" مقاصد السور وطرق الكشف عنها "

إنضم
06/03/2006
المشاركات
253
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
أما بعد : فالشكر موصول إلى أهل هذا الملتقى الطيب المبارك، وأخص منهم بالذكرالمشايخ الفضلاء: الدكتورعبد الرحمن الشهري، والدكتورمساعد الطيار، أبومجاهد العبيدي ، وناصر الماجد..وغيرهم
شغفي بهذا الموضوع وممارستي له من خلال مجموعة من الدروس التي ألقيها في مسجدي دعاني لأن أكتب هذه الكلمات اليسيرة رغم ضيق الأوقات، والله يشهد أني قد انتفعت كثيرا مما جادت به قرائح العلماء الأفاضل غير أنهم أغفلوا الثمرة التي تجنى من ورائه ،والطريق التي ينبغي أن نسلكها من أجل الوصول إلى المقصود الحقيقي من السورة إلا جولة الدكتور مساعد أولمسات الشيخ عبد الرحمن التي ختم بها هذا الموضوع، وأرجو أن يكون أول المستدركين ، والمصححين، والمضيفين لما سأذكره. ورحم الله من قال:
[align=center]ومصلح الشكل لدى حكايه **** غير حديث المصــطفى والآيه
من غير إذن منه أوقرينـه **** قد فاته الأدب والسكيــــنه[/align]
فالباب مفتوح له ولغيره ،وبالله التوفيق.أبدأ فأقول:
لقد لخص الإمام البقاعي نظريته في التناسب، بعبارات سهلة وميسرة على النحو التالي:
معرفة مدلول اسم السورة يؤدي إلى ==> معرفة مقصود السورة وهذا بدوره ==>إلى معرفةالتناسب بين آياتها.
وإليكم العبارات الدالة على ذلك:
يقول رحمه الله : " إن من عرف المراد من اسم السورة عرف مقصودها، ومن حقق المقصود منها عرف تناسب آيها وقصصها وجميع أجزائها... فإن كل سورة لها مقصد واحد يدار عليه أولها وآخرها ويستدل عليه فيها؛ فترتب المقدمات الدالة عليه على أكمل وجه وأبدع منهج، وإذا كان فيها شيء يحتاج دليلاً استدل عليه. وهكذا في دليل الدليل وهلم جراً(1) وقال:" وتتوقف الإجادة فيه- أي علم المناسبة- على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها "(2)
ويقول البقاعي أيضا :" ومقصود كل سورة هاد إلى تناسبها (3)
النتائج: إذا أردنا أن نكشف عن وجوه المناسبات بين آي سورة لابد أن نتبع –في نظري –الطريقة التالية.
1- البحث عن أسماء السورة الواردة في القرآن الكريم أوفي السنة النبوية أوعلى لسان السلف الصالح.
يقول البقاعي:" وقد ظهر لي: أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تظهرالمناسبات بينه وبين مسماه عنوانه الدال إجمالاعلى تفصيل مافيه " (4)
ويقول في كتابه مصاعد النظر: " إن من عرف المراد من اسم السورة عرف مقصودها، ومن حقق المقصود منها عرف تناسب آيها وقصصها وجميع أجزائها " ( 5)
2-محاولة تفسيرهذه الأسماء والربط بينها وبين الجو العام للسورة. يقول الطاهربن عاشورمتحدثا عن تسمية سورة البقرة : " وكذلك قول خالد بن معدان إنها فسطاط القرآن والفسطاط ما يحيط بالمكان لإحاطتها بأحكام كثيرة " (6)
3-جمع الآثار الواردة في فضائل السورة.
4-الاستعانة ببعض سورالقرآن في الكشف عن بعض مقاصد السورة،
يقول الإمام الشاطبي: " وأول شاهد على هذا أصل الشريعة نفسها؛ فإنها جاءت مصححة لما أُفسد من ملة إبراهيم عليه السلام، ثم نزلت فيها سورة الأنعام مبيّنة لقواعد العقائد وأصول الدين من أول إثبات الربوبية إلى إثبات الإمامة. ثم لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان أول ما نزل سورة البقرة التي قررت قواعد التقوى المبنية على سورة الأنعام؛ فبيّنت العبادات والعادات والمعاملات والجنايات وحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فكان غيرها من السور المدنية المتأخرة عنها مبنياً عليها، كما كان غير سورة الأنعام من السور المكية مبنياً عليها، وإذا نظرت إلى سائر السور بعضها مع بعض في الترتيب وجدتها كذلك حذو القُذة بالقذة، فلا يغيبن عنك هذا المعنى فإنه من أسرارعلوم التفسير" (7)
5-تحديد مقصود السورة:
يقول البقاعي :"...ومقصود كل سورة هاد إلى تناسبها " (8)
وقال رحمه الله :" فعلم مناسبات القرآن:علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه، وهو سرالبلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المقال لمقتضى الحال. وتتوقف الإجادة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها (9).
ثم قال: " فإن كل سورة لها مقصد واحد يدار عليه أولها وآخرها ويستدل عليه فيها؛ فترتب المقدمات الدالة عليه على أكمل وجه وأبدع منهج، وإذا كان فيها شيء يحتاج دليلاً استدل عليه. وهكذا في دليل الدليل وهلم جراً " (10)

