أبو عبد المعز
Member
- إنضم
- 20/04/2003
- المشاركات
- 581
- مستوى التفاعل
- 24
- النقاط
- 18
على المتدبر اعتبار حقيقتين قبليتين:
1- معاني القرآن لا يأتي عليها العد ولا تنقضي عجائبه - كما جاء في الأثر- ( لا تنقضي عجائبه أي لا تنقضي معانيه ، هذا الوصف المأثور صحيح المعنى وإن كان في سند الأثر كلام عند أهل العلم )
لو تدبرت آية واكتشفت فيها ألف معنى فكن على يقين أن المعنى الواحد بعد الألف مازال خفيا يتنظر منك مزيدا من الجهد في التدبر! ومقولة "قتلت بحثا " قد تنطبق على كلام البشر لكنها لا تليق ولا تصح عن آية في القرآن، فلو جمعت كل ما قيل عن الآية - قديما وحديثا - ولاحظت تكرار كلام المفسرين فلا ذريعة لك في عدم استئناف التدبر، بل تعيده جذعا ، فلا زال في الآية قطعا ما لم ينتبه إليه المفسرون على جلالة قدرهم...ولا يدعين أحد أن المفسرين- ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا - قد أحاطوا بكتاب الله علما، ولو قلت ذلك فقد قلت عن الله ما ليس لك به علم فمن أين لك أن كل معاني القرآن قد أحاط بها الإنسان وأن مراد الله من هذه الآية قد علمناه وليس لله مراد آخرفيها !!
2-
معاني القرآن نوعان :
المعنى الذي تمنحه الآية للقاريء بدون جهد منه ودون اشتراط التمكن من اللغة العربية وعلوم الآلة الأخرى ، فالأمي أوالعامي ذو البضاعة المزجاة يفهم نسبيا ما يتلى عليه من التنزيل.. لنسم هذا المستوى " معاني الواجهة".
المعني الخفي الذي لا تمنحك الآية إياها إلا بالتدبر ، وهذا يحتاج إلى استعداد علمي وتمكن من علوم الآلة وذوق مرهف...لنسم هذا المستوى "معاني الخلفية"( أقول "معاني الواجهة" و"معاني الخلفية"كي لا استعمل المصطلحين "الظاهر" و"الباطن" اللذين أفسدهما الصوفية في تفسيرهم الإشاري المنحرف)
والفخ الذي قد يقع فيه المتدبر أن يقف عند المعنى المباشر فلا يبحث عن معنى خلفه بسبب شدة وضوحه وإجماع الناس حوله فيتوهم أن ذلك المعنى هو المعنى، فينصرف عن التدبر!
وهذا أوان التوضيح بمثال تعليمي :
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [النور : 38]
1-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير عد ولا إحصاء ،فهو رزق كثير لا يمكن عده كما قال في موضع آخرعن نعمه:
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل : 18]
فنعم الله ذات امتداد طولي (نعمة ناتجة عن نعمة ) وعرضي ( نعمة مجاورة لنعمة ) في وقت واحد، فالماء الذي نشرب نعمة ناتجة عن نعمة الريح والشمس وغيرها وتنتج الثمار وهي نعمة أخرى.فالنعمة واحدة في العد لكنها لازمة ومتضمنة لنعم أخرى كثيرة فكيف تحصى! ولعل هنا سراستعمال المفرد "نعمة الله" بدل الجمع( نعم الله).
هذا الرزق الكثيرالذي يعطيه الله بغير حساب هو من تجليات اسمه (الكريم).
2-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغيرتوقع أو ظن أو تخمين ، كما في معنى "يحسبون" في قوله تعالى:
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف : 104]
فقد يكون الإنسان في ضائقة فيستعرض – على سبيل الاستقصاء - كل الوسائل التي يمكن أن تكشف عنه ضائقته فلا يجد...ثم يشاء الله أن يكشف ضره فإذا الوسيلة لم تخطر له على بال ولم يحم حولها الحسبان..
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (اللطيف)
( من معاني اللطف الدقة والخفاء فيجعل الله أسبابا دقيقة خفية لا يتوقع منها المراد كأن يريد أن يرفع عبده يوسف في السلطة مثلا فيجعل إنزاله في السجن سببا... إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف : 100] )
3-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير محاسبة، فالله يرزق من يشاء بما شاء ،ولا يمكن ولا ينبغي لأحد أن يحاسبه على فعله..وهذا معنى مما تعم به البلوى فقد يطلب المرء الرزق فلا يعطى وجاره بجنبه يتقلب في نعم الله كما يشاء فقد يقول لماذا هذا ؟ فكأنه يحاسب ربه....!
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (العزيز)
4-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير محاسبة كما في المعنى السابق ،ولكن مع اختلاف الجهة: فالله يرزق من يشاء ولا يحاسبه على كفر أو إيمان فقد يوسع الرزق على الكافر ويضيق على المؤمن فشأن الرزق في الدنيا يضبطه الابتلاء وإنما الحساب في الآخرة...
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (الرحيم)
5-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب ،أي بغيراحتياط واعتبار للمستقبل ، فالمرء مثلا لا يعطي السائل قدرا من المال إلا بعد أن يحسب ما سيبقى له وهل ذلك كاف لتلبية احتياجاته في المستقبل أم لا، فيكون العطاء بحسب ما تسمح به "الميزانية"وبحسب توقع المستجدات المستقبلية....
لكن خزائن الله لا تنفد ... هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (الغني)
6-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
قد يكون الرزق هو دخول الجنة
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [البقرة : 212]
ولعل الإشارة إلى الفئة التي ستدخل الجنة بلا حساب كما ورد في الحديث الصحيح:
قال عليه السلام : عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد حتى قال في آخره: أنه أبلغ أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب، فسأله الصحابة عنهم فقال: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (المَنَّان)
(اسم المَنَّان لم يَرِد في القرآن الكريم، ولكنَّه ورد في السنَّة المطهَّرة)
1- معاني القرآن لا يأتي عليها العد ولا تنقضي عجائبه - كما جاء في الأثر- ( لا تنقضي عجائبه أي لا تنقضي معانيه ، هذا الوصف المأثور صحيح المعنى وإن كان في سند الأثر كلام عند أهل العلم )
لو تدبرت آية واكتشفت فيها ألف معنى فكن على يقين أن المعنى الواحد بعد الألف مازال خفيا يتنظر منك مزيدا من الجهد في التدبر! ومقولة "قتلت بحثا " قد تنطبق على كلام البشر لكنها لا تليق ولا تصح عن آية في القرآن، فلو جمعت كل ما قيل عن الآية - قديما وحديثا - ولاحظت تكرار كلام المفسرين فلا ذريعة لك في عدم استئناف التدبر، بل تعيده جذعا ، فلا زال في الآية قطعا ما لم ينتبه إليه المفسرون على جلالة قدرهم...ولا يدعين أحد أن المفسرين- ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا - قد أحاطوا بكتاب الله علما، ولو قلت ذلك فقد قلت عن الله ما ليس لك به علم فمن أين لك أن كل معاني القرآن قد أحاط بها الإنسان وأن مراد الله من هذه الآية قد علمناه وليس لله مراد آخرفيها !!
2-
معاني القرآن نوعان :
المعنى الذي تمنحه الآية للقاريء بدون جهد منه ودون اشتراط التمكن من اللغة العربية وعلوم الآلة الأخرى ، فالأمي أوالعامي ذو البضاعة المزجاة يفهم نسبيا ما يتلى عليه من التنزيل.. لنسم هذا المستوى " معاني الواجهة".
المعني الخفي الذي لا تمنحك الآية إياها إلا بالتدبر ، وهذا يحتاج إلى استعداد علمي وتمكن من علوم الآلة وذوق مرهف...لنسم هذا المستوى "معاني الخلفية"( أقول "معاني الواجهة" و"معاني الخلفية"كي لا استعمل المصطلحين "الظاهر" و"الباطن" اللذين أفسدهما الصوفية في تفسيرهم الإشاري المنحرف)
والفخ الذي قد يقع فيه المتدبر أن يقف عند المعنى المباشر فلا يبحث عن معنى خلفه بسبب شدة وضوحه وإجماع الناس حوله فيتوهم أن ذلك المعنى هو المعنى، فينصرف عن التدبر!
وهذا أوان التوضيح بمثال تعليمي :
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [النور : 38]
1-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير عد ولا إحصاء ،فهو رزق كثير لا يمكن عده كما قال في موضع آخرعن نعمه:
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل : 18]
فنعم الله ذات امتداد طولي (نعمة ناتجة عن نعمة ) وعرضي ( نعمة مجاورة لنعمة ) في وقت واحد، فالماء الذي نشرب نعمة ناتجة عن نعمة الريح والشمس وغيرها وتنتج الثمار وهي نعمة أخرى.فالنعمة واحدة في العد لكنها لازمة ومتضمنة لنعم أخرى كثيرة فكيف تحصى! ولعل هنا سراستعمال المفرد "نعمة الله" بدل الجمع( نعم الله).
هذا الرزق الكثيرالذي يعطيه الله بغير حساب هو من تجليات اسمه (الكريم).
2-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغيرتوقع أو ظن أو تخمين ، كما في معنى "يحسبون" في قوله تعالى:
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف : 104]
فقد يكون الإنسان في ضائقة فيستعرض – على سبيل الاستقصاء - كل الوسائل التي يمكن أن تكشف عنه ضائقته فلا يجد...ثم يشاء الله أن يكشف ضره فإذا الوسيلة لم تخطر له على بال ولم يحم حولها الحسبان..
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (اللطيف)
( من معاني اللطف الدقة والخفاء فيجعل الله أسبابا دقيقة خفية لا يتوقع منها المراد كأن يريد أن يرفع عبده يوسف في السلطة مثلا فيجعل إنزاله في السجن سببا... إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف : 100] )
3-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير محاسبة، فالله يرزق من يشاء بما شاء ،ولا يمكن ولا ينبغي لأحد أن يحاسبه على فعله..وهذا معنى مما تعم به البلوى فقد يطلب المرء الرزق فلا يعطى وجاره بجنبه يتقلب في نعم الله كما يشاء فقد يقول لماذا هذا ؟ فكأنه يحاسب ربه....!
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (العزيز)
4-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب، أي بغير محاسبة كما في المعنى السابق ،ولكن مع اختلاف الجهة: فالله يرزق من يشاء ولا يحاسبه على كفر أو إيمان فقد يوسع الرزق على الكافر ويضيق على المؤمن فشأن الرزق في الدنيا يضبطه الابتلاء وإنما الحساب في الآخرة...
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (الرحيم)
5-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بغير حساب ،أي بغيراحتياط واعتبار للمستقبل ، فالمرء مثلا لا يعطي السائل قدرا من المال إلا بعد أن يحسب ما سيبقى له وهل ذلك كاف لتلبية احتياجاته في المستقبل أم لا، فيكون العطاء بحسب ما تسمح به "الميزانية"وبحسب توقع المستجدات المستقبلية....
لكن خزائن الله لا تنفد ... هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (الغني)
6-
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
قد يكون الرزق هو دخول الجنة
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [البقرة : 212]
ولعل الإشارة إلى الفئة التي ستدخل الجنة بلا حساب كما ورد في الحديث الصحيح:
قال عليه السلام : عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد حتى قال في آخره: أنه أبلغ أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب، فسأله الصحابة عنهم فقال: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.
هذا الرزق الذي جاء على هذا النحو من تجليات اسم الله (المَنَّان)
(اسم المَنَّان لم يَرِد في القرآن الكريم، ولكنَّه ورد في السنَّة المطهَّرة)