من منهج الطبري في الإسرائيليات

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
الحديث عن منهج هذا الإمام العظيم يطول ، وقد أحببت أن أُلمِح إلى شيء من منهجه في موضوع (الإسرائيليات ) ، قد يغفل عنه بعض قارئي كتاب (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) ؛ لأنهم قد حكموا ـ مسبقًا ـ على سقوط الإسرائيليات ، وجعلوها من الدخيل الذي يجب أن تُنَزَّه عنها التفاسير .
ومن كان هذا منهجه فإنه يمرُّ بضوابط وقواعد في التعامل عن الإسرائيليات ، لكنه يغفل عنها أو يتغافلها لأنها تُشكِل على منهجه في ردِّ الإسرائيليات .
والحديث هنا عن الإسرائيليات التي لا يمكن تصديقها ولا تكذيبها ، وليس ما ظهر فيه بيان الصدق أو الكذب ، فتلك شأنها مفروغ منه .
وسأذكر لك مثالاً ـ بِطُولِه ـ من تفسير الطبري ( ت : 310 ) ، ثمَّ أوقِّفُك على منهجه الدقيق في التعامل مع الأخبار التي رواها .
قوله تعالى : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
قال أبو جعفر: (( وقد رُويت هذه الأخبار - عمن رويناها عنه من الصحابة والتابعين وغيرهم - في صفة استزلال إبليس عدوِّ الله آدمَ وزوجتَه حتى أخرجهما من الجنة.
وأولى ذلك بالحق عندنا ما كان لكتاب الله مُوافقًا. وقد أخبر الله تعالى ذكره عن إبليس أنه وسوس لآدم وزوجته ليبديَ لهما ما وُري عنهما من سَوآتهما، وأنه قال لهما:"ما نهاكما رَبكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا مَلكين أو تكونا من الخالدين"، وأنه"قاسمَهما إني لكما لمن الناصحين" مُدلِّيًا لهما بغرور. ففي إخباره جل ثناؤه - عن عدوّ الله أنه قاسم آدم وزوجته بقيله لهما: إني لكما لمن الناصحين - الدليلُ الواضح على أنه قد باشر خطابهما بنفسه، إما ظاهرًا لأعينهما، وإما مستجِنًّا في غيره. وذلك أنه غير مَعقول في كلام العرب أن يقال: قاسم فلانٌ فلانًا في كذا وكذا. إذا سبّب له سببًا وصل به إليه دون أن يحلف له. والحلف لا يكون بتسبب السبب. فكذلك قوله"فوسوس إليه الشيطان"، لو كان ذلك كان منه إلى آدم - على نحو الذي منه إلى ذريته، من تزيين أكل ما نهى الله آدم
عن أكله من الشجرة، بغير مباشرة خطابه إياه بما استزلّه به من القول والحيل - لما قال جلّ ثناؤه:"وقاسمَهما إني لكما لمن الناصحين". كما غير جائز أن يقول اليوم قائلٌ ممن أتى معصية: قاسمني إبليس أنه لي ناصحٌ فيما زيَّن لي من المعصية التي أتيتها. فكذلك الذي كان من آدمَ وزوجته، لو كان على النحو الذي يكون فيما بين إبليس اليومَ وذرية آدم - لما قال جلّ ثناؤه:"وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين"، ولكن ذلك كان - إن شاء الله - على نحو ما قال ابن عباس ومن قال بقوله.
فأما سَبب وصوله إلى الجنة حتى كلم آدم بعد أن أخرجه الله منها وطرده عنها، فليس فيما رُوي عن ابن عباس ووهب بن منبه في ذلك معنى يجوز لذي فهم مُدافعته، إذ كان ذلك قولا لا يدفعه عقل ولا خبر يلزم تصديقه من حجة بخلافه (1) ، وهو من الأمور الممكنة. والقول في ذلك أنه وصل إلى خطابهما على ما أخبرنا الله جل ثناؤه (2) ؛ وممكن أن يكون وصل إلى ذلك بنحو الذي قاله المتأولون، بل ذلك - إن شاء الله - كذلك، لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك. وإن كان ابن إسحاق قد قال في ذلك ما:-
