مشروعية الانتصار للقرآن الكريم، حوار مع د. عبدالرحيم الشريف

بعد طول عهد عن هذا الحوار آن له أن يعود من جديد؛ ليواصل فيه إبداعته د. عبد الرحيم الشريف تأصيلاً وتأطيراً للانتصار للقرآن الكريم ..
فمرحبا بضيفنا وبالقراء الأكارم ..
 
دعوة، و رجاء:
ارجو ممن تابع مشروعية الانتصار للقران الكريم، حوار مع د.عبدالرحيم الشريف، ان يكتب على شكل نقاط ابرز النقاط التي (يراها حسب تقديره) تم مناقشتها و اي إضافات يرى انها مفيدة.
القصد من مشاركتي هذه هو شحذ الذهن من اجل متابعة الحوار بروح تستفيد مما نوقش سابقا.
على فكرة تمنيت ان أقوم بنفسي بتنفيذ ما اقترحته، لكن لا يمكنني في الوقت الحالي.
الخلاصة الدعوة من اجل اثراء حوار : مشروعية الانتصار للقران.
 
سؤال لأستاذنا الحبيب الدكتور الشريف:
كيف تقيم تجربة ملتقى الإنتصار منذ إنطلاقته إلى الآن مع التركيز على الجانب السلبي [في الرواية: " كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي"]؟

جزاكما الله خيرا.
 
حياكم الله أخي الحبيب المجتهد شايب
من حيث الإيجابيات:
ملتقى الانتصار للقرآن الكريم حقق أهم مقصود لضم علم الانتصار للقرآن الكريم إلى باقي أقرانه من علوم القرآن الكريم، الفائدة هي: أن يشتغل المهتمون بالتفسير وعلوم القرآن بالانتصار للقرآن، ولا يتركوا الأمر للدعاة أو المشتغلين بمقارنة الأديان فقط.
وإن كان ولغاية الآن حين أقابل بعض مسؤولي الجامعات الكبرى لأغراض التوظيف والعمل يستغربون من اهتمامي بالانتصار للقرآن الكريم، بل سألني أكثر من واحد في مجالس محتلفة: أنت رسالتك في الدكتوراة في العقيدة (مقارنة الأديان) أم التفسير؟
وكم أجد علامات الحيرة واضحة على جبينه حين أقول له: بل في علوم القرآن، عِلمٌ رئيس من علوم القرآن هو الانتصار للقرآن.

وحين تقدمت للترقية إلى رتبة أستاذ مشارك قبل سنتين أخبرني بعض من اطلع على تقييم المحكمين - بعد الموافقة على الترقية - أن بعضهم وضع تقدير (امتياز) مع ملاحظة أن البحث العلمي المحكم الذي قدمته لا علاقة له بالتفسير وعلوم القرآن بل بمقارنة الأديان.

وقبل أقل من أسبوع من اليوم جاءني رد أحد المحكمين على بحث تقدمت به، وجاء فيه أن القرآن الكريم لا يحتاج إلى دفاعك أيها المفسر والمشتغل بعلوم القرآن الكريم واتركه إلى الدعاة من مرتبة أحمد ديدات.

ومن إيجابيات الملتقى تجميع جهود القائمين على الانتصار للقرآن الكريم، وتعارفهم فيما بينهم، ومن ثم تتكامل إجاباتهم، لأن كلاً منهم ينظر من زاوية مختلفة.

ويمتاز فريق العاملين في الملتقى بروح تكاملية والعمل بروح فريق متجانس رغم تباعد أقطارهم، وكون أكثرهم لا يعرف حتى ملامح صورة إخوته الباقين.
وأسأل الله أن يكونوا من العصبة الذين بشَّر بهم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَلا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".
هذا من حيث الإيجابيات.

أما من حيث السلبيات:
معيار تحديد سلبيات السرعة والكفاءة والإتقان لطفل ما زال يحبو تختلف عن معايير عداء عالمي، الحوارات في ملتقى الانتصار للقرآن الكريم - رغم صغر عمرها النسبي - لها نكهتها المميزة، وكثير من المخاوف عند إنشاء ملتقى الانتصار للقرآن تبين أنها لم تكن واقعية.
هذه الحوارات بمقارنتها مع المرحلة العمرية القصيرة للملتقى وقلة التمرين العملي (الحوارات مع المخالفين فيه) فإنها تجاوزت نسبة الـ50% نجاح مقارنة بالمخاوف المتوقعة منها حين أنشئ الملتقى من سلبيات وعثرات.

ولكن لو قارنت كفاءة مخرجات ونتاجات الحوارات فيه مع المأمول فهي من حيث الإتقان والالتزام بآداب وشروط المناظرة والخلو من الأغلوطات المصاحبة لها فأعطيها درجة أقل من الربع (25 % ) للأسف؛ لأن الإنسان (أعني العربي) ابن بيئته، بيئتنا تربت على دكتاتورية الأب المتسلط، والمعلم الذي يقولب أفكار طلابه على طريقة واحدة للحل، وشيخ العشيرة الذي لا يحب أن يخالفه أحد.. الخ
ملتقى الانتصار للقرآن انعكاس للمجتمع العربي بأمراضه، ومن أمراض المجتمع العربي التي يجدها المتابع لهذا الملتقى:
ما زال كثير من العرب لا يتقنون فن الحوار مع الآخر، وما زلنا نعاني مدرسة الأبوية والتلقين والتسلط في الحوار، وبخاصة الافتراض المسبق لسوء نية الخصم، ومن ثم شخصنة الحوار والخروج بالمناظرة عن موضوعها الرئيس.
لا زلنا لا نناقش القضايا بموضوعية، بل نناقشها بعصبية.
لا زلنا لا نحسن المحاسنة في الصيد، فننفِّر الغزال الشارد بعلو صوتنا وصراخنا، ثم نتساءل ببلاهة: لماذا ينفر عن شبكة الصيد؟


لعل بعض الأحبة تفاجأ من إجابتي، ولكني أريد بهذه الإجابة أن أحقق صدمة مقصودة، صدمة كيف يشعر الطرف الآخر حين تهاجمه هجوماً عاطفياً، بتسلط وفوقية، ثم تتوسل إليه أن يقتنع بفكرتك، وهيهات!!
 
(الانتصار للقرآن الكريم حقق أهم مقصود لضم علم الانتصار للقرآن الكريم إلى باقي أقرانه من علوم القرآن الكريم،)
تواصلت مع احد الأشخاص بخصوص امر يخص القران و كتبت له ان الامر يتعلق بالانتصار للقران، و جاءني السؤال:
ماذا تقصدين بالانتصار للقران؟
اعتقد اننا بحاجة الى العمل اكثر في التعريف بهذا العلم لمن لا يعلمه، و توضيح أبجديات هذا العلم لمن يعلمه، الرحلة طويلة لكن ممتعة، ممتعة.
 
((ولكن لو قارنت كفائة مخرجات ونتاجات الحوارات فيه مع المأمول فهي من حيث الإتقان والالتزام بآداب وشروط المناظرة والخلو من الأغلوطات المصاحبة لها فأعطيها درجة أقل من الربع (25 % ) للأسف...
لا زلنا لا نحسن المحاسنة في الصيد، فننفِّر الغزال الشارد بعلو صوتنا وصراخنا، ثم نتساءل ببلاهة: لماذا يهرب عن شبكة الصيد؟))
كلام واقعي جدا.
(لعل بعض الأحبة تفاجأ من إجابتي)
لم. تفاجأني الإجابة ، تمنيت ان يكون هناك عرض أوسع للفقر الذي نعانيه فما يخص ادب الحوار، و ما يتعلق به من امور تتعلق بفن التواصل مع الآخرين، لكي لا يكون الكلام فقط على السلبيات ، دون ذكر طرق الحل.
على فكرة ، تشخيص المشكلة، و عرض السلبيات امر مهم، و سهل نسبيا معرفته، لكن معرفة الحلول الذكية، العملية، امر يحتاج الى جهد، و صبر.
وفقنا الله لما يحب و يرضى، امين.
 
ما هي تخصصات الدراسات العليا في العلوم الانسانية او غيرها "الخادمة، او ذات صلة " بالانتصار للقران، سواء بالعربية او الانجليزية؟
 
الإعجاز
التفسير وعلوم القرآن
الإعلام الإسلامي
الدعوة والاحتساب
مقارنة الأديان
الفلسفة الإسلامية

ومن غير التخصصات الشرعية
علوم الاتصال
العلاقات العامة
الفلسفة والمنطق
علوم الآثار
الانثروبولوجيا
التاريخ
اللغة العربية (وبخاصة البلاغة)
الأسلوبية (له علاقة بالبلاغة)
 
بالنسبة للإعلام، لماذا تخصيص دراسة الاعلام الاسلامي؟
عل هناك ميزة في دراسة الاعلام الاسلامي فيما يخص الانتصار للقران تميزه عن دراسة الاعلام بالشكل المتعارف عليه في الجامعات، خاصة دراسة الاعلام في الغرب و ما يتبع ذلك من الاطلاع و فهم الخطاب الغربي ( طبعا هذا الامر فيما يخص الانتصار للقران)؟
 
بالنسبة للأنثروبولوجيا ،
ارجو ممن عنده معرفة بهذا العلم توضيح علاقته بالانتصار للقران.
 
مشروعية الانتصار للقرآن الكريم، حوار مع د. عبدالرحيم الشريف

الإعلام = علم التواصل والاتصال = العلاقات العامة.
علم زهد فيه المسلمون وتلقفه يهود ومن خلاله سيطروا على العالم.
ويتميز الإعلام الإسلامي بمميزات أخلاقية تفرق بينه وبين الإعلام الغربي
فلا يصلح الانتصار للقرآن على نظرية الإعلام الميكافيللي ولا البراغماتي؛ فنحن لا نتقرب إلى الله (بالانتصار لكتابه) بمعصيته!
 
مشروعية الانتصار للقرآن الكريم، حوار مع د. عبدالرحيم الشريف

الانثروبولوجيا = علم آثار الإنسان
وتنقلاته وعاداته
أي علم الإنسان بصفته كائناً اجتماعياً

وهذا العلم مهم لأبحاث الانتصار للإعجاز الغيبي السابق
وبخاصة ما يختص بزمان ومكان الطوفان ومساكن عاد وثمود والمؤتفكات وإعادة صياغة أحداث قصص الأنبياء بما يتوافق مع الكتاب وصحيح السنة وقطعي العلم بمعزل عن أخطاء الكتب المحرفة..
 
حوار ماتع وتعليقات تثريه وتستخرج مكنونات ضيفنا العزيز ..

د. عبد الرحيم :
من ضمن أهداف هذا الحوار :
الإطلالةعلى الجهود المبذولة في الانتصار للقرآن الكريم سلفاً وخلفاً.

وسبق أن تناولت في مثاني حديثك بعض الجهود للمتقدمين في الانتصار، فهل يمكن إلقاء الضوء على الجهود الحديثة في مجال الانتصار للقرآن ؟
 
مشروعية الانتصار للقرآن الكريم، حوار مع د. عبدالرحيم الشريف

اسمح لي أخي د. حاتم أن أتحدث عن الرواد الأوائل من المعاصرين في كل مدرسة.

١- مدارس الكتب والمؤلفات والرسائل والمقالات: لعل الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي أول المعاصرين في المشرق (مصر) الذين انتصروا للقرآن الكريم، وبخاصة عند رده على الذي قال إن المثل العربي: " القتل أنفى للقتل " أفصح من آية: " ولكم في القصاص حياة ".
ويقال بأن صاحب تلك الدعوى طه حسين.
ولا ننسى جهد مدرسة المنار لمحمد رشيد رضا ومحب الدين بن الخطيب وإخوانهم.

في الهند ظهر رحمة الله الهندي صاحب كتاب " إظهار الحق " رائداً مميزاً وصاحب أسلوب بديع بالهجوم وسيلة للدفاع (الانتصار).

وفي المغرب ظهرت مدرسة ابن باديس وإخوانه في المغرب الإسلامي
ما الذي جمع بين تلك المدارس؟
المعاناة من المحتل وممن خلفه المحتل في ديارنا ممن يتسمون بأسمائنا.
بل إن كثيراً من العلوم المعاصرة التي خدمت التفسير كان منطلقها الرئيس الانتصار للقرآن، ولا ننسى أن السبب الرئيس الذي دعا فضيلة الشيخ عبدالستار فتح الله السعيد إلى إخراج التفسير الموضوعي إلى الوجود (حوار الملتزمين من إخوانه مع الشيوعيين في السجون) ومن ثم البحث عن مخرج لأسئلتهم وتشكيكاتهم من خلال جمع النصوص ورد المتشابه إلى المحكم.
انظر إلى التفسير الموضوعي كيف غدا لوناً من ألوان التفسير الرئيسة في زمننا.

ومن المدارس المميزة التي ينبغي التنويه ببصمتها المميزة مدرسة المهتدين من كبار الفلاسفة من طبقة عبدالرحمن بدوي وعبدالوهاب المسيري ومنير شفيق.

٢- أما مدرسة الإعجاز والرد على شبهات المشككين فيه فروادها بلا شك الزنداني وزغلول النجار أطال الله في أعمارهم ونفع الأمة بهم وأعمى عيون الأعداء عنهم.
ولا ننسى الجهد الضخم الرائد للهيئة العالمية للإعجاز العلمي.

٣- ومن المدارس الرائدة في الانتصار للقرآن مدرسة المنتديات الحوارية وغرف الدردشة الصوتية (البالتوك) التي تميز فيها أعلام مثل الأخ معلم، والأخ الفلوجة، والأخ أبو عبدالرحمن، والأخ صوماليانو، والأخ العميد، والأخ المستشار، والأخ طارق منينة، ود. هشام عزمي، والأستاذ الدكتور أحمد الخطيب، والصديق المجتهد الأكاديمي د. منقذ السقار، والدكتور أحمد الطعان.. وتلاميذهم.
فهؤلاء رفقاء درب في حوار النصارى والملحدين ولعلنا نجد من يخصص أطروحة دكتوراه في نقد جهودهم.

وإن أردتم أمثلة على جهود كل مدرسة في الانتصار للقرآن فلا بأس.
 
استعرضتم شخصيات كان لها كثير الأثر في الدراسات القرآنية، كما تطرقتم لبعض المدارس المتميزة وتأثيرها في مسيرة الانتصار للقرآن الكريم .
هلا تكرمتم بذكر أمثلة على جهود تلك الشخصيات والمدارس التي أوردتموها في الانتصار للقرآن الكريم ؟

ومن زاوية أخرى :
هل كان للظروف التي عاشوها من النواحي السياسية والاجتماعية والفكرية تأثير في تشكيل جهودهم في الانتصار للقرآن الكريم ؟؟
 
المثال الأول: حين ضَغَطَت الحكومة المصرية ـ المعيَّنة من الاحتلال البريطاني ـ على محمد رشيد رضا للكف عن الانتصار للقرآن الكريم في مجلة المنار، قال: " إني لن أدع الرد على المبشرين ما داموا يطعنون في الإسلام.. لأن الرد عليهم فرض من فروض الكفاية، حيث لا أرى مجلة ولا جريدة تقوم بها، فإن تركتها كنت آثماً كجميع القادرين عليها ".

المثال الثاني: كتاب (منحة القريب المجيب في الردّ على عبّاد الصليب) للشيخ عبد العزيز بن حمد آل معمر رداً على كتاب (مفتاح الخزائن ومصباح الدفائن) الذي كتبه المندوب البريطاني لدى دولة البحرين
انظر كيف سلسل رده:
1. إثبات دور المجامع الكنسّية في تحريف الأناجيل.
2. الأدلة على اختلافات الأناجيل وتناقضها.
3. البناء على ما سبق ببيان تحريف النصارى لصفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الواردة في كتبهم المقدسة.
4. مناقشة شبهة المندوب الإنجليزي الذي قارن بين محمد وعيسى - عليهما السلام – مرجحاً بسببها أن عيسى أفضل لأنه خُلق بدون أب وأحيا الموتى.. الخ.
5. بيان فضائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
6. بيان التفسير الصحيح لمعنى أن عيسى عليه السلام روح الله وكلمته.
7. بيان أبرز معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المادية.
8. الرد على الشبهات المكررة حول الجهاد وتعدد الزوجات.

المثال الثالث:
قال عباس محمود العقاد: " إنَّ العقل السليم لا يتقبل الحكم على الشيء بالغباوة والقداسة لعلة واحدة، في وقت واحد. فإن تقبَّل العقل ذلك، فلا بد من سبب يوقعه في هذا الاضطراب باختياره، وأكثر ما يكون ذلك السبب مرضاً من أمراض الجنون، أو هوىً دفيناً.. يحمله على المغالطة، ويعجزه عن مقاومتها، أو خداعاً مقصوداً يعرفه العاقل بينه وبين نفسه ويصطبغه مع غيره؛ لغشه والاحتيال عليه..
ولسنا نخطِّئ في جماعة المبشرين المتخصصين لنقد القرآن، آفةً من هذه الآفات. فليس من المعروف أن أحداً منهم يسلم من التخبط في التفكير، كما يتخبط المصابون بالعلل العقلية، أو يملكه التعصب الذميم فيقوده إلى المغالطة، ويُسوِّل له أن يحجب الحقيقة عن عينيه بيديه، أو يعمل عمل المحترف الذي يحتال لصناعته بما وسِعَه من وسائل الترويج والتضليل، ولا يعنيه إلا أن يعرِض بضاعته، ويهيء لها أسباب النَّفاق في السوق، وربما اكتفى من النفاق بإقناع صاحب البضاعة بصدق الخدمة في العرض والترويج ".
ثم ناقشَ شبهة للمُنصِّر (زويمر)، يزعم وجود خطأ علمي في القرآن الكريم عند حديثه عن فوائد العسل في قوله تعالى: " فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ " [النحل: 69]؛ لأنه لم يثبت ـ في عهده ـ أن للعسل فوائد طبية هامة.
وذكر عباس العقاد أنه بعد وفاة زويمر بتسع سنين، بيَّن الطب فوائد عظمى للعسل.. ثم ختم بالتعليق التالي:
" إن نصيب (زويمر) من هذه العِدة المعكوسة على قدر مكانته في ميدان التبشير، إلا أنها عِدة لا ترشحه لرد المسلمين عمَّا اعتقدوه. بل لعله لا يتطلب لرسالته عِدةً أوفى منها، لو أنه أراد بها تثبيت المسلمين على عقائد الإسلام "

من يتأمل الأمثلة السابقة يتأكد له جواب الشق الثاني من السؤال:
فمن المؤكد أن للظروف السياسية والتجارب الشخصية الأثر الأبرز لمنطلقات ودوافع الانتصار للقرآن لدى الباحثين العرب، وهذا انعكاس أيضاً لحالة عربية واضحة وهي أننا نتعامل بردات الفعل وأننا نتفاعل مع الحدث ولا ننشئ الحدث.
لو كان لعلم الانتصار للقرآن الكريم اهتمام لدى الباحثين وله هيئة عالمية قوية تسانده لخرجت أبحاثه بعيدة عن العاطفة وأمراض العجلة في الرد المعتمد على دفع الشتيمة بشتيمة أكبر.
الإنسان العربي هو أكثر الناس استفزازاً إذا استفز يستفزه أدنى شيء والذي يُستفز بسرعة يهدأ بسرعة.

تأمل المثال التالي لتعرف كيف أن الدولة (أو أي هيئة كبرى) حين تتبنى مشروعاً ما وتجعله همها الأكبر فإنه يؤتي أكبر الآثار،
أخذ الغرور بقسيس اسمه (فندر) لأنه كان يتجول في أرجاء الهند في حملات تنصيرية ببلاد المسلمين ولم يرد عليه أحد، فانبرى له الشيخ رحمة الله الهندي وتحداه في مناظرة: الذي ينهزم فيها يتبع دين الغالب، فوافق الطرفان.
وحين انهزم (فندر) بعد الجولة الثانية ورفضه الاستمرار حتى الجولة الثالثة (لأن الشيخ جعله يعترف بتحريف نسخ الأناجيل وبما أنها محرفة فلا يمكن لها أن تحاكم القرآن غير المحرف) حينئذ ذاع صيت الشيخ رحمة الله الهندي واستدعته دولة الخلافة الإسلامية إلى العاصمة واهتم به ورئيس الوزراء خير الدين باشا شخصياً وحثه على تأليف كتابٍ بالعربية يحوي شرحاً لتلك المناظرة.
وافق الشيخ فشرع في تأليف كتابه (إظهار الحق) في شهر رجب عام 1280هـ، وأكمله في ستة أشهر. وطُبع في تركيا على نفقة الخليفة، وَوُزِّعَ في البلدان العربية والإسلامية، كما تُرجم إلى اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية.
وكان للكتاب صدى واسع حتى إن جريدة "لندن تايمز" علقت عليه بقولها: " لو داومَ الناسُ على مطالعة وقراءة هذا الكتاب لتوقَّفَ انتشارُ الدين المسيحي كلياً، ولتأبّت النفوس من قبوله وسيختارون الإسلام ".
ولعل أبرز ما يميز هذا الكتاب أنه يدافع عن هجوم المنصرين على القرآن الكريم بهجومه عليهم وتدمير أسلحتهم التي يهاجموننا بها.
 
النماذج السابقة هي لجهود فردية، نرجو تسليط الضوء على الجهود الجماعية للانتصار للقرآن الكريم ؟
وبشكل آخر: هل للمؤسسات والجميعات والمراكز في العالم الإسلامي من جهود منظمة لمواكبة الطعون ضد القرآن الكريم ؟؟
 
ان كنت تقصد بالمفهوم الشامل للانتصار للقرآن الكريم: فللأسف لم أجد.

ولكن كانت هنالك جهود طيبة في دراسة مسلسلة تناول جزئية منه متعلقة بالاستشراق ونقده، منها: جهد د. مازن مطبقاني وإخوانه في مركز المدينة المنورة لبحوث ودراسات الاستشراق.
وايضاً لا ننسى الجهود الطيبة لرابطة العالم الإسلامي في سلسلة إصداراتها: دعوة الحق.

وأظن أن العمل الجماعي ينبغي أن تسبقه دعاية وحملة إعلامية قوية.
فمثلاً لماذا لا تتبنى فضائية ما هذا الأمر، وتجعل له حلقات مسلسلة (وليكن ذلك في شهر رمضان)، وأيضاً لا ننسى أهمية الإذاعات الإسلامية، والمجلات والصحف الدورية.

فكل منتج ينبغي أن يسبقه تسويق جيد، ومن بدهيات التسويق أن للدعاية والإعلان ٨٠٪ من الجهد والاهتمام و٢٠٪ للتأسيس على الأرض.

وحتى لا نبتعد عن الواقعية ينبغي أن نتذكر بأن هنالك طارئ جديد من المؤكد أن سيعيق الدعاية والسعي إلى لفت الانتباه لهذا العمل وهو الأوضاع السياسية والاجتماعية المضطربة في كثير من الدول العربية، مما غير أولويات الناس، بل تم تركيز بؤرة اهتمامهم نحو توفير الأمن والطعام لهم ولمن يعولون.

الجهد الجماعي المنظم في إثارة الشبهات حول القرآن الكريم لن يتصدى له إلا جهد جماعي منظم، فهل شاهدت فريقاً رياضياً يخسر أمام خصم من لاعبين مشتتين؟
هذه سنة الكون، وسنن الله لا تحابي أحداً.

مثلاً:
ليتأمل المهتمون بالانتصار إلى جهد الإخوة الجماعي الهادئ السلس في الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، برعاية شيخنا الكبير د. ناصر العمر ومتابعة دؤوبة من الأخ النشيط د. عمر المقبل وإخوانهم.

وآمل أن ييسر الله تبارك وتعالى أن ييسر ترجمة هذا الحلم إلى واقع، كما يسر إخراج حلم (تدبر) إلى بذرة ثم نبتة ثم شجرة وارفة الظلال يانعة الثمار.
 
كما ذكرتم لا تخلو الساحة من عمل مؤسسي في مجال الانتصاار للقرآن الكريم ومن الأمثلة على هذا ما يقوم به مركز تفسير والملتقى أحد أهم اعماله.
وعلى كل الأحوال فإن غياب العمل الجماعي المنظم في الانتصار للقرآن ظاهر على الأقل في الأوقات المعاصرة، ونرجو أن تتكاتف الجهود للارتقاء به ومواكبة الطعون المتتتابعة حول القرآن الكريم.

في ختام الحوار أشكر أخي وزميلي د. عبد الرحيم الشريف عميد كلية الشريعة في جامعة الزرقا بالأردن على هذا الحوار المفيد والمهم، ونسأل الله أن ينفع به وبعلمه.

ويبقى المجال مفتوحاً للقراء في حال وجود أسئلة لضيفنا الكريم..
والله الموفق؛؛
 
جميل هذا الحوار،،،،،،استمتعت به!

لديّ هذه الإضافة :
الصدق .... ثم الصدق .... ثم الصدق!
أرى الكثير من الأبحاث والكتب والمؤتمرات لكن ينقصها الكثير من الصدق!
لا أتذوقه .... لا أشعر به !
لا أدري ! ولكن ما أعرفه جيداً أن الصدق معيار تطور الأمم وحضارتها!
الصدق هو أهم ما يجب أن يتحلى به الباحث أو أيًا كان! بغض النظر عن النتيجة هل هي معك أو تخالفك
لأن مَن صدق مع الله كان خيراً له في دنياه وآخرته!

أجاهد نفسي كثيراً للتحلي بهذه الصفة وأظنني أحتاج إلى مضاعفة هذا المجهود أضعافاً، البيئة العلمية لدينا يكتظها الكثير من الكذب ، ويزاحمها الاستعراض، وإن دققت لا تجد قيمة علمية تذكر!


لما فقد المسلمون هذه الصفة آلت حالنا إلى ماصرنا عليه ! والله المستعان .
 
أشكركم على الثقة يا مكرمون
جزاكم الله كل خير ووفقكم
وأرحب بأسئلتكم ومداخلاتكم، فالمشروع في بدايته ككل صغير يدرج يتعثر.. ينهض حين يتهادى بين أيدي محبيه.. يصبرون عليه ليشتد عوده.
لنتوكل على الله ولندع الأمر له جل جلاله ، مع شيء من عامل الزمن، والغيث المبارك، وأشعة الشمس، وسواعد المجتهدين.

أرى الكثير من الأبحاث والكتب والمؤتمرات لكن ينقصها الكثير من الصدق!
لا أتذوقه .... لا أشعر به !
.... البيئة العلمية لدينا يكتظها الكثير من الكذب ، ويزاحمها الاستعراض، وإن دققت لا تجد قيمة علمية تذكر!

الموضوعية العلمية شرط مفقود في كثير من أبحاثنا في دولنا العربية، ويبدو أن من أسبابها تعلق القارئ العربي بالعاطفة وجنوحه إلى إلزامك لوازم لا تلتزمها في سياق كلامك، مما يضطر كثير من الباحثين إلى الميل نحو التسطيع وعدم التعمق.
ومن جهة أخرى فعدم وجود تكامل بين الجهات التنفيذية (الحكومية) في الدول العربية والجهات العلمية (الأكاديمية) يُفقد أكثر توصيات المؤتمرات والأبحاث قيمتها.
 
(( الموضوعية العلمية شرط مفقود في كثير من أبحاثنا في دولنا العربية، ويبدو أن من أسبابها تعلق القارئ العربي بالعاطفة وجنوحه إلى إلزامك لوازم لا تلتزمها في سياق كلامك، مما يضطر كثير من الباحثين إلى الميل نحو التسطيع وعدم التعمق.
ومن جهة أخرى فعدم وجود تكامل بين الجهات التنفيذية (الحكومية) في الدول العربية والجهات العلمية (الأكاديمية) يُفقد أكثر توصيات المؤتمرات والأبحاث قيمتها.))


اعتقد و الله اعلم ان من افضل الوسائل للتغلب على السلبيات الموجودة في البحث العلمي في وقتنا المعاصر : العمل الجماعي، العمل الجماعي،....
هذه عبارة للأستاذ عبدالرحمن ابو المجد تمثل بوضوع و اختصار أهمية العمل الجماعي:


(( لم تعد للجهود الفردية قيمة تُذكَر، في ظل جهود الفِرَق البحثية القوية، أصبحت المشروعات العِلمية العالمية مثل الشركات القوية العالَمية التي تُجبر المستهلك على الإقبال على منتجاتها المتنوعة، ))
رابط المشاركة التي ذكرت فيها العبارة اعلاه:
http://vb.tafsir.net/tafsir42797/#.VRuZVdoaySM
 
نعم، تغيب عنا ثقافة " العمل الجماعي "
وإن حدث، فهو غير منسجم ولا منضبط للأسف الشديد. الله المستعان
 
عودة
أعلى