من دلائل الإعجاز الإلهى فى كتبه المُنَزّلة : وحدة حرف الإستفتاح

إنضم
08/09/2009
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم

من دلائل الإعجاز الإلهى فى كتبه المُنَزّلة : وحدة حرف الإستفتاح


بحكم معايشتى الطويلة لأسفار أهل الكتاب كباحث فى علم مقارنة الأديان ، كنت أضطر أحيانا ًإلى الرجوع إليها فى لغاتها الأصلية ( العبرية بالنسبة للعهد القديم ، واليونانية للعهد الجديد )
وفى إحدى المرات ، قمت بإجراء بحث لغوى مقارن يدور حول عبارة الإستهلال فى الكتب السماوية المعروفة : التوراة والإنجيل والقرآن ، فكانت المفاجأة المدهشة لنتيجة البحث هى إكتشاف أن الكتب السماوية تشترك جميعاً فى نفس حرف البداية لها جميعاً !!! ، وإلى حضراتكم بيان المسألة بالتفصيل :
أولا : الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى ينقسم إلى قسمين رئيسين : الأول يخص اليهود بالدرجة الأولى ويُسمى : العهد القديم ، والثانى يخص النصارى تحديداً ويُسمى : العهد الجديد
ثانياً : العهد القديم يضم التوراة ( أسفار موسى الخمسة ) وكتب الأنبياء من بعده ، والأسفار التاريخية والشعرية ، ومزامير داود ( الزبور ) وغيرها من الأسفار
لكن ما يهمنا ذكره هنا أن العهد القديم يبدأ بأسفار موسى الخمسة والتى يُطلق عليها فى الإصطلاح القرآنى اسم ( التوراة ) أو ( كتاب موسى )
ثالثاً : يبدأ العهد القديم بسفر التكوين ( أول أسفار موسى ) ، وأول عبارة فى هذا السفر قد أخذت فى الترجمة العربية الشكل التالى :" فى البدء خلق الله السموات والأرض "
رابعاً : بالرجوع إلى الأصل العبرى للتوراة نجد أن عبارة " فى البدء " تُنطق فى اللغة العبرية هكذا : برشيت
وحرف الجر فى الترجمة العربية ( فى ) يقابله حرف الباء ( ب ) من كلمة ( برشيت ) فى اللغة العبرية
وجدير بالذكر أن اسم سفر التكوين فى النص العبرى للتوراة هو " برشيت " كذلك ، وليس " التكوين " حيث أن معظم الأسفار فى التوراة ليس لها أسماء ، بل كانت تُعرف بالكلمة الأولى الواردة فى السفر
المهم هنا أن نعرف أن التوراة ، بل العهد القديم كله ، قد بدأ بالحرف العبرى المسمى عندهم ( بيت ) والذى يقابل حرف الـ ( باء ) فى العربية
خامساً : إذا ما جئنا إلى العهد الجديد نجده يبدأ بالإنجيل المسمى بـ " إنجيل متى "، يليه إنجيل مرقس ، ثم لوقا ، ثم يوحنا ، ثم سفر أعمال الرسل
وبمطالعة مقدمة إنجيل متى والذى يمثل بداية العهد الجديد كله فإننا نجد افتتاحيته تبدأ بالعبارة المترجمة إلى العربية هكذا :
" كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم "
سادساً : بالرجوع إلى الأصل اليونانى لهذه العبارة ( ومعلوم أن اليونانية هى اللغة الأصلية التى دُونت بها الأناجيل ) فسوف نجد الكلمة الأولى فيها تُنطق هكذا : بايبلوس Biblos
وحرف البداية لتلك الكلمة هو الحرف اليونانى المسمى ( بيتا ) والذى يقابل فى اللسان العربى حرف الـ ( باء ) كذلك !!!
سابعاً : ثم نأتى إلى كتاب الله المجيد ، المُصدّق للكتب السماوية التى بين يديه ، والمهيمن عليها جميعاً ، فنجده يبدأ كما نعرف جميعا بسورة الفاتحة ، ونجد أول آية فيها تقول : " بسم الله الرحمن الرحيم "
وغنى عن القول أنها تبدأ كذلك بحرف الباء العربى ، والذى يقابل كما عرفنا حرف بيت العبرانى وحرف بيتا اليونانى ، أى أن هذا الحرف قد حافظ على موضع الصدارة فى الكتب السماوية الثلاثة برغم إختلاف لغاتها الأصلية ما بين عبرية ويونانية وعربية
فهكذا يكون النظام ، وسبحان الله العظيم !!!
ثامناً : لا ريب أن الذى أنزل التوراة والإنجيل - عز وجلّ - هو الذى أنزل القرآن الحكيم ، ولكن الجديد هنا أن نرى حرف البداية فيها جميعاً يقدم لنا شهادة عجيبة تؤكد هذا المعنى
كتبه الفقير إلى عفو ربه :
حمدى العليمى
أو : العليمى المصرى
ادعوا لأبيه بالشفاء العاجل
و صل اللهم على صاحب المقام المحمود واللواء المعقود والحوض المورود : محمد بن عبد الله
وعلى آله وصحبه وسلم
 