753 - حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق في ذلك، والله أعلم، كما قال ابن عباس وأهل التوراة: إنه خَلص إلى آدم وزوجته بسُلطانه الذي جعل الله له ليبتلي به آدم وذريته، وأنه يأتي ابن آدم في نَوْمته وفي يَقظته، وفي كل حال من أحواله، حتى يخلص إلى ما أراد منه، حتى يدعوَه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشهوة وهو لا يراه. وقد قال الله عز وجلّ :"فأزلهما الشيطان عنها، فأخرَجهما مما كانا فيه" (3) ، وقال:( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) [سورة الأعراف: 27] وقد قال الله لنبيه عليه السلام:( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ ) إلى آخر السورة. ثم ذكر الأخبار التي رُويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الشيطان يجري من ابن آدمَ مَجرى الدم (1) . ثم قال ابن إسحاق (2) : وإنما أمرُ ابن آدم فيما بينه وبين عدوِّ الله، كأمره فيما بينه وبين آدم. فقال الله:( فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) [سورة الأعراف: 13]. ثم خلص إلى آدم وزوجته حتى كلمهما، كما قصَّ الله علينا من خبرهما، فقال:( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) [سورة طه: 120]، فخلص إليهما بما خلص إلى ذريته من حيث لا يريانه - فالله أعلمُ أيّ ذلك كان - فتابا إلى ربهما.
* * *
قال أبو جعفر: وليس في يقين ابن إسحاق - لو كان قد أيقن في نفسه - أن إبليس لم يخلص إلى آدم وزوجته بالمخاطبة بما أخبر الله عنه أنه قال لهما وخاطبهما به، ما يجوز لذي فهم الاعتراضُ به على ما ورد من القول مستفيضًا من أهل العلم، مع دلالة الكتاب على صحة ما استفاض من ذلك بينهم. فكيف بشكّه؟ والله نسأل التوفيق )) .
التعليق :
أولاً : يمكن الرجوع إلى روايات السلف في هذه الآية إلى تفسير الطبري لتكتمل الصورة للقارئ الكريم ، وقد تركتها لئلا يطول النقل .
ثانيًا : لقد رسم الطبري في هذا المثال كيفية التعامل العقلي المبني على الاجتهاد في مثل هذه الأخبار ، ولم تره اعتمد الخبر لأنه خبر إسرائيلي ، بل اعتمده لأجل أمور أخرى ، وإليك تلك الأمور :
الأول : وأولى ذلك بالحق عندنا ما كان لكتاب الله مُوافقًا .
إن هذا الضابط مهم للغاية ، ولا يكاد يختلف عليه اثنان ، لكن المهم هنا أن تحليل الإسرائيلية التي اختلط فيها الحق بالباطل تحتاج إلى التذكير بهذا الضابط المهم ، لذا ترى الطبري (ت: 310 ) يقول : ((وقد رُويت هذه الأخبار - عمن رويناها عنه من الصحابة والتابعين وغيرهم - في صفة استزلال إبليس عدوِّ الله آدمَ وزوجتَه حتى أخرجهما من الجنة.وأولى ذلك بالحق عندنا ما كان لكتاب الله مُوافقًا)). فهو على دراية بما في الأخبار من مشكلات نقلية تحتاج إلى عرض على كتاب الله تعالى .
وقد أشار في رده على ابن إسحاق إلى وجه آخر في هذا الضابط ، فقال : (( ... مع دلالة الكتاب على صحة ما استفاض من ذلك بينهم )) ، وهذا ذكره للردِّ على تأويل ابن إسحاق المخالف لتأويل جميع المتأوِّلين من السلف .
الثاني : وذلك أنه غير مَعقول في كلام العرب أن يقال ...
هذا الضابط الثاني من الضوابط المهمة ، فالخبر وإن كان عن ماضين ؛ إلا إنه نزل بلسان عربي مبين ، فما يرد عن هذا الخبر من مرويات بني إسرائيل فإنه لا يُقبل إذا خالف دلالة اللغة ، كما ذهب إليه الطبري في المقطع الآتي من كلامه ، قال : (( ففي إخباره جل ثناؤه - عن عدوّ الله أنه قاسم آدم وزوجته بقيله لهما: إني لكما لمن الناصحين - الدليلُ الواضح على أنه قد باشر خطابهما بنفسه، إما ظاهرًا لأعينهما، وإما مستجِنًّا في غيره. وذلك أنه غير مَعقول في كلام العرب أن يقال: قاسم فلانٌ فلانًا في كذا وكذا. إذا سبّب له سببًا وصل به إليه دون أن يحلف له. والحلف لا يكون بتسبب السبب. فكذلك قوله"فوسوس إليه الشيطان"، لو كان ذلك كان منه إلى آدم - على نحو الذي منه إلى ذريته، من تزيين أكل ما نهى الله آدم
