عمر الريسوني
New member
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله
وكافة المرسلين وعباده الصالحين
وكافة المرسلين وعباده الصالحين
ان الله تعالى ينظر الى قلوب عباده بالفضل
والرحمة ليكشف عنهم حجاب الغفلة ويظهر لهم لطائف القدرة ، والعقل
اذا اتعظ أطاع ، وكل فرضية في حدود العقل تبقى ظنا بغير معنى ولا برهان
الا أن يفقهها القلب ، وهذا من كمال الحكمة في المعرفة بالله ، فانهلوا يا أحبابي
من عيون الحكمة فهي من جنود الله تفقهها القلوب والحكمة تجول في عالم الملكوت
ثم تعود على صاحبها بأطراف العلم الذي يرفعه درجات ، واذا لم يتفاعل كيان الفرد مع
حقائق هذه الأنوار التي تحيي مهج روحه يبقى كيانا من دون معنى وقد يؤدي ذلك
الى قسوة القلب ، فانما المؤمنون اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم
ايمانا وتصديقا وليس من عرفه بالخبر كمن عرفه يقينا وأحيا مهج روحه وصح يقينه ومن
حبه لله أحب لقاءه وازدان به محبة ومهجة وسرورا ، فكلما قويت الحجج زاد التصديق
والايمان وصح اليقين وانقشعت السحب والحجب وأدرك العبد وهو متنعم في صفاءه أنه الله وعانقه بحرارة الشوق والوجل والدمع المنهمر ، وهناك حكمة متعالية بصفاءها فالعبد ازاء هذه المعرفة المطهرة مثله كالأعمى والجوهرة وليس للأعمى من الجوهرة الا لمسها وبمعنى أوضح كالبصر اذا غشاه نور الشمس فانه حينئذ
لا يدرك شيئا من المبصرات ، وانها والله لحكمة متعالية لا يفقهها الا أولوا الألباب أودعها الحكيم بعنايته وحكمته المتعالية ورحمته في بديع خلقه ليصل العبد الى تحصيل أنوارها بسعيه وطهارته وهمته فتجعل العبد يولف هذه الحقيقة بابصاره ، فأشد العلم تحققا أن تبصر المعنى بغير هوية لأن كل نور أحاط به علم الخلق فهو مخلوق بينما نور الله الساطع المبارك الزكي فهو غير مخلوق لذا فسر السعادة في داخل ذواتنا وليس خارجها فاذا تطهرت نفوسنا من العلائق والحجب سطعت الأنوار وهذه السعادة في ذواتنا وداخلنا كالشمعة المضيئة التي يزداد وهجها بالابصار والتصديق الى حين تصبح مشاهدة منعمة بأنوارها الزكية وكأنك ترى الشيء وأنت لا تراه لذا نجد لدى عباد صالحين أقوال مغمورة رصدتها في كتبهم بقولهم أنهم لم يروا شيئا الا رأوا الله فيه وهذا يدل على صلاحهم وطهارة قلوبهم بشدة تصديقهم ويقينهم وتجليات رحمته عليهم .
فمعرفة الله تعالى حقيقة عظيمة لها من القدسية والجلال والجمال والأنوار ما لا تحيط به المدارك والعقول ، والله تعالى
بقدرته وعلمه وحكمته رسم لعباده نموذجا مصغرا وفق ادراكاتهم المخلوقة واستقراءاتهم لفهم محيطهم وجعل لهم مواهب
ترتقي في سمو هذه المعرفة درجات بجلالها القدسي الأطهر .
فالله تعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد ، وهو خالق كل شيء بعلمه المحيط ، فالخالق لا تجري عليه أحوال المادة المخلوقة
ولا أحوال الزمان ولا المكان ووجوده من وجوده الصمدي الأحدي القائم بحقيقته المثلى المكتملة بأنوارها وقدسيتها ، وهذا
العلم الأطهر حري بنا أن نعرفه ونتطهر ببركاته الزكية ، فالله تعالى تباركت ذاته العلية الزكية بكل أنوار البشرى الساطعة والواصلة الى قلوب من تزكت نفوسهم وتطهرت واستقامت على الحق والنور الذي يسطع مشرقا في الوجود بمعناه الأطهر
فذاكم الاشراق من الفجر وذلك الفجر من الاشراق ، فقد تعجز المدارك المخلوقة أن تفقه معنى الصمدية وهي ممتنعة عن الادراك
والاحاطة بقول الله تعالى ( ولا يحيطون به علما ) الآية ، لكن برهان المثل الأعلى دال على الاستعلاء والاستكمال فكلما تصورت
مدارك العقول شيئا عظيما الا وتصورت ما هو أعظم منه والعقل المخلوق يتطلع دوما الى ما هو أكمل وهذا الفهم الحصيف ينقلنا الى تدارك أن الله تعالى هو غاية الكمال وحقيقة كل الوجود ولا يفوتنا في هذا المسعى الأطهر الا أن نتدارك قوله
تعالى ( ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ) الآية ، ولعل المتأمل المتدبر لأنوار الآيات الزاخرة بالعلم التي تحيي مهج
أرواح العباد لمعرفة ربهم وخالقهم وتصلهم أنوارها وهم يتطلعون الى فهم حقائقها المطهرة الغامرة ، فالله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز ( فاعلم أنه لا اله الا الله ) الآية ، والمعرفة بها هي رأس كل تقوى و الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كل يوم لا أزداد معرفة بالله فلا بارك لي في طلوع شمس ذلك اليوم ) حديث صحيح ، فقوله تعالى
( فاعلم أنه لا اله الا اله ) الآية ، تتضمن حقائق عظيمة والعلم بها ضروري وليس مجرد اكتساب لأن الأحدية جمع جميع الحقائق الوجودية الكمالية ومرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات ولا يكون علمها قائما الا بوجود نفس الكمال في ذات الحق
فالألوهية هي حق لا ينفع فيها كل سؤال قاصر عن الفهم والادراك بمحدوديته وفق نموذج مصغر مرسوم له بعناية فائقة ، والايمان
والتصديق والمعرفة تجعل شموس اليقين تسطع على العبد فيتدارك عمق هذا التوحيد الأطهر في أسمى معانيه لذا نجد أن هذه المعرفة المطهرة خص بها أولياؤه ومكرموه وهي ليست من اختصاص أرباب النظر والفلاسفة لأن سرعان ما تتهاوى ظنياتاهم في ظلمات الشك ، فالخالق وجوده حق وكل تصور بمدارك العقل عن زمان أو مكان أو بداية أو نهاية لا تفي حق هذه المعرفة
المطهرة ولا تستساغ الا بيقين مشاهدتها ومنطقها العظيم المكلل بكل الأنوار الرحبة بأبهى الجمال والجلال كما أن هذه المعرفة المطهرة فتح من الله بارادته فهو الذي يفتح لعباده من أبواب رحمتها ونعيمها الأوفى المطهر ولا تستقيم في هذه المعرفة معادلات المادة التي تأخذ أشكالا اعتباطية ما يجعلهم عاجزين عن فهم حقائقها ، ولذا نجد اجابة الله الوافية على المجادلين والمنكرين بقوله تعالى ( وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ) الآية ، فصفات الله على الحقيقة هو بها موصوف وهي ليست بأجسام ولا أعراض ولا جواهر بل هي معنى أطهر يتجلى في خزائن قلوب عباده الزكية المطهرة ، وعبده
