مشروع "العالم المتفرّغ لنشر العلم"

إنضم
01/07/2013
المشاركات
134
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
السعودية
مشروع "العالم المتفرّغ لنشر العلم"


مما يستوقف القارئ في ترجمة أبي عبيد القاسم بن سلاّم ـ رحمه الله ـ ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخه" أنه حين صنّفَ أبو عبيدٍ كتابه "غريب الحديث"، عُرِضَ على الأمير عبدالله بن طاهر فاستحسنه، وقال: إن عقلاً بعث صاحبه على عملِ مثلِ هذا الكتاب لحقيق أن لا يُحْوَجَ إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر
([1]).

وقريبٌ من هذا، قولُ عبدِ الله بن المبارك ـ حين كان يتجّر في البّزِّ ـ: لولا خمسة ما اتجرت، فقيل له: يا أبا محمد مَنْ الخمسة؟ فقال: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، ومحمد بن السماك، وابنُ علية، قال: وكان يخرج فيتجر إلى خراسان، فكلما ربح شيئاً أخذ القوت للعيال ونفقة الحج، والباقي يصل به إخوانه الخمسة.

وابنُ المبارك ـ أحدُ الأئمة ـ كان مستغنياً بتجارته، ولو شاء لتفرّغ بقية حياته للتحديث والفتيا، لكنه آثر أن يستمر في تجارته؛ ليقوم بكفاية إخوانه من العلماء الذين سمّاهم.

إنها نماذج توحي بأن فكرة كفايةِ العالِمِ، وتفريغه لتعليم العلم وبثّه في الأمة؛ كانت حاضرةً في نفوس أهل الفضل من الأمراء والعلماء؛ لما لذلك من الأثر العظيم على العالم وطلابه، وعلى الأمة كلها.


والمشاهد أن عدداً كبيراً من العلماء، تمضي زهرة شبابه، وبدايات حياته العلمية بين الرغبة في الطلب، وهمِّ توفير لقمة العيش الذي يستغني به عن الخلق، حتى إذا ما نضج واشتد عوده، واحتاجت الأمة لعلمه، إذا بقواه البدنية قد كلّت بسبب الوظيفة، التي وإن لم تُثْقل كاهل البدن في كل الأحيان، إلا أنها تشغل الذهن على الأقل.


لقد حدّثنا التاريخ عن علماء كثر، لم يستطعيوا التفرغ لبثّ العلم حتى استعفوا من وظائفهم، منهم: القاضي والعالم المالكي الشهير أبو بكر ابن العربي، حيث قال عنه مترجمه: "ثم استعفى عن القضاء، فأعفي، وأقبل على نشر العلم وبثه"
([2])، فتأمل في قوله: "وأقبل على نشر العلم وبثّه"، إذْ لم يأت إلا بعد الاستقالة.

وهذا يقودنا إلى الإجابة عن السؤال الذي يطرحه بعض الفضلاء: إذاً مَنْ يتصدى للقضاء؟ وللتدريس في الجامعات؟ ومدارس التعليم العام؟

والجواب أننا حين ندعو إلى تبني "مشروع العالم المتفرّغ" فهذا بالتأكيد، يعني أنه لا يفرّغ أيُّ أحد، بل يفرغُ من عُرِف بالعلم وطلبه، وبثّه في الناس، وشهرة مثل هؤلاء لا تخفى، ويبقى في تلك الوظائف المذكورة من ليس بدرجة هؤلاء العلماء.

وعلى المؤسسات المانحة أن تسعى في إيجاد أوقافٍ تليق بوظيفة هؤلاء العلماء، وأن تستشير كبار أهل العلم في الضوابط والشروط التي ينبغي أن تتوفر فيمن يستحق ذلك، ويسبق هذا: وضع الشروط التي تضبط الأمر، وتحميه من الانفراط، أو التسوّر عليه، فيأخذه من ليس أهلاً، ويحرمه من هو أهلٌ، على أن تكون هذه الأوقاف تغني وتكفي أولئك المتفرغين، وتراعي ما يليق بحالهم علمياً واجتماعياً، وبما يرفع المنّة عنهم، فطالب العلم بله العالم لن يرضى بأن يعيش مقتاتاً على مالٍ من شخص بعينه ـ مهما كان قدره ـ، بل إذا كان ضمن مشروع وقفي كبير، فهو أدعى لقبوله، وتاريخ المدارس العلمية
([3]) أكبر شاهد على عراقة هذا النوع من المشاريع الوقفية.

لقد كنتُ أتساءل منذ مدّة ليست بالقريبة: ماذا لو وجد في بلادنا علماء متفرغون لنشر العلمِ وبثّه؟ بحيث لا تخلو منهم أوقات اليوم الخمسة، كما كان حال بعض العلماء قبل انتشار الوظائف الحكومية وغير الحكومية؟


ولو نظرنا في نموذج قريبٍ، لأَثَرِ تفرّغ العالم على إنتاجه المكتوب والإنتاج المتمثل في الطلاب؛ فهو لعلَمٍ من أشهر علماء البلاد ـ في القرن الماضي ـ: شيخِ مشايخنا العلامةِ عبدِالرحمنِ بنِ ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ(ت: 1376هـ)، فقد كان يجلس لطلاب العلم في غالب أوقات اليوم؛ لأسباب من أهمها: أنه كفي مؤنة رزقه ـ، فتخرج به علماء كبار، نفع الله بهم الساحة العلمية، منهم: شيخنا ابنُ عقيل (1432هـ)، والشيخُ ابن بسّام (ت: 1423هـ)، وشيخنا ابنُ عثيمين (ت: 1421هـ) وغيرهم، رحمهم الله تعالى جميعاً، وهذا مما يزيدنا قناعةً بأهمية المبادرة والمسارعة في هذا المشروع العظيم.

واليومَ في بلاد الهند وبعض بلاد الإسلام من هذا النوع من العلماء كثير، صاروا ـ بسبب تفرغهم ـ مقصداً لطلاب العلم، يسافرون إليهم، ويقرأ الطالب عندهم في شهر ما لا يقرأه عند غيرهم في ثلاثة أو خمسة أشهر.

لئن كانت الكفايةُ في المعيشة في زمنٍ مضى تحصل بقليل من المال، فإن الحال اليوم مختلفة، بسبب الغلاء المتزايد، وكثرةِ متطلبات الحياة، وازديادِ مساحةِ التواصل مع الناس بدنياً وتقنياً، وسهولةِ السفر والتنقل من وإلى العلماء وطلبة العلم الكبار، فمراعاة ذلك مهمة، ويحسن أن ينظر في توفير السكن الذي يؤوي قاصدي هذا العالم من طلاب العلم.


إن حقّاً على أهل الثراء الأخيار أن يبادروا بإطلاق هذا النوع من المشاريع، فهو من أعظم وأجلِّ المشاريع، والأثرياءُ ـ وهم كُثُرٌ بحمد الله ـ أولى بتفريغ هؤلاء العلماءِ، وأحقُّ بالحرص من أهل الفن والكرة على تفريغ الفنانين واللاعبين، وبالمبالغ الطائلة سنوياً، لأجل اللهو واللعب!


وبعدُ: ففي الساحة علماء وطلبة علم كبار، لو فُرِّغوا لبثّ العلم، وكُفوا مؤنة الرزق؛ لصاروا قبلةً لطلاب العلم من أقطار الدنيا، ولسان حال هؤلاء العلماء: لا شيء أحبُ إليّ من نشر العلم، والتصدي لبثّه ولكن... فمنْ ينال شرف السبق، وعظيم الأجر؟






([1]) تاريخ بغداد (14/ 392).
([2]) "الصلة في تاريخ أئمة الأندلس" لابن بشكوال (ص: 144).
([3]) ينظر في تاريخ كثير منها: "الدارس في أخبار المدارس" للنعيمي (ت: 927هـ).