6-التعرف على روح شخصية السورة.
يقول سيد قطب: " ومن ثم يلحظ من يعيش في ظلال القرآن أن لكل سورة من سوره شخصية مميزة ! شخصية لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس " (11)
7-تحديد موضوع السورة أو موضوعاتها:
يقول سيد قطب :" ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص-المعايشة للجو الذي يظلل موضوع أو موضوعات السورة:
يقول سيد قطب:" و-لكل سورة- جو خاص يظلل موضوعاتها كلها ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة , تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو "(13)
9-الإيقاع الصوتي للسورة القرآنية:
وذلك بالنظر في جملها من حيث الطول والقصر، وفي ألفاظها من حيث القوة والمتانة أو السهولة واللطافة، وفي مدودها من حيث الطول والقصر يقول سيد قطب:" ولها-أي السورة- إيقاع موسيقي خاص إذا تغير في ثنايا السياق فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة " ثم خلص إلى أن :"هذا طابع عام في سور القرآن جميعا. ولا يشذ عن هذه القاعدة طوال السور"(14)
10-تحديد المحور الخاص الذي تدور في فلكه السورة بكاملها أو ما يسميه عبد الحميد الفراهي " عمود السورة " ، وتحديد هذا المحورهو من أصعب الخطوات التي يواجهها الباحث، وقد أفصح عن ذلك عبد الحميد الفراهي حين قال :" اعلم أن تعيين عمود السورة هو إقليدٌ لمعرفة نظامها .. ولكنه أصعب المعارف، ويحتاج إلى شدة التأمل والتمحيص، وتـرداد النظر في مطالب السورة المتماثلة والمتجاورة، حتى يلوح العمود كفلق الصبح، فتضيء به السورة كلُّها، ويتبين نظامُها، وتأخـذ كل آية محلها الخاص، ويتعين من التـأويلات المحتملة أرجحها "(15)
11- إلقاء الضوء على الملابسات التي نزلت أثنائها السورة القرآنية، وهنا يأتي دورالسيرة النبوية فالمتطلع لمعرفة مقاصد سورة الفتح عليه أن يعرف دقائق ما حدث في صلح الحديبية،وما بعدها
12- تتبع المراحل التي نزلت خلالها السورة القرآنية، وذلك بتتبع أسباب نزول آياتها
13- محاولة تقسيم السورة إلى مقدمة أو مقدمات وهو ما يطلق عليه اسم الديباجة، وإلى موضوع أو موضوعات تتناولها السورة بنظام لايتداخل فيه جزء مع جزء آخر، وإلى خاتمة تقابل ديباجة السورة.وهذا الرأي لعبد الله دراز (16)وقد سبقه الإمام الشاطبي إلى فكرة تقسيم السورة ولكن بشكل أدق فهو يرى أن كلام الباري يساق فمنه ماهو كالمقدمات والتمهيدات، ومنه ماهو كالمؤكد والمتمم، ومنه ماهو المقصود في الإنزال، ومنه ماهو كالخواتم العائدة على ما قبلها بالتأكيد والتثبيت(17).
14- النظرة الكلية للسورة بحيث لا يشغلك جزء من أجزائها أو مقطع من مقاطعها – وقد يكون هذا الجزء مقدمة أو تمهيد للمقصد المطلوب -عن المقصد العام ، وقد نبه الشاطبي رحمه الله على هذا حين قال: " فلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله ، وأوله على آخره وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرّق النظرفي أجزائه فلا يتوصل به إلى مراده، فلا يصح الاقتصار في النظرعلى بعض أجزاء الكلام دون بعض إلا في موطن واحد؛ وهو النظر في فهم الظاهر بحسب اللسان العربي وما يقتضيه " (18)
15- رد مقاطع السورة إلى مطالعها يقول ابن القيم في كتابه القيم " بدائع الفوائد " متحدثا عن سورة "الكافرون" :وهو أن مقصود السورة براءته من دينهم ومعبودهم هذا هو لبها ومغزاها وجاء ذكر براءتهم من دينه ومعبوده بالقصد الثاني مكملا لبراءته ومحققا لها فلما كان المقصود براءته من دينهم بدأ به في أول السورة ثم جاء قوله لكم دينكم مطابقا لهذا المعنى أي لا أشارككم في دينكم ولا أوافقكم عليه بل هو دين تختصون أنتم به لا أشرككم فيه أبدا فطابق آخر السورة أولها فتأمله " (19)
16- مراعاة مقتضى الحال فمواطن الخوف من الهلاك وحلول العذاب ليست كمواطن الأمن والاستقرارفنداءات نوح عليه السلام لابنه في مشهد الطوفان المهول وإذا بـ" فحال بينهما الموج " تختلف عن الأب الذي يجلس مع ولده جلسة إيمانية مطمئنة - كما توضحه سورة لقمان- وقد أُتِيَ هذا الأب حكمة وعلما ، وأُتِيَ هذا الولد حسن اصغاء واستماع
17- مراعاة الألفاظ االتي تتكرر في السورة فكثيرا ما تكون هادية إلى موضوع السورة، والذي بدوره يعين على التعرف على مقصودها يقول البقاعي رحمه الله:" وسورة مريم مقصودها شمول الرحمة ففُتحت بذكر الرحمة وخُتمت بأن كل من كان على نهج الخضوع لله يجعل له وُدّا ثم كُرِّر الوصف بالرحمن فيها تكريراً يلائم مقصودها " (20)- تلاوة السورة مرة بعد مرة وفي أزمنة مختلفة وفي أماكن مختلفة. مع تخصيص كل تلاوة لضابط من هذه الضوابط.
