مرتكزات الأساس العقلي والعلمي في مخاطبة غير المؤمنين في القرآن الكريم

إنضم
02/11/2015
المشاركات
43
مستوى التفاعل
3
النقاط
8
الإقامة
مصر
مرتكزات الأساس العقلي والعلمي في مخاطبة غير المؤمنين
في القرآن الكريم

التفكر فطرة أودعها الله في الإنسان لأهميتها في الرقي بالعقل الذي يعتبر أداة التمييز والفهم والاختيار، فباستخدام العقل يفرّق الإنسان بين الصالح والفاسد، بين النافع والضار، بين الحق والباطل. وبتعطيله تلتبس عليه الأمور ويفقد هذا التمييز.
وبطلب العلم وإعمال العقل يدرك حقائق الأشياء، ودلالاتها على عظمة وقدرة الله سبحانه وصفات الكمال والجلال والجمال التي هي واجبة لمبدع الأكوان وخالق الأشياء، فإذا لم يتفكر الإنسان ويطلب العلم بقي في ظلمات الجهل لا يعرف الحقائق ولا الدلائل، ولا ما جاءت به الرسل ولا العلوم الأخرى التي تزيده نوراً، وتبين له طريق السعادة في الدنيا والآخرة.
ولذلك نجد أن الاكتشافات العلمية جاءت نتيجة التفكر في الكون و ما يحتويه. إلا أن البعض يتعامل مع هذا الكون وما فيه كمادة طبيعية وليس كونه خلقاً من مخلوقات الله الدال على عظمته والدافع إلى الإيمان به .
لذلك كان مبدأ طلب العلم والتفكر والتأمل ، أصل مبادئ بناء الحضارة الإسلامية، وأول لبنة في صرح الكمالات الفردية والاجتماعية.
ومن هنا يجد قارئ القرآن الكريم عددا كبيراً من الآيات التي تحث على استخدام العقل والفكر، وطلب العلم، ونشره ، مبينة فضله وفضيلة العلماء والعقلاء، وإذا تدبرنا هذه الآيات وجدنا أنها تدعو إلى التفكر والتأمل واستخدام العقل.
وفي هذا المطلب سنحاول بيان مفهوم التفكر لغة واصطلاحاً، وإيضاح أساليب القرآن في حث غير المؤمنين على التفكر.
أولاً: تعريف التفكر لغة واصطلاحاً:-
1 - التفكــــر لغــــة :
قال الأزهري : التَّفَكُّرُ: اسْم للتَّفكير، وَيَقُولُونَ: فكّرَ فِي أمره، وتفكَّرَ، وَرجل فِكِّيٌر: كثير الإقبال على التّفكُّرِ والفِكْرَة، وكلُّ ذَلِك مَعْنَاهُ وَاحِد.([1])
وفي استعمال العامة: افتكر، والمعنى: تأمل. قال الجوهري: التفكر: التأمل، والاسم الفكر والفكرة، والمصدر الفكر، بالفتح.([2])وفي المحكم: إعمال الخاطر في الشيء، كالفكرة. قال سيبويه: ولا يجمع الفكر ولا العلم ولا النظر، قال: وقد حكى ابن دريد في جمعه أفكارا.([3])
2 – التفكـــر اصطلاحــاً :
قال الراغب : «الفكرة: قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر: جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب»([4]).
وقال الجرجاني: «التفكر تصرف القلب في معاني الأشياء؛ لدرك المطلوب»([5]).
وقيل: هو إحضار ما في القلب من معرفة الأشياء وقيل: التفكر: تصفية القلب
بموارد الفوائد. ([6])وقيل: التفكر تصرف القلب بالنظر في الدليل .([7])
وقد ذكر صاحب كشاف اصطلاحات الفنون([8]) أن التفكر يطلق عند المنطقيين على ثلاثة معان:
الأول: حركة النفس في المعقولات بواسطة القوة المتصرّفة، والمراد بالمعقولات ما ليست محسوسة.
والثاني: حركة النفس في المعقولات مبتدئة من المطلوب المشعور بوجه ما، مستغرقة فيها طالبة لمبادئه المؤدّية إليه إلى أن تجدها وترتّبها، فترجع منها إلى المطلوب،- قال - أعني مجموع الحركتين، وهذا هو الفكر الذي يترتّب عليه العلوم الكسبية.
والثالث: هو الحركة من المطلوب إلى المبادئ وحدها من غير أن توجد الحركة الثانية معها وإن كانت هي المقصودة منها.اهـ
والحاصل من هذه التعريفات أن التفكر هو إعمال العقل في أمر من الأمور، وتأمله للوصول إلى حقيقته وأسبابه، وأن هذا الفعل خاص بالإنسان دون الحيوان.
3 – الفرق بين التأمل والتفكر والتدبر :
قد ورد في القرآن الكريم الحث على التفكر والتأمل والتدبر إلا أن السؤال يطرح نفسه هل هي كلمات مترادفة أم أن لكل منها معنى يخصها وغاية تتفرد بها؟
وقبل الإيضاح يجدر بنا التعرف على أصل كل لفظة عند علماء اللغة حتى يسهل علينا استخراج معاني ودلالات هذه الكلمات.
فالتفكر في أصل اللغة مأخوذ من مادة «ف ك ر» التي تدل على تردد القلب في الشيء، أما التأمل فهو مأخوذ من «أ م ل» التي تدل على التثبت والانتظار.
وأما التدبر فمأخوذ من مادة«د ب ر» التي يقصد بها النظر في عواقب الأمور.
أما من الناحية الاصطلاحية: فإن التأمل المراعى فيه إدامة النظر والتثبت إذ جاء في تعريفه، تدقيق النظر في الكائنات بغرض الاتعاظ والتذكر، أما التفكر فهو جولان الفكرة وهي القوة المطلقة للعلم كما تقدم تعريفه، فلا يشترط في التفكر إدامة النظر، ولا أن يتجاوز الحاضر إلى ما يؤول إليه الشيء مستقبلاً.
وإذا انتقلنا إلى التدبر فنجد أن معناه، النظر في عواقب الأمور وما تصير إليه الأشياء أي أنه يتجاوز الحاضر إلى المستقبل، لأن التدبر يعني التفكر في دبر الأمور، ومن ثم عرفه الجرجاني بأنه عبارة عن النظر في عواقب الأمور.([9])
وكل من التدبر والتفكر من عمل القلب وحده إلا أن التفكر تصرف القلب بالنظر في الدليل، والتدبر تعرفه بالنظر في العواقب وكلاهما لا يشترط فيه الديمومة والاستمرار بخلاف التأمل.
وهناك فرق جوهري آخر بين التأمل وكل من التفكر والتدبر، وهو أن التأمل قد يحدث بالبصر وحده أو بالبصر يعقبه التفكر. أما التفكر والتدبر فبالبصيرة وحدها إذ هما من أعمال القلب . والعبرة أن التأمل قد يكون بالبصر مع استمرار وتأن يؤدي إلى استخلاص العبرة .
وأن التفكير جولان الفكر في الأمر الذي تكون له صورة عقلية عن طريق الدليل، أما التدبر فهو يعني العقلي إلى عواقب الأمور، وهذه المعاني الثلاثة وإن كانت متقاربة إلا أنها ليست واحدة، وإذا ذكر بعض أهل العلم أنها مترادفة فإنما يقصد فقط الترادف الجزئي.
ثانياً: مجالات المنهج العقلي:-
القرآن الكريم يخاطب العقل ويُقنِع الإنسان بالمنطق السهل المؤثر في النفس بأسلوب حي جذاب؛ حيث يوجِّه نظره إلى آيات الله في الكون والرزق والحياة والموت والأحداث الجارية، وبأسلوب ومنهج عقلي يؤدي في النهاية إلى الغاية ذاتها، وهي إدراك حقيقة الألوهية وما يتفرع عنها من حقائق وقضايا الإيمان والعقيدة:
1 - ففي مجال الإلوهية:
يعرض القرآن الكريم آيات القدر والخلق، ومظاهر الموت والحياة، فيقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ * أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ * أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾([10]).
وهذا الآيات مثال على المنهج العقليِّ؛ لما فيها من أسلوب منطقيٍّ يتصف بالحيوية؛ لما فيها من الأسئلة الموجَّهة إلى المخاطَب والإجابة عنها إلى أن يصل إلى النتيجة المطلوبة التي بُدئ بها لإيراد الدليل عليها، مع تعدُّد الأمثلة المأخوذة من حياة الإنسان وما يحيط به.
ولو تأمَّل الإنسان بعقله وفكره آياتِ الله المبثوثةَ في الأرض وفي النفس والآفاق، لأيقن بأن وراء هذه الآيات قدرةَ الله تعالى وأنها دليل على وحدانيته، فتجب طاعته، والالتزام بأمره ونهيه، وخلع ما يُعبَد من دونه من الأنداد والشركاء. قال الله تعالى: ﴿ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾([11]).
وبالأسلوب العقلي المنطقي تأتي أدلة الوحدانية، كقوله تعالى: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَهٍ إذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾} [سورة المؤمنون، الآية: 91]، وكما قال تعالى:﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾([12]).
والبراهين العقلية في القرآن ذات طريقة حيَّة وبأسلوب يمكن أن تفهمه الخاصة والعامة؛ كلٌّ بقدر طاقته.
2 - وفي مجال النبوات أيضاً:
يخاطب القرآنُ الكريم العقلَ، ويوجِّهه إلى معرفة صدق النبيِّ ومصدر القرآن، وأنه هو الوحي المنزَّه عن الخطأ والاختلاف، فيقول الله تعالى:﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾([13]).
فإن سلامة القرآن من الاختلاف والتناقض، مع سلامته في الأسلوب الذي يجري على منهج واحد، دليلٌ عقليٌّ على أنه من عند الله، تعالى؛ فلو كان من عند غير الله لظهر فيه ذلك التفاوت .
2 - وفي السمعيات:
يقيم القرآنُ الكريم الدليلَ العقليَّ على البعث والحساب؛ فإن العقل يمنع أن تكون الحياة عبثاً؛ وأن يُترك الإنسان سدىً دون تكليف ولا محاسبة ولا جزاء يفرَّق فيه بين المؤمن والكافر، وبين التقي والعاصي الفاجر، فيقول الله تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾([14]).
وكذلك يحكم العقل بأنَّ من قَدَر على الخلق في المرة الأُولَى فهو على الإعادة أقدر:﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾([15]).
والذي ينبغي أن نُلمِح إليه في كلامنا عن المنهج العقلي: أن القرآن الكريم بيَّن للعقل الطريقَ الذي ينبغي أن يسير فيه حين يريد النظر في مسألة بعينها؛ والطرائق مختلفة والأساليب متعددة؛ ولكل مسألة من المسائل ما يناسبها من طرائق النظر وأساليب الفكر.
فإذا كان موضوع النظر هو مسائل الإلوهية، فإن العقل أمامه طريقان:
أحدهما: أن ينظر في الكون ويتأمَّله ليستنتج من ذلك أن له موجداً، ثم ينظر في تناسق هذا الكون وانسجامِه ليعلم أن موجده واحد عليم حكيم خبير.
والطريق الثاني: أن ينصت إلى هذا الإله الذي آمن به حينما يتحدث عما يجب وعما يجوز وما يستحيل على هذا الإله من أسماء وصفات.
أما حين يكون الحديث في مجال النبوة -مثلاً- فإن القرآن يوجِّه العقلَ وِجْهةً أخرى، فيطالبه بالنظر في إثبات دعوى النبوة من جهات ثلاث:
الأولى: النظر في تاريخ مدعي النبوة .
والثانية: فيما جاء به هذا النبي من العقائد والشرائع.
والثالثة: أن ينظر فيما ادَّعاه من الخوارق والمعجزات .([16])
مما سبق يتضح أن القرآن يسلك منهجاً عقلياً ووجدانياً في الوقت نفسه لبيان حقائق العقيدة والإيمان، وقد تنوعت أساليبه في مخاطبة غير المؤمنين.
ثالثاً: أساليب القرآن في الحث على التفكر والتدبر والتأمل:-
قد تنوعت أساليب القرآن الكريم في الحث على التفكر والتأمل واستعمال العقل، وتكررت دعوته إلى التعقل، ذلك ليفتح الآفاق الرحبة للعقل لعي ويتفكر ويتدبر .
وقد تكررت مادة ( فكر ) في القرآن الكريم ثماني عشرة مرة، جاءت بصيغة الفعل المضارع : تتفكرون، يتفكرون ...إلا في موضع واحد جاءت بصيغة الفعل الماضي في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾([17]).
وقد ورد القرآن الكريم بالأمر بالتفكر والتدبر، وإطلاق عنان تأمل الآيات الكونية، في أكثر من سبعمائة وخمسين آية، في حين أن آيات الأحكام الصريحة لا تزيد على مائة وخمسين آية، ولم يأمر الله تعالى عباده في كتابه ولا في آية واحدة أن يؤمنوا به، أو بشيء مما هو عنده، أو يسلكوا سبيلاً على العمياء وهم لا يشعرون، حتى إنه علل الشرائع والأحكام التي جعلها لهم.
ولو تفكرنا قليلاً في القرآن الكريم، ونظرنا فيه نظرة تأمل لم نجد في القرآن الكريم سورة طويلة متفردة بذكر الأحكام، في حين نجد سورًا كثيرة ليس فيها إلا المباحث العقلية، وتقرير حقائق الأشياء، والكلام على الفطرة والنواميس الكونية، وخلق العالم، وإثبات الخالق، والحديث عن النفس، والإرادة، والاختيار، وعن الرسالة والوحي، والبعث، والخلود.
لذا فقد سلك القرآن في استثارة تفكير الإنسان أساليب عديدة توصّلاً إلى وقوفه على أمهات القضايا التي تتوقف عليها حياته، والتي تؤثر سلباً أو إيجاباً في تقرير مصيره، كقضية الإيمان والمعاد والنبوّة ونظرته إلى الكون والحياة وإعمارها، ومن هذه الأساليب ما يلي:
الأسلوب الأول: الاستفهام الإنكاري:-
وهو أوّل هذه الأساليب وأهمّها، فقد ورد في ثلاث آيات:
في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾([18]).
وهذه الآية وردت بمناسبة تصحيح التصوّرات الجاهلية عن الأنبياء والرسل، بعدما عبثت بها جاهليات العرب وغيرهم من الأمم حولهم، فابتعدت بها عن حقيقة الرسالة، وحقيقة النبوّة، وحقيقة الوحي، ودخلت بها خرافات وأساطير وأوهام وأضاليل؛ حتى اختلطت النبوّة بالسحر والكهانة، واختلط الوحي بالجنّ والجنون، وأصبح يطلب من النبيّ أن يتنبأ بالغيب، وأن يأتي بالخوارق.
قال البيضاوي: قل لهم: هل يستوي الأعمى الذي هو ضال جاهل، والبصير الذي هو مهتد عالم، أو: هل يستوي مدعي المستحيل كالإلوهية والملكية ومدعي الحق، كالنبوة والرسالة، أفلا تتفكرون فتميزوا بين ادعاء الحق والباطل، فتهتدوا إلى إتباع الحق وتجنب الباطل.([19]) فإنه بين، لا يلتبس على من له أدنى عقل وأقل تفكر.
والآية الثانية وردت في السياق نفسه، في سياق تبرئة النبوّة مما علق بها من مقولات خاطئة، وتصوّرات باطلة. يقول سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾([20]).
فلا يمكنه أن يأتي بالخوارق من تلقاء نفسه، ولماذا يفترض أن يأتي بها إرضاءً لشهوات القوم؟! ولم لا يكون التفكّر في حقيقة ما جاء به النبيّ من الهداية والرشاد؟!
إن القرآن يهزهم من غفوتهم، ويوقظهم من غفلتهم، ويستنقذ من تحت الركام فطرتهم وعقولهم ومشاعرهم . إنه يخاطب كينونتهم البشرية كلها، بكل ما فيها من أجهزة الاستقبال والاستجابة. إنه لا يوجه إليهم جدلاً ذهنياً بارداً إنما هو يستنقذ كينونتهم كلها وينفضها من أعماقها([21])، {أو لم يتفكروا} الاستفهام للإنكار عليهم حيث لم يتفكروا في شأن رسول الله ﷺ وفيما جاء به {ما بصاحبهم من جنة} ما للاستفهام الإنكاري والجنة مصدر أي وقع منهم التكذيب ولم يتفكروا أي شيء من جنون كائن بصاحبهم كما يزعمون؟ فإنهم لو تفكروا لوجدوا زعمهم باطلاً وقولهم زوراً وبهتاناً. ([22]) وأن الذي دعاهم إليه هو الرأي الصحيح، والدين القويم، والحق المبين.
ودعت الآية الثالثة إلى التفكير في النفس وآيات الله تعالى فيها. يقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ﴾([23]).
قال البيضاوي: {أولم يتفكروا في أنفسهم} أو لم يحدثوا التفكر فيها، أو أولم يتفكروا في أمر أنفسهم فإنها أقرب إليهم من غيرها ومرآة يجتلى فيها للمستبصر ما يجتلى له في الممكنات بأسرها ليتحقق لهم قدرة مبدعها على إعادتها مثل قدرته على إبدائها.([24])
وقال ابن كثير: {أولم يتفكروا في أنفسهم} يعني به: النظر والتدبر والتأمل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي والسفلي، وما بينهما من المخلوقات المتنوعة، والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خلقت سدى ولا باطلا بل بالحق، وأنها مؤجلة إلى أجل مسمى، وهو يوم القيامة. ([25])
فالآيات الثلاث تحفّز على التفكير، وتبعث عليه في قضايا ذات صلة بالإنسان على صورة من التهديد والوعيد الذي يفيده الاستفهام الإنكاري، لنفض غبار السكون والجمود والبلاهة عن النفس فتنشط للتفكر، بهذه الإثارة يحفّز القرآن ويدعو إلى التفكّر.
الأسلوب الثاني: التذكير بالنعمة:-
فالتذكير بالنعمة يعدّ من أقوى الأسباب على بعث ملكة التفكير من عقالها؛ نظراً للصلة التي لا يمكن إنكارها بين الإنسان وهذه النعم. قال تعالى: ﴿يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾([26]).
وأكثرها للأكل وبه قوام البدن فيستدعى تفكرا وتأملا ليعرف به المنعم عليه فيشكر ، فيكون الدّافع هنا إلى التفكير هو الحياء من كرم المنعم المتفضّل وعظيم عطائه.
فلحظة خجل من النفس تدعو إلى التأني والحذر من تقدير خاطئ مبنيٍّ على عملية التفكير، إنّ هذا الخطأ المتعمّد يدفع إلى زوال هذه النعم والآلاء، ويمحق البركة فيها.
فجعل مقطع هذه الآية التفكر لأنه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات
على وجود الإله الحق، وأن الذي يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد، على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها وأشكالها؛ لهو أحق أن يفرد بالعبادة دون سواه.
الأسلوب الثالث: نصب القدوة والمثل:-
ومن أساليب القرآن في بعث التفكير وإثارة هذه الملكة في الإنسان أنّ الله تبارك وتعالى نصب القدوة والمثل لمن أراد التفكير.
لقد وصف الله أهل التفكّر في آياته بأنهم {أولو الألباب}؛ لأنّهم تفطنوا إلى ما لا يتفطن إليه غيرهم من إعمال فكرهم في خلق السماوات والأرض، وأدركوا ما لم يدركه غيرهم من حِكَم هذا الخلق وأسراره، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾([27]).
