من دقائق كلام أهل العلم في تفسيرهم لبعض آي القرآن :

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
قوله تعالى : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده )
روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أي ( بأمره ) .
قال محمد حسن حسن جبل رحمه الله : وهذا يكاد يكون هو ماقصدناه بقولنا إن القوة والتمكين لازمان لمعنى الحمد .
وقول قتادة ( بمعرفته وطاعته ) غريب ، فإن معنى المعرفة هنا بعيد عن معنى اللفظ ، والطاعة إنما هي من طرفهم ، ويغني عنها ( تستجيبون ) .
وارتضى الطبري أن معناه ( فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته ودعاءه إياكم ، ولله الحمد في كل حال ) وكأنه - بعد أن ذكر القدرة وهو الدقيق هنا ، ويلتقي مع قول ابن عباس - تذكر المعنى المشهور للحمد فقال ولله الحمد في كل حال . وقد رد ابن عطية التفسيرين بناء على أن لفظ الآية لا يعطيهما ، وأن جميع ذلك بأمر ، فكأنه حمل كلمة ( بأمره ) في كلام ابن عباس على الإرادة العامة لا على ( القضاء بكن ) الذي نحمل نحن لفظ ابن عباس عليه ، ثم هو فسر ( بحمده ) بالمعنى المشهور للحمد كما قال ابن جبير . وفسر الزمخشري اللفظ بالمعنى المشهور لكنه قال إنه مبالغة في انقيادهم للبعث . فاستعمل لفظ الانقياد الذي هو الطاعة ، وسياق كلامه يقضي أنه يفسر به الاستجابة .
والخلاصة أني أرى أن معنى ( بحمده ) هو بأمره وقدرته وعظمته .
وقد أحس الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى :( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ) بالقلق في مناسبة الحمد ( أي بمعناه المشهور وهو الثناء ) لنفي الولد والشريك والذل ، لكنه تخلص بأن لواها إلى أن هذا هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة .
وهناك كثير من الآيات التي لا يسوغ تفسير الحمد فيها إلا بالتعظيم مثل ( النحل ٧٥ ، النمل ٩٣ ، العنكبوت ٦٣ ، سبأ ١ ، الزمر ٢٩ ) بل وكل (تسبيح بحمد الله ).
انتهى كلام محمد حسن حسن جبل الذي نقلته بتصرف يسير .
ويرجع إلى باقي كلامه في كتابه المعجم الإشتقاقي المجلد الأول من الصفحة ٤٩٨ إلى الصفحة ٥٠٧ ففيه من الفوائد ما يجلي معنى الحمد المذكور في مواضع من القرآن .
 
(بحمده) سمى سبحانه ما يستحق لأجله الحمد حمدا وجعله سبب الاستجابة للدلالة على حسن ذلك منه وبلوغ حكمته في خلقه من وقوع الحساب والعقاب..
فناسب أن يكون ذلك حمدا في المالكية الآخرة كما ناسب في الربوبية الأولية والرحمانية والرحيمية
فله الحمد في جميعها
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين
وقد جرت نعوتا للفظ الجلالة وحكمها الثناء بها عليه وعلاقتها بالحمد علاقة عطف
فكأن الآيات
الحمد لله رب العالمين
والحمد لله الرحمن الرحيم
والحمد لله مالك يوم الدين
وهذا أجمع وأكمل معنى وثناء..

والله أعلم
 
دل على العطف المعنوي أمران من السياق:
الأول النعت بها بعد لام الاستحقاق
الثاني: الفصل بينها بالوقف
وصرح حديث الفاتحة على تكرار معنى الحمد في ثلاثتها:
حمدني عبدي
أثنى علي عبدي
مجدني عبدي
والله أعلم
 
قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } * { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }

يقول تعالى ذكره: ثم سار طرقاً ومنازل، وسلك سبلاً { حَتَـى إذَا بَلَغَ بـينَ السَّدَّيْنِ }.

واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة وبعض الكوفـيـين: «حَتَـى إذَا بَلَغَ بـينَ السَّدَّيْنِ» بضمّ السين وكذلك جميع ما فـي القرآن من ذلك بضم السين. وكان بعض قرّاء الـمكيـين يقرؤه بفتـح ذلك كله. وكان أبو عمرو بن العلاء يفتـح السين فـي هذه السورة، ويضمّ السين فـي يس، ويقول: السدَّ بـالفتـح: هو الـحاجز بـينك وبـين الشيء والسدُّ بـالضم: ما كان من غشاوة فـي العين. وأما الكوفـيون فإن قراءة عامتهم فـي جميع القرآن بفتـح السين غير قوله: { حَتَـى إذَا بَلَغَ بـينَ السَّدَّيْنِ } فإنهم ضموا السين فـي ذلك خاصة. وروي عن عكرمة فـي ذلك ما:
حدثنا به أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن أيوب، عن عكرمة قال: ما كان من صنعة بنـي آدم فهو السَّدّ، يعنـي بـالفتـح، وما كان من صنع الله فهو السدّ. وكان الكسائي يقول: هما لغتان بـمعنى واحد.

والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرأة الأمصار، ولغتان متفقتا الـمعنى غير مختلفة، فبأيتهما قرأ القاريء فمصيب، ولا معنى للفرق الذي ذكر عن أبـي عمرو بن العلاء، وعكرمة بـين السُّد والسَّد، لأنا لـم نـجد لذلك شاهداً يبـين عن فرقان ما بـين ذلك علـى ما حكي عنهما. ومـما يبـين ذلك أن جمع أهل التأويـل الذي رُوي لنا عنهم فـي ذلك قول، لـم يحك لنا عن أحد منهم تفصيـل بـين فتـح ذلك وضمه، ولو كان مختلفـي الـمعنى لنقل الفصل مع التأويـل إن شاء الله، ولكن معنى ذلك كان عندهم غير مفترق، فـيفسر الـحرف بغير تفصيـل منهم بـين ذلك. وأما ما ذُكر عن عكرمة فـي ذلك، فإن الذي نقل ذلك عن أيوب وهارون، وفـي نقله نظر، ولا نعرف ذلك عن أيوب من رواية ثقات أصحابه. والسَّد والسُّد جميعا: الـحاجز بـين الشيئين، وهما ههنا فـيـما ذُكر جبلان سدّ ما بـينهما، فردم ذو القرنـين حاجزا بـين يأجوج ومأجوج ومن وراءهم، لـيقطع مادّ غوائلهم وعيثهم عنهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.

 
وفي تفسيره لقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا )
قال الألوسي رحمه الله :
والهمزة للتعجيب من حال ذلك الكافر والإيذان بأنها من الغرابة والشناعة بحيث يجب أن ترى ويقضى منها العجب، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا الباهرة التي حقها أن يؤمن بها كل من وقف عليها.

{ وَقَالَ } مستهزأ بها مصدراً كلامه باليمين الفاجرة والله { لأُوتَيَنَّ } في الآخرة واردة في الدنيا كما حكاه الطبرسي عن بعضهم تأباه الأخبار الصحيحة إلا أن يحمل الإيتاء على ما قيل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة أي لأوتين إيتاء مستمراً { مَالاً وَوَلَدًا } والمراد انظر إليه فتعجب من حالته البديعة وجرأته الشنيعة، وقيل: إن الرؤية مجاز عن الإخبار من إطلاق السبب وإرادة المسبب، والاستفهام مجاز عن الأمر به لأن المقصود من نحو قولك: ما فعلت أخبرني فهو إنشاء تجوز به عن إنشاء آخر والفاء على أصلها. والمعنى أخبر بقصة هذا الكافر عقيب حديث أولئك الذين قالوا:
{ أَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً }
وقيل: عقيب حديث من قال:
{ أَءِذَا مَا مِتُّ }
وما قدمنا في معنى الآية هو الأظهر واختاره العلامة أبو السعود. وتعقب الثاني بقوله: أنت خبير بأن المشهور استعمال أرأيت في معنى أخبرني بطريق الاستفهام جارياً على أصله أو مخرجاً إلى ما يناسبه من المعاني لا بطريق الأمر بالإخبار لغيره وإرادة أخبرني هنا مما لا يكاد يصح كما لا يخفى. وقيل: المراد لأوتين في الدنيا ويأباه سبب النزول، قال العلامة: إلا أن يحمل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة فحينئذٍ ينطبق على ذلك.
 
{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

هي جملة معطوفة على الجمل قبلها بأسلوب واحد، وإسناد القول إلى ضمير المخاطبين جار على ما تقدم في نظائره وما تضمنته الجمل قبلها هو من تعداد النعم عليهم محضة أو مخلوطة بسوء شكرهم وبترتب النعمة على ذلك الصنيع بالعفو ونحوه كما تقدم، فالظاهر أن يكون مضمون هذه الجملة نعمة أيضاً.

وللمفسرين حيرة في الإشارة إليها فيؤخذ من كلام الفخر أن قوله تعالى: { اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم } هو كالإجابة لما طلبوه يعني والإجابة إنعام ولو كان معلقاً على دخول قرية من القرى، ولا يخفى أنه بعيد جداً لأن إعطاءهم ما سألوه لم يثبت وقوعه. ويؤخذ من كلام المفسرين الذي صدر الفخر بنقله ووجهه عبد الحكيم أن سؤالهم تعويض المن والسلوى بالبقل ونحوه معصية لما فيه من كراهة النعمة التي أنعم الله بها عليهم إذ عبروا عن تناولها بالصبر ـــ والصبر هو حمل النفس على الأمر المكروه ـــ ويدل لذلك أنه أنكر عليهم بقوله: { أتستبدلون الذي هو أدنى } فيكون محل النعمة هو الصفح عن هذا الذنب والتنازع معهم إلى الإجابة بقوله: { اهبطوا } ولا يخفى أن هذا بعيد إذ ليس في قوله { اهبطوا } إنعام عليهم ولا في سؤالهم ما يدل على أنهم عصوا لأن طلب الانتقال من نعمة لغيرها لغرض معروف لا يعد معصية كما بينه الفخر.

فالذي عندي في تفسير الآية أنها انتقال من تعداد النعم المعقبة بنعم أخرى إلى بيان سوى اختيارهم في شهواتهم والاختيار دليل عقل اللبيب، وإن كان يختار مباحاً، مع ما في صيغة طلبهم من الجفاء وقلة الأدب مع الرسول ومع المنعم إذ قالوا: { لن نصبر } فعبروا عن تناول المن والسلوى بالصبر المستلزم الكراهية وأتوا بما دل عليه (لن) في حكاية كلامهم من أنهم لا يتناولون المن والسلوى من الآن فإن (لن) تدل على استغراق النفي لأزمنة فعل { نصبر } من أولها إلى آخرها وهو معنى التأبيد وفي ذلك إلجاء لموسى أن يبادر بالسؤال يظنون أنهم أيأسوه من قبول المن والسلوى بعد ذلك الحين فكان جواب الله لهم في هذه الطلبة أن قطع عنايته بهم وأهملهم ووكلهم إلى نفوسهم ولم يُرهم ما عودهم من إنزال الطعام وتفجير العيون بعد فلق البحر وتظليل الغمام بل قال لهم: { اهبطوا مصراً } فأمرهم بالسعي لأنفسهم وكفى بذلك تأديباً وتوبيخاً.​
 