يغترف من أنوار معاني الطهر وتعتريه سعادة وسرور عظيم ، لذا فسر السعادة ليس في خارج ذواتنا بل من داخلها وما تزكت به القلوب من طهر فتنعمت وسعدت وهي تغرف من نعيم أكبر ، وهو سبحانه سميع بصير على الحقيقة وليس كالأسماع والأبصار والأيدي والوجوه المخلوقة وليست بجوارح ولا أعضاء ولا أجزاء وليس معنى اثباتها له أنه محتاج اليها أو أنه يفعل الأشياء بها لكن معناها نفي أضدادها وأنها قائمة به تعالى الله علوا كبيرا سبحانه ، فمن عرف الله حق معرفة أحبه وتهذب مسعاه الحق وما عاد يفكر العبد الا أن يعيش بجواره وتحقق له الفهم الحق الراسخ ويستقيم في الوجدان فتظهر له معاني هذه الأنوار المطهرة من حوله ويغشاه سرور عظيم فلا يلتفت لغيره وفاء لوده وحفظا لعهده فتحيا مهج روحه بالمحبة المستديمة وتستكين نفسه لما يستقر في مكنونه طهر هذه المعرفة المشمولة بالرحمة للناس وهذا الدين أحق أن يتبعه الناس فهو نور الرحمة للعالمين فتهنأ نفوسهم ويستضيئوا من أنوار معارف تحيي القلوب ومهج الأرواح معرفة حية بطهرها ، وكلما ارتقى العباد بمواهبهم في هذه المعرفة المطهرة الا واستقامت نفوسهم على الحق وعلموا أن العبث لا وجود له ولا معنى له ولا مبنى ، وحقيقة الله حقيقة مثلى مكتملة بأنوارها ومعانيها مشمولة بالرحمة في خلقه البديع ونرى من آثارها المتدفقة بحنانها الغامر وأن الله أعز شأنا أن تدركه العقول المخلوقة ان لم تستقم على الايمان وأنوار الهدايات وكلما غصنا في بحر هذه المعرفة المطهرة الا وتفتحت الآفاق الادراكية وآمنت وصدقت النفوس وأصبح العقل
طائعا وتفتحت مداركه على ما يحيي روحه ويزكيها بما وهب الواهب من فضل لعباده برحمته ، وبلغ العبد شأوا في معرفة يقينية تهذب أوصاله وتنزع منه اليأس والاستكبار والتعالي فهو القائل سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الآية ، فما أصاب عالمنا المتحضر هو الصدأ الذي هو غطاء على وجه القلب يحدث ظلمة في النفس ويأسا وتمردا يحجب القلب عن قبول الحقائق وتجليات الأنوار واذا زادت الظلمات بعضها فوق بعض فذلك يعني حرمانا فيبقى الفرد أسير هذا الحجاب يعتريه الحزن والأسى ، وانها لحقا الرحمة المهداة للعالمين
واقرأوا قول الله تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق ) الآية ، فالعبد المتحقق يشاهد الحق متعينا في كل متعين دون تعينه لأنه ليس منحصر أو مقيد في كل مقيد باسم صفة أو اعتبار أو تعين أو حيثية ، كما أنه سبحانه منزه عن التقيد وغير التقيد أو الاطلاق أو غير الاطلاق ، فاذا علمتم قدر ربكم وكوشفتم بصريح العلم كان ذلك علما لا يتحول في قلوبكم فحق اليقين البقاء مع الله علما وشهودا وحالا ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) الآية ، لما تستكمل المعاني المطهرة بعلمها الذي يحيي مهج الأرواح لا يسع العبد الا أن يقول ويشهد الحق أن الحمد لله رب العالمين وتكتمل بذلك مظاهر السعادة الحقيقية ، الفرح والنشوة والغبطة والزهو والرضا وهي تدرك بالمنازلات والمواجيد بما نعم الله أسرارهم بيقينهم وتصديقهم فالتزموا بالاعتدال
وغشتهم السكينة والرضا ، فكما ذكرت دائما أن هذه المعرفة عظيمة بأنوارها الحقة المثلى القائمة بأصولها الطيبة المباركة وهي بحر لا ساحل له فمن ركب البحر في هذه المعرفة المطهرة يغلب عليه ما يأخذه من البحر من درر ولآلئ فتقوى همته وعزيمته للمزيد من التحصيل فاذا غرق في البحر فلا احساس له بشيء سوى ما هو مستغرق فيه واكتشف سر هذه الحقيقة الساطعة بأنوارها المكتملة التي لا تجري عليها أحوال المخلوقية ولا أبعادها الزمانية والمكانية بل هي حقيقة مشرقة لذا كانت الدعوة قائمة لتحصيل هذه العلوم الزكية المباركة بنعت تحصيلها على الدوام والآزال .
والرحمة ليكشف عنهم حجاب الغفلة ويظهر لهم لطائف القدرة ، والعقل
اذا اتعظ أطاع ، وكل فرضية في حدود العقل تبقى ظنا بغير معنى ولا برهان
الا أن يفقهها القلب ، وهذا من كمال الحكمة في المعرفة بالله ، فانهلوا يا أحبابي
من عيون الحكمة فهي من جنود الله تفقهها القلوب والحكمة تجول في عالم الملكوت
ثم تعود على صاحبها بأطراف العلم الذي يرفعه درجات ، واذا لم يتفاعل كيان الفرد مع
حقائق هذه الأنوار التي تحيي مهج روحه يبقى كيانا من دون معنى وقد يؤدي ذلك
الى قسوة القلب ، فانما المؤمنون اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم
ايمانا وتصديقا وليس من عرفه بالخبر كمن عرفه يقينا وأحيا مهج روحه وصح يقينه ومن
حبه لله أحب لقاءه وازدان به محبة ومهجة وسرورا ، فكلما قويت الحجج زاد التصديق
والايمان وصح اليقين وانقشعت السحب والحجب وأدرك العبد وهو متنعم في صفاءه أنه الله وعانقه بحرارة الشوق والوجل والدمع المنهمر ، وهناك حكمة متعالية بصفاءها فالعبد ازاء هذه المعرفة المطهرة مثله كالأعمى والجوهرة وليس للأعمى من الجوهرة الا لمسها وبمعنى أوضح كالبصر اذا غشاه نور الشمس فانه حينئذ
لا يدرك شيئا من المبصرات ، وانها والله لحكمة متعالية لا يفقهها الا أولوا الألباب أودعها الحكيم بعنايته وحكمته المتعالية ورحمته في بديع خلقه ليصل العبد الى تحصيل أنوارها بسعيه وطهارته وهمته فتجعل العبد يولف هذه الحقيقة بابصاره ، فأشد العلم تحققا أن تبصر المعنى بغير هوية لأن كل نور أحاط به علم الخلق فهو مخلوق بينما نور الله الساطع المبارك الزكي فهو غير مخلوق لذا فسر السعادة في داخل ذواتنا وليس خارجها فاذا تطهرت نفوسنا من العلائق والحجب سطعت الأنوار وهذه السعادة في ذواتنا وداخلنا كالشمعة المضيئة التي يزداد وهجها بالابصار والتصديق الى حين تصبح مشاهدة منعمة بأنوارها الزكية وكأنك ترى الشيء وأنت لا تراه لذا نجد لدى عباد صالحين أقوال مغمورة رصدتها في كتبهم بقولهم أنهم لم يروا شيئا الا رأوا الله فيه وهذا يدل على صلاحهم وطهارة قلوبهم بشدة تصديقهم ويقينهم وتجليات رحمته عليهم .
فمعرفة الله تعالى حقيقة عظيمة لها من القدسية والجلال والجمال والأنوار ما لا تحيط به المدارك والعقول ، والله تعالى
بقدرته وعلمه وحكمته رسم لعباده نموذجا مصغرا وفق ادراكاتهم المخلوقة واستقراءاتهم لفهم محيطهم وجعل لهم مواهب
ترتقي في سمو هذه المعرفة درجات بجلالها القدسي الأطهر .
