مدارسة كتاب ( متخير الألفاظ ) لابن فارس

أبو مالك العوضي

فريق إشراف الملتقى المفتوح
إنضم
12/08/2006
المشاركات
737
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
يسأل كثير من طلبة العلم عن المنهجية المناسبة والترتيب الملائم لدراسة ( متن اللغة )
والجواب الذي ينصح به أهل العلم أن يبدأ بكتاب ( فصيح ثعلب ) أو نظمه لابن المرحل.

ثم بعد ذلك تأتي مرحلة أوسع باختيار كتاب من كتب الألفاظ وحفظه أو دراسته ( ويقصد بالدراسة هنا استحضار المعاني دون اشتراط تسميع الكتاب ).

ومن الكتب الملائمة لهذه المرحلة :
- كتاب الألفاظ الكتابية للهمذاني ( وهذا الكتاب لم يصلنا أصله، وإنما وصلتنا روايتان له : رواية ابن خالويه، ورواية ابن الأنباري، وفي كل منهما زيادات على الأصل )
- كتاب جواهر الألفاظ لقدامة بن جعفر
- كتاب عمدة الكتاب ليوسف الزجاجي
- كتاب متخير الألفاظ لابن فارس
- كفاية المتحفظ لابن الأجدابي
وغيرها.

وقد اخترت كتاب ( متخير الألفاظ ) للمدارسة، مع أن جميع هذه الكتب مفيد ومناسب؛ إلا أنني اخترته لمكانة ابن فارس في العلم، ولأن كتابه أقلها شهرة، ويسهل الحصول على باقي الكتب دونه، ولأنه يذكر شواهد مفيدة من كلام العرب منثورها ومنظومها.

أخوكم ومحبكم / أبو مالك العوضي.​
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبه نستعين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
قال الشيخ الجليل أبو الحسين أحمد بن فارس رحمه الله:

هذا كتاب متخير الألفاظ مفردها ومركبها، وإنما نحلته هذا الاسمَ لما أودعته من محاسن كلام العرب، ومستعذب ألفاظها وكريم خطابها منظوم ذلك ومنثوره.
ولم آل جهدا في الانتقاء والانتخاب والتخير.
وهو كتاب كاتب عرَف جوهر الكلام وآثر الاختصاص بجيده، أو شاعر سلك المسلك الأوسط، مرتقيا عن الدون المسترذل، ونازلا عن الوحشي المستغرب. وذلك أن الكلام ثلاثة أضرب:
ضرب يشترك فيه العِلْية والدون، وذلك أدنى منازل القول. وضرب هو الوحشي كان طباعَ قوم فذهب بذَهابهم. وبين هذين ضرب لم ينزل نزولَ الأول، ولا ارتفع ارتفاعَ الثاني، وهو أحسن الثلاثة في السماع، وألذها على الأفواه، وأزينها في الخطابة، وأعذبها في القريض، وأدلها على معرفة من يختارها.
وإنما ألفت كتابي هذا على الطريقة المثلى والرتبة الوسطى.
وجعلت مفاتح أبوابه الألفاظ المفردة السهلة، وختمته بالألفاظ المركبة الجارية مجرى الأمثال والتشبيهات والمجازات والاستعارات. وعولت في أكثره على ألفاظ الشعراء بعد التنقير عن أشعارهم والتأمل لدواوينهم.
فليعلم قارئه أنه كتاب يصلح لمن يرغب في جزل الكلام وحسنه، ولمن يجود تمييزه واختياره، فأما من سواه فسواءٌ هذا عنده وغيره. ونعوذ بالله من كلال الحد وبلادة الطبع وسوء النظر.
وليعلم أن أول ما يجب على الكاتب والشاعر اجتباءُ السهل من الخطاب، واجتنابُ الوعر منه، والأنس بأنيسه، والتوحش من وحشيه، فهذا زمان ذلك. ولن يتسنم أحد ذروةَ البلاغة مع التكلف للفظ الغلق، والتطلب للخطاب المستغرب. وقد تحريت في هذا الكتاب الإيماء إلى طرق الخطابة، وآثرت فيه الاختصار، وتنكبت الإطالة. فإن سمت به همته إلى كتاب أجمع منه، قرأ كتابي الذي أسميته ( الحبير المذهب ) * فإنه يوفي على سائر ما تركت ذكره هاهنا من محاسن كلام العرب إن شاء الله.
----------------
* بحثت عن هذا الكتاب وسألت عنه فلم أجد جوابا شافيا.
 
بابُ متخيَّر ألفاظ العرب في الكلام والبلاغة

يقولون: هذا رجل مِقوَل، فَتِيق اللسان، ذَرِب اللسان. ولسان طُلَق ذُلَق [وفيها لغات أخرى تراجع في اللسان].
وقد لسِن الرجل لسَنا. قال قطرب: يقال إنه لابنُ أقوال، وابنُ قَوْل، إذا كان ذا كلام ولسان، وإنه لذو عارضة إذا كان مُفوَّها، وهو حُذاقيّ، فصيحٌ، بيِّن اللهجة، ورجل نَقِل: حاضرُ الجواب. ويقال للرجل إذا خلطَ لِينَ الكلام بالشدة: قد شمَط. وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: اشمِطوا، أي خوضوا مرة في الشعر ومرة في الحديث. وبنو فلان شَمِيط، أي شُبّان وشِيب. ويقال: طرَقَ الكلام وماشَه. ويقال: هو جيدُ السياق للحديث. وهو يسرُد الحديثَ سردا. وهو خطيبٌ مِصقَع، ومُسهِب [بكسر الهاء هنا لأنه بفتحها يذكر في الذم على قول من فرّق بينهما]، وخاطبٌ سَلاَّقٌ، ورجل سَفَّاح، إذا كان قادرا على الكلام، قال الشاعر:
وقد ينطِقُ الشعرَ الغبيُّ ويلتوي = على البينِ السفاحِ وهو خطيبُ
ويقال: هو فصيحٌ صَنَع، وهو أعضبُ لسانا، وأعذبُ بيانا، وأبلُّ ريقا، وأرقُّ حاشيةً، وأفصحُ لهجةً، وأشدُّ عارضةً، وأصحُّ قريحةً، وأحصفُ عُقدةً، وأحسن سياقةً، وألبقُ إشارةً، وأبدهُ حجةً، وإنه لكما قال الشاعر:
تضعُ الحديثَ على مواضعه = وكلامُها مِن بعدِه نَزْرُ
وإن كلامَه لصريحٌ، وإن لسانه لفصيحٌ، وكأن بيانَه لؤلؤٌ منثورٌ، ورَوضٌ مَمطورٌ.

[ انتهى الباب ]
 
اختيار موفق يا أبا مالك ، وفقك الله وزادك علماً وأدباً ، ورحم الله العلامة أحمد بن فارس الرازي وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدمه للعلم وطلابه في مصنفاته النفيسة المحررة ، وقد أوتي حظاً من القبول في التصنيف.
وإن لم أكن واهماً - وسأراجع طبعات الكتاب التي عندي - أن هناك طبعة أجود من طبعة هلال ناجي للكتاب .
ملحوظة على الشاهد الشعري الذي أوردتم :
وقد ينطِقُ الشعرَ الغبيُّ ويلتوي = على البينِ السفاحِ وهو خطيبُ
صوابه فيما أحفظه ويظهر لي ويحتاج مراجعة مصادره :
وقد ينطِقُ الشعرَ العَيِيُّ ويلتوي = على البينِ السَّفاحِ وهو خطيبُ
من العِيِّ لا من الغباء؛ لأَنَّ السياق سياق حديث عن الفصاحة والعيِّ لا عن الغباء والنباهة والله أعلم .
وفقك الله وبارك في جهودك .​
 
بارك الله فيكم شيخنا..

هي كما تفضلتم ولكن في كلمة نابغة بني شيبان(ولا أظن هذا البيت إلا مثله،وأن فيه تصحيفاً) :

وكائن ترى من ذي همومٍ تفرجت ... وذي غربةٍ عن داره سيؤوب
ومغتبطٍ ناءٍ بأرضٍ يحبها ... ستذهل عنها نفسه وتطيب
وقد ينطق الشعر العيي لسانه... وتعيي القوافي المرء وهو لبيب
 
بارك الله فيك يا شيخنا أبا مالك وحفظك بحفظه
وسنتابع معك إن شاء الله في هذا الكتاب القيم .
وفقك الله
 
بارك الله فيكم شيخنا..


هي كما تفضلتم ولكن في كلمة نابغة بني شيبان(ولا أظن هذا البيت إلا مثله،وأن فيه تصحيفاً) :

وكائن ترى من ذي همومٍ تفرجت ... وذي غربةٍ عن داره سيؤوب
ومغتبطٍ ناءٍ بأرضٍ يحبها ... ستذهل عنها نفسه وتطيب

وقد ينطق الشعر العيي لسانه... وتعيي القوافي المرء وهو لبيب
هو على أثبت في الكتاب : الغبي ، ليس به تصحيف ، كما في تهذيب اللغة للأزهري ، واللسان لابن منظور ، وتاج العروس للزبيدي .
 
البيت المذكور عندهم غير البيت المذكور في كتاب ابن فارس،ويشبه أن يكون رواية له،وإن كان يكفي في الدلالة على أن (الغبي) هي رواية البيت،وإن كنت لا زلت أستبعدها وأخشى أن تكون تصحيفاً قديماً..
 
اختيار موفق يا أبا مالك ، وفقك الله وزادك علماً وأدباً ، ورحم الله العلامة أحمد بن فارس الرازي وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدمه للعلم وطلابه في مصنفاته النفيسة المحررة ، وقد أوتي حظاً من القبول في التصنيف.
جزاك الله خيرا يا شيخنا الكريم، ولعل هذا يكون تنشيطا على التعجيل بنشر رسالتك عن ابن فارس ( ابتسامة ).

وإن لم أكن واهماً - وسأراجع طبعات الكتاب التي عندي - أن هناك طبعة أجود من طبعة هلال ناجي للكتاب .

لعلك تفيدنا بذلك كعادتك المستمرة في الإعانة على الخير، وطبعة هلال ناجي نفسها قليلة الوجود، فضلا عن غيرها.
ولكن هذه الطبعة من أفضل ما حققه هلال ناجي، فقد بذل فيها مجهودا كبيرا أكثر من أعماله الأخرى.

ملحوظة على الشاهد الشعري الذي أوردتم :
وقد ينطِقُ الشعرَ الغبيُّ ويلتوي = على البينِ السفاحِ وهو خطيبُ
صوابه فيما أحفظه ويظهر لي ويحتاج مراجعة مصادره :
وقد ينطِقُ الشعرَ العَيِيُّ ويلتوي = على البينِ السَّفاحِ وهو خطيبُ
من العِيِّ لا من الغباء؛ لأَنَّ السياق سياق حديث عن الفصاحة والعيِّ لا عن الغباء والنباهة والله أعلم .
وفقك الله وبارك في جهودك .​

ملحوظة دقيقة تدل على أديب واع، وعقل ناقد حافظ، كعهدنا بك دائما.
ويذكرنا هذا الموضع بطرفة ( غبي بين أنبياء ) المشهورة التي كشف عن سرها العلامة (أحمد الزين)
[ وبالمناسبة ليتك تسجل لنا بصوتك مختارات من ديوانه كالتي أنشدتنيها ].

ولكني نقلت ما في الكتاب كما هو، فإن كان من خطأ فمن الأصل أو من المحقق، وقد أحال المحقق على لسان العرب، وراجعته فوجدته كذلك (الغبي) في جميع الطبعات: طبعة بولاق، وطبعة دار المعارف، وطبعة دار صادر، وطبعة إحياء التراث.
وأيضا كذلك في أصل اللسان (تهذيب اللغة)، وفي فرعه (تاج العروس).
وكل هذا لا يعني الوثوق المطلق بما فيها؛ لأن المحققين مع الأسف الشديد يعتمدون على ما سبق تحقيقه من غير تنقيح، فترى محققي التاج يعتمدون على مطبوع اللسان، وكذلك محققو التهذيب، وهذا أحد الأمثلة على ذلك:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=21536
 
هي كما تفضلتم ولكن في كلمة نابغة بني شيبان(ولا أظن هذا البيت إلا مثله،وأن فيه تصحيفاً) :
بارك الله فيك ونفع بك.
ولعلك تتابعنا في هذا الموضوع بمثل هذه الفوائد.

وقد ينطق الشعر العيي لسانه... وتعيي القوافي المرء وهو لبيب
ولكن المشهور في رواية البيت ( البكيء لسانه ) .
 
