من مرتكزات الانتصار: إحكام الجواب

إنضم
14 مايو 2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
أرسل عمر بن عبدالعزيز عونَ بن عبدالله إلى بقية الخوارج في ناحية الموصل لمناظرتهم
ومما جاء فيها:
سألهم: كنتم قبل عمر بن عبدالعزيز تسألون الله أن يهب لكم حاكماً عدلاً فلما وهبكم عمر لعنتموه!
قالوا: لأنه لم يتبرأ من الذين قبله، ولم يلعنهم.
قال: كم مرة لعنتم هامان؟
قالوا: ما لعناه قط.
قال: أيسعكم أن تتركوا وزير فرعون باني الصرح، ولا يسع عمر أن يعمل بالحق ولا يلعن أهل قِبلته؟
فانقطعوا.
فلما بلغ عمر، سر بذلك وسأله: كيف فطنت لهامان ولم تفطن لفرعون؟
قال: تخوفت إن ذكرت فرعون، أن يقولوا: قد لعناه!

* بتصرف من عيون المناظرات.
 
وكذلك اخي عبد الرحيم فترى كثير من الباحثين يرد على تفاصيل شبهات(او مايزعم انها اجتهادات) يلقيها العلماني بإعتباره مجتهد إسلامي، ولايلتفت إلى أن لذلك العلماني نصوص صريحة جدا في رفض الشريعة والقدح في السيرة وإعلان رفض المعتقدات القرآنية والقدح في القرآن(اركون كمثال، مع مجاله الغريب، والعشماوي كنموذج، مع وضوح تستره).
فإذا حاولت الرد عليه بداية من خلال تتبع شبهاته وكأن ملقيها مسلم عنده شبهات فستضيع فرصة كبيرة على القارئ في التعرف على ذلك الشخص وغرضه الأول وموقفه الأصلي من ديننا.
ولذلك أثبت ماهيته اولا وعقيدته من عقيدتك، وعلمانيته من اسلامك، وقدحه اصلا في قرآنك وإيمانك..فإذا فرغت من هذا وهو موجود عند اغلبهم..فيمكنك فتح ابواب للرد على شبهاته أو مزاعمه في الإجتهاد.. مع التنبيه في كل مرة على أن تلك الشبهات او مايزعم انها اجتهادات وآراء وقراءات، إنما هي تغطية على القدح الخفي،(او العلني المستور في الكتب الضخمة) وممارسة لتقية لإسقاط هيبة الدين من النفوس، وإن الآراء المزعومة ماهي إلا أسباب يتوسل بها العلماني للقدح المتستر بالرأي والإجتهاد(مثال المستشار محمد سعيد العشماوي، قال انه مجتهد اسلامي وقالها حسن حنفي)
فبين أولا اصول اللعبة وأظهر الخفي والمتخفي..ثم انتقل إلى اجتهاداته!
والغرض أننا نضع أمام عينيه صورته الحقيقية فإذا أراد الإنتقال إلى زعمه انه مجتهد في الإسلام،لم يجد الطريق إلى ذلك لأنك أغلقته أمامه من أول باب.
ورؤية القارئ لذلك يحل له إشكالات جمة... ويفتح له الطريق إلى الرؤية والفرقان...
 
ورد هذا الخبر عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ( ت بين ١١٠ - ١٢٠) برواية الليث بن سعد في كتاب المحاربة من الموطأ لعبد الله بن وهب ( ت ١٩٧ هـ) ، ص ٤٥-٤٦ مفصلا ؛ أنظر أيضا سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ، ص ١٣٠ - ١٣٤ (تحقيق أحمد عبيد ، القاهرة ١٩٧٢ ) ، وكذلك يُنظر تأريخ أبي جعفر الطبري ، ج ٦ ، ص ٥٥٥-٥٥٦ ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ، ج ٢ ، ص ٩٦٥-٩٦٦ (دار ابن الجوزي ، ١٩٩٨) ، وفي عيون الحدائق في أخبار الحقائق لمؤلف مجهول ، ص ٤١-٤٧ (مدينة ليدن ١٨٦٩) .
 
كان هدف التوثيق ما سقط في آخر مشاركتي بسبب إغلاق الرابط بالفجأة : نعم التقنيات التي لا أسيطر عليها !

نعم ، السبب للتوثيق هو تسهيل مقارنة هذه المصادر بعضها بالبعض إسنادا ومتنا وتركيبا لكي يتبلور لنا نص ذو مصداقية بتنجب الاضطرابات بين النصوص المروية في هذه المناظرة . ولا شك أن أقدم الطبقات في هذه الروايات ما يرويه الليث بن سعد .
 
نعتذر (بصفة الإدارة) عن خلل تقني بسبب تحديث السيرفر
وأرجو من د. موراني نقل نص الليث بن سعد مشكوراً
والتعريف بمخطوطة الحدائق
 
عبد الرحيم الشريف المحترم ،
لا محل للاعتذار بل ، كما أنا أعرف نفسي في مجال التقنيات ، أنا كنت سببا لهذا الخلل ... أما طلباتكم فألبى بها وسأنقل النص إلى هذه المشاركة قريبا ، ربما في هذا المساء .
 
الخبر عن الليث بن سعد برواية ابن وهب

الخبر عن الليث بن سعد برواية ابن وهب

كتاب المحاربة من الموطأ لعبد الله بن وهب ، ص ٤٤ -٤٦ :
وأخبرني الليث بن سعد قال : خرج أربعون حروريا في زمان عمر بن عبد العزيز ، فكتب إليهم يدعوهم إلى الجماعة وينكر عليهم خروجهم خلافا للحقّ والسنّة : وأنتم قليلٌ أذلة .
فكتبوا إليه جوابا أبلغوا فيه ، فقالوا : أمّا ما ذكرت من قلّتنا وذلّتنا ، فإنّ الله قال لأصحاب رسول الله عليه السلام : { واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيّدكم بنصره }، فنحن نرجو ذلك .
فبعث إليهم عونَ بنَ عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ، فلمّا قدم عليهم ، قال لهم : قاتلتم دهْرَكم كلّه على أن يعمل بالذي عمل به عمر بن عبد العزيز . فلمّا جاء رأيكم الذي كنتم تطلبون ، وقال الناس : هذا ، والله ، رأيهم . كنتم أوّل مَنْ نـَفَرَ عنه . قالوا: لقد صدقْتَ ، ما كنّا نطلب إلا الذي عمل به . ولكنه لم يتبرأ من الذين كانوا قبله ، ولم يلعنهم . فقلت : هل أنتم صادقي عمّا أسألكم عنه ؟ فقالوا : نعم ، لن تسألنا عن شيء إلا صدقناك . فقلت : متى عهدكم بلعن هامان ؟ فقالوا ما لعنّاه قطّ . فقلت لهم : أفيسعكم أن تتركوا وزير فرعون المنفّذ لأمره ، ولا يسع عمر بن عبد العزيز أن يعمل بالحق ويكفّ اللعن عن أهل قبلته إن كانوا أخطؤوا في شيء ، وعملوا بغير الحق .
فرجع إلى عمر بن عبد العزيز فأخبره ، فقال : ما أحبّ أني بعثت إليهم غيرك . فقال له : كيف فطنْتَ لهامان ؟ فقال : تخوفتُ إن ذكرت فرعون أن يقولوا قد لعنّاه ، فإنه ملعَّن خبيث .
قال : وكتب عمر إلى يحيى بن يحيى الغساني وكان على الموصل أن أقررهم ما لم يسفكوا دما أو يقطعوا سبيلا أو يخيفوا معاهدا . فإن فعلوا شيئا من ذلك فهم العدو . فاقتلوهم {حيث ثقفتموهم} . فأمسكوا بأيديهم حتى توفّي عمر بن عبد العزيز . ثم خرجوا في خلافة يزيد بن عبد الملك ، فقُـتلوا .
 
الفهم الخاطئ للخوارج جعلهم مع مخالفتاهم لما جاء به الرسول، يظنون انهم وعلى ماهم عليه ، المقصودون بالآية التي ذكروها : { واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيّدكم بنصره }
مع انهم قالوا وفعلوا مايخالف معتقدهم في الصحابة
قالوا ان الآية نزلت في الصحابة، ولقد حقق الله للصحابة مااخبرهم به وهي لكل من سار على دربهم.
اما الخوارج فالأخطاء في الاعتقاد والدماء والأعراض ومحاربة الصحابة والتابعين وجيوش الاسلام المتحركة لتحرير الدول جعلتهم خارجين عن تحقق مدلول الآية فيهم، ومع ذلك كف عنهم المسلمون قدر الإمكان..
والتعامل مع الفرق والجماعات المنحرفة في عالم الإسلام، او عالم المسيحية، أو عالم العلمانية لابد ان يكون بذكاء، فهذا الدين علم وبراهين علمية واستخدامها ضد الباطل او الرأي المخالف لابد منه، مع العدل مع الجميع فلايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا
شكرا سيد موراني على النقل
 
الفهم الخاطيء أو عدمه عند الخوارج وغيرهم لا يهم في هذه المشاركة . بل ، الأهم فيها إبراز الروايات إسنادا ومتنا في هذه المناظرة وفهم هذه المناظرة في عصرها وتوضيحها تأريخيا في أيام بني الأمية من ناحية وبحث عرضها النقدي نصا ومضمونا في الروايات المختلفة فيما بعد .
 
و لكن المهم في هذا الموضوع هو (إحكام الجواب: مرتكز من مرتكزات إظهار القرآن) و ليس خطأ الخوارج ولا مقارنة الروايات فالجواب في حد ذاته فيه من الإتقان ما فيه حتى لو ضعفت الرواية بل حتى لو لم تكن هناك فرقة تسمى بالخوارج أصلا.
 
صدقت اخي شايب بارك الله فيك، إلا أن القاعدة و إحكامها ،لاتستعمل إلا عند وجود خلل يخل بقراءة ،(النص) أو (الواقع)، او التعامل معهما ،بإعتداء وبغي ، من جانب أفراد أو جماعات فيها من الجهل والعنف وعدم إدارك الحقيقة الإسلامية التي كانت قد بدأت تتحول إلى واقع إنساني وحضاري وعلمي لم تعهده البشرية من قبل.
فالحجة في الإسلام وإحكام جوابها وعرضها ليس سفسطة عقلية وترف فكري، ولا لإفحام الخصوم بعد إختلاق وجودهم لتثبيت سلطة ما، غاشمة مثلا اوسلطة تسعي لهيمنة إجتماعية وسياسية كما يشير البعض عن سياق القصة المعروضة او غيرها من الأحوال والوقائع التاريخية، بحيث يرجعون الأمر إلى عصبيات وسلطات، وصراع قوى وجماعات، وعلى هذا تُرد الأمور إلى صراع مادي تاريخي،مرجعه الإقتصاد او السياسة الميكافيلية،مثلا، أو مصالح فئات وجماعات، أو قبائل وعشائر، أو أحزاب وعصبيات، في حين أن الصراع الذي وردت فيه القصة كان صراعا على حق (جديد بشموليته على البشرية) يسعى أهله لتحويله في العالم إلى نشاط إنساني وعمراني، وتوسيع دائرته على أساس من ربانية وانسانية تحاول قدر الإمكان أن تقيم العدل في وجود قوى مناوئة وتجاذب وشد وجذب، وحدوث خلل في الفكر او نقص في أدوات المعرفة، أو إستغلال لضعف في المركز(كما حدث في حالات الفرق المسلحة لاحقا وإقامة دويلات شيعية مثلا أو خارجية او غير ذلك)، في هذه الظروف الإنسانية والإجتماعية، الإسلامية والسياسية، وفي ظل سعي الدولة الإسلامية لنشر فكرتها وإتخاذ وسيلة التوسع لفتح إمتداد جغرافي ومادي لإقامة نشاط حضاري إسلامي لاحقا وتكوين نواته آنيا، كانت هذه الحوارات مع الخوارج ومع الفرق وكانت هذه الإجتهادات الفردية والجماعية التي حدثت في تاريخنا الإسلامي، ومن ذلك ماحدث بين الصحابة، فالأمر يرجع في هذه النقطة الأخيرة ليس لصراع على سلطة ولاصراع قبائل وجيوب وعشائر او تدشين إمبراطورية او هيمنة ، وإنما لإجتهاد يظن منه أولا وآخرا حماية هذه الأمة من الضلال والإنحراف.
فتلك الكلمات كانت لإصلاح خلل فكري، و وإرجاع حركة ناشئة كانت في سعيها لتكون قوة مادية ضد حركة الأمة المسلمة في التوسع وتوصيل العلم والرحمة، العمران الحقيقي والحضاري، إعادة العدل ورفع الظلم عن الناس حتى لو كانوا مختلفين عقديا، فالإسلام يشملهم بحريته ورحمته ماداموا ملتزمين بشروط وضعها، كأي دولة أو أمة أو حضارة تضع شروطا للجميع!
ومن الإتقان أن تتقن فن التعامل او الحركة او المناظرة او العدل او نشر الرحمة.
والقصة خرجت، من روادنا، في هذا السياق، وهذا السياق وحده!،ويمكن من خلالها مشاهدة عمل العقل الإسلامي وجودة تعاملاته في العموم.
فلايصح أن ننزع النص من سياقه الحضاري وسعي اهل العلم من تقليل الجهل الناشيء والغلو الظاهر والبغي الواضح في السياق التاريخي الإسلامي ومحاولة التقليل من أضراره وآثاره...قدر الإمكان.
كما أن النص يشير بوضوح إلى العقلية الإسلامية التي انطلقت من الإسلام عقيدة وشريعة ودينا، فعقلانية النص الإسلامي وجودته العلمية والأدبية والإنسانية ظاهرة في النص بوضوح
فلم يكن القصد على الرغم من الصراع هو نفي الإخوة بل وجودها ووضع إشارة تاريخية عملية على ذلك، فلم ينفى الخوارج من المساجد ولم يقطعوا اربا اربا كما حدث في الأحوال الأوروبية قبل وبعد الإسلام في حضارة الرومان ام في العصور الوسطى الأوروبية المظلمة لما قبل وبعد الإسلام، وإنما ترك لهم المساحة في الحياة والوجود، والحوار والنشاط الديني والمعرفي..ومحاولة هدايتهم إلى العقل الإسلامي الرحماني المتوازن..الا أن يبغوا ويصيبوا الدماء الطاهرة... ولم تسكت أمة في التاريخ عن هذا.. والدليل موجود في الأحافير وفي الواقع المعاصر المتظافر والظافر!!!(والمزاعم المعاصرة كثيرة ونحن نلزمهم بمزاعمهم!)
 
الذي يعجبني هو هذه المصلحية الغامضة احيانا للخليفة عمر في سياسته الادارية ..و التي يقال انه استمدها من اقضية جده عمر بن الخطاب التي كان شغوفا بتتبعها..احيانا أتساءل لم لم يكثر و يشتهر الرد على النجم الطوفي في عهده كما كثر في أيامنا..
 
يبدو بأنهم لم يكونوا منشغلين بتسطير مناظراتهم مع المخالف في ذلك العصر
وإنك لتعجب من بروز نجم يوحنا الدمشقي في ذروة العصر الأموي ورغم كثرة شبهاته حول النبوة والقرآن الكريم إلا أنها قوبلت ببرود في تخصيص كتب للردود عليها من علماء ذاك العصر
وسبحان المحيط بكل شيء علماً
 
بلى في الأعصر المتأخرة التي انتشر فيها الجدل و التعصبات كان مشهورا و مناظراتهم و ردودهم وردود الردود حول دقائق ما ينكرونه كمسألة اللفظ و الابداع و امية النبي صلى الله عليه و سلم و الطلاق الثلاث و شدالرحال مسطورة محفوظة..بل دقائق مالا ينكر كالحمد و الشكر و الملك والنبي و امثالها...أما يوحنا الدمشقي فقد كان في قرن الهم أهله العمل و منعوا الجدل و ما كان اكبر همهم اظهار القيم و الحريات و الحقوق بالجدالات و المناظرات و انما بالبناء و التعليم و التزكية حتى مع اهل الكتاب و الروم ...كفعل هؤلاء اليوم معنا
 
عودة
أعلى