مناقشة ماجستير:المفسرون في النصف الثاني من القرن السادس الهجري جمعا ودراسة استقرائية وصفية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد​

فقد اعتنى العلماء بعلم التفسير تصنيفاً وتدريساً، فتعددت مدارس التفسير، وأضحت متعددة المشارب، متنوعة المذاهب، وتأثر التفسير بتغير الأزمان والأوطان، وتأثر كل مفسر بزمنه ومجتمعه، وتأثر كل تلميذٍ بشيخه ومنهجه، فكان لكل عصر سماته، ولكل زمن مؤثراته، مما أدى إلى تباينٍ بين المفسرين، وإثراءٍ لمكتبة التفسير.
فكان على طالب التفسير، معرفة تاريخ التفسير، والمؤثرات فيه، ومناهج المفسرين، ليكون على دراية بما طرأ على التفسير من مستجدات، وتتكوّن لديه ملكة سبر الأقوال وتحليلها، ودراسة أسبابها وتأثيراتها، وتمييز صحيحها من سقيمها.
ومن هنا كانت الحاجة شديدة لجمع ودراسة تاريخ التفسير, وتراجم أولئك المفسرين, ووصف الملابسات والمؤثرات في كل عصر من تلك العصور, فجاءت الإشارة من أصحاب الفضيلة مشايخنا حفظهم الله تعالى بالكتابة في هذا الموضوع, في مشروع رسائل علمية في قسم التفسير وعلوم القرآن في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية, بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية, ويسّر الله أن يكون نصيبي من هذا المشروع :
"المفسرون في النصف الثاني من القرن السادس الهجري جمعًا ودراسةً استقرائيةً وصفيةً".

وقد اعتمدت في هذا البحث على جرد كتب التراجم والطبقات ومعاجم المفسرين، وفهارس وموسوعات مصنفات التفسير وعلوم القرآن، واستقراء أشهر كتب التاريخ والسير، والكتب التاريخية التي تناولت هذا القرن أو بعض أجزائه بشكل خاص، واستعنت ببعض كتب التفسير وعلوم القرآن، والبحوث العلمية والرسائل الجامعية.

أهمية مشروع طبقات المفسرين:

يعتبر هذا المشروع ذا أهمية كبيرة لما فيه من إسهام في خدمة كتاب الله عز وجل، وإبراز عناية المفسرين بالقرآن من خلال خدمتهم لجوانب كثيرة من كتاب الله عز وجل.

كما أن المكتبة الإسلامية بحاجة إلى مرجع شامل في هذا العلم حيث يعتبر من العلوم التي لم تُخدم خدمةً كافية، حيث إن هذا المشروع يهدف إلى توثيق كل من اشتغل بالتفسير من عصر الصحابة وحتى عصرنا الحاضر، وإلقاء الضوء على مصنفاتهم وبيان المطبوع والمخطوط والمفقود منها.

كما يُقدم للدارسين وأهل الاختصاص دراسة تاريخية للتفسير ونشأته ومراحل تطوره، والمؤثرات فيه، وبيان مواطن الاتفاق والاختلاف والانفراد بين المفسرين، ومعالم القوة والضعف في كل قرن، ومظاهر التأثر والتأثير بين المفسرين على مر العصور.


خطة البحث ومنهجية الكتابة فيه:
قد اشتملت خطة البحث على مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، وفهارس.
وذكرت في المقدمة:
-أهمية الموضوع.
-أسباب اختيار الموضوع.
-الدراسات السابقة.
-خطة البحث.
-منهج البحث.

أما التمهيد فقد احتوى على :
التعريف بمفردات البحث وتراكيبها، وضمنته خمسة مباحث:
-المبحث الأول: عرفت فيه التفسير والمفسرين لغة واصطلاحاً، وذكرت ضابط المفسر في هذا البحث وهو : كل من ورد ذكره في كتب طبقات المفسرين وإن لم يوصف بالمفسر، وكلُ من وُصف بأنه مفسرٌ في ترجمةٍ له، وكل من كان له تأليف في التفسير.
-المبحث الثاني: عرفت فيه الطبقة وذكرت أقوال العلماء فيها وبينت الراجح منها.
-المبحث الثالث: فرقت بين الطبقة وبين الجيل والعصر وذكرت أوجه الاتفاق والاختلاف بينها.
-المبحث الرابع: تحدثت فيه عن نشأة علم طبقات المفسرين، وذكرت ما وقفت عليه من مصنفات في هذا العلم، وبينت مناهج المؤلفين فيه.
-المبحث الخامس: بينت فيه فوائد علم طبقات المفسرين وأهميته.

