ملخصات البحوث التي ألقيت في المؤتمر الدولي الأول حول المفسرين المغاربيين المعاصرين

إنضم
08/09/2009
المشاركات
271
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
41
الإقامة
المغرب
بسم1​
سأنشر في هذا الموضوع تباعا ملخصات البحوث والمداخلات التي ألقيت في المؤتمر الدولي الأول حول المفسرين المغاربيين المعاصرين، وعددها تسعة عشر ملخصا، مستعينا بالله تعالى، ومخلصا له العمل.

الجلسة العلمية الأولى لمؤتمر المفسرين المغاربيين المعاصرين
المحور الأول: جهود الشيخ المكي الناصري والشيخ أبي بكر الجزائري.​

1-منهج الشيخ محمد المكي الناصري في الإصلاح من خلال تفسيره
(التيسير في أحاديث التفسير)
د/ آراز محمد صالح الجامعة السليمانية العراق


يعد الشيخ محمد المكي الناصري من أبرز علماء القرن العشرين الذين دعوا إلى الإصلاح والتجديد في الفكر الإسلامي وإصلاحه في بلاد المغرب العربي، ويرى الشيخ رحمه الله أن إصلاح المجتمع مرهون بإصلاح وتجديد الدين، لذا بذل قصارى جهده من أجل تجديد وإصلاح فكر وعلوم الدين الاسلامي، ويرى أن الدين منبع وأساس إصلاح المجتمع الاسلامي وإنقاذه من التخلف. ولكي يكون الخطاب الديني على مستوى العصر ومواجهة الأفكار المستوردة يجب إصلاحه وتجديده وتنقيته من الشوائب والرواسب الدخيلة، فعلى علماء الاسلام أن يكونوا في مستوىمسؤولية الدعوة الاسلامية، ويدعو الشيخ الناصري العلماء الذين تقاعسوا عن أمر الدعوة إلى الحق في واقعنا المعاصر إلى ضرورة المشاركة في إصلاح المجتمع وذلك عند تصحيحه للفهم الخاطئ.
ويرى الشيخ أن الاسلام إذا حسن فهمه، وأحسن خطابه، وتمت تنقية رؤيته القرآنية الكونية الحضارية من التشوهات، وتمت تصفية منهج فكره ومفاهيمه من الانحرافات والخرافات، وحسنت أساليب تربية الناشئة، سيجد الانسان المادي المعاصر فيه ولا شك الخلاص من الصراعات والمظالم والمخاطر التي تهدد وجوده، وسيجد فيه الهداية والرشد الذي تتطلع إليه أشواقه الروحانية وفطرته السوية، ليبدل الانسانية من بعد خوفها أمناً وطمأنينة نفسية ورفاهاً وعدلاً ومعاشا.

وهذه المهمة الإصلاحية هي مهمة المفكرين والإصلاحيين إذا ما تحلوا بالموضوعية والصبر والشجاعة التي يتغلبون بها على كوابح الثقافة، وتخلف الفكر وجموده، وصدأ الأنظمة، وتكلس الحضارة.
  • أهمية البحث: يستمد هذا البحث أهميته من موضوعه وهو تفسير القرآن الكريم ومنهج أحد علماء الاصلاح في القرن العشرين من خلال تفسيره.
  • مشكلة البحث: هل يعد الشيخ محمد المكي الناصري من علماء الاصلاح الاسلامي؟ وهل يمكن أن يقول أن تفسيره انتهج منهج الاصلاح؟ .
  • منهج البحث: يعتمد الباحث في بحثه على المنهج الوثائقي التحليلي في بحثه.
التمهيد:الوجيز عن حياة الشيخ محمد المكي الناصري:

-أهم مميزات تفسير (التيسير في أحاديث التفسير).-مفهوم الاصلاح لغة واصطلاحاً.-مفهوم الاصلاح في القرآن الكريم.-منهج الشيخ الناصري في الاصلاح.-الاصلاح العقدي والفكري. المطلب السادس: الاصلاح الاجتماعي:
المطلب السابع: الاصلاح الاداري والسياسي. ثم الخاتمة فقائمة المصادر والمراجع.

2-الشيخ المكي الناصري والتفسير الموضوعي الإصلاحي
د/المعلومي عبد المجيد جامعة القاضي عياض مراكش المغرب

كان العالم الإسلامي – ومن بينه المغرب- في القرون المتأخرة ينطوي على كثير من عوامل الضعف والتخلف، وكان الجهل بأحكام الإسلام ومفاهيمه من جهة، واستحكام العادات المحلية من جهة أخرى، من أبرز ما يميز الوضع الاجتماعي والفكري للمسلمين .
وقد كان هذا الواقع سببا لقيام حركات إصلاحية، ومنها حركة الشيخ محمد المكي الناصري التي استطاعت أن تسيطر على المغرب وأطراف البلاد العربية الأخرى، والتي تركت أعمق الآثار الفكرية في أذهان الناشئة المسلمة .
وكان رحمه الله يستلهم هدي القرآن لإرشاد المغاربة ، وإصلاحهم في كافة جوانب حياتهم، واختار أسلوبا بسطا لكتابة هذا التفسير، واستعمل لغة يتكلم بها الناس مهما كان مستواهم الثقافي، حيث قال:"أما الأسلوب الذي اخترته لإملاء هذه الأحاديث فهو أسلوب مبسط وسط يفهمه الأمي ويرتاح إليه المتعلم، بحيث لا ينزل حتى يبتذل عند الخاصة، ولا يعلو على العامة، بل هو بين بين، يتجل في عن استعمال الوحشي والدخيل والغريب، ويتفادى كل ما فيه تعقيد أو غموض، من بعيد أو قريب، ويتحدث إلى أهل العصر بلغة العصر". التيسير في التفسير للشيخ محمد المكي الناصري :1/8
وهكذا فقد كان رحمه الله أقدر رجال عصره على التفتيش عن الدواء الناجح في آيات القرآن وأحكامه، فهو يعلم علم اليقين أن القرآن سر نجاح المسلمين ولا حيلة في تلافي أمرهم إلا بإرجاعهم إليه، لابد أن يأخذ القرآن من أقرب وجوهه على ما ترشد أليه أساليب اللغة العربية ليستجاب لدعوته كما استجاب لها ممن نزل القرآن بلغتهم .
وكان رحمه الله يقرر أن المنهج السليم في التفسير أن نعتبر القرآن مصدرا لعقائدنا ومذاهبنا لا أن تكون عقائدنا ومذاهبنا متحكمة في القرآن، قال رحمه الله: ( وبعد استعادة الاستقلال في أواسط الخمسينات واصلت العمل على نشر رسالة القرآن، فألقيت عدة أحاديث ومحاضرات في موضوعات مختلفة من الدراسات القرآنية المتنوعة ، كان من بين ما عالجته فيها موضوع " المنهج العلمي لتفسير القرآن " وموضوع " كيف يعيش الإنسان طبقا لتعاليم القرآن " وموضوع " دستور العمل في شريعة القرآن"وموضوع "رسالة القرآن رسالة خالدة " وموضوع " إعجاز القرآن على ضوء العلم الحديث" ..).مقدمة كتاب التيسير: 1/1.
وبذلك تنوعت موارد الشيخ محمد المكي الناصري بتنوع ثقافته، حيث اعتمد على مجموعة من المصادر القديمة والحديثة، منها ما يتعلق بعلم التفسير ، ومنها ما يتصل بالسنة، وكدا كتب التاريخ والمعاجم وكتب التصوف ، فنهج في تفسيره منهجا أدبيا اجتماعيا، فكان يكشف عن بلاغة القرآن بأسلوب مشرق جذاب، يعالج مشاكل المغاربة عن طريق الإذاعة بما يرشد إليه القرآن، ويتعرض إلى سنن الله الكونية فيبينها، لأن القرآن متمش مع هده السنن لا يصادمها، وأنها من مستلزمات الفطرة .
فعمل الشيخ رحمه الله على إيقاظ روح التضامن الإسلامي بين المغاربة، ودلك عن طريق طلب التمسك بالقرآن ورسالته، وإلغاء العصبية المذهبية، وطرح التقليد، وإعمال الاجتهاد في فهم القرآن، والملائمة بين مبادئه وظروف الحياة التي يعيش فيها الإنسان، وطرح الخرافات والبدع التي عيرت من جوهر الإسلام .
لهذا اعتبر رحمه الله نزول القرآن بالعربية تكريما لأهل اللسان إذا فهموا كتاب الله، فقال: "سوف تسألون عن هذا القرآن: هل قمتم بحقه ، وشكرتم الله على أن خصكم به ؟ ومن هنا كان فهم اللسان العربي المبين أكبر عون على فهم الدين والتمسك به عن بينة ويقين ". التيسير في أحاديث التفسير : 5/477.​
 
3-نماذج من تفسير الشيخ المكي الناصري المسوم :
بالتيسر في أحاديث التفسير
د/الحسن صدقي كلية الآداب الجديدة المغرب

يتحدث العرض عن ثلاثة محاور رئيسة، تتمثل في ما يلي:
*المحور الأول: مواقف ومشاهدات عشتها مع شيخنا محمد المكي الناصريرحمه الله في أوائل السبعين من القرن الماضي.
*المحور الثاني: إلى أي مدى يعتبر تفسيره تفسيرا أثريا ؟. أم هو تفسير القرآ ن بالقرآن ؟
الأدلة على ذلك من خلال ما ورد في التفسير المذكور
ثم ما منهجه في التفسير رحمه الله ؟ وما هي مميزاته ؟
من مميزاته أنه مسجل صوتيا للإذاعة الوطنية قبل أن يطبع الطبعة الأولى، وما أعلم أن تفسيرا من التفاسير المعلن عنها في المؤتمر قد حظي بالتسجيل الكامل سواء قبل طبعه أو بعدذلك؟ .
ومن مميزاته أن مؤلفه سلك فيه تقسيم الأرباع بدل تقسيم المضامين أو الآيات .
ومن مميزاته أن مؤلفه يبدا كل حصة بقوله : عباد الله ، وهذا الابتداء له مغزاه ومرماه في نظرنا .
*المحور الثالث: تألق وتأنق الشيخ المكي الناصري. في تعبيره واختيار ألفاظه ونقولاته.؟
لطائفه البلاغية وتحريراته العلمية رحمه الله

4-المقاصد الشرعية والتربوية من خلال هدايات
الآيات في سورة البقرة.
السيد :فرج حمد محمد كندى باحث بوزارة الأوقاف بليبيا
يتناول البحث بعون الله دراسة تحليلية لاستنباط المقاصد الشرعية والتربوية لآيات سورة البقرة من خلال تفسير الشيخ أبي بكر الجزائري في تفسيره الجليل أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.من خلال مقدمة تتناول منهج الشيخ في تناوله للسور حسب ترتيب المصحف وأسلوب الشيخ في التفسير وعرض الطرق والوسائل التي اتبعها الشيخ في تفسيره من حيث السهولة والبيان والاختصار والتوضيح سواء من خلال العبارة أو المعنى العام للآية.
ثانيا: لماذا سورة البقرة دون غيرها. بتوضيح انها من أطول السور ولتنوع موضوعاتها ولاشتمالها على مجموعة غير قليلة من الأحكام الشرعية مما يعطى اكبر صورة عن موضوعات القران وإمكانية تعميم طريقة الشيخ الحكم على أسلوب الشيخ في التفسير وكذالك منهج الشيخ في التفسير والاستنباط .
بيان طريقة الشيخ في التفسير من خلال بيان أسلوب الشيخ في تناول الآيات التي يتراوح في تفسيره للآية الواحدة ولا يزيد على الخمس آيات في المجلس الواحد. تناول هدايات آيات سورة البقرة التي في التفسير وعرض ما بينه الشيخ فيها والتعليق على خلاصة كل هداية في تفسير الشيخ.

الجلسة العلمية
المحور الثاني: الشيخ أحمد أبو مزيريق والشيخ الأمين الشنقيطي وجهودهما في التفسير.
5-المقصد الشرعي في إنفاق المال والانتفاع به، من خلال تفسير إرشاد الحيران .
د/الهادي أبو لجام جامعة الزاوية صبراتة ليبيا
تعددت التفاسير للقرآن الكريم عبر مراحل الزمن، فلا يكاد يخلو جيل من تفسير للقرآن الكريم وقد يكون لفترة معينة أكثر من تفسير واحد؛ وهذا راجع لحاجة الناس إليها لأجل إخراج ما في القرآن من كنوز معرفية كامنة فيه؛ وليكون مواكبا للتطورات العلمية وإظهارا لمدى صلاحية القرآن الكريم - ردا لزعم مزاعم البعض أن القرآن غير صالح لكل زمان ومكان - ووصولا إلى الفتوحات العلمية الكبرى التي يتوصل إليها الفكر الإنساني.
لذا جعلت الشريعة المحافظة على المال مقصدا شرعيا من مقاصدها، وبينت طرق كسبه المشروعة، وحذرت من كسبه بغير وجه مشروع، وعدم إنفاقه في وجوهه. كما بينت المنهج الشرعي لإنفاقه في سبيل الله وإيصاله لأصحابه سليما كما في قوله تعالى:]وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا( [النساء/5، 6]. وكما بينت كيفية النفع به لجميع عموم الناس دون التفريق بين الأغنياء والفقراء والتوسط في إنفاقه كما في قوله تعالى: ]وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا( [الإسراء/26، 27] وإنفاق المال جزء من الإيمان الكامل بالله رب العالمين وإيمان بالعدل الإلهي كما في قوله تعالى:]وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ( [البقرة/177] فالمال مال الله والكل عياله. واتقاء الصور السلبية في المال من شح وبخل وتبذير لتطهير النفس البشرية من داء الشح والبخل والإسراف وتعويدها على البذل والسخاء والكرم والإيثار وحب الآخرين كما في قوله تعالى:]وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( [الحشر/9].
والقصد الشرعي من التوسط في الإنفاق حفظ المال لغرض إيصاله للمستحقين له وهو ما كان واقعا بين طرفي الإفراط والتفريط؛ لأن التبذير إنفاق للمال في غير حق كما قال ابن الجوزي: وبه قال: ابن مسعود وابن عباس ومجاهد . وأما الكرم فهو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع .
وإن من سمات الإسلام إنفاق المال في غير إسراف ولا تقتير التي يسعى الإسلام لتحقيقها في حياة الأفراد والجماعات ليتجه بها إلى التربية والتشريع ويقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال، والمسلم ليس حرا في إنفاق أمواله كيفما يشاء كما هو الحال عند غير المسلمين، وإنما أمره مقيدا بالتوسط ؛لأن الإسراف مفسد للنفس والمال والمجتمع، والتقتير كذلك. وهما يحدثان اختلالا في المحيط الاجتماعي والمجال الاقتصادي. وحبس الأموال يحدث أزمات مالية, وإطلاق اليد فيها دون حساب يحدث فسادا كبيرا في القلوب والأخلاق. والإسلام يبدأ بتنظيم ذلك من الفرد نفسه فيجعل الاعتدال له سمة أساسية من سمات الإيمان وتمامه كما في قول الله تعالى: )وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا( [الفرقان/67].
وإن مما يبدوا واضحا أن الشيخ أحمد أبومزريق أراد من تفسيره أن يكون تعليميا بأسلوب سهل يستفيد منه الطالب في معرفة الأحكام والتوجيهات القرآنية بيسر. ومن أراد التعمق في الخلافات الفقهية عليه الرجوع إليها في أماكنها لذا لن تجد ذكراً للآراء الفقهية في كتابه مكانا إلا ما كان شيئا نادرا يتحدث فيه عن مثل هذه القضايا عدا ما تعلق منها بقضية الحديث عن وصول ثواب قراءة القرآن للميت عند وفاته وبعد دفنه وسلك طريقة المقاطع القرآنية دون النظر إلى السور لإظهار المعاني والتوجيهات القرآنية في الأحكام وإظهار الأسلوب البلاغي ودلالاته بأسلوب بياني.

6-دلالة التراكيب اللغوية (الحذف، والتقديم أنموذجا) من خلال تفسير الشيخ أحمد عبد السلام أبو مزيريق.
د/المهدي خليفة جامعة الزاوية صبراتة ليبيا

الحمد لله رب العالمين أنزل إلينا أفضل كتاب وأحكم آياته وفصلها تفصيلاً، أعجز أسلوبه أهل البلاغة والفصاحة والبيان، وتحداهم بالفن الذي يجيدونه فقال سبحانه: )قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا((سورة الإسراء، الآية:(88)، وقال سبحانه على كتابه: )وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ( الشعراء الآيات: (192-195)، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، المرسل بالقرآن حجة الباقية ودعوته الخالدة.
وبعد، إن معين القرآن لا ينضب، فهو يُعطي كل جيل من عطائه الفياض بما يفتح الله لأهل القرآن فيه من فتح، بقدر ما يتحقق في قلوبهم من تقوى الله القائل: )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( البقرة/(282)، فما يكاد يمر عهد إلا ويبرز فيه رجال يتصدون لتفسير القرآن واستخراج ما فيه درر، وجني ما حمله من ثمار يانعة أحكاماً وفقهاً وبلاغة وإعجازاً وفوائد جمة.
ومن هذه التفاسير تفسير(إرشاد الحيران إلى توجيهات القرآن) للشيخ أحمد عبد السلام أبو مزيريق، الذي نشرف بأن نضع بين أيديكم بحثاً متواضعاً فيه تحت عنوان (دلالة التراكيب اللغوية، الحذف، والتقديم، أنموذجاً). وليس بخاف أن التراكيب اللغوية باختلافها يحمل كل نمط من أنماطها وصورة من صورها معنى يعجز الآخر عن حمله، وأن تفضيل تركيب عن الآخر ليس لذاته وإنما لما يحمله من قيمة دلالية ينهض بها، لا تتحقق إلا من خلاله، وهذا ما أشار إليه عبد القاهر الجرجاني في نظرية النظم.
إن الدلالة وهي الغاية المبتغاة من صناعة الكلام وصياغته شغلت اهتمام المختصين قديماً وحديثاً فقهاء ومفسرين وبلاغيين ولغويين، فهي مقصد اللغة التي عرفها ابن جني بقوله: "إنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" {الخصائص: 1/ 33}فالأغراض هي المعاني، وبناء على المعنى تعددت التراكيب بحسب الأغراض.
هذه الدراسة ترتكز على مبحثين:
الأول: دلالة التركيب المتعلقة بالحذف ولا نعني هنا الحذف النحوي (الحذف الواجب) وإنما القصد الحذف الذي يقع اختياراً من المتكلم ليعطي أبعاداً دلالية، ولعل جمالية اشتمال آيات القرآن على مثل هذا النوع من التركيب اللغوي – أي، الحذف- ليذهب العقل كل مذهب باحثاً عن المعاني، وليعطي أيضاً كل أهل عصر بما تهيأ لهم من أسباب الفهم، وما يتناسب و متغيرات العصر، فقد عبر عنه الجرجاني بأنه "بابٌ دقيقُ المسلك، لطيفُ المأخذ، عجيبُ الأمر، شبيه بالسِّحر، فإِنَّك ترى به ترك الذِكْر، أفصحَ من الذكر، والصمت عن الإِفادة، أزيدَ للإِفادة، وتجدُك أنطقَ ما تكونُ إِذا لم تنطِقْ، وأتمَّ ما تكون بياناً إذا لم تُبِن" {دلائل الإعجاز: (1 / 121) وإن قيمة المعنى بالحذف أعمق دلالة من وجوده، إذا قام عليه دليل من لفظ أو سياق، ذاك أن الذكر هو الأصل ولا يُعدل عن هذا الأصل إلا لغرض من الأغراض، فإذا وجد هذا الغرض كان الحذف أليق، بل قد يفقد التركيب دلالته بذكر المحذوف، يقول صاحب الطراز: "لو ظهر المحذوف لنزل قدر الكلام عن علو بلاغته، و لصار إلى شيء مسترك مسترذل، ولكان مبطلا لما يظهر على الكلام من الطلاوة والحسن والرقة، ولابد من الدلالة على ذلك المحذوف" {الطراز: (1 / 340)}.
والشيخ أبو مزيريق في ذكره لمواضع الحذف في الآيات، يذكره ويذكر القيمة الدلالية التي تخدم المعنى من خلال هذا الحذف، كإرادة العموم؛ أي عموم الأمر واتساعه، عند الحديث مثلاً عن الإنفاق، فقد يحذف المعمول؛ ليُعطي المعنى شمولاً واتساعاً لا يحتمله مع الذكر، وقد يحذف دفعاً للتوهم، ويأتي بيانه بإذن الله.
الثاني: دلالة التركيب المتعلقة بالتقديم، التقديم يقع فيما حقه التأخير مراعاة لرتبة اللفظة ضمن سياق الجملة، والتقديم والتأخير ضرب من ضروب البلاغة والبيان، قال عنه الجرجاني: "هو باب كثير الفوائد جم المحاسن واسع التصرف بعيد الغاية لا يزال يفتر لك عن بديعة ويفضي بك إلى لطيفة ولا تزال ترى شعرا يروقك مسمعه ويلطف لديك موقعه ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ عن مكان إلى مكان" {الدلائل: (1 / 50)}، والتقديم والتأخير متباينان، إذا وقع أحدهما وقع الآخر.
والتقديم له أغراض بلاغية متعددة تخدم المعنى وتزيده وضوحاً، فهو قد يفيد تخصيصاً، أو حصراً، أو قصراً، وقد يبين اهتماماً بالمقدم، كل ذلك إذا وقع التقديم موقعه، فإذا أوقع المتكلم لفظاً مقدماً وهو في غير موضعه، فقد شان الكلام وعقَّد المعنى.
والشيخ أبو مزيريق يذكر التقديم ويذكر الفائدة الدلالية من هذا التقديم، وهو في الغالب يدور حول: الاهتمام بالمقدم، أو بيان أهميته، وإفادة القصر الذي يفيد غالباً التأكيد، وإفادة القصر والحصر، كحصر العبادة لله وقصرها عليه، وسيأتي ذلك مفصلاً -بإذن الله- في موضعه.


7-أبو مزيريق ومنهجه الاصلاحي.
الأستاذ: مصطفى محمد عبد الله حديد
باحث بالجامعة الاردنية ليبيا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
فإن تفعيل النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن في حياته اليومية كان له أعظم الأثر في إصلاح مجتمع عج بالفساد العقدي، والعملي، في زمن قياسي، لم يزد عن ربع قرن. فالمتأمل في مدة الدعوة المحمدية وما عملته من تأهيل، وإصلاح للبشرية جمعاء؛ ليدرك حقيقة لا مناص من التسليم لها، مفادها أن الإصلاح مطلب عظيم المنازل، وعر المسالك، يحتاج إلى إعداد المصلحين من أبناء الأمة؛ ليتحملوا المسؤولية الدعوية المناطة بهم، حتى يمكن للدين الإسلامي في سائر الأقطار. ومما ينبغي الانطلاق منه تأسيسا للإصلاح هو كتاب الله تعالى بفهم النبي صلى الله عليه وسلم أولا، ثم الصحابة، ثم من بعدهم وفق الأصول، والضوابط، والقواعد التي وضعها علماء الأمة المسلمة من العصور الأولى إلى عصرنا الحاضر، حتى تكون الدعوة منضبطة بطريق التأصيل العلمي السليم. لذلك فإن بعض العلماء قد اهتم بالإصلاح في تفسيره للقرآن الكريم، ونقله من كتاب يقرأ فقط إلى منهاج عمل، ودستور إصلاح. ومن هؤلاء الأعلام في عصرنا الحاضر الشيخ أحمد عبد السلام أبو مزيريق – رحمه الله تعالى – في كتابه "إرشاد الحيران إلى توجيهات القرآن"، حيث استلهم من وحي الواقع ما يجب العمل على التأثير فيه حتى لا يكون تكرارا لما هو موجود في المكتبة الإسلامية فحسب، وإنما ضمنه استنباطات إصلاحية عقدية، وسياسية، واقتصادية، وغيرها من أنواع الإصلاح التي سنعرض لها في هذا البحث إن شاء الله تعالى. وفي كل ذلك يتنقل بين تقرير الحقائق النظرية، مبديا ثمرة إعمال فكره تارة، وبين تأثره، وإحساسه، ووجدانه الذي يفيض بأمل الإصلاح الديني تارة أخرى. ووقوفا مع هذه المشاعر النفسية الراقية، وقوة الوجدان النبيلة الدافقة، أردت أن أعرض للرؤى الإصلاحية التي أبداها المؤلف – رحمه الله – في تفسيره، وقد جاءت هذه الدراسة وفق مقدمة، وستة مطالب ؛ تتمثل في: مطلب الاصلاح العقدي، والاجتماعي والفكري والسياسي، والاقتصادي والأخلاقي. ثم خاتمة عامة أبين فيها أهمية هذا العمل ونتائجه .

8-التفسير المقاصدي عند الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن"
د/زهير هاشم عودة ريالات دائرة الافتاء العام الأردن
تتناول هذه الدراسة التفسير المقاصدي عند الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-في تفسيره«أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن». وهدفت إلى تتبع اجتهادات الشيخ الشنقيطي وإشاراته في تفسيره، التي تدل على اعتباره للمقاصد في تفسير القرآن؛ وذلك بتصنيفها ودراستها وإخراجها على شكل نظرية متكاملة؛ لمعرفة إمكانية إدراج تفسيره ضمن التفاسير التي نَحَتْ الاتجاه المقاصدي في التفسير.
أهمية الدراسة: تأتي أهمية هذه الدراسة من أهمية الموضوع الذي تبحثه، كما تأتي من أهمية الشخصية التي تدور حولها هذه الدراسة وأثرها في حركة الفكر الإسلامي. أما أهمية الموضوع الذي تبحثه فيمكن إيجازها في النقاط التالية:
1-التفسير المقاصدي أحد الشروط التي يجب أن تتوافر في المفسر؛ فلا يمكن تدبر القرآن وفهمه بمعزل عن فهم مقاصده وغاياته، كما أن له أثرًا في تمكين المفسر من استنباط أحكام القرآن وحِكمه.
2-التفسير المقاصدي خير سبيل يوصل إلى المعنى المراد من الخطاب القرآني؛ فقد يقع التعارض الظاهري بين النصوص القرآنية، وهنا تأتي مقاصد التشريع كمُرجِّح دلالي؛ فالتفسير المقاصدي -إذن- له دور كبير في بيان الراجح من المرجوح.
3-التفسير المقاصدي المنضبط مهم في الرد على ذوي الاتجاهات المنحرفة غير الملتزمة بضوابط التفسير، والتي تتذرع بالمقاصد في فهمها للقرآن الكريم؛ ذلك أن التوسع في الاجتهاد المقاصدي دون ضوابط منهجية وثوابت شرعية، يمكن أن يشكل منزلقًا خطيرًا ينتهي بصاحبه إلى التحلل من أحكام الشريعة، أو تعطيلها باسم المصالح.
وأما الشخصية التي تدور حولها هذه الدراسة فيمكن إيجاز ما يتعلق بها في النقاط التالية:
1-المكانة العلمية التي اشتهر بها الشيخ في علوم التفسير والفقه وأصوله؛ مما يدفع للتساؤل عن أثر ذلك في تفسيره لكتاب الله عز وجل؛ فكان اختيار هذه الدراسة للإجابة عن ذلك.
2-جمععناصرالتفسير المقاصدي عند الشيخ الشنقيطي وتنظيمهاعلى شكلنظريةمتكاملةأمر ينطوي علىأهميةبالغة؛إذيكشفعن مدى إسهامه فيبناء صرحعلمالمقاصد،ويجيبأيضًاعنكثيرمنالأسئلة المتعلقةببعض آرائه واجتهاداته في تفسيره.
1-الشيخ الشنقيطي كان على علاقة وطيدةبـ(فقهالواقع) إلىجانبثقافته الشرعية؛ حيث تنقل بين مجموعة من البلدان، ومارس مجموعة من الوظائف؛ ما جعله يحتك بمشكلات الناس والأوضاع المستجدة،وقدمكَّنهذلكمنالفقهالعميقللمقاصدوحسن توظيفهافيتعاملهمعالواقع.
المخطط: يمكن تقسيم هذه الدراسة مبدئيًا إلى تمهيد وأربعة مباحث وخاتمة، كما يلي: تمهيد: الشيخ الشنقيطي وتفسيره «أضواء البيان»
المطلب الأول: حياة الشيخ الشنقيطي وآثاره
المطلب الثاني: تفسيره «أضواء البيان»
المبحث الأول: التعريف بالمقاصد والتفسير المقاصدي
المبحث الثاني: التفسير المقاصدي عند الشيخ الشنقيطي - الجانب النظري.
المبحث الثالث: التفسير المقاصدي عند الشيخ الشنقيطي - الجانب التطبيقي
المبحث الرابع: التفسير المقاصدي عند الشيخ الشنقيطي-الجانب التقويمي
الخاتمة: أهم النتائج والتوصيات.

9-قبسات من الفكر الإصلاحي عند الشيخ محمد الأمين الشنقيطي من خلال كتابه :"أضواء البيان"
د/حسن حميتو جامعة ابن زهر أكادير المغرب
يعد الشيخ الإمام محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله من كبار العلماء المشاركين في شتى العلوم والمعارف الشرعية والعربية وغيرها، وقد أفرغ زبدة تلك العلوم التي مهر فيها في خدمة كتاب الله تعالى، فأبرز للأمة واحدا من أعظم الكتب المؤلفة في التفسير، توخى فيه منهج تفسير القرآن بالقرآن، فجاء تفسيره نسيج وحده في هذا الباب بما وظفه فيه من مختلف المعارف الفقهية واللغوية والأدبية والأصولية وغيرها التي تجلي المراد من النص القرآني وتستخراج مقاصده وحكمه وأحكامه.
ولم يُخل الشيخ الأمين تفسيره كلما سمحت له الفرصة من ربط للآيات القرآنية بواقع الأمة وقضاياها المعاصرة، وذلك ببث أحاديث إصلاحية وتوجيهات إرشادية يستوحيها من هدايات الآيات القرآنية ليرفعها أعلاما ومنائر تهتدي بها الأمة في واقعها المعاصر الذي يعلم الشيخ مدى حاجتها فيه لهدايات القرآن الكريم وأنواره لعلها أن تراجع بذلك ما كان لها في سالف تاريخها المجيد من ريادة وسبق.
وهذه المشاركة سعي في رصد نماذج من ذلك الفكر الإصلاحي نجدها مبثوثة في مواضع من كتاب "أضواء البيان" نستنكه منها روح الشيخ الإصلاحية، وما كان يحمله من هم للعودة بالأمة إلى كتاب ربها ومنهج قرآنها، فنجده رحمه الله يجلي منهج الإسلام في مناحي مختلفة من الحياة حادت فيها الأمة عن ذلك المنهج في العقيدة والسياسة والاقتصاد والتعليم وغيرها .
ومن نماذج ذلك قوله رحمه الله وهو يبين المنهج الإسلامي في الاقتصاد :" وبهذا تعلم أن أصول الاقتصاد الكبار أربعة : الأول : معرفة حكم الله في الوجه الذي يكتسب به المال ، واجتناب الاكتساب به ، إن كان محرما شرعا . الثاني : حسن النظر في اكتساب المال بعد معرفة ما يبيحه خالق السماوات والأرض ، وما لا يبيحه. الثالث: معرفة حكم الله في الأوجه التي يصرف فيها المال، واجتناب المحرم منها. الرابع: حسن النظر في أوجه الصرف، واجتناب ما لا يفيد منها، فكل من بنى اقتصاده على هذه الأسس الأربعة كان اقتصاده كفيلا بمصلحته، وكان مرضيا لله جل وعلا، ومن أخل بواحد من هذه الأسس الأربعة كان بخلاف ذلك، لأن من جمع المال بالطرق التي لا يبيحها الله جل وعلا فلا خير في ماله، ولا بركة" .
ثم علق على هذه النظرية الإسلامية المستنبطة من هدي القرآن بكلام يحمل الروح الإصلاحية التي أشربتها نفسه رحمه الله فقال:" ولا شك أنه يلزم المسلمين في أقطار الدنيا التعاون على اقتصاد يجيزه خالق السماوات والأرض، على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويكون كفيلا بمعرفة طرق تحصيل المال بالأوجه الشرعية، وصرفه في مصارفه المنتجة الجائزة شرعا، لأن الاقتصاد الموجود الآن في أقطار الدنيا لا يبيحه الشرع الكريم، لأن الذين نظموا طرقه ليسوا بمسلمين، فمعاملات البنوك والشركات لا تجد شيئا منها يجوز شرعا، لأنها إما مشتملة على زيادات ربوية، أو على غرر، لا تجوز معه المعاملة كأنواع التأمين المتعارفة عند الشركات اليوم في أقطار الدنيا، فإنك لا تكاد تجد شيئا منها سالما من الغرر، وتحريم بيع الغرر ثابت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، ومن المعلوم أن من يدعي إباحة أنواع التأمين المعروفة عند الشركات، من المعاصرين أنه مخطئ في ذلك، ولأنه لا دليل معه، بل الأدلة الصحيحة على خلاف ما يقول، والعلم عند الله تعالى". انتهى كلامه رحمه الله.
هذا نموذج فحسب في نماذج كثيرة أخرى، يقارن فيها الشيخ بين هدي القرآن وواقع الأمة، في دعوة إلى إعادة صياغة واقع الأمة المنحرف في مناحي عديدة منه وفق هذا الهدي الذي لا يصلح شأنها ولا يعود لها مجدها إلا بالاستهداء بأنواره .
وسأحاول بإذن الله تعالى في هذا العرض استجلاء نماذج أخرى من هذا المنحى الإصلاحي الذي بثه الشيخ في ثنايا تفسيره؛ لنطلع بذلك على جانب مهم من جوانب شخصية هذا الإمام الكبير وهو جانب الرجل المصلح الذي لم يكن هدفه من تأليف تفسيره الاستكثار من المباحث الجوفاء، واجترار ما سبقه به الأولون، بل كان القرآن عنده ميزانا يزن به المذاهب والأقوال، ومرآة ينظر من خلالها إلى واقع الأمة في زمنه فينبه إلى ما ينبغي أن يصلح ويقوم .
 
الجلسة العلمية

المحور الثالث: الشيخ الطاهر ابن عاشور
وتفسير التحرير والتنوير:

