من البلاغة القرآنية

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
يقول تعالى : ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة:48] .
ويقول تعالى : ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾[البقرة:123] .

يقول الشعراوي (ت:1419هـ) بتصرف : " قوله تعالى : { واتقوا يوما } يذكرهم بهذا اليوم . وهو يوم القيامة الذي لا ينفع الإنسان فيه إلا عمله . ويطلب الحق سبحانه وتعالى منهم أن يجعلوا بينهم وبين صفات الجلال لله تعالى في ذلك اليوم وقاية .
وهذه الآية وردت مرتين . وصدر الآيتين متفق . ولكن الآية الأولى تقول : { ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون } والآية الثانية : { ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون } هل هذا تكرار ؟ نقول لا . والمسألة تحتاج إلى فهم .
وقوله تعالى : { لا تجزي نفس عن نفس شيئا } كم نفسا هنا ؟ إنهما اثنتان . نفس عن نفس . هناك نفس أولى ونفس ثانية . النفس الأولى هي الجازية والنفس الثانية هي المجزى عنها .
إذا نظرت إلى المعنى ، فالمعنى أنه سيأتي إنسان صالح في يوم القيامة ويقول يا رب أنا سأجزي عن فلان أو أغنى عن فلان أو أقضي حق فلان . النفس الأولى أي النفس الجازية تحاول أن تتحمل عن النفس المجزى عنها . الإنسان الصالح يحاول أن يشفع لمن أسرف على نفسه فلا تقبل شفاعته ولا يؤخذ منه عدل ولا يسمح لها بأي مساومة أخرى . هنا الضمير يعود إلى النفس الجازية . أي التي تتقدم للشفاعة عند الله : { ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون } .
وفي الآية الثانية يتحدث الله تبارك وتعالى عن النفس المجزى عنها : { لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة } . أي أن الضمير هنا عائد على النفس المجزى عنها . فهي تقدم العدل أولا : { أرجعنا نعمل صالحا } فلا يقبل منها ، فتبحث عن شفعاء فلا تجد ولا تنفعها شفاعة " .

والله أعلم وأحكم
 
بارك الله فيك وشكر الله لك هذه الجهود الكطيبةالطيبة،لكن كيف يمكن التوفيق على ماتدل عليه ظواهر هذه النصوص من عدم قبول شفاعة الشافعين عند الله يوم القيامة،وماتدل عليه بعض النصوص الحديثية التي تفيد جواز شفاعة الصالحين واهل القرآن...وشكرا
 
الفاضل محمد أوفاري ، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم
فالشفاعة واردة بصريح الكتاب والسنة ، وهي خاصة بأهل التوحيد أما الكافر والمشرك ، فلا تناله الشفاعة يوم القيامة .
يقول تعالى : ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء:28] .
يقول أبو بكر الجزائري - حفظه الله - مستنبطا هداية الآية :
- بطلان دعوى المشركين في شفاعة الملائكة لهم ، إذ الملائكة لا يشفعون إلا لمن رضي الله تعالى أن يشفعوا له .
- تقرير وجود شفاعة يوم القيامة ولكن بشرطها وهي أن يكون الشافع قد أذن له بالشفاعة ، وأن يكون المشفوع له من أهل التوحيد فأهل الشرك لا تنفعهم شفاعة الشافعين " .
ومن حديث أخرجه مسلم في صحيحه : " أن أبا هريرة قال لكعب الأحبار : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل نبي دعوة يدعوها . فأنا أريد إن شاء الله ، أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة . فقال كعب لأبي هريرة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال أبو هريرة : نعم " . وبهذا تكون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لأمته يوم القيامة .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى