بسم1
الحمدلله وحده وبعد
اطلعت على مقال الأخ المكرم الاستاذ / بشير عبدالعال في موضوعه :
والذي يتعلق أصلا بهذا الحوار في هذا الموضع ولكنه وفقه الله درج على تجاهل ما يكتب ويفرد له زاوية معزولة لا تتصل بسياق الموضوع ، واعتذر بشده عن المشاركة في الرابط الموضح أعلاه تقديراً لأستاذنا الدكتور جمال ابو حسان لأني قد أعتبر هذا الأسلوب يرسل رسالة سلبية لصاحب الموضوع والمشاركين معه ، والحقيقة أنني لم أكن لأجيب لولا أن الشيخ د.جمال عقب هناك فآثرت أن أصحح بعض المغالطات الواردة في تعقيب أخي الفاضل وفقه الله وفتح علينا وعليه بفهم كتابه والعمل به إنه هو الفتاح العليم.
ولن أدخل في نقاط جانبية بل سأقتطف خلاصة ما تفضل به لأرد عليه فأقول والله الموفق :
لقد قرأت النقاش الذي دار بين الأخ البهيجي وأنا أحبه في الله لأنه يحتمي بالكبار ويأخذ مأمنه عند قوم بأسهم في الحق شديد .... وهذا عادة أخينا البهيجي بارك الله فيه
الكبار الذين تحتمي بهم افضوا إلى ما قدموا ولا تسئلون عما كانوا يعملون ، وإن كنت تحتمي بالكبار فسنحتمي بالعزيز الجبار ، فكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا هو سبحانه فكل قوله حق لا باطل فيه مهما أصر على ابطاله المبطلون.
ويبدو أن رحم الزمان عقمت عن إنجاب من يحل اللغز حتى كان الأخ عدنان ورفاقه مع أنه مقيم في أرض تقدر الأثر وتنحني للحق الذي نطق به السلف إجلالا وإكبارا ... وما أعجب رده لكلام مجاهد رحمه الله ...
لعلنا رعاك الله نتجاهل الأشخاص ونحاكم الأفكار ، فمن تنزههم عن الخطا وتأخذ كلامهم حجة مسلمة تقدسها فوق كلام الله وكلام نبيه لو سمعوا منك ما نرى لزجروك ونهوك وصححوا المفهوم عنهم بأنهم بشر يجوز عليهم الخطأ وسوء الفهم وهو موجود وعندما وضعناه لم ينكره اخي البهيجي تكريما لجناب النبي صلى الله عليه وسلم بل عرَّض بقبوله وتقديسه برغم ما يحيط به من ظلمه وسوء ، وفي أسوأ الأحوال نقول أن الكلام منسوب إليهم وإلا فلعل تلك النسبة باطلة والبطلان في حق ما ينسب للخلق جائز.
إن الحق إلى يحتاج إلى لين وتواضع حتى يعين بعضنا بعضا وحتى لا يستفيد من غفلتنا متربص أو شامت .
اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية إلا أن نسبة البطلان لقول الله مشاكسة ومناكفة لله جل ثناؤه فهو القائل (
لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (42) فصلت وانت تقول بل يأتيه الباطل ! فكيف لا أغضب للحق؟؟ وكيف لا اتمعر لذلك ؟؟ إن القول بأن الله
ابطل بعض قوله واثبت مكانه سواه معناه أن
الباطل أتى قول من اقوال الله من بين يديه أو من خلفه ولم يعد قولا ثبتاً حقاً لأنه نسخ ومحي اثره أو بقي رسمه وانتهى حكمه فكيف لا يكون باطلا حينئذٍ ؟؟
ولما كان النسخ في السنة لا مفر من ثبوته ,كان القول بجواز النسخ في القرآن مقبولا.
