مسألتان في [ثيبات وأبكارا] الآية الخامسة من التحريم

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
ثَيِّبَاتٍ وأبْكَاراً
مسألتان: في قول الله تعالى: [عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا]
الأولى: لماذا قدم [ثيبات] على [أبكارا]؟
الثانية: لماذا فصل بالواو بين [ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا] من دون الصفات السابقة؟

المسألة الأولى: لماذا قدم [ثيبات] على [أبكارا]؟
أما كتب التفسير فقد علل ذلك ابن عجيبة بتوجيه لطيف قال: وعَطْف الأبكار على الثيبات من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
أما البقاعي في نظم الدرر فقد رأى أن الخبرة كانت السبب في تقديم الثيبات على الأبكار، فقال: قدمهن لأنهن أخبر بالعشرة.
وكان لصاحب التحرير والتنوير توجيه آخر لطيف، قال: "وَتَقْدِيمُ وَصْفِ ثَيِّباتٍ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَزوَاج النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجْهُنَّ كُنَّ ثَيِّبَاتٍ. وَلَعَلَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَلَامَ الْأَشَدَّ مُوَجَّهٌ إِلَى حَفْصَةَ قَبْلَ عَائِشَةَ وَكَانَتْ حَفْصَةُ مِمَّنْ تَزَوَّجَهُنَّ ثَيِّبَاتٍ وَعَائِشَةُ هِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِكْرًا"

توجيه الباحث:
مرت هذه الآية على قلبي مرارا أثناء التلاوة ودائما ماكان يستوقفني تقديم (الثَّيِّبَات) على (الأبكار)، وقد طالَعتُ كتب التفسير فوجدتُ ما تقدم من توجيهات، وهي وإن كانت وجيهة لكن قلبي لم يسكن بها، فاجتهدتُ أن أقف على وجه لهذا التقديم، ووفقني الله إلى تأويل أرجو الله أن أصيب به وجه الحق:

لقد نظرتُ في حال (الثيبات) في المجتمع فوجدتُ أنهن كَسِيرات، ضعيفات، مَهِيضات الجناح؛ حيث إن الرغبة في الزواج منهن قليلة، قد تجد كثيرات منهن يَخُضْنَ غمار الحياة بِشَقَاءٍ وعَنَتٍ وعَنَاء، في حين أنَّ الأبكار لهن العِزُّ كله، والأمل كله، والرغبة في الزواج منهن عظيمة.
وقد علمتنا البلاغة العربية أن العرب إذا اهتمت بشيء قدمته، فرأيتُ أن القرآن قدم (الثيبات) على (الأبكار) في الآية للاهتمام بهن وبشأنهن، ولِيَصْرِفَ النظر إليهن، حتى لا يُهْمَلْن، فالأبكار لسن في حاجة إلى هذا الاهتمام، لأن الاهتمام بهن قائم وشديد، فقَدَّمَ القرآن من هن في حاجة إلى الاهتمام، ترغيبا فيهن، ولَفْتاً للنظر إليهن، ورعاية لهن، وبيانا لفضلهن من الخبرة وحسن تدبير الأمور.

المسألة الثانية: لماذا فصل بالواو بين [ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا] من دون الصفات السابقة؟
تأملوا معي الترتيب والعطف في:
[مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا]
لو تأملنا الترتيب: [مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ] سنجده من الأدنى إلى الأعلى، ولم يفصل بين الصفات بعطف، فلما وصل إلى الصفتين الأخيرتين: [ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا] فصل بينهما بالواو، فما السبب؟
قال العلماء: إن الصفات الأولى [مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ] يمكن أن تجتمع كلها في امرأة واحدة ثَيِّباً كانت أو بِكْراً، أما الصفتان الأخيرتان [ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا] فلا يجتمعان معا في امرأة واحدة، فإمِّا ثَيِّب، وإمَّا بِكْر، ولذلك كان الفصل بالواو هنا واجبا.
والله أعلم
د. محمد الجيالي.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحس الله إليكم يا دكتور
واضيف بأنه ما دام النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يأمره الله بتطليق نساءه أو بعضهن فقد اجتعمت فيهن صفات من كن سيستبدلن في حال الطلاق ، فثبت لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن بأنهن : مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإليكم أحسن الله أخي الكريم الغامدي
نعم ، هن كذلك
رضي الله عنهن
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذ الفاضل محمد الجبالي وبارك بكم ...وارجو ان تسمحوا لي بهذه الملاحظة:
ان القرآن بدأ بالكثير الى القليل من ناحية الايمان فالاسلام اكثر من الايمان قال تعالى(
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) وكذلك الصفات الأخرى( قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)
﴿مسلمات﴾ مقرات بالإسلام
﴿مؤمنات﴾ مخلصات
﴿قانتات﴾ مطيعات
﴿تائبات عابدات سائحات﴾ (سائحات ):(صائمات أو مهاجرات)، فهي درجات أعلاهن المهاجرات: وهن اللواتي هجرن المعاصي وأخلصن أكثر من سابقاتهن والله تعالى اعلم .
اما الثيبات والابكار فهنا انتقل الى الوصف الجسدي فوضع الواو لان أغلب الابكار سيصبحن ثيبات والله سبحانه أعلم وأحكم .
 
ليس ذلك التفسير الصحيح ، الواو في الآية هي واو التساوي، فالله سبحانه تعالى جعل التيبات كالبكر في القدر إن توفرت فيهم الشروط و هي (مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ).
لا فرق بين الثيب و البكر و الواو هنا هدفه هو الإشارة إلى ذلك لا غير .
من هي خير من عند الله و ليس من هي خير عند أعين الناس .
لو كان هنا الآية تتكلم عن الخير الدنيوي فلو كان الله جعل الجمال و المال في الآية ..
لهذا فالارملة أو المطلقة أو المختصبة إذا كانت مسلمة مؤمنة قانتة عابدة سائحة كالبكر ، فهي عند الله كالبكر.

الواو هدفه إزالة التفكير الجاهلي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد من أفضل من بحث الموضوع هو من ميز في الواو عطفها وهو ان نميز عطف الجمل
وعطف الاسماء وعطف الصفات ونحن فيها اي في عطف الصفات قال صلاح الدين العلائي(ت 761ه ):
(
والذي يقتضيه التحقيق أن الصفات إذا قصد تعدادها من غير نظر إلى جمع أو انفراد لم يكن ثم عطف وإن أريد الجمع بين الصفتين أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف وكذلك إذا أريد التنويع لعدم اجتماعهما فإنه يؤتى بالعطف أيضا وكذلك إذا قصد رفع استبعاد اجتماعهما لموصوف واحد فإنها ...وأما قوله تعالى {ثيبات وأبكارا} فإن المقصود بالصفات الأول ذكرها مجتمعة والواو توهم التنويع لاقتضائها المغايرة فترك العطف بينها لبيانا اجتماعها في وقت واحد بخلاف الثيوبة والبكورة فإنهما متضادان لا يجتمعان على محل واحد في آن واحد فأتى بالواو لتضاد النوعين) كتاب الفصول المفيدة في الواو المزيدة ص 143
اللهم علمنا ما جهلنا وبارك لنا جميعا في علمنا أعضاء هذا الملتقى وعضواته والله تعالى اعلم .


<< <
 
لاشك بتفضيل البكر على الثيب وجعلها جزاء للمؤمنين المتقين ، يقول تعالى:
إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً 35 فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا 36 عُرُبًا أَتْرَابًا 37 لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ 38 (الواقعة)
 
عودة
أعلى