د محمد الجبالي
Well-known member
المحروم
مَنْ الْمَحْرُومُ في قول الله تعالى:
الْمَحْرُوم في اللغة: أي الْمَمْنُوعُ مِنَ الخير، مِنَ الفِعْلِ حُرِمَ حِرمَاناً، أي: مُنِعَ الخيرَ ومُنِعَ التمتعَ بالنِّعَم مَنْعًا.
قال ابن عاشور: وإِطْلَاقُ اسْمِ الْمَحْرُومِ لَيْسَ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ وَيَحْرِمُوهُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَآلُ أَمْرِهِ إِلَى مَا يؤول إِلَيْهِ أَمْرُ الْمَحْرُومِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَحْرُومِ تَشْبِيهًا بِهِ .. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ تَرْقِيقُ النُّفُوسِ عَلَيْهِ وَحَثُّ النَّاسِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُ لِيَضَعُوا صَدَقَاتِهِمْ فِي مَوْضِعٍ يُحِبُّ اللَّهُ وَضْعَهَا فِيهِ.
وإليكم أهم ما جاء في تأويل [المحروم] ثم نحاول الترجيح فيما بينها:
لَعَلَّ قَوْلَ الشوكاني رحمه الله قد شَمِلَ كُلَّ ما تَقَدَّمَ مِنْ تآوِيلٍ لِلْمَحْرُوم، ويَبْقَى لنا أَنْ نُضِيفَ إليه أَصْنَافاً ظَهَرَت في زَمَانِنَا يَغْفَلُ عنها أصحاب الأموال، حيث يدخل تحت وصف [محروم] هؤلاء:
تلك الحالات السابق ذكرها يُعَدُّونَ مِنْ أهل الْعِفَّة والتَّعَفُّف، فهم عَادَةً مِنَ الذين لا يسألون الناس إِلْـحَافاً، ممن قال الله عز وجل فيهم: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 273]
وحَرِيٌّ بِذَوِي الأموال أَنْ يُقَدِّرُوا في هؤلاء الناس عِفَّتَهُم وكَرَامَتَهُم، فَيَحْفَظوا لهم تِلْكَ الْعِفَّة والْكَرَامَة، حَرِيٌّ جَدِيرٌ أَنْ تَتِمَّ مُسَاعَدَتُهم والتَّصَدُّقُ عليهم دُونَ جَرْحِ مَشَاعِرِهم، ودُونَ جَرْحِ كَرَامَتِهم، فَلْيَكُنْ سِرّاً، أو لِتَكُنْ الْمُسَاعَدَةُ بِطَرِيقٍ غير مُبَاشَرٍ لا يَشْعُرُونَ فيه بِـمَهَانَةِ أو مَذَلَّة الْعَوَزِ والفقر.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
مَنْ الْمَحْرُومُ في قول الله تعالى:
- {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]؟
- وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } [المعارج: 24، 25]؟
الْمَحْرُوم في اللغة: أي الْمَمْنُوعُ مِنَ الخير، مِنَ الفِعْلِ حُرِمَ حِرمَاناً، أي: مُنِعَ الخيرَ ومُنِعَ التمتعَ بالنِّعَم مَنْعًا.
قال ابن عاشور: وإِطْلَاقُ اسْمِ الْمَحْرُومِ لَيْسَ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ وَيَحْرِمُوهُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَآلُ أَمْرِهِ إِلَى مَا يؤول إِلَيْهِ أَمْرُ الْمَحْرُومِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَحْرُومِ تَشْبِيهًا بِهِ .. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ تَرْقِيقُ النُّفُوسِ عَلَيْهِ وَحَثُّ النَّاسِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُ لِيَضَعُوا صَدَقَاتِهِمْ فِي مَوْضِعٍ يُحِبُّ اللَّهُ وَضْعَهَا فِيهِ.
وإليكم أهم ما جاء في تأويل [المحروم] ثم نحاول الترجيح فيما بينها:
- أكثر المفسرين يقولون: المحروم هو الْمُتَعَفِّفُ الذي لا يسأل الناس رغم حاجته.
- وقال الزمخشري: هو الذي يُـحْسَبُ غَنِيّاً فَيُحْرَمُ الصدَقة لِتَعَفُّفِه.
- وقال ابن عطية بعد أن استعرض الأقوال المختلفة في المحروم: هو الذي تَبْعُدُ عنه مُـمْكِنَاتُ الرزق بعد قربها منه، فَيَناَلُهُ حِرمَانٌ وفَاقَة، وهو مع ذلك لا يَسْأَل.
- وقال ابن عباس: "هو الْمُحَارِف الذي ليس له في الإسلام سَهْمُ مال". أي هو صاحب الْـحِرْفَة الْمَحْدُود الدخل، القليل رزقه.
- وقالت أم المؤمنين عائشة: هو الْمُحَارِف (صاحب الحرفة) الذي لا يكاد يَتَيَسَّرُ له مَكْسَبُه.
- وقال الضحاك: هو الذي لا يكون له مال إلا ذَهَب، قضى الله له ذلك.
- وقال بعض المفسرين: هو صاحب الجائِحَة الذي أصيب زَرْعُهُ وثَـمَرُهُ أو مَاشِيَتُه.
- وقال بعضهم: هو العبد الْمَمْلُوك، وقيل : هو الْمُكَاتِب.
- وقال عكرمة : المحروم: الذي لا ينمي له مال.
- وقال الشوكاني بعد استعراض الأقوال: والذي ينبغي التعويل عليه ما يدلّ عليه المعنى اللغوي، والمحروم في اللغة: الممنوع، من الحرمان وهو المنع، فيدخل تحته مَنْ حُرِمَ الرزقَ مِنَ الأصل، ومَنْ أُصِيبَ مالُه بِـجَائِحَةٍ أَذَهَبَته ، ومَنْ حُرِمَ العَطاء، ومَنْ حُرِمَ الصَّدَقَة لِتَعَفُّفِه.
لَعَلَّ قَوْلَ الشوكاني رحمه الله قد شَمِلَ كُلَّ ما تَقَدَّمَ مِنْ تآوِيلٍ لِلْمَحْرُوم، ويَبْقَى لنا أَنْ نُضِيفَ إليه أَصْنَافاً ظَهَرَت في زَمَانِنَا يَغْفَلُ عنها أصحاب الأموال، حيث يدخل تحت وصف [محروم] هؤلاء:
- الْمُوَظَّف الذي لا يَكْفِيه رَاتِبُهُ الشَّهْرِيّ.
- العاطِل الذي لا يجد عَمَلاً يَتَكَسَّبُ منه.
- العامل الذي لا يَسُدُّ أَجْرُهُ حَوَائِجُه.
- الْمُحْتَرِفُ صَاحِبُ الْـحِرْفَة الذي لا يَكْفِيه رِزْقُه مِنْ حِرْفَتِه.
- ذَوِي الأعمال الْمُوسِمِيَّة، الذين يعملون في مُوسِم الْحَرث، أو في مُوسِمِ الْـحَصد، ويَتَعَطَّلُون في غيرهما.
- أَضِفْ إلى ذلك كُلَّ أصحاب الْمَصَائِب، كَمَنْ يَنْهِدُمُ بَيْتُه، أو يَـخْسَرُ تجارته أو ماله، أو تَـهْلَكُ آلَتُه أو الْمَكِينَةُ التي يَعتَمِدُ عليها في الكَسْب.
- وغير ذلك مما يجب أنْ يَفْطِنَ له الْمُسلمون ذَوُو الأموال بِتَأَمُّلِ أحوال أُخْوَتِهم الذين يَعُفُّونَ عن السؤال رغم شِدَّةِ عَوَزِهِم وحَاجَتِهم.
تلك الحالات السابق ذكرها يُعَدُّونَ مِنْ أهل الْعِفَّة والتَّعَفُّف، فهم عَادَةً مِنَ الذين لا يسألون الناس إِلْـحَافاً، ممن قال الله عز وجل فيهم: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 273]
وحَرِيٌّ بِذَوِي الأموال أَنْ يُقَدِّرُوا في هؤلاء الناس عِفَّتَهُم وكَرَامَتَهُم، فَيَحْفَظوا لهم تِلْكَ الْعِفَّة والْكَرَامَة، حَرِيٌّ جَدِيرٌ أَنْ تَتِمَّ مُسَاعَدَتُهم والتَّصَدُّقُ عليهم دُونَ جَرْحِ مَشَاعِرِهم، ودُونَ جَرْحِ كَرَامَتِهم، فَلْيَكُنْ سِرّاً، أو لِتَكُنْ الْمُسَاعَدَةُ بِطَرِيقٍ غير مُبَاشَرٍ لا يَشْعُرُونَ فيه بِـمَهَانَةِ أو مَذَلَّة الْعَوَزِ والفقر.
والله أعلم
د. محمد الجبالي