أحمد بزوي الضاوي
New member
المنهج الإسقاطي في التفسير : لي عنق النص .
المنهج الإسقاطي في التفسير : لي عنق النص .
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
ـ سورة البقرة ، الآية 32 ـ
المنهج الإسقاطي في التفسير :
هذا التعبير الاصطلاحي هو بديل عصري لتعبير اصطلاحي معروف ومتداول لدى المفسرين، ولدى الباحثين في الدراسات القرآنية خاصة، وعلوم القرآن عامة، ألا وهو : لي عنق النص، بمعنى أن مفسر الخطاب القرآني تكون لديه أفكار وعقائد ومواقف مسبقة، ويأتي إلى القرآن الكريم ليقرأ تلكم الأفكار والمعتقدات، ويلتمس الشرعية لمواقفه، ومن ثم فهو لا يقرأ القرآن الكريم بقدر ما يقرأ محكماته العقدية والفكرية والسلوكية. فالقارئ هنا لا يكون هدفه استنباط مراد الله تعالى من الخطاب القرآني الكريم، بهدف المعرفة عن الله تعالى، والوقوف على مضمون الرسالة الربانية، بغية تنزيلها على الواقع لتعبيد الحياة كل الحياة لله رب العالمين. وإنما هدفه من القراءة التماس الحجة الشرعية لما يعتقده و ما يتخذه من مواقف في الحياة، ليبين للناس أنه ملتزم بالشرع، وإن كان الشرع منه براء، لفساد النية والمقصد، مع افتقادهم لأبسط شروط الأهلية لتفسير القرآن الكريم، فليس لهم علم باللغة العربية ولا بالقرآن الكريم وعلومه، فضلا عن معاملتهم القرآن الكريم كما يعاملون النصوص البشرية الوضعية، لأنهم لا يؤمنون بقدسيته، وإعجازه وتميزه عن سائر الكتابات البشرية الوضعية، فهم لا يراعون خصوصياته، كما أن عملهم يمتاز بالانتقائية المنهجية والمعرفية. ومن ثم تنعدم في أعمالهم الموضوعية والنزاهة الفكرية والدقة العلمية وهي المدخل الأساس لأي بحث علمي .
وقد اقترحنا هذا المعادل الاصطلاحي لأن كثيرا من الناس اليوم لا يفقهون معنى التعبير الاصطلاحي المتداول، بل لاحظنا في كثير من المواقف اتخاذه حجة للمغرضين، وسبيلا للاستخفاف ومدعاة للسخرية من مستعمليه، واتهامهم بكونهم رجعيين غير قادرين على مواكبة العصر، ومسيرات التطورات التي يعرفها على مستوى التصورات والمفاهيم والمناهج. وقداعتمدنا طريقة السلف في إقامة الحجة على خصومهم بما يدعون أنه العلم والمعرفة. ولذلك نحن أقمنا الحجة على هؤلاء بما هو معروف في مناهج تحليل الخطاب الحديثة واللسانيات، لنبين لهم أن منهج السلف أسلم وأعلم، وأن القوم عبروا بما يناسبهم زمانا ومكانا، وقديما تقرر قولهم : لا مشاحة في الاصطلاح. فالعبرة في المضمون، وإن كنا نعتقد أن تحديد المصطلح شيء أساسي لبناء المعرفة، وتحقيق التواصل .
والمنهج الإسقاطي ( لي عنق النص ) في التفسير هو المنهج الذي سلكته الفرق المبتدعة في التعامل مع القرآن الكريم وقد بين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن منهج واحد ذو خطوات ثلاث ، على عكس من لم يفهم مراد الشيخ ابن تيمية رحمه الله إذ اعتبرها ثلاثة مناهج ، ذلك أن الفرق الضالة لا يؤمنون إلا بمعتقداتهم الفاسدة ، ولا يتبعون إلا آراء وأقوال ساداتهم، ومن ثم فإنهم يخالفون النصوص القطعية الدلالة في النهي عن اعتقاد مذاهب وآراء قبل أن ينص عليها القرآن الكريم ، وتبينها السنة النبوية الشريفة . يقول سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
(الحجرات:1)
فمن شرط الإيمان أن يكون عقلك وذوقك تبعا لما جاء به الرسـول ـ صلى الله عليه و سلم ـ .
