف في قضية من القضايا ، حتى ولو كان اعتمادهم مبني على الإسرائيليات ، وفي بعض الأحيان حتى ولو خالفها سياق الآيات ، وروح القرآن والسنة .
مما سبق يتأكد أن تفسير القرآن الكريم يحتاج إلى تنقيته من الإسرائيليات بطريقة جدرية ، معتمدين على ما جاء في السنة المطهرة الصحيحة ، والمفردة القرآنية من خلال سياقاتها ، وكذا من خلال المعجم القرآني الذي يكسب هذه المفردة الدقة في التعبير القرآني .
ولا يتأتى ذلك إلا إذا اعتبرنا هذا العمل مشروع أمة . لأن الأجيال المقبلة ستحاسبنا على هذا التفريط ، لأننا نشعر بالخلل ونحافظ عليه .
والله لا يضيع أجر المصلحين .