مقال: شروط الكتابة في المصاحف العثمانية

إنضم
30/03/2013
المشاركات
1
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1​


كان القرآن الكريم في عهد الرسول e مفرقاً في الرقاع, ثم جمع في عهد أبي بكرٍ t في صحفٍ, وإلى جانب مصحف أبي بكرٍ كان لأفراد الصحابة صحفاً أو مصاحف كتبوا فيها القرآن، لكنها لم تكن بدقة جمع أبي بكرٍ، بل كان كل صحابيٍ يكتب ما سمع من الرسول e، وقد يفوته شيءٌ من القرآن, وقد يُدخِلُ معه شيئاً من التفسير, وإن كان في هذه المصاحف ما صح سنده وثبتت تلاوته ووافق العربية, ولكنها كانت مختلفةً عن بعضها البعض, وهكذا كان الصحابة المتفرقون في الأمصار يُقرِؤون عامة المسلمين بقراءاتٍ مختلفةٍ, فأهل الشام يقرأون بقراءة أبي بن كعبٍ t, وأهل الكوفة بقراءة ابن مسعودٍ t، وهكذا.
ولما التقى أهل الأمصار ببعضهم خلال تنقلاتهم وغزواتهم, حصل بينهم اختلافٌ شديدٌ, ولم يكن بإمكانهم الإحاطة بجميع الأوجه والأحرف, رأى حذيفة بن اليمان t هذا فراعه مايحصل من اختلافٍ وتفرقٍ, ففزع لعثمان t في المدينة يخبره بما يحدث بين المسلمين, وقد رأى عثمان هذا الاختلاف عنده في المدينة وقال: "أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافاً".
فشرح الله صدر عثمان t لهذا العمل الحكيم، فجمع الأمة على حرفٍ واحدٍ، ورسمٍ واحدٍ, وهذا هو (المصحف العثماني)، الذي أجمعت عليه الأمة وتلقته بالقبول, وأصبحت القراءة بما يخالف الرسم وإن وافق العربية وصح سنده -كالذي جاء في مصاحف بعض الصحابة والتابعين- شاذةً؛ لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه, فلا تجوز القراءة بها في الصلاة ولا في غيرها.
السؤال: ما الذي جعل المصحف العثماني بهذه المكانة ركناً من أركان القراءة الصحيحة؟
أنه t التزم في جمعه شروطاً محددةً متقنةً, تتمثل في الآتي:
· كل ما كتب في المصحف العثماني فهو منقولٌ نقلاً متواتراً عن رسول الله e.
· لم يكتب في المصحف العثماني إلا القرآن فقط, وأُبعدَ ما سواه مما كان موجوداً في مصاحف الصحابة والتابعين, كالتفسير وبيان الناسخ والنسوخ.
· لم يكتب فيه إلا ما استقر في العرضة الأخيرة, وأهمل ما نسخت تلاوته, نحو "وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينةٍ صالحةٍ غصباً" بزيادة كلمة "صالحة".
· كتبت خاليةً من النقط والشكل, ومتفاوتةً في الإبدال والحذف والزيادة وغيرها, ولكتابته خالياً من النقط والشكل فائدةٌ عظيمةٌ تمثلت في كون عثمان أراد لهذا المصحف أن يشتمل على الأحرف السبعة؛ لأن بعض الكلمات إن لم تنقط وتشكل أمكن قراءتها بأكثر من وجهٍ, كقوله تعالى: "وانظر إلى العظام كيف ننشزها"، ننشزها إذا خلت من النقط والشكل أمكن قراءتها بالراء وبالزاي وقد وردت كلا القراءتين, أما الكلمات التي لا تدل على أكثر من قراءة عند خلوها من النقط والشكل مع أنها واردةٌ بقراءةٍ أخرى فإنهم كانوا يرسمونها في بعض المصاحف برسمٍ، وفي بعضها برسمٍ يدل على قراءةٍ أخرى, مثلاً: فنجد قوله تعالى في سورة التوبة: "لهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار" كتبت في مصحف آخر بدون "من", وكلاهما قراءتان واردتان.
· كتب بلغة قريشٍ, يدل على هذا قول عثمان: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن, فاكتبوه بلسان قريشٍ, فإنما نزل بلسانهم", ولم يختلفوا إلا في كلمتين التابوت ويتسنَّه.


المراجع:
مناهل العرفان للزرقاني.
المصاحف لأبي داوود السجستاني.
علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه للدكتور عدنان زرزور.
 