جاء في الظلال :
الدرس الخامس: 53 البحار والأنهار والمياه وبعد هذه اللفتة يعود إلى مشاهد الكون , فيعقب على مشهد الرياح المبشرة والماء الطهور , بمشهد البحار العذبة والملحة وما بينهما من حجاز: ( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات , وهذا ملح أجاج ; وجعل بينهما برزخا , وحجرا محجورا).. وهو الذي ترك البحرين , الفرات العذب والملح المر , يجريان ويلتقيان , فلا يختلطان ولا يمتزجان ; إنما يكون بينهما برزخ وحاجز من طبيعتهما التي فطرها الله.
فمجاري الأنهار غالبا أعلى من سطح البحر , ومن ثم فالنهر العذب هو الذي يصب في البحر الملح , ولا يقع العكس إلا شذوذا.
وبهذا التقدير الدقيق لا يطغى البحر
وهو أضخم وأغزر
على النهر الذي منه الحياة للناس والأنعام والنبات.
ولا يكون هذا التقدير مصادفة عابرة وهو يطرد هذا الاطراد.
إنما يتم بإرادة الخالق الذي أنشأ هذا الكون لغاية تحققها نواميسه في دقة وإحكام.
وقد روعي في نواميس هذا الكون ألا تطغى مياه المحيطات الملحة لا على الأنهار ولا على اليابسة حتى في حالات المد والجزر التي تحدث من جاذبية القمر للماء الذي على سطح الأرض , ويرتفع بها الماء ارتفاعا عظيما.
يقول صاحب كتاب: الإنسان لا يقوم وحده [ العلم يدعو إلى الإيمان ]: "يبعد القمر عنا مسافة مائتين وأربعين ألفا من الأميال , ويذكرنا المد الذي يحدث مرتين تذكيرا لطيفا بوجود القمر.
والمد الذي يحدث بالمحيط قد يرتفع إلى ستين قدما في بعض الأماكن.
بل إن قشرة الأرض تنحني مرتين نحو الخارج مسافة عدة بوصات بسبب جاذبية القمر.
ويبدو لنا كل شيء منتظما لدرجة أننا لا ندرك القوة الهائلة التي ترفع مساحة المحيط كلها عدة أقدام , وتنحني قشرة الأرض التي تبدو لنا صلبة للغاية.
"والمريخ له قمر.
قمر صغير.
لا يبعد عنه سوى ستة آلاف من الأميال.
ولو كان قمرنا يبعد عنا خمسين ألف ميل مثلا , بدلا من المسافة الشاسعة التي يبعد بها عنا فعلا , فإن المد كان يبلغ من القوة بحيث أن جميع الأراضي التي تحت منسوب الماء كانت تغمر مرتين في اليوم بماء متدفق يزيح بقوته الجبال نفسها.
وفي هذه الحالة ربما كانت لا توجد الآن قارة قد ارتفعت من الأعماق بالسرعة اللازمة , وكانت الكرة الأرضية تتحطم من هذا الاضطراب , وكان المد الذي في الهواء يحدث أعاصير كل يوم.
"وإذا فرضنا أن القارات قد اكتسحت , فإن معدل عمق الماء فوق الكرة الأرضية كلها يكون نحو ميل ونصف وعندئذ ما كانت الحياة لتوجد إلا في أعماق المحيط السحيقة على وجه الاحتمال " ولكن اليد التي تدبر هذا الكون مرجت البحرين وجعلت بينهما برزخا وحاجزا من طبيعتهما ومن طبيعة هذا الكون المتناسق الذي تجري مقاديره بيد الصانع المدبر الحكيم , هذا الجري المقدر المنسق المرسوم.
 
استدراك ابن عرفة رحمه الله على الزمخشري رحمه الله وتأدبه في بيان مناقضة الزمخشري لمذهبه الاعتزالي:
في قوله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

قال ابن عرفة: جواب الشرط مقدر، أي ارتفع حكم الإيلاء (عنهم).

قال الزمخشري: فإن قلت: العزم من أعمال القلب فكيف عقبه بالسّمع وهو من لوازم الأقوال لا الأفعال.

قال ابن عرفة: وهذا (السؤال) لا يوافق أصله فإنه يرد صفة السمع لصفة العلم فلا فرق / عنده بين السميع والعليم وأيضا فهو ينفي الكلام النفسي.

وأجاب الزمخشري: بأنّ العازم على الطلاق لا يخلو من مقاولة ودمدمة.

وأجاب ابن عرفة: بأنا (نثبت) الكلام النفسي، ويصح عندنا سماعه كما سمع موسى كلام الله القديم الأزلي، وليس بصوت ولا حرف، أو يقال: إنّ العزم على الطلاق له اعتباران:

اعتبار في نفس الأمر عند الله تعالى، واعتبار في الظاهر لنا بالحكم الشرعي من حيث يرتفع له حكم الإيلاء عن صاحبه، ويخرج عن عهدة الحكم عليه، فهو بهذا الاعتبار لا يعلم إلا بأمارة وقول يدل عليه، وذلك القول مسموع فعلق به السمع بهذا الاعتبار والعلم باعتبار الأول.
 
قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ).
قال الزمخشري رحمه الله :
فإن قلت: كيف أسند تزيين أعمالهم إلى ذاته، وقد أسنده إلى الشيطان في قوله:
{ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ }
[النمل: 24]، [العنكبوت: 38]؟ قلت: بين الإسنادين فرق، وذلك أنّ إسناده إلى الشيطان حقيقة، وإسناده إلى الله عز وجل مجاز، وله طريقان في علم البيان. أحدهما: أن يكون من المجاز الذي يسمى الاستعارة. والثاني: أن يكون من المجاز الحكميّ، فالطريق الأوّل: أنه لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق. وجعلوا إنعام الله بذلك عليهم وإحسانه إليهم ذريعة إلى اتباع شهواتهم وبطرهم وإيثارهم الروح والترفة، ونفارهم عما يلزمهم فيه التكاليف الصعبة والمشاق المتعبة، فكأنه زين لهم بذلك أعمالهم. وإليه أشارت الملائكة صلوات الله [وسلامه] عليهم في قولهم:
{ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذّكْرَ }
[الفرقان: 18] والطريق الثاني: أن إمهاله الشيطان وتخليته حتى يزين لهم ملابسة ظاهرة للتزيين، فأسند إليه لأن المجاز الحكميّ يصححه بعض الملابسات، وقيل: هي أعمال الخير التي وجب عليهم أن يعملوها: زينها لهم الله فعمهوا عنها وضلوا، وعزى إلى الحسن. والعمه: التحير والتردّد، كما يكون حال الضال عن الطريق. وعن بعض الأعراب: أنه دخل السوق وما أبصرها قط، فقال: رأيت الناس عمهين، أراد: متردّدين في أعمالهم وأشغالهم { سُوء ٱلْعَذَابِ } القتل والأسر يوم بدر. و { ٱلأَخْسَرُونَ } أشدّ الناس خسراناً؛ لأنهم لو آمنوا لكانوا من الشهداء على جميع الأمم، فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله.​
 
اخي محمد
(زينا لهم ) جزاء يقابل سوء اعمالهم وهو كفرهم بالله واليوم الاخر(لايؤمنون بالاخرة).
فما داعي المجاز

والله اعلم
 
قال تعالى : ( إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
قال الطبري رحمه الله:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا عبد الله الفزاري، عن عبد الله بن الـمبـارك، عن أبـي بكر، عن الـحسن، قال: قوله: { يا مُوسَى لا تَـخَفْ إنّـي لا يَخافُ لَدَيَّ الـمُرْسَلُونَ إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ } قال: إنـي إنـما أخفتك لقتلك النفس، قال: وقال الـحسن: كانت الأنبـياء تذنب فتعاقب.

واختلف أهل العربـية فـي وجه دخول إلا فـي هذا الـموضع، وهو استثناء مع وعد الله الغفران الـمستثنى من قوله: { إنّـي لا يَخافُ لَدَيَّ الـمُرْسَلُونَ } بقوله: { فإنِّـي غَفُورٌ رَحِيـمٌ }. وحكم الاستثناء أن يكون ما بعده بخلاف معنى ما قبله، وذلك أن يكون ما بعده إن كان ما قبله منفـياً مثبتاً كقوله: ما قام إلا زيد، فزيد مثبت له القـيام، لأنه مستثنى مـما قبل إلا، وما قبل إلا منفـيّ عنه القـيام، وأن يكون ما بعده إن كان ما قبله مثبتاً منفـياً كقولهم: قام القوم إلا زيدا فزيد منفـي عنه القـيام ومعناه: إن زيداً لـم يقم، والقوم مثبت لهم القـيام، (إلا من ظلـم، ثم بدّل حسناً بعد سوء)، فقد أمنه الله بوعده الغفران والرحمة، وأدخـله فـي عداد من لا يخاف لديه من الـمرسلـين. فقال بعض نـحويـي البصرة: أدخـلت إلا فـي هذا الـموضع، لأن إلا تدخـل فـي مثل هذا الكلام، كمثل قول العرب: ما أشتكي إلا خيراً فلـم يجعل قوله: إلا خيراً علـى الشكوى، ولكنه علـم أنه إذا قال: ما أشتكي شيئاً أن يذكر عن نفسه خيراً، كأنه قال: ما أذكر إلا خيراً.

وقال بعض نـحويـي الكوفة: يقول القائل: كيف صير خائفـاً من ظلـم، ثم بدّل حسنا بعد سوء، وهو مغفور له؟ فأقول لك: فـي هذه الآية وجهان: أحدهما أن يقول: إن الرسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القـيامة، ومن خـلط عملاًً صالـحاً وآخر سيئاً فهو يخاف ويرجو، فهذا وجه. والآخر: أن يجعل الاستثناء من الذين تركوا فـي الكلـمة، لأن الـمعنى: لا يخاف لديّ الـمرسلون، إنـما الـخوف علـى من سواهم، ثم استثنى فقال: { إلا مَنْ ظَلَـمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً } يقول: كان مشركاً، فتاب من الشرك، وعمل حسنا، فذلك مغفور له، ولـيس يخاف. قال: وقد قال بعض النـحويـين: إن إلا فـي اللغة بـمنزلة الواو، وإنـما معنى هذه الآية: لا يخاف لديّ الـمرسلون، ولا من ظلـم ثم بدّل حسناً، قال: وجعلوا مثله كقول الله:
{ لِئَلاَّ يكُونَ للنَّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجَّةٌ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ }
قال: ولـم أجد العربـية تـحتـمل ما قالوا، لأنـي لا أجيز: قام الناس إلا عبد الله، وعبد الله قائم إنـما معنى الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلا من معنى الأسماء التـي قبل إلا.
وقد أراه جائزاً أن يقول: لـي علـيك ألف سوى ألف آخر فإن وُضِعت إلا فـي هذا الـموضع صلـحت، وكانت إلا فـي تأويـل ما قالوا، فأما مـجرّدة قد استثنى قلـيـلها من كثـيرها فلا، ولكن مثله مـما يكون معنى إلا كمعنى الواو، ولـيست بها قوله:
{ خالِدِينَ فِـيها ما دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأرْضُ إلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ }
هو فـي الـمعنى. والذي شاء ربك من الزيادة، فلا تـجعل إلا بـمنزلة الواو، ولكن بـمنزلة سوى فإذا كانت «سوى» فـي موضع «إلا» صلـحت بـمعنى الواو، لأنك تقول: عندي مال كثـير سوى هذا: أي وهذا عندي، كأنك قلت: عندي مال كثـير وهذا أيضا عندي، وهو فـي سوى أبعد منه فـي إلا، لأنك تقول: عندي سوى هذا، ولا تقول: عندي إلا هذا.

قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي قوله { إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ ثُم بَدَّلَ } عندي غير ما قاله هؤلاء الذين حكيناً قولهم من أهل العربـية، بل هو القول الذي قاله الـحسن البصري وابن جُرَيج ومن قال قولهما، وهو أن قوله: { إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ } استثناء صحيح من قوله { لا يَخافُ لَدَيَّ الـمُرْسَلُونَ إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ } منهم فأتـى ذنبـا، فإنه خائف لديه من عقوبته. وقد بـين الـحسن رحمه الله معنى قـيـل الله لـموسى ذلك، وهو قوله قال: إنـي إنـما أخفتك لقتلك النفس.

فإن قال قائل: فما وجه قـيـله إن كان قوله { إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ } استثناءً صحيحاً، وخارجاً من عداد من لا يخاف لديه من الـمرسلـين، وكيف يكون خائفـا من كان قد وُعد الغفران والرحمة؟ قـيـل: إن قوله: { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنا بَعْدَ سُوءِ } كلام آخر بعد الأوّل، وقد تناهى الـخبر عن الرسل من ظلـم منهم، ومن لـم يظلـم عند قوله { إلاَّ مَنْ ظَلَـمَ } ثم ابتدأ الـخبر عمن ظلـم من الرسل، وسائر الناس غيرهم. وقـيـل: فمن ظلـم ثم بدّل حسناً بعد سوء فإنـي له غفور رحيـم.

فإن قال قائل: فعلام تعطف إن كان الأمر كما قلت بثم إن لـم يكن عطفـا علـى قوله: { ظَلَـمَ }؟ قـيـل: علـى متروك استغنـي بدلالة قوله { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ } علـيه عن إظهاره، إذ كان قد جرى قبل ذلك من الكلام نظيره، وهو: فمن ظلـم من الـخـلق. وأما الذين ذكرنا قولهم من أهل العربـية، فقد قالوا علـى مذهب العربـية، غير أنهم أغفلوا معنى الكلـمة وحملوها علـى غير وجهها من التأويـل. وإنـما ينبغي أن يحمل الكلام علـى وجهه من التأويـل، ويـلتـمس له علـى ذلك الوجه للإعراب فـي الصحة مخرج لا علـى إحالة الكلـمة عن معناها ووجهها الصحيح من التأويـل.
 