وهذا هو منهجهم الحق فهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالسنة، وإنما هم يأتون إليهما بغية اكتساب المشروعية، حتى تجد معتقداتهم مكانا لها بين صفوف المسلمين ، فهم يعرفون لو واجهوا المسلمين بحقيقتم لما وجدوا لأنفسهم مكانا بينهم بله أفكارهم و معتقداتهم ،إنه منطق إبليس : المنطق التبريري . وهذا الأصل المنهجي يتفرع إلى ثلاثة مستويات :
1) الأخذ بظاهر النص : لا إيمانا به وتسليما بمقتضياته، وإنما ليقيموا الحجة على الحق بصحة دعواهم . والدليل على ذلك حتى لا يغتر بهم أحد أنهم كما قال ابن تيمية رحمه الله : لا يعتنون بتحرير دلالة الخطاب . وهذا القيد لا يفققه إلا من تمرس بعلوم اللغة وفقه الخطاب، أي الكيفية التي تتم بها عملية استخراج المعنى من الخطاب . ومن ثم فإن اللسانيات ومناهج تحليل الخطاب الحديثة أسعفتنا كثيرا في فهم أبعاد هذا القيد، فلكي نفهم نصا لا يمكننا أن نفهمه بناء على بنائه اللغوي السطحي، دون أن نستحضر عاملين أساسيين من عوامل استخراج المعنى، وهما السياق اللغوي أي السياق الداخلي المتمثل في ما قبل الآية موضوع التفسير وما بعدها باعتبار القرآن الكريم نسقا متكاملا لا يمكن فهم إحدى جزئياته إلا في إطاره الشمولي، ومن ثم نفهم فهما جيدا لماذا اشترط أهل السنة في أصولهم التفسيرية تفسير القرآن بالقرآن، ودلالة السياق، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعلاقات الدلالية القائمة بين ألفاظ القرآن الكريم : العام والخاص، المطلق والمقيد، علاقة الجزء بالكل، علاقة التضمن وغيرها من العلاقات الدلالية التي في غيابها لا يمكننا فهم الخطاب القرآني.
أما الأساس الثاني فهو السياق غير اللغوي أي السياق الخارجي وهو بالنسبة للخطاب القرآني ينقسم إلى قسمين : أسباب النزول : وهي الظروف والملابسات المواكبة لنزول سورة أو آية، أي إنها سبب غير مباشر. ومعلوم أنه ليس كل القرآن الكريم له سبب مباشر . كما أنه لا يمكن أن نتصور أن بعضا من القرآن الكريم ليس له سياق غير لغوي، فالقرآن الكريم كان ينزل في بيئة معينة، ويخاطب أقواما معينين، ومن ثم فإنه حتما ولزاما له سياق غير لغوي يتمثل في الواقع الثقافي المواكب لنزول القرآن الكريم: الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والدينية التي واكبت نزول القرآن الكريم وهي ما يمكن الاصطلاح عليه بملابسات النزول وهي أوسع من أسباب النزول لأنها أسباب غير مباشرة .
إن أي خطاب لا يمكن أن نفهمه ما لم نستحضر سياقه اللغوي، وسياقه غير اللغوي . ومن ثم فليس كل أخذ بظاهر النص يعتبر مفضيا إلى مراد الله تعالى، إذ إن عملية إنتاج المعنى وعملية استنباطه عملية معقدة، ولا يشكل البناء اللغوي السطحي إلا مدخلا لهذه العملية، ومن ثم وجب الاحتراز من ذلك باعتباره مدخلا لكثير من الفرق الضالة قديما وحديثا لتمرير أطروحاتهم . إذ الأخذ بالظاهر له شروطه منها :
1- العام ينظر إليه في إطار الخاص .