بارك الله فيكم على هذه المقالة الموفقة .
لي ملحوظة على قولكم : (كتبت خاليةً من النقط والشكل, ومتفاوتةً في الإبدال والحذف والزيادة وغيرها, ولكتابته خالياً من النقط والشكل فائدةٌ عظيمةٌ تمثلت في كون عثمان أراد لهذا المصحف أن يشتمل على الأحرف السبعة) . حيث إن هذا من الأخطاء الشائعة في كتب علوم القرآن ، حيث يوحي ذلك بأن ترك نقط المصاحف العثمانية كان عمداً لقبول أكثر من قراءة ، وهذا غير صحيح حسب الأبحاث التي أجريت في موضوع تاريخ الخط العربي ، الذي أثبت من خلال النقوش أن عدم النقط كان سائداً في كتابات ذلك العهد سواء في كتابة المصحف أو في كتابة غيره من القضايا . مما يدل على أن الأصل في كتابة ذلك العهد هو عدم النقط . ولذلك فاحتمال بعض الكلمات لأكثر من قراءة ليس بسبب عدم نقطها . وإنما لأن الرواية وردت بالقراءتين كما في المثال الذي ذكرتموه (ننشزها) وننشرها) ونحوها . بدليل أنه يوجد كلمات تحتمل أكثر من قراءة حسب نقطها ولكنها لم تُقرأ إلا بقراءة واحدة فقط .
وفقك الله لكل خير .
 
ويقول قدوري الحمد في البحث المقدم للمؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية : " فإن نظرية تجريد المصحف من النقط والشكل ليحتمل القراءات تحتاج إلى مراجعة . يؤكد ذلك أمران :
الأول : تجرد الكتابات العربية القديمة من النقط والشكل .
الثاني : الروايات الموثقة التي تنسب وضع علامات الحركات ونقاط الإعجام لعلماء عاشوا بعد عصر نسخ المصاحف في خلافة عثمان رضي الله عنه "
 
وأصبحت القراءة بما يخالف الرسم وإن وافق العربية وصح سنده -كالذي جاء في مصاحف بعض الصحابة والتابعين- شاذةً؛ لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه

العبارة غير مستقيمة.
فموافقة المصحف شرط لكنه ليس الأصل بل الأصل هو التواتر فالقراءة سنة متبعة وشروط القراءة المقبولة كما قال ابن الجزري رحمه الله :
فكل ما وافق وجه نحوِ وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت شذوذه لو أنه في السبعة
ولذا فلا يقال إن مخالفة الرسم تسقط القراءة، بل القراءة تثبت ولو احتمل الرسم، ولم يجمع عثمان رضي الله عنه الناس على قراءة واحدة ولا على رسم واحد ولا على حرف واحد من الأحرف السبعة لأنه لو فعل ذلك لألغى شيئا من القرآن وقد كانت المصاحف المرسلة للأمصار تختلف باختلاف القراءات، وثمت مواضع كثيرة في القرآن لا يمكن احتمال الرسم فيها كحذف الواو في مواضع متفرقة منا قوله {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} في الأعراف لابن عامر رحمه الله وزيادة من في قوله {تجري من تحتها الأنهار} في التوبة لابن كثير رحمه الله ، وحذف هو في قوله {إن الله هو الحميد} في الحديد لنافع وأبي جعفر وابن عامر رحمهم الله.
وجماهير العلماء من الأئمة على أن عمل عثمان رضي الله عنه في المصاحف كان في أمرين اثنين:
أولاهما: ضبط القراءات "لما شكا له حذيفة رضي الله عنه اختلاف الناس" .
ثانيهما: ترتيب السور "إتماما للمهمة التي قام بها أبو بكر الصديق من جمع المصحف غير مرتب للسور" وهذا مذهب الجمهور.
وفي البخاري قال عثمان رضي الله عنه لحفصة رضي الله عنها : أرسلي إلينا الصحف - يعني التي جمعت في عهد أبي بكر - ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك.
 
بارك الله فيكم على هذه المقالة الموفقة .
لي ملحوظة على قولكم : (كتبت خاليةً من النقط والشكل, ومتفاوتةً في الإبدال والحذف والزيادة وغيرها, ولكتابته خالياً من النقط والشكل فائدةٌ عظيمةٌ تمثلت في كون عثمان أراد لهذا المصحف أن يشتمل على الأحرف السبعة) . حيث إن هذا من الأخطاء الشائعة في كتب علوم القرآن ، حيث يوحي ذلك بأن ترك نقط المصاحف العثمانية كان عمداً لقبول أكثر من قراءة ، وهذا غير صحيح حسب الأبحاث التي أجريت في موضوع تاريخ الخط العربي ، الذي أثبت من خلال النقوش أن عدم النقط كان سائداً في كتابات ذلك العهد سواء في كتابة المصحف أو في كتابة غيره من القضايا . مما يدل على أن الأصل في كتابة ذلك العهد هو عدم النقط . ولذلك فاحتمال بعض الكلمات لأكثر من قراءة ليس بسبب عدم نقطها . وإنما لأن الرواية وردت بالقراءتين كما في المثال الذي ذكرتموه (ننشزها) وننشرها) ونحوها . بدليل أنه يوجد كلمات تحتمل أكثر من قراءة حسب نقطها ولكنها لم تُقرأ إلا بقراءة واحدة فقط .
وفقك الله لكل خير .
ينظر الرابط التالي http://vb.tafsir.net/tafsir35786/
 
