من آليات التوازن الصوتي القرآني : التقديم و التأخير

إنضم
09/07/2011
المشاركات
75
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجديدة ، المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم


الرتبة في النحو هي الموقع الأصلي الذي يجب أن يأخذه اللفظ داخل الجملة بالنسبة للألفاظ الأخرى المرتبطة به بعلائق نحوية تركيبية . فالأصل في الجملة الفعلية في اللغة العربية مثلا : فعل و فاعل ثم مفعول ، و الأصل في الجملة الاسمية : مبتدأ ثم خبر ...وهكذا ، حيث تلعب الرتبة دورا أساسا في تحديد الوظائف النحوية في اللغة العربية .
غير أن هناك استثناءات تخرج فيها هذه الرتبة عن الأصل الموقعي إذا كان هناك ما هو أولى من احترام الرتبة . وبتعبير آخر هناك عوامل تؤثر في البعد الموقعي للفظ ، فتكون سببا في الخروج عن الأصل ، إذ تتسم القواعد النحوية العربية بالمرونة ، ولولا مرونتها لجمدت التراكيب ولكانت اللغة على وتيرة واحدة ولانْتَفَت الإبداعية داخل اللغة ،وهذا. أحد أسباب موت الكثير من اللغات وصمود اللغة العربية و إعجازها الذي استمدته من إعجاز القرآن الكريم الذي نزل بها .
لكن تجاوز القواعد الأصلية للألفاظ - فيما يتعلق برتبة كل واحد منها – ليس متروكا لمستعمل اللغة يطبقه بشكل فوضوي بل إنه ينضبط بقواعد وضعها النحاة في منع أو إجازة تقديم وظيفة نحوية على أخرى :
- كمنعهم مثلا تقديم خبر إن و أخواتها على اسمها فقولنا :( إنَّ صالحٌ عمرواً ) عوض ( إن عمروا صالح ) قول لاحِنٌ و خارج عن القواعد العربية .
- وكمنع النحاة أيضا تقديم الحال على عاملها إلا إذا كان فعلا متصرفا : فجملة (قائماً هذا زيدٌ ) غير مقبولة كذلك في للنسق العربي .
- و كعدم إجازتهم التصرف في الجملة التعجبية بتقديم أو تأخير لأن فعل التعجب غير متصرف ولا يصاغ منه مضارع و لا أمر ....إلى غير ذلك من الأمور التي قَعَّد لها النحاة في مسألة التقديم و التأخير.
و تعتبر ظاهرة التقديم و التأخير من الوسائل التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق توازنه الصوتي بشكل جعله متماسكا من الناحية الصوتية الإيقاعية . حيث يتبين لنا من خلال استقصائنا للعلاقة الموجودة بين ظاهرة التقديم و التأخير وبين التوازن الصوتي القرآني أن مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يُفَسَّرُ بها عدول القرآن الكريم عن الرتبة الأصلية للغة العربية :
وسنُمَثِّل هنا ببعض الآيات القرآنية - و غيرها كثير - التي وُظِّفت فيها آليةُ التقديم والتأخير مراعاةً للفاصلة :
* قال سبحانه وتعالى :{واجعلنا للمتقين إماما } الفرقان ٧٤ ، حيث أُخِّر ما حَقُّهُ التقديمُ وهو لفظ "إماما" الفاعل في المعنى أو المفعول الثاني لفعل "اجعلنا" و ذلك حفاظا على فاصلة الألف الممدودة التي تطبع سورة الفرقان .
* وقال جل وعلا أيضا : {إن كنتم للرؤيا تعبرون }يوسف٤٣ ، حيث قُدِّم المعمول "الرؤيا " على العامل " تعبرون " مراعاة لفاصلة النون الساكنة التي سارت عليها السورة كلها تقريبا .
* وقال عز وجل : {والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى } الأعلى ٤ ، فمعنى لفظ "أحوى " المعجمي هو : الأسود من شدة الاخضرار ، أما "الغثاء " فهو مايحمله السيل من أوراق الشجر اليابسة .فأُخر ما حقه التقديم وهو اخضرار النبات ،بينما قدم ما حقه التأخير وهو اصفراره و يُبْسُه. وبذلك تكون كلمة (أحوى) مؤخرة معناها التقديم .
هذه بعض الأمثلة من ظاهرة التقديم و التأخير في القرآن الكريم كإحدى الآليات التي استخدمها القرآن الكريم ليخلق تلاؤما و تناسقا و توزيعا صوتيا يناسب الحدث و يبَلغ مضمون الرسالة و يحدث التأثير المقصود في مُتلَقِّي (بصيغة الجمع ) القرآن الكريم .
 
قبيل قراءتي لهذا المقال كنت أفكر في قوله تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) : لو قُدِّمت الصلاة على الصبر في التلاوة، لكان هناك نوع من الثِّقل، وأما على ترتيب الآية فأحسُّ بسهولةٍ في النظم لا أعرف سببها، فهل عندك في هذا شيء يا دكتورة خديجة؟
 
بارك الله فيك،
لكن أظن أن للتقديم والتأخير دواعي معنوية كذلك فضلا عن مراعاة التوازن الصوتي والفاصلة،
مثل أن يكون ما حقه التأخير قد قُدم لإبرازه والتنبيه إلى معنى فيه
مثال : {واجعلنا للمتقين إماما}
- فيه إشارة إلى أن الإمامة والتصدر يكون محمودا إذا كان تقدما على أهل الصلاح والتقوى، لأنه يجوز أن يكون الرجل إماما في الضلالة كما قال تعالى {فقاتلوا أئمة الكفر} وقال عن فرعون وملإه {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} وقال عن "إمامهم" فرعون {يقدُم قومه يوم القيامة فأوردهم النار}، فقدم ذكر المتقين لأهميته
- كما فيه إشارة إلى علو الهمة في الدعاء إذ لم يكتفوا بسؤال التقوى، بل أن يكونوا أئمة التقوى، وهذا يتضمن - كما ذكر ابن القيم - سؤال التقوى إذ لا يبلغ العبد أن يكون إماما للمتقين حتى يكون تقيا، فكأنهم سألوا : واجعلنا مُتقين - درجة أولى - ثم اجعلنا للمُتقين إماما - درجة ثانية
ولهذا السبب كذلك قدم الناس في قوله تعالى لإبراهيم {إني جاعلك للناس إماما} فقد قدم الناس مع أن الآية ليست فاصلة وذلك للتنبيه على الشرف الذي حصله عليه السلام بعد اجتيازه للابتلاءات الإلهية، فاستحق الإمامة على الناس جميعهم
والله أعلم
 
الاخت الفاضلة خديجة إيكر

إسمحي لي بأن أختلف معك فيما ذهبت إليه من أن"مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يُفَسَّرُ بها عدول القرآن الكريم عن الرتبة الأصلية للغة العربية"

وقولك: " لكن تجاوز القواعد الأصلية للألفاظ - فيما يتعلق برتبة كل واحد منها – ليس متروكا لمستعمل اللغة يطبقه بشكل فوضوي بل إنه ينضبط بقواعد وضعها النحاة في منع أو إجازة تقديم وظيفة نحوية على أخرى "

وأنا لا أتفق مع فهمكِ للشواهد/ الايات الثلاثة التي أوردتِها


فقولك: " أن مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يُفَسَّرُ بها عدول القرآن الكريم عن الرتبة الأصلية للغة العربية"

عفوا .. ولكن.. ما هي "الرتبة الأصلية للغة العربية"؟ هل وضعها الله أم وضعها النحويون؟!

