من أجل تدبر لكتاب الله تنبيهات لأحبتنا الأئمة

إنضم
12/09/2008
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
نظرا لما لأهمية قراءة الإمام من أثر في جلب الخشوع وحضور القلب وحصول المقصود من التدبر كان حري بالمسلم البحث عن كل ما يعينه على تدبر الآيات وحضور القلب في الصلاة ,
وحيث أن الأئمة لهم دور عظيم من خلال إمامة الناس في صلاتهم فهم بوابة كبيرة لحضور القلب والخشوع في الصلاة وتدبر القرآن ,
لذا على كل إمام الاعتناء بجميع الأسباب التي تجعل القلب حاضرا في الصلاة لأن روح الصلاة ولبها هو في الخشوع فيها وحين يقترب العبد من حضور قلبه يكون اثر الصلاة عليه واضحا جليا من امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه فيصل الحال بالعبد لأن يقترب من أن تتحقق فيه آية سورة العنكبوت:
(اتل ما وحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فتكون صلاته ناهية له عن الفحشاء والمنكر,
ومن أسباب ذلك بالنسبة للمصلين هو عناية إمامهم بتدبر آيات القرآن فسبحان الله الصلاة خلف إمام يتدبر لها أثر على النفس من إمام يهذ القرآن ,
ويكون ذلك باستشعاره للآيات وكذلك بطريقة قراءته وترتيله وتقيده بعلامات الوقف وغيرها فهذه وما شابهها سبب مباشر لحضور القلب ,
ودليلي في ذلك في أن العبد يبحث عن كل ما يعينه على التدبر هو ما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام والذي هو قدوتنا أنه ردد آية كما ورد في آية المائدة
{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }المائدة118
وكثير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وسلف هذه الأمة كانوا يرددون آيات لأجل التدبر والوقائع في ذلك كثيرة عنهم رحمهم الله تعالى,فتدبر الآيات مطلب عظيم وأساس في هذا القرآن العظيم فعلينا البحث عن كل ما يعين على التدبر
لأن التدبر معين على فهم الآيات ومعين على القيام بها ,
والقرآن أنزله تعالى ليتدبر وليعمل به ويتمثل في واقع حياتنا
قال تعالى : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29
إذن الإمام في الصلاة سبب من أسباب التدبر حين يكون ذا ترتيل طيب وصوت ندي مع تقيده بضوابط القراءة الصحيحة وعنايته بها من عناية بالتجويد وعلامات الوقف وطريقته في بيان المعاني والمقصود من الآيات وغيرها مما يعين على الفهم والتدبر ولعلي أبدأ ببيان شيء من هذا مجتهدا في ذلك فإن كان صوابا فمن الله وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ...,

1:- توضيح المعنى من خلال بيان الاستفهام في الآيات المشتملة على استفهام لأن هذا مما يبين المعنى ويزيده وضوحا وتدبرا كقوله تعالى في أل عمران : {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }آل عمران66

2 :- توضيح المعنى كذلك يتمثل من خلال بيان النفي إذا كانت الآية مشتملة على نفي كما في قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران78

3:- على الإمام كذلك أن يعتني بمواطن الوقف فالوقف ينبغي أن يكون عند انتهاء المعنى وليس مربوطا بصفحة معينة أو ربع أو حزب فمثلا في سورة الأنعام الآية 81 تنتهي بآخر الصفحة كما في مصحف المدينة النبوية والوقف عندها لا يكمل المعنى فيكون السامع سمع السؤال ولم يسمع الإجابة : {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنعام81
فيلزم عدم الوقف على هذه الآية بل يكمل ما بعدها
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
ومثلها في الأعراف آية 116 في مصحف الحرمين لا ينبغي الوقف عليها لأنها نهاية صفحة ونهاية حزب فالوقف عليها لا ينهي المعنى بل يقلبه بأن الغلبة لسحرة فرعون {قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ }الأعراف116
فالأفضل والأتم للمعنى هو أن يكمل بعدها قليلا بالآيات التي بينت حال السحرة وما كان منهم بعد أن ألقى موسى عصاه {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الأعراف117-118