فالله تعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد ، وهو خالق كل شيء بعلمه المحيط ، فالخالق لا تجري عليه أحوال المادة المخلوقة
ولا أحوال الزمان ولا المكان ووجوده من وجوده الصمدي الأحدي القائم بحقيقته المثلى المكتملة بأنوارها وقدسيتها ، وهذا
العلم الأطهر حري بنا أن نعرفه ونتطهر ببركاته الزكية ، فالله تعالى تباركت ذاته العلية الزكية بكل أنوار البشرى الساطعة والواصلة الى قلوب من تزكت نفوسهم وتطهرت واستقامت على الحق والنور الذي يسطع مشرقا في الوجود بمعناه الأطهر
فذاكم الاشراق من الفجر وذلك الفجر من الاشراق ، فقد تعجز المدارك المخلوقة أن تفقه معنى الصمدية وهي ممتنعة عن الادراك
والاحاطة بقول الله تعالى ( ولا يحيطون به علما ) الآية ، لكن برهان المثل الأعلى دال على الاستعلاء والاستكمال فكلما تصورت
مدارك العقول شيئا عظيما الا وتصورت ما هو أعظم منه والعقل المخلوق يتطلع دوما الى ما هو أكمل وهذا الفهم الحصيف ينقلنا الى تدارك أن الله تعالى هو غاية الكمال وحقيقة كل الوجود ولا يفوتنا في هذا المسعى الأطهر الا أن نتدارك قوله
تعالى ( ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ) الآية ، ولعل المتأمل المتدبر لأنوار الآيات الزاخرة بالعلم التي تحيي مهج
أرواح العباد لمعرفة ربهم وخالقهم وتصلهم أنوارها وهم يتطلعون الى فهم حقائقها المطهرة الغامرة ، فالله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز ( فاعلم أنه لا اله الا الله ) الآية ، والمعرفة بها هي رأس كل تقوى و الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كل يوم لا أزداد معرفة بالله فلا بارك لي في طلوع شمس ذلك اليوم ) حديث صحيح ، فقوله تعالى
( فاعلم أنه لا اله الا اله ) الآية ، تتضمن حقائق عظيمة والعلم بها ضروري وليس مجرد اكتساب لأن الأحدية جمع جميع الحقائق الوجودية الكمالية ومرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات ولا يكون علمها قائما الا بوجود نفس الكمال في ذات الحق
فالألوهية هي حق لا ينفع فيها كل سؤال قاصر عن الفهم والادراك بمحدوديته وفق نموذج مصغر مرسوم له بعناية فائقة ، والايمان
والتصديق والمعرفة تجعل شموس اليقين تسطع على العبد فيتدارك عمق هذا التوحيد الأطهر في أسمى معانيه لذا نجد أن هذه المعرفة المطهرة خص بها أولياؤه ومكرموه وهي ليست من اختصاص أرباب النظر والفلاسفة لأن سرعان ما تتهاوى ظنياتاهم في ظلمات الشك ، فالخالق وجوده حق وكل تصور بمدارك العقل عن زمان أو مكان أو بداية أو نهاية لا تفي حق هذه المعرفة
المطهرة ولا تستساغ الا بيقين مشاهدتها ومنطقها العظيم المكلل بكل الأنوار الرحبة بأبهى الجمال والجلال كما أن هذه المعرفة المطهرة فتح من الله بارادته فهو الذي يفتح لعباده من أبواب رحمتها ونعيمها الأوفى المطهر ولا تستقيم في هذه المعرفة معادلات المادة التي تأخذ أشكالا اعتباطية ما يجعلهم عاجزين عن فهم حقائقها ، ولذا نجد اجابة الله الوافية على المجادلين والمنكرين بقوله تعالى ( وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ) الآية ، فصفات الله على الحقيقة هو بها موصوف وهي ليست بأجسام ولا أعراض ولا جواهر بل هي معنى أطهر يتجلى في خزائن قلوب عباده الزكية المطهرة ، وعبده
يغترف من أنوار معاني الطهر وتعتريه سعادة وسرور عظيم ، لذا فسر السعادة ليس في خارج ذواتنا بل من داخلها وما تزكت به القلوب من طهر فتنعمت وسعدت وهي تغرف من نعيم أكبر ، وهو سبحانه سميع بصير على الحقيقة وليس كالأسماع والأبصار والأيدي والوجوه المخلوقة وليست بجوارح ولا أعضاء ولا أجزاء وليس معنى اثباتها له أنه محتاج اليها أو أنه يفعل الأشياء بها لكن معناها نفي أضدادها وأنها قائمة به تعالى الله علوا كبيرا سبحانه ، فمن عرف الله حق معرفة أحبه وتهذب مسعاه الحق وما عاد يفكر العبد الا أن يعيش بجواره وتحقق له الفهم الحق الراسخ ويستقيم في الوجدان فتظهر له معاني هذه الأنوار المطهرة من حوله ويغشاه سرور عظيم فلا يلتفت لغيره وفاء لوده وحفظا لعهده فتحيا مهج روحه بالمحبة المستديمة وتستكين نفسه لما يستقر في مكنونه طهر هذه المعرفة المشمولة بالرحمة للناس وهذا الدين أحق أن يتبعه الناس فهو نور الرحمة للعالمين فتهنأ نفوسهم ويستضيئوا من أنوار معارف تحيي القلوب ومهج الأرواح معرفة حية بطهرها ، وكلما ارتقى العباد بمواهبهم في هذه المعرفة المطهرة الا واستقامت نفوسهم على الحق وعلموا أن العبث لا وجود له ولا معنى له ولا مبنى ، وحقيقة الله حقيقة مثلى مكتملة بأنوارها ومعانيها مشمولة بالرحمة في خلقه البديع ونرى من آثارها المتدفقة بحنانها الغامر وأن الله أعز شأنا أن تدركه العقول المخلوقة ان لم تستقم على الايمان وأنوار الهدايات وكلما غصنا في بحر هذه المعرفة المطهرة الا وتفتحت الآفاق الادراكية وآمنت وصدقت النفوس وأصبح العقل
طائعا وتفتحت مداركه على ما يحيي روحه ويزكيها بما وهب الواهب من فضل لعباده برحمته ، وبلغ العبد شأوا في معرفة يقينية تهذب أوصاله وتنزع منه اليأس والاستكبار والتعالي فهو القائل سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الآية ، فما أصاب عالمنا المتحضر هو الصدأ الذي هو غطاء على وجه القلب يحدث ظلمة في النفس ويأسا وتمردا يحجب القلب عن قبول الحقائق وتجليات الأنوار واذا زادت الظلمات بعضها فوق بعض فذلك يعني حرمانا فيبقى الفرد أسير هذا الحجاب يعتريه الحزن والأسى ، وانها لحقا الرحمة المهداة للعالمين
واقرأوا قول الله تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق ) الآية ، فالعبد المتحقق يشاهد الحق متعينا في كل متعين دون تعينه لأنه ليس منحصر أو مقيد في كل مقيد باسم صفة أو اعتبار أو تعين أو حيثية ، كما أنه سبحانه منزه عن التقيد وغير التقيد أو الاطلاق أو غير الاطلاق ، فاذا علمتم قدر ربكم وكوشفتم بصريح العلم كان ذلك علما لا يتحول في قلوبكم فحق اليقين البقاء مع الله علما وشهودا وحالا ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) الآية ، لما تستكمل المعاني المطهرة بعلمها الذي يحيي مهج الأرواح لا يسع العبد الا أن يقول ويشهد الحق أن الحمد لله رب العالمين وتكتمل بذلك مظاهر السعادة الحقيقية ، الفرح والنشوة والغبطة والزهو والرضا وهي تدرك بالمنازلات والمواجيد بما نعم الله أسرارهم بيقينهم وتصديقهم فالتزموا بالاعتدال
وغشتهم السكينة والرضا ، فكما ذكرت دائما أن هذه المعرفة عظيمة بأنوارها الحقة المثلى القائمة بأصولها الطيبة المباركة وهي بحر لا ساحل له فمن ركب البحر في هذه المعرفة المطهرة يغلب عليه ما يأخذه من البحر من درر ولآلئ فتقوى همته وعزيمته للمزيد من التحصيل فاذا غرق في البحر فلا احساس له بشيء سوى ما هو مستغرق فيه واكتشف سر هذه الحقيقة الساطعة بأنوارها المكتملة التي لا تجري عليها أحوال المخلوقية ولا أبعادها الزمانية والمكانية بل هي حقيقة مشرقة لذا كانت الدعوة قائمة لتحصيل هذه العلوم الزكية المباركة بنعت تحصيلها على الدوام والآزال .