قال صاحب الظلال رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى :
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ثم يدعوهم إلى السير في الأرض , وتتبع صنع الله وآياته في الخلق والإنشاء , في الجامد والحي سواء , ليدركوا أن الذي أنشأ يعيد بلا عناء:
( قل:سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ; ثم الله ينشىء النشأة الآخرة.
إن الله على كل شيء قدير)
.. والسير في الأرض يفتح العين والقلب على المشاهد الجديدة التي لم تألفها العين ولم يملها القلب.
وهي لفتة عميقة إلى حقيقة دقيقة.
وإن الإنسان ليعيش في المكان الذي ألفه فلا يكاد ينتبه إلى شيء من مشاهده أو عجائبه ; حتى إذا سافر وتنقل وساح استيقظ حسه وقلبه إلى كل مشهد , وإلى كل مظهر في الأرض الجديدة , مما كان يمر على مثله أو أروع منه في موطنه دون التفات ولا انتباه.
وربما عاد إلى موطنه بحس جديد وروح جديد ليبحث ويتأمل ويعجب بما لم يكن يهتم به قبل سفره وغيبته.
وعادت مشاهد موطنه وعجائبها تنطق له بعد ما كان غافلا عن حديثها ; أو كانت لا تفصح له بشى ء ولا تناجيه ! فسبحان منزل هذا القرآن , الخبير بمداخل القلوب وأسرار النفوس.
( قل:سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) .. إن التعبير هنا بلفظ الماضي ( كيف بدأ الخلق)بعد الأمر بالسير في الأرض لينظروا كيف بدأ الخلق.
يثير في النفس خاطرا معينا .. ترى هنالك في الأرض ما يدل على نشأة الحياة الأولى , وكيفية بدء الخليقة فيها.
كالحفريات التي يتتبعها بعض العلماء اليوم ليعرفوا منها خط الحياة ; كيف نشأت وكيف انتشرت وكيف ارتقت
وإن كانوا لم يصلوا إلى شيء في معرفة سر الحياة:ما هي , ومن أين جاءت إلى الأرض وكيف وجد فيها أول كائن حي
ويكون ذلك توجيها من الله للبحث عن نشأة الحياة الأولى والاستدلال به عند معرفتها على النشأة الآخرة .. ويقوم بجانب هذا الخاطر خاطر آخر.
ذلك أن المخاطبين بهذه الآية أول مرة لم يكونوا مؤهلين لمثل هذا البحث العلمي الذي نشأ حديثا ; فلم يكونوا بمستطيعين يومئذ أن يصلوا من ورائه إلى الحقيقة المقصودة به
لو كان ذلك هو المقصود
فلا بد أن القرآن كان يطلب منهم أمرا آخر داخلا في مقدورهم , يحصلون منه على ما ييسر لهم تصور النشأة الآخرة.
ويكون المطلوب حينئذ أن ينظروا كيف تبدأ الحياة في النبات والحيوان والإنسان في كل مكان.
ويكون السير في الأرض كما أسلفنا لتنبيه الحواس والمشاعر برؤية المشاهد الجديدة , ودعوتها إلى التأمل والتدبر في آثار قدرة الله على إنشاء الحياة التي تبرز في كل لحظة من لحظات الليل والنهار.
وهناك احتمال أهم يتمشى مع طبيعة هذ القرآن ; وهو أنه يوجه توجيهاته التي تناسب حياة الناس في أجيالهم جميعا , ومستوياتهم جميعا , وملابسات حياتهم جميعا , ووسائلهم جميعا.
ليأخذ كل منها بما تؤهله له ظروف حياته ومقدراته.
ويبقى فيها امتداد يصلح لقيادة الحياة ونموها أبدا.
ومن ثم لا يكون هناك تعارض بين الخاطرين.
هذا أقرب وأولى.
( إن الله على كل شيء قدير) .. يبدأ الحياة ويعيدها بهذه القدرة المطلقة التي لا تتقيد بتصورات البشر القاصرة , وما يحسبونه قوانين يقيسون عليها الممكن وغير الممكن , بما يعرفونه من تجاربهم المحدودة !
 
وجاء في مفاتيح الغيب:
وفي الأعراف والعنكبوت: {فأخذتهم الرجفة} وقال في هود: {فأخذتهم الصيحة} (الحجر: 73) والحكاية واحدة، نقول لا تعارض بينهما فإن الصيحة كانت سببا للرجفة، إما لرجفة الأرض إذ قيل إن جبريل صاح فتزلزلت الأرض من صيحته، وإما لرجفة الأفئدة فإن قلوبهم ارتجفت منها، والإضافة إلى السبب لا تنافي الإضافة إلى سبب السبب، إذ يصح أن يقال روي فقوي، وأن يقال شرب فقوي في صورة واحدة.
المسألة الثالثة: حيث قال: {فأخذتهم الصيحة} قال: {فى ديارهم} وحيث قال: {فأخذتهم الرجفة} قال: {في دارهم} فنقول المراد من الدار هو الديار، والإضافة إلى الجمع يجوز أن تكون بلفظ الجمع، وأن تكون بلفظ الواحد إذا أمن الالتباس، وإنما اختلف اللفظ للطيفة، وهي أن الرجفة هائلة في نفسها فلم يحتج إلى مهول، وأما الصيحة فغير هائلة في نفسها لكن تلك الصيحة لما كانت عظيمة حتى أحدثت الزلزلة في الأرض ذكر الديار بلفظ الجمع، حتى تعلم هيبتها والرجفة بمعنى الزلزلة عظيمة عند كل أحد فلم يحتج إلى معظم لأمرها، وقيل إن الصيحة كانت أعم حيث عمت الأرض والجو، والزلزلة لم تكن إلا في الأرض فذكر الديار هناك غير أن هذا ضعيف لأن الدار والديار موضع الجثوم لا موضع الصيحة والرجفة، فهم ما أصبحوا جاثمين إلا في ديارهم.
 
قول الرازي رحمه الله تعالى أن الرجفة بسبب الصيحة فيه نظر لقوله تعالى ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ) (سورة الأَعراف )
الرجفة عذاب يختلف عن الصيحة عملا بقاعدة التأسيس اولى من التوكيد.

والله تعالى أعلم بالصواب
 
معنى الرجفة كما ذكره ابن فارس رحمه الله تعالى (أصل يدل على إضطراب )انتهى. سواء كان الاضطراب بمؤثر خارجي (الزلزلة) ، أو داخلي كاضطراب القلب .
فالتاسيس قائم ومقدم في ظني على غيره ، فالرجفة عذاب إضطرابي شديد ، قد تفوق شدته الصيحه.. لماذا ؟

كان عذاب الرجفة يخص فرق معينة تصدرت في إرتكاب الاعمال الشنيعة .

1- الرجفة لحقت بالذين عقروا الناقة في بيوتهم (دارهم )
قوله تعالى ( قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) ) (سورة الأَعراف ).

2- وقوم شعيب عليه السلام أصابت الرجفة -الملأ - منهم وهم أشرافهم وخاصتهم .
قوله تعالى (وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) (سورة الأَعراف ).

3-موسى عليه السلام وقصة قومه في عبادة العجل فكانوا بين ساكت عن الحق ، وعابد للعجل.
قوله تعالى (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ )

ختاما ..

أخي محمد .. تثبيت الاصل الاضطرابي لمفردة الرجفة ، وأنها عذاب قائم بنفسه ، وليست نتاجا للصيحة، يريح مثلا من محاولة الرازي رحمه الله إيجاد الفرق بين دارهم وديارهم ..
- فدارهم والرجفة خصت جماعة منهم معينة ( شملت المستحق لهذا العذاب ، كل في داره)
- ديارهم (الصيحة ) للمبالغة شملت الباقين منهم (شملت كل الدور وتجماعتهم السهليه التي تحيط بها الجبال)
فذكر الرجفة في قوم موسى عليه السلام ولا ذكر للصيحة ، دل ذلك على أنه عذاب قائم بنفسه ، وغير متوقف على وجود الصيحة .


والله أعلم بالصواب
 
نعم أخي محمد ..
هي زلزلة العذاب ، وإضطراب شديد يصيب جسم الهالك ، ولكن ما أحاول أن أؤكده ، أن مابين الرجفة والملك الذي يحدثها بأمر الله تعالى لانشترط مسبب لها (كالصيحة ) كما في موضوعنا هذا ، لانها عذاب أليم قائم بذاته (نسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية ).

وسوف أحاول قريبا (إن شاء الله تعالى ) بيان كيفيه الطريقة التي تقتل بها الصيحة ومفارقتها للرجفة من هذه الجهة ، والله المستعان .

لك مني جزيل الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
صيحة العذاب (والعياذ بالله ) تهلك بأمر، تصورته إجتهادا كالتالي- والعلم عند الله ..

تولد صيحة الملك ، موجة صدمية هائلة ،وضغط هواء مرتفع ، فيدخل غاز النيتروجين الي الجسم كسائل ، مع رجوع عكسي سريع للضغط الجوي الطبيعي، يرجع النيتروجين لوضعه الطبيعي الغازي وهذه الطاقة الكبيره والرجوع المفاجيء يؤدي، الي نزيف شامل في الجسم (فقاقيع )وتفكك لجميع الاجهزة الداخلية (قانون هنري ).

الدليل ( دلائل الاعجاز)

- قوله تعالى
( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) ) (سورة الفجر 13) ، فالسوط يصدر صوتا ، سببه إختراق حاجز الصوت ، وينتج عن ذلك صدمه موجيه (يتغير فيها الضغط ) وإن كانت صغيرة ،في سورة الفجر ، سوط واحد ولكن تغير نوع العذاب ، فريح لعاد ، والصيحة لثمود وغرق لفرعون وجنده .

- قوله تعالى ( وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) ) (سورة ص 15) ، الفواق : مابين الحلبتين ، مالها من فواق ، الحلبة الاولى ، فيها عصر للضرع مره لإخراج اللبن ، ثم تحرير اليد للمعاوده .
ضغط ، ثم تحرير ، فتأمل هذا بجانب آية السوط .

والله تعالى أعلم
 
وجاء في الدر المصون :
{
وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله: { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }: في " أَهْوَن " قولان، أحدهما: أنها للتفضيل على بابِها. وعلى هذا يُقال: كيف يُتَصَوَّرُ التفضيلُ، والإِعادةُ والبُداءة بالنسبةِ إلى اللَّهِ تعالى على حدٍّ سواء؟ في ذلك أجوبة، أحدها: أنَّ ذلك بالنسبةِ إلى اعتقاد البشرِ باعتبارِ المشاهَدَة: مِنْ أنَّ إعادَة الشيءِ أهونُ من اختراعِه لاحتياجِ الابتداءِ إلى إعمالِ فكر غالباً، وإن كان هذا منتفياً عن الباري سبحانَه وتعالى فخوطبوا بحسَبِ ما أَلِفوه.

الثاني: أنَّ الضميرَ في " عليه " ليس عائداً على الله تعالى، إنما يعودُ على الخَلْقِ أي: والعَوْدُ أهونُ على الخَلْقِ أي أسرعُ؛ لأن البُداءةَ فيها تدريجٌ مِنْ طَوْرٍ إلى طَوْر، إلى أنْ صار إنساناً، وَالإِعادةُ لا تحتاجُ إلى هذه التدريجاتِ فكأنه قيل: وهو أقصرُ عليه وأَيْسَرُ وأقلُّ انتقالاً.

الثالث: أنَّ الضميرَ في " عليه " يعودُ على المخلوق، بمعنى: والإِعادةُ أهونُ على المخلوقِ أي إعادتُه شيئاً بعدما أَنْشأه، هذا في عُرْفِ المخلوقين، فكيف يُنْكِرون ذلك في جانب اللَّهِ تعالى؟

والثاني: أنَّ " أهونُ " ليسَتْ للتفضيل، بل هي صفةٌ بمعنى هَيِّن، كقولهم: اللَّهُ أكبرُ [أي]: الكبير. والظاهرُ عَوْدُ الضمير في " عليه " على الباري تعالى ليُوافِقَ الضميرَ في قوله: { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ }. قال الزمخشري: " فإن قلتَ: لِمَ أُخِّرَتِ الصلةُ في قوله { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقُدِّمَتْ في قولِه { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
قلت: هنالك قُصِدَ الاختصاصُ، وهو مَحَزُّه فقيلِ: هو عليَّ هيِّنٌ وإن كان مُسْتَصعباً عندك أن يُوْلَدَ بين هِمٍّ وعاقِر، وأمَّا هنا فلا معنى للاختصاص. كيف والأمرُ مبنيٌّ على ما يعقلون من أنَّ الإِعادةَ أسهلُ من الابتداء؟ فلو قُدِّمَت الصلة لَتَغيَّر المعنى ". قال الشيخ: " ومبنى كلامِه على أنَّ التقديمَ يُفيد الاختصاصَ وقد تكلَّمْنا معه ولم نُسَلِّمه ". قلت: الصحيحُ أنه يُفيده، وقد تقدَّم جميعُ ذلك.

قوله: { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } يجوز أَنْ يكونَ مرتبطاً بما قبلَه، وهو قولُه: { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي: قد ضَرَبه لكم مَثَلاً فيما يَسْهُل وفيما يَصْعُبُ. وإليه نحا الزجَّاج أو بما بعدَه مِنْ قولِه: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ }[الروم: 28]
وقيل: المَثَلُ: الوصفُ. " وفي السماوات " يجوز أَنْ يتعلَّق بالأَعْلى أي: إنه علا في هاتين الجهتين، ويجوز أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِن الأعلى، أو مِن المَثَل، أو مِن الضمير في " الأَعْلى " فإنه يعودُ على المَثَل.
 
جاء في الدر المصون:
{ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ }

قوله: { مِّن قَبْلِهِ }: فيه وجهان، أحدهما: أنه تكريرٌ لـ " مِنْ قَبلِ " الأولى على سبيلِ التوكيد. والثاني: أَنْ يكونَ غيرَ مكررٍ. وذلك أن يُجعلَ الضميرُ في " قَبْله " للسحاب. وجاز ذلك لأنه اسمُ جنسٍ يجوز تذكيرُه وتأنيثُه، أو للريح، فتتعلَّقُ " مِنْ " الثانيةُ بـ " يُنَزَّل ". وقيل: يجوزُ عَوْدُ الضمير على " كِسَفا " كذا أطلق أبو البقاء. والشيخ قَيَّده بقراءةِ مَنْ سَكَّن السين. وقد تقدَّمَتْ قراءاتُ " كِسَفاً " في " سبحان ". وللناس في هذا الموضعِ كلامٌ كثيرٌ رأيتُ ذِكْرَه لتوضيحِ معناه.

وقد أبْدى كلٌّ من الشيخَيْن: الزمخشريِّ وابنِ عطية فائدةَ التأكيدِ المذكور. فقال ابن عطية: " أفادَ الإِعلامَ بسرعةِ تَقَلُّب قلوبِ البشر من الإِبلاسِ إلى الاستبشار؛ وذلك أن قولَه { مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } يحتملُ الفُسْحَةَ في الزمانِ، أي: من قبلِ أَنْ يُنَزِّل بكثيرٍ كالأيَّامِ ونحوِه فجاء " مِنْ قبله " ، بمعنى أنَّ ذلك متصلٌ بالمطر فهو تأكيدٌ مفيدٌ ".

وقال الزمخشري: " ومعنى التوكيد فيه الدلالةُ على أن عَهْدَهم بالمطرِ قد بَعُدَ فاسْتحكم يَأْسُهم وتمادَى إبْلاسُهم، فكان استبشارُهم على قَدْرِ اغتمامهم بذلك ". وهو كلامٌ حسنٌ.

إلاَّ أنَّ الشيخَ لم يَرْتَضِه منهما فقال: " ما ذكراه من فائدةِ التأكيدِ غيرُ ظاهرٍ، وإنما هو لمجرَّدِ التوكيد ويُفيد رَفْعَ المجازِ فقط ". انتهى. ولا أدري عدمُ الظهورِ لماذا؟ وقال قطرب: " وإن كانوا مِنْ قبلِ التنزيل مِنْ قبل المطَر. وقيل: التقديرُ مِنْ قبلِ إنزالِ المطرِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَزْرعوا. ودَلَّ المطرُ على الزرع؛ لأنه يَخْرج بسببِ المطر. ودلَّ على ذلك قولُه " فَرَأَوْه مُصْفَرَّاً " يعني الزرعَ؛ قال الشيخ: " وهذا لا يَسْتقيم؛ لأنَّ { مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ } متعلِّقٌ بـ " مُبْلِسِيْن " ولا يمكن مِنْ قَبْل الزَّرْع أَنْ يتعلَّقَ بمُبْلِسين؛ لأنَّ حرفَيْ جرّ لا يتعلَّقان بعاملٍ واحدٍ إلاَّ بوساطةِ حرفِ العطف أو البدلِ، وليس هنا عطفٌ والبدلُ لا يَجوز؛ إذ إنزالُ الغيثِ ليس هو الزرعَ ولا الزرعُ بعضَه. وقد يُتَخَيَّلُ فيه بدلُ الاشتمالِ بتكلُّفٍ: إمَّا لاشتمالِ الإِنزالِ على الزَّرْع، بمعنى: أنَّ الزرعَ يكون ناشِئاً عن الإِنزال، فكأن الإِنزالَ مُشْتملٌ عليه. وهذا على مذهبِ مَنْ يقول: الأولُ مشتملٌ على الثاني ".

وقال المبردُ: " الثاني السحابُ؛ لأنهم لَمَّا رَأَوْا السحابَ كانوا راجين المطرَ " انتهى. يريد مِنْ قبل رؤيةِ السحاب. ويحتاج أيضاً إلى حَرْفِ عطفٍ ليصِحَّ تعلُّقُ الحرفين بـ " مُبْلِسين ". وقال الرمَّاني: " من قبلِ الإِرسال ". والكرماني: " من قَبْلِ الاستبشارِ؛ لأنه قَرَنه بالإِبلاس، ولأنه مَنَّ عليهم بالاستبشار ". ويحتاج قولُهما إلى حرفِ العطفِ لِما تقدَّم، وادِّعاءُ حرفِ العطفِ ليس بالسهلِ؛ فإنَّ فيه خلافاً: بعضُهم يَقيسُه، وبعضُهم لا يقيسه. هذا كلُّهُ في المفردات. أمَّا إذا كان في الجمل فلا خلافَ في اقتياسِه.​
 
0.قوله تعالى ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53 ) (سورة الروم )

اخي محمد
السلام عليكم ورحمة الله

قبل (ظرف زمان ) ، والتأسيس قائم من هذه الجهة ، الضمائر في الاية 49 موحدة وترجع لشيء واحد وهي حالتهم قبل نزول المطر أوالغيث ، أما الإحالة الزمانية فلا ، ترجع لإزمنة مختلفة ...

الشرح

قبل الاولى :تحيل الزمن وحالتهم إلي ماقبل نزول الغيث الاية 48
قبل الثانية : تذهب بالزمن الي ماقبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والاية47

فالتكرار مرتين لقبل يرجعك كذلك مرتين للوراء في الماضي ، وهذا الرجوع الزمني صير الإبلاس بوجهين، وجه العطش والحاجة للماء ، ووجه الإبلاس الضلالي وحاجتهم للهدى والإرشاد . [والبعد التمثيلي التصويري (بين الوجه الاول والثاني) نستفيده من سياق الايات السابقة واللاحقة].

ونستفيده كذلك من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري
مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللهُ به من الهُدَى والعِلْمِ، كمَثَلِ الغيثِ الكثيرِ أصاب أرضًا، فكان منها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأَنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكثيرَ، وكانت منها أجادِبُ، أَمْسَكَتِ الماءَ .. تمام الحديث هنا


والله أعلم
 
قال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآ أُوْلَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ لَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
قال السمين الحلبي رحمه الله:
قوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ }: " مَنْ " استفهامٌ في محلِّ رفعٍ بالابتداء، و " أظلمُ " أفعلُ تفضيلٍ خبرُه، ومعنى الاستفهامِ هنا النفيُ، أي: لا أحدَ أظلمُ منه، ولمَّا كان المعنى على ذلك أَوْرَدَ بعضُ الناس سؤالاً: وهو أنَّ هذه الصيغةَ قد تكرَّرتْ في القرآن:
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ }
[الأنعام: 21]
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ }
[السجدة: 22]
{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ }
[الزمر: 32] وكلُّّ واحدةٍ منها تقتضي أنَّ المذكورَ فيها لا يكونُ أحدٌ أظلمَ منه، فكيف يُوصفُ غيرُه بذلك؟ وفي ذلك ثلاثةُ أجوبةٍ، أحدُها: - ذكره هذا السائلُ - وهو أَنْ يُخَصَّ كلُّ واحدٍ بمعنى صلته كأنه قال: لا أحدَ من المانعين أظلمُ مِمَّنْ مَنَعَ مساجدَ الله، ولا أحدَ من المفترين أظلمُ مِمَّن افترى على الله، ولا أحدَ من الكذَّابين أظلمُ مِمَّن كَذَب على الله، وكذلك ما جاءَ منه. الثاني: أن التخصيصَ يكونُ بالنسبةِ إلى السَّبْقِ، لمَّا لم يُسْبَقْ أحدٌ إلى مثلِه حَكَم عليهم بأنَّهم أظلمُ مِمَّن جاء بعدَهم سالكاً طريقتَهم في ذلك، وهذا يُؤُول معناه إلى السَّبْقِ في المانعيَّةِ والافترائيِّةِ ونحوِهما. الثالث: أنَّ هذا نَفْيٌ للأظلميَّة، ونفيُ الأظلميَّةِ لا يَسْتَدْعي نفيَ الظالميةِ، لأنَّ نَفْيَ المقيدِ لا يَدُلُّ على نفيِ المطلقِ، وإذا لم يَدُلَّ على نَفْيِ الظالميةِ لم يكن مناقِضاً لأنَّ فيها إثباتَ التسوية في الأظلميةِ، وإذا ثَبَتَتْ التسويةُ في الأظلميةِ لم يكنْ أحدٌ مِمَّن وُصِف بذلك يزيدُ على الآخر لأنهم / متساوون في ذلك وصار المعنى: ولا أحدَ أظلمُ مِمَّن مَنَع ومِمَّن افترى وممَّن ذُكِّر، ولا إشكالَ في تساوي هؤلاء في الأظلميَّة، ولا يَدُل ذلك على أنَّ أحد هؤلاء يزيدُ على الآخرِ في الظلم، كما أنَّك إذا قلتَ: " لا أحدَ أفقهُ من زيدٍ وبكرٍ وخالدٍ " لا يَدُلُّ على أن أحدَهم أفقهُ من الآخر، بل نَفَيْتَ أن يكونَ أحدٌ أفقهَ منهم، لا يُقال: إنَّ مَنْ مَنَع مساجدَ اللهِ وسَعَى في خرابِها ولم يَفْتَرِ على الله كذباً أقلُّ ظلماً مِمَّنْ جَمَعَ بين هذه الأشياء فلا يكونون متساوين في الأظلميةِ؛ لأنَّ هذه الآياتِ كلَّها في الكفار وهم متساوُون في الأظلميَّة وإن كان طُرُقُ الأظلميةِ مختلفةً.​
 
قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
قال جمال الدين القاسمي رحمه الله :
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي: قادة بالخير يدعون الخلق إلى أمرنا وشرعنا { لَمَّا صَبَرُواْ } أي: على العمل به والاعتصام بأوامره { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } أي: يصدقون أشد التصديق وأبلغه. والمعنى: كذلك لنجعلن الكتاب الذي آتيناكه، هدى لأمتك، ولنجعلن منهم أئمة يهدون مثل تلك الهداية. ويؤخذ من فحوى الآية، أن بني إسرائيل لما نبذوا الاعتصام بالكتاب، ونبذوا الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفقدوا الاستيقان بحقيّة الإيمان، فغيروا وبدلوا، سلبوا ذلك المقام، وأَدال عليهم انتقاما منهم. وتلك سنته تعالى:
{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
[الرعد: 11] ففي طيّ هذا الترغيب، ترهيب وأي ترهيب.
 
