موقف ابن عباس من الإسرائيليات

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
وبعد، أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ، فَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ "
فهذا الحديث يُظهر موقف ابن عباس تجاه الإسرائيليات في تفسير كتاب الله . لكن الإشكال يوجد في كون عدد من الأقوال التفسيرية التي تنتمي للإسرائيليات ، أسندت إلى ابن عباس ، زيادة على أن التفاسير المعتمدة والمنسوبة للتفسير بالمأثور ، أغلبها يسير في نفس النهج دون أدنى شك في تلك الأقوال .
والأدهى من ذلك يتجلى في عدد من المفسرين المعاصرين والمهتمين بالتفسير ، الذين لا يستسيغون نقد بعض أطروحات التفسير بالإسرائليات ، مدعين في ذلك قدسية التفسير بالمأثور ، خوفا على الإجماع الذي يحدثه السلف في قضية من القضايا ، حتى ولو كان اعتمادهم مبني على الإسرائيليات ، وفي بعض الأحيان حتى ولو خالفها سياق الآيات ، وروح القرآن والسنة .
مما سبق يتأكد أن تفسير القرآن الكريم يحتاج إلى تنقيته من الإسرائيليات بطريقة جدرية ، معتمدين على ما جاء في السنة المطهرة الصحيحة ، والمفردة القرآنية من خلال سياقاتها ، وكذا من خلال المعجم القرآني الذي يكسب هذه المفردة الدقة في التعبير القرآني .
ولا يتأتى ذلك إلا إذا اعتبرنا هذا العمل مشروع أمة . لأن الأجيال المقبلة ستحاسبنا على هذا التفريط ، لأننا نشعر بالخلل ونحافظ عليه .
والله لا يضيع أجر المصلحين .
 
الاستئناس بالاسرائيليات في باب المواعظ والترغيب والترهيب بمالا يكون فيه مخالفة للعقيدة قد يندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج أما أن يكون عمدة في التفسير لدرجة لم يعد البعض يفرق بين قدسية الحديث النبوي والاسرائيليات فوجودها في التفسير دخيل لا يجب قبوله مالم يكن بحديث نبوي ثابت انه استشهد النبي صلى الله عليه وسلم بقصة او رواية اسرائيلية ولا يجوز ذلك لسواه ، أميل لتأييد قول شيخنا عبدالكريم ذلك العمل واعتقد انه سيفاجئنا بانكشاف صور لم نكن نلحظها والله أعلى وأعلم
 
وجهات نظر حول الإسرائيليات

وجهات نظر حول الإسرائيليات

قد سبق أن نوقش موضوع الإسرائيليات في الملتقى ، ويسرني أن ألفت نظر القراء إلى رابط الموضوع لأهميته .
الرابط الأول : http://vb.tafsir.net/tafsir143/
الرابط الثاني : مسألة مشكلة في تفسير آية الكرسي - ملتقى أهل التفسير

مع فائق التقدير والاحترام
 
مما سبق يتبين ما يلي :
ـ تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع الإسرائيليات كان في حدود الإذن الشرعي ، ويُعتبر منهجا خاصا بهم .
ـ المُسَلمة التي تقول : " إن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا ، أو من المسكوت عنه مما لا يوافق أويخالف شرعنا " مسلمة ناقصة في التفسير ، لأنها لا تعتبر السياقات النصية ، ولا دلالات المفردات القرآنية .
ـ لا يمكن تجريد كتب التفسير من الروايات الإسرائيلية ، بل الأحرى هو تجريد التفسير من الإسرائيليات ؛ لأن التفسير عملية مستمرة لانهائية ، أما كتب التفسير فتنتمي إلى التراث ، وتغيير التراث من قبيل العبث به ، وهذه العملية تعتبر جريمة في حقه .
ـ القول بأن : " التفسير لا يحتاج إلى الإسرائيليات ، ولكنه يستفيد منه " قول مرجوح .
ـ صحة السند لا تُعفي الأخبار من كونها إسرائيليات .
ـ الإسرائيليات لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا ، إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ـ البحث في الروايات الإسرائيلية من البحث في الجائز لا الواجب ، فلو تَرك المرءُ الروايات الإسرائيلية مطلقا فلا تثريب عليه .
مع فائق التقدير والاحترام
 