وهل القران "يعدل" عن شيء ليجاري قواعد العرب؟! أم أنه كتاب محكم مفصل مبين؟!

كلمة "أهم" ما هو الدليل عليها؟ فهل جاء في ذلك نص؟

وما هي "العوامل" المهمة الأخرى التي يراعيها ربنا في وضعه لترتيب كلمات القران؟! وما هي العوامل الاقل أهمية؟

فهل القران هو الأصل والمقياس تستمد منه "اللغة" قواعدها أم ان قواعد "اللغة" هي التي تحكم فهمنا للقران وتوجهه ؟

أي هل للقران قواعده ونظمه الخاصة به؟ أم هو جاري على ما جاء في نثر العربِ وأشعارهم "والرتبة الأصلية للغة العربية

هل إستمد اللغويون قواعدهم من القران وغيره من مثل أشعار العرب وحكمهم، فوضعوا قواعدهم أم أنهم فقط إقتصروا على القران في وضعهم لهذه القواعد؟.

فإذا قلنا بأن قواعد العرب هي المُقَدّمة وهي الأصل والحاكمة لفهمنا للقران لأصبح القران تبعا لها، وفقد هيمنته، وصار فهمنا له تبعا لما جاء به البصريون والكوفيون وغيرهم في قواعدهم... وبذلك ما خالف القران كلام العرب وإنما أصبح نظما مماثلا لما نظمه العرب!

أما إذا قلنا بأن للقران نظمه وقواعده الخاصة به التي علينا إكتشافها على مر الزمان فيكون بذلك حاكما على كلام العرب وقواعدهم النحوية.. ووجب علينا بذلك البحث المستمر لفهم هذه النظم والقواعد.. فبذلك يستمر عطاء القران عبر القرون، فلاتنقضي عجائبه.. ولتطورت قواعد اللغة وتشكلت على قدر تطور فهمنا للقران ..فقواعد اللغة كما وضعها النحويون ليست بالشيء المنزل الموحى به!

ووجود مثل هذه القواعد التي وضعها العرب بعد نزول القران ألا يُعد حجرا على فهمنا للقران الذي إنفرد بنظمه الخاص أو ما يمسى ب "إعجاز القران اللغوي" .. والدليل على خطأ مثل هذا القول هو من نوع ما ذكرت من شواهد حيث سوف يغيب مقصد الله -عز وجل- في الايات بسبب الإعتقاد بأن هناك تقديم وتأخير في الكلمات حتى يبقى الإنسجام مع ما وصفته ب "التوازن الصوتي" !

في حين أنه لا تقديم ولا تأخير في القران.. فكل كلمة وحرف تجيء في موضعها وموقعها المراد .. لأن القول بالتقديم والـتأخير يعني بأن هناك أصل ثابت وهو المرجع والأساس .. وجاءت الايات فخالفت هذا الأصل والأساس.. فمن أسّسّ ومن أصّل هل هو الله أم العرب وأشعارهم!.. فهل حتى نفهم الايات نحن مطالبون بردها وإعادة ترتيب كلماتها للأصل والقواعد التي وضعها النحاة! .. فبذلك نتوه أربعين سنة نحاول أن نعرف لماذا خالفت الاية القواعد البشرية ..

فينطبق علينا ما حذرنا الله منه " يحرفون الكلم عن مواضعه " و " يحرفون الكلم من بعد مواضعه" .. وهذا نوع من التحريف لا يرتضيه الله لكتابه.. وهو ما وقع فيه اليهود.. فلم تُحرّف الكلمة ولكن تم التحريف في موضعها من الاية.

وفي هذا منقصة لهيمنة القران وأنه القول الفصل الذي ترجع القواعد والقوانين إليه..

فكأن الله -عز وجل- وتعالى ربنا علوا كبيرا- كالراوي أو الشاعر أو الحكواتي يضطر الى اللجوء للتزويق والسجع على حساب المضمون ، فيتم تقديم الشكل على المضمون .. حتى يبقى "التوازن الصوتي"... والله عز وجل منزه عن هذا.

ولكن فيما أؤمن به بأنه إذا أبقينا ترتيب الكلمات في الايات كما أنزلت, وحاولنا معرفة لماذا وضعت الكلمة في الاية في موضعها الذي جاءت فيه لكنا ممن يتدبرون القران, ولفهمنا حكمة الله سبحانه ومقصده في إيرادها بهذا الترتيب. وهذا ما تبين لي في شاهدين من الشواهد الثلاثة التي ذكرتِها .. فهو ليس للحفاظ على "التوازن الصوتي" كما ذكرت, بل الترتيب فيه حكمة ممكن أن نتحدث عنها إذا فرغنا من نقض المبدأ الذي إنطلقت منه.

فالقران كما وصفه ربنا -عز وجل- كمواقع النجوم:
فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (سورة الواقعة - سورة 56 - آية 75 الى 77)

.. فوجود النجم في موقعه هو لحكمة وغاية مقصودة و في توازن مع بقية الكون.. وفوق هذا هو جميل وضاء ويحافظ على "التوازن البصري".. فعظمة الاية (إعجازها)2 موجود بترتيب الكلمات كما أنه موجود في المحافظة على "الفاصلة القرانية".. فإجتمع الحسنيان: المضون والشكل.. فهل العرب قادرون على أن يأتوا بمثل هذا؟

"وإذا قيل: (فكيف يفهم القران وهو مخالف لأساليب العرب؟) أو قيل: ( فكيف ذكر الله تعالى أته كتاب عربي؟) فيرد على هذا لا حقا إذا رغبتم..


ملاحظة :
(1) نقول" لسان" القران ولا نقول لغة القران ,فاللغة من اللغو والقران لا لغو فيه .
(2) نقول أيات /بينات/برهان القران كما وصف الله كتابه ولا نقول إعجاز القران .. فلا تصح هذه النسبة الى القران

وسامحوني
 
بارك الله فيك،
لكن أظن أن للتقديم والتأخير دواعي معنوية كذلك فضلا عن مراعاة التوازن الصوتي والفاصلة،
مثل أن يكون ما حقه التأخير قد قُدم لإبرازه والتنبيه إلى معنى فيه
مثال : {واجعلنا للمتقين إماما}
- فيه إشارة إلى أن الإمامة والتصدر يكون محمودا إذا كان تقدما على أهل الصلاح والتقوى، لأنه يجوز أن يكون الرجل إماما في الضلالة كما قال تعالى {فقاتلوا أئمة الكفر} وقال عن فرعون وملإه {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} وقال عن "إمامهم" فرعون {يقدُم قومه يوم القيامة فأوردهم النار}، فقدم ذكر المتقين لأهميته
- كما فيه إشارة إلى علو الهمة في الدعاء إذ لم يكتفوا بسؤال التقوى، بل أن يكونوا أئمة التقوى، وهذا يتضمن - كما ذكر ابن القيم - سؤال التقوى إذ لا يبلغ العبد أن يكون إماما للمتقين حتى يكون تقيا، فكأنهم سألوا : واجعلنا مُتقين - درجة أولى - ثم اجعلنا للمُتقين إماما - درجة ثانية
ولهذا السبب كذلك قدم الناس في قوله تعالى لإبراهيم {إني جاعلك للناس إماما} فقد قدم الناس مع أن الآية ليست فاصلة وذلك للتنبيه على الشرف الذي حصله عليه السلام بعد اجتيازه للابتلاءات الإلهية، فاستحق الإمامة على الناس جميعهم
والله أعلم


الأستاذ لطفي الحسيني ، أشكرك على تواصلك و تفضلك بالاطلاع على الموضوع .
وأنا أوافقك في ما قلته ، و لكن الدرس العلمي لظاهرة أو مسألة ما يقتضي عزلها عن مجالها لدراستها بدقة بغية الوصول إلى معرفة مكوناتها و خصائصها ووظائفها و طريقة اشتغالها . و ليس معنى عزل الظاهرة و تخصيصها بالبحث أنني ألغيت المكونات الأخرى ، بمعنى أنني عندما قمت بدراسة التوازنات الصوتية و علاقتها بالتقديم و التأخير فإنني درست فقط جزئية من مكونات النظام اللغوي و المتمثلة في الأصوات ،و الصرف ،و التركيب أو النحو ، و الدلالة أو المعنى وهو الجانب الذي أشرت إليه .و إلا فإننا يمكن أن ننظر إلى المسألة من زوايا أخرى ونبحث جزئية من الجزئيات التي ذكرتُها دون أن يقال لنا إننا أهملنا الجوانب الأخرى و السبب هو أننا خصصنا مقالنا لجانب محدد هو الجانب الصوتي . .
 
