مقال: خلاصة رأي العلماء في مذهب الصرفة في إعجاز القرآن

إنضم
22/08/2009
المشاركات
232
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
صيدا - لبنان
الموقع الالكتروني
www.masjidhbh.org
الطالب: محمود أحمد سمهون
الرقم:
11113
خلاصة رأي العلماء في مذهب الصرفة في إعجاز القرآن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..



هذا الكون الفسيح الذي يعج بمخلوقات الله تضاءلت جباله الشامخه، وبحاره الزاخرة، ومهاده الواسعة، أمام مخلوق ضعيف هو الإنسان، ذلك لما جمع الله فيه من خصائص، وما منحه من قوة التفكير التي تَشِع في الأرجاء لتسخر عناصر القوى الكونية، وتجعلها في خدمة الإنسانية، وما كان الله ليذر هذا الإنسان دون أن يمده ببصيره، فكان رسل الله الذين يتنزل عليهم الوحي ويؤيدهم الله بخوارق العادات التي تقيم الحجه على الناس عترفون أمامها بالعجز، ويدينون لها بالولاء والطاعة.

فبينما كان تأييد الله لرسله السابقين بآيات كونية تبهر الأبصار لا سبيل للعقل في معارضتها، كمعجزة العصاء لموسى عليه السلام، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله لعيسى عليه السلام، كانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم في عصرٍ مشرفٍ على العلم معجزة عقلية تحاج العقل البشري وتتحداه إلى الابد وهي معجزة القرآن بعلومه ومعارفه.

والقرآن الكريم تحدى به النبي صلى الله عليه وسلم العرب، وقد عجزوا عن معارضته مع طول باعهم في الفصاحة والبلاغة، ومثل هذا لا يكون إلاّ معجزًا، فعجز العرب عن معارضة القرآن مع توفر دواعي عجز للغة العربية في ريعان شبابها وعنفوان قوتها.

ومن الباحثين من طوعت له نفسه أن يذهب إلى القول بأن وجه إعجاز القرآن هو الصُرْفة، أي صرف الله العرب عن معارضته على حين أنه لم يتجاوز في بلاغته مستوى طاقتهم البشرية، فانصراف العرب عن معارضتهم للقرآن لم ينشأ من أن القرآن بلغ في بلاغته حد الإعجاز الذي لا تسمو إليه قدرة البشر عادة بل لواحد من ثلاثة:

- أولها: أن بواعث هذه المعارضة ودواعيها لم تتوافر لديهم.

- ثانيها: أنّ صارفًا إليها زهدهم في المعارضة فلم تتعلق بها إرادتهم ولم تنبعث إليها عزائمهم فكسلوا وقعدوا على رغم توافر البواعث والدواعي.

- ثالثها: أنّ عارضًا مفاجئًا عَطَّل مواهبهم البيانية، وعاق قدرهم البلاغية، وسلبهم أسبابهم العادية إلى المعارضة على رغم تعلق إرادتهم بها وتوجه همتهم إليها.

بهذا التوجيه أو نحوه يُعزى القول بالصرفة إلى أبي إسحاق الإسفراييني من أهل السنة، والنظام من المعتزلة، والمرتضى من الشيعة.
والقول بالصرفة قولٌ فاسدٌ يرد عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)﴾ [سورة الإسراء]، فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة لم يبق فائدة لاجتماعهم.

كما أنّ القول بالصرفة بفروضه التي افترضوها، أو بشبهاته التي تخيلوها، لا يثبت أمام البحث، فينقضه ما سجله التاريخ وأثبته التواتر، من أن دواعي المعارضة كانت قائمة موفورة ودوافعها كانت ماثلة متآخذة، كذلك ينقضه ما هو معروف عند العرب حين خوطبوا بالقرآن قعدوا عن معارضته، اقتناعًأ بإعجازه وعجزهم الفطري عن مساجلته.

قال القاضي أبو بكر الباقلاني:"ومما يبطل القول بالصرفة، أنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة، لم يكن الكلام معجزًا، وإنما المنع معجزًا، فلا يتضمن الكلام فضلاً على غيره في نفسه".
 
أشكر لك شيخنا محمود جهدك , وإبداعك , وعرض وأسلوب سهل ممتنع .
واسمح لي بسؤال ظننت أني أجد له إجابة , وهو : ماهو الباعث لهؤلاء العلماء حينما قالوا بالصرفة ؟!!
 
الجواب على سؤال الأخ الشيخ محمد اليحيى

الجواب على سؤال الأخ الشيخ محمد اليحيى

مصدر القول بالصرفة
منقول من بحث للدكتور سامي عطا حسن


[align=justify]
يعزى القول بالصرفة عند كثير من الباحثين، إلى أنه من التيارات التي وفدت علينا من الخارج، وأن بعض المتفلسفين من علماء الكلام، وقفوا على أقوال البراهمة في كتابهم الفيدا[1]، وهو يشتمل على مجموعة من الأشعار ، ليس في كلام الناس ما يماثلها -في زعمهم-، بل يقول خاصتهم: إن البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثله، لأن – براهما -صرفهم عن أن يأتوا بمثلها، يقول أبو الريحان البيروني (ت سنة 430هـ) في كتابه "ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" ما نصه: "إن خاصتهم يقولون إن في مقدورهم أن يأتوا بأمثالها، ولكنهم ممنوعون عن ذلك احترامًا لها"[2]، والظاهر أن هذه الفكرة قد وفدت للساحة الفكرية الإسلامية، عندما ترجمت الفلسفات الهندية في عهد أبي جعفر المنصور ومن جاء بعده من حكام بني العباس، فتلقف الذين يحبون كل وافد من الأفكار، ويركنون إلى الإغراب في أقوالهم، هذه الفكرة الغريبة الوافدة، ودفعتهم الفلسفة إلى أن يعتنقوا هذا القول ويطبقوه على القرآن، - وإن كان لا ينطبق-، فقال قائلهم: "إن العرب إذ عجزوا عن أن يأتوا بمثل القرآن ، ما كان عجزهم لأمر ذاتي من ألفاظه ومعانيه، ونسجه ونظمه، بل كان لأنّ الله تعالى صرفهم عن أن يأتوا بمثله"[3].​
ومما يؤيد احتمال كون فكرة - الصرفة - من التيارات الفكرية الوافدة، ما ذكره الجاحظ في كتابه البخلاء من صور هذا الغزو الفكري الذي بدأ يتسرب إلي ديار المسلمين في صدر العصر العباسي، منذ أن اتخذ أبو جعفر المنصور - الطبيب جورجيس بن بختيشوع - طبيبًا خاصًا له، قال الجاحظ: "إن طبيبًا عربيًا مسلمًا يدعى - أسد بن حاني - كسدت حاله مرة، فقال له قائل: "السنة وبيئة - أي: كثيرة الأوبئة - والأمراض فاشية، وأنت عالم، ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة، فمن أين يأتيك الكساد؟"، قال: "أما واحدة فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبب، بل قبل أن أخلق أن المسلمين لا يفلحون في الطب، واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي: صليبًا أو يوحنا، وكنيتي: أبو الحارث، وكان ينبغي أن يكون: أبو عيسى، أو أبو زكريا، أو أبو ابراهيم، وعليّ رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أن يكون علي رداء حرير أسود. ولفظي عربي، وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل – جند يسابور-" [4]، وهذه الرواية إن دلت على تسامح المسلمين، وبعدهم عن التعصب الذي يرميهم أعداؤهم به ظلمًا وعدوانا، فهي تدل كذلك على تسلل الغزو الفكري، حتى استمكن وتوطن في عصر كانت الدولة الإسلامية رافعة أعلام عزها، وباسطة سلطان مجدها.​
وقد ألمح الدكتور أحمد فؤاد الأهواني إلى أسباب هذا الغزو الفكري فقال: "كان معظم المشتغلين بالعلم والفلسفة نصارى، وصابئة، وكان من الطبيعي أن يعنى بالفلسفة أولئك الذين كانوا من المشتغلين بها قبل دخولهم في الإسلام، وكان أغلبهم من السريان، والصابئة، ولقد كتب كثير من اليهود، والنصارى، والصابئة، مؤلفات باللسان العربي، بعد انتشار الإسلام، واستقرار قواعد الدولة الإسلامية"[5]، فلا غرابة في انتقال قول البراهمة في كتابهم المقدس الفيدا إلى بعض المسلمين، عن طريق المشتغلين بالفلسفة أو الذين يتلقفون كل وافد من الأفكار ومنها فكرة الصرفة.​
وقد خالف الدكتور أحمد أبو زيد كثيرًا من الباحثين حين قال: "فإيراد قضية إعجاز القرآن في سياق هذا البحث المتعلق بالصرفة، وفي معرض الرد على الدهريين، يفيد بأن هذه النظرية إنما وضعت للدفاع عن القرآن، وتنزيهه عن مطاعن الملحدين"[6]، فهو يرى بأن المعتزلة وضعت هذه النظرية للدفاع عن القرآن، ولا ينكر أحد دور المعتزلة في الدفاع عن القرآن، وبيان إعجازه، وأسراره البيانية، إلا أن عدم اتفاقهم على مفهوم واحد لنظرية الصرفة، يدل على أنها لم تصدر عن عقيدتهم في كلام الله، وفي خلق القرآن، لذا أميل إلى ما ذكره كل من البيروني، والبغدادي، والشهرستاني، من أقوال - ذكرت بعضها وسأذكر بعضها الآخر - تبين مصدرها الخارجي، وإن نشأت وترعرعت في بيئة الإعتزال.​
ولأن رواج نظرية - الصرفة-، يؤدي إلى أن القرآن الكريم ليس في درجة من الفصاحة والبلاغة تمنع محاكاته، وتعجز القدرة البشرية عن أن تأتي بمثله.​
[line]-[/line]
[1] - الفيدا: كتاب يشمل أربعة كتب مقدسة للهندوس، وقد كتب باللغة السنسكريتية محمد غلاب: مشكلة الألوهية - ص97.
[2] - نقلا عن د. عرفة بسيوني: فكرة النظم في تطورها وأهدافها، ص 35.
[3] - أبو زهرة: المعجزة الكبرى- القرآن: - ص 69 -71.
[4] - الجاحظ: البخلاء - ص 78.
[5]- د. أحمد فؤاد الأهواني: الكندي فيلسوف العرب - سلسلة أعلام العرب عدد/26.
[6] - د. أحمد أبو زيد: الإستدلال العقلي على إعجاز القرآن، ص257.​
[/align]
 
حياك الله أخي محمود
ليتك بعد قراءة البحث الذي نقلت عنه وعن غيره صغت الخلاصة بطريقتك بدلا من التلخيص لئلا يبدو مخلا
خذ مثلا هل هي ثلاثة أقوال في المسألة وهل كل المعتزلة على قول واحد ومن هم أبرز القائلين بكل قول.
 
بارك الله بك...

أبشر أخي الكريم... سأفعل ما تفضلت به إن شاء الله تعالى.. وبارك الله بك مرة ثانية على هذا التوجيه القيم...
 
عودة
أعلى