إن فيما ساقه الدكتور مساعد الطيار من تحليل لجدير بالتأمل ، لذا أحببت أن أسوق بعضه لأهميته :
الطرح الذي يقول : إن ضابط العقل أو الغرابة في استبعاد الإسرائيلية ، ليس مما يُتفق عليه ونراه يأتي لتأكيد ذلك بالتفسير النبوي :
فيقول : " ففي تفسير قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) الأحزاب : 69 ، ورد الخبر الآتي :
إن موسى كان رجلاً حَيِيًّا سِتِّيرًا ، لا يُرَى من جلده شيء استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستَتِر هذا التستر إلا من عيب بجلده : إما برصٌ ، وإما أُدْرَةٌ ، وإما آفةٌ .
وإن الله أراد أن يُبَرِّئه مما قالوا لموسى ، فَخَلا يومًا وحده ، فوضع ثيابه على الحجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها ، وإن الحجر عَدَا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه ، وطلب الحجر ، فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل ، فرأوه عُرْيانا أحسن ما خلق الله ، وأبرأه مما يقولون .
وقام الحجر ، فأخذ ثوبه ، فلبسه ، وطَفِقَ بالحجر ضربًا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبًا من أثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا ، فذلك قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) الأحزاب : 69 .
فهذا الخبر لا تخفى غرابته ، وقد لا يحتمل العقل تصديقه ، لكن إذا علِمت أنه خبر صحيح مرويٌّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه البخاري ( ت : 256 ) وغيره ، سلَّمت لذلك الخبر ، وأدركت أنه خبر حقيقي واقع ، مع ما فيه من الغرابة .
وليس يعني هذا أن يُقبل كل خبرٍ مع ما فيه من الغرابة ، لكن المراد أنَّ الغرابة ليست ضابطًا كافيًا في ردِّ مثل هذه الأخبار ، والله أعلم . "
فأول ما يواجهنا في هذا الخبر ، كونه صادر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو بيان نبوي للقرآن الكريم ، برواية صحيحة . مما يجعل الاعتماد عليه لتأكيد الغرابة وقبولها أمر مستبعد . ذلك لأنه ينضوي تحت المعجزات التي تقع للأنبياء . ومنها ما وقع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد يشك ، مهما وقع من عجائب في ذلك . فهذا النوع ليس مقياسا للإسرائيليات المراد استبعادها من التفسير .
فضلا عن ذلك ، فمصطلح الإسرائيلية بالنسبة للبيان النبوي ، يحتاج إلى إعادة نظر . لأن ما يصلنا عن طريق الوحي ليس كالذي يصلنا عن طريق بني إسرائيل .
وهناك أمر آخر ، وهو أن البيان النبوي منه ما يفسر الآية بجزء من المعنى ، لأن هذه الآية تحتمل عدة معاني داخلة في مفردة (آذوا) موسى عليه السلام . جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود : " لما قسَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قسمةَ حُنَيْنٍ ، قال رجلٌ من الأنصارِ: ما أراد بها وجْهَ اللهِ ، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه ، فتغيَّرَ وجهُه ثم قال: رحمةُ اللهِ على موسى، لقد أوذِيَ بأكثرَ من هذا فصبرَ ."
والله أعلم وأحكم
 
لثراء مقالة أستاذنا الدكتور مساعد الطيار ، أردت أن أُبرزَ أهم محاورها التي تدعو إلى التأمل والمدارسة . فإذا اعتبرنا أن البيان النبوي لكل ما هو متعلق ببني إسرائيل لا يُعتبر من الإسرائيليات . يبقى أمامنا كل الأخبار التي تتعلق بالإسرائيليات والتي وردت عن السلف ، والتي استطاع أستاذنا أن يذكر بعض خصائصها ، وذلك عن طريق الاستقراء العلمي الذي عُرف به في هذا المجال . يقول في ذلك :
" إن من يستقري الإسرائيليات التي وردت عن السلف ، سيجد الأمور الآتية :
1 ـ أنها أخبار لا يبنى عليها أحكام عملية .
2 ـ أنه لم يرد عن السلف أنهم اعتمدوا حكمًا شرعيًا مأخوذًا من روايات بني إسرائيل .
3 ـ أنه لا يلزم اعتقاد صحتها ، بل هي مجرد خبر .
4 ـ أنَّ فيها ما لم يثبت عن الصحابة ، بل عن من دونهم .
5 ـ أن تعليق الأمر في بعض الإسرائيليات على أنه لا يقبلها العقل أمر نسبي ، فما تراه أنت مخالفا للعقل ، قد يراه غيرك موافقا للعقل .
6 ـ أن الكثرة الكاثرة في هذه الإسرائيليات لا يوضح أمرا يتعلق بالتفسير بل يكون التفسير واضحا بدونها وقد يكون معلوما من حيث الجملة والإسرائيلية لا تفيد فيه زيادة ولا قيد .
7 ـ أن هذه الإسرائيليات من قبيل التفسير بالرأي ."
 
الإسرائيليات من قبيل التفسير بالرأي

الإسرائيليات من قبيل التفسير بالرأي

ورد في مقالة الدكتور مساعد الطيار : " إن كون الإسرائيليات مصدرًا يستفيد منه المفسر في حال بيان معنى كلام الله لا يعني أن تقبلَ كلَّ ما يُفسَّر به هذا من طريق هذا المصدر ، فهذه الإسرائيليات كالتفسير باللغة ،
وليس كل ما فسِّر به من جهة اللغة يكون صحيحًا ، وكذلك الحال هنا .
ولما كان التفسير بالرأي قد يقع في ربط آية بآية ، وربط حديث بآية ، فكذلك يقع بربط قصة إسرائيلية بآية ، مع ملاحظة الفرق بين هذه المصادر من جهة قوة الاعتماد عليه ، والوثوق به من حيث هو ، لا من حيث الربط الذي يكون بالاجتهاد ، والاجتهاد قد لا يصح ولو كان من باب تفسير آية بآية ."
إن من خلال هذا الطرح يمكننا أن نطل على المجتمع الإسلامي الأول الذي كان يتجلى فيه نوع من التَّماس بين الثقافة الإسلامية الجديدة التي تتجلى في القرآن الكريم والتي يتلقاها الأميون من العرب الذين دخلوا إلى الإسلام ، وثقافة الكتب السماوية السابقة التي يحملها أهل الكتاب .
فحضور هذا التَّماس كان منذ الوهلة الأولى في جدال أهل الكتاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورد القرآن الكريم عليه . أو في فضول بعض الصحابة رضوان الله عليهم في محاولة الاطلاع على ما في الكتب السابقة كما وقع لعمر بن الخطاب عندما أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكتابٍ أصابه من بعضِ أهلِ الكتابِ فقرأه على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فغضب قائلا : " أتَتَهوَّكون فيها يا ابنَ الخطابِ والذي نفسي بيدِه لقد جئتُكم بها بيضاءَ نقيَّةً لا تسألوهم عن شيءٍ فيخبرونكم بحقٍّ فتكذبونَه أو بباطلٍ فتُصدِّقونه والذي نفسي بيدِه لو أنَّ موسى كان حيًّا ما وسِعَه إلا أن يَتبَعني "
فإذا كانت البداية بهذا التصور ، كيف سيكون الاستمرار ، في تفسير النص القرآني بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم . فهناك ثقافة موازية للإسلام الذي يتجلى في الكتاب والسنة ، وهذه الثقافة تتجلى في التراث الإسرائيلي هنا وهناك . وكان لا بد أن يتأثر التفسير بالأخذ من هذه الإسرائيليات ، للجواب على بعض ما جاء مجملا في القرآن الكريم ، وخاصة ما يتعلق بجزئيات القصص التي تتعلق ببني إسرائيل .
إن تفسير القرآن الكريم بالإسرائيليات نوع من تأثير التفسير بثقافة المجتمع الإسلامي التي تحيط به . وذلك عبر تاريخ التفسير والمستمر إلى الآن . فكما كان تفاعل المفسرين مع الإسرائيليات نجدهم يتفاعلون مع المدارس اللغوية ، والفلسفة اليونانية ، والعلوم العصرية المختلفة . هذا التفاعل الذي ينشأ عنه ثراء تفسيري متعدد .
وهذا التفاعل يؤكد الحضور القوي للنص القرآني الحي والمتحرك في تقديم الحلول الآنية للمجتمع الإسلامي . إلا أن عملية التفسير التي يقوم به الإنسان والتي هي عملية اجتهادية صرفة ، قد يصيب بها وقد يخطئ . وقد رأينا ذلك جليا فيما يشهد به التراث التفسيري لكتاب الله العزيز عبر العصور .
والله أعلم وأحكم
 
