أيْ ومَن دأبُه وغاية ما بلَغَ به عقلهُ الذي يُفترضُ أنه يهديه إلى الحق وعبادة الواحد الأحدِ أنْ انتهى بهِ إلى براثن الشركِ والتزلُّف إلى الأصنام.
فتح الله عليك وأنار لك الطريق على الصراط
كلما كنت أقرأ " ومنتهى عقله " أفهمها على أنها " وكمال عقله " منتهى الشئ مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " وذروة سنامه الجهاد " وفعلاً اتضح لي المعنى بعد شرح " منتهى عقله " بمعنى " غاية ما وصل إليه " وكأنك تكلم طالب في المرحلة الجامعية ليقوم بعملية قسمة رياضية وبعد تفكير ساعتين من الزمن أجاب إجابة خاطئة فقيل له: بعد كل هذه المدة من التفكير هذا ما وصلت إليه عبقريتك !! فأنت هنا لا تقصد أن عبقريته وصلت إلى الكمال ولكن تقصد أن هذا آخر ما هداه إليه عقله رغم أنه طالب جامعي مثلاً.
منتهى عقله = غاية ما بلغ إليه عقله أن هداه إلى عبادة الأصنام
وليس منتهى عقله بمعنى " كمال عقله " .
تذكرت قول ابن القيم في بدائع الفوائد الذي نقله الشيخ عبد الرحمن السعدي في مقدمة تفسيره تيسير الكريم المنان عند كلامه عن السياق إذ قال:
" السياق يرشد إلى بيان المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة، وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمَن أهمله غلط في نظره، وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله عز وجل: {ذق إنك أنت العزيز الكريم} ، كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير ".
ربنا يفتح عليك
لماذا نحتفظ بنفايات العلماء ونصر على تداولها ؟
إن اصلاح سقطات العلماء ووأد مثالبهم وأخطائهم الشنيعة من أوجب البر لهم والوفاء لجهودهم
قبل أن تصف كلام العلماء أو بالأحرى: بعض كلام العلماء بأنه نفايات تأكد أنك لست من أساء الفهم أولاً خاصة لما يكون كتاب هذا العالم - تفسير السعدي مثالاً - هو أول كتاب تطالعه في هذا الفن - التفسير - لأن دأب طالب العلم المتواضع أن يتهم نفسه أولاً لا العلماء بسوء الفهم، وهذا ليس فيه تقديس للعلماء - وإن كنت أقر أن الكثيرين فعلاً يقعون في التقديس حرفياً بسبب التعصّب - لكن أقول أن طالب العلم المبتدئ لا يصح له تحت اسم إصلاح سقطات العلماء أن يتجاسر على تخطِأتهم ، فإن العلماء هم من يصلحون أخطاء العلماء الآخرين أو حتى طلاب العلم المتقدمين لكن لا يصح أن يكون أول مرة تفتح فيها كتاب في علم معين - التفسير مثالاً - وأول إشكالية تواجهك فيه تتهم بها الناسخ أو المصنف تحت اسم عدم التقديس، وهذا خطأ آخر يقع فيه البعض، وهو أنه تحت اسم " وأد مثالب العلماء " لا يكاد يستنكر بعقله - الذي بدأ بالأمس يحبو في طريق العلم - شيئاً من كلام أهل العلم إلا وبادر بالطعن فيه بأي شكل من أشكال الطعن تحت اسم الدفاع عن الإسلام وتحسين وصورته حتى بلغ البعض بأحدهم وهو يقرأ قول الله عز وجل: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ}
أن قام بإصلاحها في المصحف وكتبها " وقتل طالوت جالوت " لأن القصة من بدايتها تتكلم عن طالوت ولم يأت ذكر النبي داود في القصة إلا في هذه العبارة ، فظن هذا القارئ أن نسخة المصحف التي معه فيها خطأ فقام بتحويل " داود " إلى " طالوت "
وذلك لأن أول شئ لابد أن يتعلمه طالب العلم هو أن: اتهام نفسك بالتقصير أو سوء الفهم أو ضعف المَلَكة لا يعني أبداً تقديس العلماء. ومن الواضح أن هذا الشخص الذي فعل ذلك في المصحف أو أي شئ يجد شيئاً لا يفهمه في كتاب عالم فيظنه خطأ من العالم أو من الناسخ وهو - أؤكد على ذلك - في بداية طلب علم هذا التخصص ، لم يتعلم هذه القاعدة.