ثم شرعت في متن البحث وهو في فصلين:
-الفصل الأول: استقراء المفسرين في النصف الثاني من القرن السادس الهجري:

ذكرت فيه نبذة مختصرة عن كل مفسر ممن كانت وفاته خلال هذه المدة من القرن.
عرضت فيها: اسمه ونسبه وشهرته، ومذهبه الفقهي والعقدي والنحوي –فيما وقفت عليه-، وتاريخ ولادته ووفاته، وأشهر مشايخه وتلاميذه، ومناصبه العلمية التي تقلدها، وأشهر البلاد التي رحل إليها ودرّس بها، وأشهر مصنفاته في علوم الشريعة وعلوم القرآن بوجه الخصوص، كما بينت جهده في التفسير حسب ما توفر لدي من مصادر، وذكرت الدراسات التي تناولت المفسر أو تفسيره.

وعرّفت بكتب التفسير، فما كان منها مطبوعاً وصفته، وأثبت نسبته إلى مؤلفه، وذكرت منهجه في تفسيره، ومصادره التي أخذ عنها وأبرز إيجابياته وسلبياته، ومن أخذ عنه ممن أتى بعده.

وما كان منها مخطوطاً وصفت ما وقفت عليه منها بعد استفراغ الوسع في البحث عنها فذكرت نسبتها إلى مؤلفها وعدد اللوحات والأسطر وحالة المخطوط من حيث جودة الورق والخط، وذكرت الإطار العام لمنهج مؤلفه إن كان الخط واضحاً، ومالم أقف عليه، ذكرت مكان وجوده حسب أدلة وفهارس المخطوطات.

أما الكتب التي لم أقف عليها، فما تيقنت من فقدانه أثبت ذلك في وصفه، ومالم أتيقن منه أشرت إلى عدم وقوفي عليه فيما بين يدي من مراجع.

وقد قسمت هذا الفصل إلى مبحثين:
-المبحث الأول: المفسرون في الربع الثالث من النصف الثاني من القرن السادس الهجري ومؤلفاتهم في التفسير.
-المبحث الثاني: المفسرون في الربع الرابع من النصف الثاني من القرن السادس الهجري ومؤلفاتهم في التفسير.

-الفصل الثاني: سمات التفسير في النصف الثاني من القرن السادس الهجري وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: الحياة التاريخية في النصف الثاني من القرن السادس الهجري وأثرها في التفسير، وذكرت فيه أشهر الدول التي كانت موجودة في هذا العصر، وذكرت أبرز الأحداث التاريخية في كل دولة، وما قد يكون له أثر في التفسير من تلك الأحداث، ثم ذكرت أثر هذه الحياة السياسية على التفسير، مستشهداً على ذلك بما وقفت عليه من شواهد، بعد البحث والاستقراء.
-المبحث الثاني: مواطن الاتفاق والاختلاف بين المفسرين في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وذكرت فيه أبرز مواطن اتفاق مفسري هذا العصر، وأبرز مواطن الاختلاف بينهم، كما ذكرت أبرز ما انفرد به بعض المفسرين عن غيرهم، بناءً على ما ذكرته في تراجمهم وما تضمنته تفاسيرهم.
-المبحث الثالث: أبرز المزايا والمآخذ على المفسرين في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وذكرت فيه أبرز مزايا التفسير في هذا العصر إجمالاً، وأبرز المآخذ كذلك، سواءً كانت تتعلق بالمفسرين أو مصنفاتهم.
-المبحث الرابع: معالم تأثر المفسرين في النصف الثاني من القرن السادس الهجري بمن قبلهم، ومعالم تأثيرهم فيمن بعدهم، وقد ذكرتها بناءً على ما توفر لدي من مصادر، وحرصت على ذكر الشواهد تحت كل مَعلَم، لكي يكون الكلام مصحوباً بالبراهين والشواهد.
-الخاتمة وذكرت فيها أهم النتائج والتوصيات

أبرز النتائج:

- اشتمل البحث على ترجمة (واحد ومائة) من المفسرين، ممن انطبق عليهم ضابط المفسر في هذا البحث.
كما اشتمل على (ثمانية وخمسين) كتاباً من كتب التفسير، منها (ثلاثة عشر) كتابًا مطبوعاً، وتسعة عشر كتابًا مخطوطاً، أما بقية الكتب فبعضها مفقود، وبعضها لم أقف عليها فيما توفر لدي من مراجع، ولعل كثيراً من مصنفات هذا العصر قد لحق بها ما لحق بكثير من مصنفات المكتبة الإسلامية من إحراق وإتلاف، بسبب الحملات الصليبية وغيرها، واجتياح التتر بلاد المسلمين

- ظهر لي من خلال البحث عناية علماء التفسير في هذا العصر بمسائل الاعتقاد واهتموا بها اهتماماً بالغاً، كما كان لهم أثر في تصحيح مسار التفسير والعلوم الإسلامية بشكل عام بعد أن سادت بعض مذاهب الضلال في القرون التي تسبقها كمذهب الرافضة والمعتزلة وغيرهم.