قال تعالى : {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}
قال صاحب الظلال:
الدرس الثاني: إبطال التبني، ثم يجيء الحديث عن حادث زواج النبي صلى الله عليه و سلم من زينب بنت جحش , وما سبقه وما تلاه من أحكام وتوجيهات: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه:أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه ; وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه.
فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا.
وكان أمر الله مفعولا.
ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له.
سنة الله في الذين خلوا من قبل.
وكان أمر الله قدرا مقدورا.
الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله.
وكفى بالله حسيبا.
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم , ولكن رسول الله وخاتم النبيين , وكان الله بكل شيء عليما .. مضى في أول السورة إبطال تقليد التبني ; ورد الأدعياء إلى آبائهم , وإقامة العلاقات العائلية على أساسها الطبيعي: وما جعل أدعياءكم أبناءكم.
ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله.
فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم.
وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم , وكان الله غفورا رحيما .. .. ولكن نظام التبني كانت له آثار واقعية في حياة الجماعة العربية ; ولم يكن إبطال هذه الآثار الواقعية في حياة المجتمع ليمضي بالسهولة التي يمضي بها إبطال تقليد التبني ذاته.
فالتقاليد الاجتماعية أعمق أثرا في النفوس.
ولا بد من سوابق عملية مضادة.
ولا بد أن تستقبل هذه السوابق أول أمرها بالاستنكار ; وأن تكون شديدة الوقع على الكثيرين.
وقد مضى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم زوج زيد بن حارثة
الذي كان متبناه , وكان يدعى زيد ابن محمد ثم دعى إلى أبيه
من زينب بنت جحش , ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحطم بهذا الزواج فوارق الطبقات الموروثة , ويحقق معنى قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)ويقرر هذه القيمة الإسلامية الجديدة بفعل عملي واقعي.
ثم شاء الله أن يحمل نبيه بعد ذلك
فيما يحمل من أعباء الرسالة
مؤنة إزالة آثار نظام التبني ; فيتزوج من مطلقة متبناه زيد بن حارثة.
ويواجه المجتمع بهذا العمل , الذي لا يستطيع أحد أن يواجه المجتمع به , على الرغم من إبطال عادة التبني في ذاتها ! وألهم الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن زيدا سيطلق زينب ; وأنه هو سيتزوجها , للحكمة التي قضى الله بها.
وكانت العلاقات بين زيد وزينب قد اضطربت , وعادت توحي بأن حياتهما لن تستقيم طويلا.
وجاء زيد مرة بعد مرة يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم اضطراب حياته مع زينب ; وعدم استطاعته المضي معها.
والرسول صلوات الله وسلامه عليه على شجاعته في مواجهة قومه في أمر العقيدة دون لجلجة ولا خشية يحس ثقل التبعة فيما ألهمه الله من أمر زينب ; ويتردد في مواجهة القوم بتحطيم ذلك التقليد العميق ; فيقول لزيد [ الذي أنعم الله عليه بالإسلام وبالقرب من رسوله وبحب الرسول له , ذلك الحب الذي يتقدم به في قلبه على كل أحد بلا استثناء.
والذي أنعم عليه الرسول بالعتق والتربية والحب ]
.. يقول له: (أمسك عليك زوجك واتق الله) ..ويؤخر بهذا مواجهة الأمر العظيم الذي يتردد في الخروج به على الناس.
كما قال الله تعالى: (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه !) ..وهذا الذي أخفاه النبي صلى الله عليه و سلم في نفسه , وهو يعلم أن الله مبديه , هو ما ألهمه الله أن سيفعله.
ولم يكن أمرا صريحا من الله.
وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله.
ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه.
ولكنه صلى الله عليه و سلم كان أمام إلهام يجده في نفسه , ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته , ومواجهة الناس به.
حتى أذن الله بكونه.
فطلق زيد زوجه في النهاية.
وهو لا يفكر لا هو ولا زينب , فيما سيكون بعد.
لأن العرف السائد كان يعد زينب مطلقة ابن لمحمد لا تحل له.
حتى بعد إبطال عادة التبني في ذاتها.
ولم يكن قد نزل بعد إحلال مطلقات الأدعياء.
إنما كان حادث زواج النبي بها فيما بعد هو الذي قرر هذه القاعدة.
بعدما قوبل هذا القرار بالدهشة والمفاجأة والاستنكار.
وفي هذا ما يهدم كل الروايات التي رويت عن هذا الحادث ; والتي تشبث بها أعداء الإسلام قديما وحديثا , وصاغوا حولها الأساطير والمفتريات ! إنما كان الأمر كما قال الله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها , لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا) ..وكانت هذه إحدى ضرائب الرسالة الباهظة حملها رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما حمل ; وواجه بها المجتمع الكاره لها كل الكراهية.
حتى ليتردد في مواجهته بها وهو الذي لم يتردد في مواجهته بعقيدة التوحيد , وذم الآلهة والشركاء ; وتخطئة الآباء والأجداد ! (وكان أمر الله مفعولا) ..لا مرد له , ولا مفر منه.
واقعا محققا لا سبيل إلى تخلفه ولا إلى الحيدة عنه.

 
قوله تعالى : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده )
روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أي ( بأمره ) .
قال محمد حسن حسن جبل رحمه الله : وهذا يكاد يكون هو ماقصدناه بقولنا إن القوة والتمكين لازمان لمعنى الحمد .
وقول قتادة ( بمعرفته وطاعته ) غريب ، فإن معنى المعرفة هنا بعيد عن معنى اللفظ ، والطاعة إنما هي من طرفهم ، ويغني عنها ( تستجيبون ) .
وارتضى الطبري أن معناه ( فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته ودعاءه إياكم ، ولله الحمد في كل حال ) وكأنه - بعد أن ذكر القدرة وهو الدقيق هنا ، ويلتقي مع قول ابن عباس - تذكر المعنى المشهور للحمد فقال ولله الحمد في كل حال . وقد رد ابن عطية التفسيرين بناء على أن لفظ الآية لا يعطيهما ، وأن جميع ذلك بأمر ، فكأنه حمل كلمة ( بأمره ) في كلام ابن عباس على الإرادة العامة لا على ( القضاء بكن ) الذي نحمل نحن لفظ ابن عباس عليه ، ثم هو فسر ( بحمده ) بالمعنى المشهور للحمد كما قال ابن جبير . وفسر الزمخشري اللفظ بالمعنى المشهور لكنه قال إنه مبالغة في انقيادهم للبعث . فاستعمل لفظ الانقياد الذي هو الطاعة ، وسياق كلامه يقضي أنه يفسر به الاستجابة .
والخلاصة أني أرى أن معنى ( بحمده ) هو بأمره وقدرته وعظمته .
وقد أحس الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى :( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ) بالقلق في مناسبة الحمد ( أي بمعناه المشهور وهو الثناء ) لنفي الولد والشريك والذل ، لكنه تخلص بأن لواها إلى أن هذا هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة .
وهناك كثير من الآيات التي لا يسوغ تفسير الحمد فيها إلا بالتعظيم مثل ( النحل ٧٥ ، النمل ٩٣ ، العنكبوت ٦٣ ، سبأ ١ ، الزمر ٢٩ ) بل وكل (تسبيح بحمد الله ).
انتهى كلام محمد حسن حسن جبل الذي نقلته بتصرف يسير .
ويرجع إلى باقي كلامه في كتابه المعجم الإشتقاقي المجلد الأول من الصفحة ٤٩٨ إلى الصفحة ٥٠٧ ففيه من الفوائد ما يجلي معنى الحمد المذكور في مواضع من القرآن .

الحقيقة أن كلام الدكتور محمد جبل غريب ، وله في كتابه هذا غرائب تخالف ما هو معهود عند علماء اللغة من معاني المفردات ، وأما استشهاده بقول ابن عباس فقد عقب عليه ابن عطية بقوله:


يريد: يدعوكم من قبوركم بالنفخ في الصور، ليقام الساعة، وقوله فَتَسْتَجِيبُونَ أي بالقيام والعودة والنهوض نحو الدعوة، وقوله: بِحَمْدِهِ، حكى الطبري عن ابن عباس أنه قال معناه:
بأمره، وكذلك قال ابن جريج، وقال قتادة معناه: بطاعته ومعرفته، وهذا كله تفسير لا يعطيه اللفظ ولا شك أن جميع ذلك بأمر الله تعالى وإنما معنى بِحَمْدِهِ: إما أن جميع العالمين، كما قال ابن جبير، يقومون وهم يحمدون الله ويحمدونه لما يظهر لهم من قدرته، وإما أن قوله بِحَمْدِهِ هو كما تقول لرجل خصمته وحاورته في علم قد أخطأت بحمد الله، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم في هذه الآيات:
عسى، أن الساعة قريبة، يوم تدعون فيقومون بخلاف ما تعتقدون الآن، وذلك بحمد الله على صدق خبري، نحا هذا المنحى الطبري ولم يخلصه" المحرر الوجيز (3/ 463)
 
قال الله تعالى:(ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ).
قال ابن عاشور رحمه الله:
و { الكفور } : الشديد الكفر لأنهم كانوا لا يعرفون الله ويعبدون الشمس فهم أسوأ حالاً من أهل الشرك.
والمعنى : ما يُجَازَى ذلك الجزاء إلا الكفور لأن ذلك الجزاء عظيم في نوعه ، أي نوع العقوبات فإن العقوبة من جنس الجزاء.
والمثوبة من جنس الجزاء فلما قيل { ذلك جزيناهم بما كفروا } تعين أن المراد : وهل يجازى مثل جزائهم إلا الكفور ، فلا يتوهم أن هذا يقتضي أن غير الكفور لا يجازى على فعله ، ولا أن الثواب لا يسمى جزاء ولا أن العاصي المؤمن لا يجازَى على معصيته ، لأن تلك التوهمات كلها مندفعة بما في اسم الإِشارة من بيان نوع الجزاء ، فإن الاستئصال ونحوه لا يجري على المؤمنين.
 
ومعنى الآية: وهل يجازى مثل هذا الجزاء إلّا الكفور (الكشف والبيان عن تفسير القرآن (8/ 84)


والمعنى: أن مثل هذا الجزاء لا يستحقه إلا الكافر (الكشاف (3/ 576)
 
وفي تفسير قوله تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
جاء في التحرير والتنوير:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( 28) انتقال من إبطال ضلال المشركين في أمر الربوبية إلى إبطال ضلالهم في شأن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وغيّر أسلوب الكلام من الأمر بمحاجة المشركين إلى الإِخبار برسالة النبي صلى الله عليه وسلم تشريفاً له بتوجيه هذا الإِخبار بالنعمة العظيمة إليه ، ويحصل إبطال مزاعم المشركين بطريق التعريض.
وفي هذه الآية إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم على منكريها من العرب وإثبات عمومها على منكريها من اليهود.
فإن { كافَّة } من ألفاظ العموم ووقعت هنا حالاً من «الناس» مستثنى من عموم الأحوال وهي حال مقدمة على صاحبها المجرور بالحرف ، وقد مضى الكلام عليها عند قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة } في سورة البقرة ( 208 ) ، وعند قوله : { وقاتلوا المشركين كافة } في سورة براءة ( 36 ).
وذكرنا أن التحقيق : أن كافة } يوصف به العاقلُ وغيرُه وأنه تعتوره وجوهُ الإِعراب كما هو مختار الزمخشري وشهد له القرآن والاستعمال خلافاً لابن هشام في «مغني اللبيب» ، وأن ما شدد به التّنكير على الزمخشري تهويل وتضييق في الجواز.
والتقدير في هذه الآية : وما أرسلناك للناس إلاّ كافّة.
وقدّم الحال على صاحبه للاهتمام بها لأنها تجمع الذين كفروا برسالته كلهم.
وتقديم الحال على المجرور جائز على رأي المحققين من أهل العربية وإن أباه الزمخشري هنا وجعله بمنزلة تقديم المجرور على حرف الجر فجعل { كافة } نعتاً لمحذوف ، أي إرساله كافة ، أي عامة.
وقد ردّ عليه ابن مالك في «التسهيل» وقال : قد جوزه في هذه الآية أبو علي الفارسي وابن كَيسان.
وقلت : وجوّزه ابن عطية والرضيّ.
وجعل الزجاج { كافة } هنا حالاً من الكاف في { أرسلناك } وفسره بمعنى جامع للناس في الإِنذار والإِبلاغ ، وتبعه أبو البقاء.
قال الزمخشري : وحق التاء على هذا التفسير أن تكون للمبالغة كتاء العلاّمة والراوية وكذلك تقديم المستثنى للغرض أيضاً.
وقد اشترك الزجاج والزمخشري هنا في إخراج { كافة } عن معنى الوصف بإفادة الشمول الذي هو شمول جزئي في غرض معيّن إلى معنى الجمع الكلّي المستفاد من وراء ذلك.
وهذا كمن يعمد إلى ( كل ) فيقول : إنك كلٌ للناس ، أي جامع للناس؛ أو يعمد إلى ( على ) الدالة على الاستعلاء الجزئي فيستعملها بمعنى الاستعلاء الكلي فيقول : إياك وعلى ، يريد إياك والاستعلاءَ.
والبشير النذير تقدم في قوله تعالى : { إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً } في سورة البقرة ( 119 ).
وأفاد تركيب وما أرسلناك إلا كافة للناس } قصر حالة عموم الرسالة على كاف الخطاب في قوله : { أرسلناك } وهو قصر إضافي ، أي دون تخصيص إرسالك بأهل مكة أو بالعرب أو بمن يجيئك يطلب الإِيمان والإِرشاد كما قال عبد الله بن أُبَيّ ابن سلول للنبيء صلى الله عليه وسلم حين جاء مجلساً هو فيه وقرأ عليهم القرآن فقال ابن أُبي : « لا أحسنَ مما تقول أيها المرء ولكن اقعُد في رحلك فمن جاء فاقرأ عليه » ويقتضي ذلك إثبات رسالته بدلالة الاقتضاء إذ لا يصدق ذلك القصر إلا إذا ثبت أصل رسالته فاقتضى ذلك الردَّ على المنكرين كلهم سواء من أنكر رسالته من أصلها ومن أنكر عمومها وزعم تخصيصها.
وموقع الاستدراك بقوله : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } رفع ما يتوهم من اغترار المغترين بكثرة عدد المنكرين رسالته بأن كثرتهم تغرّ المتأمل لأنهم لا يعلمون.
ومفعول { يعلمون } محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي لا يعلمون ما بشرتَ به المؤمنين وما أنذرتَ به الكافرين ، أي يحسبون البشارة والنذارة غير صادقتين.
ويجوز أن يكون فعل { يعلمون } منزَّل منزلة اللام مقصوداً منه نفي صفة العلم عنهم على حدّ قوله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ الزمر : 9 ] أي ولكن أكثر الناس جاهلون قدر البشارة والنذارة.