20- أن يهيء الباحث نفسه للتلاوة مراعيا جميع الآداب الشرعية، وفي مقدمتها فتح قلبه للتلقي؛ فإن هذا القرآن بقدر ما تُفتحُ له القلوب يَفتح لها من كنوزه
وتحديد مقصود السورة يختلف فيه العلماء بحسب استحضارهم لهذه الوسائل وبحسب ما يفتح الله لهم من كنوز هذا القرآن خذ مثلا سورة البقرة، فالإمام الشاطبي يرى أنها سيقت لتقرير الأحكام(21)، وفي موضع آخرقال: إنها: " قررت قواعد التقوى المبنية على سورة الأنعام؛ فبيّنت العبادات، والعادات، والمعاملات، والجنايات، وحفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال " (22)
غيرأن البقاعي يرى أن سورة البقرة هي سورة هذا الكتاب وقد صرح بذلك في مواطن عدة من تفسير السورة فهو يقول: " ذكر سبحانه كفرهم بهذا الكتاب الذي مقصود السورة وصفه بالهدى (23)وفي ذلك رجوع إلى وصف الكتاب الذي هو مقصود السورةلأن هذه سورة الكتاب المدعو به الخلق "(25)
" ولما كان مقصود هذه السورة الإحاطة الكتابية كان ذلك إفصاحها ومعظم آياتها(26)
يقول الامام الطاهر بن عاشور بعد أن أظهر عجزه في البحث عن أغراض سورة البقرة بقوله :" هذه السورة مترامية أطرافها، وأساليبها ذات أفنان. قد جمعت من وشائج أغراض السور ما كان مصداقا لتلقيبها فسطاط القرآن. فلا تستطيع إحصاء محتوياتها بحسبان، وعلى الناظر أن يترقب تفاصيل منها فيما يأتي لنا من تفسيرها " ثم حاول بعد ذلك بقوله :" ولكن هذا لا يحجم بنا عن التعرض إلى لائحات منها...ومعظم أغراضها ينقسم إلى قسمين: قسم يثبت سمو هذا الدين على ما سبقه وعلو هديه وأصول تطهيره النفوس، وقسم يبين شرائع هذا الدين لأتباعه وإصلاح مجتمعهم."(27)
ويرى سيد قطب أن السورة: " تضم عدة موضوعات . ولكن المحور الذي يجمعها كلها محور واحد مزدوج يترابط الخطان الرئيسيان فيه ترابطا شديدا . . فهي من ناحية تدور حول موقف بني إسرائيل من الدعوة الإسلامية في المدينة , واستقبالهم لها , ومواجهتهم لرسولها صلى الله عليه وسلم وللجماعة المسلمة الناشئة على أساسها . . . وسائر ما يتعلق بهذا الموقف بما فيه تلك العلاقة القوية بين اليهود والمنافقين من جهة , وبين اليهود والمشركين من جهة أخرى . . وهي من الناحية الأخرى تدور حول موقف الجماعة المسلمة في أول نشأتها ; وإعدادها لحمل أمانة الدعوة والخلافة في الأرض(28).
ويرى الفراهي أن : " سورة البقرة هي سورة الإيمان المطلوب؛ ولذلك جمعت دلائله "(29)، في حين يرى الشيخ محمد الغزالي أن سورة البقرة يحق أن تسمى سورة التقوى (30)
[align=center]من الرازي كتاب الله فافهم **** ومنه النور خذ فالليل أظلم
ولكن لي كلام فيه فانظر **** أنحيا بالفؤاد و ما تضرم[/align]
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السورللإمام البقاعي(1/149-150) تحقيق:الدكتور عبد السميع محمد أحمد حسنين، نشرته دارالمعارف بالرياض سنة 1408هـ/1987م
(2) المرجع نفسه (1/142).
(3) نظم الدرر في تناسب الآي والسور لبرهان الدين البقاعي (1/18-19)، ط : لبنان
(4) المرجع نفسه (1/142).
(5) مصاعد النظر(1/149-150)
(6) التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور(1/118)
(7) الموافقات للإمام الشاطبي ص: 713 دار الكتاب الحديث ط1-لبنان
(8) نظم الدرر(1/18-19)
(9) مصاعد النظر(1/142).
(10) المرجع نفسه (1/149-150)
(11)(12)(13)(14) في ظلال القرآن لسيد قطب (1/18) دار الشروق – القاهرة-
(15) دلائل النظام للشيخ عبد الحميد الفراهي ص: 77 ، طبع الكتاب طبعته الأولى ، بعناية السيد بدر الدين الإصلاحي مدير الدائرة الحميدية (1388هـ- 1968م)
(16) النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن للدكتورعبدالله دراز،دارالقلم الكويت الطبعةالسابعة)1993م(
(17) الموافقات ص:717-718
(18) المرجع نفسه ص:717
(19) بدائع الفوائد للإمام ابن القيم (1 /146)
(20) مصاعد النظر(1/150).
(21) الموافقات ص:717-718
(22) المرجع نفسه ص:713
(23)(24)(25)(26)نظم الدرر في مواضع متعددة من تفسيرسورة البقرة ونلاحظ أن البقاعي لايلتزم بمنهج محدد في ذكر مقصود السورة؛ فيذكره أحيانا في مقدمة السورة كما فعل في آل عمران وأحيانا في وسطها كما في سورة الزخرف ، وأحيانا أخرى في وسطها وآخرها كما في سورة البقرة
(27) التحرير والتنوير(1/118-119)
(28) في ظلال القرآن (1/16)
(29) دلائل النظام ص : 93
(30) نحو تفسير موضوعي
 
