مواصفات بحوث الترقية إلى درجة الأستاذية

إنضم
31/07/2006
المشاركات
896
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المغرب - الجديدة
بسم1​

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .​
( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) .​


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .​
أولا : مشروعية التساؤل ووجاهته:​

ها نحن نلتقي مرة أخرى لمناقشة موضوع بالغ الأهمية، قلما يتم الانتباه إليه، بل يتم التعامل معه وكأنه بديهية من البدهيات التي فرغ الناس منها، وما يقتل الإبداع هو توهم البديهيات، لأنها تسقطنا في تبلد الحس، وعدم القدرة على البذل والعطاء، لأنها تسلبنا روح المبادرة، وأهمها في البحث العلمي التساؤل باعتباره مفتاح العلم، كما أنها تعطل فكرنا الناقد، بكبح جماح العقل عن التساؤل عن طبيعة المسألة، وحيثيات القضية، ومكوناتها، والعلاقات القائمة بينها، باعتبار ذلك مدخلا للتفسير والفهم، وسبيلا لإبداء الرأي والتقييم، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
إن العلم هو القدرة على البرهان وإقامة الدليل " معرفة الشيء على ما هو عليه في الواقع بدليل "،ومقوماته:
1. معرفة مصادر المعلومات : أوعية المعلومات التقليدية والمعلوماتية، باعتماد قاعدة " جمع المعلومة بالمعلومة " .
2. توثيق المعلومات و حفظها : التوثيق .
3. فهم المعلومات واستيعابها و تمثلها : الوعي .
4. توظيف المعلومات في المجال الذي نريد : الكفاءة .
5. سرعة تداول المعلومات : التواصل العلمي .
6. ابتكار المعلومات : الإبداع ، باعتماد قاعدة " تحليل المعلومة بالمعلومة ".
مما يسهم في تنشيط العقل، وتحفيزه، لينتج ويبدع، ويسهم في حل المشكلات التي تعترض الإنسان في حياته، ويساعده على فهم محيطه فهما جيدا، يمكنه من عمارة الأرض والسعي فيها إصلاحا لا إفسادا.
إن الموضوع الذي يطرحه الدكتور أمين الشنقيطي يتسم بالوجاهة والشجاعة الأدبية، ذلك أن كثيرا من الناس يقدمون على فعل أشياء، هم جاهلون بطبيعتها، ومكوناتها، وخصائصها، و ينخرطون في العمل قببل التفكير فيه ، مما يجعل أعمالهم تتسم بالعشوائية، مما يجعلها أقرب ما تكون إلى الانطباعات العامة منها إلى البحث العلمي .
إن الأستاذ الفاضل قد حرك ما يعتقد أنه بديهية، مستحضرا قاعدة مهمة من قواعد البحث العلمي : " ما يقتل البحث هو البديهيات"، حيث يتم التعامل بتلقائية منافية للعلم، مما ينعكس سلبا على الأبحاث والدراسات المنجزة في الدراسات القرآنية خاصة، والشرعية عامة، من حيث العلم، والرؤية والمنهج. وهي في اعتقادنا المقومات الأساسية لأي بحث علمي.
إننا نجد أغلب الباحثين في الدراسات القرآنية خاصة، والشرعية عامة ، يتحدثون عن المنهج العلمي، وواقع حال ما يقدمونه ـ مما ينعت بالأبحاث والدراسات ـ يشكو إلى الله ظلم العباد، حيث غياب المنهج العلمي، بالمفهوم المتعارف عليه من قبل المجتمع العلمي، لنصبح أمام اللامنهج واللاعلم، لسبب بسيط أنهم لا يملكون تصورا عن ماهية البحث العلمي، ومنهم من لم يسبق له أن تلقى أي تكوين فيه، ولم يشارك في دورات تكوينية خاصة بالبحث العلمي، والمنهج العلمي .