- تميزت الدولة الإسلامية في هذا العصر بشكل عام بتبني عقيدة أهل السنة بالجملة، واعتنى الخلفاء بالعلم والعلماء مما سهم في النهضة العلمية التي حدثت في هذا القرن وما تلاه من القرون

أبرز التوصيات:

- تبني إحدى مؤسسات أو مراكز التفسير وعلوم القرآن إنشاء (مكتبة التفسير)، بحيث تحتوي على جميع مصنفات التفسير؛ المخطوطة والمطبوعة التي وردت في هذا المشروع، لتكون مقصد طلاب التفسير والراغبين في الاستفادة والتحقيق.

- دراسة فكرة مشروع (موسوعة التفسير) بحيث تعتمد على جمع أقوال المفسرين في كل آية ونسبة كل قول إلى قائله، ليتضح أول من قال بهذا القول، ولتكون مصدراً للمفسرين يشتمل على جميع أقوال المفسرين على مر العصور، فيُحفظ بها التفسير، وتكون بديلاً عن بعض الكتب المفقودة، أو التي قد تُفقد في عصرنا هذا أو ما يليه من العصور.

- دراسة أثر المفسرين في العلوم الأخرى، كتصحيح العقائد، والعناية بالأحكام، وتحرير مسائل اللغة العربية، على مر العصور.
 
أولا أهنئك أخي يوسف على التمام، وأسأل الله أن يجعل ما قدمت من العلم النافع وزلفى إليه جل وعلا.
ثم أشكرك على بيان خطة البحث ومنهجك فيه وعرض أبرز النتائج التوصيات.
وأود الاستفسار عن بقية أجزاء مشروع تاريخ التفسير أو طبقات المفسرين: ما الذي تم منها؟ وكيف تم التقسيم؟ بما يعطي صورة واضحة عن أبعاد هذا المشروع، وحبذا إفراد هذا بموضوع خاص.
وبخصوص التوصية الثانية المذكورة أعلاه، فقد تولى الإخوة في مؤسسة مبدع مشروع (الجامع التاريخي لتفسير القرآن) وتم الإصدار الأول منه لتحقيق الهدف المشار إليه، وإن كان النطاق فيه مقيدًا بمائة تفسير مطبوع تم اختيارها وفق ضوابط محددة، يمكن الاطلاع على المشروع وتنزيله من هنا:
http://vb.tafsir.net/tafsir35759/#.U4bIdPl_seo

وأشكر أخي العزيز أبا أسامة على متابعته واهتمامه وفقه الله.
 
حياك الله أخي الكريم محمد وبارك فيك

بالنسبة لتقسيم المشروع فقد تم تقسيم المشروع إلى قسمين رئيسيين:
القسم الأول:القرون الثلاثة المفضلة ، الصحابة والتابعين تابعي التابعين ، ولهم منهج خاص نظراً لقلة المؤلفات في التفسير والاعتماد على المرويات، وتم توزيعها على ثلاثة طلاب - حسب علمي-

القسم الثاني: من القرن الثالث الهجري إلى القرن الرابع عشر الهجري، وقد تم تقسيمه على (24) طالباً بحيث يتناول كل طالب نصف قرن (50) سنة، وقد تم هذا التقسيم بعد جرد المفسرين خلال هذه الفترة واتضح أن المفسرين في بعض القرون يزيدون عن الثلاثمائة مفسر، وبعد هذا التقسيم أصبح لدى كل طالب أكثر من مائة مفسر وكتبهم يزيدون أحياناً أو يقلون حسب القرن.

ولعلي بإذن الله أفرده بموضوع خاص يلقى الضوء بشكل أكبر على المشروع ويكون فيه متابعة لما يستجد فيه

أما ما نوقش من هذا المشروع فهو كالتالي:
1. المفسرون في النصف الأول من القرن الثالث الهجري .
2.المفسرون في النصف الأول من القرن الرابع الهجري.
3. المفسرون في النصف الثاني من القرن السادس الهجري.
4. المفسرون في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري.
5. المفسرون في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري.
6. المفسرون في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري.
7. المفسرون في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري.

والله الموفق
 
تمت المناقشة بفضل الله, وحصل الباحث الشيخ يوسف بن محمد فوزي نجيب البخيت
على درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى,
أكرر التهنئة له وأسأل الله أن يجعلها عونا له على طاعته, ويزيده علما وينفع به.
 
أحسنت ياشيخ يوسف في تعريفنا ببحثك, وبالمشروع, ولعلك تفرده بموضوع خاص كما تفضلت, نفع الله بك, والعقبى للدكتوراه قريباً إن شاء الله, وفقك الله.
 
عودة
أعلى