ابن عباس ينتقد الاعتماد على الإسرائيليات في التفسير

ابن عباس ينتقد الاعتماد على الإسرائيليات في التفسير

" وأَخْذُ ابن عباس ( ت : 68 ) عن أهل الكتاب مما لا يحتاج إلى إثبات ، لكن الأمر الذي يحتاج إلى بحث ما ورد عنه في صحيح البخاري ( ت : 256 ) ، قال : (حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، أخبرنا ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ، وكتابكم الذي أنزل إليكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث ، تقرءونه محضًا لم يُشَبْ ، وقد حدَّثَكم أن أهل الكتاب بدَّلوا ، وغيَّروا ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلاً ، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، لا والله ، ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذى أنزل إليكم ) .
فما مراده من هذا النهي ؟
لقد حرصتُ على تتبع هذا الأثر عن ابن عباس لعلي أظفر بشرح يبين مقصوده ، لكني لم أظفر بشيء في ذلك ، وقد اجتهدت في تبيُّن الاحتمالات التي جعلت ابن عباس ( ت :68 ) يقول هذا ، مع أنه قد ورد عنه الأخذ عن بني إسرائيل ، فظهر لي منها :
أولاً : أن يكون يريد الأحكام والعقائد دون غيرها من الأخبار ؛ لأن هذين الأمرين لا يجوز أن يؤخذا عن غير المعصوم في خبره . أما الأخبار الأخرى فإنها مما لا يلزم تصديقه ولا تكذيبه ، ولا يُبنى عليها علم ، وليس فيها هدى (...)
ثانيًا : أن يكون رأيًا متأخرًا له .
ثالثًا : أنه رأى كثرة الرجوع إليهم ، فأراد أن يسد هذا الباب . "
هذا الطرح من الدكتور الطيار ينم عن عمق الرؤيا عنده بخصوص التراث التفسيري عند السلف . مما جعلنا نتمثل ابن عباس وهو من أساطين التفسير في عصره ، ينتقد الإسرائيليات باعتبارها مدّاً تفسيريا فاق الحدود الممكنة لطبيعته كعنصر استئناس فقط .
مع العلم أن التفسير بالإسرائيليات عندما فُتح كمورد يستمد منه التفسير لم يستطع أحد من السلف أن يُغلقه . والدليل على ذلك حال الأجيال التي تعاقبت على التفسير بعد الصحابة رضوان الله عليهم ، وما طرأ من عمليات التدليس والزيادة في التراث الإسرائيلي ، بواسطة القصَّاص والأعداء على حد سواء .
وقد سبق القول إن هذه الموجة من تأثر التفسير بالإسرائيليات تشبه إلى حد كبير تأثر التفسير بكل الثقافات التي تتعايش معه على مر العصور .
وهذا يحيلنا إلى التفاسير التي تأثرت بتلك الثقافات وامتزجت معها ، حتى صارت من أبرز تفاسير الرأي المذموم . حيث اختلط التفسير بالفلسفة اليونانية والأفكار الصوفية المغرقة في الإشارة ، كما هو الشأن الآن في التفسير العلمي الذي أراده أصحابه أن يكون في الواجهة ، ناسين أن النظريات العلمية في تطور مستمر وسريع ، وأن التفسير المعاصر العلمي للقرآن الكريم ، سيأتي عليه زمن يراه معاصروه بأنه شطحات بدائية لمفسرين سابقين .
إن القرآن كلام الله المعجز أراده الله أن يكون خطابا لهداية البشرية جمعاء ، ورغم أن كلمات الله لا حدود لها ، إلا أنه أنزله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو البشر القدوة ليبين للناس كيفية فهم القرآن والعمل به ، كدستور للأمة الإسلامية .
من هذا المنطلق يجب أن يكون التعامل مع القرآن في تفسيره وتطبيقه . دون المبالغة في تحميل الآيات ما لم تحتمل ، تنطعا وتعالما .
يقول الله تعالى : {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }[الرعد:17]
والله وراء القصد وهو يهدي السبيل
 
نموذج للقارئ المعاصر تجاه الإسرائيليات

نموذج للقارئ المعاصر تجاه الإسرائيليات

لا أحد يستسيغ الطرح الإسرائيلي لقصص القرآن الكريم ، وهذا يبدو جليا في تساؤلات المعاصرين هنا وهناك . وهذا رابط لنموذج من هذا التساؤل :http://vb.tafsir.net/tafsir585/
وقضية أخرى تتبين لنا من خلال المسيرة التفسيرية ، وهي أن النص القرآني يبقى جليا ناصعا جديدا غضا طريا ، وأن كل ما علق به من قبيل الدخيل ، يندثر مع الوقت ويتلاشى ، وهنا أيضا تحضر قضية الحفظ الإلهي بقوة . حتى إننا في كثير من الأحيان نرى النص القرآني كأنه كتب الآن ، وأن ما علق به من تفاسير دخيلة ، كأنها طلاسيم تحتاج إلى مجهود كبير لفكها .
فسبحان الذي يقول : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[الحجر:9]
 
عودة
أعلى