4:- عدم الوقف على كلمات أو جمل تحيل المعنى عن مقصده فمثلا الوقف على كلمة تجري في وصف أنهار الجنة فينصرف المعنى إلا أن الجنات هي التي تجري: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }البقرة25
أو كلمة قالوا كقوله تعالى {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ .. }البقرة250
وتقف على كلمة قالوا فينصرف المعنى للقيلولة
بل أحيانا يحصل قلب للمعنى وإحالة بشكل عظيم عن مراد الله كقوله تعالى في سورة إبراهيم
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ ... }إبراهيم7
فيقف القارئ على كلمة ولئن كفرتم فينقلب المعنى إلى أن شكر النعمة وكفرها كلاهما جالب لزيادتها ... , وهذا مناف لمراد الله جل وعلى ,

5:- البدء الخاطئ كأن تبتدئ قراءتك بآيات لها صلة بما قبلها كأن تبتدئ في منتصف قصة من قصص القرءان دون بيان لأولها ومثال لذلك كقوله تعالى:
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء }آل عمران38
فالمنصت للآيات والمتابع لا يعرف المقصود ويحصل لديه انقطاع في ترابط الآيات
وأحيانا يكون البدء ليس في أول الآية لكن في أثنائها بسبب الوقف الخاطئ
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا }الأنفال31
ثم تقف وبعد ذلك تستأنف قراءتك وتكمل { إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ }الأنفال31
فكأنك تثبت مقولة الكفار تلك وهذا لا ينبغي بل يلزم ربط مثل هذه المقولة بقائلها,

6:- الوقوف قبل أدوات الاستثناء مما يقلب المعنى ويحيله عن مراد الله كقوله تعالى { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ}البقرة246 ثم تقف فمثل هذا الوقف يوهم بأن الجميع تولّوا ولم يقاتلوا ثم تستأنف الآية بأداة الاستثناء { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }البقرة246أو الوقف قبل ما السببية ثم الاستئناف بها فينقلب معناها لما النافية كقوله تعالى: {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا }الأعراف51
ثم تقف , فالوقف هنا وعدم وصل الآية ببعضها سيقلب المعنى لأن استئنافك لقراءتك بالآية { وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }الأعراف51

يجعلها كأنها إثبات للنفي بأنهم كانوا بآيات الله لا يجحدون والصحيح العكس فما حصل لهم ما هو إلا بسبب نسيانهم للقاء الله وكذلك لأنهم كانوا بآيات الله يجحدون
أو الوقف على أدوات الاستدراك {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ }
ثم تقف وتستأنف بقول الله تعالى : { وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }البقرة177
فالأولى وصل الآيات ببعضها,
أو الإتيان بفعل الشرط دون الإتيان بجوابه {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ }
ثم تقف وبعد ذلك تستأنف { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الأنفال29
أو الوقف على المضاف دون المضاف إليه كقوله تعالى : {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ }الأنعام135 فتقف ثم تستأنف بكلمة الدار { الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }الأنعام135 الأنعام
أو كقول الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا } وتقف وتستأنف { أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }المسد1
فهذا خطأ لا ينبغي لقارئ القرآن فعله

7:- ومن الأخطاء كذلك هو ربط الجمل القولية بعضها ببعض كقوله تعالى في سورة البقرة {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ }البقرة14
فتقف على كلمة شياطينهم فهنا ينصرف المعنى إلا أن ادعائهم بالإيمان يكون حال لقائهم بالمؤمنين وكذلك حين يخلون بشياطينهم , وهذا مناف لمراد الله والواجب المفترض أن تقف عند كلمة آمنا {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ }
ثم تستأنف { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } البقرة14
ومثلها ما في سورة أل عمران قوله تعالى : 0( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ) فكأن السامع يظن أن النفي هو مرتبط بكلام الكفار وقولهم هو من عند الله
والأولى هو الوقف عند قوله تعالى : ( ويقولون هو من عند الله ) ثم يستأنف بقوله تعالى : ( وما هو من عند الله )
ومثلها ما في سورة الأحزاب : ( يقولون إن بيوتنا عورة ) الأفضل يقف هنا ثم يستأنف بقوله تعالى : ( وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا )
8:- ومن الملاحظات كذلك عدم إظهار الأمرية في آيات الآمر والمنصت حين يسمع الأمر واضحا بصيغة الأمر يكون ادعى للتأثر به والامتثال ومن ثم العمل كقوله تعالى :
{وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ }الأنعام120

9:- ومن الملاحظات عدم الوقف عند كلمة معينة لأن الوصل يقلب المعنى لمعنى آخر ولست هنا أقصد الوقف اللازم في القرآن لأنه موضح ومبين وله علاماته لكن هناك كلمات ينبغي لقارئ القرآن أن يقف عليها توضيحا للمعنى كقوله تعالى : {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأعراف184
فالواجب الوقف على كلمة يتفكروا لأن وصلها بما بعدها يقلب المعنى إلى أن المطلوب هو التفكر بالّذي في صاحبهم من جنة , فهي كأنها إثبات لما اتهموه به فتكون ما النافية عند الوصل اسم موصول بمعنى الّذي ,
ومثلها قوله تعالى في سورة الحديد: { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً } ثم تقف على كلمة رهبانية فيكون مفهوم الآية بأن الله جعل في قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية وهذا مخالف لمراد الله بأن جعل سبحانه في قلوبهم رأفة ورحمة فقط وأما الرهبانية فقد ابتدعوها من عند أنفسهم فيلزم حينها أن تستانف القراءة بقول الله تعالى: { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا }الحديد27

10:- ينبغي كذلك لقارئ القرآن عدم الوقف على المعطوف خصوصا حين يكون هناك كذلك وصف أو جزاء لأن الاستئناف من آخر معطوف يقلب المعنى بأن هذا الوصف أو الجزاء يكون خاص بآخر معطوف وهذا يكون على غير مراد الله مثال ذلك في النساء {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء } ثم الاستئناف { وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69 فهذا يوحي بأن حسن الرفقة خاصة بالصالحين وهذا مناف لمراد الله بل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين جميع هؤلاء ممن حسنت رفقتهم
ومثلها في التوبة : {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا } ثم تقف وتستأنف بعد ذلك بقول الله : { وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }التوبة24
فهذا يوحي للسامع بأن إيثار حب المساكن على الجهاد في سبيل الله فقط هو سبب لنزول عذاب الله , وهذا مناف لمراد الله وإنما جميع ما ذكر الله تعالى من إيثار الآباء والأبناء والإخوان ...... _جميع من ذكر تعالى أوصافهم_
كلها سبب لنزول أمر الله وعذابه

11:- ومن الملاحظات هو قراءة البعض للام الأمر إلى تعليل والعكس ,
فقارئ القرآن عليه أن ينتبه للفرق بين لام التعليل ولام الأمر لأن قلب إحداهما للأخرى يقلب معه المعنى فمثلا قول الله تعالى في سورة الحج {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }الحج29 فاللام هنا في لْيقضوا ولْيوفوا ولْيطوفوا جميعها لام أمر وليست لام تعليل والفرق واضح بين,
والإتيان بإحداهما مكان الأخرى يقلب المعنى بشكل ظاهر مخل ,
ومثال لام التعليل قول الله تعالى في سورة إبراهيم : {هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }إبراهيم52
فنطقك لكلمة ( ولْينذروا ) ( ولْيعلموا ) ( ولْيذّكر ) بلام الأمر يحيل المعنى إلى أوامر وليست تعليل

12:- كذلك العناية بالمخارج مطلب عظيم لقارئ القرءان خصوصا الإمام ,
فحين تقرأ قول الله تعالى في سورة إبراهيم
{يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ }إبراهيم27
فحين تقرأ كلمة ويضل بالظاء بدل الضاد ينقلب المعنى للظل
أو في سورة القيامة قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }القيامة22
فقراءة ناضرة بالظاء يقلب المعنى إلى تكرار النظر وتأكيده , بينما ناضرة من النضرة والطلعة والبهاء,ومثلها الضاد في الفاتحة,
وكذلك غيرها من الحروف فالسين لا ينبغي أن تنقلب صادا مثلا في كلمة سورة أو أساطير أو بساطا والتاء ينبغي أن لا تكون كذلك فيها جزء من حرف الدال أو تنقلب لتاء فتنطق والتين الدين أو الدين تنطق تين وهكذا