عن أكله من الشجرة، بغير مباشرة خطابه إياه بما استزلّه به من القول والحيل - لما قال جلّ ثناؤه:"وقاسمَهما إني لكما لمن الناصحين". كما غير جائز أن يقول اليوم قائلٌ ممن أتى معصية: قاسمني إبليس أنه لي ناصحٌ فيما زيَّن لي من المعصية التي أتيتها. فكذلك الذي كان من آدمَ وزوجته، لو كان على النحو الذي يكون فيما بين إبليس اليومَ وذرية آدم - لما قال جلّ ثناؤه:"وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين"، ولكن ذلك كان - إن شاء الله - على نحو ما قال ابن عباس ومن قال بقوله )).
وهذا يعني أن أي قول مخالف للغة فإنه لا يقبل تفسيرًا للخبر ، لذا ترى الطبري يؤكِّد على دلالة لفظ ( وقاسمهما ) الذي يدل على مباشرتهما في الخطاب ، ودلالة هذا اللفظ أصرح من دلالة الوسوسة التي قد تدلُّ على المباشرة بالخطاب بشيء من الخفاء في الصوت ، أو الإلقاء في القلب كما هو الحال في وسوسة الجنِّ للإنس كما قال تعالى : ( من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس ) ، على أحد التفسيرين في الآيةمعنى ( من ) .
وبهذا تعلم أنه لا يستقيم ما ذكره عن ابن إسحاق في قوله : (فخلص إليهما بما خلص إلى ذريته من حيث لا يريانه ) ، كيف والمقاسمة حلف ؟! ولا يكون حلف إلا بمباشرته خطابهما .
وتراه كذلك ـ في آخر كلامه ـ قد نقد ابن إسحاق الذي ذهب بمعنى الآية إلى الوسوسة ، ولم يثبت وقوع الخطاب بينهم ، فاعترض عليه
الثالث : فليس فيما رُوي عن ابن عباس ووهب بن منبه في ذلك معنى يجوز لذي فهم مُدافعته، إذ كان ذلك قولا لا يدفعه عقل ولا خبر يلزم تصديقه من حجة بخلافه ، وهو من الأمور الممكنة.
هذا الضابط قلِّما يتنبه إليه من يدرس الإسرائيليات ، وهو يدخل في باب التحليل التاريخي ، وهو مهم جدًّا في تحليل الأخبار الإسرائيلية ، فيمكن أن يضع الدراس أسئلة لهذا الخبر الذي ورد عن ابن عباس ووهب بن منبه ، وهو (خبر الحيَّة ) ، ورواية عطاء عن ابن عباس ، قال : ((قال: إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابِّ الأرض أيُّها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته فكلّ الدواب أبى ذلك عليه، حتى كلَّم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتِني الجنة. فجعلته بين نابين من أنيابها، ثم دخلت به، فكلمهما من فيها؛ وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم، فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها. قال: يقول ابن عباس: اقتلوها حيث وَجَدتُموها، أخفروا ذمَّةَ عدوّ الله فيها)) ، وفي الروايات الأخرى عنهما زيادة غير هذه .
وهذه الأسئلة :
هل تصح مدافع خبر الحية الوارد عن ابن عباس ووهب بن منبه ؟
هل يردُّ العقل خبر الحية ؟
هل هناك خبر عن معصوم يردُّ خبر الحية ؟
هل خبر الحية من الأمور الممكنة أو من الأمور غير الممكنة ؟
إن النظر إلى الإسرائلية بهذا النظر سيجعل احتمال بعض الإسرائيليات مقبولاً ؛ لأنها لا تخالف هذه الأسئلة ، واحتمالها لا يلزم منه قبولها قبولاً مطلقًا كما يُقبل الخبر من الوحي الصادق .
الرابع : تتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك.
إن هذا من الضوابط المهمة ـ أيضًا ـ لأنَّ تتابع عقول السلف على التحديث بهذا الخبر دون نكير منهم ، فإن فيه دلالة على جواز التحديث به من جهة ، واحتمال وقوع مجمل الخبر من جهة أخرى .
وبهذا الضابط اعترض على ابن إسحاق ، فقال : (( وليس في يقين ابن إسحاق - لو كان قد أيقن في نفسه - أن إبليس لم يخلص إلى آدم وزوجته بالمخاطبة بما أخبر الله عنه أنه قال لهما وخاطبهما به، ما يجوز لذي فهم الاعتراضُ به على ما ورد من القول مستفيضًا من أهل العلم )) .
ومن هنا أقول :
يحسن بطالب علم التفسير أن لا يعجل في النكير ، وأن يتأمَّل في القائلين ، وأن ينظر أمر استفاضة الخبر من عدمه بين السلف ، فلا يركب طريق الاعتراض عليهم فيما هم عليه مجمعون أو هو مستفيض عنهم .
 