2- المطلق ينظر إليه في إطار المقيد .
3- المتشابه ينظر إليه في إطار المحكم.
4- المنسوخ ينظر إليه في إطار الناسخ .
5- دلالة السياق اللغوي : أي ما قبل النص وما بعده .
6- العرف اللغوي، مراعاة سنن العرب في الكلام .
7- العرف القرآني : طرائق القرآن التعبيرية، وأسلوبه في البيان والبلاغ .
2) القول بالتأويل : إذا عجزوا عن جعل ظاهر النص موافقا لمعتقداتهم ومزكيا لمواقفهم فإنهم يقولون بأن الظاهر غير مراد، و من ثم يبادرون إلى الأخذ بالمعنى الباطن بصرف النص عن معناه الراجح إلى المعنى المرجوح من غير تقيد بالضوابط المتعارف عليها وعلى رأسها وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الظاهر المتبادر.
3) القول بالتفويض : إذا عجزوا عن تأويل الآية بما يوافق معتقداتهم، ويزكي مواقفهم فإنه يقولون بالتفويض، أي إن الله تعالى استأثر بعلمها، وذلك حتى يقطعوا الطريق على مناظرهم من إقامة الحجة عليهم . ولذلك نجد أهل السنة و الجماعة يقررون مبدأ : ليس في القرآن الكريم شيء لا يستطيع صاحب اللسان معرفته، كما فرقوا بين فهم الآية و إدرادها ، فالفهم هو القدرة على التمييز، فإذا تعلق الأمر مثلا بصفات الله تعالى فإن صاحب اللسان العربي يميز بين صفة العلم و صفةالاستواء و هي ليست واحدة بالنسبة إليه ، ومن ثم فهو يفهما، لكنه لايستطيع إدراكها، أي لا يستطيع معرفتها على ما هي عليه في الواقع، فذلك هو ما استأثر الله تعالى بعلمه، وبذلك ردوا كيد الكائدين بالعلم و المعرفة، مصداقا لقوله تعالى :
( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
(سورة البقرة، جزء من الآية111)
المنهج الإسقاطي في التفسير : لي عنق النص .
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
ـ سورة البقرة ، الآية 32 ـ
المنهج الإسقاطي في التفسير :
هذا التعبير الاصطلاحي هو بديل عصري لتعبير اصطلاحي معروف ومتداول لدى المفسرين، ولدى الباحثين في الدراسات القرآنية خاصة، وعلوم القرآن عامة، ألا وهو : لي عنق النص، بمعنى أن مفسر الخطاب القرآني تكون لديه أفكار وعقائد ومواقف مسبقة، ويأتي إلى القرآن الكريم ليقرأ تلكم الأفكار والمعتقدات، ويلتمس الشرعية لمواقفه، ومن ثم فهو لا يقرأ القرآن الكريم بقدر ما يقرأ محكماته العقدية والفكرية والسلوكية. فالقارئ هنا لا يكون هدفه استنباط مراد الله تعالى من الخطاب القرآني الكريم، بهدف المعرفة عن الله تعالى، والوقوف على مضمون الرسالة الربانية، بغية تنزيلها على الواقع لتعبيد الحياة كل الحياة لله رب العالمين. وإنما هدفه من القراءة التماس الحجة الشرعية لما يعتقده و ما يتخذه من مواقف في الحياة، ليبين للناس أنه ملتزم بالشرع، وإن كان الشرع منه براء، لفساد النية والمقصد، مع افتقادهم لأبسط شروط الأهلية لتفسير القرآن الكريم، فليس لهم علم باللغة العربية ولا بالقرآن الكريم وعلومه، فضلا عن معاملتهم القرآن الكريم كما يعاملون النصوص البشرية الوضعية، لأنهم لا يؤمنون بقدسيته، وإعجازه وتميزه عن سائر الكتابات البشرية الوضعية، فهم لا يراعون خصوصياته، كما أن عملهم يمتاز بالانتقائية المنهجية والمعرفية. ومن ثم تنعدم في أعمالهم الموضوعية والنزاهة الفكرية والدقة العلمية وهي المدخل الأساس لأي بحث علمي .
وقد اقترحنا هذا المعادل الاصطلاحي لأن كثيرا من الناس اليوم لا يفقهون معنى التعبير الاصطلاحي المتداول، بل لاحظنا في كثير من المواقف اتخاذه حجة للمغرضين، وسبيلا للاستخفاف ومدعاة للسخرية من مستعمليه، واتهامهم بكونهم رجعيين غير قادرين على مواكبة العصر، ومسيرات التطورات التي يعرفها على مستوى التصورات والمفاهيم والمناهج. وقداعتمدنا طريقة السلف في إقامة الحجة على خصومهم بما يدعون أنه العلم والمعرفة. ولذلك نحن أقمنا الحجة على هؤلاء بما هو معروف في مناهج تحليل الخطاب الحديثة واللسانيات، لنبين لهم أن منهج السلف أسلم وأعلم، وأن القوم عبروا بما يناسبهم زمانا ومكانا، وقديما تقرر قولهم : لا مشاحة في الاصطلاح. فالعبرة في المضمون، وإن كنا نعتقد أن تحديد المصطلح شيء أساسي لبناء المعرفة، وتحقيق التواصل .
والمنهج الإسقاطي ( لي عنق النص ) في التفسير هو المنهج الذي سلكته الفرق المبتدعة في التعامل مع القرآن الكريم وقد بين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن منهج واحد ذو خطوات ثلاث ، على عكس من لم يفهم مراد الشيخ ابن تيمية رحمه الله إذ اعتبرها ثلاثة مناهج ، ذلك أن الفرق الضالة لا يؤمنون إلا بمعتقداتهم الفاسدة ، ولا يتبعون إلا آراء وأقوال ساداتهم، ومن ثم فإنهم يخالفون النصوص القطعية الدلالة في النهي عن اعتقاد مذاهب وآراء قبل أن ينص عليها القرآن الكريم ، وتبينها السنة النبوية الشريفة . يقول سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
(الحجرات:1)
فمن شرط الإيمان أن يكون عقلك وذوقك تبعا لما جاء به الرسـول ـ صلى الله عليه و سلم ـ .
وهذا هو منهجهم الحق فهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالسنة، وإنما هم يأتون إليهما بغية اكتساب المشروعية، حتى تجد معتقداتهم مكانا لها بين صفوف المسلمين ، فهم يعرفون لو واجهوا المسلمين بحقيقتم لما وجدوا لأنفسهم مكانا بينهم بله أفكارهم و معتقداتهم ،إنه منطق إبليس : المنطق التبريري . وهذا الأصل المنهجي يتفرع إلى ثلاثة مستويات :
1) الأخذ بظاهر النص : لا إيمانا به وتسليما بمقتضياته، وإنما ليقيموا الحجة على الحق بصحة دعواهم . والدليل على ذلك حتى لا يغتر بهم أحد أنهم كما قال ابن تيمية رحمه الله : لا يعتنون بتحرير دلالة الخطاب . وهذا القيد لا يفققه إلا من تمرس بعلوم اللغة وفقه الخطاب، أي الكيفية التي تتم بها عملية استخراج المعنى من الخطاب . ومن ثم فإن اللسانيات ومناهج تحليل الخطاب الحديثة أسعفتنا كثيرا في فهم أبعاد هذا القيد، فلكي نفهم نصا لا يمكننا أن نفهمه بناء على بنائه اللغوي السطحي، دون أن نستحضر عاملين أساسيين من عوامل استخراج المعنى، وهما السياق اللغوي أي السياق الداخلي المتمثل في ما قبل الآية موضوع التفسير وما بعدها باعتبار القرآن الكريم نسقا متكاملا لا يمكن فهم إحدى جزئياته إلا في إطاره الشمولي، ومن ثم نفهم فهما جيدا لماذا اشترط أهل السنة في أصولهم التفسيرية تفسير القرآن بالقرآن، ودلالة السياق، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعلاقات الدلالية القائمة بين ألفاظ القرآن الكريم : العام والخاص، المطلق والمقيد، علاقة الجزء بالكل، علاقة التضمن وغيرها من العلاقات الدلالية التي في غيابها لا يمكننا فهم الخطاب القرآني.
أما الأساس الثاني فهو السياق غير اللغوي أي السياق الخارجي وهو بالنسبة للخطاب القرآني ينقسم إلى قسمين : أسباب النزول : وهي الظروف والملابسات المواكبة لنزول سورة أو آية، أي إنها سبب غير مباشر. ومعلوم أنه ليس كل القرآن الكريم له سبب مباشر . كما أنه لا يمكن أن نتصور أن بعضا من القرآن الكريم ليس له سياق غير لغوي، فالقرآن الكريم كان ينزل في بيئة معينة، ويخاطب أقواما معينين، ومن ثم فإنه حتما ولزاما له سياق غير لغوي يتمثل في الواقع الثقافي المواكب لنزول القرآن الكريم: الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والدينية التي واكبت نزول القرآن الكريم وهي ما يمكن الاصطلاح عليه بملابسات النزول وهي أوسع من أسباب النزول لأنها أسباب غير مباشرة .
إن أي خطاب لا يمكن أن نفهمه ما لم نستحضر سياقه اللغوي، وسياقه غير اللغوي . ومن ثم فليس كل أخذ بظاهر النص يعتبر مفضيا إلى مراد الله تعالى، إذ إن عملية إنتاج المعنى وعملية استنباطه عملية معقدة، ولا يشكل البناء اللغوي السطحي إلا مدخلا لهذه العملية، ومن ثم وجب الاحتراز من ذلك باعتباره مدخلا لكثير من الفرق الضالة قديما وحديثا لتمرير أطروحاتهم . إذ الأخذ بالظاهر له شروطه منها :
1- العام ينظر إليه في إطار الخاص .
2- المطلق ينظر إليه في إطار المقيد .
3- المتشابه ينظر إليه في إطار المحكم.
4- المنسوخ ينظر إليه في إطار الناسخ .
5- دلالة السياق اللغوي : أي ما قبل النص وما بعده .
6- العرف اللغوي، مراعاة سنن العرب في الكلام .
7- العرف القرآني : طرائق القرآن التعبيرية، وأسلوبه في البيان والبلاغ .
2) القول بالتأويل : إذا عجزوا عن جعل ظاهر النص موافقا لمعتقداتهم ومزكيا لمواقفهم فإنهم يقولون بأن الظاهر غير مراد، و من ثم يبادرون إلى الأخذ بالمعنى الباطن بصرف النص عن معناه الراجح إلى المعنى المرجوح من غير تقيد بالضوابط المتعارف عليها وعلى رأسها وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الظاهر المتبادر.
3) القول بالتفويض : إذا عجزوا عن تأويل الآية بما يوافق معتقداتهم، ويزكي مواقفهم فإنه يقولون بالتفويض، أي إن الله تعالى استأثر بعلمها، وذلك حتى يقطعوا الطريق على مناظرهم من إقامة الحجة عليهم . ولذلك نجد أهل السنة و الجماعة يقررون مبدأ : ليس في القرآن الكريم شيء لا يستطيع صاحب اللسان معرفته، كما فرقوا بين فهم الآية و إدرادها ، فالفهم هو القدرة على التمييز، فإذا تعلق الأمر مثلا بصفات الله تعالى فإن صاحب اللسان العربي يميز بين صفة العلم و صفةالاستواء و هي ليست واحدة بالنسبة إليه ، ومن ثم فهو يفهما، لكنه لايستطيع إدراكها، أي لا يستطيع معرفتها على ما هي عليه في الواقع، فذلك هو ما استأثر الله تعالى بعلمه، وبذلك ردوا كيد الكائدين بالعلم و المعرفة، مصداقا لقوله تعالى :
( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
(سورة البقرة، جزء من الآية111)