منهج الإمام الداني في الوقف على رؤوس الآي

إنضم
30/04/2011
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المدينة النبوية
إن الناظر ليجد أن الإمام الداني -رحمه الله - قرر القول بالوقف على رؤوس الآي في أكثر من موضع في كتابه المكتفى؛ فقد قال في باب الوقف التام في ذكره مواضع التام: "والتام أكثر ما يكون موجوداً في الفواصل ورؤوس الآي: كقوله: {وأولئك هم المفلحون} والابتداء بقوله: {إن الذين كفروا}، وكذلك: {بكل شيء عليم} والابتداء بقوله: {وإذ قال ربك للملائكة}، وكذلك: {وأنهم إليه راجعون} والابتداء بقوله: {يا بني إسرائيل}، وكذلك: {وأفئدتهم هواء} والابتداء بقوله: {وأنذر الناس}، وكذلك {ولو ألقى معاذيره} والابتداء بقوله: {لا تحرك به لسانك}".

وقال أيضاً في باب الوقف الحسن :
"ومما ينبغي له أن يقطع عليه رؤوس الآي، لأنهن في أنفسهن مقاطع ، وأكثر ما يوجد التام فيهن لاقتضائهن تمام الجمل، واستيفاء أكثرهن انقضاء القصص، وقد كان جماعة من الأئمة السالفين والقراء الماضين يستحبون القطع عليهن، وإن تعلق كلام بعضهن ببعض، لما ذكرناه من كونهن مقاطع، ولسن بمشبهات لما كان من الكلام التام في أنفسهن دون نهاياتهن "
ثم أتى بالأدلة فقال:
حدثنا فارس بن أحمد المقرئ قال: حدثنا جعفر بن محمد الدقاق قال: حدثنا عمر بن يوسف قال: حدثنا الحسين بن شريك قال: حدثنا أبو حمدون قال: حدثنا اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان يسكت عند رأس كل آية، وكان يقول: "إنه أحب إلي أنه إذا كان رأس آية أن يسكت عندها"، وقد وردت السنة أيضاً بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند استعمال التقطيع، كما حدثنا خلف بن إبراهيم بن محمد المقرئ قال: حدثنا أحمد بن محمد المكي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: وحدثني يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقطع قراءته: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين".
وحدثنا محمد بن أحمد بن علي البغدادي قال: حدثنا محمد بن القاسم النحوي قال: حدثنا سليمان بن يحيى قال: حدثنا محمد بن سعدان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية، يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقف، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف، ثم يقول: الرحمن الرحيم، ثم يقف، ثم يقول ملك يوم الدين" ولهذا الحديث طرق كثيرة، وهو أصل في هذا الباب، وبالله التوفيق.

قلت: وقد مشى الإمام الداني في كتابه بهذا القول أي الوقف على رؤوس الآي؛ وسأذكر بعض الأمثلة:
فقد قال في سورة النحل: (مفرطون) تام وكذا رؤوس الآي إلى قوله (وأنتم لا تعلمون) .
وقال في سورة البقرة:
(يعتدون) تام ، ومثله (يحزنون) ، ومثله (للمتقين) والوقف على رؤوس الآي فيما بين ذلك إلى (الجاهلين )كاف .
وقال في سورة النساء:
(سميعاً بصيراً) تام، ومثله (تأويلاً) ورؤوس الآي بعد كافية .
إلى غير ذلك من المواضع الكثيرة؛ ولكني لاحظت أنه في المواضع التي يكون فيها رأس الآية متعلقاً بما بعده تعلقاً قوياً؛ فإنه يجعل التمام أو الكفاية بتمام المعنى:
وإليك بعض الأمثلة:
قال -رحمه الله-:
(وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) تام
(ستراً كذلك) تام
(الذين هم عن صلاتهم ساهون) كاف.
(عليها يتكئون وزخرفاً) تام.
وبهذا يتبين منهج الداني في الوقف على رؤوس الآي والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد.
 
