منهجية التدبر للمعتكفين

إنضم
18 أبريل 2003
المشاركات
116
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
فما أعظم فرصة العشر الأواخر من رمضان لإحياء سنة الاعتكاف ، وتحقيق سنة مدارسة القرآن في رمضان في بيت من بيوت الله تعالى لتذوق روحانية تلك الليالي بكتاب الله تعالى ، إذ لا تكتمل حلاوة الاعتكاف بغير القرآن ، ومن هنا تأتي أهمية وجود منهجية للتدبر والمدارسة تحقق للمعتكفين تلك السنن والأثر المقصود ، وبالتأمل في واقع المعتكفين فإننا نرى أن كثيراً من المعتكفين ليس له برنامج محدد لاغتنام تلك الساعات الفاضلة بل ربما تضيع تلك الساعات بأحاديث لاتنفع المعتكف ولا تحقق له مقصود الاعتكاف ، ولأجل ذلك أحببت أن أطرح هذه المنهجية وأرجو أن يحيي فيها المعتكفون سنة المدارسة ويتذوقون من خلالها حلاوة القرآن ويجدون أثره في نفوسهم بإذن الله .
تنبيه : قبل أن أطرح المنهجية المقترحة أوضح أمرين مهمين :
1- أن الأصل في الاعتكاف الخلوة والانقطاع عن الناس ، وهو الهدي النبوي كما يشهد لذلك ما رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر , ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه , وَإِنَّهُ أَمَرَ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ " فإن تيسر للمعتكف الخلوة التامة فهو الأكمل ، ولكن الواقع يشهد بندرة من يحقق ذلك لمشقة الانقطاع التام عند كثير من الشباب خاصة ، ولعدم وجود خلوات في المساجد . والمنهجية الفردية على هذا الحال ممكنة بتلاوة القرآن ومراجعته وتدبره والقيام به ، وعرضه على النفس لزيادة الإيمان والعلم والعمل.
2- أن هذه المنهجية لاتنافي الخلوة والانقطاع المشروع من حيث أن وقتها المشترك ساعة أو تزيد ومقصدها المدارسة المشروعة ، ومن هنا فينبغي للمعتكف أن يكون غالب وقته منقطعاً عن الناس خالياً بربه وبكتابه يتلوه ويحفظه ويتدبره .

المنهجية المقترحة هي كالآتي :
1-وضع مجلس خاص للمدارسة بين التراويح والقيام لمدة ساعة ونصف تقريباً . وفي حال وجود أكثر من عشرة معتكفين فيمكن تعدد المجالس أو الحلقات ، ويدير المجلس الإمام أو طالب علم إن أمكن .
2-اختيار سورة بمقدار نصف جزء تقريباً ، ومما يرشح : سورة الكهف أو النور أو الحج أو الزمر أو غيرها .
3-تحديد وجه واحد يومياً ، ويطلب من كل مشارك :
· حفظ الوجه .
· قراءته في الصلاة والنوافل بتدبر عدة مرات .
· قراءة تفسيره من التفسير الميسر أو تفسير آخر مختصر .
· تدبره واستخراج ما أمكن من الفوائد واللطائف والاستنباطات ، وكتابتها إن أمكن ، مع إمكانية مراجعة التفاسير .
4-الاجتماع في وقت الجلسة المحدد ، وتسميع الوجه من الجميع بصوت مسموع ومرتل ثم مدارسة الوجه بذكر الفوائد واللطائف عن طريق المدارسة وطرح التساؤلات والإشكالات والإجابة عنها أو بحثها ، مع التركيز على الفوائد العملية . ( ويمكن أن يوضع حافز لأفضل فائدة مستنبطة ليكون ذلك أدعى للتركيز والاستنباط )
5-جمع أبرز الفوائد والاستنباطات لمراجعتها والاستفادة منها بعد الاعتكاف . [ مع لزوم التحقق من الاستنباطات المتعلقة بالمعنى بموافقتها لمراد الله تعالى من خلال الرجوع للتفاسير].

وأرجو أن يكون في هذه المجالس تأسياً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل في رمضان فيدارسه القرآن وذلك كل ليلة ، وتحقيقاً للمنهج النبوي العظيم المتمثل بقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )
ويتحقق بهذه المجالس :
1-تلاوة كتاب الله .
2-حفظ ماتيسر منه .
3-مدارسته وفهمه .
4- زيادة الإيمان والعلم والعمل بإذن الله .
5-تحقيق الهدي النبوي وحصول الموعود به في الحديث السابق بإذن الله.

وهذه منهجية مجربة في دورة صيفية ، وقد كان لها أثر عظيم في نفوس المشاركين بتنمية ملكة التدبر ، فضلاً عما تورثه من زيادة الإيمان والفهم والعلم والعمل ، وتذوق لحلاوة القرآن وروحانية الاعتكاف .
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المهتدين بهدي نبيه في مدارسة القرآن وأن يرزقنا تذوق حلاوته والعمل بهديه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
جزيت خيرا أيها الشيخ الفاضل
منهجية رائعة ومفيدة ومثمرة ، وفيها عدة فوائد :
1- مساعدة الشباب المعتكف على تنظيم أوقاتهم والإفادة من طلاب العلم المتمكنين في هذا المجال .
2- مشروع التدبر الجماعي في حلقات التفسير مثمر وله نتائج رائعة ، وقد رأيت أثر ذلك في دروس التفسير مع طالباتي وهن من الناطقات بغير العربية ، فكن يستخرجن لطائف وفوائد فريدة ، حتى أني كنت أدون بعضها في مذكرتي ، وكان ذلك نتيجة العصف الذهني الذي كنت أستخدمه معهن أثناء الدرس .
3- إحياء هذه الليالي المباركة في التلاوة والمدارسة ، خير من إنشغال بعض المعتكفين بالأحاديث الدنيوية ، أو بالقراءة الصامتة الخالية من التدبر ، فالاعتكاف له حكم عظيمة لا يحصلها إلا من عاش في جو إيماني خالص ، بعيداً عن الماديات والدنيويات ، ولم أجربه ولكني أستشعر هذه الحكم من المعنى الشرعي له ، وأسأل الله أن يقدر لي العيش في هذه النعمة .
 
أحسن الله إليكم .
فكرة جميلة وميسرة .
ويمكن استمرار هذه الجلسات التدبرية لهذه المجموعة خلال العام كله ، مثلا تكون الجلسة مرة واحدة أسبوعيا ، ويتم تطبيق ما ساروا عليه من المدارسة خلال شهر رمضان، وخير العمل أدومه وإن قلّ.
بارك الله فيكم جميعا ..
 
الله أكبر .. عمل صالح ما أجله وما أجمله!
وهكذا كان السلف كما قال الإمام البخاري، رحمه الله: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيهم، ليس بينهم رأي ولا قياس.
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ
 
شكر الله لك أبا عبدالله ..
وفي تقديري أن أثر هذه الساعة والنصف سيمتد إلى باقي أوقات هؤلاء المتدبرين سائر اليوم حين يذوقون حلاوة القرآن، وبركة تدبره ، ولعل الله يخرج منهم من يقول ما قاله محمد بن كعب القرظي ـ كما في حلية الأولياء (3/214) ـ على الأقل في أمثال تلك الليالي الغرّ : "إن عجائب القرآن تورد علي أمورا حتى أنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي".
أنا متأكد لو أن 1000 معتكف في السعودية ـ مثلاً ـ و1000 في مصر ، و 1000 في كل دولة من دول العالم الإسلامي طبقوا هذا لحققنا خيراً كثيراً كثيراً ، ولخرجنا بعشرات الآلاف من المعتكفين المتدبرين ، ولحققنا مكسباً عظيماً في اختصار مسافات من تربية قلوب الناشئة والشبيبة الذين يحفظون القرآن أو بعضه.
 
أظن أن المجال مفتوح لإبداء وجهات النظر ، ولذلك أقول : لماذا لا يكون هذا البرنامج في غير الاعتكاف ، أما الاعتكاف فله مقصد آخر، ثم إن الساعة وقت طويل في يوم المعتكف، بل إن مجرد الاختلاط في الفطور والسحور يقلل من نفع هذه العبادة على القلب، واختلاط المعتكف بالناس في هذه الساعة من الليل -التي ينبغي أن يصلي فيها وحده- يشوش عليه خلوته التي هي المقصود الأعظم من اعتكافه، وقد يتعذر البعض بأن بعض الشباب قد يمل من طول الخلوة في الاعتكاف فيفتر، وأقول : على هذا الذي لا يصبر على الاعتكاف أن يتدرج فيعتكف يوماً أو اثنين بدلاً من أن يشغل من صار يستطيع أن يعتكف العشر، الاعتكاف - كما لا يخفى عليكم - خلوة بالرب وعكوف على ذكره وحمده وتمجيده، وهي فرصة لا تعوض، و كل شيء خلاف المقصود له أوقاته الأخرى المناسبة، وليتنا نوصل هذه الفكرة لشبابنا وإخواننا ، ثم ألا تلاحظون أن الأخ المعتكف سيشغل وقته بالتحضير والتفكير والتدوين لما يأتيه من معان حتى يتحف بها إخوانه والقلوب تتقلب والنيات تتغير- وكلنا ذلك الرجل - ؛ فلا أقل من أيام قليلة يصفو فيها الإنسان ويخلو بربه فتكون له زاداً إلى حين.
وأخيراً أعتذر إن طرحت ما في النفس بأسلوب غير لائق خاصة وقد كتب الموضوع وأثنى عليه من يفوقونني في كل شيء- ربما استثني العمر في بعضهم-، شاكراً لمن رأى خللاً في كلامي فنبهني وأخذ بيدي.
 