13:- هناك حروف نتيجة قرب مخرجها يحصل لأن تندغم ببعضها فعلى القارئ الحذر من إدغامها بل الواجب إظهارها كاملة وهي على رواية حفص عن عاصم , وهي كالتالي :
* الدال بالضاد(قد ضلوا)/الدال بالجيم(قد جعل)/التاء بالجيم(وجبت جنوبها)/الدال بالسين(قد سألها)/الدال بالظاء(لقد ظلمك)/اللام بالنون(وجعلنا)/الغين بالقاف(لا تزغ قلوبنا)/الحاء بالعين(فاصفح عنهم)/ التاء بالثاء(كذبت ثمود) /الظاء بالتاء(أوعظت) الذال بالتاء(اتخذتم)/ العين بالغين ( ويتبع غير )/ (العين بالهمزة(ولا تتبع أهوائهم)
* الضاد كذلك حين تجاور بعض الحروف يلزم بيانها وإظهارها كمثل :
الضاد:( مع التاء(أفضتم)/مع الطاء(اضطر)/مع الجيم(واخفض جناحك) مع النون(لم يحضن)/مع الراء(وليضربن)/مع اللام(فضل)مع الذال(ببعض ذنوبهم)/
مع الضاد(واغضض)/مع الظاء(انقض ظهرك)
* التاء إذا جاورت الصاد يحذر أن تنقلب سينا(ولو حرصت)
* الطاء إذا جاورت الصاد يحذر أن تنقلب تاءا(واصطبر)
* إذا تكررت الياء في كلمة أو كلمتين فيجب بيانها(فأحيينا)
* الميم إذا جاورت الفاء أو الواو يحذر من إخفائها (لهم فيها)
وهذا يدفعنا لمعرفة ما يدغم حفص من الحروف سواء تقاربا أو تجانسا
فهو يدغم التاء بالدال والعكس , ويدغم التاء بالطاء والعكس , ويدغم الثاء بالذال كما في الأعراف ( يلهث ذلك ) ,ويدغم الذال بالظاء كما في النساء ( ولو أنهم إذ ظلموا ) أوالزخرف ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم ) ,ويدغم اللام بالراء , ويدغم الباء في الميم وهو في سورة هود ( اركب معنا ) , ويدغم القاف بالكاف ناقص أو كامل حسب الطريق وهو في سورة المرسلات ويدغم كذلك كل مثلين صغير الأول ساكن والثاني متحرك ,

14:- على القارئ كذلك بيان المشدد من الحروف دون مبالغة لأن الحرف المشدد عن حرفين,وعلى الإمام خصوصا أن يعتني بالحروف المشددة في فاتحة الكتاب لأنها ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها لحـديث(لا صـلاة لمـن لم يقـرأ بفاتـحة الكتـاب) ولقـوله علـيه الصـلاة والسـلام لصحابته عندما عـلم بقـراءتهم خـلفه:
( لا تفـعلوا إلا بأم الكـتاب ) لذا كان من الأهمية بمكان تسميعها لدى متقن وكذلك بيان ما يكون فيها من لحن قد يحيل المعنى أو بعض الأخطاء الدقيقة التي يحسن بالعبد تصحيحها و تقويمها فينبغي معرفة كيف تقرأ الفاتحة قراءة صحيحة وكل حسب اجتهاده ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وعلى العبد أن يتذكر أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة فاحرص على أن تكون منهم , وإليك بعضا من هذه الأخطاء التي اجـتهدت بجمـعها ,
البعض لا يبـين التشـديد في حـرف البـاء بقـوله ( ربّ )
أو تشـديد الـراء في ( الـرّحمن الـرّحيم ) وكذلك عدم بيان التشديد ب( ايّاك )
البعض يفـتح حـركة النـون في كلـمة ( الرّحـمن ) ولا يـبين حـركة الكـسر
البعض يمـد الصـوت بالضـم على الدال بقـوله ( نعـبد ) فينقـلب إلى واو الجمع ,
البعض لا يبـين العـين بقوله : ( نسـتعين ) فـتكون مشـمّة بالهـمز وقـريبة منها,
البعض لا يحـقق الكـسر بقـوله ( اهـدنا ) فيخـتلسها
البعض يفـتح الهـمزة فتـكون بمعـنى الهـدية ( أهـدنا )
البعض يُشـم الصـاد في كلمة الصراط وتـكون قـريبة من السـين أو الزاي
البعض لا يـبين التشـديد في لام ( الّذين )
البعض يدغم نـون ( الّذين ) مع نـون ( أنـعمت ) مع إلغائه لحرف الهمزة
البعض يقلب همزة القطع في أنعمت لهمزة وصل ,
البعض ينـطق حـرف الضـاد ظـاء في كلـمة ( المـغضوب ) وكلـمة ( الضـالّين )
البعض يضـم هـاء ( عليـهم )
البعض لا يبـين التشــديد في الضاد أو اللام في كلمة( الضــالّين )

هذا ما تيسر جمعه وبيانه وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته وأن يجعل القرآن حجة لنا لا علينا ويرزقنا تلاوته أناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وســلم


