قواعد التفسير
قواعد التفسير
مناقشة البوطي رحمه الله على من يربط بين {وقد خلقكم أطوارا} [نوح 14] ونظرية تطور الإنسان، مناقشة ضعيفة جدا.. رده لتأويلهم الآية في ظل علم الأحياء التطوري (evolutionary biology) جاء بناء على عدم خضوع التأويل لميزان الفهم والتفسير عامة، والركن الثالث منه خاصة. ويتكون الميزان من الأركان الأربعة: اللغة، المنطق، الوحدة القرآنية، الواجهة السنية للقرآن (ص 150).
الركن الثالث وحدة القرآن أي ألا يتعارض التفسير معارضة حادة مع مضمون أي آية أخرى في القرآن بحيث لا يكون من سبيل للجمع بينهما تحت ظل أي قاعدة منطقية (الركن الثاني).
على هذا قال المؤلف رحمه الله أن صرف {أطواراً} إلى نظرية تطور الإنسان من أنواع أو أجناس " أقل شأنا " (ص 153) يتناقض مناقضة حادة مع آيات صريحة أخرى من مثل قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}. وذلك لأن (أل) في الإنسان للجنس ، فالآية نص قاطع إذن على أن الله تعالى أبدع جنس الإنسان في أحسن تقويم ، وهو مناقض لتصور أن الإنسان قد تصاعد من فصائل وأشكال دنيا .. ذلك لأن جنس هذه الفصائل كلها يغدو - بناء على هذا التصور - واحداَ ، والأفراد الذين تساموا ضمن هذا الجنس إلى أحسن تقويم لا يبلغون معشار أفراد الجنس كله .
ثم ذكر المؤلف تفسير {أطوارا} بالقرآن : خلقا من بعد خلق في بطون الأمهات، من تراب، ونطفة، علقة، مضغفة .. وهذا هو الرد العلمي الصحيح، فكان عليه أن يكتفي بهذا التفسير باعتبار أنه أولى بالصواب .
أما التناقض " الحاد " الذي تحدّث عنه فغير موجود لا من قريب ولا من بعيد. وأما تفسيره للآية الكريمة {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} فلا يستجيب للركن الثاني، للقواعد المنطقية في التفسير، ومن هذه القواعد "الكلام على اتصال السياق ما لم يدل على انقطاعه" فالآية تقول {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين} فهل خُلق الإنسان على شأنه ثم تحول إلى ما هو أقل شأنا؟ الجواب: لا، من الناحية البيولوجية، إلا عند من يقول بفرضية التدهور (de-evolution) وهي فرضية غير علمية وغير مقبولة في الأوساط العلمية.. ثم إن حجته في رد تأويل التطوريين متناقضة تماما مع حقيقة خلق الإنسان من ماء مهين، من نطفة، من تراب.. فهل الماء المهين هو الإنسان؟ الجواب: لا؛ إذن: بالقياس: هل القردة العليا هي الإنسان؟ الجواب لا.