شكر الله لك د. مساعد على هذه الوقفة والمطلع على مشاركاتك حول هذا السفر يكاد يجزم أنه أنيسك في سفرك وحضرك , وفقك الباري وننتظر باقي دررك .
 
الحمد لله ، وبعد ..

تَنْكِيتٌ جميلٌ ، واستعراض وتدليل نافع ، نفع الله بكم أيها الشيخ المفيد .

وفيه ردٌ على من زعم منع رواية الإسرائليات في عصر الصحابة وأخذهم بها في التفسير .
بل فيه ردٌ على من تعنَّت في أن الصحابة رضوان الله عليهم _ سيما ابن عباس _ منع الرواية عنهم ، واستدل برواية الصحيح ، ولكنه لم يطالع الشرح وأغفله ، ولو طالع لعلم توفيق القول وجود الرواية دونما إشكال ، ولكنه التعنت للرأي والجمود عليه ، والله المستعان .

والأمثلة تطول ، والمنقول حجة في القبول .

ولفتة موفقة ونافعة لمن رام الحق .
 
إضافة

إضافة

ومن الكتب التي اطعلت عليها في هذا الموضوع رسالة دكتوراه للباحثة : آمال محمد عبدالرحمن ربيع بعنوان : الإسرائيليات في تفسير الطبري : دراسة في اللغة والمصادر العبرية .ولأن الباحثة تجيد اللغة العبرية فقد كان لهذه الدراسة أهميتها حيث تمكنت وفقها الله من مراجعة هذه الإسرائليات وردها إلى أصولها العبرية مما أعطى للرسالة تميزاً أثبتت به صدق ما ذاع عن الإسرائيليات في التفسير والحديث . وقد قام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف في مصر بنشر هذه الرسالة سنة 1422هـ .
 
جزاك الله خيراً شيخنا المفيد على هذه المعلومات الطيبة التي جمعت بين الفائدة والاختصار.

وفقك الله لكل خير .

وعندي سؤال: هل الطبري رحمه الله ملتزم بهذه الضوابط في كل موضع اسرائيلي في تفسيره أم هذا في مواضع دون أخرى؟
 
ما مرادك أبا عمار بقولك : ( أثبتت به صدق ما ذاع عن الإسرائيليات في التفسير والحديث ) ؟ إذ لم يتضح لي .
 
بارك الله فيك يا د. طيار . أقصد أنها دخيلة على تراثنا . وضحت هذا د. آمال فقالت : فالإسرائيليات في رأينا هي كل ما دخل إلى التراث الإسلامي وبخاصة في مجال التفسير من روايات لها أصل ومصدر يهودي يمكن الوقوف عليه ، وأما ما لم نجد له أصلا في مصادرهم ولا يقبله العقل أو المنطق وكان من روايات اليهود أو ممن أسلم منهم فهو من باب الخرافات والأساطير .

ثم إن ما قلته سابقاً هو مأخوذ من كلام د. عبد الصبور مرزوق الذي كتب المقدمة للبحث . وجزاك الله خيراً .
 
بارك الله تعالى في الشيخ مساعد على هذا البعد في النظر والتأمل الدقيق، وفيه رد على أكثر الباحثين الذين أعتادوا على رد الاسرائليات جملة وتفصيلاً في أبحاثهم، واطلعت على رسالة في ترجيحات الإمام الطبريبجامعة الأزهر، قال فيها الباحث عن موقف الطبري من الإسرائليات :" نجد أن الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- يأتي في تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص الإسرائيلي، بل يكثر من روايتها، ولعل هذا راجع إلى ما تأثر به من الروايات التي عالجها في بحوثه التاريخية الواسعة.
وإذا كان الإمام الطبري يتعقب كثيراً من هذه الروايات بالنقد، فتفسيره لا يزال يحتاج إلى النقد الفاحص الشامل، احتياج كثير من كتب التفسير التي اشتملت على الموضوع والقصص الإسرائيلي، على أن الإمام الطبري قد ذكر لنا السند بتمامه في كل رواية يرويها، وبذلك يكون قد خرج من العهدة، وعلينا نحن أن ننظر في السند وننقد الروايات".
ولعل الباحث في مناهج المفسرين وبيان موقفهم من الإسرائليات يعذر في ما يذكره لأنه هكذا تلقى هذه المعلومة، ويهاجم إذا عارض، فنحن بحاجة إلى النقد الفاحص الشامل في طريق فهمنا لمنهج سلفنا.
ومن هنا يتبين أن الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في طريقة تدريس مناهج المفسرين، لا سيما لطلبة الدراسات العليا، وأن تعطى على شكل تدريبات (وورش عمل) إن جاز التعبير، كي يسلم سلفنا الصالح من مثل هذا التطاول.
أسأل الله القدير العليم أن ينور بصائرنا، وأن يرزقنا الفهم الصحيح.
 