شكر الله للإخوة أم أحمد المكية ، والفجر الباسم وللشيخين الجليلين الدكتور خالد والدكتور عمر مشاركتهم وتفاعلهم وتأييدهم .
وأما ماذكره أخي محمد نصيف من الأصل في الاعتكاف وهو الانقطاع فقد نبهت إليه أولاً . ولكن لو نظرنا إلى واقع المعتكفين فلا أظني مبالغ إذا قلت أن 80% من المعتكفين لايستطيعون هذا الانقطاع والخلوة لعدم اعتيادهم عليها. وغالبهم من الشباب . ومما يلاحظ لمن جرب الاعتكاف أن كثيراً من المعتكفين يضيع وقتهم فيما بين الفصلين، فوجود مثل هذا البرنامج يعينهم ويحفزهم، فضلا عن أنه سينمي لديهم ملكة التدبر والعيش مع القرآن حقيقة، فإذا ذاقوها في مثل هذه الليالي المباركة فما ظنك بأثرها عليهم، وما ظنك بشوقهم للاستمرار عليها بعد رمضان .
فضلاً عن أن هذه المنهجية يمكن أن تكون :
فرصة للخلوة بحيث ينقطع المعتكف بقية وقته وهو كثير في تدبر كتاب الله تعالى ، والتدبر أفضل وأنفع من مجرد القراءة ، قال الآجري :(القليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلى من قراءة الكثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه ، فظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة وأقوال آئمة المسلمين) . أخلاق أهل القرآن ص80 .
 
فكرة د. محمد الربيعة رائعة لنفع معتكفي هذا الزمان والارتقاء بهم إيمانياً بدلاً من شغل أوقاتهم بما هو أقل نفعاً .
وفكرة د. محمد نصيف هي المثل الأسمى الذي يجب أن يحتذى لمن عَلَتْ همتُه وصلح حالُه .
فيمكن أن يكون تطبيق هذه الفكرة للمعتكفين بحسب حالهم، فالمعتكف الذي يجد من نفسه الصبر على الخلوة وعكوفه على إصلاح قلبه والانكسار بين يدي خالقه فليلزم هذا فإن فيه النفع العظيم لقلبه، وأما من كان على النقيض من هذا ففكرة التدبر هذه رائعة له وأفضل من لهوه بالكلام المباح فضلا عن غيره . والله الموفق
 
جزى الله كل من أدلى بدلوه خيراً، ولي وقفتان:
1/ أعتقد أننا نحتاج طوال العام أن نربي أنفسنا ومن ينتظر توجيهنا على شيء من الخلوة والإقبال على الله ونتتدرج بهم في ذلك (جلوس فردي إلى شروق الشمس - قيام ليل - اعتكاف يوم وليلة...إلخ) حتى إذا جاءت العشر كانوا مهيئين للاعتكاف.
2/ يمكن أن تجعل الجلسة في البرنامج المقترح للمعتكفين بعد العصر حتى لا تأخذ من وقت قيام الليل، والذي هو أجمل الأوقات في تنزل معاني القرآن على القلب، فيكون التدبر الجماعي عصراً والتدبر الفردي ليلاً.
والله أعلم.
 
كنت في مكة أنا وبعض الطلاب وقمنا بتطبيق هذه المنهجية - وكانوا أول مرة يقومون بتطبيقها - حيث كانت عادتهم في دروس التفسير قراءة النص المفسر من إحدى كتب التفسيروالإشارة إلى الفوائد من الكتاب ,فاستثقلوها في البداية وشيئا فشيئا حتى وجدوا لذتها وثمرتها وطالبوا أن تكون كل أوقات الفراغ مدارسة سورة من سور جزء تبارك -وهو الجزء الذي اخترناه- بهذه الطريقة
 
يمكن أن تجعل الجلسة في البرنامج المقترح للمعتكفين بعد العصر حتى لا تأخذ من وقت قيام الليل، والذي هو أجمل الأوقات في تنزل معاني القرآن على القلب، فيكون التدبر الجماعي عصراً والتدبر الفردي ليلاً.
رأي منصف أخي محمد نصيف
 
الشيخ محمد الربيعة جزاك الله كل خير وبارك فيك

ولا ننسى ان الاعتكاف في المسجد له بركته الخاصة والتي سوف يساعد ان شاء الله على رسوخ العلم وتفتح ابوابه
ومن يزور الحرم النبوي في رمضان يجد من العلماء الشيخ ابو بكر الجزائري حفظه الله يقٌراء عليه تفسيره
(ايسر التفاسير) والمعتكفين من حوله, كما ان المعتكف بحاجة إلى ما يحمض به حتى لا يمل
 
فتح الله عليكم جميعاً وتقبل منكم ورزقنا وإياكم لذة الطاعة والتدبر لكلامه والعمل به ، ولا شك أن تدبر القرى، والعيش معه في أوقات الاعتكاف له روحانيته الخاصة التي لا يعدلها غيرها .
 
عودة
أعلى