د.خديجة إيكر
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الرتبة في النحو هي الموقع الأصلي الذي يجب أن يأخذه اللفظ داخل الجملة بالنسبة للألفاظ الأخرى المرتبطة به بعلائق نحوية تركيبية . فالأصل في الجملة الفعلية في اللغة العربية مثلا : فعل و فاعل ثم مفعول ، و الأصل في الجملة الاسمية : مبتدأ ثم خبر ...وهكذا ، حيث تلعب الرتبة دورا أساسا في تحديد الوظائف النحوية في اللغة العربية .
غير أن هناك استثناءات تخرج فيها هذه الرتبة عن الأصل الموقعي إذا كان هناك ما هو أولى من احترام الرتبة . وبتعبير آخر هناك عوامل تؤثر في البعد الموقعي للفظ ، فتكون سببا في الخروج عن الأصل ، إذ تتسم القواعد النحوية العربية بالمرونة ، ولولا مرونتها لجمدت التراكيب ولكانت اللغة على وتيرة واحدة ولانْتَفَت الإبداعية داخل اللغة ،وهذا. أحد أسباب موت الكثير من اللغات وصمود اللغة العربية و إعجازها الذي استمدته من إعجاز القرآن الكريم الذي نزل بها .
لكن تجاوز القواعد الأصلية للألفاظ - فيما يتعلق برتبة كل واحد منها – ليس متروكا لمستعمل اللغة يطبقه بشكل فوضوي بل إنه ينضبط بقواعد وضعها النحاة في منع أو إجازة تقديم وظيفة نحوية على أخرى :
- كمنعهم مثلا تقديم خبر إن و أخواتها على اسمها فقولنا :( إنَّ صالحٌ عمرواً ) عوض ( إن عمروا صالح ) قول لاحِنٌ و خارج عن القواعد العربية .
- وكمنع النحاة أيضا تقديم الحال على عاملها إلا إذا كان فعلا متصرفا : فجملة (قائماً هذا زيدٌ ) غير مقبولة كذلك في للنسق العربي .
- و كعدم إجازتهم التصرف في الجملة التعجبية بتقديم أو تأخير لأن فعل التعجب غير متصرف ولا يصاغ منه مضارع و لا أمر ....إلى غير ذلك من الأمور التي قَعَّد لها النحاة في مسألة التقديم و التأخير.
و تعتبر ظاهرة التقديم و التأخير من الوسائل التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق توازنه الصوتي بشكل جعله متماسكا من الناحية الصوتية الإيقاعية . حيث يتبين لنا من خلال استقصائنا للعلاقة الموجودة بين ظاهرة التقديم و التأخير وبين التوازن الصوتي القرآني أن مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يُفَسَّرُ بها عدول القرآن الكريم عن الرتبة الأصلية للغة العربية :
وسنُمَثِّل هنا ببعض الآيات القرآنية - و غيرها كثير - التي وُظِّفت فيها آليةُ التقديم والتأخير مراعاةً للفاصلة :
* قال سبحانه وتعالى :{واجعلنا للمتقين إماما } الفرقان ٧٤ ، حيث أُخِّر ما حَقُّهُ التقديمُ وهو لفظ "إماما" الفاعل في المعنى أو المفعول الثاني لفعل "اجعلنا" و ذلك حفاظا على فاصلة الألف الممدودة التي تطبع سورة الفرقان .
* وقال جل وعلا أيضا : {إن كنتم للرؤيا تعبرون }يوسف٤٣ ، حيث قُدِّم المعمول "الرؤيا " على العامل " تعبرون " مراعاة لفاصلة النون الساكنة التي سارت عليها السورة كلها تقريبا .
* وقال عز وجل : {والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى } الأعلى ٤ ، فمعنى لفظ "أحوى " المعجمي هو : الأسود من شدة الاخضرار ، أما "الغثاء " فهو مايحمله السيل من أوراق الشجر اليابسة .فأُخر ما حقه التقديم وهو اخضرار النبات ،بينما قدم ما حقه التأخير وهو اصفراره و يُبْسُه. وبذلك تكون كلمة (أحوى) مؤخرة معناها التقديم .
هذه بعض الأمثلة من ظاهرة التقديم و التأخير في القرآن الكريم كإحدى الآليات التي استخدمها القرآن الكريم ليخلق تلاؤما و تناسقا و توزيعا صوتيا يناسب الحدث و يبَلغ مضمون الرسالة و يحدث التأثير المقصود في مُتلَقِّي (بصيغة الجمع ) القرآن الكريم .