الحلقة الثانية " أسماء السورة وعلاقتها بمقصدها "

الحلقة الثانية " أسماء السورة وعلاقتها بمقصدها "

الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه،
أما بعد:
أولا : العلاقة بين الأسماء والمعاني:
قال ابن القيم : " فلما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالةً عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بـينها وبـينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبـي المحض الذي لا تعلّق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذٰلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المسميات، وللمسميات تأثّر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه.
…ولما كان بـين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة، ما بـين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بـين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطىء، وضدّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه " (1)
ثانيا : اشتقاق الاسم ومدلوله عند الإمام البقاعي.
جرت عادة العلماء أن يتكلموا عن " الاسم " ، ومن أين اشتقاقه، والمسألة خلافية وقديمة بين أهل البصرة و الكوفة، وملخص ذلك ماذكره القرطبي في تفسيره حيث قال: " اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين؛ فقال البصريون: هو مشتق من السُّمُوّ وهو العلوّ والرفعة، فقيل: اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به. وقيل: لأن الاسم يسمو بالمسمّى فيرفعه عن غيره. وقيل: إنما سُمِّيَ الاسم اسما لأنه علا بقوّته على قسمي الكلام: الحرف والفعل؛ والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل؛ فلِعلُوّه عليهما سمى اسماً؛ فهذه ثلاثة أقوال. وقال الكوفيون: إنه مشتق من السِّمَة وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وضع له؛ فأصل اسم على هذا «وسم».والأوّل أصح؛ لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء؛والجمع والتصغير يردّان الأشياء إلى أصولها؛ فلا يقال:وسيم ولا أوسام "(2)
ولكن الإمام البقاعي أدرك أن المذهبين ليس بينهماتعارض بل هما يخدمان المقصود الذي يهدف إليه-والذي هومقصود السور، فنقل عن الأستاذ الحرالي – كما كان يحل له ان يلقبه-رأيا ثالثا يجمع بينهما فقال في تفسير قوله تعالى: " وعلم آدم الاسمآء كلها " الأسماء : وهو جمع اسم وهو ما يجمع اشتقاقين من السمة والسمو؛ فهو بالنظر إلى اللفظ وسم وبالنظر إلى الحظ من ذات الشيء سمو، وذلك السمو هو مدلول الاسم الذي هو الوسم الذي ترادفه التسمية- قاله الحرالي" (3)، ويضيف ناقلا عن الإمام أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي في كتابه الزينة ليثبت هذا المعنى فيقول: ويقال إن الاسم مأخوذ من السمو وهو العلو والرفعة، وإنما جعل الاسم تنويهاً بالدلالة على معنى الاسم لأن المعنى تحت الاسم - هذا قول النحويين؛ والسمة تدل على صاحبها، لأنهما حرفان سين وميم، فالسين من السناء والميم من المجد وهو لب الشيء، فكأنه سمى اسماً لأنه يضيء لك عن لب الشيء ويترجم عن مكنونه، وليس شيء إلا وقد وسمه الله بسمة تدل على ما فيه من الجوهر؛ فاحتوت الأسماء على جميع العلم بالأشياء، فعلمها الله آدم وأبرز فضيلته على الملائكة عليهم السلام " (4)
ثالثا : العارف بالأسماء وبحقائقها ومدلولاتها هوالعالم بحق:
وتعلم الأسماء ومعرفة مدلولاتها هو العلم الحقيقي عند الإمام البقاعي ، وهو الذي خص الله عز وجل به آدم دون سائر المخلوقات " وعلم آدم الأسماء كلها " بينما خصت الملائكة بالإنباء " فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـؤُلاءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ، وهناتظهر براعة الإمام الحرالي الذي ينقل عنه الإمام البقاعي هذا المعنى النفيس بقوله في كتابه أصول الفقه:" وهو عند آدم علم وعند الملائكة، ومن لا يعلم حقيقة الاسم المعروض توقيف ونبأ . " (5)
رابعا : ليس في مقدور كل أحد أن يسمي:
اطلاق الأسماء ليس بالأمر السهل ولا الهين ولذلك يقول الإمام البقاعي رحمه الله: " وكما أنه ليس لكل أحد مُنّة أن يصف فكذلك ليس لكل أحد منة أن يسمي " (6)
ولذلك كانت تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض السور بأسماء مختلفة هو من باب العلم الذي علمه الله كما علم أباه-آدم عليه السلام- " وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً "[النساء: 113]
خامسا: تعدد الأسماء دال على شرف المسمى:
قال الامام البقاعي : " أنَّ الاسم دال على المسمى ، وأن تعدد أسماء الشيء دال على شرفه " (7)
سادسا: أسماء السور هل هو توقيفي أواجتهادي.
والمسألة أيضا قديمة، وقد ذكر العلماء في هذه المسألة قولين.
القول الأول : أنها توقيفية وهو رأي الطبري، والزركشي، والسيوطي، والكثير من أهل العلم
يقول الطبري :" لسور القرآن أسماء سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم" . (8)
ويقول الإمام الزركشي:" ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات ؟ فإن كان الثاني ؛ فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها ، وهو بعيد " (9)
وقال السيوطي : "وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار" (10)
القول الثاني :وهو رأي عمر، وابن عباس ، وابن عمر رضي الله عنهم
وتسميتهم لسورة الحشر بسورة النضير ولسورة التوبة بأسماء تفوق العشرة وقد نقل الإمام السيوطي في الاتقان كلامهم (11)، أما الامام البقاعي فإنه لم يفصح عن مذهبه في المسألة مع أهميتها في اكتشاف مقصد السورة ومن ثم اكتشاف وجوه المناسبات بين آيها.
سابعا : نموذج (أسماء سورة البقرة)
1-البقرة : وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة . وهو أشهر أسمائها
2-الزهراء :
عن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ:" اقْرَأُوا الْقُرْآنَ. فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ. اقْرَأُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ. فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ.أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ. َوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ.تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَأُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ.فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ.وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ.وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ".قَالَ مُعَاوِيةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ.(12)
قال الإمام القرطبي : للعلماء في تسمية «البقرة وآل عمران» بالَّزهرَاوَيْن ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما النّيِّرتان، مأخوذ من الزّهْر والزُّهْرَةِ؛ فإمّا لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما، أي من معانيهما.وإما لِما يترتب على قراءتهما من النور التامّ يوم القيامة، وهو القول الثاني.
الثالث: سُمّيتا بذلك لأنهما ٱشركتا فيما تضمنه ٱسم الله الأعظم، كما ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اسِمَ الله الأعظم في هاتين الآيتين "وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ" والتي في آل عمران " ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ" أخرجه ابن ماجه " (13)
