من آداب مخالفة التلاميذ لشيوخهم في الترجيح

الميموني

New member
إنضم
24/02/2004
المشاركات
165
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الاختلاف سنة فطرية و جبلة بشرية و متى كان بدليل و كان الحامل عليه طلب الحق و الرغبة في الوصول للحقائق فهو مفيد و قد يخالف التلميذ شيخه و قد يرد عليه بأدب و حكمة و لا يفسد هذا للود قضية ...
من أجود ما وقفت عليه من العبارات الجزلة حول هذا المعنى قول العلامة الفقيه قاضي غرناطة ومفتيها أبو عبد الله محمد بن الأزرق .
( ومخالفة التلميذ الشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه و عليها دليل قائم يقبله غير الشيخ من العلماء ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، و لكن مع ملازمة التوقير الدائم، و الإجلال الملائم، فقد خالف ابن عباس : عمر وعليا وزيد بن ثابت رضي اللهُ عنهم، وكان قد أخذ عنهم، وخالف كثير من التابعين بعض الصحابة ، و إنما أخذوا العلم عنهم، وخالف مالك كثيرا من أشياخه، و خالف الشافعي و ابن القاسم وأشهب مالكا في كثير من المسائل وكان مالك أكبر أساتيذ الشافعي، وقال : ( لا أحد أمن علي من مالك). وكاد كل من أخذ العلم أن يخالفه بعض تلامذته في عدة من مسائل، ولم يزل ذلك دأب التلاميذ مع الأساتيذ إلى زماننا هذا، وقال: وشاهدنا ذلك في أشياخنا مع أشياخهم، رحمهم الله قال: ولا ينبغي للشيخ أن يتبرم من هذه المخالفة إذا كانت على الوجه الذي وصفناه ) اهـ. نفح الطيب: 3 / 437

وهذا الذي قاله هذا العالم الجليل حق ، و الحامل عليه تغليب الدليل على محبة الشيخ والرغبة في نصرة مذهبه - حتى و إن كان هذا الشيخ من كبار العلماء و من المتبحرين في علوم الشرع . و أما الاستدلال بعمل العلماء العاملين قديما وحديثا في سلوكهم هذه الطريقة ورغبتهم في هذا المهيع فما أحسن كلامه فيه و إن كان لم يذكر من تلك المثلة إلا الجملة اليسيرة التي يتم بها الاستدلال ويتضح بها الحال ، وتعقيبه على ذلك بقوله : ( : ولا ينبغي للشيخ أن يتبرم من هذه المخالفة إذا كانت على الوجه الذي وصفناه ). تعقيب صحيح في محله فالنفوس ضعيفة، ورما شق على بعض الشيوخ مخالفة تلميذه النجيب له في ترجيح و اختيارمبني على نظر و استدلال وبخاصة إن اشتهر عند أهل زمانه مخالفته له في هذا ولو كانت بأدب و إجمال، لكن يكبح العالم الفهم المنصِف – و ما أقل وجوده – هذا وغيره من مخالفة الأهواء بأمور منها:
- تحسين الظنون، و اتهام النفس، و الرغبة في الخير للجميع واهتضام حق نفسه أمام حق الله تعالى وحق العلم فذلك أهدى و أولى. و الله المستعان . فقد رأينا من يغضب من تلميذه إذا رآه يقرأ على غيره، فضلا عن أن يَحظَّه على ذلك و يبين له منازل أهل العلم بإنصاف، لينتفع بكل منهم، فيعرف بالمقارنة بين طرائق الشيوخ اختلاف الأفهام و يستبصر أكثر في فهم العلوم، ويرتقي بالإكثار عن درجة المقلين، ثم يتعرف عن طريق ذلك على خطأ المخطئين من شيوخه بمعرفته الصواب من غيرهم، مع ما يجلبه ذلك له من سمو النفس و علو الهمة و قلة التعصب على الوجه المذموم. ....
 
أخي الكريم الشيخ عبد الله ..
إن كلام السلف رحمهم الله من أنفع الكلام وأدقه ، ومن بركته أن يستمر نفعه أزماناً متطاولة حتى ينتفع به من لم يكن في ذهن قائله أن يصل إليه ...
وما ذكرت بارك الله فيك من كلام القاضي أبي عبد الله بن الأزرق حق وصدق .. وليست المصيبة اليوم واقعة في إنكار العلماء على طلابهم أن يخالفوهم أو أن ينتموا إلى غيرهم ، فما نراه في علمائنا سددهم الله ووفقهم لكل خير هو ما يوافق كلامه رحمه الله من الحرص على نفع الطلاب وتزكيتهم بالطرق النافعة .
ولكن الأمر الذي يحتاج إلى وقفة هو موقف الطلاب من العلماء ، وتعالم الصغار على الكبار ، وكثرة الردود من مجهولي الحال أو المعروفين بغير العلم على العلماء ...
ولهذا كثر القيل والقال وكثرت الردود وضاع العلم الحقيقي الذي ينبغي لطلاب العلم الاعتناء به ..
ومما كثر إهماله أدب الطلاب مع العلماء ـ بلا تقديس ـ ومعرفة الإنسان لقدره وبضاعته من العلم ، وخوفه مما تخط يده من العلم ألا يكون موافقاً ... بل أصبح الحال كما ترى .. نسأل الله الهداية والسداد ..
وبارك الله فيكم ..
 
متى خلصت النية وحسن القصد انكسرت النفس أمام الحق قال عبد الغني بن سعيد رحمه الله : لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل بعث إلي يشكرني ويدعو لي فعلمت أنه رجل عاقل
 
جزاكم الله خيرا ياشيخ فهد و ياشيخ أبا حذيفة
 
عودة
أعلى