فالرسول لا ينطق عن الهوى .... فكيف نوفق بين الآية ونسخ السنة للسنة ... ثم لا نقول بجواز نسخ بعض آيات القرآن
لا مفر لمخيلتك منه فقط وإلا فبين النسخ وبين القرآن بعد المشرق عن المغرب ، ثم إنك وفقك الله تسأل كيف نقول أن السنة تنسخ السنة ولكن القرآن لا ينسخ ؟؟ لأن القرآن كلام الله والسنة كلام رسول الله وهو بشر مثلنا جائز على قوله النسخ ولكن إن اردت أن تثبت النسخ في القرآن فأت بآية ناسخة وآية منسوخة والتحدي لك ولأخي البهيجي قائم و
لم تتمكن و
لن تتمكن وراجع مقالتك كاملة فلن تجد طلبي ولن توجده، فما تقدم ليس حجة عقلية أصلا فضلا عن عدم وجود نقل يؤيد كلامك.
:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}
قال ابن كثير رحمه الله :
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ضَعْفِ عُقُولِ الْمُشْرِكِينَ وَقِلَّةِ ثَبَاتِهِمْ وَإِيقَانِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاوَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا تَغْيِيرَ الْأَحْكَامِ نَاسِخِهَا بِمَنْسُوخِهَا قَالُوا لِلرَّسُولِ: {إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} أَيْ: كَذَّابٌ وَإِنَّمَا هُوَ الرَّبُّ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} أَيْ: رَفَعْنَاهَا وَأَثْبَتْنَا غَيْرَهَا.وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [الْبَقَرَةِ:106] .
المراد آية وحكم (سابق للاسلام) أتى لينقضه القرآن وينسخه ويأت بشرع جديد ، وليس آية من القرآن تنقض أخرى ، ودليل ذلك كل الأحكام التي نسخها الاسلام كالصلاة لقبلة اليهود (بيت المقدس) وغيره من الأحكام التي نسخها القرآن الكريم فارتدت دعوى البطلان عليه ولا حول ولا قوة الا بالله ، وهنا فأنت من ينبغي عليك أن تثبت أن المقصود هو نسخ القرآن بالقرآن ، فأت إن استطعت بآية ناسخة ، وآية منسوخة ودعنا نرى ، فإن قلت الخمر ، قلنا لك ائت بآية تحليل الخمر لنرى نقيضها وهو التحريم ، وإن قلت آية القبلة لقلنا ائت بآية الامر التوجه لبيت المقدس لنصدقك ونقول نعم هذه نسخت تلك ، فإن استطعت فاثبُت واثبِت وآتنا بالدليل فأنت صاحب الدعوى فاثبت دعواك.
وَهَذِهِ آيَةٌ عُظْمَى فِي الْأَحْكَامِ. وَسَبَبُهَا أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا حَسَدُوا الْمُسْلِمِينَ فِي التَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَطَعَنُوا فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ، وَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ، فَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلِهَذَا يُنَاقِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:"{ وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } " وأنزل"{ ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ".}
ومَعْرِفَةُ هَذَا الْبَابِ أَكِيدَةٌ وَفَائِدَتُهُ عَظِيمَةٌ، لَا يَسْتَغْنِي عَنْ مَعْرِفَتِهِ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا الْجَهَلَةُ الْأَغْبِيَاءُ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّوَازِلِ فِي الْأَحْكَامِ، وَمَعْرِفَةِ الْحَلَالِ مِنَ الْحَرَامِ.
وهذا بلا شك قول باطل وهو مقتضى دعوى النسخ فالقرآن لا يناقض بعضه بعضاً وآية توجيه القبلة لم تنسخ آية قرآنية أبداً ، فالقول هذا إنما هو من بنات خيالات القائلين بالنسخ فإن قيل (
اثبت) زاغ بصره وانتقل لاستهداف الشخوص والاحتماء بالأسماء والتشكيك في النوايا وانحرف عن لب الأمر سريعاً.