غير خاف على كثير من الباحثين أن ما يجعل العلوم تتجدد هي المناهج " قاعدة : " ما يجدد العلوم هي المناهج "، فغياب المنهج معناه إعادة إنتاج ما هو موجود في أحسن الأحوال على ما هو عليه " التكرار والاجترار "، مما يفقد أبحاثنا ودراساتنا مقوما أساسيا ألا وهو الأصالة والإبداع، بمعنى الإضافة العلمية إلى مجال التخصص. بل إننا نجد في كثير من الأحيان من يعيد إنتاج ما هو موجود دون فهمه، والمصيبة أن ذلك يدرس لأبنائنا على أنه العلم وهو مجاف له. ثم نتباكى على ضعف المستوى العلمي لطلبتنا، متناسين أننا نحن السبب في ذلك، بعدم القدرة على الإبداع، والعطاء المتجدد، مما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة تضيق علينا بمرور الزمن، فتتآكل المعلومات، ويتراجع المستوى العلمي، لنسقط في ما يمكن الاصطلاح عليه بالروتين الأكاديمي " الاحتراق المعرفي".
اسألوا أغلب الذين يكتبون في الدراسات القرآنية خاصة، والدراسات الشرعية عامة عن المنهج الذي يتبعونه في بحوثهم ودراساتهم، فلن تجــد ـ في الغالب الأعم ـ إلا كلاما إنشائيا لا يمت للعلم ولا للمنهج بصلة.
إن مراجعتنا لكثير من الأبحاث والدراسات في إطار أعمال الخبرة العلمية، تفصح عن ذلك وزيادة حيث غياب القصدية، وعدم وضوح الرؤية، والخلط بين المنهج والخطة، وغياب العلاقة بين الفكر والملاحظة، فأغلب الكتبة يلاحظون بدون فكر، أو يفكرون بدون ملاحظة، والعجز عن تجديد مناهج الفكر والمعرفة، وعدم التفاعل بين هذه المناهج ، والتغيرات المجتمعية المحلية والعالمية.
إن هذا الموضوع حديث ذو شجون، و يحتاج إلى مزيد مدارسة، وأنا أقترح أن تنظم له دورات تكوينية، وأيام دراسية، لأهميته، وانعكاساته على واقع البحث و التدريس و التأطير في جامعاتنا . ولبيان ذلك نلمح إلى الموضوعات المتصلة به :
1. من هو الأستاذ الجامعي ؟.
2. ما هي مهام الأستاذ الجامعي ؟ .
3. ما هي مواصفات الأستاذ الجامعي ؟.
4. ما هي معايير تقييم الأستاذ الجامعي؟.
5. ما هي الترقية العلمية؟.
6. ما هي إجراءات الترقية ؟.
7. ماهو البحث العلمي؟ وما هي الأهداف المتوخاة منه ؟. " القصدية ؟".
8. ما هي مواصفات البحث العلمي المعد للترقية العلمية؟.
9. ما هي معايير تقييم بحوث الترقية ؟.
10. واقع حال المجلات، والدوريات والحوليات، والكتب المحكمة؟.
11. الحاجة إلى إحداث مجتمع علمي عربي وإسلامي، يتولى وضع المواصفات والمعايير التي على أساسها يتم إجازة البحوث والدراسات للنشر، مع التصنيف العلمي التراتبي للمجلات والدوريات العلمية.
وسأقتصر في هذا الموضوع على الإجابة على السؤال المطروح، و من ثم يتعين الحديث عن ماهية الأستاذية؟، وماهية الترقية؟، ثم بعد ذلك يتم الحديث عن البحث العلمي، ومواصفات بحوث الترقية إلى درجة الأستاذية ومعايير تقييمها.