3- سنام القرآن
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء سناماً وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام . " (14)
-عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً، واستخرجت " ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ " [آل عمران:2] من تحت العرش فوصلت بها ـ أو فوصلت بسورة البقرة ـ ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفرله، واقرؤوها على موتاكم " (15)
- روى الترمذي من حديث حكيم بن جبير وفيه ضعف عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل شيءٍ سنام وإن سنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي. " (16)
- عنْ عبدِاللَّهِ بن مسعود:" أنَّهُ قالَ: إنَّ لكلّ شيءٍ سَناماً، وإنَّ سنامَ القرآنِ سورةُ البقرةِ، وإنَّ لكلّ شيءٍ لُباباً، وإنَّ لبابَ القرآنَ المفصَّلُ. " (17)
قال ابن منظور: " سنام كل شيء أَعلاه؛ وفـي شعر حسَّان:
وإِن سَنامَ الـمَـجْدِ من آلِ هاشِمٍ *** بَنُو بِنتِ مَخْزومٍ ووالدُك العَبْدُ
أَي : أَعلـى الـمـجد؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابـي :
* قَضى القُضاة أَنها سَنامُها * فسَّره فقال معناه خِيارُها لأَن السَّنام خِيارُ ما فـي البعير سَنَّم الشيءَ رَفَعَه " (18)
4- ذروة القرآن:
- حديث معقل بن يسار سبق ذكره: " البقرة سنام القرآن وذروته... " (19)
5- فسطاط القرآن:
- رواه الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : " السورة التي تذ كر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها ؛ فإن تعلمها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة " (20)
- روى الدارمي عَنْ خالدِ بنِ معدانَ قالَ:"سورةُ البقرةِ تعليمُهَا بركَةٌ وتركُهَا حسرةٌ، وَلاَ يستطيعُهَا البَطَلَةُ وهِيَ فُسطاطُ القرآنِ"(21)
الفُسْطاط هو بالضم والكسر: المدينة التي فيها مُجْتَمَع الناس. وكل مدينة فُسْطاط . وقال الزمخشري: هو ضَرْب من الابنْيِةَ في السَّفر دون السُّرادِق وبه سُمِّيت المدينه. ويقال لمِصْروالبَصْرة : الفُسْطاط " (22)
6- سيد ة سورالقرآن:
-عن علي مرفوعا: " سيدُ البشر آدمُ وسيد العربِ محمدٌ ولا فخرٌ وسيدُ الفُرس سلمانُ وسيدُ الرومِ صُهيبٌ وسيدُ الحبشةِ بلالٌ وسيد الجبال الطورُ وسيدُ الأيام يومُ الجمعة وسيدُ القرآنِ سورةُ البقرة وسيدُ البقرةِ آيةُ الكرسي ". (23)
فهل استطاع الإمام البقاعي أن يستفيد من هذه الأسماء ليستخرج المقصود من سورة البقرة ؟
نجد الإمام البقاعي يعدد أسماء سورة البقرة فيقول : " سورة البقرة : وتسمى : السنام ، والذروة ، والزهراء ، والفسطاط " (24)
وأما في كتابه التطبيقي- نظم الدرر- ، فهو لا يسردها كما فعل في مصاعد النظر، بل يذكر ها كلما احتاج إليها في اكتشاف المناسبة؛ فلا نراه يتعرض لتسميتها ب" البقرة " و" الزهراء " مع أن الأحاديث الواردة بذلك صحيحة ، ولم يتعرض لاسم الزهراء إلا حينما تعرض لتفسير سورة آل عمران ،والتي المقصود منها التوحيد حيث قال، وهي تشارك البقرة في هذا الاسم حيث قال :" والتوحيد موجب لزهرة المتحلي به فلذلك سميت الزهراء " (25).
وقد تعرض لأسمائها الأخر في تفسير قوله تعالى : " مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .... إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(26)
ناقلا عن الاستاذ الحرالي قوله : " وذلك لأن هذه السورة هي فسطاط القرآن الجامعة لجميع ما تفصّل فيه؛ وهي سنام القرآن، وسنام الشيء أعلاه؛ وهي سيدة سور القرآن؛ ففيها لذلك جوامع ينتظم بعضها ببعض أثر تفاصيله خلالها في سنامية معانيها وسيادة خطابها . " (27)
وهو يرى رحمه الله أن سر تسميتها بـ" الفسطاط، والسنام "لكونها تضمنت :" خطابَ إجمال يناسب مورد السورة التي موضوعها إجمالات ما يتفسر فيها وفي سائر القرآن من حيث إنها فسطاطه وسنامه " (26)
ويعلن في آخر السورة عن ذلك النظام الذي تميزت به السورة ، ومطابقة اسم " السنام " لهذا النظام الموزع بقوله : " وسر ترتيب سورة السنام على هذا النظام أنه لما افتتحها سبحانه وتعالى بتصنيف الناس الذين هم للدين كالقوائم الحاملة لذي السنام فاستوى وقام ابتداء المقصود بذكر أقرب السنام إلى أفهام أهل القيام فقال مخاطباً لجميع الأصناف التي قدمها " يا أيها الناس اعبدوا ربكم "[البقرة: 21] واستمر إلى أن بان الأمر غاية البيان فأخذ يذكر مننه سبحانه على الناس... ، فلما تزكوا فترقوا فتأهلوا لأنواع المعارف قال معلياً لهم من مصاعد الربوبية إلى معارج الإلهية " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو "[البقرة: 163] ، فلما تسنموا هذا الشرف لقنهم العبادات المزكية.... فحث على أشياء أكثرها من وادي الإحسان الذي هو مقام أولي العرفان." (27)
وفي آخر تفسيره لسورة البقرة بين معنى كونها السنام بقوله: " فلذلك كانت سورة البقرة سناماً له والسنام أعلى ما في الحيوان المنكب وأجمله جملة وهو البعير، وكانت سورة آل عمران تاج القرآن والتاج هو أعلى ما في المخلوقات من الخلق القائم المستخلف في الأرض ظاهره وفي جميع المكون إحاطته؛ فوقع انتظام هاتين السورتين على نحو من انتظام الآي .... وكانت منزلة سورة آل عمران منزله تاج الراكب وكان منزله سورة البقرة منزلة سنام المطية؛ قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران "(28)
بعض الملحوظات:
1- هناك تقصير واضح من الإمام البقاعي في محاولة الربط بين أسماء السورة ومقصودها ،و سبب ذلك والله أعلم راجع إلى أن نظريته التي اكتشفها في علا قة الاسم بمقصود السورة لم تكتمل، ولم تظهر معالمها إلا بعد أن وصل إلى سورة سبأ ، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه نظم الدرر قائلا: " وقد ظهر لي باستعمالي لهذه القاعدة بعد وصولي إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائي في عمل هذا الكتاب أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تظهر المناسبة بينه وبين مسماة عنوانه الدالّ إجمالاً على تفصيل ما فيه؛ وذلك هو الذي أنبأ به آدم - عليه الصلاة والسلام - عند العرض على الملائكة عليهم الصلاة والسلام ومقصود كل سورة هادٍ إلى تناسبها، فأذكر المقصود من كل سورة وأطبق بينه وبين اسمها (29)
2- روايته لبعض الأحاديث التي سبق وأن ذكرناها ولكن مع شيء من الادراج في ألفاظها والسبب ذلك نقله عن الامام الحرالي دون التحقيق في ألفاظ الأحاديث فقد ذكر حديث سهل بن سعد بهذا اللفظ : "
قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران " وإنما بدىء هذا الترتيب لسورة الكتاب لأن علم الكتاب أقرب إلى المخاطبين من تلقي علن أمر الله، فكان في تعلم سورة البقرة والعمل بها تهيؤ لتلقي ما تضمنته سورة آل عمران ليقع التدرج والتدرب."(30)
وليس في روايات الحديث " لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران.
3- نجد الإمام البقاعي لا يعدد أسماء السورة في تفسيره كما يعددها في كتابه مصاعد النظرفهو يعددها في كتابه الأخيربقوله-مثلا-: " سورة" براءة " : " واسمها أيضًا التوبة ، والفاضحة، والبحوث، والمبعثرة, والمثيرة، والحافرة ، والمخزية ، و المشردة، والمرشدة والمنكلة، والمدمدمة، وسورة البعوث ، وسورة العذاب ، والمقشقشة " (31)
لكنه لم يذكر في تفسيره من هذه الاسماء إلا البعض منها

ــــــــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (2/323-324) .ط :الأولى(1419هـ،1998م) بيروت ، لبنان.
(2) الجامع لأحكام القرآن الكريم لأبي عبد الله القرطبي (4/5) طبعة دار الفكر(1415هـ-1995م)
(3) نظم الدررللإمام البقاعي (1/34)
(4) المرجع نفسه (1/35)
(5) ) المرجع نفسه (1/34)
(6) المرجع نفسه(1/36)، قال صاحب القاموس(ص: 1235: المُنَّةُ بالضم : القوة )
(7) مصاعد النظر(1/98)
(8) تفسير الطبري (1/100)
(9) البرهان في علوم القرآن ( 1/270)
(10) الاتقان في علوم القرآ ن (1/115)
(11) المرجع نفسه (1/117-123)
(12) رواه مسلم الحديث رقم( 804) وابن حبان (1/35) والحاكم في مستدركه(1/752)والطبراني في معجمه الأوسط(1/150) وأحمد(5/249) الطبراني في معجمه الكبير(8/118).
(13) تفسير القرطبي (4/5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(14) رواه ابن حبان في صحيحه (1/188)
(15) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(16) سنن الترمذي الحديث رقم (2878)
(17) رواه الدارمي رقم الحديث (3372)
(18) لسان العرب(12/306) النهاية في غريب الحديث لابن الاثير(2/409)
(19) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(20) في مسند الفردوس ص:55
(21) سنن الدارمي رقم الحديث (3371)
(22) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير(3/445)لسان العرب (7/372).
(23) مفاتيح الغيب للرازي (2/56)
(24) مصاعد النظر(2/48)
(25) نظم الدرر(2/2)
(26) نظم الدرر (1/139)
(27) نظم (1/274)
(28) المرجع نفسه(1/274)
(29) نظم الدرر (1/19)
(30) نظم الدرر (2/2)
(31) مصاعد النظر( 2/151)
ملحوظة : النسخة المحال عليها لكتاب نظم الدرر هي نسخة مكتبة المشكاة.
من كلام الإمام عبد القادر الجيلاني : " كن صحيح الباطن تكن فصيح الظاهر"
 
