د محمد الجبالي
Well-known member
إخوتي الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله
لقد راعني ما أقدم عليه بعض الأخوة في هذا الملتقى الطيب من الخوض في تأويل كتاب الله برأيه ودون الوقوف على ما قدم العلماء السابقون من بيان وتفسير لكتاب الله ، ولما ناقشته وكشفت له عن خطئه الفاحش في تأويل إحدى الآيات زعم بلا حياء أنه بين الأجر والأجرين.
السلام عليكم ورحمة الله
لقد راعني ما أقدم عليه بعض الأخوة في هذا الملتقى الطيب من الخوض في تأويل كتاب الله برأيه ودون الوقوف على ما قدم العلماء السابقون من بيان وتفسير لكتاب الله ، ولما ناقشته وكشفت له عن خطئه الفاحش في تأويل إحدى الآيات زعم بلا حياء أنه بين الأجر والأجرين.
وحتى لا تظنوا بي سوءا ، وأني أَتَجَنَّى فسأسوق إليكم مثالا:
لقد قَدَّمَ بعض الأخوة تأويلا لقول الله تعالى: "ومن شر غاسق إذا وقب " فقال: إن الغاسق هو الثعبان ونحوه من الحيَّات السَّامة ، فتكون الاستعاذة في الآية من الحيات السامة إذا وقَبَت ، أي إذا لَدَغَت.
ثم قال:
ثم قال:
اما الاستعاذة من الليل لامعنى له الليل سكن والليل من فضائله التهجد والصلاة في جوفه وقد أقسم الله به في قوله تعالى " وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ " . راجع هذا الرابط[1]
فرردتُ عليه بتأويل النبي للآية : ورد عنه في الحديث الصحيح : عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ إِذا وَقب»؟!!!
ثم قلتُ له:إنك تتجرأ على كتاب الله جرأة عظيمة فاحذر أن تهلك نفسك.
ثم قلتُ له:إنك تتجرأ على كتاب الله جرأة عظيمة فاحذر أن تهلك نفسك.
فكان مِن رَدِّه عليَّ أن قال:
" إذا ورد حديث بهذا المعنى هذا يعني أنني لم أهتدي إلى التفسير الصحيح؟ أما مسألة أهلك ، إن لم أُصِب فلن أكون أكثر هلاكا ممن أخطأ من علماء الأمة سلفهم وخلفهم في تفسير القرآن وما أصبتُ فيه آمل أن يشفع لي في ما أخطئتُ فيه".
فصعقني رده ؛ لقد قدم تأويلا خالف فيه إجماع علماء التفسير قاطبة، ثم إنه أقدم على التفسير دون النظر في كتب التفسير ، لأنه لو كَلَّفَ نفسه ونظر في بعض كتب التفسير بالأثر وغيرها لوجد تأويل رسول الله صلى الله عليه للآية صريحا واضحا.
ثم هو مع هذا العجز يضع رأسه برأس العلماء قائلا: " إن لم أُصِب فلن أكون أكثر هلاكا ممن أخطأ من علماء الأمة سلفهم وخلفهم في تفسير القرآن"
ثم هو يرجو رجاء عجيبا يَنُمُّ عن جهل مُتأصِّل، قال: "وما أصبتُ فيه آمل أن يشفع لي في ما أخطئتُ فيه".
وقد وجدتُ قريبا من ذلك في بعض المنشورات الأخرى مع جدال ومحاجاة لا تنتهي ، إذ يقدم بعضهم تأويلا ، ويبنيه على أدلة غير صحيحة، ويرفع بناءه عليها حتى يصل به إلى السماء، ويدافع عما قدم دفاعا مستميتا ، في حين أنه لم يرجع إلى ما قدمه السابقون في القضية التي يناقشها في الآيات ، إذ لم يقف على ما قدموا، ثم إذا ناقشته في تأويله للآيات ، يأخذك إلى قضايا ومناقشات ومداولات لا تنتهي.
ونعود إلى سؤالنا موضع البحث:
من هو الذي بين الأجر والأجرين في تأويل كتاب الله؟
يجيب عن هذا السؤال صاحب كتاب شرح كتاب : «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري الباب21
[أجر العالم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ]
روى البخاري عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله:[ يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»
قال: "ولكن متى يؤجر العالم أو متى يؤجر الحاكم؟ يؤجر إذا كان عالما قادرا على الاجتهاد ، وأما الجاهل فلا؟!قال ابن المنذر رحمه الله :وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ، إذا كان عالما بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لم يكن عالما فلا.
وقال الخطابي:إنما يؤجر المجتهد إذا كان جامعا لآلة الاجتهاد، فهو الذي نعذره بالخطأ، بخلاف المتكلف فيخاف عليه، ثم إنما يؤجر اجتهاده في طلب الحق عبادة، هذا إذا أصاب، وأما إذا أخطأ فلا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط؛ فإذا قضى الحاكم على جهل، فهو في النار والعياذ بالله.
وكذلك إذا سئل الإنسان فأفتى بغير علم فهو آثم
إنما يؤجر المجتهدإذا كان جامعا لآلة الاجتهاد، وهو ما إذا كان حافظا للقرآن والسنة النبوية، وله معرفة وفهم لهما، وكذلك معرفة بأقوال الصحابة والمفتين والفقهاء ، مع العلم بالعربية وقواعدها، فهذا لا إثم عليه إذا اجتهد ثم أخطأ"[2].
وما يقال على المجتهد في الحكم ينزل نزولا على من يتجشم الخوض في تأويل كتاب الله عز وجل.
والذي ينبغي التنبه له أن مسألة الدور بين الأجر والأجرين خاصة بأهل العلم الذين يسوغ لهم الاجتهاد، ويتوجه قصدهم لإصابة الحق، ويبذلون في ذلك وسعهم.
قال النووي في شرح مسلم:
قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده، وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده .. قالوا: فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا؛ لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها، ولا يعذر في شيء من ذلك".
أما الخوض في تأويل كتاب الله فعلى كل من أراد أن يفعل ذلك أن يقف على الشروط التي شرطها العلماء في العالم الذي يصلح لتفسير القرآن الكريم ، وسيجد هذه الشروط والصفات مجموعة في صدر أكثر كتب التفسير ، أو فليسأل عن ذلك ولن يشق عليه الحصول على الجواب فذلك معلوم بالضرورة لكل أهل العلم. وليقرأ:
قول الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ إلى قوله : وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ .
وعن ابن عباس أن رسول الله [قال : من قال في القرآن برأيه - وفي رواية: من غير علم - فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي وحسنه.
وعن جندب قال: قال رسول الله : [من قال في القرآن بِرَأْيِهِ فأصاب فقد أخطأ رواه أبو داود والترمذي وقال: غريب .
قال ابن تيمية -رحمه الله " :فمن قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب[1]".
وعن ابن عباس أن رسول الله [قال : من قال في القرآن برأيه - وفي رواية: من غير علم - فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي وحسنه.
وعن جندب قال: قال رسول الله : [من قال في القرآن بِرَأْيِهِ فأصاب فقد أخطأ رواه أبو داود والترمذي وقال: غريب .
قال ابن تيمية -رحمه الله " :فمن قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب[1]".
وأرجو المعذرة إذ كنت حادا أول المقال
وجزاكم الله خيرا
أخوكم د. محمد الجبالي
[1] http://vb.tafsir.net/tafsir46068/#.VqMrKuZ5pYw
[2]http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=13454&idto=13455&bk_no=52&ID=4020