قال القرطبي رحمه الله :
وأَنْكَرَتْ طَوَائِفُ مِنَ الْمُنْتَمِينَ لِلْإِسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ جَوَازَهُ، وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ السَّابِقِ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الشَّرِيعَةِ. وَأَنْكَرَتْهُ أَيْضًا طَوَائِفُ مِنَ الْيَهُودِ، وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِمَا جَاءَ فِي تَوْرَاتِهِمْ .
اثبت حجتك بقال الله تبارك وتعالى وقال محمد صلى الله عليه وسلم فقول الله لا باطل فيه أما قول اصحابك فيجوز عليه الباطل وهم رحمهم الله من العصمة ابرياء ، وأرجو أن تلاحظ قول القرطبي غفر الله له (طوائف من المنتمين للإسلام) وافهم كيف أن منكري النسخ مجرد منتمين للإسلام !!
وهذه سنة الخالق في الأفراد والأمم على حد سواء . فإنك لو نظرت في الكائنات الحية - من أول الخلية النباتية إلى أرقى شكلٍ من أشكال الأشجار ، ومن أول رتبةٍ من رتب الحيوانات إلى الْإِنْسَاْن - لرأيت أن النسخ ناموس طبيعي محسوس في الأمور المادية ، والأدبية معاً . ! فإن انتقال الخلية الْإِنْسَاْنية إلى جنين ،ثم إلى طفل ، فيافعٍ ، فشاب ، فكهل ٍ ، فشيخ ، وما يتبع كل دور من هذه الأدوار - من الأحوال الناسخة للأحوال التي قبلها - يريك بأجلى دليل : أن التبدل في الكائنات ناموس طبيعي محقق . وإذا كان هذا النسخ ليس بمستنكر في الكائنات ، فكيف يستنكر نسخ حكم وإبداله بحكم آخر في الأمة ، وهي في حالة نمو وتدرج من أدنى إلى أرقى ؟ هل يرى إنسان له مسكة من عقل أن منالحكمة تكليف العرب - وهم في مبدأ أمرهم - بما يلزم أن يتصفوا به ، وهم في نهاية الرقي الْإِنْسَاْني ، وغاية الكمال البشري . ؟ !
هل أفهم من قولك هذا و
حجتك هذه أن القرآن مخلوق كالكائنات الحية ينمو وتموت فيه خلايا (آيات) وتتجدد فيه أخرى ؟؟ ماذا تقول يا رجل ؟؟ أي حجة تحمل ؟؟ الامر لا يستلزم هذا الانحراف الفكري لكي تثبت النسخ ، يكفيك أن تأتي بآية منسوخة وأخرى ناسخة أوحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يثبت النسخ صراحة ويبين آية ناسخة ومنسوخة فكيف يموت صلى الله عليه وسلم ويترك أمراً عظيماً لأبي السعود أو لمجاهد يبينه لنا ؟؟ .
وإذا كان هذا لا يقول به عاقل في الوجود ، فكيف يجوز على الله - وهو أحكم الحاكمين - بأن يكلف الأمة - وهي في دور طفوليتها - بما لا تتحمله إلا في دور شبوبيتها وكهولتها
بدون دليل كلامك مع احترامي تقديري لشخصك الكريم مردود مردود ، وحججك هذه لا قيمة لها واسئلتك يجيبك عنها رب العالمين تبارك وتعالى.
وختاماً فأعجب من اعادة هذا الطرح في موضوع مستقل من قبل أخينا الفاضل بشير عبدالعال ، وقد فهم المقالة أخي البهيجي فلم يأت بما طالبناه من حجج لأنها ببساطة غير موجودة وهذه النتيجة معلومة مسبقاً ، ولكن لعل اخي بشير يأت بما لم يستطع عليه سواه وعندها فإنني من العوادين إلى الحق المعترفين بالخطأ ونستغفر الله لنا ولكم من كل ذنب ونتوب إليه وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم