معجزات أو آيات الأنبياء (2)

إنضم
08/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
الإقامة
السودان
بسم الله الرحمن الرحيم
“أولم ينظروا فى ملكوت السماوات والأرض” .. صدق الله العظيم

كثير ما يتردد الحديث عن معجزات الأنبياء، ويقرّ الناس ضمنا ودون تفصيل أن لكل رسول من الرسل الأوائل معجزة إلهية تثبت صدق دعوته.
وأيضا يتكرر الخلط عند الناس بين المعجزة وبين العقوبة الإلهية علي الأقوام التى كفرت بالرسل كقوم نوح وعاد ومدين ولوط.
فهناك من يقول أن معجزة نوح هى السفينة، ومن يقول أن هود معجزته الريح الصرصر التى أبادت قومه، ومعجزة شعيب يوم الظلة، ومعجزة لوط قلب الأرض عاليها سافلها
..
ولكن إذا تأملنا هذا الأمر بدقة نجد أنه لم تكن لمعظم الرسل الأوائل معجزات إلهية،
نوح عليه السلام كان من أول الرسل الذين أرسلوا للبشر ومذكور بالقرآن بتفصيل، وكانت دعوته مبنية على النظر والتأمل والتفكر فى ملكوت الله تعالى“مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا، وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا، والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها يخرجكم إخراجا، والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا"
أما سفينته فهي ليست معجزة ولم تخلق من عدم بل بناها بنفسه بوحي من الله تعالى وإستغرق بناءها فترة طويلة (وحملناه على ذات ألواح ودسر)، وغرق قومه بالطوفان ونجا هو والمؤمنون.

والنبي هود الذى جاء بعد نوح عليهما السلام، أرسل لقوم عاد لم تكن له معجزة، بل دعوة لعبادة الله الخالق، وعندما لم يؤمنوا وعاقبهم الله بريح صرصر عاتية.

أما صالح عليه السلام فبدأ دعوة قومه بالتفكر فى خلق الله تعالى وتذكيرهم بمصير الأقوام الكافرة السابقة، وآيته الوحيدة هى الناقة.

شعيب عليه السلام لم يمنح معجزة، بل دعوة صادقة الى قومه بـ”مدين” بالتفكر فى الكون ثم الى عبادة الله تعالى.

ثم إبراهيم عليه السلام، كان يأمر أهله وقومه بالتفكر وإعمال العقل حتى يصلوا الى وجود الله تعالى وعبادته، وإنقاذ الله تعالى لإبراهيم من الموت حرقا بالنار هي معجزة، ولكنها حدثت لإنقاذه من الموت وليست لقومه حتى يصدّقون دعوته.

ثم لوط عليه السلام، وكان يدعو قومه للكف عن السيئات، ولم تكن له معجزة.

ثم يونس، ولا يمكن أن نقول أن إلتقام الحوت إياه وسط البحر ثم إخراجه هى معجزة لأجل إقناع قومه بصدق دعوته، بل هي عتاب من الله تعالى على ضيقه وعدم صبره على قومه. وغالبا لم يعلم قومه بتلك الحادثة وإذا علموا بها لن يصدقوها على أى حال!.

يعقوب وإبنه يوسف عليهما السلام لم تكن لهما أى معجزات، بل قصة عاني فيها الأب أى معاناة من فقدان إبنه، وإبنه يوسف الذي عاني من كيد إخوته ونري فيها كيف أنه يتم تصريف الأقدار بيد الله تعالى وبصورة تبدو طبيعية لينتصر يوسف ويصبح وزيرا.

والأنبياء الآخرون المذكورون بالقرآن كأيوب وإدريس واليسع وذي الكفل وإسماعيل لم يسرد القرآن معجزات لديهم.

داؤود وسليمان، منحهما الله تعالى الكثير من (النعم) وكان لسليمان عليه السلام تسخير الريح والجن والشياطين ومعرفة لغة النمل والطير..إلخ، ولم يلقبها القرآن (بالآيات) لأن قومهما كانوا على الدين الإلهي، بل هى من (الملك) وليست النبوة، حين دعا سليمان الله تعالى (رب هب لي “ملكا” لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب).

النبيان اللذان لهما المعجزات أو الآيات بل الكثير منها هما موسي وعيسي عليهما السلام، ويظهر عناد البشر كفرعون وقومه، وعناد بني إسرائيل فى الإيمان بتلك المعجزات على كثرتها رغم طلبهم إياها!..

آخر الأنبياء وهو سيدنا محمد (ص)، كانت معجزته القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى مباشرة ويدعونا الله تعالى للتفكر فى بديع ملكوته ومخلوقاته وهى لذي البصيرة معجزات إلهية خارقة، ولكن معظم الناس لاهون عنها.

إذا فالإيمان بالله تعالى يحترم العقل الإنساني فى أن يوظفه فى الملاحظة فيما حوله من مخلوقات لا حصر لها يعجز العلم والعلماء على كثرتهم الإحاطة بها وبقوانينها وبإبداعها وبمعجزتها وهى من صنع خالق قادر بديع.
 
روى البخاري (4981) ، ومسلم (152) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدِ اُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
 
إضافة :
لذا كثيرا ما تكررت فى القرآ الكريم الآية التى تسأل المشركين :

(قل أرءيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض؟ أم لهم شرك فى السماوات؟ أم ءاتيناهم كتابا فهم على بيّنت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا)
صدق الله العظيم
 
بسم الله الرحمن الرحيم

إضافة صغيرة،
ولنكون دقيقين أكثر،
بمراجعة آيات أو معجزات موسى وعيسى عليهما السلام،

فعن موسى عليه السلام ، نجد أن آياته قد جاءت لتثبت للآخرين أو لفرعون تحديدا أنه مبعوث من رب العالمين ليوافق فرعون على إخراج بنى إسرائيل من مصر، وليس بغرض حثّ الآخرين لعبادة الله تعالى،
فقد آتاه الله تعالى الآيتان (العصا التى تتحول الى ثعبان واليد البيضاء) عندما كلّمه بالواد المقدس، و قبل أن يطلبها منه فرعون .
وكانت أول إجابة لسؤال فرعون (ومن ربكما يا موسى؟ )
أجاب موسى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ )
قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ؟)
قال عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ،
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ ، كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ ، مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ - طه

وفى حالة عيسى عليه السلام آتاه الله تعالى الآيات ليقنع بنى إسرائيل –الذين كانوا مؤمنين بالله تعالى أساسا- بأنه جاء بتعاليمه من الله تعالى ليحلل لهم بعض الذى حرّم عليهم،
وكانت طريقة حمله وولادته من غير أب وكلامه فى المهد هى آيات لهم قبل أن يطلبوها منه !،
فقد قال لهم (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ، أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) صدق الله العظيم
ولم يطلبوا منه آية .

إذا الدعوة الى الإيمان بالله تعالى تكون بالأساس بالنظر الى الأرض والسماء وما فيهما من مخلوقات من جمادات ونباتات وحيوانات وبشر وماء وشمس وقمر ونجوم ، فتلك هى (الآيات) التى كان يدعوا بها الرسل الناس الى عبادة الله تعالى.
 
عودة
أعلى