اخي العليمي أرى أن حسبنا كتاب الله ففيه شفاء للصدور فالاولى البحث عن اعجاز تلك الحروف المقطعة من كتاب ربنا وسنه نبينا
 
حي الله أخانا الفاضل العليمى المصرى
لقد طالت غيبتكم
أرجو أن تكون بخير وعافية
أولا أسأل الله تعالى أن يمن على والدكم بالشفاء العاجل.
ثانيا بالنسبة لهذا الموضوع
يجب قبل المقارنة بين القرآن وما يسمى بالكتاب المقدس أن نثبت أو نتأكد من نسبة هذا الكتاب إلى الله تعالى .
وهذا الكتاب قد اختلف فيه أتباعه والمحققون منهم يشككون في نسبة ما يسمى بالعهد القديم إلى موسى وكذلك نسبة ما يسمى بالأناجيل الأربعة إلى عيسى عليه السلام.
والمحققون من أهل الإسلام يقولون إن في ذلك الكتاب ما يمكن أن ينسب إلى الوحي ويصدقه كلام ربنا المنزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما هو من كلام البشر ولا يصح نسبته إلى الوحي بحال من الأحوال.
ومثال على الأخير ما يعرف بنسب المسيح عليه السلام:
متى الإصحاح 1.
1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ:
2 إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ.
3 وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ.
4 وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ.
5 وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى.
6 وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا.
7 وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا.
8 وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا.
9 وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا.
10 وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا.
11 وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ.
12 وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ.
13 وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ.
14 وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ.
15 وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ.
16 وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.
17 فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.


لوقا: الإصحاح 3
23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي،
24 بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ يَنَّا، بْنِ يُوسُفَ،
25 بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ عَامُوصَ، بْنِ نَاحُومَ، بْنِ حَسْلِي، بْنِ نَجَّايِ،
26 بْنِ مَآثَ، بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ شِمْعِي، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يَهُوذَا،
27 بْنِ يُوحَنَّا، بْنِ رِيسَا، بْنِ زَرُبَّابِلَ، بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ، بْنِ نِيرِي،
28 بْنِ مَلْكِي، بْنِ أَدِّي، بْنِ قُصَمَ، بْنِ أَلْمُودَامَ، بْنِ عِيرِ،
29 بْنِ يُوسِي، بْنِ أَلِيعَازَرَ، بْنِ يُورِيمَ، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي،
30 بْنِ شِمْعُونَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يُونَانَ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ،
31 بْنِ مَلَيَا، بْنِ مَيْنَانَ، بْنِ مَتَّاثَا، بْنِ نَاثَانَ، بْنِ دَاوُدَ،
32 بْنِ يَسَّى، بْنِ عُوبِيدَ، بْنِ بُوعَزَ، بْنِ سَلْمُونَ، بْنِ نَحْشُونَ،
33 بْنِ عَمِّينَادَابَ، بْنِ أَرَامَ، بْنِ حَصْرُونَ، بْنِ فَارِصَ، بْنِ يَهُوذَا،
34 بْنِ يَعْقُوبَ، بْنِ إِسْحَاقَ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ تَارَحَ، بْنِ نَاحُورَ،
35 بْنِ سَرُوجَ، بْنِ رَعُو، بْنِ فَالَجَ، بْنِ عَابِرَ، بْنِ شَالَحَ،
36 بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ، بْنِ سَامِ، بْنِ نُوحِ، بْنِ لاَمَكَ،
37 بْنِ مَتُوشَالَحَ، بْنِ أَخْنُوخَ، بْنِ يَارِدَ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ، بْنِ قِينَانَ،
38 بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ.

ومن تأمل في هذا يمكن أن يسأل:
كيف يذكر الله نسب رجل ليس له نسب ؟ ليس له أب ؟
ولعل أحدهم يقول نسبه من قبل أمه
فأقول هل المرأة تنسب إلى أبيها أم إلى زوجها المزعوم ؟
54 رجلا بين إبراهيم وعيسى عند لوقا
40 رجلا بين إبراهيم وعيسى عند متى
ثم تأمل العبارة بالخط الأحمر
فهل يصح أن ينسب مثل هذا إلى الوحي ؟

ثم هل العهد الجديد موحى باليونانية أم بالعبرية كالعهد القديم ؟

أرجو لك التوفيق والسداد.
 
