معنى قوله تعالى في سورة البقرة : ( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى )

إنضم
18 مايو 2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
معنى قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
أي : ياأيها الذين آمنوا فرض عليكم المساواة والمماثلة في قيامكم بالعقوبة في القتلى بألا تقتلوا بالمقتول غير القاتل فيقتل الحر بالحر الذي قتله لا غيره ولاأكثر منه، ويقتل العبد بالعبد الذي قتله لاغيره ولا أكثر منه، وتقتل الأنثى بالأنثى التي قتلتها لا غيرها ولا أكثر منها، فمن سامحه ولي المقتول بالتنازل عن المطالبة بقتله، واكتفى بأخذ الدية منه ، فعليه عدم المماطلة وتسديد الدية فور توافرها لديه، وعلى ولي المقتول إمهال القاتل كي يتمكن من جمع الدية، وفي العفو مع أخذ الدية تخفيف في الحكم من ربكم رحمة بكم ، فمن تجاوز حدود هذا التشريع الحكيم بعد ذلك فله عذاب أليم .
والله تعالى أعلم بمراده .
هذه الآية أسهبت في شرحها كتب التفسير وخاضت في غير صريح الآية أكثر من صريحها فلا يتمكن القاريء من فهم معنى الآية بسهولة ، أرجو ممن له عناية بآيات الأحكام مراجعة المعنى المذكور أعلاه وإفادتي بتعليقاته .
 
أن المقصود من هذه الآية بيان أن بين الحرين والعبدين والذكرين والأنثيين يقع القصاص ويكفي ذلك فقط ، فأما إذا كان القاتل للعبد حرا ، أو للحر عبدا فإنه يجب مع القصاص التراجع ، وأما حر قتل عبدا فهو قوده ، فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه بشرط أن يسقطوا ثمن العبد من دية الحر ، ويردوا إلى أولياء الحر بقية ديته ، وإن قتل عبد حرا فهو به قود ، فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد وأسقطوا قيمة العبد من دية الحر ، وأدوا بعد ذلك إلى أولياء الحر بقية ديته ، وإن شاءوا أخذوا كل الدية وتركوا قتل العبد ، وإن قتل رجل امرأة فهو بها قود ، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية ، وإن قتلت المرأة رجلا فهي به قود ، فإن شاء أولياء الرجل قتلوها وأخذوا نصف الدية ، وإن شاءوا أعطوا كل الدية وتركوها ، قالوا فالله تعالى أنزل هذه الآية لبيان أن الاكتفاء بالقصاص مشروع بين الحرين والعبدين والأنثيين والذكرين ، فأما عند اختلاف الجنس فالاكتفاء بالقصاص غير مشروع فيه .
الكتب - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب - سورة البقرة - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بال
 
وإن قتل رجل امرأة فهو بها قود ، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية ،
وجه الدلالة من الآية الكريمة على ذلك : هو تخصيص ذِكر الأنثى بالأنثى - مع أنّ الأنثى داخلة في الجملتين السابقتين (الحر بالحر والعبد بالعبد) - للإشارة إلى أنّ الذكر لا يساوي الأنثى ، فلا بد من دفع نصف دية الرجل إلى أوليائه قبل القصاص منه .
 
(القصاص) : أوسع من معنى القتل . فهو يشمل الدية أو القتل ؛ إذ القصاص في اللغة : هو بلوغ المنتهى في قص الأثر .
فلو ارتضى أولياء القتيل بديته فقد اقتصوا ، ولو قتلو القاتل فقد اقتصوا .
هذا أولاً .

ثانياً : لو نتأمل التعبير القرآني ((كتب عليكم القصاص في القتلى)) بعد قوله تعالى : ((والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك ...)) .
سنرى أن الأسلوب يدل دلالة واضحة على القتل الذي يكون في البأس بين قومين بينهما عداوة وقتلى ؛ إذ لم تقل الآية : القصاص في القتيل أو المقتول . بل استعملت الجمع : (القتلى) .

لو فهمنا الآية بهذا الشكل سيتضح لنا معنى قوله تعالى فيها : ((الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى)) .
أي : انظروا في قتلى الفريقين بهذه الكيفية ، فيكافئوا بعضهم .
ثم لو زادت درجة قتيل عن مكافأة قتيل الفريق الآخر . مثل : ذكرٍ بأنثى من الفريق الآخر .
فهنا يقول سبحانه : ((فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان)) .
عفا هنا : بمعنى زاد . أي : عفا شيء من أخيه -ليس له مكافئ من القتلى في الفريق الآخر- (فاتباع بالمعروف) أي : في اتباع دية المكافأة التي تُعطى لأولياء الذكر مثلاً .

والآية الكريمة تدل على عدم قتل المسلم بالكافر ؛ لأن الله يقول : ((من أخيه)) والكافر ليس بأخ للمؤمن .

ويستفاد من الآية الكريمة حكم دية قتل الخطأ الذي اشترك في خطئه المقتولان ونسبة الخطأ 50% لكل منهما . كبعض حوادث السيارات .
فيقال : ((الحر بالحر)) . فقابل كل منهما الآخر فلا دية .
 
{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}
تشير الآية الكريمة إلى عدم مشروعية مغالاة الفداء في ديات القتل العمد ، كما هو حاصل اليوم في بعض الحالات .
 
أطال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الكلام على تفسير هذه الآية وأتى بتوضيحات نافعة , انظر مجموع الفتاوى 14/ 73 - 87
 
((فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان)).
في الآية الكريمة دلالة على أن عفو بعض الورثة قد يسقط القصاص .
و))عفي((: له معنيان: عدم المطالبة ، أو زاد -كما ذكر في مشاركة سابقة- .
 
عودة
أعلى