ضيف الله الشمراني
ملتقى القراءات والتجويد
بسم1
الأربعاء 16 جمادى الأولى 1434
مدوامة قراءة القرآن، وختمه مرة تلو أخرى من الأمور المهمة التي ينبغي أن يعتنيَ بها كل مسلم، ويحرص عليها غاية الحرص، بحيث يجعل وِرْدَه القرآنيَّ في أساسيات جدوله اليومي، ولا يفرّط فيه ما استطاع إلى ذلك سبيلا.والمتخصص في علم القراءات رأس ماله، وسنام علمه = كتاب الله تعالى، فهو حافظ له، متقنٌ لألفاظه، ضابط لحروفه، يقرؤه آناء الليل وأطراف النهار، ويصحبه حضرًا وفي الأسفار.
المتخصص في القراءات يجب أن يكون مضرب مثل في العناية بالقرآن، فلا يمرُّ عليه ثلث الشهر إلا وهو حالٌّ مرتحل، ينهي ختمة، ويبدأ أخرى، من غير كلل ولا ملل، وإن استطاع أن يختم في سبع أو ثلاث فهو خيرٌ لقلبه، وأشدّ تثبيتًا لحفظه.
إن المتخصص الجادّ في علم القراءات تسمو همّته إلى مراجعة القرآن بالقراءات والروايات التي حفظ متونها، وقرأ بمضمّنها، وأجيز بها، فيتنقّل بين رياض القراءات، وأفانين الروايات، متلذذا بكلام الله، مستبشِرًا بالنعمة الإلهية والفضل الرباّني الذي أكرمه الله به.
سيواجه القارئ إشكالية صعوبة القراءة بالقراءات ختمات كاملات، لكن ستنجلي هذه الصعوبات -بإذن الله- مع المداومة والمراجعة، وسيصبح الأمر ميسورً بإذن الله، كما هو الحال عند بعض المقرئين الكبار الذين اعتادوا ذلك حتى صار سجيّة لهم.
لقد شاع مؤخرا عند بعض طلاب علم القراءات التفريط في مراجعة القرآن، بحيث يمرّ على بعضهم شهر واثنان وثلاثة ولم يختم ختمة واحدة، ويحتجّون على هذا التفريط العظيم بانشغالهم بحفظ متون القراءات، وتكرارهم لها، وقد وقفتُ على ذلك بنفسي، حيث حدّثني بعض الطلاب عن هذه المشكلة، ورأيتُ الخلل ظاهرًا عند امتحان بعض الطلاب في حفظهم للقرآن، ولا شك أن هذا عذر أقبح من ذنب، فكيف يسوغ لعاقل أن يضيّع رأس ماله ليبحث عن الأرباح؟! هذا خلل كبير يجب أن يحذر منه طلاب هذا العلم الذين رغبوا التخصص فيه، وذلك بتنظيم الوقت، وترتيب الأولويات، والجدّية في طلب العلم والإقبال عليه، ومن لم يستطع الجمع بين مراجعة القرآن، وحفظ المتون؛ فلا يتخصص في هذا العلم، بل ليبحث عن تخصص آخر يناسب همّته وقدراته.
جعلنا الله جميعًا من أهل القرآن الحافظين لحروفه وحدوده، المداومين على قراءته وتدبّره آناء الليل وأطراف النهار.