10-التفسير والتأويل عند ابن عاشور من خلال التحرير والتنوير
د/ محمد الصالح غريسي جامعة الوادي الجزائر.​
تعريف التأويل لغة واصطلاحا عند ابن عاشور.
فمذهب ابن عاشور في التأويل ألخصه في النقاط الآتية:
1 ـ يرى العلامة ابن عاشور أن التأويل مساوٍ للتفسير في اللغة والاصطلاح، وأنه لا فرق بينهما؛ وهذا التأويل عنده له معنيان: التفسير والبيان، أو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، واستعمل في القرآن الكريم على المعنيين السابقين بناء على صحة حمل عموم المشترك على معنييه.
2 ـ يرى العلاّمة ابن عاشور تقسيم التأويل عند المتأخرين إلى قسمين: التأويل الصحيح، التأويل الباطل.
3 ـ يرى ابن عاشور تـأويل آيات الصفات على طريقة الخلف؛ فهو يردد مقولة: "طريقة الخلف أعلم وأحكم"، بناء على تعريف التأويل عند المتأخرين ويستند في تأويلاته إلى مبحثي الاشتراك والمجاز؛ إذ كان رأي جمهور من جاء بعد عصر السلف تأويلها ـ آيات الصفات ـ بمعان من طرائق استعمال الكلام العربي البليغ من مجاز، واستعارة، وتمثيل،...ويُعبّر عن هذه الطريقة بطريقة الخلف، ويقولون: طريقة الخلف أعلم؛ أي أنسب بقواعد العلم وأقوى في تحصيل العلم القاطع لجدال الملحدين، والمقنع لمن يتطلبون الحقائق من المتعلمين، وقد يصفونها بأنها أحْكَمُ أي أشدّ إحكاماً؛ لأنها تقنع أصحاب الأغراض كلهم. وقد وقع هذان الوصفان في كلام المفسرين وعلماء الأصول، ولم أقف على تعيين أوّل من صدرَا عنه. وقد تعرض الشيخ ابن تيمية ـ في العقيدة الحموية ـ إلى ردّ هذين الوصفين ولم ينسبهما إلى قائل. والموصوف بأسلم وبأعلم الطريقة لا أهلها؛ فإنّ أهل الطريقتين من أئمة العلم، وممن سلموا في دينهم من الفتن. وليس في وصف الطريقة بأنها أعلم أو أحكم غضاضة من الطريقة الأولى؛ لأن العصور الذين درجوا على الطريقة الأولى، فيهم من لا تخفى عليهم محاملها بسبب الذوق العربي، وهديهم النبوي، وفيهم من لا يعير البحثَ عنها جانبًا من همته، مثل سائر العامة؛ فلا جرم كان طيّ البحث عن تفصيلها أسلم للعموم، وكان تفصيلها بعد ذلك أعلم لمن جاء بعدهم، بحيث لو لم يؤولوها به لأوسعوا للمتطلعين إلى بيانها، مجالاً للشك أو الإلحاد أو ضيق الصدر في الاعتقاد". وقد تعرض شيخ الإسلام ابن تيمية.
لنقض هذه المقالة الفاسدة وبيان ما يوجد فيها من الجهل والكذب والضلال؛ ويمكن أن ألخص ردّه في الوجوه الآتية:
الوجه الأول: لا يجوز أن يكون الخالفون أعلم من السالفين كما يقوله بعض الأغبياء ممّن لم يقدّر قدر السلف، بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها من أنّ: "طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم".
الوجه الثاني: إنّ هؤلاء المبتدعة الذين يفضلون طريقة الخلف على طريقة السلف إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرّد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين، وأنّ طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات. فهذا الظنّ الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر، وقد كذبوا على طريقة السلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف؛ فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف.
الوجه الثالث: هذا القول إذا تدبره الإنسان وجده في غاية الجهالة، بل في غاية الضلالة. كيف يكون هؤلاء المتأخرون ـ لاسيّما والإشارة بالخلف إلى ضربٍ من المتكلمين ـ الذين كثر في باب الدين اضطرابهم، وغلظ عن معرفة الله حجابهم؛ ثم هؤلاء المتكلمون المخالفون للسلف إذا حقق عليهم لم يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة به خبر، ولم يقفوا من ذلك على عين ولا أثر، كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقوصون المسبوقون الحيارى المتهوكون أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكم في باب آياته وذاته من السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل، وأعلام الهدى ومصابيح الدجى الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء، فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم، وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة.
الوجه الرابع: كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة ـ لا سيّما العلم بالله وأحكام آياته وأسمائه ـ من هؤلاء الأصاغرة بالنسبة إليهم؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان، وورثة المجوس والمشركين، وضلال اليهود والنصارى والصابئين وأشكالهم وأشباههم؛ أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان.


11-بلاغة القرآن الكريم عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير
د/فادي بن محمود الرياحنة جامعة طيبة​
المدينة المملكة العربية السعودية
الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، الذي أرسله ربه شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وبعد…
فإنّ القرآن الكريم كتاب الله تعالى، بالحق أنزله وبالحق نزل، معجزة الإسلام الخالدة الذي" " فصلت/42) منبع الهداية، ومعلّم الرشاد، أخرج البشريـة من ظلمات الحيرة والجهل، إلى نور العلم والهداية، وحفظ الأمة من الضياع، وأثبت هـويتها، وحفظ دوامها وبقاءها. ومن هنا فلا عجب أن يكون هذا الكتاب موضع العناية الإلهية، والرعاية الربانية بالحفظ من كل تحريف وتزييف قال تعالى:" " (الحجر /9).ولهذا فقد عكف العلماء على دراسته وتفسيره، حتى بلغوا شأواً عظيماً في فهمه واستخراج كنوزه، وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس وأفنوا أعمارهم في سبيل هذه الغاية العظيمة.
وقد كان البحث في إعجاز القرآن الكريم من أكثر هذه الجوانب ضرورة عندهم، قال القاضي أبو بكر الباقلانى-رحمه الله– (403 هـ):" ومن أهم ما يجب على أهل دين الله تعالى كشفه، وأولى ما يلزم بحثه، ما كان لأصل دينهم قواما، ولقاعدة توحيدهم عماداً ونظاماً، وعلى صدق نبيهم صلى الله عليه وسلم برهانا، ولمعجزته ثبتاً وحجة" (الباقلاني،( 1119م)، إعجاز القرآن، ص4).
فهم متفقون على أنّ الكلام في وجوه إعجاز القرآن الكريم واجبٌ من واجبات الأمة التي لا يسعها تركه، ولهذا وقفوا أمامه يبحثون عن هذا السرّ العظيم الذي أعجز العرب البلغاء، وسلب عقولهم
ولم يكن ابن عاشور -رحمه الله تعالى- ليترك هذه المسألة دون أن يدلي فيها برأيه، فهو أحد العلماء المعنيين بالحديث عن اعجاز القرآن الكريم في نظمه وسمو أسلوبه. قفد طالعنا رحمه الله في صدر كتابه" التحرير والتنوير" بمقدمة مختصرة تناول فيها مسألة اعجاز القرآن الكريم من جهة أسلوبه ومبتكراته في النظم والتركيب.
قال ابن عاشور:" ولم أر غرضا تناضلت له سهام الأفهام. ولا غاية تسابقت إليها جياد الهمم فرجعت دونها حسرى. واقتنعت بما بلغته من صبابة نزرا. مثل الخوض في وجوه إعجاز القرآن فإنه لم يزل شغل أهل البلاغة الشاغل وموردها للمعلول والناهل. وكيف تفوق القرآن على كل كلام بليغ بما توفر فيه من الخصائص التي لا تجتمع في كلام آخر للبلغاء حتى عجز السابقون واللاحقون منهم عن الإتيان بمثله"" ابن عاشور، (1984م)، التحرير والتنوير،1/101)
فالبلاغة عنده طريق لمعرفة إعجاز القرآن الكريم، بمعنى أنّ الإنسان متى ما أغفل هذه الطريق أو أخطأه، فإنّه -لا شك- لن يقع على الجهة التي يكون فيه القرآن معجزاً ،،قال ابو هلال العسكري ( ت395هـ) :" وقد علمنا أنّ الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز البديع، والاختصار اللطيف، وضمّنه من الحلاوة، وجلّله من رونق الطّلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيّرت عقولهم فيها"
فابن عاشور رحمه الله قد سخّر معارفه في "علم البلاغة " بمباحثه المختلفة من أجل خدمة غرضه في الكشف عن أسرار القرآن الكريم وخصائصه البلاغية.
لذا فإنّي آثرت – بعد التوكل على الله- أنْ أكتب عن هذا الجانب ساعياً - بإذن الله تعالى- إلى الكشف عن منهجه في تناول مختلف المباحث البلاغية. وذلك في مبحثين :
المبحث الأول: مباحث علم المعاني،،، وفيه المطالب الاتية
المطلب الأول: الإيجاز
المطلب الثاني: التكرار
المطلب الثالث: الأساليب الإنشائية
المطلب الرابع:التقديم والتأخير
المبحث الثاني: مباحث علم البيان ،، وفيه المطالب الاتية
المطلب الأول: المجاز
المطلب الثاني الاستعارة
المطلب الثالث: التشبيه
المطلب الرابع:الكناية والتعريض


12-منهج ابن عاشور في عرضه لمقاصد السور
د/محمد بن عبد الله الربيعة جامعة القصيم السعودية

البحث يعنى بإبراز علم مقاصد السور وأثره في التفسير، مع دراسة لمنهج ابن عاشور في عرضه للمقاصد وأثر ذلك في تفسيره .
وهذا الجانب من الجوانب التي تتضمن تجديداً في الدراسات القرآنية ، إذ أن علم مقاصد السور علم جديد لم يبرز كجانب معتبر في التفسير إلا عند المفسرين المتأخرين ، ومنهم ابن عاشور .
ولهذا العلم أثره البارز في التفسير، إذ أن النظر إلى المقاصد نظر إلى المعنى الأصلي للمتكلم. وبه يظهر المعنى الصحيح بين الأقوال بالقرآئن اللفظية والحالية . وبهذا يتبين أهمية البحث .
خطة البحث :
المقدمة : أهمية الموضوع .
المبحث الأول : تعريفات مهمة حول مقاصد السور .
وفيه مطالب :
المطلب الأول : التعريف بمقاصد السور
المطلب الثاني : مصطلحات مرادفة لمقاصد السور
المطلب الثالث : منزلة علم مقاصد السور في التفسير
المطلب الرابع : عناية السلف والمفسرين بمقاصد السور
المبحث الثاني : منهج ابن عاشور في مقاصد السور:
المطلب الأول : عناية ابن عاشور بالمقاصد .
المطلب الثاني : عناية ابن عاشور بمقاصد السور.
المطلب الثالث : منهج ابن عاشور في عرض المقاصد
المطلب الرابع : دراسة مقارنة بين ابن عاشور وغيره في علم مقاصد السور
المبحث الثالث : أثر علم المقاصد في تفسير ابن عاشور :
المطلب الأول : أثر علم مقاصد القرآن في تفسير ابن عاشور .
المطلب الثاني: أثر علم مقاصد السور في تفسير ابن عاشور
المطلب الثالث: أثر عناية ابن عاشور بالمقاصد في تفسيره وإبراز قيمته العلمية بين التفاسير .

الخاتمة : وفيها أهم النتائج والتوصيات.


13-جهود الطاهر بن عاشور الحديثية في كتابه التحرير والتنوير
د/سعيد بن نزال العنزي جامعة سلمان بن عبد العزيز السعودية
سرت كثيرا بحسن اختيار هؤلاء المفسرين المعاصرين الذين انتشرت تفاسيرهم بين الناس بشكل كبير وبمنهجية تفسيرية واضحة تقوم على الأصالة والتجديد ولا غرو في هذا فهذه تفاسيرهم يؤمها طلبة العلم، وطلاب الدراسات العليا للكتابة عن مناهجهم وأساليبهم، والأدوات التي استعانوا بها في تحرير التفاسير التي قدموها، ويسرني في هذا البحث أن أكتب عن أحد هؤلاء الأعلام وهو فضيلة الشيخ الطاهر بن عاشور رحمة الله تعالى وأبرز جانباً مهماً من جهوده الحديثية في كتابه التحرير والتنوير غفل عنه كثير من الباحثين، وحاجة التفسير القرآني إلى السنة أمر لا ريب فيه عند أهل العلم بهذا الفن فخير من يفسر القرآن الذي نزل عليه القرآن، ولهذا جعل كثير من المفسرين صدارة تفسيره لأي آية ما نطق به الذي لا ينطق عن الهوى.
ولهذا ظهرت عناية ابن عاشور بالحديث النبوي في تفسيره للقرآن الكريم فأكثر من الاستشهاد به بل جعله من استمداد علم التفسير، الذي يتمثل عنده في علم العربية وعلم الآثار ، وهو يفسر الآثار بأنها " ما نقل عن النبي من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال"، وابن عاشور في استشهاده بالحديث النبوي ليس كغيره من المفسرين الذين يذكرون الحديث ومصب اهتمامهم متن الحديث، بل إنه يستشهد بالحديث وهو مستحضر متنه ودرجته، كيف لا وهو المحدث الذي اهتم بكتب الحديث شرحاً وتفسيراً ومن أهمها الموطا وصحيح البخاري الذي خدمهماً تصنيفاً في كتابيه النظر الفسيح عند مضائق الأنظار الأنظار في الجامع الصحيح، وكشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا .
ويتكون البحث من مقدمة ومبحثين وخاتمة :
المقدمة ، وتشتمل على :
أ‌- تمهيد .
ب‌- أهداف البحث .
ج- مشكلة البحث .
د- أسئلة البحث .
هـ - منهج البحث .
المبحث الأول : ترجمة الشيخ الطاهر بن عاشور :
المبحث الثاني :جهوده الحديثية في تفسيره .
الخاتمة : وفيها أبرز نتائج البحث .



14-دلالة السياق القرآني من خلال تفسير ابن عاشور (التحرير والتنوير) دراسة تحليلية موضوعاتية.
د/عماد المرزوق باحث بالثانوية التأهيلية المغرب
بعد اطلاعنا على تعريف "التفسير" عند العلامة السيوطي في كتابه التحبير في علم التفسير حيث قال : "التفسير كشف معاني القرآن، وبيان المراد منه، سواء أكانت معانٍ لغوية أو شرعية بالوضع أو بقرائن الأحوال ومعونة المقام." استوقفنا إشكال عميق يتمثل في ما مدى اعتماد المفسرين على "قرائن الأحوال" وكيف يلجؤون إلى "معونة المقام" من أجل فهم دقيق لمعاني القرآن اللفظية والتركيبية ؟
من هذا المنطلق كان تشوفنا لاختيار موضوعنا لهذه الندوة يتأسس على بيان جهود علماء التفسير بالغرب الإسلامي، وإسهامهم الحثيث نحو التوجيه الأسلم للخطاب الشرعي من خلال استعانتهم ب "المقام" و "قرائن الأحوال" أو ما يعبر عنه ب "السياق"، لذا اخترنا أن تترجم مشاركتنا ب" دلالة السياق القرآني من خلال تفسير ابن عاشور (التحرير والتنوير) دراسة تحليلية موضوعاتية".
تنطلق المساهمة المقترحة من كون "دلالة السياق" من أظهر وأقوى الدلالات البلاغية في فهم النص وإبراز معانيه، وقد أدرك علماء التفسير القرآني ما للسياق من أهمية بالغة في تحديد مقاصد الخطاب الرباني، باعتباره وسيلة منهجية فعالة توصل إلى ما يتغيّاه المفسر والمتدبر للقرآن الكريم.
لذا نجد أهل التفسير يعمدون إلى البحث والكشف عن القرائن والمؤشرات المحيطة بالآيات القرآنية، حيث يسبرون أغوار ما سبق الآية وما يلحقها بحثا عن إشارة ما من داخل الخطاب تساعد على حسن الفهم وجلاء الغموض، كما أنهم يبحثون في أمور خارجية عن الخطاب مثل الزمان والمكان وعناصر الواقع المختلفة ومناسبات أو أسباب النزول علَّهم يقفون على ما يساعد على ترجيح معنى على آخر، أو تقييد مطلق أو تبيين مجمل أو تخصيص عام أو تجلية مبهم...ولاشك أن من أهم أصول التفسير الواجب مراعاتها ما أشار إليه الإمام الشافعي في كتابه المؤسس لمدونات أصول الفقه "الرسالة" ضمن ما عنونه ب"باب الصنف الذي يبين سياقُه معناه"وتناول فيه آيات جرى فيها اعتماد السياق القرآني لتحديد معنى بعض الألفاظ المشتركة التي لها أكثر من معنى .
لذا، فإنه من المفيد إجراء دراسة تطبيقية لهذا الأصل المتين من أصول التفسير من خلال "تفسير الطاهر ابن عاشور" الذي يتميز برجاحة اعتماده عليه كشفا للمقاصد القرآنية وإبرازا لدلالات الآيات الخالدة..ولما يعرف عن تحريره وتنويره من تعمق لغوي وأصولي ومقاصدي.
فنبدأ –إن شاء الله تعالى- ببحث تمهيدي مركز حول الدراسة النظرية لدلالة السياق القرآني ، مع التعريف المختصر بابن عاشور وتفسيره .
ثم ننتقل إلى بيان كيفية استفادة ابن عاشور من "السياق" ومنهجه في إعماله من خلال مباحث خمسة :
المبحث الأول: أثر دلالة السياق في بيان معنى الكلمة القرآنية عند العلامة الطاهر بن عاشور(مدلول الكلمات، بيان المعنى المراد من المشترك اللفظي،تحديد المراد من حروف المعاني ..)
المبحث الثاني : أثر السياق في بيان المعنى الإجمالي للآيات.
المبحث الثالث : أثر السياق في الترجيح بين أقوال المفسرين واختياراتهم.
المبحث الرابع : أثر السياق في ضبط الاستدلال بالحديث النبوي ورد بعض الروايات الواهية.
المبحث الخامس : أثر السياق في حل مشكل القرآن.
ونختم بخلاصات عبارة عن قواعد إعمال السياق عند العلامة ابن عاشور.