قال ابن كثير: {إن في خلق السماوات والأرض} أي: هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص {واختلاف الليل والنهار} أي: تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا، ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم؛ ولهذا قال: {لأولي الألباب} أي: العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون ... ([28])
ولهذا التميّز الذي عندهم وصفهم الله سبحانه بأنّهم أولو العقول الخالصة عن شوب الهوى، وهم أهل التأمّل في الأسرار والحِكَم، وهم منارة يهتدي بها السائرون من حيث إن التفكر فعل لا ينقطعون عنه بحال من الأحوال؛ وقوله {ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} أي: يفهمون ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته، وعلمه وحكمته، واختياره ورحمته.
لذا قد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته، ومدح عباده المؤمنين: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}، ففعل «يتفكرون» دالٌّ على التجدّد والاستمرار.
وفي الإشادة بهم، والثناء عليهم، تحفيزٌ للنفوس للالتحاق بركبهم.
الأسلوب الرابع: الإثارة والتشويق: -
ذلك أن الله تعالى بثّ آياته في كتاب الكون، وفي كتاب الوحي كذلك، وجعلها علامات هداية في الأنفس والآفاق، ومنارات إيمان وهدى لمن أراد أن يصل إلى حقائق هذا الوجود.
ولا يحول دون التفكير بهذه الآيات شيء، ولا يمنع من التفكير بها حاجب، وليس بينها وبين الإنسان حاجز، فضلاً عن إثارتها الذكية، ومحفزاتها التي تشحذ النفوس والأذهان.
يقول سبحانه: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي

قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾([29]).
فهذه آية ناطقة بنفسها، تجرّ النّفوس إليها جرّاً لتقف عندها، وتتفكر في شأنها وأمرها؛ لتكون لها دليلاً يقودها إلى أنّ البعث من اليقظة كالبعث من الموت، فالتشابه بينهما
كبير، ولكل إنسان في كل يوم قيامة، ألا يبعث هذا الأمر على التفكر في شأن النوم واليقظة؟.
وهذا من الدلالة على أن الإلوهية لله الواحد القهار خالصة دون كلّ ما سواه، وأنه يميت ويحيي، ويفعل ما يشاء، ولا يقدر على ذلك سواه، فجعل ذلك خبرا نبههم به على عظيم قُدرته([30])، إن في ذلك من التوفي والإمساك والإرسال لآيات دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته. لقوم يتفكرون في كيفية تعلقها بالأبدان وتوفيها عنها بالكلية حين الموت، وإمساكها باقية لا تفنى بفنائها، وما يعتريها من السعادة والشقاوة والحكمة في توفيها عن ظواهرها وإرسالها حينا بعد حين إلى توفي آجالها.([31])
الأسلوب الخامس: ضرب المثل:-
وهو من الأساليب القرآنية التي تشحذ النفوس وتدفعها إلى التفكير في معطيات تلك الأمثال، فقد استدعيت ملكة التفكر لتنشط في ما ضرب للحياة الدنيا من مثل في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ﴾([32]).
وهذا بيان قد أخرج ما لم تجر به العادة إلى ما قد جرت به، وقد اجتمع والمشبه به في الزينة والبهجة ثم الهلاك بعده. وفي ذلك العبرة لمن اعتبر, والموعظة لمن تفكر في أن كل شيء فانٍ حقير وإن طالت مدته, وصغير وإن كبر قدره.([33])
ولا شكّ في أنّ اكتشاف العلاقة بين المشبّه والمشبّه به أمر دقيق المسلك، وليس الوصول إليه ممكناً إلا بعد تفعيل ملكة التفكر عنده، وتنشيطها للوقوف على سرعة انقضاء هذه الحياة، وما يترتب على ذلك.
الأسلوب السادس : الأمر المباشر بالتفكير:-
ومن الأسلوب القرآني استدعاء المخاطب إلى فضل تأمل وزيادة تفهم، بالأمر بالتفكر كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾([34]).
قوله {ثم تتفكروا}، أي تجتمعون فتنظرون وتتحاورون وتنفردون، فتفكرون في حال محمد ﷺ فتعلموا، ما بصاحبكم من جنة، أي جنون.
قال البغوي رحمه الله: «وليس المراد من القيام القيام الذي هو ضد الجلوس وإنما هو قيامه بالأمر الذي هو في طلب الحق، كقوله: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط} [النساء: 127] . إن هو، ما هو، إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد، قال مقاتل: تم الكلام عند قوله ثم تتفكروا، أي في خلق السموات والأرض فتعلموا أن خالقها واحد لا شريك له
ثم ابتدأ فقال ما بصاحبكم من جنة»اهـ. ([35])
وهذه الآية قد سيقت في مقام دعوتهم إلى التفكير في شأن محمد ورسالته، وربما كان اجتماعهم مثنى، أسرع في وصولهم إلى الحق، فقد تعترض أحدهم شبهة، فيبددها صاحبه، ولهذا قدم مثنى على فرادى.
وهذه الدعوة منهج في البحث عن الحقيقة، منهج بسيط يعتمد على التجرد من الرواسب والغواشي والمؤثرات، وعلى مراقبة الله وتقواه .
الأسلوب السابع: الأمر المباشر بالنظر:
جعل الإسلام اليقين الصحيح ثمرة النظر العميق في كتاب الكون المفتوح وقراءة آياته المبثوثة في الآفاق.
والقرآن الكريم دعوة ملحة إلى معرفة الله عن طريق النظر والتأمل في ملكوته والتفكر والتدبر في صنوف خلقه .
وقد جاءت آيات كثيرة تأمر بالنظر والتفكر، ومن هذه الآيات ما يلي:
- قوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾([36]).
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء العادلين بي الأوثان والأنداد المكذبين بك الجاحدين حقيقة ما جئتهم به من عندي: {سيروا في الأرض} يقول: جولوا في بلاد المكذبين رسلهم الجاحدين آياتي من قبلهم من ضربائهم وأشكالهم من الناس. {ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين}، يقول: ثم انظروا كيف أعقبهم تكذيبهم ذلك الهلاك والعطب وخزي الدنيا وعارها، وما حل بهم من سخط الله عليهم من البوار وخراب الديار وعفو الآثار. فاعتبروا به، إن لم تنهكم حلومكم، ولم تزجركم حجج الله عليكم، عما أنتم مقيمون عليه من التكذيب، فاحذروا مثل مصارعهم، واتقوا أن يحل بكم مثل الذي حل بهم.([37])
يقول الإسكافي: «جعل السير في الأرض في هذا المكان مأمورا به على حدة، والنظر بعده مأمورا به على حدة، وسائر الأماكن التي دخلتها الفاء علق فيها وقوع النظر بوقوع السير، لأنه لم يتقدم الآية ما يحدوا على السير الذي حدا عليه فيما قبل هذه الآية، فلذلك خصت بـ ثم التي تفيد تراخي المهلة بين الفعلين والله أعلم»اهـ([38]).
- قوله تعالى : ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([39]).
أي: ابحثوا وانظروا، كيف خلقهم ابتداء على أطوار مختلفة وطبائع متغايرة وأخلاق شتى فإن ترتيب النظر على السير في الأرض مؤذن بتتبع أحوال أصناف الخلق القاطنين في أقطارها، هل تجدون خالقا غير الله، {ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} بعد النشأة الأولى التي شاهدتموها والتعبير عن الإعادة التي هي محل النزاع بالنشأة الآخرة المشعرة بكون البدء نشأة أولى للتنبيه على أنهما شأن واحد من شؤون الله تعالى حقيقة واسما من حيث إن كلا منهما اختراع وإخراج من العدم إلى الوجود ولا فرق بينهما إلا بالأولية والآخرية.
فإذا علموا أنه لا خالق ابتداء إلا الله لزمتهم الحجة في الإعادة.
- وقوله تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ
قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾([40]).
- وقوله تعالى: ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾([41]).
- وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾([42]).
- وقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾([43]).
الأسلوب الثامن: ذم الذين لا ينظرون ولا يتفكرون:-
لقد ذم القرآن ووبخ الذين لا يتفكرون ولا ينظرون في كثير من الآيات وفي هذا الأسلوب تحفيز للهمم للنظر والتأمل في آيات الله الدالة على قدرته وعظمته، ومن الآيات التي جاءت في ذمهم وتقريعهم ما يلي:
قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾([44]).
شبَّههم بالدَّواب لجهلهم، وعدولهم عن الانتفاعِ بما يسمعونه وبما يقولونه، ولذلك وصفهم بالصُّمِّ والبكم، وبأنهم لا يعقلون.
وقيل: سمَّاهم دواباً لقلة انتفاعهم بعقولهم.
وقوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾([45]).
وفي هذه الآية دعا الله عباده إلى السير في الأرض، لينظروا، ويعتبروا فقال: {أفلم يسيروا في الأرض} بأبدانهم وقلوبهم {فتكون لهم قلوب يعقلون بها} آيات الله ويتأملون بها مواقع عبره، {أو آذان يسمعون بها} أخبار الأمم الماضين، وأنباء القرون المعذبين، وإلا فمجرد نظر العين، وسماع الأذن، وسير البدن الخالي من التفكر والاعتبار، غير مفيد، ولا موصل إلى المطلوب، ولهذا ذم الذين لا يتدبرون ولا تفكرون فقال: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} أي: هذا العمى الضار في الدين، عمى القلب عن الحق، حتى لا يشاهده كما لا يشاهد الأعمى المرئيات، وأما عمى البصر، فغايته بلغة، ومنفعة دنيوية.([46])
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾([47]).
لقد استحق هؤلاء العذاب العظيم، لأنهم عطلوا حواسهم عن الإدراك ولم يتدبروا ما في الوجود من آيات ناطقات بوجود الخالق وقدرته. وحينما دعاهم داعي الحق أصموا عن دعوته آذانهم، وأغلقوا دونها قلوبهم، وعطلوا عنها عقولهم فحاق بهم جزاء الكافرين.
وإن كان ترك التفكير والنظر في آيات الله من أسباب دخول جهنم فهذا بلا شك دافع قوي إلى النظر والتأمل، والتفكير والتفكر في آيات الله الدالة على وحدانيته .
إلا أن كثير من الناس قد أصموا آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وعطلوا عقولهم وقلوبهم عن النظر والتفكر في آيات الله الدالة عليه.
ما يصرف الناس عن التفكر في آيات الله:
ما دامت الآيات الدالة على الحق بهذا الكم وهذا الوضوح فما الذي يصرف الناس عن الاهتمام بها و الاستفادة منها في بناء الإيمان ؟
نجد الجواب في القرآن أيضا ونبينه فيما يلي:
1 الغفلة :
وهي الانغماس في متطلبات الحياة وأهوائها والانشغال بها عن التفكير في دلائل الحق جاء في القران الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾([48]).
وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾([49]).
2 - الإعراض:
وهو النفور والهروب من دلائل الحق جحودا له أو كسلا عن مشقة التفكير وتبعات التكليف، يقول تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾([50]).
وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾([51]).
3 - الكبر والغرور والعناد :
قد يعرفون آيات الله ولكن ينكرون ما تدل عليه من حق مثل الكثير من علماء الغرب الآن قال تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾([52]).
وقوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾([53]).
وقوله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾([54]).
4 - إتباع الهوى :
ومعناه استحسان الآراء والمواقف والسلوك بالاشتهاء وإتباع النفس من غير الاستناد إلى علم وعقل وفكر.
قال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾([55]).
قال الطبري: واتبعوا أهواء أنفسهم إيثارا منهم لطاعة الشيطان على طاعة ربهم.([56])
5 - إتباع الشيطان وكثرة المعاصي:
فالشيطان يصد عن سبيل الله والمعاصي تعمي القلب أي تذهب نور العقل، قال عز
وجل: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾([57]).
وعن الذنوب قال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ ([58]).
6 - الجمود العقلي والتقليد الأعمى:
أي إتباع العادة والمألوف ولو كانت باطلا من غير تبصر كمن قلدوا آباءهم وأسيادهم في عبادة الأحجار والأبقار قديما وحديثا وكمن يقلد الغرب في إلحاده، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ ([59]).
7 - الجهل:
فالجاهل لا يعرف قيمة الآيات ولا يفهم مدلولها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ ([60]).
وقوله : ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾([61]).
في الختام نستخلص مما سبق أن النظر والتفكر، والتأمل والتدبر في كتاب الله المنظور الكون وما فيه من مخلوقات وظواهر وآيات قد دعا إليه القرآن وجعله من أعظم العبادات في الإسلام، كما أن القرآن يخاطب كيان الإنسان كله عقله ووجدانه، ويوجه ملكاته الفكرية إلى التأمل، ويقيم الحجة على الحقائق التي يبيّنها له، ويدعو الإنسان إلى سلوك طرق البحث العلمي، ويحدد مبادئ المنهج الصحيح للوصول إلى الحقيقة، ويحاور عقل الإنسان، مستعملا أساليب بلاغية متنوعة حسب المقامات الخطابية، وبما يراعي طبيعة النفس الإنسانية، ويأخذ بعين الاعتبار رواسب العادات والتقاليد الاجتماعية وما تقتضيه من طرائق مناسبة في سوق الخطاب القرآني حتى يكون مقنعًا، ولا يكون للناس حجة على الله بعد الرسل.
وقد رأينا من الأساليب القرآنية في الحث على التفكير واستخدام العقل عدة أنواع: التركيز على قصد التعقل، والإنكار والذم، ومدح أولي الألباب، والتقريع والتبكيت، وضرب الأمثلة، والأمر المباشر بالتفكر والنظر.
وهذا كله يدل على مدى العناية الإلهية بتعليم الإنسان قيمة التفكير واستخدام العقل، حتى يدرك كبرى اليقينيات الكونية، فيسعد في الدنيا والآخرة.
***


([1]) تهذيب اللغة ( 10/116 ) أبواب الكاف والراء، مادة: فكر، تأليف/ محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ) تحقيق/محمد عوض مرعب، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الأولى، 2001م.
([2]) الصحاح تاج اللغة ( 2/783 ) فصل الفاء، مادة: فكر . مصدر سابق
([3]) المحكم والمحيط الأعظم ( 7/7 ) حرف الكاف، مادة: فكر . مصدر سابق
([4]) المفردات في غريب القرآن ص643 ، كتاب الفاء، مادة: فكر، تأليف/أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ) تحقيق/ صفوان عدنان الداودي، الناشر: دار القلم، الدار الشامية - دمشق بيروت، الطبعة: الأولى - 1412 هـ .
([5]) التعريفات للجرجاني ص63 . مصدر سابق
([6]) انظر: المصدر السابق .
([7]) التوقيف على مهام التعاريف ص93، لعبد الرؤوف المناوي (المتوفى: 1031هـ)، الناشر: عالم الكتب – القاهرة، الطبعة: الأولى، 1410هـ-1990م .