اخي العليمي أرى أن حسبنا كتاب الله ففيه شفاء للصدور فالاولى البحث عن اعجاز تلك الحروف المقطعة من كتاب ربنا وسنه نبينا
أخى البراك ، لا أدرى : هل نسيتَ ؟! أم انك لا تعرف ؟! أن أكثر المسلمين الذين يذهبون إلى كتب العهدين القديم والجديد لمطالعتها ودراستها ، إنما يفعلون ذلك من أجل القرآن ذاته ولبيان بعض أوجه إعجازه
ذلك أن الدراسة المقارنة للكتب السماوية تأتى على الدوام فى صالح القرآن الكريم ، حيث يكون له الغلبة فيها وحيث يكشف عن هيمنته عليها
والأمثلة كثيرة جدا ، وإذا كنتَ قد نسيت فدعنى أُذكّرك ببحوث العلماء المسلمين - أو الذين أسلموا كذلك - من قبيل الشيخ رحمت الله الهندى ، والعلامة أحمد ديدات ، وموريس بوكاى ويوسف استس . . وغيرهم الكثير
أما عنى أنا شخصياً ( حيث وجهت لى تثريبك ولومك ) فأعتقد أنك قد قرأت لى من قبل ( فى ملتقى البيان ) بحثاً مقارناً ما بين القرآن والتوراة ، كشفت فيه بفضل الله عن إعجاز القرآن الكريم فى استعماله للفظ (سَكينة ) الوارد فى قصة ( طالوت ) بسورة البقرة
فلماذا - أخى - لم تقل لى حينها : حسبنا كتاب الله ؟
وفى هذا المقام يطيب لى أن أبشّرك - أنت وكل رواد الملتقى الكرام - بأنى سوف أنشر لكم قريباً إن شاء الله بحثاً فى الدين المقارن ، وفيه سوف أنسف نسفاً واحدة من أقدم الشبهات التى طعن بها أهل الكتاب فى القرآن المجيد
تلك هى الشبهة القديمة والمشهورة حول إطلاق وصف (أخت هارون ) على مريم عليها السلام ، ودعواهم أن القرآن قد خلط بين مريم أخت هارون وموسى من جهة، ومريم أم عيسى من جهة أخرى ، عليهم جميعا الصلاة والسلام
وفى هذا البحث وفقنى الله عز وجل إلى الكشف عن براهين جديدة لم يسبق إليها أحد من قبل
تلك البراهين الجديدة مأخوذة من التوراة ذاتها ، والعجيب فى الأمر أن تلك البراهين التوراتية لا تكتفى فقط بدحض الشبهة القديمة ، بل إنها تكشف عن إعجاز القرآن الكريم فى إطلاقه لهذا الوصف تحديداً على مريم عليها السلام
وهذا هو أهم ما فى الأمر
وأرجو ألا تقل لى عندئذ : حسبنا كتاب الله
عفا الله عنك ، وغفر لنا ولكم
 
حي الله أخانا الفاضل العليمى المصرى
لقد طالت غيبتكم
أرجو أن تكون بخير وعافية
أولا أسأل الله تعالى أن يمن على والدكم بالشفاء العاجل.
ثانيا بالنسبة لهذا الموضوع
يجب قبل المقارنة بين القرآن وما يسمى بالكتاب المقدس أن نثبت أو نتأكد من نسبة هذا الكتاب إلى الله تعالى .
وهذا الكتاب قد اختلف فيه أتباعه والمحققون منهم يشككون في نسبة ما يسمى بالعهد القديم إلى موسى وكذلك نسبة ما يسمى بالأناجيل الأربعة إلى عيسى عليه السلام.
والمحققون من أهل الإسلام يقولون إن في ذلك الكتاب ما يمكن أن ينسب إلى الوحي ويصدقه كلام ربنا المنزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما هو من كلام البشر ولا يصح نسبته إلى الوحي بحال من الأحوال.
. . . ثم هل العهد الجديد موحى باليونانية أم بالعبرية كالعهد القديم ؟ أرجو لك التوفيق والسداد.
حياكم الله وبياكم أخى الشيخ سعيد ، أسعده الله فى الدارين
بالنسبة إلى (أولاً ) فأشكرك جزيل الشكر على مشاعركم الطيبة ، وهذا هو العهد بكم دوماً ، بارك الله فيكم
أما بالنسبة إلى (ثانياً ) فهذا موضوع شرحه يطول وقد كُتبت فيه مجلدات ، وللأسف لا أملك الوقت الكافى لبيانه البيان الوافى
ولكن خلاصته أن حديث القرآن عن تحريف أهل الكتاب لكتبهم قد أُسيىء فهمه على مر العصور ، وأن مسألة التحريف هذه قد بولغ فيها مبالغة كبيرة ، برغم أن القرآن نفسه قد ذكر مرارا وتكرارا أنه جاء مصدقا لتلك الكتب التى بين يديه ، فهل يصدق القرآن على كتب محرفة ؟!!
والذى أراه - ويراه معى كثير من العلماء قديما وحديثا -أن التحريف الذى عناه القرآن كان يتعلق بالتلاوة أو بلىّ اللسان بالكلام للتلبيس على المسلمين بتغيير معنى الكلام ، فهذا التحريف لا يُغيّر شيئاً فى نص الكلام المكتوب ، لأن هذه النصوص مسجلة فى آلاف النسخ المنتشرة فى أرجاء المعمورة كلها
فتغيير النص المكتوب - المنتشر والمتواتر على هذا النحو - يبدو أمراً مستحيلاً عملياً وواقعياً ، وهذا ما أكده كثير من علماء المسلمين أنفسهم
فها هو الإمام الفخر الرازى - مثلاً - يقول فى هذا المعنى :
" إن تحريف التوراة والإنجيل ممتنع لأنهما كانا كتابين بلغا من الشهرة والتواتر إلى حيث يتعذر ذلك فيهما "
كما قال كذلك عند تفسيره للآية 46 من سورة النساء :
" كيف يمكن التحريف فى الكتاب الذى بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور فى الشرق والغرب ؟!! "
ثم يرجح أن المراد بالتحريف هو :" إلقاء الشبه الباطلة ، والتأويلات الفاسدة ، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية كما يفعل أهل البدع فى زماننا هذا (يقول الرازى ) بالآيات المخالفة لمذهبهم ، وهذا هو الأصح "
والعبارة الأخيرة هى من قوله كذلك وليست تعقيبا منى
وهذا ابن كثير نفسه رحمه الله يقول عند تفسيره لقوله تعالى :
{ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ } أي: يتأوّلونه على غير تأويله
فالتحريف بهذا المعنى لا يستلزم تغيير المكتوب نفسه
ومع ذلك أقول : إن هذا المكتوب لم يكن كله (وقت كتابته ) موحى به من عند الله ، بل خالطه كلام من الصعب أن نعتبره وحياً إلهياً كما أشرتم
فالمسألة دقيقة جداً ، حيث يوجد فرق ينبغى تمييزه بين أن نقول : هذه الكتب غير معصومة إبتداءً من امتزاجها بكلام بشرى وقت كتابتها ، وبين أن نقول : إنها قد تحرفت بعد مرور مئات السنين على تدوينها
ولكنى أعود فأقول : حتى هذا الإفتقاد للعصمة التامة يجب ألا يجعلنا نفقد الثقة بالكلية فى تلك الكتب كما هو حال كثير من المسلمين اليوم
وتوجد ضوابط فقهية عديدة وأحاديث نبوية شريفة تحكم هذه المسألة وتهدينا إلى أصول التعامل الصحيح مع نصوص أهل الكتاب
هذا هو - أخى الموقر - باختصار تحريرى لمسألة التحريف بعد البحث المدقق والدرس الطويل لها