الأخت نضال الغطيس شكرا لك على مرورك على الموضوع
غير أن هناك الكثير من الأمور التي تلتبس عليك و التي لا بد من توضيحها :
- يجب أن نفهم أولا ما معنى العُدول . فهو مصطلح استعمله علماء البلاغة في الثقافة العربية الإسلامية ،و عندما ندرس العدول القرآني فنحن ندرس ظاهرة أسلوبية و تعبيرية حيث يتم لِدَواَعٍ تداولية أو أسلوبية بلاغية خرق ما اعتاده متكلم اللغة العربية من قواعد و ضوابط تحكم استعماله للغة .فمثلا قوله عز و جل : ( إياك نعبد و إياك نستعين ) قد قُدِّمَ فيه المفعول ( إياك ) على الفعل ( نعبد ) و( نستعين ) حيث استعمل القرآن الكريم أسلوب التخصيص ( إياك) و قام بتقديم المعبود على العابد و العبادة لأنه لا معبودَ بحَقٍّ يجب أن يُعبد إلا الله سبحانه و تعالى ن فالتعبير القرآني تكون له مقاصد صوتية و دلالية و..و..ولا تأتي الآيات بشكل معين هكذا جزافا . بل لا بد من التمعن فيها و تدبرها لاكتشاف هذه الأمور الجليلة . وقد يكون العدول لأسباب صرفية أو تركيبية أو دلالية أو تداوُلِية.
- قُلْتِ :"ولكن فيما أؤمن به بأنه إذا أبقينا ترتيب الكلمات في الايات كما أنزلت, وحاولنا معرفة لماذا وضعت الكلمة في الاية في موضعها الذي جاءت فيه لكنا ممن يتدبرون القران, ولفهمنا حكمة الله سبحانه ومقصده في إيرادها بهذا الترتيب" فهل أنا غيرتُ ترتيب الكلمات في الآيات على خلاف ما أنزلت عليه ؟؟ أو هل اختلقت ترتيبا جديدا لها حاشا لله و لكتابه ؟؟ إن الهدف من الدراسة هو معرفة لماذا رُتِّبَتْ ألفاظ الآيات هذا الترتيب المعين و التوصل إلى الحكمة من ذلك ، حتى نزداد تدبرا للقرآن الكريم لأننا كلما اكتشفنا خباياه كلما ازددنا تقديسا و إجلالا له .
-إن كتاب الله تعالى نزل موافقا لسنن العرب في كلامهم لأن هدفه هو أن يفهموه و يستنبطوا منه الأحكام الشرعية فيأتمروا به و ينتهوا عما نهى عنه .قال عز و جل : ( لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) ، و قال سبحانه : ( و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) . و هذا هو سر إعجاز القرآن الكريم و فَراَدَتِه اللغوية و هذا هو مكمن التحدي فقد استخدم لغة العرب أصحاب البلاغة و البيان و أصحاب المعَلَّقات الشعرية ووافق أساليبهم في الكلام ، و مع ذلك أَعْجَزَهم و لم يستطيعوا الإتيان و لو بآية من مثله .
- إن قواعد اللغة العربية وُضِعَتْ بعد نزول القرآن بزمن طويل ( القرن 2 ه ) ، و هي التي استُمِدَّت ْ من القرآن وليس العكس . ما ينبغي أن نعرفه أن القواعد الصوتية و النحوية و الصرفية و دلالات الألفاظ كلها أُخذت من القرآن الكريم لأن واضعي اللغة كان القرآن هو مصدرهم الأول ثم بعده الشعر و أمثال العرب .
- مَنْ قال إن معنى اللغة الوحيد هو اللغو ؟ فجميع الكلمات لها معان اشتقاقية أصلية و لها معان اصطلاحية ، فاللغة هي نظام و نسق له قواعد صوتية و صرفية و نحوية و دلالية ، و هي وسيلة من وسائل التواصل الإنساني . وليس لها فقط جانب اللغو ، فهل نحن عندما نتحدث اللغة لا نقول شيئا مفيدا ؟ هل نحن نلغو فقط ؟؟؟
- حتى الآيات التي حاولت الاستشهاد بها وهي قوله جل و علا : ( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم ) فيها عدول لمراعاة الفاصلة . فقد أخر سبحانه النعت ( عظيم ) و لم يأت به مباشرة بعد المنعوت ( قسم ) حفاظا على الفاصلة الميمية أو النونية التي انطبعت بها نهاية سورة الواقعة .
- قُلْتِ إنه لا يجب نسبة الإعجاز إلى القرآن . و هذا تطاول على كتاب الله تعالى فإذا لم يكن هو معجزا فما مفهوم الإعجاز عندك ؟؟؟ إن المؤمن الحق يعترف لكتاب الله بالإعجاز و ما فوق الإعجاز لأنه يجد نفسه مهما امتلك من مهارات لغوية لن يصل إلى ذرة واحدة من مستويات الإعجاز القرآني . و لا أدري هل أنت تدافعين عن القرآن أم تطْعَنين في قدسيته و إعجازه بتَجَرُّئِك على قول إنه غير معجز ، فيجب أن تصححي إيمانك وتتمعني في هذا الافتراء الذي نسبته لأشرف و أقدس كتاب على وجه البسيطة .
- وأنت تتناقضين في كلامك ففي الوقت الذي تَنْفِينَ عن القرآن الإعجاز تقولين : "فوجود النجم في موقعه هو لحكمة وغاية مقصودة و في توازن مع بقية الكون... فعظمة الاية (إعجازها) .فكيف ترفضين الإعجاز و تقبلينه في آن واحد ؟؟؟
تحيتي إليك
 
سؤال للباحث نضال :
قولكم : (ووجود مثل هذه القواعد التي وضعها العرب بعد نزول القران ألا يُعد حجرا على فهمنا للقران الذي إنفرد بنظمه الخاص أو ما يمسى ب "إعجاز القران اللغوي" )، إذا أردت أن تبين إعجاز القرآن اللغوي أو البلاغي ، فعلام ستقيس ليتبين الإعجاز؟!
 