15-الحس البلاغي للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، وجهوده البلاغية، في إظهار الإعجاز القرآني، من خلال التحرير والتنوير
د/عبد المنعم بن شعبان الغرياني الليبي ديجون فرنسا
من يتصفحْ تفسير التحرير والتنوير يجدْ في مؤلفه رجل دعوة، وجهاد، وتعليم، وتربية وتوجيه، وأنه أمام عالم، فقيه، لغوي، أديب بارع ذي حس مرهف وذوق متمرس بصير، متمكن من العلوم المرتبطة بالقرآن الكريم، متملٍ من أساليب العرب وخطبهم وأشعارهم وأمثالهم وعوائدهم ومحادثاتهم، قادرٍ على استخراج الحِكم والفوائد من مؤلفات السابقين له، وتوضيح ما غمض من أقوالهم، واستدراك ما غاب عنهم، لاقتطاف الثمرات من كلام الله جل وعلا مباشرة. والرجل من كثرة مزاولته، منذ صغره، للكتب الأدبية، قديمها وحديثها، وصبره على تأملها والنظر فيها، من جهة، ثم إنه زيادة على ذلك لما رأى في القرآن "أرق من الشعر وأهول من البحر وأعجب من السحر"، كما قال الإمام الزركشي، اعتكف على علوم البلاغة وكتُبها، وفرَّغ نفسه لمدارستها، حتى تمكن من استقصاء المسائل البلاغية جميعها، جاعلا علوم البلاغة، في كل ذلك، وسيلة له وغاية في نفس الوقت.
فمزاولته للكتب الأدبية وعكوفه على كتب البلاغة المتخصصة أكسباه:
أولا: سليقة مكنته من تذوق نصوص الكتاب العزيز، حتى تخالك تسمع السليقة السليمة الأولى التي تقوم على الذوق الفطري، فتدرك مواطن الجمال بمجرد سماع نص من النصوص، ليستمتع بها فيمتع متلقي علمه.
ثانيا: خبرة تأملية وإحساسا ذوّاقا بالنص المدروس، وهذا _ في نظري _ لا يؤتاه إلا من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، المفسَّران هنا بالملكة البلاغية، يترجِم ذلك إعمال فكره في المسائل البلاغية، والوقوف المتمعن على النكت البلاغية، التي تتضمنها المصطلحات أو الآيات القرآنية، فيفصل القول في بعضها ويجمل في بعض.
ثالثا: حذقا وصل به إلى مستوى أمكنه من المفاضلة في تفسيره بين الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق، وبين الإحسان والإحسان، كمفاضلته بين القراءات، وترجيح بعضها على بعض.
رابعا: معرفة تامة بطبقات المحسنين الممارسين للقرآن، والمفاضلة بينهم، بل والحكم عليهم، أحيانا، وبيان مزايا بعضهم وتفاوت بعضهم البعض، والفروق والوجوه التي تكون بين كلام كل منهم في إبراز إعجاز القرآن الكريم، فيقف على مواطن إجادة من أجاد منهم، حتى إنه نصّب نفسه، في بعض مواضع من تفسيره، حكَما بين ثلة من أساطين البلاغة العربية القدامى، مما يؤكد استقلال شخصيته.
لما تمكن ابن عاشور من كل ذلك، أقدم على تفسير كتاب الله تعالى إقدام الشجاع على وادي السباع، فيكون تفسيره جامعا لما يمكن أن يكون مراد الله عز وجل من كتابه.


المحور الرابع: الإصلاح التربوي والقواسم المشتركة بين هؤلاء المفسرين.

16-الفكر التربوي عند ابن عاشور من خلال تفسيره التحرير والتنوير
د/شكري بن حسن مجولي تونس بريطانيا​
لقد حدد الاسلام سلوك الفرد، في كل جزئية من جزئياته، ونعنى هذا التحديد أن الإسلام حدد طبيعة المعارف التي يكتسبها الفرد، والإتجاهات التي تتشكل لديه والإنفعالات التي تتولد نتيجة تفاعله مع محيطه وخضوهه لسنن الله في الآفاق والأنفس.
وحيث إن التربية في حقيقتها عملية توجيه وارشاد يأخذ فيها والمعلم بيد المتعلم والمؤدب بيد التلميذ لترقية مداركه البشرية ، وصقل الفِطَر الطيبة لإضاءة الإنسانية ، وإظهارها في أجمل مظاهرها فيخرج صاحبها عن وصف الحيوانية البسيط وهو الشعور بحاجة نفسه خاصة ، إلى ما يفكر به في جلب مصلحته ومصلحة غيره بالتحرز من الخلل والخطأ بقدر الطاقة ، وبحسب منتهى المدنية في وقته.فالتربية ترمي إلى إنشاء أرقى أصناف الناس من كل من تمرس بالأشغال والأعمال، أو رزق المواهب الحسنة، ورغب في سلوك خير السبل وشغف بالمعرفة وامتاز بحب الواجب والتعقل .والتربية غايتها إنتاج قادةٍ للأمة في دينها ودنياها، وهداةٍ هم مصابيح إرشادها، ومحاصد قتادها، ومهدئوا نفوسِها إذا أقلقها اضطراب مِهاَدها.
فهذا بحث، عن "الفكر التربوي عند الشيخ الطاهر بن عاشور من خلال التحرير والتنوير " .
كان الشيخ الطاهر بن عاشور عالما مصلحا مجددا، لا يستطيع الباحث في شخصيته وعلمه أن يقف على جانب واحد فقط، إلا أن القضية الجامعة في حياته وعلمه ومؤلفاته هي التجديد والإصلاح من خلال الإسلام وليس بعيدا عنه، ومن ثم جاءت آراؤه وكتاباته ثورة على التقليد والجمود وثورة على التسيب والضياع الفكري والحضاري.
وما هذا البحث المتواضع إلا تسليط الأضواء على هذه الشخصية وكشف الحقائق النيرة وتوسيع النقاط البيضاء المشرقة .
منهج البحث: قمت في هذه الدراسة باستخدام المنهج الوصفي ، وفي إطاره قمت بتحليل آرائه في تربية الإنسان المسلم في شتى جوانب شخصيته .
خطة البحث: وقد قسمت البحث الى ثلاثة فصول :
الفصل الأول : حياة الشيخ الطاهر بن عاشور وعصره وجعلته في ثلاثة مباحث.
الفصل الثاني : آراء الشيخ ابن عاشور في التربية ، وقسمته إلى أربعة مباحث.
الفصل الثالث : ميادين التربية الإسلامية عند الشيخ ابن عاشور، وتوزع على أربعة مباحث. ثم الخاتمة.


17-الجوانب المشتركة بين تفاسير الشيخ محمد المكي الناصري والشيخ الطاهر بن عاشور رحمهما الله تعالى والشيخ جابر أبي بكر الجزائري (دراسة في القواسم المشتركة في منهجهم الإصلاحي)​
د/عبد الله واسيني ابن بوزيان جامعة بوضياف الجزائر
ختم الله تبارك تعالى بمحمد رسالة الأنبياء؛ فهو خاتمُ الأنبياء والرُّسُل عليهم السلام، وختم الله تعالى كذلك بالقرآن الكريم الأديانَ كلََّها؛ فهو خاتمُ الكتب والصُّحف، أكمَلَ سبحانه فيه كلّ أمر دين، وأتمَمَ فيه كلَّ نعمة، وأَوصَل به كلَّ سعادة ...
والقرآن حجّة الله وآياتُه الكبرى، يقوم على الدنيا شاهدا برسالة المصطفى وناطقا بنبوّته ودالاّ على صدقه وأمانته؛ يستند الإسلام إليه في عقائده وعباداته وتشريعاته وحكمه وأحكامه وآدابه وأخلاقه وقصصه ومواعظه وعلومه ومعارفه...لذلك كان القرآن الكريم موضعَ العناية من ربّ العالمين، ومِن الرسول وكذلك من صحابته ومِن سلف هذه الأمّة ومَن تَبعَهم جميعا إلى يوم الدّين، وقد اتخذت هذه العناية أشكالا مختلفة؛ فتارة ترجع إلى لفظه وأدائه، وأخرى إلى أسلوبه وإعجازه، وثالثة إلى كتابته ورسمه، ورابعة إلى تشريعاته وأحكامه، وخامسة إلى تفسيره وشرحه، إلى غير ذلك...
ولقد تتبّع العلماء هذه الوجوه، وأفردوا كلّ ناحية مـن هذه النواحي بالبحث والتأليف ووضعوا من أجلها العلوم، ودوّنوا الكتب حتى استغنت المكتبة الإسلامية بتراث ضخم من آثار سلفنا الصالح وعلمائنا الأمجاد، وهكذا أصبح بين أيدينا الآن مصنفاتٌ متنوعة وموسوعات قيِّمة فيما نسميه علم القراءات وعلم التجويد وعلم الرسم العثماني وعلم التفسير...
وعلم التفسير الذي كانت له عنايته الخاصة منذ عهد النبي إلى عصرنا هذا، وقد اشتهر كل عصر ومصر بنبوغ ثلة من المفسرين فاقوا أقرانهم وكتب الله لهم القبول ولمصنفاتهم الذيوع ولانتشار، وقد كان لمغربنا العربي حظه في ذلك وظهر مفسرون أفذاذ يعالجون مشكلات الأمة ويقدمون لها النصح والإرشاد
لذلك كله جاء هذا البحث الذي يمثل هذا إطلالة على جوانب مشرقة من بعض المفسرين المغاربيين الذين ينتمون لدول تونس والجزائر والمغرب، وهم: الشيخ محمد المكي الناصري في تفسيره "التيسير في أحاديث التفسير" والشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره"أيسر التفاسير لكلام رب العالمين" والشيخ جابر أبي بكر الجزائري في "تفسيره التحرير والتنوير" حيث ساهموا إسهامات جليلة في تبيان كلام الله تعالى للناس، وتسهيل هداه لهم، وتربيتهم التربية الصحيحة، مع رصد لطرائقهم في إصلاح مجتمعاتهم ومنهجهم في بعث الثقافة الإسلامية في أوساطهم باستعمال القرآن الكريم.
مدخل إلى أهمية التفسير: من العلوم الدينية التي كانت تشغل كثير من العلماء علم التفسير الذي له علاقة وطيدة بالقرآن الكريم من جهة، ولأثره الكبير في معناه وبيان مراد الله عز وجل من جهة أخرى، قال ابن عطية الأندلسي:" فلما أردتُ أن أختار لنفسي وأنظرَ في علم أعدُّ أنوارَه لظلم رمسي سبرتُها بالتنويع والتقسيم، وعلمتُ أن شرف العلم على قدر شرف المعلوم، فوجدت أمتنَها حِبالا وأرسخها جِبالا وأجملها آثارا وأسطعها أنوارا علمَ كتاب الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه الذي{لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}الذي استقل بالسنة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، هو العلم الذي جعل للشرع قواما واستعمل سائر المعارف خداما؛ منه تأخذ مبادئها وبه تعتبر نواشئها، فما وافقه منها نصَع، وما خالفه رفض ودفع، فهو عنصرها النمير وسراجها الوهاج وقمرها المنير، وأيقنتُ أنـه أعظمُ العلوم تقريبا إلى الله تعالى، وتخليصا للنيات، ونهيا عن الباطل، وحضّا على الصالحات؛ إذ ليس من علوم الدنيا فيختل حامله من منازلها صيدا، ويمشي في التلطف لها رويدا... فلما سلكتُ سبله بفضل الله ذللا، وبلغت من اطراد الفهم فيه أملا، رأيتُ أن نكته وفوائده تغلب قوة الحفظ، وتفدح وتسنح لمن يروم تقييدها في فكره وتبرح، وأنها قد أخذت بحظها من الثقل، فهي تتفصى من الصدر تفصي الإبل من العقل قال:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}قال المفسّرون:أي علم معانيه والعمل بها".
فلم يجد ابن عطية أعظمَ من علم تفسير كتابِ الله العزيز؛ لمِا له مِن مزيّةِ الاتصال بخير كتاب على وجه الأرض، ولمِا له مِن سبب في القربى من الله عز وجل، لذلك أعمل فيه فكره وعلمه ومما أوني من تبحرٍ وتفقُّهٍ في تفسيره. وقال ابن تيمية رحمه الله:" قد فتح الله علَيَّ في هذه المرّة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن".
فابن تيمية يقرّ بنعمة الله عليه في معاني القرآن الكريم وتفسيره وشرحه، وقد نَدِمَ على تضييعه بعضًا من وقته في غير تفسير القرآن الكريم، وهذا تواضع منه رحمه الله وإلاّ كيف نفسّر كثرة تآليفه في مجالات الفقه والأصول والعقيدة والفتوى، وكلّها تتصل بالقرآن الكريم.


18-أوجه التقارب والتشابه أو القواسم المشتركة بين هؤلاء المفسرين
د/المصطفى سليمي باحث بالمركز التربوي المغرب​
الحمد لله الذي أكرم محمدا صلى الله عليه وسلم بأفضل كتاب، وخص بالفهم والغوص في أسراره أولي الألباب، وفتح لهم من فتوحاته ألف باب، والصلاة والسلام على مَن ببعثته كشف عن القلوب والعقول الحجاب، وعلى آله الطاهرين والأصحاب، وعلى من تبعهم بالحسنى إلى يوم الحساب.
إن القرآن الكريم بشمول منهجه لم يدع مجالا من مجالات الحياة إلا وأطره، ولم يترك صغيرة أو كبيرة إلا رسم منهج الهُدى ، ووضح معالم الرشد فيها، وبين حدود الاستقامة ونهج الاعتدال في جميعها.
وإن من أهم المجالات التي أفاض القرآن الكريم في تفاصيلها وقضاياها مجال الأسرة، حيث نجد سورا بأكملها تتناوله، وآيات كثيرة توضحه وتجليه أيما تجلية وتوضيح. وسأحاول من خلال هذا البحث المقدم بين أيديكم أن ألامس هذا الموضوع، أي موضوع الأسرة، ومعالم التربية الأسرية من خلال سورة لقمان، وآيات أخر من سور أخرى عنيت ببيان هته المعالم كقصة نوح مع ابنه، وإبراهيم وابنه إسماعيل عليهم السلام، وغيرها من القصص التي تفيد في هذا السياق.
وبما أن هذا المؤتمر المزمع عقده في كليتكم العامرة مخصص لمشاهير المفسرين المغاربيين فإنه قد وقع اختياري على علمين من الأعلام المقترحة، وهما الشيخ العلامة المكي الناصري رحمه الله تعالى، والشيخ العلامة أبو بكر الجزائري حفظه الله تعالى وأمد في عمره، وذلك لسبب أساس وجوهري، وهو أن من تمام نعمة الله علي أن أكون متتلمذا على الشيخين معا، وإن كان هناك فرق بين التلمذتين، وذلك أن التلمذة على الشيخ المكي الناصري ليست بالمباشرة، وإنما هي بالواسطة، وذلك أنني أذكر وأنا في مقتبل العمر، وذروة الشباب كنت مولعا بسماع دروسه الماتعة االرائعة التي كانت تذاع على أمواج الإذاعة المغربية وأنا يومها طالب في الاعدادي والثانوي، أو على أمواج إذاعة القرآن بالمملكة العربية السعودية وأنا حينها طالب في المرحلة الجامعية بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، وقد كانت دروسه تشدني شدا، سواء عند إشراقة الفجر بالمغرب، أو في منتصف الليل بالسعودية. وأما التلمذة للشيخ أبي بكر الجزائري فهي تلمذة حقيقية لا واسطة فيها، فلقد كنت حريصا على شهود حلقات التفسير التي يعقدها الشيخ في الحرم المدني على امتداد العام، يغوص فيها في أعماق بحار الكتاب العزيز، يستخرج غرر درره، ونفائس جواهره.
وقد ارتأيت أن أجري مقارنة بين الشيخين من خلال سورة لقمان كما أسلفت، فأبين منهجهما و"أوجه التقارب والتشابه والقواسم المشتركة" من جهة، واستخرج معالم التربية الأسرية، من خلال كلامهما وتفسيرهما لآيات السورة وما شابهها من الآيات.
وسيكون البحث وفق الخطة الآتية؛
1. خصائص ومميزات.
- ملامح عامة لدرس الشيخين في التفسير.
- السمات المشتركة بين التفسيرين.
- أوجه التميز في كلا التفسيرين.
- المعالم الأسلوبية في تفسير الشيخين.
- الاتجاه التفسيري الغالب في تفسيرهما.
- المسلك الاصلاحي في تفسيرهما.
- المسلك التربوي في تفسيرهما
2. معالم التربية الأسرية في تفسيرهما من خلال سورة لقمان وما شاكل مضمونها من الآيات.
3. خلاصة واستنتاج.
وختاما أسأل الله أن يعين القائمين على تنظيم هذا المؤتمر، وأن يوفقهم لما فيه خدمة كتاب الله تعالى، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا وإياهم من خَدَمة كتابه العالمين والعاملين به، وأن يرزقنا الاخلاص في القصد والقول والعمل.

19-التفسير في بلاد شنقيط دراسة بيبليوغرافيا.
د/ الحسن محمد ماديك مدير معهد دراسة المصاحف
والقراءات القرآنية موريطانيا
عرف التفسير في بلاد شنقيط مدارس متفاوتة في المنهاج والمرجعية، والطابع الفقهي أو اللغوي، وقد حصرت جميع التفاسير القديمة والحديثة في بلاد شنقيط ابتداء بأولهم الطالب محمد بن المختار الأعمش العلوي ت[1107هـ] الذي أنكر عليه معاصروه الاشتغال بالتفسير ساعين إلى كفه عنه. وبسبب اقتحام الأعمش العلوي عادة الشناقطة في تهيب التفسير والابتعاد عنه فقد انتشر التفسير في القرن الثاني عشر للهجرة فما بعده إلى يومنا هذا وكانت له مدارس وأساليب وأغراضا واتجاهات منها :
1. الاتجاه الأثري
2. الاتجاه اللغوي بأشكاله
3. الاتجاه الفقهي
4. الاتجاه الصوفي والرمزي والإشاري
5. الاتجاه السلفي الحديث
وقد ظهر في القرن الثاني عشر ثلاثة مفسرين. وفي القرن الثالث عشر حوالي اثنا عشر مفسرا. وفي القرن الرابع عشر حوالي ثلاثة وثلاثين مفسرا. وفي القرن الخامس عشر بضعة مفسرين اشتغلوا بالتفسير الموضوعي والعلمي. تلك التفاسير أفصلها في البحث تفصيلا واسعا إن شاء الله تعالى، وأضيف إليها تفسيري"من تفصيل الكتاب وبيان القرآن".


الجلسة الختامية
تلاوة البيان الختام مع البرقية​
والختم بالقرآن العظيم ، فهو منطلقا وهو ختامنا
 
مدرسة التفسير في المغرب قوية في القديم والحديث
وحسب ما رايت في ملخصات جلسات المؤتمر أرى أن هذا المؤتمر لم يستوعب إلا أقل القليل من علماء التفسير في المغرب
فالمغرب العربي زاخر بعلماء التفسير والقراءات والرسم وعلوم القرآن الأخرى
فهناك مثلا العلامة مصطفى البيحياوي عملاق في جميع هذه العلوم ومع هذا لا يسمع فيه من أهل المشرق إلا عدد قليل
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى