وهنا لنا سؤال: الدكتور محمد عمارة رجل عالم نحرير وحقا ليس بذاك المعصوم ولكن قبل أن نناقش هذا القول: أين قال هذا الكلام وما هوسياقه ؟؟؟؟
أما طه حسين تلميذ ثلة من المستشرقين من أمثال جويدي و كرنك نللينو, و ليتمان , و سانتلانا, و ميلوني , وماسينيون, وكليمانت.
وغلوتسس, وبلوك, وسيغنوبوس, والمستشرق اليهودي اميل دوركهايم , وهو بوق فكرهم الإستشراقي فلقد بين أهل العلم فساد ما كتبه في كتابه الشعر الجاهلي وحوكم عليه حتى إن الرجل جعل سيدنا إبراهيم وإسماعيل شخصيتان أسطوريتان وشكك في ثبوت وجودهما في التاريخ وكذلك في كثير من القصص القرآني
وكتابه ( الشعر الجاهلى ) : استمد ارائه من المبشر زويمر والمستشرق اليهودى مارجليوث ... وكان قد وكل اليه تدريس الادب العربى بالجامعة فاستهل حياته فيها بالشك فى الشعر الجاهلى وادعاء انه منحول ... وزعم انه يستخدم نظرية ديكارت فى الشك فى نقده وبحثه ... فكانت هذه وسيلته الى التشكيك وانكار كل ما يرفضه عقله وهواه . وكان لكتابه هذا دوى كبير واثار ردود فعل قوية وقد حوكم طه حسين امام النيابة بسبب كتابه هذا . وألف بعض الباحثين كتبا فى الرد عليه منهم الاستاذ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر والاستاذ محمد لطفى جمعة والاستاذ مصطفى صادق الرافعى كما ذكر شيخنا الدكتور عبد الرحمن .
وقد لخص طه حسين رايه فى الادب الجاهلى بقوله : ( ان الكثرة المطلقة مما نسميه ادبا جاهليا ليست من الجاهلية فى شىء وانما هى منحولة بعد ظهور الاسلام فهى اسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم واهوائهم اكثر مما تمثل حياة الجاهليين . ولا اكاد اشك فى ان ما بقى من الادب الجاهلى الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدل على شىء ولا ينبغى الاعتماد عليه فى استخراج الصورة الصحيحة لهذا العصر الجاهلى ) .
ونلاحظ ان فى سنه 1916 م نشر المستشرق مارجليوث margoliouth بحثا عن الشعر الجاهلى فى المجله الآسيوية الملكية وكان قد تحدث عن وضع الشعر الجاهلى قبل ذلك فى مادة ( محمد ) من دائرة معارف الاديان والاخلاق encyclopaedia of religion and ethics وفى كتابه عن محمد وظهور الاسلام Mohamed and the rise of islam وقد تصدى له للرد عليه سير تشارلز ليال فى مقدمة ترجمة المفضليات ولكن مرجليوث عاد ونشر فى المجلة السابقة ( عدد يوليو سنه 1925 ) بحثا عنوانه ( اصول الشعر العربى ) the origin of Arabic poetry وقد اطال فى هذا البحث وذكر فيه الشبه التى دعته الى الشك فى الشعر الجاهلى وحملته على ان يقول : ان الشعرالذى جمع ونسب الى الجاهليين مصنوع ومنحول صنع فى العصور الاسلامية ونسبه واضعوه الى شعراء جاهليين زورا وبهتانا ) . نقلا من ( فى تاريخ الادب الجاهلى ) للدكتور على الجندى ط . دار المعارف ص 178 – 179 . لذا ذهب الاستاذ محمود محمد شاكر الى ان طه حسين تبنى اراء مرجليوث فى كتابه الذي سماه ( حاشية طه حسين على بحث مارجليوث ) .
ولم يكتف طه حسين بزعم ان المسلمين الاوائل وضعوا هذا الشعر بانفسهم ثم نسبوه لاهل الجاهلية زورا بل زعم ان بعضا من هذا الشعر ما وضعوه الا ترويجا لدينهم الاسلامى او تعظيما لنبيهم القرشى صلى الله عليه وسلم .
يقول طه حسين : ( كان هذا النحل ( اى انتحال الشعر الجاهلى ) فى بعض اطواره يقصد به الى اثبات صحة النبوة وصدق النبى , وكان هذا النوع موجها الى عامه الناس : وانت تستطيع ان تحمل على هذا كل ما يروى من هذا الشعر الذى قيل فى الجاهلية ممهدا لبعثة النبى صلى الله عليه وسلم وكان ما يتصل بها من هذه الاخبار والاساطير التى تروى لتقنع العامه بان علماء العرب وكهانهم واحبار اليهود ورهبان النصارى كانوا ينتظرون بعثة نبى يخرج من قريش او مكة . وفى سيرة ابن هشام وغيرها من كتب التاريخ والسير ضروب كثيره من هذا النوع ))
ويقول بعدها : ( والغرض من هذا النحل – فيما نرجح- انما هو ارضاء حاجات العامة الذين يريدون المعجزة فى كل شىء ) ولاحظ هنا وفى كلامه الذى بعده جراته ووقاحته بادعاء ان المسلمين الاوائل انتحلوا هذا الشعر الجاهلى ولفقوه الى شعراء الجاهلية فهم من الكاذبين الوضاعين عند طه حسين سواء من الصحابة او التابعين او تابعى التابعين ومن اسباب كذبهم هذا وانتحالهم رغبتهم فى نصرة دينهم والترويج له وتعظيم نبيهم . ومن كان هذا حاله فكيف يقبل منه احكام فى الدين واحاديث منسوبة للنبى صلى الله عليه وسلم يقول د. على الجندى : ( ثبت ان الادب الجاهلى فى الحقيقة مصدر اساسسى من مصادر تاريخ العرب الجاهليين اذا اعترف بذلك كثير من العلماء والباحثين من العرب والمستشرقين ) انظر ص 200 من كتابه ولكن طه حسين واساتذته المستشرقون ارادوا ان يعلمونا ان نرد ما جاء الينا عن طريق اهل العلم والثقه بعقولنا وارائنا فى الشعر الجاهلى اولا ... ثم تكون الخطوة التالية فى تاريخنا ثانيا كما فعل هو فى الفتنه الكبرى و الشيخان ثم فى ديننا ككل بعد ذلك ..
ويقول طه حسين : ( القران يحدثنا بان اليهود والنصارى يجدون النبى مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل . واذن فيجب ان نخترع القصص والاساطير وما يتصل بها من الشعر ليثبت ان المخلصين من الاحبار و الرهبان كانوا يتوقعون بعثة النبى , ويدعون الناس الى الايمان به حتى قبل ان يظل الناس زمانه ) .ا.ه.
ويقول ايضا : ( ونوع اخر من تاثير الدين فى نحل الشعر واضافته الى الجاهليين وهو ما يتصل بتعظيم شان النبى من ناحية اسرته ونسبه الى قريش )
ويقول كذلك : ( ونحن نعتقد ان هذا الشعر الذى يضاف الى اميه ابن ابى الصلت والى غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبى صلى الله عليه وسلم او جاؤا قبله انما نحل نحلا نحله المسلمون ليثبتوا – كما قدمنا – ان للاسلام قدمه سابقة فى البلاد العربية . ومن هنا لا نستطيع ان نقبل ما يضاف الى هؤلاء الشعراء والمتحنفين الا مع شىء من الاحتياط و الشك غير قليل ). ا.ه .
فما هو فيما كتب إلا بوقاً لأساتذته المستشرقين من أمثال مارجليوث ودوركايم وماسنيون والباحث عن أصول أفكاره لا يعدم إلى ذلك سبيلا
وخلاصة القول فيه ما قاله شيخنا الدكتور عبد الرحمن نفعنا الله تعالى به وسدده وأرشده