الأخ الكريم نضال ...
جعل الله حماسك في الدفاع عن كتابه في ميزان حسناتك... ولكني أتساءل:
أما ترى أن الإعجاز البلاغي أو سمّه ما شئتَ؛ أما ترى أنه لن يكون له أيّ معنى أو أثر حين نعتبر أن اللغة العربية تبعا للقرآن وأنه هو الأساس لها, وليس أن القرآن قد جاء باللغة العربية فأبدع فيها وصانها؟؟
ولقد قلتَ موضحا فكرتَك:
فهل القران هو الأصل والمقياس تستمد منه "اللغة" قواعدها أم ان قواعد "اللغة" هي التي تحكم فهمنا للقران وتوجهه؟
أي هل للقران قواعده ونظمه الخاصة به؟ أم هو جاري على ما جاء في نثر العربِ وأشعارهم "والرتبة الأصلية للغة العربية
هل إستمد اللغويون قواعدهم من القران وغيره من مثل أشعار العرب وحكمهم، فوضعوا قواعدهم أم أنهم فقط إقتصروا على القران في وضعهم لهذه القواعد؟.
فإذا قلنا بأن قواعد العرب هي المُقَدّمة وهي الأصل والحاكمة لفهمنا للقران لأصبح القران تبعا لها، وفقد هيمنته، وصار فهمنا له تبعا لما جاء به البصريون والكوفيون وغيرهم في قواعدهم... وبذلك ما خالف القران كلام العرب وإنما أصبح نظما مماثلا لما نظمه العرب!
أعتقد لو أن نسبة القرآن للغة العربية منقصة له أو فيه فقدٌ لهيمنته لما رضي الله بذلك ولأنزله بلغة جديدة على الناس... أو لأنزله باللغة العربية ولكن في أول ظهورٍ لها في الأرض! ولن يعجزه ذلك (سبحانه).
إن إعجاز القرآن وكماله ـ كما أفهمه ـ يكمن في أنه جاء بلغة حية بين الناس, ورغم ذلك أعجزهم بها أجيالا بعد أجيال.
أرجو تصويب فهمي إن كان خاطئا وجزاك الله خيرا.
 
[و تعتبر ظاهرة التقديم و التأخير من الوسائل التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق توازنه الصوتي بشكل جعله متماسكا من الناحية الصوتية الإيقاعية .
( الإيقاعية ) ؟ أرجو التأكد من جواز استخدام هذا اللفظ من الناحية الشرعية في الكلام على القرآن الكريم ، و مَن وجد كلامًا فصلًا عن أحد من علمائنا الكرام أن ينشره . بارك الله فيكم .
 
[و تعتبر ظاهرة التقديم و التأخير من الوسائل التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق توازنه الصوتي بشكل جعله متماسكا من الناحية الصوتية الإيقاعية .
( الإيقاعية ) ؟ أرجو التأكد من جواز استخدام هذا اللفظ من الناحية الشرعية في الكلام على القرآن الكريم ، و مَن وجد كلامًا فصلًا عن أحد من علمائنا الكرام أن ينشره . بارك الله فيكم .

شكر الله لك يا أخ إبراهيم أحمد إبراهيم حسن اطلاعك .
أما عن تعجبك و إنكارك لاستعمالي مصطلح " الإيقاع " في أمر يتعلق بالقرآن الكريم ،فلا بد أن أبين لك أن الله عز و جل قد نبهنا إلى أهمية الجَرْس و التناسق الصوتي عندما أمرنا بترتيل القرآن : ( و رتل القرآن ترتيلا ) المزمل / 4 حيث لم يكتفِ في هذه الآية بفعل الأمر ( رتل) بل ثَنّاهُ بالمفعول المطلق ( ترتيلا ) الذي يفيد التأكيد ،وذلك لِما لترتيل القرآن من دور في بيان الأهداف الدينية التي جاء القرآن لتحقيقها ، و الموضوعات الإلهية و التشريعية التي تناولها بالإضافة إلى الروعة التي تلحق قلوب سامعيه و الهيبة التي تعتريهم عند ترتيله . وما يوضح و يؤكد اهتمام القرآن بالجانب الصوتي أن السورة المذكورة ( المزمل ) من السور المكية و أن الأمر بالترتيل جاء في أوائل السور المنزلة هذا بالإضافة إلى أن القرآن الكريم نزل مسموعا ( أي بشكل صوتي ) لا مكتوبا .
زِدْ على ذلك أن علم التجويد كما أكد على ذلك الإمام السيوطي هو "حلية القراءة " وشَدّدَعليه لدرجة أنه اعْتبر من يقرأ القرآن بغير تجويد لاحِناً .ولا شك أنك تعرف ما معنى اللحن ؟؟
فما هو الإشكال في استعمال كلمة " إيقاع " ؟؟ و هل هناك مصطلحٌ بديلٌ تُفيدُنا به – يا أخ إبراهيم – حتى نُعَوِّضَه به ؟؟ وما ذكرتُ مصطلح "الإيقاع "إلا لبيان شيء إيجابي في كتاب الله و لإيماني بأن من وجوه إعجازه الإعجاز الصوتي .
إذا اتفقت معي على هذا الأمر يبقى أن أوضح لك أن العلماء القدماء لم يستعملوا مصطلح " إيقاع " ليس لإنكارهم لوجوده في كتاب الله و لا لرفضهم له ،أو أن الكلمة فيها -كما قلتَ - إساءةٌ إلى كتاب الله و لا يجوز استخدامها ،بل لأن المصطلح بشكل عام و في جميع العلوم لم يكن مستقرا عند علمائنا القدماء . فكانوا يُعَبرون عن ظاهرةٍ ما بجملة كاملة وليس بمصطلح كما هو الحال عندنا :
وأُمَثِّلُ لك بمصطلح النَّبْر الصوتي (stress )الذي لم يذْكُرْهُ القدماء بهذه التسمية إطلاقا وإنما سموه هَمْزاً و سماه ابن جني مَطْل الحركة ،والشيء نفسه بالنسبة للتنغيم الصوتي intonation) ) فقد أطلق عليه ابن جني التطويح أو التطريح أو التفخيم أو التعظيم .فهل معنى هذا أن نقول إن العلماء القدماء لم يُجيزوا النبر أو التنغيم لمجرد أنهم لم يذكروه بهذه التسمية ؟؟
إن علماءنا القدماء و إنْ لم يُعَبِّروا عن هذه الظاهرة الصوتية بالإيقاع فهو يُفْهَمُ من كلامهم ، إذ جميع كتب علوم القرآن تتحدث عنه:
- فالإمام الزركشي عَنْوَنَ النوع الثالث في كتابه البرهان ب"معرفة الفواصل و رؤوس الآي"، فتحدث عن مقاطع الفواصل ، و المحافظة عليها لحسن النَّظْم و التئامه ، و تحدث عن المناسبة ...إلخ . البرهان : 1/من ص 53 إلى 98 .وطبعا هذا حديث عن التناسق الصوتي في القرآن .
- بل إن الإمام السيوطي ذهب أبعد من ذلك حين أقر بوجود الأوزان في القرآن فنجده يقول : "ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا ، فمنه من البحر الطويل :( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف 29 ."معترك الأقران :1/386 .
- ويقول الإمام الخطابي : "فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة ، و أخذت من كل نوع من أنواعها شعبة . فامتزج لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع بين صفتي الفخامة و العذوبة " .ثلاث رسائل في إعجاز القرآن /23-24 . و ما الفخامة و العذوبة ؟ إنهما صفتان لهما علاقة بالصياغة اللفظية أي بقوة الألفاظ و لينها :فالفخامة يوصف بها الكلام ذو الإيقاع الشديد ، و العذوبة يوصف بها الكلام ذو الإيقاع اللين . فعوض أن يقول الإمام الخطابي الإيقاع الشديد و الإيقاع اللين قال الفخامة و العذوبة ، فالمسمى واحد و لكن الاسم مختلف .
- ويقول مصطفى صادق الرافعي : " وحسبك بهذا اعتبارا في إعجاز النَّظْم الموسيقي في القرآن و أنه ...لترتيب حروفه باعتبار من أصواتها و مخارجها ومناسبة بعض ذلك لبعضه مناسبة طبيعية في الهمس و الجهر و الشدة و الرخاوة " إعجاز القرآن / 177 و يقول : " وما هذه الفواصل التي تنتهي بها آيات القرآن إلا صورة للأبعاد التي تنتهي بها جمل الموسيقى. وهي متفقة مع آياتها في قرار الصوت اتفاقا عجيبا يلائم نوع الصوت و الوجه الذي يُساقُ له بما ليس وراءه في العَجَب مذهبٌ " ص 178
 