([8]) التهانوي ( 2/1284 – 1285 ) مصدر سابق.
([9]) انظر الفوارق في ذلك: الفروق اللغوية للعسكري ( 1/75 )، التعريفات للجرجاني ص54 ، التوقيف للمناوي ص93، القاموس الفقهي ص128 ، للدكتور/ سعدي أبو حبيب، الناشر: دار الفكر. دمشق – سورية، الطبعة: الثانية 1408 هـ / 1988 م.
([10]) سورة الواقعة: الآية ( 57 : 74 ).
([11]) سورة الذاريات: الآية ( 20 - 21 ).
([12]) سورة الأنبياء: الآية ( 21 - 22 ).
([13]) سورة النساء: الآية ( 82 ).
([14]) سورة القيامة: الآية ( 36 : 40 ).
([15]) سورة الروم: الآية ( 37 ).
([16]) منهج القرآن في بيان العقيدة، مقال لعثمان بن جمعة ضميرية ، بتاريخ : 9/9/2015 م ، شبكة تفسير للدراسات القرآنية .
([17]) سورة المدثر: الآية ( 18 – 19 ).
([18]) سورة الأنعام: الآية ( 16).
([19]) أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( 2/163 )، للإمام البيضاوي (المتوفى: 685هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الأولى - 1418 هـ .
([20]) سورة الأعراف: الآية ( 184).
([21]) في ظلال القرآن ( 3/1404 )، لسيد قطب ، الناشر: دار الشروق - القاهرة، الطبعة: السابعة عشر - 1412 هـ .
([22]) فتحُ البيان في مقاصد القرآن ( 5/89 )، لصديق خان . الناشر: المكتبة العصرية - صَيدَا – بَيروت، 1412 هـ - 1992 م.
([23]) سورة الروم: الآية ( 8).
([24]) أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ( 4/202 )، مصدر سابق .
([25]) تفسير القرآن العظيم، تأليف/لابن كثير الدمشقي (المتوفى: 774هـ) تحقيق/ سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م.
([26]) سورة النحل: الآية ( 11 ).
([27]) سورة آل عمران: الآية ( 190 - 191 ).
([28]) تفسير ابن كثير ( 2/184 )، مصدر سابق.
([29]) سورة الزمر: الآية ( 42 ).
([30]) تفسير الطبري ( 21/298 ).
([31]) تفسير البيضاوي ( 5/44 ).
([32]) سورة يونس: الآية ( 24 ).

([33]) انظر: النكت في إعجاز القرآن ص83 ، تأليف/لأبو الحسن الرماني المعتزلي (المتوفى: 384هـ) تحقيق . د / محمد زغلول سلام، الناشر: دار المعارف - مصر، الطبعة: الثالثة، 1976م.
([34]) سورة سبأ: الآية ( 46 ).
([35]) معالم التنزيل في تفسير القرآن ( 3/685 )، للإمام البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ) تحقيق/ عبد الرزاق المهدي، الناشر : دار إحياء التراث العربي –بيروت، الطبعة : الأولى ، 1420 هـ.
([36]) سورة الأنعام: الآية ( 11 ).
([37]) تفسير الطبري ( 11/272 ).
([38]) درة التنزيل وغرة التأويل ( 2/491 )، للخطيب الإسكافي (المتوفى: 420هـ) دراسة وتحقيق . د/ محمد مصطفى آيدين، الناشر: جامعة أم القرى، الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م.
([39]) سورة العنكبوت: الآية ( 20 ).
([40]) سورة يونس: الآية ( 101 ).
([41]) سورة الأنعام: الآية ( 99 ).
([42]) سورة عبس: الآية ( 24 ).
([43]) سورة الغاشية: الآية ( 17 : 20 ).
([44]) سورة الأنفال: الآية ( 22 ).
([45]) سورة الحج: الآية ( 46 ).
([46]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص540 بتصرف يسير، تأليف/ عبد الرحمن السعدي ، الرسالة – الطبعة: الأولى .
([47]) سورة الأعراف: الآية ( 179 ).
([48]) سورة يونس: الآية ( 7 - 8 ).
([49]) سورة الأعراف: الآية ( 146 ).
([50]) سورة يوسف: الآية ( 105 ).
([51]) سورة الأنبياء: الآية ( 30 : 32 ).
([52]) سورة الأعراف: الآية ( 146 ).
([53]) سورة النحل: الآية ( 83 ).
([54]) سورة النمل: الآية ( 14 ).
([55]) سورة القصص: الآية ( 50 ).
([56]) تفسير الطبري ( 19/592 ). مصدر سابق.
([57]) سورة الأعراف: الآية ( 175 ).
([58]) سورة المطففين: الآية ( 14 – 15 ).
([59]) سورة البقرة: الآية ( 170 ).
([60]) سورة فاطر: الآية ( 27 - 28 ).
([61]) سورة الروم: الآية ( 21 : 24 ).
 
عودة
أعلى