لا أعتقد أن هذه القاعدة مطردة . كيف يمكن أن نعذر من يروي الإسرائليات التي فيها الطعن الصريح في نبوة بعض الأنبياء مثل ما روى الطبري في قصة داود عليه السلام . كيف لنا أن نعتبر أن مجرد إيراد الرواية مسندة دون التعقيب والانتقاد خروجاً من العهدة . هناك نقطة طالما ينساها كثير من الباحثين في أثناء الدفاع عن الطبري وغيره الذب عن مقام الأنبياء والرسل . ولذلك يقول الشيخ الدكتور / الذهبي في الإسرائيليات ص (106) : (وما كان يكفي في مثل هذا المقام أن يقتصر ابن جرير على ذكر السند ، لأن في الناس كثيرين لا يعرفون من أمر الأسانيد شيئا ، ومن الناس من إذا رأى ابن جرير - على مبلغ علمه وجلالة قدره - يروي في تفسيره مثل هذا ، أخذه على أنه حق وصدق ، واستباح لنفسه أن يفعل مثل ما نسب لداود ومحمد عليهما الصلاة والسلام) .

وكان على الطبري في مثل هذا المقام أن لا يسكت بل يتعقب هذه الروايات سندا ومتنا ، لأننا نجده ينتقد بعض المرويات من حيث السند وذلك لغرض تصحيح لغوي أو فقهي . ولكن تعقب الأباطيل كان أولى بكثير من انتقاد ما دونها .
 
أحسن الله إلي الشيخ ( مساعد الطيار) إذا يقول : يحسن بطالب علم التفسير أن لا يعجل في النكير ، وأن يتأمَّل في القائلين ، وأن ينظر أمر استفاضة الخبر من عدمه بين السلف ، فلا يركب طريق الاعتراض عليهم فيما هم عليه مجمعون أو هو مستفيض عنهم .

ونسأل الله ان يجعل ما يكتبه في يمزان أعماله
 
بارك الله فيكم وزادكم من علمه وفضله ...........
 
شكر الله لشيخنا الفاضل د.مساعدالطيار على طرحه ...
ولي سؤال لشيخنا ,عن أبرز الرسائل العلمية- الجيدة -التي بحثت في الإسرائيليات على تفسير الإمام الطبري -رحمه الله-؟
 
لا أعرف حتى هذه اللحظة من بحث الإسرائيليات بحثًا علميًا منصفًا دون رأي مسبق عنده بردِّها ؛ سواء أكان في تفسير الطبري وغيره ، أم كان في بحث مستقلٍّ.
 
لا عدمنا فوائد شيخنا مساعد الطيار

لا عدمنا فوائد شيخنا مساعد الطيار

جزاكم الله خيراً شيخنا مساعد الطيار
حبذا لو طرح هذا الموضوع في رسالة علمية تحت إشرافكم، وبارك الله فيكم
 
أتمنى ذلك ، ولعل الله يقيِّض لهذا من يكتب فيه ، وقد كان بعض الباحثين المتميزين أراد طرح الموضوع في رسالة علمية ، لكن الموضوع رفض قبل أن يدخل الباب ؛ بدعوى أنه لا فائدة فيه ، وليس فيه جديد .
 
جمعتُ بحثاً حول هذا الباب في تفسير الطبري .. أسأل الله أن يتمّه .
 
آمين ، ولو تكرمت بطرح بعض أفكاره ، لعلنا نستفيد منه .
 
أسأل الله أن يعينكم
وإن أمكنكم التعجيل بها فياحبذا .
 
عودة
أعلى