أختي الفاضلة خديجة إيكر.. جزيت خيرا على الرد والتفاعل مع مشاركتي

إسمحي لي بأن افصل فيما ذكرتُه سابقا .. فالإشكال حدث في قولك :

"وصمود اللغة العربية و إعجازها الذي استمدته من إعجاز القرآن الكريم الذي نزل بها وسنُمَثِّل هنا ببعض الآيات القرآنية - و غيرها كثير - التي وُظِّفت فيها آليةُ التقديم والتأخير مراعاةً للفاصلة :* قال:واجعلنا للمتقين إماماالفرقان ٧٤ ، حيث أُخِّر ما حَقُّهُ التقديمُ وهو لفظ "إماما" الفاعل في المعنى أو المفعول الثاني لفعل "اجعلنا" و ذلك حفاظا على فاصلة الألف الممدودة التي تطبع سورة الفرقان ."

1- إذا تجاوزنا حاليا مسألة إستخدام مفردة الإعجاز في وصف كتاب الله -عز وجل- .. فهذا الإعجاز أيضا للغة العربية! فهل أنت مقتنعة بهذا أم أنه سبق كلام ونوع مبالغة؟

2-"تقول: أخر(الله) ما حقه التقديم... حفاظا على الفاصلة"
أفهم بأن هناك أصل كان على القران أن يتبعه في نظمه من وضع النحاة وعدل القران عن هذا الأصل مراعاة للفاصلة...

السؤال هو هل كلام العرب سابق على كلام الله أم كلام الله أبدي ويسبق أصلا وجود العرب وقواعدهم؟

فأنت عندما تقولي ب "التأخير والتقديم" تأخير وتقديم بالنسبة لماذا؟ لكلام العرب المُحدث!.. يعني من هو المرجع وما هي "المسطرة" والميزان وما هو الأساس... هل هو كلام الله الأزلي الذي يرجع الأمر إليه كله.. أم هو كلام العرب وقواعدهم التي وضعت وجاءت لاحقا؟

3- صحيح أنت لم تغيري ترتيب الكلمات في الاية، ولكن تغير وغاب فهم الاية إذا أردنا أن نتتبع مثل هذا المنهج بأن نرتب الكلمات في الايات لتجيء مراعية للفاصلة!

فالله -عز وجل- لا يتبدل القول لديه سبحانه.. وإستخدام كلمة "عدَلَ" هي خطأ في حق الله -عز وجل-.. مثل من أراد أن يسلك طريقا "فعدل" وغير رأيه أو بدل وسلك طريقا مغايرا .

فأنت عندم تقول عندما قدم الله ما حقه التأخير -سبحانه- وأخر ما حقه التقديم، فكأن الأصل الذي وضعناه هو الحاكم وهو الأصل وهو المرجع وهو الحق، وربنا قد قدم وأخر مخالفا للاصل حفاظا على الفاصلة.

4- أضف الى ذلك كيف تكون أشعار العرب وحكمهم أدلة لتفسير وفهم كتاب الله.. هل الشاعر الفلاني الجاهلي والذي ربما كانا سكرانا عندما قال قصيدته، أصبح كلامه قواعد ومرجع لفهم كتاب الله.. هل يعقل هذا!

5- وأيضا اختي الفاضلة.. هل قواعد العرب هذه التي يُراد أن تكون مرجعا ومقياسا لكتاب الله .. أجمع العرب عليها.. أم أن هناك اراءا ومدارس مختلفة منها مدرستي الكوفة والبصرة.. فحتى هذه القواعد لوصح الرجوع إليها جدلا، فإن الجميع لم يتفقوا على كونها مرجعا يرجع إليه.

6- أختي خديجة.. قولك ردا على مشاركة الأخ لطفي الحسيني بأن:
"لكن الدرس العلمي لظاهرة أو مسألة ما يقتضي عزلها عن مجالها لدراستها بدقة بغية الوصول إلى معرفة مكوناتها و خصائصها ووظائفها و طريقة اشتغالها . و ليس معنى عزل الظاهرة و تخصيصها بالبحث أنني ألغيت المكونات الأخرى ، بمعنى أنني عندما قمت بدراسة التوازنات الصوتية و علاقتها بالتقديم و التأخير فإنني درست فقط جزئية من مكونات النظام اللغوي و المتمثلة في الأصوات ،و الصرف ،و التركيب أو النحو ، و الدلالة أو المعنى وهو الجانب الذي أشرت إليه .و إلا فإننا يمكن أن ننظر إلى المسألة من زوايا أخرى ونبحث جزئية من الجزئيات التي ذكرتُها دون أن يقال لنا إننا أهملنا الجوانب الأخرى و السبب هو أننا خصصنا مقالنا لجانب محدد هو الجانب الصوتي . . "

أختي الفاضلة هذا المنهج في عزل المسائل والظواهر عن محيطها ليس صحيحا ولو صح في كل شيء فإنه لا يصح في مدارسة القران.. فحتى دراسة الكلمة في القران تكون كل متكامل لا يجوز فيها التجزءة ولا التعضية.. فلقد ورد النهي عن هذا..( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (سورة الحجر - سورة 15 - آية 91)


..فإذا أردتُ أن أفهم شيئا في القران أرجع الى القران كله كوحدة متكاملة..

7- أيضا قلت أختي خديجة بأن العرب إستمدوا قواعدهم بعد قرنين من نزول القران إستمدوها من القران وأشعار العرب وأمثالهم... وهنا المشكلة بأنه لفهم لقران وضعنا له قواعد من خارجه من أمثال الشعر والأمثال العربية.. فأين تكمن الخطورة هنا.. الخطورة تكون بأن العرب اصلا كما يقال "عجزوا" عن التحدي أي أن قدرتهم "اللغوية" هي أقل من القدرة الربانية فكيف يكون الأدني قادرا على أن يضع قواعد للأعلى وهو عاجز؟!

هذا لا يعني بأن كل ما وضع العرب من قواعد لا قيمة له، بل يجب إعادة وضع القواعد إنطلاقا من القران فقط لا إنطلاق من الأشعار والحكم.. وبما أن للقران عطاءات تراكمية يمد بها كل جيل من الزمان فبذلك نبني على فهمنا فهم جديدا يواكب العصر ويجاري المتغيرات فيتطور اللسان العربي بقواعده مع تطور هذا الفهم.

8- أما قضية "إعجاز القران" ووصفه بأنه معجزة (وهي قضية ثانوية بالنسبة لموضوعنا).. فهل وصفُ القران بأنه معجز مما ذكره الله -سبحانه- في كتابه عن كتابه؟ هل سمى الله كتابه واياته بأنها معجزة ؟ أم أنه سبحانه سماها بشيء مختلف؟

فالإجابة بأن الله لم يسمي أو يصف كتابه بالمعجزة، وهو لم يأتي أصلا لإعجاز الناس، بل جاء ليكون هاديا للناس وبشيرا ونذيرا وبينات وفرقان ونور..... ولا نجد كلمة معجز إسما أو وصفا لكتاب الله.

فعلى نفس القياس عندما خلق الله سبحانه هذا الخلق البديع من نجوم وكائنات هل جاءت لتعجزنا أو لتتحدانا بأن نخلق مثلها، أم أنها جاءت حتى نرى عظمة الله في خلقه ونكتشف ونطلع على هذا الخلق ونتأمل في ملكوته -سبحانه- ... أما من عاند وتكبر فها هي المخلوقات أمامه فليأتي بخلق من مثله .. فليخلقوا بعوضة .. لن يقدروا على هذا أبدا... وكذلك القران لم ينزله الله عز وجل من أجل أن يعجزنا.. ولكن لنتدبر ونتأمل ونتفكر فيه ونكتشف عطائاته التي لا تنفذ.

ولكن للأسف جرة العادة بوصف القران بأنه "معجز" وهذا الوصف لم يأتي به الله في كتابه! فعلى سبيل المثال هل يعني إذا إتفق جماعة من الناس أو لنقل رواد هذا المنتدى المبارك على أن ينادونني بإسم أو بصفة "نيدو" أو "نضولي" ودرج الناس على إستخدم هذا الإسم وشاع بينهم .. هل يعني بأني أقبله أو أستسيغه، ولو كان بحسن نية.. فلقد سماني والدي بنضال... وهذا ما أحب أن أنادى به.. فما بالنا إذا كنا نتكلم عن كتاب الله -عز وجل- ألا يجب أن نسميه ونصفه بما وصفه به الله تعالى؟

على العموم هذا إختلاف على "المصطلح"- وهو في رأي مهم- وإن كان فرعيا في المسالة التي نبحثها.. فإذا أردت الرجوع الى تفصيل هذه المسألة فأنا اشجعك للإطلاع على هذا البحث في هذا الرابط (http://www.ahlulquran.net/new/study_details.asp?field=studies&id=107 ) .. فأنا أكاد أجزم بأن من يقرأه ويعيه سوف يتوقف عن إستخدام هذه المفردة "المعجزة" وصفا لكتاب الله.

إذا أنا لا أنفي عظمة القران وكماله ولكن أعترض على إستخدم كلمة "المعجزة" في وصفه؟
 
أخي الفاضل مساعد الطيار..
سألت حضرتك: "سؤال للباحث نضال :قولكم : (ووجود مثل هذه القواعد التي وضعها العرب بعد نزول القران ألا يُعد حجرا على فهمنا للقران الذي إنفرد بنظمه الخاص أو ما يمسى ب "إعجاز القران اللغوي" )، إذا أردت أن تبين إعجاز القرآن اللغوي أو البلاغي ، فعلام ستقيس ليتبين الإعجاز؟!

أخي الكريم أنا أولا لم أقل بجواز إستخدام كلمة "معجز" وصفا لكتاب الله ولذلك أينما أوردت كلمة معجزة وضعتها بين علامتي تنصيص، وفي النهاية كتبة ملاحظة بعدم جواز إستخدام هذه اللفظة لوصف كتاب الله..

ثانيا أنا أنظر الى النجم أو القمر أو الشمس وأتأمل فيها... فأنا أتأمل في عظمة الله في خلقه وفي هذا الإبداع في الكون.. ولا أقارن هذه الكواكب مثلا بعظمة خلق الفواكه أو الإبل فهذه ايات باهرات وهذه ايات باهرات وهذه براهين على عظمة الله وكذلك كل شيء في هذا الكون كبر أو صغر هو دليل على عظمة الله.

فأنا لا أستطيع أن أقارن مثلا بين الطفل الذي خلفه الله أقارنه بلعبة أو ريبوت صنعه الإنسان.. وأقول خلق الله للإنسان معجز.. بل هو اية ولا مجال أصلا للمقارنة.

وإذا أردت أن أورد مثالا في موضوع البيان والعظمة الموجودة في اية واحدة مقارنة بكلام العرب وحكمهم فأنظر لو سمحت في رد مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم على من فضل كلام العرب على كلام القران في مقاله المعنون "كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة" فلقد أبدع -رحمه الله- في دحض هذه الفرية.. فلو كان كلام العرب وأشعارهم وأمثالهم وحكمهم مقياسا ومرجعا وعلى نفس نظم القران .. لسقطنا في مثل هذه الفرية والشبهة.. التي عراها الرافعي بإسلوبه الجزل القوي وهدمها فما قامت لها من بعدها قائمة. فأين بيان القران من اي بيان فلا مثال ولا شبيه ولا قريب... كلام ليس كمثله شيء.
 
الأخت الفاضلة بنت اسكندراني جزيت خيرا على المشاركة.. أما سؤالك " أما ترى أن الإعجاز البلاغي أو سمّه ما شئتَ؛ أما ترى أنه لن يكون له أيّ معنى أو أثر حين نعتبر أن اللغة العربية تبعا للقرآن وأنه هو الأساس لها, وليس أن القرآن قد جاء باللغة العربية فأبدع فيها وصانها؟؟"

نعم جاء القران بلسان العرب ومن نفس مادته ، ولكن إختلف الأسلوب والنظم فحارت عقول العرب فيه.. حتى وصفوه بالسحر وعجزوا عن الإتيان بمثله .. هذا لا خلاف عليه.. أما الخلاف فيكون في هل القران تابع للغة العربية أم أنه هو الأساس لها وهو مصدر قواعدها؟

القران جاء كما نعلم بنفس مادة لسان العرب "فنسج" الكتاب من نفس الخيوط التي يستخدمها العرب في كلامهم.. ولكن عظمة الكتاب وبيانه واياته "المبهرة" جاءت بأن منظومه خالف كل ما إعتادت العرب عليه، وفشلوا في الوقوف أمم التحدي الذي أعلنه الله سبحانه بأن يأتوا ولو حتى بسورة مثله.

ورحم الله طه حسين في كتابه "في الشعر الجاهلي" - والذي لا أتفق معه في كل ما جاء فيه-، فقد وصل الى نتيجة مفدها :" أنه لا ينبغي أن يستشهد بهذا الشعر (يقصد الشعر الجاهلي لمثل امريء القيس والأعشى) على تفسير القران وتأويل الحديث، وإنما ينبغي أن يستشهد بالقران والحديث على تفسير هذا الشعر وتأويله...) فهو في ما وصل إليه وصل الى الحقيقة أو قريبا منها !

وقولك: أعتقد لو أن نسبة القرآن للغة العربية منقصة له أو فيه فقدٌ لهيمنته لما رضيالله بذلك ولأنزله بلغة جديدة على الناس... أو لأنزله باللغة العربية ولكن في أولظهورٍ لها في الأرض! ولن يعجزه ذلك (سبحانه). إن إعجاز القرآن وكماله ـ كما أفهمه ـ يكمن في أنه جاء بلغة حية بين الناس, ورغم ذلك أعجزهم بها أجيالا بعد أجيال.

أنا لم أقل بأن نسبة القران الى اللغة العربية منقصة ولكن قلت بأن نسبة كلمة لغة الى القران لا تجوز بل يجب أن نقول بأنه جاء بلسان عربي، كما وصفه الله -تعالى-.

فحتى نفهم موضوع عربية القران يجب أن فهم معنى كلمة "عربي" فهذه الكلمة قد شاع إستخدامها لوصف اللسان العربي.
يرجى الإطلاع على كتاب "هل في القران أعجمي؟ نظرة جديدة في موضوع قديم" لمؤلفه الدكتور على فهمي خشيم، ففيه تفصيل مفيد.

وهنا أورد بعض الإقتباسات من كتب تناولت هذا الموضوع..