الرتبة في النحو هي الموقع الأصلي الذي يجب أن يأخذه اللفظ داخل الجملة بالنسبة للألفاظ الأخرى المرتبطة به بعلائق نحوية تركيبية . فالأصل في الجملة الفعلية في اللغة العربية مثلا : فعل و فاعل ثم مفعول ، و الأصل في الجملة الاسمية : مبتدأ ثم خبر ...وهكذا ، حيث تلعب الرتبة دورا أساسا في تحديد الوظائف النحوية في اللغة العربية .
غير أن هناك استثناءات تخرج فيها هذه الرتبة عن الأصل الموقعي إذا كان هناك ما هو أولى من احترام الرتبة . وبتعبير آخر هناك عوامل تؤثر في البعد الموقعي للفظ ، فتكون سببا في الخروج عن الأصل ، إذ تتسم القواعد النحوية العربية بالمرونة ، ولولا مرونتها لجمدت التراكيب ولكانت اللغة على وتيرة واحدة ولانْتَفَت الإبداعية داخل اللغة ،وهذا. أحد أسباب موت الكثير من اللغات وصمود اللغة العربية و إعجازها الذي استمدته من إعجاز القرآن الكريم الذي نزل بها .
لكن تجاوز القواعد الأصلية للألفاظ - فيما يتعلق برتبة كل واحد منها – ليس متروكا لمستعمل اللغة يطبقه بشكل فوضوي بل إنه ينضبط بقواعد وضعها النحاة في منع أو إجازة تقديم وظيفة نحوية على أخرى :
- كمنعهم مثلا تقديم خبر إن و أخواتها على اسمها فقولنا :( إنَّ صالحٌ عمرواً ) عوض ( إن عمروا صالح ) قول لاحِنٌ و خارج عن القواعد العربية .
- وكمنع النحاة أيضا تقديم الحال على عاملها إلا إذا كان فعلا متصرفا : فجملة (قائماً هذا زيدٌ ) غير مقبولة كذلك في للنسق العربي .
- و كعدم إجازتهم التصرف في الجملة التعجبية بتقديم أو تأخير لأن فعل التعجب غير متصرف ولا يصاغ منه مضارع و لا أمر ....إلى غير ذلك من الأمور التي قَعَّد لها النحاة في مسألة التقديم و التأخير.
و تعتبر ظاهرة التقديم و التأخير من الوسائل التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق توازنه الصوتي بشكل جعله متماسكا من الناحية الصوتية الإيقاعية . حيث يتبين لنا من خلال استقصائنا للعلاقة الموجودة بين ظاهرة التقديم و التأخير وبين التوازن الصوتي القرآني أن مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يُفَسَّرُ بها عدول القرآن الكريم عن الرتبة الأصلية للغة العربية :
وسنُمَثِّل هنا ببعض الآيات القرآنية - و غيرها كثير - التي وُظِّفت فيها آليةُ التقديم والتأخير مراعاةً للفاصلة :
* قال سبحانه وتعالى :{واجعلنا للمتقين إماما } الفرقان ٧٤ ، حيث أُخِّر ما حَقُّهُ التقديمُ وهو لفظ "إماما" الفاعل في المعنى أو المفعول الثاني لفعل "اجعلنا" و ذلك حفاظا على فاصلة الألف الممدودة التي تطبع سورة الفرقان .
* وقال جل وعلا أيضا : {إن كنتم للرؤيا تعبرون }يوسف٤٣ ، حيث قُدِّم المعمول "الرؤيا " على العامل " تعبرون " مراعاة لفاصلة النون الساكنة التي سارت عليها السورة كلها تقريبا .
* وقال عز وجل : {والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى } الأعلى ٤ ، فمعنى لفظ "أحوى " المعجمي هو : الأسود من شدة الاخضرار ، أما "الغثاء " فهو مايحمله السيل من أوراق الشجر اليابسة .فأُخر ما حقه التقديم وهو اخضرار النبات ،بينما قدم ما حقه التأخير وهو اصفراره و يُبْسُه. وبذلك تكون كلمة (أحوى) مؤخرة معناها التقديم .
هذه بعض الأمثلة من ظاهرة التقديم و التأخير في القرآن الكريم كإحدى الآليات التي استخدمها القرآن الكريم ليخلق تلاؤما و تناسقا و توزيعا صوتيا يناسب الحدث و يبَلغ مضمون الرسالة و يحدث التأثير المقصود في مُتلَقِّي (بصيغة الجمع ) القرآن الكريم .