الأخ الفاضل هذا كلام الشوكاني رحمه الله في مسألتك وقد أوردته في مشاركة لي بعنوان الحروف المقطعة بين الشوكاني والزمخشري والطبري:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18882
المروي عن رسول الله في الحروف المقطعة:
قال الشوكاني:
"فإن قلت : هل ثبت عن رسول الله في هذه الفواتح شيء يصلح للتمسك به؟
قلت : لا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في شيء من معانيها ، بل غاية ما ثبت عنه هو مجرد عدد حروفها ، فأخرج البخاري في تاريخه ، والترمذي وصححه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف » وله طرق عن ابن مسعود . وأخرج ابن أبي شيبة ، والبزار بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه مرفوعاً ."
المروي عن الصحابة في الحروف المقطعة:
قال الشوكاني:
"فإن قلت : هل روي عن الصحابة شيء من ذلك بإسناد متصل بقائله أم ليس إلا ما تقدم من حكاية القرطبي عن ابن عباس وعليّ؟
قلت : قد روى ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود أنه قال : { آلم } أحرف اشتقت من حروف اسم الله .
وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : { آلم } ، و { حم} ، و { ن } قال : اسم مقطع .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في كتاب الأسماء عن ابن عباس أيضاً في قوله : { الم } ، { والمصا } ، { وآلر } ، ، و { المر } و { كهعيصا } ، و { وطه } ، و { طسما } ، و { وطس } و { ويس } ، و { وص } ، و { وحم} ، و { تَعْمَلُونَ ق } ، و { ن } ، قال : هو قسم أقسمه الله ، وهو : من أسماء الله .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله { آلم } قال : هي : اسم الله الأعظم .
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله { آلم } قال : ألف مفتاح اسمه الله ، ولام مفتاح اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد .
وقد روي نحو هذه التفاسير عن جماعة من التابعين فيهم عكرمة والشعبي والسُّدِّي وقتادة ومجاهد والحسن ."
هل يذهب إلى شيء من أقوال الصحابة في الحروف المقطعة؟
قال الشوكاني:
"فإن قلت : هل يجوز الاقتداء بأحد من الصحابة قال في تفسير شيء من هذه الفواتح قولاً صح إسناده إليه .؟
قلت : لا لما قدمنا ، إلا أن يعلم أنه قال ذلك عن علم أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
على أنه يمكن أن يذهب بعض الصحابة إلى تفسير بعض المتشابه ، كما نجده كثيراً في تفاسيرهم المنقولة عنهم ويجعل هذه الفواتح من جملة المتشابه ،
ثم ها هنا مانع آخر ، وهو أن المروي عن الصحابة في هذا مختلف متناقض فإن عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر كان تحكماً لا وجه له ، وإن عملنا بالجميع كان عملاً بما هو مختلف متناقض ، ولا يجوز .
ثم ها هنا مانع غير هذا المانع ، وهو أنه لو كان شيء مما قالوه مأخوذاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لاتفقوا عليه ولم يختلفوا كسائر ما هو مأخوذعنه ، فلما اختلفوا في هذا علمنا أنه لم يكن مأخوذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لو كان عندهم شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لما تركوا حكايته عنه ورفعه إليه ، لا سيما عند اختلافهم واضطراب أقوالهم في مثل هذا الكلام الذي لا مجال للغة العرب فيه ولا مدخل لها. ."
اختيار الشوكاني رحمه الله تعالى:
"والذي أراه لنفسي ولكل من أحبّ السلامة واقتدى بسلف الأمة ألا يتكلم بشيء من ذلك ، مع الاعتراف بأن في إنزالها حكمة لله عزّ وجل لا تبلغها عقولنا ولا تهتدي إليها أفهامنا ، وإذا انتهيت إلى السلامة في مداك فلا تجاوزه ، وسيأتي لنا عند تفسير قوله تعالى : { مِنْهُ آيات محكمات هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ متشابهات } [ آل عمران : 7 ] كلام طويل الذيول ، وتحقيق تقبله صحيحات الأفهام وسليمات العقول ."
ثم قلتُ في نهاية المشاركة:
السؤال:
حيث إنه لم يصح فيها شيء مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق لنا إلا النظر في أقوال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وما ورد عن الصحابة محصور في الخلفاء الأربعة وبن مسعود وبن عباس.
فإذا صحت النسبة إلى الخلفاء الأربعة وبن مسعود رضي الله عنهما أنها من المتشابه ، وصح عن بن عباس ما روي عنه فأيهما يرجح ؟
وإذا عجزنا عن الترجيح لعدم وجود المرجح هل نسقط القولين ونجتهد في البحث عن معنى آخر؟
وهل قول الزمخشري رحمه الله تعالى : "فكأن الله عزّ اسمه عدّد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم ، وإلزام الحجة إياهم" يعتبر قولا ثالثاً خارج عن قولي الصحابة رضي الله عنهما؟