من طريف القرآن

أبو عبد المعز

Active member
إنضم
20/04/2003
المشاركات
647
مستوى التفاعل
28
النقاط
28
من طريف القرآن

1-

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 85]


ما العامل الذي نصب " أَخَاهُمْ" وتعلق به الجار والمجرور " إِلَى مَدْيَنَ"؟

لتجد هذا الناصب عليك أن ترجع إلى الآية 59 أي تقلب ثلاث صفحات من المصحف إلى الخلف!!

لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 59]

فأنت ترى أن "إلى مدين" في الآية ( 85) معطوفة على "إِلَى قَوْمِهِ" في الآية (59) وفعل "أَرْسَلْنَا" الذي نصب " نوحا" هو نفسه الناصب ل "أَخَاهُمْ شُعَيْبًا" على بعد المسافة...

فهل تتوقع أن تجد مثل هذه المسافة بين العامل والمعمول في كلام العرب!!

وقبل ذكر "شعيب" ذكر ثلاثة رسل منصوبة بالعامل نفسه "أَرْسَلْنَا":

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 65]

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 73]

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 80]

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف : 85]

ولعلك تلحظ أن الرسل - عليهم السلام -افتتحوا كلهم كلامهم مع قومهم بعبارة واحدة : "يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ" إلا ما كان من قول( لوط): "أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ" ثم جاء قول( شعيب) بعده ليعود إلى عبارة إخوانه الرسل من قبله "اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ"

فهل في هذا إشارة خفية إلى أن فاحشة قوم لوط مساوية لعبادة غير الله! فقد كان من المتوقع أن يقول( لوط ) ما قال (نوح) و(هود) و(صالح) قبله وما قاله (شعيب) بعده ، وليس من المتوقع أن يشذ قول رسول عن أقوال إخوانه الرسل المتفقين على قول واحد في سياق واحد...إلا أن يكون التبكيت :" أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ" في قول( لوط) بمنزلة الأمر "اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ"...والله أعلم.

وهنا ملاحظة بلاغية أخرى :

لقد رأينا أن فعل " أَرْسَلْنَا" لم يتكرر لفظا وتعلق به ما بعده مع طول الكلام...ولو رجعنا إلى الآيتين السابقتين لذكر إرسال (نوح ) نجد فعل "يرسل الرياح" :

وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ [الأعراف : 58]

فانظر إلى التماثل البليغ بين إرسال الرياح وإرسال الأنبياء، وبين إنزال الماء وإنزال الوحي ...كل يأتي بالحياة ...إلا أن البلد منه طيب وخبيث فكذلك القوم منهم مؤمن وكافر!
 
2-

( الأربعون ) هل هو رمز التمام والكمال في القرآن!



كلمة "أَرْبَعِينَ" ذكرت في التنزيل أربع مرات ( ولك أن تلحظ التناسب الطريف بين الكلمة وعدد مرات تكرارها !)

1-

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ [البقرة : 51]

2-

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة : 26]

3-

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف : 142]

4-

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [الأحقاف : 15]



في آية (البقرة) ذكرت مدة الميقات وهي أربعون ليلة ، وجاء تفصيل في آية (الأعراف) نعرف من خلالها أن مدة الميقات في الأصل كانت ثلاثين ليلة فقط ،ثم أتمها الله بعشر لتصبح أربعين...

كأن الأربعين هو سقف الكمال...

ومما يرشح هذا المعنى- نسبيا - ما ورد في آية (الأحقاف) من كون الأربعين هو أشد الإنسان ، فالإنسان منذ خروجه من بطن أمه يتطور ويتقوى جسما وعقلا إلى أن يصل إلى نقطة الكمال في الأربعين، وبعدها يبدأ مسار الضعف والانحدار.

وعاقب الله قوم موسى بالتيه أربعين سنة بالضبط ،وكأن الأربعين هو تمام العقوبة ، أو لتتناسب الأربعون من الضلال في البيداء مع الأربعين من الليالي التي ضلوا فيها عن التوحيد فعبدوا العجل في زمن غيبة موسى - عليه السلام - لميقات ربه! والله أعلم.
 
3
الاحتفاء بشأن الصلاة بتكرار لفظها أو معناها في موضع واحد:

1-

في سورة (المعارج) جاء ذكر زمرة من المستثنين من نزعة الشر الفطرية في الإنسان ، فكان أول المستثنين : المصلون ، وكان آخر المستثنين المصلون أيضا، فالمصلون مفتتح السلسلة ( إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) وختمها (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ):

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) [المعارج : 19 - 35]

2-

في سورة (المؤمنون) جاء الأمر نفسه...فأول ما ذكر في سلسلة المفلحين: المصلون (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وآخر ما ذكر: المصلون أيضا ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)

ذكروا مرتين في البدء والختام .

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) [المؤمنون : 1 - 11]

3-

في سورة (التوبة) جاء ذكر سلسلة من المبشرين بالجنة فمنهم المصلون الذين ذكروا مرتين مرة باسم (الراكعون) ومرة باسم (الساجدون )

التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة : 112]

4-

في سورة (المائدة) ذكر من صفات أولياء الله إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وعندما ذكر المزكين كرر معهم فعل الصلاة (وَهُمْ رَاكِعُونَ)

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة : 55]

5-

وهذا المعنى نفسه تكرر في سورة (البقرة) في سياق توبيخ بني اسراءيل:

وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة : 43]

فجاء الأمر بالصلاة مرتين : قبل الأمر بالزكاة وبعدها...

( الركوع جزء من الصلاة، ومشهور في البلاغة صورة إطلاق الجزء وإرادة الكل)
 
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف : 13]

المراد ب"الانعام" الإبل فقط...وقد حصر القرآن أنواع الأنعام في أربع :

ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام : 144]

هي الضأن والمعز والإبل والبقر....

ولايصلح للركوب في هذه الأربع إلا الإبل....(قد يركب على العجل ولكنه لم يخلق للركوب ولم يفصله الله ليقطع الإنسان القفار والسهوب راكبا على ظهره)

فيكون في قوله :

وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ

جمعا بين سفينة البحر( الفلك) وسفينة البر (الجمل)...

وقد شاع في الغرب كما في الشرق تلقيب الجمل ب "سفينة الصحراء".
 
1-

السور التي تستهل بالحمد خمس وهذا يؤكد تفضيل القرآن للعدد الوتري ( وقد أشرنا في موضع سابق إلى أن "المسبحات" خمس أيضا...وسنزيد هنا بيانا بشأن "الحامدات")

السور هي: الفاتحة- الأنعام- الكهف -سبأ – فاطر.



الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة : 2]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام : 1]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [الكهف : 1]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [سبأ : 1]

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فاطر : 1]

2-

الجدير بالملاحظة الموقع المتميز لهذه السور الشريفة في المصحف الكريم:

جاءت ( الفاتحة ) في بداية الربع الأول،

جاءت ( الانعام) في بداية الربع الثاني،

جاءت (الكهف) في بداية الربع الثالث (منتصف القرآن)،

جاءت ( فاطر) - وقبلها سبأ- في بداية الربع الأخير..

3-

الجدير بالملاحظة أيضا أن هذه السور يأتي بعدها سورة مستهلة بالحروف المقطعة:

بعد ( فاطر) جاءت سورة ياسين (يس): حرفان

بعد ( الفاتحة ) جاءت سورة البقرة (الم) : ثلاثة حروف

بعد ( الانعام) جاءت سورة الأعراف (المص) : اربعة حروف

بعد (الكهف) جاءت سورة مريم (كهيعص) : خمسة حروف...

فتأمل!
 
وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ [يوسف : 30]

لكي ندرك حجم المكر المتضمن في قول النسوة يتعين تبئير كل كلمة، ونعني بالتبئير التشديد على الكلمة دلاليا كي يلحظها الذهن أكثر من الكلمات المجاورة (وهو ما يوازي النبر في الصوت واللفظ عند النطق ، أو وضع سطر تحت الكلمة والحرف عند الرسم والكتابة)

1- لنجعل النبر والبؤرة على كلمة امرأة

امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ

تقدير المعنى :

هذه الساقطة امرأة أي متزوجة ، فلو كانت مراهقة عزباء لكان لها بعض العذر فكيف وهي ذات بعل...( في شرع الله عقوبة الزانية المحصنة أشد من عقوبة غير المحصنة فيفهم منه أن الجريمة في ظاهرها واحدة ولكن إحداهما - وهي غير المحصنة - تستفيد مما يسمى في القانون الوضعي ب" الظروف المخففة " والأخرى لا تستفيد فهي أكثر إثما من صاحبتها مع أن الفعل واحد!)

2-

امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ

النبر الآن على كلمة العزيز فيكون تقدير المعنى :

هذه الساقطة ليست متزوجة فحسب بل بعلها من سادة القوم ...فلو كان بعلها من الحثالة لكان وقع خيانتها له أخف بكثير من وقع خيانتها لعزيز القوم...فالجريمة خلقية و سياسية أيضا...(وفي عصرنا الحاضر كثيرا ما تسقط الرؤوس الكبيرة بنشر فضيحة حميمية)

3-

امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ

ننقل النبر إلى كلمة تراود فيكون تقدير المعنى :

هذا الساقطة شذت عن الجبلة وعن الفطرة التي فطر الناس عليها فالمعهود أن الذكر هو الذي يراود الأنثى وليس العكس

وهذا عند الحيوان أيضا فتكون هذه الساقطة أدنى منزلة من الكلبة والأتان...ثم إن هذا الفعل ليس مجرد حالة ضعف مفاجئة قد تعترى الإنسان في لحظة غيبوبة ثم تنجلي بل هو فعل مع سبق الإصرا ر والترصد بدلالة الفعل المضارع (تراود) على التجدد والتكرار.

4-

امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ

ننقل النبر إلى كلمة فتاها فيكون تقدير المعنى :

هذه الساقطة لو راودت عن نفسه أميرا أو حاكما أو حكيما لكان لها بعض العذر لكنها راودت عبدا خادما ( أما لو كان متبنيا كما جاء في قول العزيز بعلها:

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا [يوسف : 21] لكانت جريمتها أبشع : الساقطة تراود ابنها او من هو بمنزلة ابنها!!)

لنلحظ الإمالة في مد التاء (فتاها) حيث النبر اللفظي يشعر بالتسفل والانحطاط..





وقد انتبهت امرأة العزيز إلى هذه الإيحاءات فسمت كلامهن مكرا:

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ...

وكان انتقامها مساويا لمكرهن أو أبلغ ...فمكرهن كان مجرد كلام - يتلاشى مع الريح بمجرد خروجه من الشفتين- أما مكرها بهن فكان فعلا ماديا بادي الأثر وباقيا لزمن : قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ...

أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف : 31]
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الأخ العزيز أبو عبد المعز حفظنا الله تعالى وإياكم يرجى النظر بما يأتي:
قولكم ( هذه الساقطة امرأة أي متزوجة ) لفظ الساقطة لا ينسجم مع تدبركم للقرآن الكريم ، ثم إن القرآن أطلق لفظ المرأة على المتزوجة
وغير المتزوجة قال سبحانه ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ) وهن غير متزوجات

والله تعالى أعلم .
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الأخ العزيز أبو عبد المعز حفظنا الله تعالى وإياكم يرجى النظر بما يأتي:
قولكم ( هذه الساقطة امرأة أي متزوجة ) لفظ الساقطة لا ينسجم مع تدبركم للقرآن الكريم ، ثم إن القرآن أطلق لفظ المرأة على المتزوجة
وغير المتزوجة قال سبحانه ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ) وهن غير متزوجات

والله تعالى أعلم .
الاخ الكريم البهيجي.
ليس هو من قال الساقطة، و لكن من خلال كلام و أسلوب النسوة في الكلام عن امرأت العزيز كأنهم يريدون قول الساقطة فلهذا جاء في سورة يوسف بعدها "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ"

أما هي فقد تابت و ندمت بعد ذنبها فلهذا لا يجوز قول عنها ساقطة، فحتى الله تعالى لم يسميها ساقطة و لم يسميها باسمها في القرآن الكريم.
٠ قبل أن تندم على فعلتها قال الله عنها التي هو في بيتها ب "وَرَ ٰ⁠وَدَتۡهُ ٱلَّتِی هُوَ فِی بَیۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِ" ۦ

- و بعد توبتها و ندمها قال الله عنها " قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَ ٰ⁠وَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِین" الآية ٥١

فالنسوة قالت عنها إمرأت العزيز حين كلام عنها بالفجور و لكن الله قال عنها بامرأت العزيز بعد توبتها ..
و هنا يتضح أن أسلوب الكلام حسب السياق هو من يحدد المعنى من الكلمة ..
 
عودة
أعلى