من وقوف الإمام الهبطي رحمه الله

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
قيل عن الإمام الهبطي – رحمه الله - : " ثم طلع على الناس بمذهبه الجديد في الوقف، وقد بناه على مقاييس محدودة، وقوانين مضبوطة، وقواعد مدروسة، ترجع في جملتها إلى الإعراب والمعنى؛ وربما كان بعضها خاضعا لفن العربية، وبعضها لعلم التفسير، والبعض الآخر لمدارك الفقه والتشريع، أو لوجه من وجوه القراءات، أو لأسرار وحكم أخرى، قد لا يدركها القارئ العادي، وإنما يعقلها العالمون المختصون في هذا الفن " .
فماذا يقول المشايخ عن هذا الوقف : {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ * حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ * ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ * وَإِنَّا لَصَادِقُونَ *}[الأنعام:146] .
حيث وقف – رحمه الله – على : {ومن البقر والغنم} عوض : {كل ذي ظفر} .

مع فائق التقدير والاحترام
 
يقول تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ
وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام:146]
يقول أبو حيان الأندلسي – رحمه الله – (ت:745هـ) : " ويحتمل أن يكون { من البقر والغنم } معطوفاً على { كل ذي ظفر } فيتعلق { مِنْ } بحَرَّمْنَا الأولى ثم جاءت الجملة الثانية مُفَسِّرَةً ما أُبْهِمَ في مِنْ التبعيضية من المحرم فقال : { حرّمنا عليهم شحومهما } " .
وبهذا الاحتمال يكون الوقف على {ومن البقر والغنم} جائزا ؛ لأنه مساير لما يحتمله المعنى .

والله أعلم وأحكم
 
أنا من جانبي أوصي الإخوة القراء أن يتعلموا من الهبطي بدلا من التطاول عليه. وأن يتناولوا وقوفه التي لا تفضلها أية وقوف أخرى؛ لأن على كلها مآخذ وملاحظات.
الوقوف تقييد لتوضيح المعنى وتجليته، ووسيلتها الإعراب والتفسير، كما يختلف النحاة والمفسرون يختلف مقيدوا الوقوف.
قد انتقد هذه الوقوف كبار، والتزمها من هم أكبر منهم بكثير، وتكلم فيها ناس، بعضهم لا عقل لهم، وبعضهم الآخر لا دين لهم.
على أنه لا بد من الإشارة إلى أن سؤال الأستاذ عبد الكريم عزيز في محله، وطرح سؤاله وأجاب عليه بصورة علمية خالية من شوائب ما ذكرناه هنا، فله الشكر الوافي
 
يقول تعالى : ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل * لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ * فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ *﴾ [الأحقاف:35] .
وقف الإمام الهبطي (ت:930هـ) على : ولا تستعجل – من نهار بلاغ . وقيل ما قيل في هذا الوقف . يقول ابن عطية (ت:542هـ) : " والثالث : ما قاله أبو مجلز فإنه كان يقف على قوله : { ولا تستعجل } ويقول : «بلاغٌ » ابتداء وخبره متقدم في قوله : { لهم } وقدح الناس في هذا القول بكثرة الحائل "
ويقول ابن عجيبة (ت:1224هـ) : " قلت : { لهم } متعلق بتستعجل ، وأما تعليقه ببلاغ فضعيف ، لا يليق بإعجاز التنزيل ، خلافاً لوقف الهبطي " .
إذا رجعنا إلى الآية يتبين أن ما سمي بكثرة الحائل ما هو إلا جملة اعتراضية : ﴿لَّهُمْ - كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ - بَلَاغٌ﴾ وهذا موافق للوجه الثاني الذي قال به الإمام الطبري (ت:310هـ) : " (وقوله بَلاغٌ ) فيه وجهان : أحدهما أن يكون معناه : لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ذلك لبث بلاغ ، بمعنى : ذلك بلاغ لهم في الدنيا إلى أجلهم ، ثم حذفت ذلك لبث ، وهي مرادة في الكلام اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليها . والآخر : أن يكون معناه : هذا القرآن والتذكير بلاغ لهم وكفاية ، إن فكَّروا واعتبروا فتذكروا " .
أما قول ابن عجيبة فمردود وذلك بكون الجمل الاعتراضية واردة في الأسلوب القرآني المعجز .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى