معجم مقاييس اللغة ... وحاجة المفسِّر إليه .

إنضم
3 يونيو 2010
المشاركات
38
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الأردن
معجم مقاييس اللغة لابن فارس معجم مميز يستحق التقدير ، تميز صاحبه بالعلم وسعته والنقد ودقته ، فهو يرجع كل مادة إلى المعاني التي تشترك فيها ، فيقف المفسّر الحاذق أمام هذه المادة ليتشرب وجدانه معنى الكلمة قبل عقله ، فلا يكون المفسر راسخاً في العلم حتى تمتزج معاني الكلمات في وجدانه مع عقله ، وعندها فقط يتذوق النص القرآني تذوق ابن اللغة لا جارها ، وشتان بين الابن والجار .
فليس الرسوخ في التفسير أن أقول لك : معنى "أمة" في قوله تعالى (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ...) (هود :8) هو : المدة أو الحين أو الزمن أو الوقت . هذا تفسير ، ولكنه لا يكفي وحده للرسوخ في العلم ؛ لأن كلمة "أمة" في القرآن متعددة المعاني فما هو أصلها وما الجامع بين هذه المعاني؟ كل هذا لا يكون دون أن نتفقه في معنى الكلمة القرآنية ، وابن فارس يفتح لنا الطريق الواسع بطريقته في بيان المعاني . وتأمّل معي حفظك الله ورعاك في هذا المثال ، وهو معنى "أمة " :
قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) : "(أمّ) وأمّا الهمزة والميم فأصل واحد ، يتفرّع منه أربع أبواب ، وهي الأصل ، والمرجع ، والجماعة ، والدِّين ........... " .
وبعد تأمل ما أورده ابن فارس في معجمه حول مادة "أمّ" نتوصل إلى رابط من الروابط - أقول : رابط وليس كل الروابط - التي تجمع هذه المعاني ، وهذا الرابط يدور حول معاني : القصد والرجوع .
نقول : أمَّه ، أي : قصده ؛ فالأصل ، والمرجع ، والجماعة ، والدِّين أمور تُقصد ويُرجع إليها .
ولذا فإنك ترى أن الأم تُقصد من ولدها ،
ولذا سُمِّيت الآيات المحكمات بـ "أمّ الكتاب" ؛ لأنها تُقصد لفهم المتشابه ، قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ...) (آل عمران : 7)
ولذا سُمِّيت مكة بـ "أم القرى" ؛ لأنها تُقصد من كل القرى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا...) (الشورى : 7).
وسُميت "الأمة" بهذا الاسم ؛ لأن أفرادها يقصدون الاجتماع على أمر ما يتفقون عليه ، ويطلق عليها "أمة" ولو كانت هذه الجماعة أقل من القوم ؛ قال تعالى (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (الأعراف : 159) .
وكذلك يطلق على الوقت "أمة" ؛ لأنها أوقات تجتمع ؛ قال تعالى (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ...) (هود :8)
فرحم الله ابن فارس رحمة واسعة وجزاه على كتابه خير الجزاء .
وأدعوك أخي إلى اختيار كلمات قرآنية متعددة المعاني في القرآن ، وأن ترجع بعدها إلى معجم مقاييس اللغة وتطبق ما اقترحته آنفاً فإنك ستجد خيراً كثيراً قد لا تجده في كثير من المعاجم .
لا تنسونا من صالح دعائكم
 
جزاكم الله خيرا وكتب الله لكم الأجر كثيرا ما أسمع في المناقشات العلمية أن تسمية الكتاب بـــ: معجم مقاييس اللغة لا ينطبق على الكتاب, والتسمية الصحيحة له هي: مقاييس اللغة لابن فارس وجزاكم الله خيرا
 
جزيت أخي عبد السلام خيرا، فالصواب ما أشرت إليه، فقد نقل عبد السلام هارون محقق الكتاب هذه التسمية عن يقوت الحموي حيث قال:"يبدو من قول ياقوت في أثناء سرده لكتب ابن فارس: "كتاب مقاييس اللغة، وهو كتاب جليل لم يصنف مثله"، أنه اطلع على هذا الكتاب ونظر فيه. ولم أجدْ أحداً غير ياقوت يذكر هذا الكتاب لابن فارس، ولعله من أواخر الكتب التي ألَّفها، فلذلك لم يظفر بالشهرة التي ظفر بها غيره."اهـــ.
و هذه التسمية أثبتها المؤلف نفسه حيث قال في مقدمة كتابه:"فهذه الكتبُ الخمسةُ معتمَدُنا فيما استنبَطناه من مقاييس اللغة، وما بعدَ هذِه الكتبِ فمحمولٌ عليها، وراجعٌ إليها؛ حتى إذا وقع الشيءُ النادر نَصَصْناه إلى قائله إن شاء الله"اهـــ.
 
نعم اسمه ( مقاييس اللغة ) كما تفضلتما، وكلمة ( معجم ) وصف له أثبته الناشر في بعض طبعاته، وما أحسن، فقد أوهم القارئ بأن هذا اسمه.
وأذكر أن أحد الذين حكّموا بحوثي ذكر من جملة الملحوظات: أني أخطأت في كتابة اسم هذا الكتاب، وأصرَّ على وجوب التعديل، مع أنه برتبة أُستاذ !!
 
بارك الله فيكم العنوان مفتاح الكتاب والتوثيق لابد منه ولكن دائما أوصي نفسي وإخواني بالتواضع في التصحيح والتعليم العلاقة بين الطالب والأستاذ مبناها الرحمة وكل يفيد ويستفيد وفقكم الرحمن لسكنى الجنان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
عودة
أعلى