أما فيما يتعلق بسؤالكم الأخير حول لغة الوحى الإنجيلى فأقول :
النصارى يرون أن نصوص العهد الجديد موحى بها باللغة اليونانية
ومع أن السيد المسيح عليه السلام كان يتحدث باللغة الآرامية ، إلا أن النسخة الأصلية للعهد الجديد كانت مكتوبة باللغة اليونانية وباللهجة المسماة (الكوينية ) على وجه التحديد ، لأنها كانت لهجة دول شرق البحر المتوسط بما فيها فلسطين والتى كانت واقعة تحت الحكم الروماني فى ذلك العصر
فهذا هو السبب التاريخى لكتابتها باليونانية
أما السبب اللاهوتى فى ذلك فيرجع كما يقول النصارى إلى وصية السيد المسيح نفسه عليه السلام
فالأناجيل كتبت بناء علي وصية المسيح الأخيرة والقائلة " إذهبوا إلي العالم أجمع و أكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها "
و هذه الكرازة العالمية لن يتسنى لها بالطبع أن تتحقق إذا ما كُتبت الأناجيل باللغة المحلية ( العبرية أو الآرامية )
فاللغة اليونانية هى وحدها التي يمكن لها أن تضطلع بهذه المهمة العالمية في فجر الدعوة المسيحية ، حيث كانت اللغة اليونانية فى ذلك الوقت هى اللغة العالمية الأولى ، مثلها فى ذلك مثل الإنجليزية فى عصرنا الحالى
وفضلا عن هذا وذاك فإن علماء المسيحية يرون أن اللغة اليونانية تُعد من أنسب اللغات الإنسانية على الإطلاق للتعبير عن قضايا الفلسفة واللاهوت ، ويرون أنه لهذا اختارها الله لإيصال وصايا التعليم المسيحي
تلك هى الأسباب التى ذكروها لتعليل كتابة العهد الجديد باللغة اليونانية ، وأراها أسباباً وجيهة فى مجملها ، والله أحكم وأعلم
سعدت بحواركم يا شيخ سعيد ، جعلك الله من السعداء عنده يوم تُبلى السرائر
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
 
الأخ الكريم العليمي
الأناجيل كتبت بالآرامية
لماذا اخترت متى من بين الأناجيل الأربعة.
 
فالأناجيل كتبت بناء علي وصية المسيح الأخيرة والقائلة " إذهبوا إلي العالم أجمع و أكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها "
و هذه الكرازة العالمية لن يتسنى لها بالطبع أن تتحقق إذا ما كُتبت الأناجيل باللغة المحلية ( العبرية أو الآرامية )
فاللغة اليونانية هى وحدها التي يمكن لها أن تضطلع بهذه المهمة العالمية في فجر الدعوة المسيحية ، حيث كانت اللغة اليونانية فى ذلك الوقت هى اللغة العالمية الأولى ، مثلها فى ذلك مثل الإنجليزية فى عصرنا الحالى


هذا من الأمور المشكلة والتي تجعل الثقة بكل ما هو مكتوب في ما يسمى بالكتاب المقدس محل نظر ، فنحن نجد أن المسيح يؤكد أنه لم يرسل إلا إلى ضُلال بني إسرائيل:
في متى الإصحاح العاشر:
1 ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ.
2 وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ: اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ.
3 فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ.
4 سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ.
5 هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا.
6 بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.

وفي متى أيضا الإصحاح الخامس عشر:
الإِنْسَانَ».
21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ.
22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:«ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا».
23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:«اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!»
24 فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».

وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"

وفي مرقس الإصحاح 16
1وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ.
2 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ.
3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ:«مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟»
4 فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا.
5 وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ.
6 فَقَالَ لَهُنَّ:«لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ.
7 لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ».
8 فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ.
9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ.
10 فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ.
11 فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا.
12 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.
13 وَذَهَبَ هذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هذَيْنِ.
14 أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ.
15 وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.
وهذا حسب زعمهم بعد قيامته من الموت بعد الصلب.
 
الأخ الكريم العليمي
الأناجيل كتبت بالآرامية
لماذا اخترت متى من بين الأناجيل الأربعة.

مرحبا بالأخ الكريم
أشكركم على المرور ، ولكن لماذا أخى أجد قولكم مقتضبا هكذا
فإنك ترسل أقوالا ، دون أن تذكر دليلك عليها
فمن ذلك قولكم المقتضب والذى أخذ شكل التقرير وكأنه مسألة مفروغ منها :
الأناجيل كُتبت بالآرامية
لا يا أخى الكريم ، إن هذا محض إفتراض لا ينتمى إلى الحقائق التاريخية الثابتة والمتفق عليها
إن غاية ما يمكن أن تدعم به رأيك هذا ، هو أن بعض الباحثين فى تاريخ الأديان يفترضون أن الأناجيل اليونانية تعتمد على نسخة آرامية مفقودة يشيرون إليها بحرف Q الذى يرمز لكلمة Quelle بمعنى الأصل ، ومنهم من يسميها لوجيا Logia بمعنى الأقوال ، يعنون بذلك أقوال المسيح عليه السلام
وهم يفترضون هذا الفرض ليعللون به التشابه الموجود بين الأناجيل الإزائية الثلاثة : متى ومرقس ولوقا
هذا هو أقصى ما يمكن أن ندعم به هذا الرأى
ولكن هل هذا الإفتراض الذى افترضوه له ما يؤيده فى دنيا الواقع ؟!
وحتى لو صح افتراضهم هذا ، فأين هى تلك النسخة الآرامية المزعومة ؟
ثم أية قيمة تكون لها إذا كان الله عز وجل لم يشأ لها أن تظهر وتستعلن للناس ؟
وإذا كان مصيرها إلى المحو والزوال ، أفلا يكون هذا قد تم وفقا لمشيئة الله تعالى ؟
أليس الله عز وجل بقائل : " يمحو الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب "
ثم تسألنى :
لماذا اخترت متى من بين الأناجيل الأربعة
وأستغرب أن يصدر مثل هذا السؤال عنكم ، لعلمى أنكم من الباحثين المدققين ، ولكن يبدو أنها إحدى سهوات العارفين
ارجع أخى الحبيب - تكرماً غير مأمور - إلى المشاركة الأولى تجد فيها الجواب عن سؤالكم هذا
بل تجده مكررا أكثر من مرة
وحتى أوفر عليك عناء البحث دعنى أقتبس لك الجواب منها
فقد كان مما قلته فيها :
إذا ما جئنا إلى العهد الجديد نجده يبدأ بالإنجيل المسمى بـ " إنجيل متى "
كما قلتُ كذلك
وبمطالعة مقدمة إنجيل متى والذى يمثل بداية العهد الجديد كله
وفقكم الله وسررت بمداخلتك الكريمة
 
هذا من الأمور المشكلة والتي تجعل الثقة بكل ما هو مكتوب في ما يسمى بالكتاب المقدس محل نظر ، فنحن نجد أن المسيح يؤكد أنه لم يرسل إلا إلى ضُلال بني إسرائيل

الأمر أيسر من هذا كثيرا يا أبا سعد الغالى
وهو لا يستدعى منك أن تفقد الثقة التامة فى كل ما هو مكتوب فى كتب الطائفتين ( اليهود والمصارى )
إذ أن ( كل ) ما هو مكتوب يدخل فيه قطعا ما جاء القرآن الكريم مصدقا له
أليس كذلك أخى الحبيب ؟!
أقول إن الأمر يسير والمشكلة محلولة ، هذا إن كان فى الأمر أى إشكال من الأصل
فمن الصحيح الذى لا مراء فيه أن المسيح عليه السلام قد أُرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة كما قال
ولكن من الصحيح كذلك أنه عليه السلام قد تحول برسالته عنهم بعد ذلك
أى بعد أن استبان له كفرهم وجحودهم بآيات الله التى جاءهم بها
وبعد أن لعنهم بنص القرآن ذاته ، قال تعالى :
" لُعِن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم "
وقد كان هذا الكفر والجحود الذى أحسه عليه السلام من بنى اسرائيل هو ما دفعه عليه السلام إلى أن يتبرأ منهم ويتحول برسالته ودعوته إلى الفضاء الرحب من حوله
يدلك على هذا ما جاء فى العهد الجديد نفسه ، كما سأذكر بعد قليل
حقاً ، كان السيد المسيح مرسلا فى بادىء الأمر إلى خراف بيت اسرائيل الضالة
ولكن ماذا يكون العمل إذا رفضت الخراف أن تلبى نداء راعيها ؟!
ماذا يكون العمل إذا رفض المدعوون رفضاً تاماً تلبية الدعوة الكريمة ؟
الجواب قد قدمه المسيح بنفسه فى الإنجيل فى شكل مثل بليغ ، حيث ضرب لنا مثلا بوليمة العرس ، وقد أرسل الداعى عبده فى دعوة ضيوفه ، فأرسل إلى الصفوة المختارين من الأقرباء والأصحاب يدعوهم أن يفرحوا معه ويشاركوه طعامه وشرابه، فلم يجبه منهم أحد وتعلل كل منهم بعلة تؤخره عن موعد الوليمة ، وهنا غضب السيد صاحب الدعوة فأقسم على ألا يحضر الوليمة أحد ممن دعاهم ، وأمر عبده بأن يذهب إلى طرقات المدينة وأزقتها ليدعو كل من يراه من المساكين وعابرى السبيل من أعطاف الطريق وزواياه حتى يمتلىء بيته بهم ، قائلا :" لن يذوق عشائى أحد من اولئك الذين دعوت فلم يستجيبوا الدعاء " فأصبح كل طارق ضيفاً مقبولا على الرحب والسعة
وهكذا تعمر وليمة السماء التى يتأخر المدعوون إليها ، ويتقدم إليها من هم أحق بها ، لأنهم يشتهون ما يعافه المدعوون المتبطرون

وفى نفس هذا المعنى يقول الأستاذ عباس محمود العقاد رحمه الله فى كتابه ( حياة المسيح ) ما يلى :
قال السيد المسيح لمن دعاهم وألحف فى دعواهم ، فأنكروه وألحفوا فى إنكاره :
" إن الحجر الذى رفضه البناؤون صار على رأس الزاوية ، إن ملكوت الله يُنتزع منكم ويُوهب لأمة تؤتيه ثماره "
ثم إن السيد المسيح قد توسع بدعوته إلى أقصى مدى حين جعل ملكوت السموات حقا لكل من يقصده من بنى الإنسان أجمعين
أيا كانت الأمم التى ينتمون إليها ، هذا المعنى نجده مدونا فى الأناجيل فى أكثر من موضع
وهكذا تحولت الدعوة من خاصة إلى عامة ، ومن أمة واحدة إلى سائر الأمم
ولقد كان هذا التحول منطقيا وطبيعيا فى ظل العنت الشديد الذى لقيه عليه السلام من بنى اسرائيل ، وعصيانهم المستحكم له ، وقسوة قلوبهم التى فاقت قسوة الحجارة كما وصفها القرآن الكريم
ولو لم يحدث هذا التحول وذلك التوسع بالدعوة المسيحية لأنتهت فى الحال وقُتلت وهى فى مهدها ، ولذهب النصارى فى الغمار ولم يبق لهم ذكر فى التاريخ

بقيت مسألة أخيرة حول الحديث النبوى الشريف الذى أوردته أخى أبا سعد والذى جاء فيه :
وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"
قد يسبق إلى الظن أن هذا القول النبوى الشريف يتعارض مع عالمية الدعوة المسيحية
ولكن هذا غير صحيح بالمرة ، ولا يوجد أدنى تعارض بين هذا وذاك ، وبيان حقيقة الأمر فى المداخلة القادمة قريباً إن شاء الله ، وأرجو المعذرة لضيق الوقت لدى
 
الأمر أيسر من هذا كثيرا يا أبا سعد الغالى
وهو لا يستدعى منك أن تفقد الثقة التامة فى كل ما هو مكتوب فى كتب الطائفتين ( اليهود والمصارى )
إذ أن ( كل ) ما هو مكتوب يدخل فيه قطعا ما جاء القرآن الكريم مصدقا له
أليس كذلك أخى الحبيب ؟!
أخي الفاضل
أنا قلت
"هذا من الأمور المشكلة والتي تجعل الثقة بكل ما هو مكتوب في ما يسمى بالكتاب المقدس محل نظر"
وبين ما قلت أنا وما قلت أنت فرق كبير فتأمله.


 
أخي الفاضل ، أنا قلت : "هذا من الأمور المشكلة والتي تجعل الثقة بكل ما هو مكتوب في ما يسمى بالكتاب المقدس محل نظر" وبين ما قلت أنا وما قلت أنت فرق كبير فتأمله.

والله يا أخى عبارتك تحتمل المعنى الذى فهمته من أول وهلة
لا سيما وأن لفظة ( كل ) تفيد العموم والإستغراق ، والذى يعم ويستغرق كل أفراده وجزئياته
ولولا تنبيهك لى لما أدركت المعنى الذى تقصده ، والذى هو ( كما حدسته ):
نزع الثقة عن المكتوب ككل ( أى فى مجمله )وليس عن جزئيات منه
، فإن كان حدسى عما تعنيه صحيحاً فهذا يعنى أننا متفقان فى الرأى ، لأن هذا هو ما أقول به ، وقد ذكرت ذلك فى مداخلة سابقة
على أى حال أعتذر إن كان فيما قلتُه ما أزعجكم ، فأنا ما أقدرش على زعلك يا حبيب قلبى ( ابتسم )
HBH+Agd9l87TGIe4AAAAAElFTkSuQmCC
( وأقولها بالعامية المصرية وبلهجة الناس البسطاء الطيبين )
كما أرجو أن تقبل منى هذه أيضا وعلى سبيل المزاح كذلك :
رجاءًا أخى الحبيب ، لا تكتب لى عبارات تنطبق عليها مقولة : المعنى فى بطن الشاعر
HBH+Agd9l87TGIe4AAAAAElFTkSuQmCC
( ابتسم من فضلك )
HBH+Agd9l87TGIe4AAAAAElFTkSuQmCC

و دمتم بـخير و ود
 
بقيت مسألة أخيرة حول الحديث النبوى الشريف الذى أوردته أخى أبا سعد والذى جاء فيه :
وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"
قد يسبق إلى الظن أن هذا القول النبوى الشريف يتعارض مع عالمية الدعوة المسيحية
ولكن هذا غير صحيح بالمرة ، ولا يوجد أدنى تعارض بين هذا وذاك ، وبيان حقيقة الأمر فى المداخلة القادمة قريباً إن شاء الله ، وأرجو المعذرة لضيق الوقت لدى

أجل ، قد يسبق إلى الظن أن هذا القول النبوى الشريف يتعارض مع عالمية الدعوة المسيحية ، ولكن هذا غير صحيح بالمرة ، ولا يوجد أدنى تعارض بين هذا وذاك
ذلك أن المسيح عليه السلام ظل يقصر دعوته على بنى اسرائيل حتى أوشكت على نهايتها ولم يتوجه بها إلى الأمم الأخرى إلا مؤخرا جدا
وهذا بخلاف دعوة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، والتى دخلها نفر من الأعجمين من كافة الأمم فى وقت مبكر ، فكان منهم بلال الحبشى ، وصهيب الرومى ، وسلمان الفارسى ، رضى الله عنهم أجمعين
فتلك ثلاثة نماذج فى تاريخ الدعوة الإسلامية تمثل ثلاث أمم مختلفة هى الفرس والروم والحبشة
وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يحتفى حفاوة بالغة بهؤلاء الصحب الكرام ، حتى أنه قد خصهم بميزة كبرى حين جعل غضبهم من غضب الله تعالى :
جاء في صحيح مسلم من حديث ‏عائذ بن عمرو ‏ أن ‏‏أبا سفيان ‏أتى على ‏سلمان ‏وصهيب ‏‏وبلال ‏‏في ‏ نفر ‏‏فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها ،قال فقال ‏‏أبو بكر ‏‏أتقولون هذا لشيخ ‏‏قريش ‏وسيدهم ، فأتى النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏فأخبره فقال :يا ‏‏أبا بكر ‏لعلك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ، فأتاهم ‏أبو بكر ‏فقال :يا ‏إخوتاه أغضبتكم ؟ قالوا :لا ، يغفر الله لك يا أخي " .
فهاهنا نلاحظ أن النبى صلى الله عليه وسلم قد رفع منزلة صحبه الأعاجم سلمان وصهيب وبلال رضى الله عنهم حين جعل غضبهم من غضب الله تعالى مباشرة
فإذا انتقلنا إلى منهج المسيح مع الأغيار ( أى الذين من غير بنى اسرائيل ) لوجدناه فى معظم فترة دعوته يختلف كلية عن منهج النبى صلى الله عليه وسلم مع غير بنى جلدته
فقد كان المسيح عليه السلام يرسل تلاميذه للدعوة ولكنه كان ينهاهم عن دخول السامرة ، كيلا يطرحوا اللآلىء تحت أقدام الخنازير ( وهى عبارة تبدو عنصرية من الدرجة الأولى بمقاييسنا العصرية )
كما وجدناه عليه السلام ينتهر امرأة فينيقية لأنها أرادت منه أن يُظهر لها كرامة من تلك الكرامات التى كان يخص بها بنى اسرائيل ، قائلا لها : ليس بالحسن أن يؤخذ الخبز من أبناء البيت ليُلقَى به إلى الكلاب ( وهى كذلك عبارة قد تبدو عنصرية )
وهكذا نجده عليه السلام كان ينظر إلى غير قومه نظرته إلى الخنازير أو الكلاب ويشيح بوجهه عنهم فلا يتوجه إليهم بدعوته
واستمر على تلك الحال فترة طويلة من عمر رسالته، لا يدعو فيها غير بنى اسرائيل ، على اعتبار أن غيرهم هم من المغضوب عليهم أو من الوثنيين
أما رسولنا صلى الله عليه وسلم فكان منذ مبدأ دعوته على النقيض من ذلك
وكان من أقواله صلى الله عليه وسلم :
لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى
وعلى ضوء ما سبق كله يمكن أن نفهم مغزى الحديث الشريف الذى أوردته أبا سعد
ومرة أخرى :سعيد بحواركم يا شيخ سعيد ، أسعدك الله وأقرّ عينك
 
"هذا من الأمور المشكلة والتي تجعل الثقة بكل ما هو مكتوب في ما يسمى بالكتاب المقدس محل نظر"
مفهوم المخالفة :
أن الثقة ببعض ما هو مكتوب ممكنة.
أرجو أن يكون اتضح لك المراد
***
أما بالنسبة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فعالميتها ثابتة بأكثر من نص في القرآن ثم بالنص المباشر من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
***
وأما ما ذكرتَه من نصوص على لسان المسيح يؤكد كلامي في أن الثقة بكل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس محل نظر.
***
حفظك الله ورعاك
 
جرت مذاكرة بيني وبين أخي الدكتور القدير عبدالرحمن الشهري حول موضوعات الملتقى، وكان منها هذا الموضوع (الغريب جدًا) ، فطلب مني أن أشارك فيه، وإن كنت لا أحب أن أدخل في سجال في مثل هذه الموضوعات التي لا تنتهي إلى حدٍ، وهي ـ كما يُرى ـ خرجت عن الأصل الذي سيقت من أجله .
ولم أكن أتوقع أن تأخذ مثل هذه الموضوعات مثل هذا النقاش بطوله ، وأرى أن موضوعات نفيسة لا تقع المشاركة فيها إلا قليلاً.
كما أني ما كنت أتوقع من مثل الأخ الفاضل ( العليمي ) أن يطلَّ علينا بعد غيبته بمثل هذه الغريبة التي دون تحقيقها خرط القتاد.
لا أدري عن أخينا الفاضل يوم أن حكم بأن أول آية هي ( بسم الله الرحمن الرحيم) -= لماذا تجاهل الاختلاف في العدِّ؛ إذ إن العد الآخر لا يجعل البسملة آية ، وإنما تبدأ سورة الفاتحة بقوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين )، أم إن الاختلاف في العد لا عبرة له بإثبات الإعجاز؟!
ثم هل كانت لغة المسيح عليه الصلاة والسلام هي ( اليونانية) ، وان الله تكلم بوحيه بالإنجيل إلى عيسى باليونانية؟!
وهل يستطيع أن يجزم بأن ما بدأ به سفر التكوين هو من وحي الله الذي تكلم به، كما نثبت أن ( الحمد لله رب العالمين ) من وحي الله؟!
وإني أذكر إخواني ـ خصوصًا الذين يطربون للإعجازات الجديدة ـ أن يتقوا الله ، وأن يتمثلوا هذه الآية : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )(الأعراف: 33 ).
 
أخي العليمي :

ليس اعتراضى على الاستشهاد بكتب العهديين القديم والجديد لاثبات اعجاز القران وانه مهيمن على باقى الكتب ولكن هذا ليس اعتراض بل انه اعتراض تذكير فقط وتذكيرك بالوعد التي وعدته لنا من العام الماضى انك سوف تتكلم عن تلك الحروف وتبين ما بها من اعجاز قرانى مبهر ولم تفعل ما وعدتنا به فقلت لك حسبنا كتاب الله حتى تفهم قصدى و تذكيرك بالوعد فقط وليس المانع بعد ذلك الاتيان بالاستشهاد بتلك الكتب الاخرى السماوية والمقارنة بينهما وبين القران الكريم ولكن الاولى كما وعدتنا كتاب الله وسنه نبينا ثم العمل بعد ذلك المقارنة بين القران وتلك الكتب السماوية
 
الإخوة الكرام...عندما يقوم الباحث ببحث فلا ينبغي الجزم والقطع، إلا إذا وظّف نصوصا قطعيّة الدّلالة...
ولذا أفضل ترك البحث للمناقشة البناءة التي تعتمد على البحث والتقصي من أجل الوصول إلى نتيجة مرضية
فالإجتهاد يبقى مفتوحا...
 
عودة
أعلى