بارك الله فيك يا شيخنا أبا مالك وحفظك بحفظه
وسنتابع معك إن شاء الله في هذا الكتاب القيم . وفقك الله
وفيك بارك الله يا شيخنا الكريم.
ولا تنسنا من تعليقاتك النافعة.
 
بابُ متخيَّر ألفاظ العرب في الكلام والبلاغة
وللفائدة:
قال سعيد بن نبهان الحضرمي في منظومة المترادف:
[ بلاغةٌ ومثلها فصاحةُ ......... ولسَن ذلاقةٌ ذرابةُ ]
 
باب متخير ألفاظهم في وصف الكلام الحسن

تقول الشعراء: تَوشَّى بكلام يشفي من الجَوَى. ويقولون: تنزَّرتُ سِقاطَ حديثها. ويقولون: هو قول يُحل العُصمَ سهلَ الأباطح. وكان زياد يقول: لَحديث أسمعُه من عاقل أحبُّ إلي من سُلافة قتلت بماءِ ثَغَب في يومٍ ذي وَدِيقة تَرمَض فيه الآجالُ. ويقولون: كلامٌ لو دُعِي به عاقلُ الأروَى تنزَّل، وتكلم بكلام كأنه القَطْرُ؛ يعنون استواءَه وحسنه. ويقولون: كلام يُشبِع الجائع ويَنقَع الظمآن. فيقول شاعرهم:
توشَّت بقول كاد يشفي من الجوى = تُلِم به أكبادُنا أن تَصدَّعا
كما استكرع الصادي وقائعَ مُزنةٍ = رِكاكٍ تولَّى صوبُها حين وقَّعا
[ركاك بكسر الراء، وقد ضبطه المحقق بالفتح]
وقال بعض الهذليين: كلام مثل الحَبِير المسلسل. ومما يصلح ذكره في هذا قول النابغة:
قُضُبا من الريحان غلَّسه الندى = مالت جَناجِنُه وأسفلُه ندِ
ويقولون للنساء إذا تحدثن: بِيضٌ يُرامِقن الحديثَ، وذلك إذا ساقطنَ منه القليلَ فالقليل. والرِماقُ: الشيء القليل [ضبطه المحقق بالفتح والكسر أشهر]. ومن ألفاظ الشعراء قوله: ارتَمَيْنا بقولٍ بيننا دِوَلٍ، أي جعلنا نتداوله. ويقال: ما زال يرمي بهم منذ اليوم شُعَبَ الحوارِ، ويقولون: مختَزَن من الحديث. وله ألفاظ مُونِقة، ومعانٍ غَضّة، كأنها مواقعُ ماءِ المزن في البلد القَفْر. وقال:
إذا هن ساقَطن الأحاديثَ للفتى = سُقوطَ حصى المرجان مِن سِلْك ناظمِ


[ انتهى الباب ]
 
بارك الله فيك أبا مالك..

ويقولون: تنزَّرتُ سِقاطَ حديثها.

منه قول يزيد بن الطثرية :
علَى حينِ صارمتُ الأخلاَّءَ كلَّهُمْ ... إليكِ وأصفيتُ الهوَى لكِ أجمعا
وزدْتُكِ أضعافاً وغادرتُ في الحشا ... عظامَ البلايا بادياتٍ ورُجَّعا
جزيتُكِ فرضَ الودِّ ثمَّتَ خِلْتُني ... كذي الشَّكِّ أدنى شكَّهُ فتطوَّعا
فلمَّا تنازعنا سقاطَ حديثِها ... غشاشاً فلانَ الطَّرفُ منها فأطمعا
علَى إثر هجرانٍ وساعةِ خلوةٍ ... من الناسِ نخشى غُيَّباً أنْ تطلَّعا


وقال بعض الهذليين: كلام مثل الحَبِير المسلسل

هو قول أمية بن أبي عائذ الهذلي :