شيء من التمني بشأن موضوع كتابة المصاحف

شيء من التمني بشأن موضوع كتابة المصاحف

من الأبحاث التي أخذت بلبي في مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية بالرياض بحث فضيلة الشيخ غانم قدوري في موضوع" نظريات رسم المصحف في علم الخطوط القديمة"
وللحقيقة فالاهتمام بهذا الموضوع في (الرياض) تحديدا جد متقدم،وقد قدر لي خلال السنوات القليلة الماضية أن "أغنم" عددا من الرسائل الأكاديمية المفيدة في الباب وجلها نوقشت في قسم الآثار بجامعة الملك سعود أهمها:
- النقوش الاسلامية على طريق الحج الشامي بشمال غرب المملكة العربية السعودية من القرن الأول الى القرن الخامس الهجري للدكتورة حياة بنت عبدالله الكلابي، نشر مكتبة الملك فهد 1430هـ (حوالي 400 نقش حجري)
- دراسة تحليلية مقارنة لنقوش ثمودية من منطقة رم جنوب غرب تيماء،للدكتور خالد بن محمد أسكوبي، نشر دارة الملك عبدالعزيز 1428هـ
- نقوش اسلامية شاهدة بمكتبة الملك فهد الوطنية دراسة في خصائصها الفنية وتحليل مضامينها، للدكتورة موضي بنت محمد البقمي، نشر مكتبة الملك فهد 1420هـ ...
وأود أن أسأل أخي الباحث الدكتور عبدالرحمن الشهري:هل يسمح نظام الجامعة عندكم للمتخصصين في الدراسات القرآنية بالمشاركة في الاشراف والمناقشة على مثل هذه الأطروحات (تخصص آثار) حتى يستفاد منها في موضوع البحث في كتابة المصاحف القديمة؟
أقول ذلك لأنني اكتشفت أن أبرز مستعرب يشتغل على المصاحف الحجازية القديمة بمكتبات أوربا وهو فرانسوا ديروش حضر في الأصل أطروحته للدكتوراه باحدى جامعات باريس في موضوع " نقوش منطقة العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية"
مع خالص المودة والتقدير.
 
وأود أن أسأل أخي الباحث الدكتور عبدالرحمن الشهري:هل يسمح نظام الجامعة عندكم للمتخصصين في الدراسات القرآنية بالمشاركة في الاشراف والمناقشة على مثل هذه الأطروحات (تخصص آثار) حتى يستفاد منها في موضوع البحث في كتابة المصاحف القديمة؟
أقول ذلك لأنني اكتشفت أن أبرز مستعرب يشتغل على المصاحف الحجازية القديمة بمكتبات أوربا وهو فرانسوا ديروش حضر في الأصل أطروحته للدكتوراه باحدى جامعات باريس في موضوع " نقوش منطقة العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية"
مع خالص المودة والتقدير.

مرحباً بأخي الحبيب الباحث القدير الأستاذ الدكتور عبدالرزاق هرماس ، وقد سعدنا بك هنا كما سعدنا بك في المؤتمر ومن قبل ذلك في بحوثك وكتاباتك جزاك الله خيراً .
نعم النظام يسمح بذلك ، وقد أتيحت لي فرصة للمشاركة في مراجعة إحدى الرسائل في قسم الآثار بطلب من الصديق العزيز الأستاذ الدكتور سليمان الذييب المشرف على الرسالة ، وهو بالمناسبة من المتخصصين في قراءة النقوش الثمودية وله بحوث قيمة جدا في ذلك.
وإيماناً منا في مركز تفسير بضرورة التعاون العلمي بين التخصصات في خدمة القرآن وعلومه عقدنا لقاء علمياً بعنوان (خطوط المصاحف المبكرة) وكان ضيف اللقاء أستاذا متخصصا في كلية الآثار وهو زميلنا الدكتور عبدالله بن محمد المنيف وهذا هو اللقاء مسجلاً وقد حضر بحضوره عميد كلية الآثار بالجامعة وعددٌ كبير من أساتذتها وكانت ليلة علمية جميلة ، وفي النية استمرار التعاون في مناقشة قضايا ذات اهتمام مشترك بإذن الله .
 
عودة
أعلى