وجاء في أضواء البيان:
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [7 158] ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ، اسْتَشْهَدَ بِهِ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى جَوَازِ تَقَدُّمِ الْحَالِ عَلَى صَاحِبِهَا الْمَجْرُورِ بِالْحَرْفِ ; كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي «الْخُلَاصَةِ» بِقَوْلِهِ: وَسَبْقُ حَالِ مَا بِحَرْفِ جَرٍّ قَدْ أَبَوْا وَلَا أَمْنَعُهُ فَقَدْ وَرَدْ قَالُوا: لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ، أَيْ: جَمِيعًا، أَيْ: أَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ مُجْتَمِعِينَ فِي رِسَالَتِكَ، وَمِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَابْنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ بُرْهَانَ، وَلِذَلِكَ شَوَاهِدُ فِي شِعْرِ الْعَرَبِ ; كَقَوْلِ طُلَيْحَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيِّ: فَإِنْ تَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ ... فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغًا بِقَتْلِ حِبَالِ وَكَقَوْلِ كُثَيِّرٍ: لَئِنْ كَانَ بَرْدُ الْمَاءِ هَيْمَانَ ... صَادِيًا إِلَيَّ حَبِيبًا إِنَّهَا لِحَبِيبُ وَقَوْلِ الْآخَرِ: تَسَلَّيْتُ طُرًّا عَنْكُمْ بَعْدَ بَيْنِكُمْ ... بِذِكْرِكُمُ حَتَّى كَأَنَّكُمْ عِنْدِي وَقَوْلِ الْآخَرِ: غَافِلًا تَعْرِضُ الْمَنِيَّةُ لِلْمَرْءِ ... فَيُدْعَى وَلَاتَ حِينَ إِبَاءِوَقَوْلِهِ: مَشْغُوفَةٌ بِكَ قَدْ شُغِفْتَ وَإِنَّمَا ... حُمَّ الْفِرَاقُ فَمَا إِلَيْكَ سَبِيلُ وَقَوْلِهِ: إِذَا الْمَرْءُ أَعْيَتْهُ الْمُرُوءَةُ نَاشِئًا ... فَمَطْلَبُهَا كَهْلًا عَلَيْهِ شَدِيدُ فَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ: فَرْغًا، أَيْ: هَدَرًا، حَالٌ وَصَاحِبُهُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ الَّذِي هُوَ بِقَتْلٍ، وَحِبَالٌ اسْمُ رَجُلٍ. وَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي: هَيْمَانَ صَادِيًا، حَالَانِ مِنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْرُورَةِ بِإِلَى فِي قَوْلِهِ: إِلَيَّ حَبِيبًا. وَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ: طُرًّا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِعَنْ، فِي قَوْلِهِ: عَنْكُمْ، وَهَكَذَا وَتَقَدُّمُ الْحَالِ عَلَى صَاحِبِهَا الْمَجْرُورِ بِالْحَرْفِ مَنَعَهُ أَغْلَبُ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي «الْكَشَّافِ» ، فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ، إِلَّا رِسَالَةً عَامَّةً لَهُمْ مُحِيطَةً بِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا شَمِلَتْهُمْ، فَإِنَّهَا قَدْ كَفَتْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى: أَرْسَلْنَاكَ جَامِعًا لِلنَّاسِ فِي الْإِنْذَارِ وَالْإِبْلَاغِ فَجَعْلَهُ حَالًا مِنَ الْكَافِ، وَحَقُّ التَّاءِ عَلَى هَذَا أَنْ تَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ كَتَاءِ الرَّاوِيَةِ وَالْعَلَّامَةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ حَالًا مِنَ الْمَجْرُورِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْطَأَ ; لِأَنَّ تَقَدُّمَ حَالِ الْمَجْرُورِ عَلَيْهِ فِي الْإِحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ تَقَدُّمِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْجَارِ، وَكَمْ تَرَى مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْخَطَأَ ثُمَّ لَا يَقْنَعُ بِهِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى إِلَى ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوِي لَهُ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ إِلَّا بِالْخَطَأِ الثَّانِي، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْخَطَأَيْنِ، اه مِنْهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الصَّبَّانُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْمُونِيِّ: جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَافَّةً صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: رِسَالَةً كَافَّةً لِلنَّاسِ، وَلَكِنِ اعْتُرِضَ بِأَنْ كَافَّةً مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ يَعْقِلُ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ كَطُرًّا وَقَاطِبَةً، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ. وَمَا ذَكَرَهُ الصَّبَّانِ فِي كَافَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ الْمُتَدَاوَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَوْضَحَ ذَلِكَ أَبُو حَيَّانَ فِي «الْبَحْرِ» ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
 
قال الطبري رحمه الله:
وقوله تعالى: { إنْ يُوحَى إلـيَّ إلاَّ أنَّـمَا أنا نَذِيرٌ مُبِـينٌ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد لـمشركي قريش: ما يوحي الله إلـيّ علـم ما لا علـم لـي به، من نـحو العلـم بـالـملأ الأعلـى واختصامهم فـي أمر آدم إذا أراد خَـلقه، إلا لأنـي إنـما أنا نذير مبـين «فإنـما» علـى هذا التأويـل فـي موضع خفض علـى قول من كان يرى أن مثل هذا الـحرف الذي ذكرنا لا بد له من حرف خافض، فسواءٌ إسقاط خافضه منه وإثبـاته.
وإما علـى قول من رأى أن مثل هذا ينصب إذا أسقط منه الـخافض، فإنه علـى مذهبه نصب، وقد بـيَّنا ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.
وقد يتـجه لهذا الكلام وجه آخر، وهو أن يكون معناه: ما يوحي الله إلـى إنذاركم. وإذا وجه الكلام إلـى هذا الـمعنى، كانت «أنـما» فـي موضع رفع، لأن الكلام يصير حينئذٍ بـمعنى: ما يوحَى إلـيَّ إلا الإنذار.
قوله: { إلا أنـما أنا نَذِيرٌ مُبِـينٌ } يقول: إلا أنـي نذير لكم مُبِـين لكم إنذاره إياكم. وقـيـل: إلا أنـما أنا، ولـم يقل: إلا أنـما أنك، والـخبر من مـحمد عن الله، لأن الوحْي قول، فصار فـي معنى الـحكاية، كما يقال فـي الكلام: أخبرونـي أنـي مسيء، وأخبرونـي أنك مسيء بـمعنى واحد، كما قال الشاعر:[TABLE="class: TextArabic"]
[TR]
[TD]رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا[/TD]
[TD] [/TD]
[TD]أنَّا رأيْنا رَجُلاً عُرْيانا[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
بـمعنى: أخبرانا أنهما رأيا، وجاز ذلك لأن الـخبر أصله حكاية.

وقال السمين الحلبي رحمه الله:
قوله: { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ }: العامَّةُ على فتح الهمزة " أنما ". وفيها وجهان، أحدهما: أنها مع ما في حَيِّزها في محلِّ رفع لقيامِها مقامَ الفاعلِ أي: ما يُوْحَى إليَّ إلاَّ الإِنذارُ، أو إلاَّ كَوْني نذيراً مبيناً. والثاني: أنها في محلِّ نصب أو جرٍ بعد إسقاطِ لامِ العلةِ. والقائم مقامَ الفاعلِ على هذا الجارُّ والمجرورُ أي: ما يُوْحى إليَّ إلاَّ للإِنذارِ أو لكَوْني نذيراً. ويجوز أَنْ يكونَ القائمُ مقامَ الفاعلِ على هذا ضميرِ ما يَدُلُّ عليه السِّياقُ أي: ما يُوْحى إليَّ ذلك الشيءُ إلاَّ للإِنذار.
وقرأ أبو جعفر بالكسر، وهي القائمةُ مقامَ الفاعلِ على سبيلِ الحكايةِ، كأنه قيل: ما يُوْحى إليَّ إلاَّ هذه الجملةُ المتضمنةُ لهذا الإِخبارِ. وقال الزمخشري: " على الحكاية أي: إلاَّ هذا القولُ وهو أنْ أقولَ لكم: إنما أنا نذيرٌ مبين ولا أدَّعي شيئاً آخرَ ". قال الشيخ: " وفي تخريجه تعارُضٌ لأنه قال: إلاَّ هذا القولُ، فظاهرُه الجملةُ التي هي: { أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }. ثم قال: وهو أَن أقولَ لكم إني نذيرٌ فالمقامُ مقامُ الفاعلِ هو أَنْ أقولَ لكم، وإنِّي وما بعده في موضعِ نصبٍ، وعلى قولِه: " إلاَّ هذا القولُ " يكون في موضع رفع فتعارضا ". قلت: ولا تعارُضَ البتةَ؛ لأنَّه تفسيرُ معنًى في التقدير الثاني، وفي الأول تفسير إعرابٍ، فلا تعارُضَ.
 
قال تعالى: (وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ)
قال الشنقيطي صاحب أضواء البيان رحمه الله:
كَاظِمِينَ مَعْنَاهُ مَكْرُوبِينَ مُمْتَلِئِينَ خَوْفًا وَغَمًّا وَحُزْنًا. وَالْكَظْمُ: تَرَدُّدُ الْخَوْفِ وَالْغَيْظِ وَالْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ حَتَّى يَمْتَلِئَ مِنْهُ، وَيَضِيقَ بِهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: كَظَمْتُ السِّقَاءَ إِذَا مَلَأْتُهُ مَاءً، وَشَدَدْتُهُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ كَاظِمِينَ، أَيْ سَاكِتِينَ، لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَا ; لِأَنَّ الْخَوْفَ وَالْغَمَّ الَّذِي مَلَأَ قُلُوبَهُمْ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْكَلَامِ، فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، وَمِنْ إِطْلَاقِ الْكَظْمِ عَلَى السُّكُوت.
 
قال الإمام الطبري رحمه الله:
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
(51)يقول القائل: وما معنى: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه, ومثَّلوا به, كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما.
ومنهم من همّ بقتله قومه, فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه, كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه, وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله, فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله, و المؤمنين به في الحياة الدنيا, وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت, وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟ قيل: إن لقوله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وجهين كلاهما صحيح معناه.
أحدهما أن يكون معناه: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذّبنا وإظفارنا بهم, حتى يقهروهم غلبة, ويذلوهم بالظفر ذلة, كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان, فأعطاهما من المُلْك والسلطان ما قهرا به كل كافر, وكالذي فعل بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بإظهاره على من كذّبه من قومه, وإما بانتقامنا ممن حادّهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذّبهم وعاداهم, كالذي فعل تعالى ذكره بنوح وقومه, من تغريق قومه وإنجائه منهم, وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه, إذ أهلكهم غرقا, ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك, أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذّبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم, كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه, بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته, وكفعلنا بقتلة يحيى, من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم, فهذا أحد وجهيه.
وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه.

* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن الفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ قول الله: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون, وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم.
والوجه الآخر: أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين, والمراد واحد, فيكون تأويل الكلام حينئذ: إنا لننصر رسولنا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والذين آمنوا به في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, كما بيَّنا فيما مضى أن العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع, والمراد واحد إذا لم تنصب للخبر شخصا بعينه.
 
قال الطبري رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى:{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }
يقول تعالى ذكره: { ومَا قَدَروا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } وما أجلوا الله حقّ إجلاله، ولا عظموه حقّ تعظيمه. { إذْ قَالُوا ما أنْزَلَ اللَّه على بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } يقول: حين قالوا: لم ينزل الله على آدمي كتاباً ولا حياً.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: { إذْ قَالُوا ما أنْزَلَ اللَّه على بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } وفي تأويل ذلك فقال بعضهم: كان قائل ذلك رجلاً من اليهود. ثم اختلفوا في اسم ذلك الرجل، فقال بعضهم: كان اسمه مالك بن الصيف. وقال بعضهم: كان اسمه فَنْحاص. واختلفوا أيضاً في السبب الذي من أجله قال ذلك.
وقال آخرون: هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن مشركي قريش أنهم قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء.
.......
إلى أن قال رحمه الله:
وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: عني بقوله: { وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ } مشركو قريش. وذلك أن ذلك في سياق الخبر عنهم أوّلاً، فأن يكون ذلك أيضاً خبراً عنهم أشبه من أن يكون خبراً عن اليهود ولما يجر لهم ذكر يكون هذا به متصلاً، مع ما في الخبر عمن أخبر الله عنه في هذه الآية من إنكاره أن يكون الله أنزل على بشر شيئاً من الكتب وليس ذلك مما تدين به اليهود، بل المعروف من دين اليهود الإقرار بصحف إبراهيم وموسى وزبور داود. وإذا لم يكن بما روي من الخبر بأن قائل ذلك كان رجلاً من اليهود خبر صحيح متصل السند، ولا كان على أن ذلك كان كذلك من أهل التأويل إجماع، وكان الخبر من أوّل السورة ومبتدئَها إلى هذا الموضع خبراً عن المشركين من عبدة الأوثان، وكان قوله: { وَما قَدَرُوا حَقَّ اللّهَ قَدْرِهِ } موصولاً بذلك غير مفصول منه، لم يجز لنا أن ندّعي أن ذلك مصروف عما هو به موصول إلاَّ بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل ولكني أظنّ أن الذين تأوّلوا ذلك خبراً عن اليهود، وجدوا قوله: «قُلْ مَنْ أنزل الكتابَ الَّذِي جاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى للنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيراً وعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ وَلا آباؤكُمْ» فوجهوا تأويل ذلك إلى أنه لأهل التوراة، فقرءوه على وجه الخطاب لهم: { تجعلونه قراطِيس تبدونها وتخفون كثيراً وعلَّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم } فجعلوا ابتداء الآية خبراً عنهم، إذ كانت خاتمتها خطاباً لهم عندهم. وغير ذلك من التأويل والقراءة أشبه بالتنزيل، لما وصفت قبل من أن قوله: { وَما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } في سياق الخبر عن مشركي العرب وعبدة الأوثان، وهو به متصل، فالأولى أن يكون ذلك خبراً عنهم.
والأصوب من القراءة في قوله: «يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيراً» أن يكون بالياء لا بالتاء، على معنى أن اليهود يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيراً، ويكون الخطاب بقوله: { قُلْ منْ أنزلَ الكتابَ } لمشركي قريش. وهذا هو المعنى الذي قصده مجاهد إن شاء الله في تأويل ذلك، وكذلك كان يقرأ.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن مجاهد أنه كان يقرأ هذا الحرف: «يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيراً».
القول في تأويل قوله تعالى: «قُلْ مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى للنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيراً».
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { قُلْ } يا محمد لمشركي قومك القائلين لك: ما أنزل على بشر من شيء، قل { مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا } يعني: جلاء وضياء من ظلمة الضلالة { وَهُدًى للنَّاسِ } يقول: بياناً للناس، يبين لهم له الحقّ من الباطل فيما أشكل عليهم من أمر دينهم، يجعلونه قراطيس يبدونها.
فمن قرأ ذلك: { تَجْعَلُونَهُ } جعله خطاباً لليهود على ما بيَّنت من تأويل من تأوّل ذلك كذلك، ومن قرأه بالياء: «يَجْعَلُونَهُ» فتأويله في قراءته: يجعله أهله قراطيس، وجرى الكلام في «يبدونها» بذكر القراطيس، والمراد منه: المكتوب في القراطيس، يراد يبدون كثيراً مما يكتبون في القراطيس، فيظهرونه للناس ويخفون كثيراً مما يثبتونه في القراطيس فيسرّونه ويكتمونه الناس. ومما كانوا يكتمونه إياهم ما فيها من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته. كالذي:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: «قَرَاطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيراً»: اليهود.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: { قُلْ } يا محمد «مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي بِهِ جاء مُوسَى نُورًا وهُدًى للنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدونَها» يعني يهود لما أظهروا من التوراة. { ويُخْفُونَ كَثِيراً } مما أخفوا من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه قال ابن جريج: وقال عبد الله بن كثير: إنه سمع مجاهداً يقول: «يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونها ويُخْفُونَ كَثِيراً» قال: هم يهود الذين يبدونها ويخفون كثيراً.
القول في تأويل قوله تعالى: { وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ ولا آباؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }.
يقول تعالى ذكره: وعلَّمكم الله جلّ ثناؤه الكتاب الذي أنزله إليكم ما لم تعلموا أنتم من أخبار من قبلكم ومن أنباء من بعدكم وما هو كائن في معادكم يوم القيامة، { وَلا آباؤُكُمْ } يقول: ولم يُعلمْه آباؤكم أيها المؤمنون بالله من العرب وبرسوله صلى الله عليه وسلم. كالذي:
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن مجاهد: { وَعُلِّمْتُمْ } معشر العرب { ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ }.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عبد الله بن كثير: إنه سمع مجاهداً يقول في قوله: { وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ } قال: هذه للمسلمين.
وأما قوله: { قُلِ اللّهُ } فإنه أمر من الله جلّ ثناؤه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجيب استفهامه هؤلاء المشركين عما أمره باستفهامهم عنه بقوله: «قُلْ مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى للنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونها ويُخْفُونَ كَثِيراً» بقيله: الله، كأمره إياه في موضع آخر في هذه السورة بقوله:
{ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ البَرّ والبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لِئنْ أنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
فأمره باستفهام المشركين عن ذلك، كما أمره باستفهامهم { إذْ قالُوا ما أنْزَلَ اللّهُ على بَشَر مِنْ شَيْء } عمن أنزل الكتاب الذي به جاء موسى نُوراً وهدى للناس.

ثم أمره بالإجابة عنه هنالك بقيله:
{ قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلّ كَرْب ثُمَّ أنْتُمْ تُشْرِكُونَ }
كما أمره بالإجابة ههنا عن ذلك بقيله: الله أنزله على موسى. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { قُلْ مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى للنَّاسِ } قال: الله أنزله.
ولو قيل: معناه: «قل هو الله» على وجه الأمر من الله له بالخبر عن ذلك لا على وجه الجواب إذ لم يكن قوله: { قُلْ مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ } مسألة من المشركين لمحمد صلى الله عليه وسلم، فيكون قوله: { قُلِ اللّهُ } جواباً لهم عن مسألتهم، فإنما هو أمر من الله لمحمد بمسألة القوم: من أنزل الكتاب، فيجب أن يكون الجواب منهم غير الذي قاله ابن عباس من تأويله كان جائزاً من أجل أنه استفهام، ولا يكون للاستفهام جواب وهو الذي اخترنا من القول في ذلك لما بينا.
وأما قوله: { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } فإنه يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ثم ذر هؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام بعد احتجاجك عليهم في قيلهم { ما أنْزَلَ اللّهُ على بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } بقولك { مَنْ أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى للنَّاسِ } وإجابتك ذلك بأن الذي أنزله الله الذي أنزل عليك كتابه { في خَوْضِهِمْ } يعني: فيما يخوضون فيه من باطلهم وكفرهم بالله وآياته، يقول: يستهزءون ويسخرون. وهذا من الله وعيد لهؤلاء المشركين وتهديد لهم يقول الله جلّ ثناؤه: ثم دعهم لاعبين يا محمد، فإني من وراء ما هم فيه من استهزائهم بآياتي بالمرصاد وأذيفهم بأسي، وأحلّ بهم إن تمادوا في غيّهم سخطي.
انتهى كلامه رحمه الله.
 
قال الطبري رحمه الله في تأويل قوله تعالى : لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)يقول تعالى ذكره: كي تستوا على ظهور ما تركبون.

واختلف أهل العربية في وجه توحيد الهاء في قوله: { على ظُهُورِهِ } وتذكيرها، فقال بعض نحويّي البصرة: تذكيره يعود على ما تركبون، وما هو مذكر، كما يقال: عندي من النساء من يوافقك ويسرّك، وقد تذكَّر الأنعام وتؤنث. وقد قال في موضع آخر:
{ مِمَّا في بُطُونِهِ }
وقال في موضع آخر: { بُطُونِها }. وقال بعض نحويِّي الكوفة: أضيفت الظهور إلى الواحد، لأن ذلك الواحد في معنى جمع بمنزلة الجند والجيش. قال: فإن قيل: فهلا قلت: لتستووا على ظهره، فجعلت الظهر واحداً إذا أضفته إلى واحد. قلت: إن الواحد فيه معنى الجمع، فردّت الظهور إلى المعنى، ولم يقل ظهره، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد. وكذلك تقول: قد كثر نساء الجند، وقلت: ورفع الجند أعينه ولم يقل عينه. قال: وكذلك كلّ ما أضفت إليه من الأسماء الموصوفة، فأخرجها على الجمع، وإذا أضفت إليه اسماً في معنى فعل جاز جمعه وتوحيده، مثل قولك: رفع العسكر صوتَه، وأصواته أجود وجاز هذا لأن الفعل لا صورة له في الاثنين إلاَّ الصورة في الواحد.

وقال آخر منهم: قيل: لتستووا على ظهره، لأنه وصف للفلك، ولكنه وحد الهاء، لأن الفلك بتأويل جمع، فجمع الظهور ووحد الهاء، لأن أفعال كل واحد تأويله الجمع توحد وتجمع مثل: الجند منهزم ومنهزمون، فإذا جاءت الأسماء خرج على الأسماء لا غير، فقلت: الجند رجال، فلذلك جمعت الظهور ووحدت الهاء، ولو كان مثل الصوت وأشباهه جاز الجند رافع صوته وأصواته.
 
[FONT=&quot][FONT=&quot]وفي تفسير قوله تعالى:
[/FONT]
[/FONT]

[FONT=&quot][FONT=&quot]{[/FONT][FONT=&quot]مِنْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَجْلِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذٰلِكَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كَتَبْنَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عَلَىٰ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بَنِىۤ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إِسْرَٰءِيلَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَنَّهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مَن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قَتَلَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نَفْساً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِغَيْرِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نَفْسٍ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَوْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فَسَادٍ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فِى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ٱلأَرْضِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فَكَأَنَّمَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قَتَلَ[/FONT][FONT=&quot]ٱلنَّاسَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جَمِيعاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَمَنْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَحْيَـٰهَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فَكَأَنَّمَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَحْيَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النَّاسَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جَمِيعاً[/FONT][FONT=&quot] }.[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]قال ابن عاشور رحمه الله :[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]يتعيّن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يكون[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]تعليلاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لــ[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مبدأ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجملة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ويكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منتهى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قبلها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّادمين[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]المائدة[/FONT][FONT=&quot]: 31]. [/FONT][FONT=&quot]وليس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]معلّقاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بــ[/FONT][FONT=&quot]«[/FONT][FONT=&quot]النّادمين[/FONT][FONT=&quot]» [/FONT][FONT=&quot]تعليلاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للاستغناء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عنه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمفاد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الفاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]فأصبح[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]المائدة[/FONT][FONT=&quot]: 31].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]و[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]مِن[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]للابتداء،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والأجْل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجَرّاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والتسبّب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أصله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مصدر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجَلَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يأجُل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ويأجِل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كنصر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وضرب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمعنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جَنَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]واكتسب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقيل[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]هو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خاصّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]باكتساب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجريمة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مرادفاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لجَنَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَجَرَم،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومنه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجناية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والجريمة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]غير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العرب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]توسّعوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فأطلقوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأجْل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المكتسب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مطلقاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعلاقة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإطلاق[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]والابتداء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الذي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]استعملت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]مِن[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]هنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مجازي،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شُبّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]سبب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشيء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بابتداء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]صدوره،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مثار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قولهم[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معاني[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]مِنْ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]التعليل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فإنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كثرة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دخولها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلمة[/FONT][FONT=&quot] «[/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot]» [/FONT][FONT=&quot]أحدث[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّعليل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وكثر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حذف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلمة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعدها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]محدث[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّعليل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأعشى[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]فآليْت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أرثي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلالة
[/FONT][FONT=&quot]ولا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَفى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حتّى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ألاقي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]محمّداً[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]واستفيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّعليل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مفاد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجملة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وكان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّعليل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بكلمة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مِن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أقوى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمجرّد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اللام،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ولذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اختير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ليدلّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الواقعة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كانت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]السّبب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تهويل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أمر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وإظهار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مثالبه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وفي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذكر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اسم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإشارة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خصوص[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]قصدُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]استيعاب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المذكور[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وقرأ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجمهور[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]منْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بسكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نون[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]مِن[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]وإظهار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]همزة[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقراءة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ورش[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نافع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بفتح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وحذف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]همزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]طريقته[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقرأ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أبو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جعفر[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]مِنِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اجْل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بكسر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نون[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]وحذففِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]همزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نقل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حركتها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فصارت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]غير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منطوق[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بها[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]ومعنى[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]شرعنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كقوله[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]كُتب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الصّيام[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]البقرة[/FONT][FONT=&quot]: 183]. [/FONT][FONT=&quot]ومفعول[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]مضمون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جملة[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مَن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفساً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بغير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فسادٍ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فكأنّما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً[/FONT][FONT=&quot] }. [/FONT][FONT=&quot]وَ[/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]أنَّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]أنَّه[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]بفتح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أخت[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المكسورة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المصدريّة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وضمير[/FONT][FONT=&quot] «[/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot]» [/FONT][FONT=&quot]ضمير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشأن،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شأناً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مهمّاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مماثلةُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]واحدة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بغير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حقّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لقتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القاتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاسَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجمعين[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]ووجه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تحصيل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المعنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّركيب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يتّضح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ببيان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]موقع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المشدّد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فهذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الحرف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الكلام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلاّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معمولاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لعامل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قبله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقتضيه،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فتعيّن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجملة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]بمنزلة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المفرد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المعمول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للعامل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فلزم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجملة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]مؤوّلة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمصدر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يسبك،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يؤخذ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خبر[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]).[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اتّفق[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]علماء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العربيّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كون[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المشدّدة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أختاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لحرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المكسورة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأنّها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّأكيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مثل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أختها[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]واتّفقوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كون[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنْ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الموصولات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الحَرْفيّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الخمسة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الّتي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يسبك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مدخولها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمصدر[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وبهذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تزيد[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المكسورة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وخبر[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الآية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جملة[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قَتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفساً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بغير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]الخ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وهي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مفسّرة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لضمير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشأن[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]ومفعول[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]مأخوذ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جملة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشّرط[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وجوابه،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتقديرُه[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]كتبنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مُشابهةَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتِل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بغير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الخ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بقتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أجمعين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عظيم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجرم[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وعلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الوجه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جرى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المفسّرين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والنحويين[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]ووقع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] «[/FONT][FONT=&quot]لسان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العرب[/FONT][FONT=&quot]» [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الفرّاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حاصله[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جاءت[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تصرّف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وكانت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسيراً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للقول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ولم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تكن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حكاية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نصبتَها[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فتحت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]همزتها[/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مثل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قولك[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]قد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قلتُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلاماً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَسناً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أباك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شريف،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفتَح[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]لأنّها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فسَّرت[/FONT][FONT=&quot] «[/FONT][FONT=&quot]كلاماً[/FONT][FONT=&quot]»[/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منصوب،[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مفعول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لفعل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قُلت[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]فمفسِّره[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منصوب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أيضاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المفعوليّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]البيان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إعراب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المبيَّن[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]فالفراء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يثبت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لِحرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التفسير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عِلاوة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يثبته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النحويين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المصدريّة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فصار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]بالجمع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القولين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دَالاّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّأكيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]باطّراد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ودالاّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المصدريّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تارة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وعلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّفسير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تارة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أخرى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بحسب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اختلاف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المقام[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]ولعلّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الفرّاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ينحُو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مركّب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حرفين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المكسورة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المشدّدة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وحرف[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنْ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الساكنة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الّتي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تارة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مصدريّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتارة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسيرية؛[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ففتْحُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]همزته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لاعتبار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تركيبه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]أنْ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المفتوحة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]السّاكنة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مصدريّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسيرية،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتشديد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نونه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لاعتبار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تركيبه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المكسورة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الهمزة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المشدّدة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّون،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأصله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]و[/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]أنْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]فلمّا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رُكِّبَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تداخلت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حروفهما،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعض[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّحويين[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أصل[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]لن[/FONT][FONT=&quot]) ([/FONT][FONT=&quot]لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنْ[/FONT][FONT=&quot]).[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وهذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بيان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بغير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حقّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جُرم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فظيع،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كفظاعة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلّهم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]والمقصود[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّوطئة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لمشروعيّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المصرّح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]به[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الآية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الآتية[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]وكتبنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالنّفس[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]المائدة[/FONT][FONT=&quot]: 45] [/FONT][FONT=&quot]الآية[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]والمقصود[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإخبار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كتب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إسرائيل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بيان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للمسلمين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شرع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]سالف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومراد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قديم،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لمعرفة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تاريخ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشرائع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تبصرة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للمتفقّهين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتطميناً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لنفوس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المخاطبين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وإزالة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عسى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يعترض[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشبه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أحكام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خفيتْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مصالحُها،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كمشروعية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فإنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يبدو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للأنظار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القاصرة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مداواة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمثل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الدّاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المتداوَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حتّى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دعا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الاشتباهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعضَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأمم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إبطال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعلّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يعاقبون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المذنب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بذَنْب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]آخر،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]غفلة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دقّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مسلكها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]انحصار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الارتداع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تحقّق[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المُجازاة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالقتل؛[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النفوس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جُبلت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حبّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]البقاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وعلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حبّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إرضاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القُوّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضبيّة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فإذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]علم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فجزاؤه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ارتدع،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وإذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]طمِع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجزاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أقدم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إرضاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوّته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضبيّة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ثُمّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]علّل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفسه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بأنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يمكن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الصّبر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والتفادي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كثر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العرب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وشاع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أقوالهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأعمالهم،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قائلهم،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قيس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]زهير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العبسي[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]شَفيت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النفسَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَمل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بدر[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT][FONT=&quot]وسيفي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حُذيفة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شَفَانِي[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]ولذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تعالى[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]ولكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حياة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أولي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الألباب[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]البقرة[/FONT][FONT=&quot]: 179].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]ومعنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التشبيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot]: { [/FONT][FONT=&quot]فكأنّما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]حثّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأمّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تعقّب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قاتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأخذه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أينما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ثقف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والامتناع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إيوائِه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الستر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليه،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كلّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مخاطب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حسب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مقدرته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وبقدر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بسطة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يده[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ولاة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأمور[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عامّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]فالمقصود[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التشبيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تهويل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وليس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المقصود[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ألا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ترى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قابل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]للعفو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خصوص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أولياء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الدم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بقية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفسانياً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جليلاً،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الداعي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الّذي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقدم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالقاتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يرجع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ترجيح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إرضاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الداعي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النفساني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاشىء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وحبّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الانتقام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دواعي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]احترام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الحقّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وزجر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والنظر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عواقب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الفعل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نُظم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العالم،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فالّذي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حيلته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ترجيحُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الدّاعي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الطفيف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جملة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المعاني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشّريفة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يوشك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تدعوه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دَوْماً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هضم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الحقوق،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فكلّما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]سنحت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الفرصة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قَتل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ولو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]دعته[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لفعل[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]ولك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تجعل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المقصد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التشبيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]توجيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وحقّيّته،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأنّه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منظور[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لحقّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المقتول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بحيث[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تمكّن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رضي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إلاّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بجزاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قاتله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمثل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جرمه؛[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فلا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يتعجّب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أحد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قائلاً[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]كيف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نصلح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العالم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بمثل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فسد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]به،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وكيف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نداوي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الداء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بداء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]آخر،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فبُيّن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قاتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وليّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المقتول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كأنّما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذُكرتْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وجوه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بيان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]معنى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التشبيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقبلها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّظر[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]ومعنى[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]ومن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أحياها[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]استنقذها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الموت،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لظهور[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإحياء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الموت[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ليس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مقدور[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]النّاس،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اهتمّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]باستنقاذها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والذبّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عنها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فكأنّما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أحيى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الناس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جميعاً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بذلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّوجيه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الّذي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بيّنّاه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]آنفاً،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]غلَّب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وازع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشرع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والحكمة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]داعي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والشهوة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فانكفّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الغضب[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]وَلَقَدْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جَآءَتْهُمْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رُسُلُنَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِٱلّبَيِّنَـٰتِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ثُمَّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كَثِيراً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مِّنْهُمْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بَعْدَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذٰلِكَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فِى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ٱلأَرْضِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لَمُسْرِفُونَ[/FONT][FONT=&quot] }.[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]تذييل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لحكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شرع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القصاص[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إسرائيل،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خبر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مستعمل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كناية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إعراضهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الشريعة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأنّهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شدّد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عليهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شأن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ولم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يزالوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقتلون،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أشعر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]به[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذلك[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جاءتهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رسلنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالبيّنات[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot]ٍ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وحذف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]متعلِّق[/FONT][FONT=&quot] «[/FONT][FONT=&quot]مسرفون[/FONT][FONT=&quot]» [/FONT][FONT=&quot]لقصد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التّعميم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]والمراد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مسرفون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المفاسد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الّتي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قتل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأنفس[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بقرينة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot]: { [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كثر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]استعمال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القرآن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذكر[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]البقرة[/FONT][FONT=&quot]: 60] [/FONT][FONT=&quot]مع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذكر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإفساد[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وجملة[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]ثمّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كثيراً[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]منهم[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]عطف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]على[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جملة[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]ولقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جاءتهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رسلنا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالبيّنات[/FONT][FONT=&quot] }. [/FONT][FONT=&quot]و[/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]ثُمّ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]للتراخي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الرتبة،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأنّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مجيء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الرّسل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بالبيّنات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شأن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عجيب،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والإسراف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تلك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]البيّنات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أعجب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وذِكر[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]لتصوير[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسراف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عند[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]السامع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتفظيعه،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تعالى[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]{ [/FONT][FONT=&quot]ولا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسدوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إصلاحها[/FONT][FONT=&quot] }[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][[/FONT][FONT=&quot]الأعراف[/FONT][FONT=&quot]: 56]. [/FONT][FONT=&quot]وتقديم[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأرض[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]للاهتمام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يفيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]زيادة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفظيع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الإسراف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فيها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مع[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أهميّة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]شأنَها[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot]وقرأ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الجمهور[/FONT][FONT=&quot] { [/FONT][FONT=&quot]رسُلنا[/FONT][FONT=&quot] } [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بضمّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]السّين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وقرأه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أبو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عمرو[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ويعقوب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بإسْكان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]السّين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ـــ[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
 
عودة
أعلى