 
clip_image002.gif
clip_image003.gif






بسم الله الرحمن الرحيم
فضل كفالة العالم المعلّم والطالب المتفرغ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونستهديه ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عيه وسلم .
أما بعد : فإن هذا الموضوع بالغ الأهمية ، وجدير بالبحث والتأصيل ، ولكن لبداهة مؤدياته قد ينصرف عنه نظر الباحثين والعلماء المتفقهين ، بحيث لا يتطرقون له إلا تبعاً لمسائل الصدقة والبر والإحسان والتكافل الاجتماعي ومع ذلك فمهما جمع فيه الجامع من النصوص ، ورتب فيه المؤلف من أفكار وعناصر وولَّد منها وفرَّع عليها فإنه لا يمكن أن يستوعبه لدخوله في عمومات كثيرة دخولاً أولياً ، وحاجة الناظر فيها إلى ملكة فقهية تحيط بدقائقه بعد جمع النصوص والنظر فيها وإلى إطلاع واسع على مقاصد الشريعة وأهداف الدين من خلال تفريغ أجيال من المسلمين للجهاد ذباً عن الإسلام وحدوده ، والدعوة إليه وتبليغه ونشره ، وإلى طلبة علم وعلماء يحمونه من الذهاب ويُحيونه من الاندراس ويعلمونه للجاهل ويوقظون نحوه الغافل واللاهي .
فالحاجة إلى الصنفين متلازمة وحقوقهما في الأموال العامة والخاصة مترابطة ، فكأنّ مسألة كفالة العالم المعلِّم ، والداعية المربي ، والملازم لهما لتحصيل العلم والظفر بما تزكوا به نفسه ليخلفهما في مهمتهما من الأمور الداخلة دخولاً أولياً في كل نص يعمم فهي الوحي الأمر بالإتيان بأي فضيلة من الفضائل ، أو يدعو فيه لخصلة حميدة أو مكرمة ، نبيلة أو يسجل فهي موقفاً سلوكياً للنبي صلى الله عيه وسلم مع صحابته الكرام أو منهجاً ربانياً سلكه أهل القرون المفضلة ومن سار على نهجهم من خيرة الأمة المحمدية إلى وقتنا الحاضر وإلى ما شاء الله تعالى ، وبناءً على ذلك فستكون لنا في هذه الجملة المختصرة عن موضوع : فضل كفالة طالب العلم ومعلم الناس الخير ، ونماذج مما قام به السلف في كفالة طلاب العلم والدعاة الفقرات الآتية بعد تنبيهات لابد منها :
* لنعلم أن أقدر الكاسبين على كسب الحلال هم طلبة العلم لما عندهم من مهارات وسلوكيات حسنة وتدبير حسن للأمور ، والمثل الأول على ذلك التجارات الرابحة للنبي صلى الله عيه وسلم قبل البعثة ومن تاجر من صاحبته الكرام ، وكذلك من مارس منهم أي عمل آخر ولا يزال التاريخ الإسلامي يشهد بذلك ولكن :
أ ـ لما كان الله تعالى طلب منهم أداء أعمال جليلة تتطلب الترفع عن الأنانية الضيقة وحب المصلحة النفعية المحدودة اقتضى ذلك منهم التجرد لهذه الأعمال لعموم نفعها وشدة حاجة الأمم والأجيال المتتالية لاستمراريتها ، فكان أن زهدهم في الدنيا وأذاقهم حلاوة الإيمان ووجههم إلى حذف العلائق أو التخفف منها ما أمكن والاكتفاء من متاع الدنيا بالضروري الذي لابد منه .
ب ـ ثم إن أعمالهم التعليمية والعلمية والتربوية توجب خلو القلب من الشواغل وهموم الدنيا والجري وراءها بالكسب والجمع والحفظ وما يتبع ذلك مما يشوش الخاطر ويأخذ الوقت الذي هو رأس مال كل إنسان له هدف في الحياة يسعى لتحقيقه في عمره القصير مهما اقتد به التعمير .
ج ـ ولعلمهم أن أسباب الرزق كثيرة وأن الكدح في الدنيا ليس إلا باباً واحداً ضيقاً ، فتوجهوا لخدمة الرازق ـ سبحانه ـ مباشرة ثم والعمل لصالح الخلق الذين هم عيال الله وخيرهم أنفعهم لعياله سبحانه وتعالى ، وهل يا تُرى يضيع الله من وجهه الله لخدمته ونفع عموم خلقه لننظر ؟ !!
فضل كفالة معلم الناس الخير والداعي له وطالبه :
1 ـ كان النبي صلى الله عيه وسلم يعمل قبل البعثة في رعي الغنم ، ثم في التجارة بعد ذلك، وكان أبرك المتاجرين وأربحهم تجارة وأكثرهم وفاءً وأمانة ، وتلك أهم شروط التاجر الناجح الرابح ولما أثنت عليه أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بأصول مكارم الأخلاق التي عرفتها فيه قالت فيها : (كلا ، والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكَلَّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][1][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
فهذه أمور تتطلب مالا، وهي من أعظم أوجه الإنفاق في الخير، وأهمها وأعمها نفعاً الإعانة على نوائب الحق، وأي حق أجل من كفالة معلم الناس الخير ومتعلميه، ويكفي فاعل ذلك شرفاً التأسي بالنبي صلى الله عيه وسلم ، في مثل هذه الأصول الأخلاقية العالية، وأما ثوابها عند الله تعالى فحدث عنه ولاحرج.
2 ـ وكان أول المتأسين بالنبي صلى الله عيه وسلم بذلك أمنا خديجة رضي الله عنها عندما احتاج النبي صلى الله عيه وسلم إلى التفرغ للبلاغ والدعوة وتعليم الناس الخير وتعلم الوحي من ربه ومدارسته مع معلمه الأول جبريل عليه السلام (فاجتمع فيه في آن واحد مطالبنا الثلاث) فكانت خديجة رضي الله عنها خير معين له على ذلك كله بكل ما تملك بنفسها وروحها وجهدها العقلي والمالي ، وكانت لها بذلك جوائز كبيرة وكثيرة من الله تعالى في دنياها وأخراها حتى قال صلى الله عيه وسلم في جانب البذل المادي خاصة ـ ولا نسميه هنا كفالة ـ : (واستني بمالها إذ حرمني الناس)[SUP]([/SUP][SUP][SUP][2][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
فأي فضيلة أعظم من إنفاق المال على معلم الناس الخير في مواطن الأزمات وإدبار الناس عن الدين والأخذ والتلقي وتسلط الكفار وتواصيهم على تجفيف منابع الدعوة والعلم الشرعي بوقف المساعدات والحصار والمقاطعة الاقتصادية .. إنما يفوز بهذه المنقبة الموفقون من الله تعالى لأعمال الخير وكسب المآثر في الدنيا والأجور في الآخرة .
3 ـ وكان الحائز الثاني على هذه الفضيلة الرجل الثاني في الإسلام بعد النبي صلى الله عيه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، حيث كان الساعد القوي والمساعد الأول للنبي صلى الله عيه وسلم في مهام الدعوة والتبليغ والتعليم والتربية للأمة ، ومن ذلك ما بذله من ماله رضي الله عنه في مناسبات عديدة وفي أوقات حرجة جداً في حياة الإسلام والمسلمين ، وسرده يطول ، ويكفي عن ذكر الأمثلة عليه هذا المثال الحي والوسام العالي من معلم الخير الأول ، حيث يقول صلى الله عيه وسلم : مجملاً جهود الصديق رضي الله عنه في هذا الصدد (وواساني بنفسه وماله) (وقال : ليس أحد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة)[SUP]([/SUP][SUP][SUP][3][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
4 ـ ولما هاجر النبي صلى الله عيه وسلم وأذن له في الجهاد وشرعت أحكام جديدة كان من أولها نظام الغنائم وتقسيمها على المجاهدين وما خص الله تعالى به نبيه صلى الله عيه وسلم من الخمس والفيء لاتساع مسؤولياته المالية وتجرده لتعليم الناس الخير وتحمله نفقات الطلبة المستجدين في الإسلام والوافدين لدار هجرة سيد الأنام للتفقه في أحكام الإسلام .
فنحن هنا إذا اعتبرناهم حازوا سهامهم من الغنيمة لحملهم للسلاح وخوضهم المعارك فلا يجوز لنا أن نغفل عن المهام الرئيسة الأخرى وهي طلب العلم والدعوة إلى الله تعالى ؛ فلذلك أعطاهم الله وقسم عليهم رسوله صلى الله عيه وسلم . قال تعالى : )واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ( [ الأنفال: 41]
فسهامهم التي يحوزونها ويتمولونها ، لا لأنهم مجاهدون فقط ، ولا لأن بعضهم فقراء أو مساكين ، فقد أعطى الله الفقراء والمساكين وأبناء السبيل حقوقهم ولو لم يتمكنوا في الخروج والجهاد ، ولكن لعموم نفعهم للأمة وحاجة الأمة لجهادهم طلبهم للعلم والدعوة إلى الدين وحمل لوائه جهاداً وتعلماً وتعليماً ودعوة .
جاء في صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنها قال: (... إن الله سبحانه قد خص رسوله صلى الله عيه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، فقال جل ذكره : ) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب . للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون . والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ( [ الحشر : 7ـ9] .
قال البخاري مبيناً محل الشاهد من ذكر الآية الأولى هنا: (والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم ، لقد أعطاكموها وقسمها فيكم ـ يعني بهذا القرابة ـ ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته ، ثم لما توفي النبي صلى الله عيه وسلم فقال أبو بكر أنا وليّ رسول الله صلى الله عيه وسلم فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله صلى الله عيه وسلم) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][4][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
فنجد في الآيات المتلوة هنا أن الله تعالى منّ بالمال على من خرج لنصرة النبي صلى الله عيه وسلم وتجرد لدين الله ، ابتغاءً ما عند الله من علم ودين تعلماً وتعليماً وجهاداً ، وكذلك أثنى وأعطى من آوى هؤلاء المهاجرين الوافدين المتغربين في سبيل الدين والدعوة إليه ، ونشره وتبليغه بعد التجرد لتحصيله وتقديم الأرواح في الجهاد من أجله .
5 ـ ولما عممنا أن كل وافد على النبي صلى الله عيه وسلم بعد الهجرة يعتبر طالب علم وأن كفالته من أفضل الأعمال وأجلها أثراً في الدنيا وذخراً في الآخرة ، وكان من تأسي به في رعاية هؤلاء الوافدين يستحق إن شاء الله من الفضل ما لا يحده إلا الله تعالى ،كان جديراً بنا أن ننظر إلى قوم كانوا يعرفون في صدر الإسلام بأهل الصفة وهم أضياف الإسلام وفقراء الطلبة الوافدين الذين لا أهل لهم في المدينة النبوية ولا مال[SUP]([/SUP][SUP][SUP][5][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP]، وكانوا كما قال أبو هريرة رضي الله عنه ـ وكان واحداً منهم ـ يصحب الواحد منهم النبي صلى الله عيه وسلم على ملء بطنه فترات تطول أو تقصر حتى يجتمع في المسجد منهم مائة أو أكثر أو أقل ، فكان النبي صلى الله عيه وسلم يرى أن أهل المدينة مسؤولون على وجه العموم عن كفالتهم ؛ لذلك كان يطلب لهم من بيوته صلى الله عيه وسلم الطعام والشراب، ويطلب لهم ، ولا يتركهم يتكففون الناس ، بل يدل الناس بنفسه وبقوله بعد أن كان لهم قدوة بعمله فيقول : من يعشي هذا ؟ من يأخذ معه واحداً ؟ من يضيف إليه اثنان ؟ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاث ، وهكذا إلى أن قال : (ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس أو كما قال صلى الله عيه وسلم ، وأن أبا بكر جاء بثلاث ، وانطلق النبي صلى الله عيه وسلم بعشرة ..) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][6][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] ، كما قال في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم هذا .
فهل يا ترى تَحمَّل النبي صلى الله عيه وسلم إعالة هؤلاء وكفالتهم ؛ لأنهم فقراء فقط أم لأنهم غرباء طلبة علم شرعي وأخذ منهج إسلامي ، والخروج بعد ذلك للدعوة إليه وتبليغه وتعليمه والجهاد في سبيل الله بخوض المعارك من أجله ..؟ .
6 ـ وإذا نظرنا إلى اقتراح محمد بن مسلمة رضي الله عنه على النبي صلى الله عيه وسلم عندما رأى تكاثر هؤلاء الطلبة (من أهل الصفة) في المسجد وأشفق من تحمل النبي صلى الله عيه وسلم لشؤونهم فقال : (والدال على الخير كفاعله).
(ألا تفرق هذه الأضياف في دور الأنصار ، ونجعل لك من كل حائط قنواً ليكون لمن يأتيك من هؤلاء الأقوام ، فقال رسول الله صلى الله عيه وسلم : بلى ، فلما جدّ له مال جاء بقنو فجعله في المسجد بين ساريتين ، فجعل الناس يفعلون ذلك ، وكان معاذاً بن جبل رضي الله عنه يقوم عليه) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][7][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
فمجتمع يفد الطلاب فيه إلى معلم أو معلمين متعددين أو إلى مدارس ومراكز تشع عليهم بنور القرآن والسنة المطهرة والفقه والآداب وهو مجتمع مسلم لا يتردد في كسب هذه الفضائل بكفالة هؤلاء الطلبة وحسن رعايتهم ، والأمر يتوجه إلى أهل الثراء والسعة في المال والرزق أولا ، ثم إلى المجتمع بعامة ..[SUP]([/SUP][SUP][SUP][8][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP].
7 ـ وعندما أوصى النبي صلى الله عيه وسلم بالوافدين من طلبة العلم ، هل كان يقصد بذلك أن العلماء يرحبون بهم فقط وينشرون لهم ما عندهم من العلم ويتركهم المجتمع بعد ذلك وهم غرباء في ضيعة وبدون كفالة ورعاية .
إن الحديث في ذلك أشمل بكثير مما يتوقعه أو يتصوره بعض الناس الذين استحوذ عليهم الشح بمالهم على أن يكسبوا به الحسنات ، أو يرفعوا به أنفسهم بالمآثر في المجتمعات .. قال صلى الله عيه وسلم كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عيه وسلم قال : (يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون ، فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيراً) . قال الراوي : وكان أبو سعيد إذا رآنا قال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عيه وسلم) وفي لفظ : قال الراوي : وهو أبو هارون العبدي قال : (كنا نأتي أبا سعيد فيقول : مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عيه وسلم ، إن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال: إن الناس لكم تبع ، وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][9][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
فمن أراد أن يكون الناس له تبعاً في الخير كالصحابة الذين قال لهم النبي صلى الله عيه وسلم في هذا الحديث : (إن الناس لكم تبع) فليرحب بطلبة العلم والعلماء والدعاة ولينشر لهم ما عنده من فضل علم وزاد ومال ، والله يخلف عليه ويزيده في الخير والدرجات .
8 ـ وإذا كان العالم والمتعلم في الأجر شريكان ، وهما تضع الملائكة أحنحتها لهما رضاً لما يصنعان ، ويستغفر لهما كل شيء حتى الحيتان في البحر لعموم نفعهما وتعريفهما للناس الحقوق والأحكام والحلال والحرام بعد معرفة الله تعالى ورسله وأنبيائه وملائكته وتعليم الناس ذلك فإن كافل معلم هذا الخير ومعلمه والداعي له لا يقل ـ إن شاء الله تعالى ـ عن الشراكة لهما في هذا الخير وقد يزيد عليهم بأنهم إذا لم يجدوا أمن يكفلهم قد ينقطعون عن هذا الخير وينصرفون عنه فيعم الجهل والشر ويغلب الخبث في الأرض فيحل على الخلق سخط الله وغضبه بسبب ذلك[SUP]([/SUP][SUP][SUP][10][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP]
9 ـ وإذا كان طالب العلم عندما يسلك طريقه يسهل الله له به طريقاً إلى الجنة فلا نتردد ـ إن شاء الله ـ عند صلاح النية أن نقول إن الكافل له حتى يتفرغ لمهمته ويتقنها ويكون نافعاً للمسلمين ويتعدى نفعه ، أن ذلك في ميزان حسناته وأن الله تعالى بفضله وكرمه قد مسالك به مسلك الجنة الموصلة إليها بإذن الله [SUP]([/SUP][SUP][SUP][11][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
10 ـ وإذا كان الدال على الخير كفاعله فإن المعاون له على ذلك يدخل معه في الأجر إن شاء الله تعالى[SUP]([/SUP][SUP][SUP][12][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] ؛ لعموم لفظ الخير وتنوع الدلالة عليه لتشمل كل مايتطلبه حصوله وتعديه إلى الغير وكذا عند ظهور الحاجة إليه.
11 ـ وإذا كانت هداية رجل واحد خير من الدنيا وما فيها وخير من حمر النعم التي هي خيار أموال العرب عندهم فإن الذي يبذل ماله لهذا النوع من الجهاد العلمي الكبير كما سماه القرآن الكريم : ) وجاهدهم به جهاداً كبيراً ( [ الفرقان :52] ، فإن من يفعل ذلك رغبة فيما عند الله تعالى يناله هذا الفضل العظيم من الله تعالى[SUP]([/SUP][SUP][SUP][13][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
12 ـ وإذا كان من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، فإن كافل معلم الناس الخير والداعي إلى الله تعالى الذي يربى عباد الله وينشر دينه وطالب العلم الذي يريد أن يحصل العلم النافع ليسلك مسالكهما يدخل دخولاً أولياً في هذا الوعد الحسن من الله تعالى[SUP]([/SUP][SUP][SUP][14][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
13ـ ولما كان العامل في أمور المسلمين العامة كالولاة الذين تفرغوا لتعليم الناس ونشر العدل بينهم وسياستهم بشرع الله تعالى ، قال النبي صلى الله عيه وسلم في حقهم : (من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة ، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً ، ومن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً) [SUP]([/SUP][SUP][SUP][15][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] ، فإنه إنما نال ذلك من أموال المسلمين لعموم نفعه وتفرغه لمصلحتهم العامة ، فإن المعلم والداعي والطالب إذا تفرغوا لمهامهم العامة من تعلم وتعليم ونشر للعلم ، والدين كان حقهم في هذا المال عند توفر العدالة مفروضة ورعايتهم واجبة وكفالتهم فضيلة عظيمة [SUP]([/SUP][SUP][SUP][16][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
14 ـ وإذا نظرنا إلى دوافع الإعطاء والإنفاق نجد أن أعظمها فضلاً هو ما كان لله تعالى ومعيناً لأهل طاعته ، وأعظم أسباب الطاعة العلم تعلماً ودعوة وتعليماً ، فمن طلب فضل الله تعالى في كفالة العلماء والدعاة وطلبة العلم بماله كان قد حاز الفضائل الآتية :
أ ـ الإسهام في نشر العلم وصيانة الملة ومحاربة الشرور المختلفة .
ب ـ التأسي بالنبي صلى الله عيه وسلم في ذلك والاقتداء بالصحابة الكرام ومن اقتفى أثرهم من أهل الخير والمال والسلطان الصالح .
ج ـ كسب قلوب أبرك فئات المجتمع وبالتالي دعاءهم وثناءهم الحسن الذي يورث البركة في المال والأهل وبقاء الذكر الحسن على مر الدهور كما هو معلوم ومشهور .
د ـ صيانة هذه الفئة الصالحة من تغير حالها ، والحافظ على الأحوال الحسنة من مقاصد الشريعة التي تأمر بالعطاء من أجله ؛ وذلك أن حال العلماء وطلبة العلم هو التعفف والصيانة والبعد عن الحرف الدنيئة والمطامع المريبة ، فمن أعانهم على ذلك بكفايتهم وكفالتهم حقق لهم وللأمة مطلباً عظيماً هو التفرغ لمهامهم العامة وحمايتهم من الانصراف عن أعمالهم الجليلة أو تدنيسها تحت قهر الحاجيات الضرورية ، وقد قيل لأحد العلماء وقد احتاج إلى بيع الزيت والطلاب يتزاحمون حوله : إنه لا يليق بك هذا ، قال : (من جاع ببطن غير بطنه باع الزيت) يعني العيال والنفقات الواجبة للزوجات والأطفال والطلبة المغتربين الذين لا راعي لهم بعد الله إلا هو .
هـ وإذا قدرنا أنه لا يوجد من بين الأغنياء في الأمة من يراعي مثل هذه الأمور وإنما يعطي زكاة ماله للفقراء فقط كان العلماء والدعاة وطلبة العلم في مقدمة ما ينبغي تقديمهم في زكاة المال الواجبة ، فلتعففهم وصلاحهم يقدمون في الحصول على حقوقهم من الزكاة الواجبة .. [SUP]([/SUP][SUP][SUP][17][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] .
وبهذا نكون عالجنا هذه المسألة الجديرة بمزيد من البحث بما يؤصل فضلها ويسلط الضوء على اهتمام الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة على تحمل المسؤولية نحو معلمي الناس الخير والدعاة إلى الله تعالى والسائرين على طريق العلم الشرعي المتفرغين له ..
وخاتماً فإن العلماء دائماً ينشدون بلسان حالهم وبلسان مقالهم مع العلامة حماد ابن الأمين الشنقيطي متمنياً على الله تعالى :
[TABLE="align: right"]
[TR]
[TD]يا لهف نفسي على شيئين لو جمعا



[/TD]
[TD]
[/TD]
[TD]عندي لكنت إذن من أسعد البشر


[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]كفاف عيش يقيني ذل مسألة


[/TD]
[TD]
[/TD]
[TD]وخدمة العلم حتى ينتهي عمري


[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]وثالث أتمني لو ظفرت به


[/TD]
[TD]
[/TD]
[TD]كون السعادة لي في سابق القدر


[/TD]
[/TR]
[/TABLE]

وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

إعداد
د . محمد الداه أحمد الأمسمي


([1]) صحيح البخاري ، كتاب بدء الوحي ، باب الحديث الثالث ، فتح الباري ط2/، الريان 1407هـ (1/30) .

([2]) المسند للإمام أحمد ، المكتب الإسلامي ، ط5 1405هـ (6/118) .

([3]) صحيح البخاري ، مع الفتح 7/22 ، الحديث : (3661) ، والمسند (1/270) .

([4]) المصدر السابق 7/389 ، الحديث : 7/389 ، الحديث (4033) .

([5]) المصدر السابق 1/367ـ369 .

([6]) انظر الحديث وشرحه في المصدر السابق 6/679 ، وما بعدها ، وراوي الحديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه .

([7]) انظر أخبار مدينة الرسول صلى الله عيه وسلم ، لابن النجار 88 ، أو غيره من كتب السير .

([8]) راجع (رجحان الكفة في أخبار أهل الصفة) حيث بين أن كثيراً من العلماء رأوا أن شأن أهل الصفة هذا هو الأساس ؛ لتجمع الطلبة والمتربين والمتعدين عند شيخ في مدرسة أو رباط ، وهو الأصل في توجه الأغنياء والأمراء والخلفاء والسلاطين ؛ لتوقيف الأوقاف وإنشاء المدارس الخيرية وجماعات رعاية العلم وأهله .

([9]) جامع الأصول في أحاديث الرسول ، تأليف مجد الدين بن الأثير الجزري، دار الفكر ط2 ، 1403هـ 8/13.

([10]) انظر جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1/155 وما بعدها ، وشرح السنة للبغوي 14/229 .

([11]) السابق 1/169،168 ، وانظر ما بعدها إلى 147 ، وانظر تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم 223 وما بعدها .

([12]) انظر كتاب قضاء الحوائج ضمن موسوعة ابن أبي الدنيا ، مؤسسة الكتب الثقافية ط1 ، 1414هـ 2/35 ، وما بعدها ، حيث ذكر فيه صوراً من فضل وآثار التكافل الاجتماعي وردت بها أحاديث تنص على فضل إغاثة اللهفان وإشباع الجائع وإطعام الفقير وكسوة العاري ، وسقي الظمآن ، ومعلوم أن الصدقة في مثل هذا المقام من أفضل أعمال البر .

([13]) انظر المسند 5/274و357 ، وصحيح مسلم قد تكرر فيه المعنى المراد هنا ، راجع مختصر الحافظ المنذري لصحيح مسلم بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في الأحاديث رقم (1092) و (1859) و (1860) .

([14]) انظر شرح ذلك في جامع العلوم والحكم ، دار الكتب العلمية 195 ، وما بعدها .

([15]) صحيح ابن خزيمة ، دار الثقة 4/70 .

([16]) انظر تاريخ الدعوة الإسلامية ، في عهد النبي صلى الله عيه وسلم والخلفاء الراشدين ، بلاغ الدعوة ، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة ط1 ، 1414هـ ، ص 155 ، وما بعدها ، ومجلة الشريعة والدراسات الإسلامية ، جامعة الكويت العدد 13 ، 1409 هـ ص 189،188 .

([17]) انظر المنتقى للباجي 3/235 و240ـ 242 ، وإحياء علوم الدين للغزالي 1/197ـ200 . وكتاب الزكاة للقرضاوي 2/814ـ819 ، وراجع للمزيد من بيان صيانة أهل العلم وآداب الطلبة مع الحاجة الملحة لهم في المال والسكن ، وشدة الحاجة لما عندهم من علم في كتاب تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم تأليف ابن جماعة الكناني مع تعليقات المحقق السيد محمد هاشم الندوي ، دار المعالي ط 3 1419هـ ، الكتاب عموماً وخصوصاً ، ص 259ـ303 .
 
عودة
أعلى