أسعدك الله أخي الكريم سعيد .
1.لا إشكال في الوقف على رؤوس الآي إذا كان الوقف تاما أو كافيا ، فهو إجماع من أئمة الوقف والابتداء .
2.نسب بعض أهل العلم كالمرعشي للداني مقولة ( وهو أحب إلي ) أي الوقف على رؤوس الآي ، غير أنه بالرجوع إلى المكتفى وجدنا أن هذا الكلام لأبي عمرو البصري ، وليس الداني ، بل ذكره الداني بسنده إليه ، ومما يؤكد ذلك ويعضده ما جاء في النشر ، في التنبيه التاسع حال كلامه عن الوقف والابتداء .
3.قد يقابلك كثيرا في كتب الوقف والابتداء عبارة ( ليس بوقف )او‏(لا وقف ) سواء كان على رؤوس الآي أو في ثناياها ، ولا يعنون بذلك قبح الوقف ،كما فهم ذلك بعض مؤلفي كتب الوقف المعاصرين .
4.لي عودة أخرى بإذن الله.
 
تنبيه :
كثيرا ما يأتي في كتب الأئمة الأعلام مثل الداني والأنصاري والأشموني قولهم :( لا يوقف على كذا ) أو (لا وقف ) أو ( لا وقف دونه ) ومثل هذه العبارات، ولا يقصدون بذلك قبح الوقف بل يقصدون لا وقف تام أو كاف
قال المرعشي : معلقا على قول الداني (لا وقف دونه ) : »فمراد الداني نفي التام والكافي لا الحسن أيضا« جهد المقل وبيان جهد المقل
والمتتبع للمواضع التي ذكروا فيها هذا الكلام يجد أن أغلبها كلام تام في معناه ، غير أنه اتصل بما بعده لفظا.
فإن قيل: هم ذكروا في اصطلاحهم جواز الوقف على الحسن ، فلم يقولون لا وقف عليه ؟أو لا وقف دون كذا ..........؟
فقل : إنهم وإن كانوا أجازوا الوقف عليه غير أنهم لم يجوزوا الابتداء بما بعده ، إلا إن يكون رأس آية ، فلو ذكروا جواز الوقف على هذه المواضع لتوهم بعضهم جواز الابتداء، والمتأمل في كتبهم يراهم كثيرا ما يذكرون الوقف التام أو الكافي ، وقلما يذكرون الحسن رغم أنه أكثر الوقوف ورودا في القرآن ؛ إذ أن في ثنايا كل وقف تام أو كاف عددا من الوقوف الحسنة .
وإليك بعض المواضع المنقولة من كتبهم مع التعليق عليها .
قال الداني :
" في قوله: ﴿ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ{52} وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ﴾ ( المائدة : 52, 53).
من قرأ﴿ وَيَقُولُ ﴾ بالنصب لم يقف على قوله﴿ نَادِمِينَ ﴾ لأنّ ﴿ يَقُولُ ﴾ معطوف على قوله﴿ أَن يَأْتِيَ ﴾ ، ومن قرأ بالرفع سواء أثبت الواو في أول الفعل أو حذفها وقف على ﴿ نَادِمِينَ ﴾ لأن ما بعده جملة مستأنفة« المكتفى
ولك أن تتأمل ، فإنه_ رحمه الله _ لم يجوز الوقف على ﴿ نَادِمِينَ ﴾ رغم أنه كلام تام في معناه، وذلك لأن ما بعده متعلق به لفظا، وهذا على قراءة النصب في ﴿ وَيَقُولُ ﴾ ، ثم انظر إلى تعليله في جواز الوقف على قراءة الرفع قال: " لأن ما بعده جملة مستأنفة "
والشاهد من ذلك أنه لا يجوز الوقف إلا على ما انفصل عما بعده لفظا ، فدل ذلك على أن قوله: لا وقف،أي : لا وقف تام أو كاف ، بل المتتبع للوقوف المذكرة في كتابه يجد أنه لا يذكر إلا الوقوف التامة أو الكافية ، وقلما يذكر الحسنة ، كما هو الحال سورة الفاتحة وأول البقرة .
قال الأشموني :
" إن قوله ﴿ يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ من قوله ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ (آل عمران:31) . ليس بوقف لأن ما بعده معطوف عليه " منار الهدى .
والتحقيق أنه وقف حسن؛ لأن الكلام تام في معناه، مفهوم مراده ،فإن قيل هناك مواضع كثيرة ذكر الأشموني أن الوقف عليها حسن، فدل ذلك على أن مراده من قوله : لا يوقف على كذا أن الوقف قبيح .
فقل : إن المتأمل للمواضع التي ذكر فيها الأشموني أن الوقف عليها حسن يجد أغلبها منفصلا عما بعده في اللفظ ، وإليك بعض المواضع التي ذكر الأشموني أن الوقف عليها من قبيل الحسن .

الوقف على ﴿ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ من قوله :
﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ (آل عمران :140)
قال إن الوقف على ﴿ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ حسن ، رغم أن ما بعده منفصل عنه لفظا فقوله ﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ ﴾ مستأنف.
وكذلك الوقف على﴿ ذُنُوبِهِمْ ﴾ من قوله :
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ (المائدة :49 ).
قال إن الوقف عليه حسن رغم أن ما بعده مستأنف.
وكذلك قوله ﴿ الْحَجَرَ ﴾, و﴿ عَيْناً ﴾ و﴿ مَّشْرَبَهُمْ ﴾ و﴿ وَالسَّلْوَى ﴾ و﴿ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ من قوله :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ (الأعراف:160).
قال كلها وقوف حسان رغم أن هناك انفصالا لفظيا بين هذه المواضع جميعا،فهو بذلك خالف ما اصطلح عليه في الحسن من أنه متصل بما بعده في اللفظ ،ولم يلتزم باصطلاح الحسن إلا في مواطن قليلة .
ثم اعلم _ رعاك الله_ أن المواضع التي ذكروا فيها عدم الوقف ليست كلها من قبيل الحسن ، فهناك مواضع ذكروا عليها عدم الوقف وهي من قبيل القبيح ولكنها قليلة، فمنها قوله تعالى : ﴿ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ﴾ (يونس :7) .
قال الأشموني : لا يوقف على ﴿ الدُّنْيَا ﴾ ولا على﴿ وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا ﴾ ولا على ﴿ غَافِلُونَ ﴾
وكلها وقوف قبيحة لعدم إفادتها معنى .
وإنما كان الداعي إلى هذا التنبيه هو ما قرأناه في بعض كتب الوقف والابتداء من ذكرهم قبح الوقف على مواضع هي من قبيل الحسن ، مستشهدين بقول الأئمة رحمهم الله ،وقد اتضح المراد بما فيه الكفاية .
والله أعلم .
 
ليس من السَّهل إطلاق القول بأنَّ منهج الدَّاني الوقفُ على رؤوس الآي إلا إذا كان الأمرُ تغليباً بالنسبة لغيرها من الاعتبارات, وذلك لأمور:
* أنَّه قال رحمه الله في سورة الفاتحة { وَإِنْ وَقَفَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ آيَةٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى مُرَادِ التَّرتيلِ والتَّقْطِيعِ فَحَسَـنٌ } فلو كانتِ المسْأَلَةُ قاعدَةً مُطَّردةً لما كان لجُملة التخصيصِ (مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ) فائدَةٌ , ولكانَ اسْتَغنَى عنها في تعبيره رحمه الله.

* أنَّهُ رحمه الله في سُـوَر القَسَم (الصَّافَّات - الذَّاريات - النجم - الشمس - الضحى ... الخ) لا يذكُرُ وقفاً قبلَ جواب القَسَم , ولذا يقتتحُ هذه السُّوَر بجواب القسَم , ويُعرضُ عن الأيْمَـانِ , ويقولُ عند جوابِها (فَلاَ وَقْفَ دُونَهُ) , فلو كان اعتبارُ رؤوسِ الآيِ مُطَّرداً عندَهُ ما تركه في هذه المواضع.

* أنَّهُ يلتَزم قواعدَ العُلماء في الوقفِ ويُقدِّمُها على اعتبار رأس الآيةِ - في مواضع كثيرة جداً جداً من كتابه - إذا خالفَ الوقفُ قاعدةً وقفيَّةً ؛ فتراهُ يُعرضُ عن مجموع آياتٍ لا يذكُر فيها وقفاً بسبب تعلقاتِها اللفظية , ولو كانت رؤوسُ الآي عندهُ محلَّ اعتبارٍ أوَّلٍ لقدَّمها على هذه الاعتبارات.
 
عدة ملاحظات .
1- لا يمكن أن يقال إن مذهب الداني هو الوقف على رؤوس الآي إلا تغليبا كما أشار أستاذنا الكريم ( السكرة ) .

2- الأمثلة التي ذكرها الأخ الفاضل كاتب الموضوع لا تفيد أن مذهب الداني هو الوقف على رؤوس الآي ؛لأنه نقل وقوفا كافية وتامة، وهذا مما لا إشكال فيه ، فقد أشرتُ من قبل أن هذا مذهب أئمة هذا العلم ، وفي المقابل الأمثلة التي استدل بها على عدم الوقف على رؤوس الآي لا تفيد ذلك ،وهي الوقف على (وبالليل ) و (كذلك ) لا تفيد بالضرورة منع الوقف على رأس الآية ، فإن قيل ما منعه أن يذكر الوقف على رأس الآية ؟ فقل : لأن الداني لم يذكر في كتابه إلا الوقوف التامة أو الكافية ، أما غير ذلك فلا يذكره الداني إلا إذا في الكلمة عدة أوجه إعرابية فقد يذكر الحسن ، كما فعل في أول البقرة ، أو قد يقول (لا وقف ) وقد بينتُ أن ذلك لا يفيد القبح .

3- لا يجوز الداني الوقف على ما اتصل بما بعده لفظا ، سواء كان في رؤوس الآي أم في ثناياها ، لكن وقع منه ذلك في مواضع .
منها : إجازته الوقف على ( حرمت عليكم أمهاتكم ) ، بل وقال (كاف ) ، ولا ندري هل ننسب أستاذ الأستاذين إلى السهو ، أم نقول له وجهة لم نقف عليها ؟
أقول : جعل الأشموني عطف الجمل في حكم الاستئناف ونحمل كلام الداني على ذلك .
ومنها : إجازته الوقف على بلى من قوله ( نجمع عظامه @ بلى قادرين ) وعلل بنصب قادرين على الحال !!! ، واستنكره ابن الجزري في تمهيده فقال : إذا كان (قادرين) منصوبا على الحال كيف يحسن الوقف على بلى .


4- منع الداني الوقف على الحسن_ الذي هو كلام تام في معناه_ في ثنايا الآيات ، وأجاز الوقف على القبيح الذي لم يتم معناه حيث قال بعد أن ذكر عددا من الوقوف القبيحة التي لم يتم معناها : والجلة من القراء وأهل الأداء ينهون عن الوقف على هذا الضرب ، وينكرونه ، ويستحبون لمن انقطع نفسه عليه أن يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده ، فإن لم يفعل فلا حرج عليه .25
ولا يمكننا إلا أن نحمل كلامه على أن عدم الرجوع ليس بإثم ، وإن كان ذلك غير جائز ، وحسبنا في ذلك أنه إمام هذا الفن .
أقول : إذا أجاز الداني الوقف الكلام الغير تام في معناه فجوازه في الكلام التام في معناه أولى ، وأقصد بذلك الوقف الحسن ، وجوزه بعض أهل العلم كابن القاسم البقري في غنيته ، وخالد الأزهري في حواشيه ، واعترضه علي القاري ونسبه إلى عدم التمييز كالعادة .

5- منع العلماء الوقف قبل جواب القسم ، طيب إذا كان جواب القسم مقدرا فأين يكون تمام الكلام ؟

6- منع العلماء الوقف قبل جواب القسم، وأجمعوا على جواز الابتداء بالجملة المستأنفة ، وجواز القسم _ غالبا _ يكون جملة مستأنفة ، كما في قوله ( إن إلهاكم لواحد ) وقوله (إنما توعدون لصادق ) وقوله ( إن عذاب ربك لواقع ) ، فكيف نجمع بين الأمرين ؟
أقول اصطلاح الكافي بأنه الوقف على كلام تام في معناه منفصل عنا بعده لفظا ينطبق على هذه الوقوف ، وذلك على تقدير : أقسم بهذه الأشياء . . أقسم بالطور مثلا ، فهل يقال : إن الوقف هنا كاف ، أم يقال : إنه أحسن ، أي : هناك وقف حسن وأحسن ، ويكون هذا الوقف أعلى مرتبة من الحسن ، ولا يرتقي إلى الكافي ، هذا هو الأقرب إلى الصواب ، ولعل ذلك هو الذي جعل ابن الأنباري يجوز الوقف على ( إي وربي ) .

7- قد تكون لنا عودة أخرى إن يسر الله ذلك .
والسلام عليكم.
 
عودة
أعلى