كتبه : خـالد بن ســليمان الغــرير
كلية العلوم والأداب في الرس ص ب ( 53 )
 
[align=center]جزيت خيرا على هذه التنبيهات القيمة


21/8/1430هـ[/align]
 
أولاً جزاك الله خيراً أخي الشيخ خالد على ما نبهتم إليه, إذ إن الأئمة لهم دور لا يخفى أثره على الناس في ربطهم بالقرآن وتدبره وتذوق حلاوته في الشهر المبارك..
ولعلي أن أضيف إلى ما ذكرتم أمرين أحب أن تكون على ذُكر من أئمة التراويح:

أولها: أن هناك جانب وهبي, وآخر كسبي فيما يتعلق بالإمام حتى يكون ذا قلب حاضر خاشع متدبر, أما الوهبي فهو أن يسأل الله أن يهب له ذلك القلب الخاشع الحاضر المتدبر, وهي نعمة تحول دونها حُجُب الذنوب وأدران القلوب, فلا تسطع أنوار معاني القرآن في مرآة القلب مالم تُصقل وتنظف مما علق بها من وسخ الأوزار..ولْيُلحّ على الله أن يرزقه النية الصالحة في تلاوته وإمامته, وأن تكون خالصة لوجهه تعالى..وليتذكر حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله)
قال الشيخ الألباني في تعليقه على سنن ابن ماجه: صحيح.
وأما الجانب الكسبي فهو أن يكون للإمام حظ من الإطلاع على التفسير وكتب المعاني وأسباب النزول ومقاصد السور والسيرة النبوية خاصة الوقائع والأحداث المتعلقة بالآيات المتلوة..فإن لذلك أثراً بالغاً في العيش مع الآيات وتدبرها..
ويصدق ماسبق من الجانبين على المأموم أيضاً..

الثاني: أن مراعاة ماذكره أخي الشيخ خالد من الوقوف وطريقة الأداء أمر له أثره في الفهم وتذوق التلاوة, خاصة فيما يتعلق بالنبرات المُميِّزة لجمل الآيات من استفهام وتعجب ونفي وأمر وغيرها؛ ولذلك يحلو لبعض القراء أن يسمي هذه الطريقة في الأداء بـ(التلاوة التفسيرية)؛ لأنك عندما تستمع لإمام هذا شأنه فكأنه يفسر لك القرآن بطريقة أدائه. وأود أن أنقل كلاماً لأحمد زكي باشا في "الترقيم وعلاماته" لعله يناسب المقام إذ يقول: (دلت المشاهدة, وعززها الاختبار على أن السامع والقاريء يكونان على الدوام في أشد الأحتياج إلى نبرات خاصة في الصوت أو رموز مرقومة في الكتابة, يحصل بها الفهم والإدراك).
سائلاً الله أن يبلغنا جميعاً شهر رمضان على خير حال يرضي ربنا تبارك وتعالى.
 
لنعم التنبيهات هذه، فهي حقا مما تشتد له الحاجة ويكثر فيه التفريط ..
فجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.

وأحب التذكير بكتاب الدكتور إبراهيم الدوسري: (إبراز المعاني بالأداء القرآني) من إصدارات دار الحضارة، فهو نفيس في بابه ويصب في هذا الموضوع، وتجد تعريفا به هنا.
 
أشكر لك أخي رائد الكحلان إضافتك المميزة والقيمة
صدقت أخي فهناك من يلزمك بالعيش مع الآيات ويجبرك على ذلك وعدم السرحان ولا تشعر إلا بتكبيره للركوع
أكرر لك شكري وتقديري وبارك الله فيك
ورزقنا وإياك تلاوة كتابه والوقوف عند حدوده على الوجه الذي يرضيه عنا
 
[align=center]جزاكم الله خيرا وبارك فيـــكم على هذه التنبيهات القيمة ...[/align]
 
الأخ العبادي بارك الله فيك وجزيت خيرا على تنبيهك لكتاب الشيخ إبراهيم الدوسري حفظه الله ونفع به
 
محبة القرآن
اشكر لك مرورك وبارك الله فيك ورزقنا وإياكم محبة كتابه وتلاوته وتدبره والعمل بأحكامه
 
الأخ الحبيب العبادي كل شكري وتقديري لإضافاتك المميزة والتي كملت الموضوع وسددت خلله
بارك الله فيك ونفع بك
 
عودة
أعلى