تَمَدَّحتَ لَيلى فَاِمتَدِح أَمَّ نافِعٍ ...بِعاقِبَةٍ مِثلَ الحَبيرِ المُسَلسَلِ
فَلَو غَيرَها مِن وُلدِ عَمرٍو وَكاهِلٍ ...مَدَحتَ بِقَولٍ صالِحٍ لَم تُفَيَّلِ
أَلا لَيتَ لَيلى سايَرَت أُمَّ نافِعٍ... بِوادٍ تَهامٍ يَومَ صَيفٍ وَمَحفِلِ
وَكِلتاهُما مِمّا عَدا قَبلُ أَهلُها ...عَلى خَيرِ ما ساقوا وَرَدّوا لِمَزحَلِ
فَذلِكَ يَومٌ لَن تَرى أُمَّ نافِعٍ ...عَلى مُثفَرٍ مِن وُلدِ صَعدَةَ قَندَلِ
حَمولَةِ أَخرى أَهلُها بَينَ مَهوَرٍ... إِلى مَحزِىءٍ مِن أَهلِ كَرمٍ وَسَنبَلِ
وَلكِن عَلى قَرمٍ هِجانٍ مُشَرَّفٍ... بِلُؤمَتِهِ أَو ذاتِ نيرَينِ عَيطَلِ
إِذا النَعجَةُ الأَذناءُ كانَت بِقَفرَةٍ ...فَأَيّانَ ما تَعدِلُ لَها الدَهرَ تَنزِلِ
 
وفيك بارك الله، وجزيت خيرا على الشواهد.

والكتاب في المرفق على الوورد كاملا للتحميل.
والله الموفق.
 
بارك الله فيك شيخنا المفضال .
مدارسةٌ نافعةٌ .

وللفائدة:
قال سعيد بن نبهان الحضرمي في منظومة المترادف:
[ بلاغةٌ ومثلها فصاحةُ ......... ولسَن ذلاقةٌ ذرابةُ ]
أين هذا النظم لصاحبنا ؟
 
باب في ذكر الكلام الرديء والعي

يقال: منطقٌ عِيال، وهو الذي ليس على جهته. ويقال: ليس لكلامه ضُحى، أي ليس له بيان. وقال الباهلي: سمعت أبا تمام الشاعر يقول لرجل تكلم فأساء: لِمثلِ كلامِك رُزِق الصمتُ المحبةَ، ثم التفت إلي فقال: أنا أبدعتُ هذه. ويقال: هو عَيُّ اللسان، فَدْم، ألْوَث، وفي كلامه حُكْلة [بسكون الكاف وقد ضبطها المحقق بالضم]، أي عُجْمة. وقد رَتِج في منطقه رَتَجًا، وأُرتِج عليه إذا استَغلَق عليه الكلامُ، وأصله من أَرتَجتُ الباب أي أغلقته. ويقال: هو عَيٌّ أَلَفّ. ويقولون: ليس ينطق حتى ينطق الحجر.

[ انتهى الباب ]
 
باب الهذر والإكثار

يقال: أهذر في منطقه إهذارا. ورجل ثَرثار: كثير الجَلَبة. ويقال: قد افترش لسانَه، إذا تكلم بما شاء. ويقولون: من أكثَرَ أهجَرَ. والمِكثارُ حاطبُ ليلٍ. والهُراء: المنطق الفاسد، والخَطَل مثله. قال ذو الرمة:
لها بَشَرٌ مثلُ الحرير ومنطقٌ = رخيمُ الحواشي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ


[ انتهى الباب ]
 
باب اللحن والفحوى

تقول العرب: عرفتُ ذلك في فحوى كلامه، وفي لَحْن كلامه، وعَرُوض كلامه. قال قطرب: يقال: عرفته في مِعراض قوله، ومعنى كلامه، وعرفت حَوِيلَ قوله، أي ما حاول. ويقال: أحال عليه بالكلام إذا أقبل. وأحال عليه بالسوط أقبل. ويقال: ليس لكلامه طِلْعٌ غيرُ هذا، أي وجهٌ. وكذلك مُطَّلَع [ضبطها المحقق هكذا: مَطْلِع]. ويقال: مَدَحه مِدْحَة مستنيرة.

[ انتهى الباب ]
 
باب آخر

الخَلْف الرديء من القول. يقال: سَكَت ألفًا ونطَقَ خَلْفا. والقول الخامل: الخفيض. وفي الحديث (اذكروا الله ذكرًا خاملا) أي خَفِيضا. ويقال: خاوَضَه الحديثَ: جاراه وتَخاوَضا المسألةَ. وتكلم بكلمة طَخْياء، أي أعجمية. وهو يرمي بيده غَرْبةً وحَرْدة، إذا لم يُبالِ ما قال. وهو يتلغَّم بذكر فلان، أي يَذكُره. قال ابن الأعرابي:
قلت لأعرابي: متى الرحيل؟ قال: تلغَّموا بالسبت. ويقال في المدح: هو خطيب مِعَنّ، إذا اشتد نظرُه، وابتلَّ ريقُه، ولم يُعْيِه شيء. وفلان مِجهَر. ورمى بالكلام على عَواهِنه، أي على ما خَيَّلَتْ [أي من غير يقين]. ويقولون: لو كان عند فلان عَقْبٌ تكلم، أي لو كان عنده جواب. أبو زيد: يقال: كلمني فلان فما أرجعتُ له قولا، أي ما أجبته بكلمة. قال أبو عمرو بن العلاء: العِنَاج في القول أن تكون للسان حَصاةٌ [أي عقل] فيتكلم بعِلم ونَظَر.

[ انتهى الباب ]
 
باب في السر والإخبار ببعض الحديث

يقال: بينهم مهامسة. وسمعت رَسًّا من الخبر وذَرْوًا. والذَرْو: المشافهة ببعض الخبر. وفي كلامه شُكْلة، أي اشتباهٌ. وكَمَيْتُ الشهادةَ، وخَمِرَ علي الخبرُ: أي خفي. ويقال للرجل يريد استنزالَك عن السر: تَسَقَّطَني فأخلفتُ ظنَّه. ورجل جُهَرة لا يكتم سرا. وإذا مدحوه قالوا:
شَحيح بِنَثِّ السر سَمْحٌ بغيره = [أخو ثقة عف الوصال سميدع]
وقالوا: كريم يُميت السر.
ويقال لمن يؤمر بالكتمان: اجعل هذا في وعاء غيرِ سَرِب. قال:
[وأكشف المأزِقَ المكروب غمته] = وأكتُم السرَّ فيه ضربةُ العنقِ
قال الضبي: جَمْهَرَ فلانٌ الخبرَ كَنَاه ولم يَمْحَضك حقَّه، وهذا خبر مُجَمهر أي لا يُدَل منه على جهة.

[ انتهى الباب ]
 
باب في النميمة
يقال: نَمَّ ونَمَلَ ومَذِلَ بالأمر: باح به. وفلان مَشّاء، أي يمشي بين الناس بالنميمة، (ويُوقِد بين الناس بالحَظِرِ الرَّطْبِ) كنايةً عن النميمة.
[ انتهى الباب ]


باب المدح
يقال: مدحه، وأثنى عليه، وقرَّضه [بالضاد والظاء] وأطراه ومَجَّده. وإن فلانًا وفلانًا ليَتَقارَضان الثناءَ، إذا أثنى كلُّ واحد منهما على صاحبه. وقال ابن السكيت: فلان يَخُم ثيابَ فلان، إذا كان يُثني عليه.
[ انتهى الباب ]


بابٌ في الوقيعة وسُوء القول والشتم
يقال شَتَمه، وذَأَمه، وجَدَبه، وثَلَبه، ولَحَاه يَلْحاه. ويقال: شَتَّرْتُ بالرجل [أو شنّرت بالنون]، وسَمَّعْتُ به، وشرَّدْتُ به. قال:
أُطَوّف في الأباطح كلَّ يوم = مخافةَ أن يُشرِّد بي حكيمُ
وفي الأمثال (شتمك مَن بلّغك). في هذا المعنى قولُ القائل:
وماحلٍ حطَّ قدرًا = مِن نفسه لم يَصُنْهُ
أراد نقصَ أخٍ لي = بما يُبلِّغُ عنه
فكان ما سَمِعَتْه = مسامعي مِنْهُ مِنْهُ
ويقال: نَدَّدْت به، إذا أسمعتَه القبيحَ. قال ابن السكيت: يقال: هو يَنعَى عليه ذنوبَه: أي يَذكُره بها. وقد قَفَاه بأمر عظيم إذا قذفه، يَقفُوه. وقد أَقذَع له: إذا أسمعه كلامًا قبيحًا. وبُقِع فلانٌ بقبيح، ومُقِع أيضًا، وبُقِع بسَوْءة. وقد أفحش فلانٌ إفحاشًا، وأَهجَر إهجارًا، أي قال قبيحًا، قال [الشماخ]:
كماجدةِ الأعراقِ قال ابنُ ضَرَّةٍ = عليها كلامًا جار فيه وأَهْجَرَا
وقال فلانٌ هُجْرا وبُجْرا، إذا قال قبيحًا. ويقال: ما في حَسَبِ فلانٍ قُرامةٌ ولا وَصَم، وهو العيبُ. وفي كلامهم: ذِمْتُه أذيمه ذَيْمًا. وفي الأمثال (لا تَعدَم الحسناءُ ذامًا). ويقال: ذَمّه ذَمًّا، وقَصَبه قَصْبا، وجَدَبه جدْبا. وجاء في الحديث (جَدَبَ لنا السَّمَرَ بعد عتمة) أي عابه. قال ذو الرمة:
فيا لَكَ مِن خدٍّ أَسِيلٍ ومنطقٍ = رخيمٍ ومِن خَلْق تَعلَّلَ جادِبُه
أي عائبه. وقد سَبَعَه، ورماه بِهاجِراتٍ. وقد تَغنَّى [أخشى أن تكون تصحيفا] فلانٌ بفلان: إذا هجاه ورماه بِمُنْدِيات [أي مخزيات]. ويقال: رماه بكلام كنَكْزِ الأَسْوَد.

[ انتهى الباب ]
 
باب دعاء الرجل لصاحبه

يقال: نَعِم عوفُك أي حالك. ويقال للمتزوج: بالرِفاء والبنين، من رفأتُ الثوب، كأنه قال: بالاجتماع والالتئام. ويقال لمن رَمَى فأجاد: لا تَشلَلْ عَشرُك. ويقال لا شللا ولا عمًى. ولمن تكلم فأجاد: لا يُفْضِ الله فاك، أي لا جَعَله الله فضاء لا سنَِّ فيه [واختلفوا في لا يفضض]. ويقولون: آهَلَك الله في الجنة. ويقولون: أَبْلِ جديدا وتَمَلَّ حبيبا، أي لِيَطُل عمرُك معه. ويقولون: إن فلانا لكريم ولا تُقَلْ مِن بعده، أي لا أماته الله فيُثنَى عليه بذلك بعد موته. ويقولون: مرحبا وأهلا، ولا آبَ شانئُه؛ أي لا رجَع. وتقول للرجل يُرشدك: لا يَعْمَ عليك الرشدُ.

[ انتهى الباب ]
 
باب الدعاء بالشر

يقال: ما لَهُ آمَ وعامَ! أي هلكت ماشيتُه وامرأته فيَئِيم ويشتهي اللبنَ. ما لَهُ قطَعَ اللهُ مَطَاه. ويقال: ما له جَرِبَ وحرِب! جرب من الجَرَب، وحرِب ذهب مالُه. ويقال: ما له أُلَّ وغُلَّ! أل: طُعِن بالأَلّة، وغُل: بالغُل. ويقال: غُل من الغَلِيل وهو العطش. ويقال: ما له ذَبَل ذَبْلُه! من ذُبول الشيء، أي ذَبَلَ لَحمُه وجِسمُه. وما له قَلَّ حَيْسُه! أي خيرُه. وما له يَدِيَ مِن يَدِه! أي شَلّت يدُه. وما له شَلَّ عَشرُه! وما له هَبِلَتْه [تكررت خطأ] الرَّعْبَلُ! أي أمُّه الحمقاء. قال [ابن السكيت]: وسمعت الكلابي [جعله المحقق أبا زياد الكلابي، والصواب أنه أبو صاعد الكلابي؛ لأن الأول متقدم أخذ عنه الكسائي والفراء وطبقتهما، وأما أبو صاعد فمتأخر يحكي عنه ابن السكيت كثيرا في إصلاح المنطق] يقول: ما له أرقأ اللهُ به الدمَ! أي ساق إليه قوما يطلبون قومه بقتيل، فيقتلونه حتى يَرقأَ به دمُ غيره. ويقال: قَطَع اللهُ به السببَ، أي سبب الحياة. وسمعتُ أعرابيا يقول لآخر: جعل الله رزقك فوتَ فمك، أي تنظر إليه فربما يفوتُ فمَك ولا تقدرُ عليه. ويقال: ألحقَ الله بك الحَوْبة، وهي المسكنة والحاجة. ويقال: أبدى الله شَوارَه، وهي مذاكيره.
ويقولون: إن كنت كاذبا فشَرِبت غَبوقا باردا، أي لا كان لك لبن حتى تُحوَج إلى شرب الماء القراح. ويقال: عليه العَفاءُ، أي محا الله أثرَه. ويقال: عليه العَفاءُ والكَلْبُ العَوَّاء. ويقولون لمن يفارِق وفراقُه محبوبٌ: أَبعَدَه الله، وأَسحَقَه، وأوقد نارا أَثَرَه، وكانوا يوقدون نارا أثرَه يتفاءلون أن لا يرجع إليهم. ويقال: ما له تَرِبت يداه، إذا دُعي عليه بالفقر. والمَترَبة الفقر. ويقال: ما له هَوَت أمه، وما له سَبَاه الله! أي غَرَّبه. ويقال: جاء السيلُ بعُود سَبِيّ إذا احتمله من بلد إلى بلد. ويقال: بِفِيه البَرَى، أي التراب. وبفيه الإَِثْلَِب [بفتحتين معا أو بكسرتين معا]. ويقال لمن وقع في بلية ومكروه وشُمِت به: لِليدين وللفم، وبه لا بِظبي الصريمةِ أعفَرَ. وما له سحَتَه الله أي استأصله. ويقال: رماه الله بِليلةٍ لا أختَ لها، أي أماته الله. ويقال: ما له صَفِر فناؤه وقَرِع مُراحُه! أي هَلَكت ماشيتُه. ويقال: تَعِسَ [ضبطها المحقق بفتح العين] وانتكس، فالتَعْسُ أن يَخِر على وجهه، والنَكْسُ أن يخر على رأسه. ويقال: رماه الله من كل أَكَمة بِحَجَر. ويقولون: جَدْعًا وعقْرًا. ويقال للقوم يُدعى عليهم: فاقَدَ اللهُ بينهم.

[ انتهى الباب ]
 
بابُ قولهم ما كلّمتُه بكلمة

يقال: ما سمع مني نَأْمة. وما ناطقتُه الفصيحَ. قال قطرب: ما كلمتُه ببِنْتِ شَفَة، أي كلمة.

[ انتهى الباب ]


باب الأيمان

قال الأصمعي، تقول العرب: لا والنهارِ الأزهرِ والليل الأخضر، ويقولون: لا والذي شَق الرجالَ للخيل والجبالَ للسيل، لا والذي لا أتَّقِيه إلا بمَقتَلِه، ولا وقائِتِ نَفَسي القصير ما كان كذا، ولا والذي شَقَّها خمسا من واحدة، يعنون الأصابع. ويقولون: لا والذي أخرج النخلةَ من الجَرِيمة [النواة] والنارَ من الوَثِيمة [الصخرة].

[ انتهى الباب ]
 
باب في الدعابة

يقال: جاء بأُملُوحة، وأفكوهة، وتلاعبوا بألعوبة. وفلان فَكِهٌ ضَحوك. ويقولون: داعَبَه مداعبة، ومازحه ممازحة. وقال أكثم: المُزاحةُ تُذهِبُ المهابةَ. ويقولون: المُِزاحُ سِبابُ النَّوْكَى.

[ انتهى الباب ]


باب الكذب

يقال: كذَب كَذِبا، ومان مَيْنا، وهذا كذبٌ صُراح. ويقولون للكذّاب: هو زَلوق اللِّبْد. وقد اختلق كلامَه وارتجله. وفلان لا يُقَلَّبُ حديثُه [أخشى أن تكون تصحيفا]. وليس لهذا الحديث نَجْم، أي ليس له أصل.
قال ابن السكيت: يقال: اعتبط فلانٌ عليَّ الكذبَ، وفلان لا يُوثق بسَيل تَلعتِه، إذا كان كاذبا. وإن فلانا لقَمُوص الحنجرة. وفلان لا يَصدُقُ أثرُه. قال ابن الأعرابي: تأويله أنه إذا قيل له من أين أقبلتَ كذَب، وفلان لا تَجارَى خيلاه، ولا تَسايَرُ خيلاه، ولا تواقَفُ خيلاه. قال ابن الأعرابي: هو أكذب من يَلْمَعٍ وهو السراب. وهو أكذبُ مَن دَبَّ ودَرَج، أي أكذب الأحياء والأموات.

[ انتهى الباب ]
 
عودة
أعلى