ثانيا : من هو أستاذ التعليم العالي : البروفسور ؟.

أستاذ التعليم العالي هو صاحب أعلى درجة علمية بالجامعة ومن ثم فإنه هو:
1. العلامة في مجال التخصص : خبير في مجال التخصص .
2. الباحث المتمكن والمتمرس, الذي قام بمسح مجال التخصص, مسحا يكاد يصل إلى الاستقراء التام .
3. له ثقافة موسوعية : سعة أفق النظر .
4. له مدرسة علمية أو منخرط في مدرسة علمية.
5. صاحب مشروع علمي، وله أنموذج معرفي.
6. له قدرة فائقة على معرفة مصادر المعلومات التي يريدها، وتوظيفها في المجال الذي يريد، مع اقتصاد المجهود والوقت .
7. القدرة على التوجيه و الإرشاد العلمي .
8. معترف به من قبل المجتمع العلمي " القيام بأعمال الخبرة العلمية، المشاركة في المؤتمرات والندوات، تأطير الدورات التكوينية، الانتماء إلى هيئات علمية داخل الجامعة و خارجها، الاستشهاد بأعماله من قبل الباحثين المتخصصين ".
9. النشر الورقي و الإلكتروني .
10. تكوين الباحثين الذين هم امتداد له، ويعملون على المحافظة على مشروعه، وتنميته وتطويره، مما يسهام في خلق ما يمكن الاصطلاح عليه بالأعراف الجامعية، والتقاليد الأكاديمية، التي تجعل للجامعة تاريخا، ويجعلها متصفة بالعراقة.
11. المساهمة في الرفع من المستوى الثقافي للأمة.
12. له القدرة على توسيع حدود العلم في مجال التخصص.
13. يمتاز الأستاذ بالمواصفات التالية :
أـ النضج العلمي .
بـ ـ الإبداع .
تـ ـ الجدية .
ثـ ـ الصبر .
جـ ـ المثابرة.
حـ ـ صاحب رؤية .
خـ ـ يمتلك منهجا .
د ـ التميز العلمي : القدرة على التأمل، والتفكير، والاستنباط، والربط بين المعلومات والمعارف.
ذ ـ الأمانة، والصدق، والإخلاص.
رـ الجرأة العلمية " الصدح بالحقيقة ".
زـ الموضوعية " البعد عن الأهواء والأوهام، وتوجيه البحث لإثبات نتائج مقررة سلفا ".
سـ ـ احترام آراء الآخرين .
شـ التواضع ونكران الذات.
صـ ـ التنافسية العلمية .
إنه أستاذ باحث ، أي يمارس البحث ، و يدرس نتاج ما يتوصل إليه من خلال أبحاثه و دراساته . و لعل اطلاعنا على واقع التدريس، و التأطير، و البحث بجامعاتنا يظهر مدى الفجوة الكبيرة بين ما هو كائن، و ما ينبغي أن يكون .

ثالثا : ما هي الترقية العلمية :

1. استحقاق و ليست مجاملة .
2. تشجيع وتحفيز على النهوض بأعباء الأستاذية .
3. تتويج منطقي ومستحق, للمسار العلمي والأكاديمي للأستاذ.
4. تتم من قبل النظراء " المجتمع العلمي ".

رابعا - البحث العلمي :

البحث العلمي هو أحد أبرز الوسائل والأدوات, للوصول إلى معلومات دقيقة وسليمة، كما أنه يمكننا من الوصول إلى معارف متكاملة، ونظريات قادرة على تفسير الظواهر وفهمها، واتخاذ قرارات تمكننا من فهم المشكلات واقتراح الحلول المناسبة. ومن ثم فإن البحث العلمي يساهم بشكل فعال في تقدم المجتمعات، فلا غرابة إذا أضحى اليوم, أحد الفروق الأساسية المميزة بين الدول من حيث التقدم والتنمية.
إن مهة البحث من المهام الأصيلة المرتبطة بالأستاذ الجامعي، فهو ينعت ب " أستاذ باحث "، لأن البحث جزء لا يتجزأ من شخصيته، ومن ثم فإنه العنصر الأهم في تقييمه، لارتباطه بمهمتي التدريس والتأطير، وخدمة المجتمع.

خامسا : مواصفات بحوث الترقية إلى درجة الأستاذية : الإنجاز :

إن مواصفات البحث العلمي واحدة، ولكنها تختلف من حيث درجة تحققها باختلاف التراتبية العلمية والأكاديمية، فإذا كانت درجة أستاذ هي أعلى درجة علمية تمنحها الجامعة، فإن البحوث التي يعدها الأستاذ أو من يريد الترقية لهذه الدرجة العلمية المتميزة، يتعين أن تكون من أرقى درجات البحث العلمي, من حيث التقيد بالمواصفات المتعارف عليها, من قبل المجتمع العلمي، فضلا عن الجدية، والنزاهة، والأمانة، والصرامة العلمية, والمنهجية، والإضافة العلمية إلى مجال التخصص. لأن بحوثه تصبح مراجع معتمدة في مجال تخصصه، مما يجعلها تكون قدوة للباحثين المبتدئين، فضلا عن كونها تفتح آفاقا جديدة للبحث العلمي، ومن هنا لا يمكن أن نقبل أن تكون هذه البحوث الرفيعة من قبيل:
أـ تقريب العلم والمعرفة للمتلقين.
ب ـ جمع أمور متفرقة.
ج ـ تفصيل معلومات ومعارف مجملة.
د ـ تهذيب وتلخيص بحوث مطولة.
ه ـ ترتيب معلومات متفرقة ومبعثرة.
وـ بيان معلومات ومعارف مبهمة، ومستعصية على الفهم.
إن بحوث الترقية إلى درجة الأستاذية, يتعين أن تتحقق فيها المواصفات التالية القابلة للتحقق : الإنجاز، حتى تكون قابلة للقياس عند التقييم، لارتباط الأمرين :
1. العلم :
أـ الإضافة العلمية إلى مجال التخصص.
ب ـ توسيع حدود المعرفة.
ج ـ تجنب العموميات: العمق المعرفي.
دـ توحيد وجهة الاهتمام: المشروع العلمي.
ه ـ الإجابة على أسئلة العصر، وإيجاد الحلول الملائمة.
وـ البحث في مناهج العلوم لاستنباط القواعد المؤصلة للعلم.
زـ الترتيب المنطقي للقضايا.
ح ـ أهمية المعلومات و ثراؤها .
2. الرؤية : ونقصد بها الزاوية التي ينظر من خلالها الباحث إلى الموضوع، والتي يمكن الاصطلاح عليها بأطروحة البحث، أو الإشكال المعرفي أو المنهجي.
3. المنهج :
أ ـ وحدة الموضوع: للبحث موضوع واحد، يتعين على الباحث التزامه في البحث كله، حتى لا يتحول البحث إلى كشكول من الموضوعات.
ب ـ الاستقصاء : بذل أقصى جهد للوصول إلى أكبر قبدر ممكن من المعلومات.
ج ـ تجنب الإسقاط العلمي والمعرفي : مجافاة الموضوعية العلمية، و تحكيم الأفكار، و المعتقدات، و المواقف المسبقة.
د ـ أصالة المصادر و المراجع : جمع المعلومات من مظانها الأصلية ، و عدم النقل بالواسطة.
ه ـ التوثيق العلمي فلا قيمة للمعلومة في البحوث الأكاديمية, ما لم تكن موثقة توثيقا علميا، كما هو متعارف عليه في أدبيات البحث العلمي .
وـ القيام بوظائف الفكر :
1 ـ القدرة على الملاحظة العلمية الدقيقة، والوصف، والتحليل، واستخلاص النتائج.
2 ـ عدم الوقوف عند الشكليات، والنفاذ إلى المقاصد، بالتركيز على القضايا المشكلة، وتجنب إثارة القضايا الجزئية والهامشية، أو الاستطراد إلى موضوعات عن طريق التداعي الحر للأفكار.
3 ـ البرهان العلمي .
4 ـ التفسير والفهم .
5 ـ الاستقراء.
6 ـ الاستنباط .
ز ـ التزام المصطلحات المتداولة في مجال التخصص.
ح ـ تحديد معنى المفاهيم و المصطلحات، ومراجعة وضبط ما يتداوله غير المتخصصين في المجال.
ط ـ الشخصية العلمية المتميزة: يتعين على الباحث تجنب كثرة النقول, وإيراد النصوص بشكل متتال، مما يعمل على طمس شخصيته .
ي ـ التوثيق العلمي للآيات و الأحاديث : تخريج الآيات والأحاديث تخريجا تاما , وفق ما هو متعارف عليه في البحوث العلمية.
ن ـ التعريف بالأعلام غير المشهورة، و ذكر تاريخ وفاة المشاهير.
ك ـ العناية بالفهارس .
ل ـ الاختصار والإيجاز، مع عدم الإكثار من إيراد النصوص و الشواهد إلا ما كان ضروريا، والإحالة على المعروف منها في الهامش، لأننا نكتب للمتخصصين، ولا عبرة بتسويد الأوراق.
4. اللغة :
أ ـ إن لغة البحوث العلمية هي لغة علمية مباشرة، تعتمد الجمل القصيرة والبسيطة، دون الإخلال بدقة التعبير، وجمالية العرض، كما أنه لا مجال فيها لظلال المعنى، أو استعمال المترادفات، و تكرار المعاني .
بـ ـ سلامة البحث من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية .

سادسا : معايير بحوث الترقية إلى درجة الأستاذية : التقييم :

إن معايير تقييم بحوث الترقية إلى درجة أستاذ , مرتبطة بمواصفات البحوث القابلة للتحقق : الإنجاز، ومن ثم فهي قابلة للقياس من حيث التقييم، و مرتبطة مع بعضها كما بينا من قبل، بحيث يعرف الباحث ما هو مطلوب منه, فيعمل على القيام به، والفاحص أو المراجع " الخبير " على بينة وعلم بمعايير التقييم القابلة للقياس، وذلك عملا على إنجاز المهام بعلمية واحترافية من جهة، و توحيد الرؤى والتصورات من جهة أخرى، وتحقيق العدالة في التقييم كمقصد أساس، بحيث يكون تقييم الأعمال العلمية بناء على الجهود المبذولة فيها، مما يذكي روح التنافسية بين الباحثين، ويحفزهم على البذل والعطاء، ويكرس مبدأ : " الترقية استحقاق و ليست مجاملة ".
إن فحص الأعمال العلمية يعتمد المعايير التالية :
1. أصالة و جودة البحوث :
أ ـ أهمية الموضوع، بحيث يكون جديرا بالبحث, لما يتضمنه من إشكال أو إشكالات تحتاج إلى الدراسة لحلها.
بـ ـ الجدة والطرافة، بحيث لا يكون مبتذلا " الأصالة ".
ج ـ استقصاء المعلومات.
د ـ الإضافة العلمية إلى مجال التخصص .
ه ـ التعمق : دراسة موضوع البحث دراسة شاملة تلم بكل أطرافه، و تسبر أغواره، و تبرز جزئياته، بحيث يدرك الباحث مكوناته والعلاقات التي تقوم بينها.
وـ المهارة : أي إن البحث يبرز علم الباحث ومعرفته، وتجربته، وخبرته، فهو مجهود شخصي, يسهم به في تطوير البحث في مجال التخصص، وفتح آفاق جديدة، أو دراسة مشكلة ,وبيان أسبابها ,وسبل تجاوزها . باقتراح البديل الأكفى.
2. الالتزام بمنهج الكتابة العلمية : اعتماد لغة علمية في تحرير البحث، مع ضبط المصطلحات والمفاهيم، وتوثيق المعلومات توثيقا علميا، واعتماد مصادر أصيلة، واحترام أدبيات البحث العلمي, في المقدمة والخاتمة والفهارس، والحرص على الترتيب المنطقي لمكونات البحث وانسجامها وتكاملها، ووحدة الموضوع، ووحدة المنهج.
3. ارتباط البحث بتخصص الباحث : سبق أن بينا أن الأستاذ أو من يطوق إلى درجة الأستاذية، يتعين عليه أن يكون صاحب مدرسة، أو مشروع علمي، أو منخرط فيهما ، أو في أحدهما. ومن ثم فإنه صاحب تخصص دقيق، له تجربة وخبرة في المجال، والمفروض أن يصبح مرجعا في تخصصه الدقيق، ومن ثم فإن أبحاثه ودراساته ينبعي أن تعكس ذلك بوضوح، بأن تكون شديدة الارتباط بتخصصه الدقيق، مما يعني الاستمرارية والمثابرة، وهي مقومات الخبرة في مجال التخصص.
أما إذا كان يبحث في أي موضوع، وفي أي تخصص، فإنه يكون بعيدا عن أن يكون حجة في مجال تخصصه، كما أن طريقة عمله لا تمكنه من أن يكون خبيرا في مجال التخصص، لأن البحث العلمي الحقيقي هو البحث المتكرر والمستمر في الجزئيات والقضايا التفصيلية، و ليس في العموميات، وهو المدخل للإضافة العلمية إلى مجال التخصص.
4 ـ المستوى العلمي لأوعية النشر : هذا إشكال كبير، لأنه لا توجد لدينا على المستوى العربي والإسلامي هيأة علمية معترف بها "المجتمع العلمي"، ومنوط بها تصنيف هذه الأوعية تصنيفا علميا، وترتيبها حسب أهميتها العلمية ، كما هو متعارف عليه دوليا . مما يجعل قياس هذا المعيار في غاية الصعوبة، و يصبح رهينا بوجهة نظر المراجع أو فاحص العمل.
ويمكن تجاوز هذه المعضلة بتكوين مجتمعنا العلمي عن طريق الشبكة الدولية للخبراء الأكاديميين في العلوم الشرعية .
يتم صياغة نتائج الفحص التي تعتمد المواصفات: الإنجاز، والمعايير: التقييم، في شكل تقرير يعتمد المستويات التالية :
1. ملاحظات شكلية: وتنقسم إلى قسمين:
أـ اللغة: اعتماد لغة علمية في تحرير البحث، وفق المواصفات السالفة الذكر.
ب ـ التوثيق .
ج ـ هندسة البحث : " ترتيب الفصول ، و المباحث ، و العناصر، و البنيات، و مراعاة التوازن كما و كيفا ".
2. المضمون العلمي : ويتم التركيز فيه على أهمية الموضوع، وقدرة الباحث على البرهنة وإقامة الدليل، والجمع بين التفسير والفهم، والإتيان بالجديدة بالنسبة لأهل الاختصاص.
3. المنهج المعتمد: إننا في مجال الشريعة الإسلامية نتعامل مع نصوص لغوية ذات محتوى عقدي، وشرعي، وأخلاقي، و فكري، ومن ثم يتعين دراستها على المستويات التالية:
أ ـ الدراسة الوصفية.
ب ـ الدراسة التحليلية.
ج ـ الدراسة المقارنة.
د ـ التوثيق العلمي للمعلومات:
ه ـ الإحالة على المصادر والمراجع .
و ـ تخريج الآيات والأحاديث.
ز ـ التعريف بالأعلام غير الشهورة، و تحديد تواريخ وفاة المشاهير منهم .
ن ـ تحديد معنى المصطلحات والمفاهيم.
ح ـ احترام الترتيب المنطقي للقضايا، والترابط والانسجام بين مكونات البحث، وعدم تبسيط القضايا المشكلة، أو التسرع في إصدار الأحكام , وتعميمها بدون حجة أو برهان، و التزام الموضوعية العلمية، مع النص على المنهج الذي يتبعه الباحث في بحثه، والتزامه من أول البحث إلى آخره.
إن ما قدمته هو نتاج تجربة ميدانية، وخبرة راكمتها عبر السنوات التي أمضيتها في التدريس، والتأطير، والبحث العلمي، إنها وليدة معاناة، حرصت اليوم على البوح بها، فاعتكفت أياما وليالي، وتحاورت فيها مع مجموعة من الأساتذة الباحثين من تخصصات متعددة، ورهنت نفسي اليوم كله لتحريرها، لعلي أفي بحق الاستجابة لطلب عزيز من أخ عزيز : الدكتور أمين الشنقيطي : أهديه هذا العمل على علاته، وما يشفع لي في إهدائه أنه جهد المقل، راجيا منه الدعاء لأخيه عند الصلاة بالروضة الشريفة، على صاحبها أزكى الصلاة والسلام .
نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يرزقها القبول في السماء والأرض .

والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
 
شكر الله لكم صاحب الفضيلة
 
أحسنتم يا دكتور أحمد.
للأسف أضحت الترقية العلمية الأكاديمية شبه استحقاق أكاديمي تقدم بحوثها كمتطلبات واجبة مستكملةً للمعايير الشكلية فحسب في بعض الحالات.
مع أن هناك بحوثاً قيمة جداً يقدمها بعض أساتذة الجامعات، وتنشر في أوعية مختلفة ثم ترفع ضمن متطلبات الترقية.
قد يكون العدد المطلوب للترقية الذي يصل إلى 12 بحثاً في بعض الجامعات حائلاً دون الإبداع والجودة في اختيار الموضوع وكتابته.
ولذلك ينبغي التركيز على الكيف وليس الكم، فثلاثة بحوث متميزة في مجالات مختلفة منشورة في منافذ قوية ذات معايير عالية كافية للترقية للأستاذية في رأيي.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور إبراهيم الحميضي
أشكركم على تواصلكم و اهتماكم
الأمر كما قلتم لا يتعلق بالكم بقدر ما يتعلق بالكيف.
لكن الأمر الذي يحز في القلب هو عندما تجد بحوثا ــ بين قوسين ــ منشورة في أوعية أكاديمية ، لها لجن قراءة و فحص، وعند قراءتها تفاجأ بأنها لم تحقق الحد الأدنى من شروط البحث العلمي ، وتستغرب كيف أجيزت هذه الأعمال ؟.
إن هذا الأمر يفرض علينا أن نكون هيأة علمية مكونة من خبراء من مختلف الدول العربية والإسلامية، يعهد إليها وضع مواصفات و معايبر علمية، يتم استحضارها عند إعداد البحوث و تقييمها . وترتيب أوعية النشر كما هو متعارف عليه دوليا.
 
مواصفات البحث العلمي :

مواصفات البحث العلمي :

يمكننا تحديد مواصفات البحث العلمي بالاستناد إلى :

  1. المعرفة العلمية : و هي معرفة مقصودة، و مفكر فيها، ومخطط لها، و منظمة، وتستند إلى البرهان، وذلك هو ما يميزها عن المعرفة العادية.
    تمكننا المعرفة العلمية من القيام بوظائف الفكر :

  1. كيف نبرهن ؟.
  2. كيف نستدل ؟.
  3. كيف نستنتج ؟.
  4. كيف نستنبط ؟.
  5. كيف نستقرئ ؟.
    2 ـ الموضوع: تحديد ما نريد دراسته بدقة، من حيث المجال والحدود، فالعلم لايدرس كل شيء، و إنما يدرس شيئا بعينه، مستحضرين قاعدة مهمة من قواعد البحث العلمي " العلم هو الموضوع ".
    3 ـ
    الهدف: لماذا يصلح هذا البحث " أهمية موضوع البحث " ؟.
    فالبحث يتعين أن يحقق الأهداف التالية :
    أ ـ خدمة العلم : و ذلك بتنظيمه، وتنميته.
    ب ـ خدمة المجتمع : و ذلك بالعمل على تغييره إلى الأحسن.
    ج ـ خدمة الذات : و ذلك باكتساب خبرات، وتجارب، و معارف جديدة
    .
 
عودة
أعلى