"فلقد فُهِمت (عربي) باعتبارها نسبة إلى أمة العرب ولغتهم، بتحديد قومي ولغوي معين، وما عداه فهو ( أعجمي). ورغم أن الدلالة العامة تجيز هذه المقابلة فقد يقال إنه ليس ثمة ما يمنع من فهم (عربي) بمعنى: الواضح ، الجلي، غير الغامض. وهذ يفيده الجذر (ع ر ب )، أي (بدا) و (ظهر). ويؤيد هذا الفهم الصفة الأخرى (مبين) (بلسان عربي مبين - وهذا لسان عربي مبين) فالوصف بالبيان، أو الإبانة التبين، يدل على أن المقصود هو الوضوح والجلاء وعدم الغموض، في مقابل (العجمة) _أعجمي) التي يفيد جذرها (ع ج م) العكس.

يدل على هذا أيضا قوله تعالى بعد وصف القران بأنه عربي: (..لعلكم تعقلون) (سورة يوسف الاية 2 ، وسورة الزخرف ، الاية 3)

وحين يقول سبحانه:(وكذلك أنزلناه حكما عربيا (سورة الرعد، الأية 37) فإن (الحكم) هنا لا يمكن أن يكون عربيا خالصا، نسبة إلى الأمة واللغة العربيتين، بموجب عالمية القران والإسلام القطعية. ولكن الوصف (عربيا) نفهمه باعتباره يعني: واضحا، جليا لا غموض فيه ولا التباس"

"وكذلك أنزلناه حكما عربيا" ، فمضمون التنزيل الحكيم ، وبنيته قائمة على صفة العربية التي تدل على الانسجام وتوالف، وارتباط، وتناسب أحكام التنزيل مع فطرة الإنسان ، وغرائزه وحاجاته النفسية والعضوية..وحركة الإنسان في الكون "(سامر الإسلامبولي، علمية اللسان العربي وعالميته)

" جاء القران ليتحدى ببنائه الحضاري من أصل اللغة كل البناءات الحضارية العربية فيها أو مادتها. صيغ بنهج إنشائي دفع به اللغة إلى كمالها الحضاري وإلى أرقى من تلك الكمالات الحضارية التي وصل إليها العرب صياغة وبناء وتحداهم أن يأتوا بمثله وهو من أصل حضارتهم ومن مادتها. فعجزوا عن بلوغ الكمال اللغوي الإنشائي الذي إرتقت إليه اللغة في القران واحتاروا وتحيروا وعجزوا عن أن يأتوا بمثله. لا هو بالشعر ولا هو بالنثر ولكنه توليد جديد من أصل المادة ودون خروج عن خصائصها، غير قابل للتماثل ولا التطابق. متفرد متميز" ( محمد أبو القاسم حاج حمد، العالمية الإسلامية الثانية)

فكيف للعاجز الذي عجز عن أن يأتي ولو بسورة من مثله أن يضع له القواعد ويأصل له الأصول!

فلذلك لدينا الحكم العربي والحصان العربي والقهوة العربية ....

"لذا ينبغي تحرير مفهوم (العرب) من القيود القومية، وإرجاعه الى دلالته، مفهوما إنسانيا، يدل على المدح والصفاء والنقاء، ويكون أساسا لإتقاء الأمم عليه، وعدم تسيسه، أو حصره بقومية معينة..... فقولي: أنا إنسان عربي، تعني أني إنسان أصيل فطري، ذو قيم وأخلاق إنسانية، منسجم مع الكون، ونفي صفة العربي عن الإنسان، تدل على أنه إنسان أصابته العجمة تفكيرا وسلوكا، ويعيش بصورة مخالفة للبيئة، ومفسد لها..

"اللسان العربي هو النظام الصوتي الذي أفصح الإنسان الأول عن إنطباعه البيئي من خلال انفعاله وتفاعله بصورة فطرية دون تكلف أو صنعة، فانسابات الأصوات من جهازه النطقي، إستجابه لانفعالاته وتفاعله مع الأحدث بصورة فعل ورد فعل، وتصوير صوتي لظواهر الطبيعة، فالإنسان الأول هو عربي في نمط حياته ونطقه، وتعامل مع البيئة بصورة عربية، فنتج عن ذلك ظهور الأصوات ذات الدلالة المنسجم مع البيئة -تماما-، لتصير هذه الأصوات العربية هي البذور التي نمت، وانبثق منها بداية الألفاظ الثنائية الفطرية المتعلقة من حيث الدلالة بأحداث الواقع، وبدأ تدشين وتأسيس ولادة اللسان (اللغة)" (سامر الإسلامبولي)


"ويمكن أن يستأنس بما ورد عن العرب من قريش ومن إليها ممن نزل القران بلسانهم للحصول على مزيد من الفهم ، ويبقى القران متعاليا مستوعبا ومتجاوزا يحكم ولا يحكم عليه، ويهيمن ولا يهيمن عليه، ويقضي ولا يقضى عليه" (طه جابر العلواني، اللسان العربي)

كما أننا ينبغي أن نبحث عن معاني القران في القران ذاته، ونجعل من التاريخ اللغوي، والتطور الدلالي، ومعرفة الواقع وعلاقة اللغة به ماجاء معضدة ساندة، وليست أصولا ومصادر حاكمة، فذلك المنهج سوف يجعلنا في مأمن من الانحراف في معاني القران. ودلالات ألفاظه، أو الاضراب في فهم معانيه، أو إسقاط قواعد لغات البشر عليه"(طه جابر العلواني، اللسان العربي)

أكرر وأقول نقول كما قال ربنا -سبحانه- "لسان" ولم يقل عند الحديث عن كتابه "لغة" (يرجع الى كتاب الدكتور طه جابر العلواني، لسان القران ومستقبل الأمة القطب ) ففيه بعض التفصيل في الفرق بين الإستخدامين.
 
الأستاذ الفاضل نضال الغطيس
يبدو لي أننا سنظل ندور في دائرة مفرغة ، الأسئلة نفسها التي أجبتك عنها تُعيدها مرة أخرى . و هذا ليس حوارا بل مضيعة للوقت و تكرار لا فائدة منه لا لي و لا لك . أما عن رفضك لكون القرآن معجزا فهذا من أغرب ما سمعتُه ، وهذا يعني أن كل هؤلاء العلماء الذين لا يُعَدّون و لا يُحْصَوْن والذين أقروا بوجود إعجاز بل مجموعة إعجازات : إعجاز صوتي و صرفي و نحوي و دلالي وبلاغي و علمي و تاريخي وتشريعي ...قد أخطأوا ولم يكن عليهم إثبات هذا الإعجاز و لا حتى ذكره ، أليس كذلك ؟؟
تحية طيبة .
 
ليست فتوى

ليست فتوى

بارك الله فيك أختي الكريمة على اهتمامك بالرد على طلبي ، و هذا الطلب ليس جزمًا مني بشيء في هذه المسألة ؛ بل أراني في نفسي أقل من ذلك بكثير ، و إنما هو محاولة لأقف على أقوال علماء في علوم القرآن يجيزون مثل هذا اللفظ ، خاصة في هذا الملتقى الذي أظن أن به عددًا لا بأس به من المتخصصين في هذا الشأن ، لذلك فقد تعجبت من الدكتورة خديجة كيف فهمت من كلامي أني لا أجيز ذلك ، حيث قالت : ( أو أن الكلمة فيها -كما قلتَ - إساءةٌ إلى كتاب الله و لا يجوز استخدامها ) فكلامي ليس فيه هذا المعنى و هو موجود ، فالأمر يتعلق بكلام الله لذلك أجدني أحب أن أقف على كلام أهل العلم في لفظ ربما يفهم خطأ ، أو يكون موهما ، و كلامي وطلبي موجه إلى أهل الملتقى جميعًا . بارك الله فيهم ، و جزى الله الدكتورة خيرًا على بحثها و توضيحها .
 
الباحث نضال بارك الله فيك :
قولك :
[ عفوا .. ولكن.. ما هي "الرتبة الأصلية للغة العربية"؟ هل وضعها الله أم وضعهاالنحويون؟!
وهل القران "يعدل" عن شيء ليجاري قواعدالعرب؟! أم أنه كتاب محكم مفصل مبين؟! ]
فأقول : بل هذه الرتبة الأصلية للغة العربية هى التى أنزل الله كتابه بها و بهذا الترتيب المعلوم بالاستقراء ، وهو سبحانه من عدل عنها فى بعض المواضع ، فهل تختلف معى أن ترتيب الجملة فى القرآن الكريم بمجىء الفعل ثم الفاعل ثم المفعول ...الخ ؟؟ هذا هو الترتيب الذى أصَّله القرآن الكريم ، وعدل عن هذا التأصيل فى بعض المواضع لأغراض عديدة منها مراعاة الفاصلة كما بينت الدكتورة .

قولك :
[ في حين أنه لا تقديمولاتأخير في القران ]
فأقول : ما صحة دعواك بأنه لا تقديم ولا تأخير فى القرآن ؟؟ وماذا تقول فيما أورده السيوطى – وغيره - فى الإتقان فى النوع الرابع و الأربعين ( فى مقدمه ومؤخره ) من روايات عن ابن عباس و مجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم بأنهم قالوا فى أمثلة عديدة فى القرآن إن فيها تقديماً و تأخيراً ؟؟ إلا أن تكون أنت أتقن للغة العرب و أفهم لها من ابن عباس ومن ذكرت ؟ أو تكون أنت أكثر تأدباً منهم مع كتاب الله – عزوجل – ؟؟؟ .

قولك :
[فينطبق علينا ما حذرنا الله منه " يحرفون الكلم عن مواضعه " و " يحرفون الكلم منبعد مواضعه" .. وهذا نوع من التحريف لا يرتضيه الله لكتابه.. وهو ما وقع فيهاليهود.. فلم تُحرّف الكلمة ولكن تم التحريف في موضعها من الاية. ]
على رسلك أخى الكريم فقولك هذا وما سبقه من كلامك فيه إلزام بما لا يلزم ، و لتعلم أن تحريف اليهود كان يغير المعنى المراد ، فهل كونى أقول بأنه هذه الكلمة حقها التقديم أو التأخير قد غير المعنى ؟؟؟ أم أن قصدى بذلك التنبيه على أن هناك سبب خفى لمخالفة الأصل وهذا هو عين التدبر ؟؟

قولك :
[ولكن فيما أؤمن به بأنه إذا أبقينا ترتيب الكلمات في الاياتكما أنزلت, وحاولنا معرفة لماذا وضعت الكلمة في الاية في موضعها الذي جاءت فيه لكناممن يتدبرون القران, ولفهمنا حكمة الله سبحانه ومقصده في إيرادها بهذا الترتيب.]
وهل يلزم من قولنا بأن هذه الكلمة حقها التقديم أو التأخير أن نغير فى ترتيب النظم القرآن ؟؟؟ هذا إلزام بما لا يلزم .

قولك :
[ملاحظة :
(1) نقول" لسان" القران ولا نقول لغة القران , فاللغة من اللغو والقران لا لغو فيه]
فأقول : إضافة إلى ما قالته الدكتورة خديجة – حفظها الله - : اللسان أيضاً معناه " اللغة " ، روى عن قتادة فى قوله تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) : أى " بلغة قومه ما كانت " ، و حكى عن أبى عمرو : " لكل قوم لَسِنٌ " أى : لغة يتكلمون بها .
ثم إنه قد ورد فى حديث عن عبدالله بن عمر – رضى الله عنهما – أنه قال : ( كانت لغة النبى - صلى الله علي وسلم – أتحسَب و يحسَبون ) فهل كلام النبى فيه لغو ؟؟

و أما قولك فى مشاركتك الثانية :
[وهولم يأتي أصلا لإعجاز الناس، بل جاء ليكون هاديا للناسوبشيرا ونذيرا وبينات وفرقانونور..... ولا نجد كلمة معجز إسما أو وصفا لكتاب الله.
فعلى نفس القياس عندما خلق اللهسبحانه هذا الخلق البديع من نجوم وكائنات هل جاءت لتعجزنا أو لتتحدانا بأن نخلقمثلها، أم أنها جاءت حتى نرى عظمة الله في خلقه ونكتشف ونطلع على هذا الخلق ونتأملفي ملكوته -سبحانه- ... أما من عاند وتكبر فها هي المخلوقات أمامه فليأتي بخلق منمثله .. فليخلقوا بعوضة ..]
فأقول : عجيب أمرك أخى و الأعجب منه هذا القياس مع الفارق فمن المتفق عليه بين العقلاء أن كل نبىٍّ كان يرسل إلى قومه بآية من جنس ما برعوا فيه ليكون ذلك أبلغ فى الحجة عليهم فموسي – عليه السلام – أُرسل إلى قوم برعوا فى السحر فأعطى آية تتحداهم جميعاً ليقفوا معترفين بعجزهم عن مجاراته فيما قد برعوا فيه هم ، وعيسى – عليه السلام – أرسل إلى قوم بلغوا فى الطب ما بلغوا فأعطى من الآيات ما حيّر عقولهم وأوقفهم عاجزين ، ونبينا صلى الله عليه وسلم أُرسل إلى قوم هم أرباب الفصاحة والبيان فأعطى آية من جنس كلامهم الذى يتحدون فيه بعضهم البعض ويعقدون له الأسواق فى المواسم فعجزوا عن الإتيان ولو بسورة منه ، أما النجوم والكواكب التى ذكرتها فهم معترفون بأن الله خالقها ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله ) فما الفائدة إذاً لو طلب منهم الإتيان بمثلها ؟؟!!!

و أما قولك فى الرد على الأخت بنت إسكندرانى :
[وفشلوا في الوقوف أممالتحدي الذي أعلنه الله سبحانه بأن يأتوا ولو حتى بسورة مثله.]
فأعاملك بنفس منطقك فأقول لك :
من أين لك إطلاق لفظ " التحدى " على الله –سبحانه وتعالى – و أنه أعلنه عليهم ، و هل ذُكر هذا اللفظ فى القرآن أو السنة ؟!! وقد كنت قبل قليل تنكر على الدكتورة خديجة لفظ " العدول " ، ثم أنكرت إطلاق لفظ الإعجاز على القرآن الكريم وها أنت وقعت الآن فيما أنكرته ؟؟
أحرام على بلابله الدوح # حلال للطير من كل جنس !!
 
الأخ إبراهيم أحمد إبراهيم
بارك الله فيك على تواصلك و طيب تعليقك على ما كتبتُه . و إني أستغربُ لِمَ تعتذر عن السؤال ، فالسؤال هو باب العلم و الذي لا يتساءل لا يتعلم . لا عليك أخي فأنا حاولتُ فقط إزالة اللَّبس عن المسألة حتى تتضح في الأذهان ، وليُعلَم أننا لا نتكلم عن كتاب الله بغير علم .
دمتَ في طاعة الله
 
جزيت خيرا أخي عبد الرحمن المشد على إعادة توضيحك للأمر ، ولا أدري بما يوصف القرآن إن لم يوصَف بالمُعجِز .بارك الله فيك و زادك من علمه
 
عودة
أعلى