كنتُ قد تقدمتُ بخطةِ بحثٍ ورجعتُ عنها بعد قبولها وطلبِ بعض التعديلالت عليها , وذلك لظروفٍ شخصيةٍ , والبحثُ كان بعنوان:
"تفسير آيات الأحكام من كتاب المُـحَـلّى لابن حزمٍ رحمه الله تعالى"
وكان الجزء الذي أردتُّ الكتابة فيه هو قسم العبادات فقط.
والهدفُ من البحث هو استخلاصُ منهج الظاهرية رحمهم الله تعالى من خلال أوسع كتبهم وموسوعاتهم الفقهية وهو المحلى , حيث لم أقف حتى الساعة على كتابٍ لأحكام القرآن لأحد الظاهرية قديماً أو حديثاً, إذْ المذاهبُ الفقهية الأربعة خرجت لها كتبٌ تعنى بأحكام القرآن على مذاهب مؤلفيها فألف من الحنفية الجصًّاص عليه رحمة الله وألف من المالكية ابن العربي عليه رحمة الله وألف من الشافعية الكيا الهراسي رحمه الله ثمَّ خرجت بعد ذلك رسالةٌ علميَّةُ في قسم القرآن وعلومه تقاسمها خمسة باحثين وتناولت فكرتهم تفسيرَ آيات الأحكام من عمدة الحنابلة في الفقه وهو كتاب المغني للموفق ابن قدامة رحمه الله .
علماً أنّ الموضوع حسب ما علمتُ لم يسجل حتى الآنَ , ولا علاقة له بجمع تفسير ابن حزمٍ الذي ابتُدأ في جامعة الإمام وتعاقبت ثلةٌ من الباحثين في أم القرى لإتمامه.
ولو فرضنا أنه وُجد تفسير ابن حزمٍ لكامل القرآن عبر هذه الرسائل العلمية أو غيرها لكانَ استخلاص تفسيره لآيات الأحكام واستنباطاته منها ودراسة منهجه في تفسير آيات الأحكام , ومقارنة ذلك مع كتب أحكام القرآن عند غير الظاهريّة أمراً غايةً في الأهمية , لكون الظاهرية وحتى ساعة كتابة هذه الكلمات لم يخرج لهم – فيما أعلمُ – كتابٌ يعتني بمنهجهم في تفسير آيات الأحكام , ولذا فإنّ من الممكن القيامَ بدراسة آيات الأحكام من أوَّل القرآن باعتبار أن هذه الدراسة أو غيرها من دراسات تتناول تفسير ابن حزمٍ للقرآن بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين , لم تدرس جوانب استنباطه للأحكام في آيات الأحكام ولم تتعرّض لما خالف فيه ابن حزمٍ رحمه الله من سبقه من المصنفين في أحكام القرآن من مذاهب الفقه الأخرى لتظهر لنا منهج الظاهرية في دراسة آيات الأحكام وتفسيرها وأدوات الاستنباط عندهم وهو ما كنتُ أعنيه وأقصده.