جزاكم الله خيرًا على هذا المقتحم الصعب الذي اقتحمتموه...وإنه لجدير بالاقتحام، إذ الهجوم على تفسير السورة قبل إدراك مقصدها ومحورها مظنة الخطأ والتقصير !!
 
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه، وأما بعد:
السلام عليكم الأخ الفاضل : مهند شيخ يوسف، وجزاك الله خيرالجزاء، نحن في الجزائرنعاني من هذا الذي وصفت، بل إن بعضهم لا يحسن مبادئ علوم الآلة ، ثم يلج مواطن تعجز عن ولوجها الإبر، وقد قلت يوما في أمثال هؤلاء:
[align=center]يفسر الكتاب بالتخمين *** مع القصور في علوم الدين[/align]
 
الحلقة الثالثة

الحلقة الثالثة

الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه، أما بعد:
فقد وقع سقط من الحلقة الأولى
18- مداومة النظر في علوم اللغة العربية
19- تلاوة السورة مرة بعد مرة وفي أزمنة مختلفة وفي أماكن مختلفة. مع تخصيص كل تلاوة لضابط من هذه الضوابط.
ويمكن أن نضيف هنا نكتة ذكرها العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه بدائع الفوائد ( وحقيق بكل من يتصدى لعلوم القرآن أن يجعل هذا الكتاب أنيسه ورفيقه فكم فتح به من مُقفَل ، وأوضح فيه من مُشكِل .)
21 -وهو تأثير فواتح السور في موضوعها ومقصودها حتى ولوكانت هذه الفواتح حروفا
يقول ابن القيم وهو يبين هذا التأثير من خلال ثلاث سور افتتحت بالحروف.
" فائدة في سر اشتمال الم على هذه الحروف الثلاثة
تأمل سراً : (ا لم) كيف اشتملت على هذه الحروف الثلاثة فالألف إذا بدأ بها أولاً كانت همزة ، وهي أول المخارج من أقصى الصدر واللام من وسط مخارج الحروف ، وهي أشد الحروف اعتماداً على اللسان والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم . وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف ، أعني الحلق واللسان والشفتين . وترتيب في التنزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية . فهذه الحروف معتمد المخارج الثلاثة التي تتفرع منها ستة عشر مخرجاً ، فيصير منها تسعة وعشرون حرفاً عليها مدار كلام الأمم الأولين والآخرين مع تضمنها سراً عجيباً . وهو أن للألف البداية واللام التوسط والميم النهاية ، فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما . وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه ، فمشتملة على تخليق العالم وغايته وعلى التوسط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر . فتامل ذلك في البقرة وآل عمران وتنزيل السجدة وسورة الروم ". ثم قال يرحمه الله: ". وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة . كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف ، فمن ذلك ق والسورة مبنية على الكلمات القافية من ذكر القرآن وذكر الخلق وتكرير القول ومراجعته مراراً والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين قول العبد وذكر الرقيب وذكر السائق والقرين والإلقاء في جهنم والتقديم بالوعيد وذكر المتقين وذكر القلب والقرون والتنقيب في البلاد وذكر القيل مرتين وتشقق الأرض وإلقاء الرواسي فيها وبسوق النخل والرزق وذكر القوم وحقوق الوعيد . ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة وسر آخر وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح." . ثم أكد ذلك بمثال آخر فقال : " وإذا أردت زيادة إيضاح هذا فتأمل ما اشتملت عليه سورة ص من الخصومات المتعددة ، فأولها خصومة الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم وقولهم : أجعل الآلهة إلهاً واحداً إلى آخر كلامهم ، ثم اختصام الخصمين عند داود ، ثم تخاصم أهل النار ، ثم اختصم الملأ الأعلى في العلم وهو الدرجات والكفارات ، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لأدم ، ثم خصامه ثانياً في شأن بنيه وحلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم . فليتأمل اللبيب الفطن هل يليق بهده السورة غير ص وبسورة ق غير حرفها . وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف والله أعلم . " بدائع الفوائد (2/143-144)
 
[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته :

الأخ الكريم والشيخ الفاضل صادق الرافعي زاده الله علما وعملا ،،

أشكرك على هذا الطرح المتقن ، ولي عناية قديمة بعلم مقاصد السور ، وأتمنى لو تمت المدارسة بيني وبينك في هذا الفن الذي مع أهميته قلّ من يتعرض له ، ولعلي أشارك معك بما يناسب وعنوان اطروحتك ، وهو :

[align=center]كيف يمكن أن نستخرج مقصود السورة ؟ [/align]

وهذا يمكن بإحدى ثلاثة وسائل :

1 – أن ينص العلماء من السلف وأهل التحقيق على أن مقصود السورة كذا وكذا.

وهذا مع أنه نقل لكن لصعوبة هذا العلم ودقته ولتعلقه بالكلام على الله عز وجل في أعظم كتبه كانت هذه الطريقة هي أولاها وأسلمها ، وكلامهم في هذا ليس بالقليل لمن تتبعه ، ولا يعني هذا التسليم لما ذكروه ، لكن الوقوف على أقوالهم في هذه المسألة له أهمية بالغة ، للفرق الكبير بين علمهم وعلمنا بكتاب ربنا سبحانه .

والأمثلة على هذا كثيرة كما نصوا على أن سورة النحل نزلت في النعم ، وسورة الليل في السخاء والبخل ، وسورة القلم في الخلق وغيرها كثير ، وقد طرحتها في هذا الملتقى في موضوع سابق .


2 – أن يكون موضوع السورة ظاهراً من اسمها ، أو من مطلعها أو بهما معاً .

مثال ذلك : سورة القيامة : فمن اسمها ومن مطلعها مقصود السورة هو الكلام عن يوم القيامة ، وسورة النساء في الضعفاء ، وسورة الزخرف في حقارة الدنيا ، وهكذا .


3 – الاستقراء والتتبع :

ويكون بالتأمل في آيات السورة وموضوعاتها ، والكلمات التي يكثر دورانها فيها ، والاستقراء يكون نافعاً عند الأصوليين إذا كان كاملاً أو أغلبياً ، أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به .

ومثال ذلك : سورة الأنبياء : هي في الذكر الذي نزل على جميع الأنبياء ولم يختص بأحد منهم وقد تكررت كلمة الذكر فيها كثيرا ، وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن ذلك سورة الماعون : فهي في أخلاق الكافرين فجاءت لتأمر بمكارم الأخلاق الواجبة على المؤمنين ، وأن من انتقص شيئاً منها فقد ترك شيئاً من واجبات الدين ، وأن من اتصف بالصفات التي نهت عنها، فقد اتصف بصفات الذين يكذبون بيوم الدين ، وهكذا .

والله أعلم ،،
[/align]
 
وفقكما الله ورزقكما السداد ، ونفعنا بعلمكما ....
 
[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته :

الأخ الكريم والشيخ الفاضل صادق الرافعي زاده الله علما وعملا ،،

أشكرك على هذا الطرح المتقن ، ولي عناية قديمة بعلم مقاصد السور ، وأتمنى لو تمت المدارسة بيني وبينك في هذا الفن الذي مع أهميته قلّ من يتعرض له ، ولعلي أشارك معك بما يناسب وعنوان اطروحتك ، وهو :

[align=center]كيف يمكن أن نستخرج مقصود السورة ؟ [/align]

[/align]
و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
بارك الله في الدكتور عصام و جزاه الله خيرا
و لعلك أخي الكريم لديك حساسية من استعمال لفظ " الكشف"؛ لكونها جارية على ألسنة الصوفية، و أقول لك أخي الكريم
[align=center]* لست من قيس و لا قيس مِنِي* [/align]
و تعاملنا مع بعض المصطلحات ينبغي أن يصحبه الإنصاف و قد أعجبني كلام لابن القيم أنقله للفائدة.
قال رحمه الله:" وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس:
إحداهما : حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها غاية الإنكار وأساءوا الظن بهم مطلقا وهذا عدوان وإسراف فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها
والطائفة الثانية : حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها فسحبوا عليها ذيل المحاسن وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها واستظهروا بها في سلوكهم
وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون
والطائفة الثالثة وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذي حق حقه وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد."
فالكشف منه صحيح و منه فاسد؛ و رحم الله ابن القيم الذي يقول:" الكشف الصحيح أن يعرف الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه معاينة لقلبه ويجرد إرادة القلب له فيدور معه وجودا وعدما هذا هو التحقيق الصحيح وما خالفه فغرور قبيح."
 
[align=center]
الأخ الكريم والشيخ الفاضل علال بوربيق حفظه المولى

الفائدة التي ذكرتها قيمة جدا زادك الله من فضله ،

لكن الذي دار في ذهنك لم يمرر بذهني ولا مجرد خيال عابر ،

وهل تراني حبيبي أتحاشي قراءة هذه الكلمة إذا مرت عليّ في القرآن ؟! ( : (مداعبة)

ما ذكرته في مداخلتي السابقة هو جزء من بحث قديم كتبته في هذا الموضوع

لم أرَ داعٍ لتغيير صياغته فكلاهما يدلان على المراد .

سلمك الله وسددك ونفع بك ،،

[/align]
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
[align=center]
الأخ الكريم والشيخ الفاضل علال بوربيق حفظه المولى

الفائدة التي ذكرتها قيمة جدا زادك الله من فضله ،
[/align]
بارك الله فيك ورزقك الله علما و أعانك على العمل به.

[align=center]
لكن الذي دار في ذهنك لم يمرر بذهني ولا مجرد خيال عابر ،

وهل تراني حبيبي أتحاشي قراءة هذه الكلمة إذا مرت عليّ في القرآن ؟! ( : (مداعبة)
[/align]
أخي الكريم لقد ظننت الأمر كذلك فاعذرني.
[align=center]

ما ذكرته في مداخلتي السابقة هو جزء من بحث قديم كتبته في هذا الموضوع

لم أرَ داعٍ لتغيير صياغته فكلاهما يدلان على المراد .

سلمك الله وسددك ونفع بك ،،

[/align]
أفدنا به سلمت يمينك.
 
[align=center]بارك الله في الشيخين على هذه النقول الممتعة و الآداب الرفيعة.
رفع الله قدرهما و زادهما من فضله
[/align]
 
اود ان تحدد اولا مفهوم مصطلح : مقاصد السور .
اود ان يكون الاستعمال دقيقا في انتقاء المفردة التي تناسب البحث في الدراسات القرانية اعني كلمة (مقاصد) ودلالة الجمع عموما .
فهناك في كتب علوم القران ومنها البرهان في علوم القران لبدر الدين الزركشي والاتقان في علوم القران لجلال الدين السيوطي ... الكثير من مفاتيح العلم في الدراسات القرانية بدا من المصطلح الى القواعد وصولا الى التمثيل والشواهد التي تعزز فكرة البحث ... نريد من الباحث ان ينطلق بفكرة بحثه من اماة الكتب ومن مظانها العلمية .
هناك مصطلح الوحدة الموضوعية .
ارجو الانتباه الى ذلك .
 
عودة
أعلى