مدارسة في سورة يوسف

بدر الدريس

New member
إنضم
10/07/2013
المشاركات
7
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
39
الإقامة
المدينة
بسم1
الحمد لله الذي أنزل كتابه نورًا والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد

فهنا ثلاث وقفات هي للمدارسة وإثارة العقول وبناء الملكات ،
الأولى : فرق كبير بين "وما أنت بمؤمن لنا وإنا لصادقون"
وبين قوله تعالى "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" فهذه معناها: ولو كنا عندك في عداد الصادقين.
أتحفونا بما لديكم تصويبًا أو تأييدًا أو استدراكًا نفع الله بكم

الثانية : تعلمون اختلاف العلماء في تحديد الذين "شروه بثمن بخس دراهم معدودة" أوليس قول من استدل على أنهم السيارة بالآية تليها "وقال الذي اشتراه من مصر" وجيهًا؟ واقرأ الآيات متصلة في سياق واحد كما قرأها العرب الذين أنزلت عليهم وقرأها الصحابة :
"وجاءت سيارة ... وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ، وقال الذي اشتراه .." وقد انقطع الحديث عن إخوة يوسف وأبيهم عليه السلام في قوله تعالى "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"

الثالثة : تعلمون اختلاف بعض الأقوال في "دراهم معدودة" عشرين درهم أو ثلاثين أو خمسين ومنها ما نسب إلى ابن مسعود وابن عباس بإسانيد منقطعة، ولكن ..
لنقرأ الآيات متصلة في سياقها ونحاول أن نقرأها كما قرأها الصحابة وهم العرب الأقحاح نجد أن المشتري عزيز مصر فهل كان يشتري أي غلام بعشرين درهم؟! ونجد أن الغلام يوسف عليه السلام فهل كان يباع من أوتي شطر الجمال بعشرين درهم؟!
لعلنا إذا عدنا للآيات فقرأنا وتأملنا وتعاملنا معها على أنها أعلى مثل البلاغة والبيان فسرنا قوله تعالى "دراهم معدودة" بأنها قليلة ولو كثرت، والثمن بخس ولو كثر عدده لعظمة من تبايعوه ولكنهم لا يعلمون.

هكذا أقرأ وأفسر وأرجو من مشايخنا الكرام تصويب منهجي إن كان فيه زلل ولكم جزيل الشكر
 
الاخ / بدرالدريس - بوركت
سوف اتناول الفقره الاولى من حديثك

بسم1
الحمد لله الذي أنزل كتابه نورًا والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد
فهنا ثلاث وقفات هي للمدارسة وإثارة العقول وبناء الملكات ،
الأولى : فرق كبير بين "وما أنت بمؤمن لنا وإنا لصادقون"
الصحيح ( وانا لصادقون) بغير ( وما انت بمؤمن لنا )
تمام الاية - قوله تعالى ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )
فاخوة يوسف ، في هذا الموقف كانوا بالفعل صادقين ، فخرج قولهم بثبات تاكيدي مدعم بالبراهين


وبين قوله تعالى "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" فهذه معناها: ولو كنا عندك في عداد الصادقين.

قوله تعالى ( قالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17)
أخوة يوسف في هذا الموقف كانوا كاذبين ، ولا ادلة تعينهم على اثبات قصتهم
فاخرجوا قولهم بتحايل ومكر كبير ، يشبه قول احدهم (كيف نحكتم لمن لا يعذرنا اصلا )
فيه تاكيد وتاييد لقصتهم ولكن بطريقه ملتويه ، وذلك بالقاء اللوم على ايمان ابيهم وظنه الذي لايتزحزح عنهم ، كانهم يقولوا لابيهم مهما قلنا (صدقا او كذبا ) فالامر سيان عندك وذلك بسبب ظنك الغير صحيح عنا ، فقاموا بتوفير تغطيه تموهيه كحجة على صدقهم ، واظهار الكذب تلبيسا بمظهر الصدق وذلك بجلب التعاطف ،تركيزا على جانب عدم النصف من ابيهم في حقهم

والله اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله
 
أخي الكريم لم أقصد ما أفضت فيه فلعلك تعيد القراءة على ترو
 
بسم1
تمام اخي / بدر

مقصدك .. افتراضي
فرق كبير بين قول القائل "وما أنت بمؤمن لنا وإنا لصادقون" وبين قوله تعالى "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين"

فيكون الفرق : قول القائل ( وما أنت بمؤمن لنا وإنا لصادقون) فيه حدة ومواجهه
اما قوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) فيه تلطف وقد افضت فيه

او تقصد امر اخر ...! لم يتبين لي فالرجاء التوضيح

والسلام عليكم ورحمة الله
 
الأولى : فرق كبير بين "وما أنت بمؤمن لنا وإنا لصادقون"
وبين قوله تعالى "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" فهذه معناها: ولو كنا عندك في عداد الصادقين.

أولا : اكبر فرق ان القول الأول ليس قول الله تعالى ، وعند عقد المقارنة في التراكيب اللغوية فربما لا يصح ان تعقد مقارنة الا بين امرين من جنس واحد فتقارن قولي بقولك مثلا ولكن الوحي الرباني يقارن بوحي مثله لدقة التركيب وجلالة الحرف ، وعليه فلا يمكن ذلك البتة.

ثانيا : في قول الحق جل وعلا "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" في هذا ما ينبئ عن موقفهم من أبيهم فلم يستقر في أنفسهم استئثار يوسف بمحبة أبيه دونهم بل استقر لديهم أنه ايضا يجد في نفسه عليهم جدةً تجعله لا يقبل منهم قولاً ، ولعل القارئ يرى ذلك جلياً حين قالوا( ولو كنا صادقين) أي وحتى لو كنا في عداد أهل الصدق عندك فلن تصدقنا في قولنا ، مع احتمال ان (ولو كنا صادقين) نبأ عن قولهم الكذب والله اعلى وأعلم
 
بسم1
جزيت خيرا ، اخي / عدنان
وانا بدوري استغفر الله من الذلل، واقول اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني .
وياليت بدر قال ( ماالفرق بين هذه الاية وتلك ) وقد كان هذا فهمي لطرحه وقوله بادى ذي بدء وقمت بالتعقيب عليه ولكنه اعترض ولم يبين ..!! .

والسلام عليكم ورحمة الله
 
السلام عليكم تعليقا على النقطة الثالثة:وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)
والمعنى الاجمالي :وباعوه بثمن اقل من قيمته الاعتيادية كمّاًاو كيفاً وانتهت الاية بوصف شعور البائعين بانهم زهدوا فيه هذا يدل انهم ارادوا التخلص منه باي ثمن واي طريقة ...والذي يفعل ذلك لايساوم على بيع بضاعته فلايصر على ثمن معين بل يدفعه دفعاً لزهده فيه
فلا تستغرب ان كان بيعه بهذه القلة وبهذا البخس فالتقليل من شأن هذا الفتى في هذا المقام مطلوب ليقول المؤمنون :انظروا الى حال هذا النبي في صغره كيف هان امره على الناس حتى بيعته كعبد كان اقل من العبيد(( بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ)) ثم انظر الى الرب كيف غيّر حاله ومكّنه...ثم من قال ان العزيز اشتراه بنفسه فربما بعث رجالا من طرفه يشترونه له بعدما رآه وهذا شأن علية القوم
وهذا مما ضرب القران عن ذكر تفاصيله صفحاً فلا نعتني الا بما اعتنى به القران ...واستغفر الله العظيم واتوب اليه
تقبل اخي مروري وتعقيبي وآجرك الله وجعلنا من الناظرين لكتاب الله بعين الدارسين
 
جزاكم الله خيرًا إخواني الكرام،
الذي قصدت أخي عمر وأخي عدنان أنه كان يسبق إلى فهمي حين أقرأ "ولو كنا صادقين" أي ولو كنا صادقين في قولنا. فلما وقفت على معناها وجدت أن ما يدل على فهمي لو كانت "وإنا لصادقون" أما "ولو كنا صادقين" فالأسلوب مختلف والمعنى مختلف ولكنني اختصرت القول فوقع الخلل.
أخي الكريم أورهان ذهبت مذهبًا بعيدًا في التأويل ولكنك نبهتني على مقطع الآية "وكانوا فيه من الزاهدين" وأخشى إن مضيت على طريقتي فقلت "فزهدوا فيه ولو غالوا بثمنه لأنه الكريم ابن الكريم" أن أكون ابتعدت في التأويل وأصبحت أسبح في خيالات بعيدًا عن الحق والله أعلم ، فمن يفصل بين القولين؟
 
الأصل أن تحمل الآية على ظاهرها ،وهو أن إخوته كانوا فعلا زاهدين فيه ،وباعوه بثمن بخس.
أما التأويل بأنهم مهما غالوا في ثمنه فيبقى في حق يوسف ثمنا لاقيمة له فتأويل لادليل عليه.
 
ولكن ظاهر الآية ان السيارة هم من باع يوسف بثمن بخس وليسو اخوته ، فعندما استخرجوه من البئر ووصلوا الى مصر لم.يكن هذا الفتى الصغير مرغوبا للسخرة فلم يقبل عليه احد لأن المطلوب اقوياء الجسد القادرين على تحمل مشاق البناء والعمل وهذا مالا يبدو على يوسف فبيع بأبخس ثمن واستعجلوا في بيعه بدون مغالاة ، اما القول بأن اخوته باعوه وقبضوا الثمن فلا اراه صح. ويتعارض من سياق القصص القرآني ، إذ ينتهي وجود اخوته بعدما القوه في البئر ويبدأ دخول السيارة في المشهد بعد ذلك ، فكان القاء الدلو و اسراره بضاعة ثم بعد ذلك بيعه الذي حدث بعد عودة الاخوة الى ابيهم يبكون بفترة ليست بالقصيرة والله اعلم
 
لك ذلك يا أخي عدنان.أما أنا فلا أميل إلى ماذهبت إليه.يقول ابن كثير رحمه الله:(قال ابن عباس
ومجاهد والضحاك:إن الضمير في قوله"وشروه"عائد على إخوة يوسف.وقال قتادة:بل هو عائد
على السيارة.والأول أقوى،لأن قوله"وكانوا فيه من الزاهدين"إنما أراد إخواته لا أولئك السيارة،
لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة،ولو كانوا فيه من الزاهدين لما اشتروه،فترجح من هذا
أن الضمير في "شروه"إنما هو لأخوته.
أقول:يتضح من خلال السياق أن إخوته هم الذين زهدوا فيه وليس السيارة،ومن القرائن على ذلك
أن الذي اشترى يوسف عليه السلام من السيارة هو الذي كان على خزائن مصر،وأستبعد أن يباع
على مثله بثمن بخس لاسيما أنهم استبشروا بيوسف عليه السلام،وعزموا على بيعه،والذي أتصوره
أن مجيء مشتر بهذه المكانة الاجتماعية على باعة فرحوا بالتقاطه ليتكسبوا من خلاله إلا بيعه بثمن
يعود عليهم بأكبر قدر ممكن من الربح.
 
السلام عليكم
اما الراي الذي يقول ان اخوة يوسف هم من باعه بثمن بخس فنقول لاصحاب الراي: فما قولكم في قول الله تعالى ((يابشرى هذا غلام)) مما دل على تفاجأهم فان هذا لايستقيم مع ما لو اشتروه من الاخوة وقوله تعالى((واسرّوه بضاعة))
 
ثم إذا كان السيارة هم من زهدوا فيه،فعلام يفرحون؟!على بضاعة سيبيعونها بسعر زهيد.
جمعنا الله به وبنبينا وبسائر الأنبياء والمرسلين عليهم من ربي أفضل صلاة وأتم تسليم في
الفردوس الأعلى.
 
نعم الرأيان متكافئان في القوة اصلحك الله اخي محمد ولكني اميل للاول بسبب السياق مع ان الراي الثاني ليس بضعيف فلم اجد مايضعفه
 
ثم إذا كان السيارة هم من زهدوا فيه،فعلام يفرحون؟!
ولكن هذه ليست بدليل قوي..فربما فرحوا به في البداية ثم عندما كان معهم رأوا فيه ما لايرتجى منه ربح الا القليل فرضوا به فباعوه خوفاً من ان يظهر له صاحب او اب..فالبشر تتغير عليهم الامور ..وبارك الله بك
 
يبقى الاختلاف سنة ماضية،وأنا أحترم وجهة نظرك،وإن كنت لا أرى هناك مبررا يخرجنا عن
إطار النص القرآني،فالقرآن أثبت أنهم فرحوا به،ولايمكن الفرح على بضاعة كاسدة،والعدول
عن هذا لاحتمالات يفرضها الذهن لا أراه سديدا،ووصف الزهد في حق يوسف عليه السلام
يتجلى في إخوته ويظهر أكثر من السيارة،ولا أظن يخالف في هذا أحدا.
 
كيف يكون يوسف عليه السلام لقطة وبضاعة في نفس الوقت فاللقطة تلتقط بلا ثمن! فنص كتاب الله يرد على من قال باعه اخوته بدلالة مباشرة قوية مقابل دلالة ظنية ضعيفة
 
حتى تعرف لماذا عبرت مرة بلفظة(التقطوه) ومرة (ببضاعة) ارجع إلى كلام السعدي رحمه الله حتى ينجلي
لك المراد.أما قولك بأن ماذهب إليه ابن كثير والسعدي وغيرهما ضعيفا فهذا في وجهة نظرك،وحسبي أننا
جميعا قد أوضحنا مالدينا،ولايلزم اقتناع كل واحد منا بما ذهب إليه آخر.وفقنا الله للفهم والعمل بكتابه.
 
كيف يكون يوسف عليه السلام لقطة وبضاعة في نفس الوقت فاللقطة تلتقط بلا ثمن! فنص كتاب الله يرد على من قال باعه اخوته بدلالة مباشرة قوية مقابل دلالة ظنية ضعيفة
------
هل تقصد اخي / عدنان
بقولك (دلالة مباشرة قويه )

1- ان البيع تم بمصر ، لقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ )، واخوت يوسف لم يذهبوا لمصر، لوجودهم مع ابيهم ولايوجد في القصه مايشير الي ان (عزيز مصر ) كان خارج مصر ، او بالقرب من البئر مثلا .
2-اخوه يوسف عقدوا العزم على القائه في البئر ، وقد فعلوا ذلك بدليل الاية وقوله تعالى (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ ) ومن خالف ، ياتي بزياده في القصه ، ليست موجوده في الايات ، كقول القائل (السيارة هم من استخرج يوسف من البئر ، انتظرهم اخوة يوسف ثم باعوه )


ام ماذا ؟؟ ارجو التوضيح..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
لدي تعقيب طويل يثبت بقطعية ان السيارة هم من باع يوسف وقبضوا الدراهم وليس اخوته وبدلالات عدة اهمها قول الحق جل وعلا:
{قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين
} يوسف 10
فلم يرد (يشتريه بعض السيارة) او (يبتاعه بعض السيارة) بل يلتقطه وهذا ما حدث فهو لقطة اسره اصحاب القافلة لئلا يدعي فيه احد.
ولي عودة اسرد فيها القولين ووجاهة الرأي القائل بأن ببع يوسف انما كان من السيارة وتفنيد الرأي الآخر والله الموفق
 
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]​
[FONT=&quot]من الذين شروه بثمن بخس؟[/FONT]
[FONT=&quot]قال الحق جل وعلا:[/FONT]
[FONT=&quot]فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ[/FONT][FONT=&quot] (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)[/FONT]
[FONT=&quot]أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة):[/FONT]
[FONT=&quot]القول الأول[/FONT][FONT=&quot]: اخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال جاءت سيارة فنزلت على الجب فأرسلوا واردهم فاستقى من الماء فاستخرج يوسف فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاماً لا يعلمون علمه ولا منزلته من ربه فزهدوا فيه فباعوه، وكان بيعه حراماً وباعوه بدراهم معدودة.[/FONT]
[FONT=&quot]القول الآخر[/FONT][FONT=&quot]: أن إخوته باعوه أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } يعني إخوة يوسف أسروا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتلن إخوته واختار البيع فباعه إخوته بثمن بخس.[/FONT]
[FONT=&quot]وعن مجاهد رضي الله عنه في قوله: (وشروه) قال: إخوة يوسف باعوه حين أخرج المدلي دلوه. الدر المنثور 4/12 للسيوطي.[/FONT]
[FONT=&quot]والقول الأول المروي عن الضحاك اختاره الشيخ ظاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير 6/242-244 فقال:[/FONT]
[FONT=&quot](كان هؤلاء الســــيارة من الإســـماعيلين كما في التوراة، أي أبناء إسمـــاعيل بن إبراهـــيم عليهما الســـلام وقيل كانوا من أهل مدين، وكان مجيــئهم الجب للاســتقاء منها، ولم يشــــعر بهم إخوة يوســف إذ كانوا قد ابتعدوا عن الجب.[/FONT]
[FONT=&quot]ومعنى (أسروه) أخفوه؛ والضمير للسيارة لا محالة، أي أخفوا يوسف عليه السلام، أي خبر التقاطه خشية أن يكون من ولدان بعض الأحياء القريبة من الماء قد تردى في الجب، فإذا علم أهله بخبره طلبوه، وانتزعوه منهم لأنهم توسموا منه مخائل أبناء البيوت، وكان للشأن أن يعرفوا من كان قريباً من ذلك الجب، ويعلنوا كما هو الشأن في التعريف باللقطة، ولذلك كان قوله (وأسروه) مشعراً بأن يوسف عليه السلام أخبرهم بقصته، فأعرضوا عن ذلك طمعاً في أن يبيعوه.[/FONT][FONT=&quot])[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يزيد الشيخ ابن عاشور رحمه الله[/FONT][FONT=&quot] في تأكيد ما ذهب إليه في قوله معنى (شروه): باعوه، يقال: شرى كما يقال باع، ويقال: اشترى كما يقال: ابتاع.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال ومن فسر (شروه) باشتروه أخطأ خطأ أوقعه فيه سوء تأويل وكانوا فيه من الزاهدين، وما ادعاه بعض أهل اللغة أن شرى واشترى مترادفان في معنييهما يغلب على ظني أنه وَهِمَ إذ لا دليل يدل عليه.[/FONT]
[FONT=&quot]وفيما ذكره الشيخ ابن عاشور رحمه الله بيان أن الذي باع يوسف عليه السلام هم السيَّارة وليس إخوته، وقد كان سبب اختلاف المفسرين في ذلك هو بسبب اختلافهم في عود الضمائر في الآيات، ويحسم الشيخ ابن عاشور عود الضمائر بقوله: وضمائر الجمع كلها للسيَّارة على أصح التفاسير.[/FONT]
[FONT=&quot]الترجيح بين القولين[/FONT]
[FONT=&quot]ينقسم السياق لأجزاء وأحوال بيّنة قسمتها بالألوان في رأس هذا المبحث فميزت السياق الأول - سياق التنفيذ - بلون وعلامة نهايته قوله تعالى ([/FONT][FONT=&quot]إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [/FONT][FONT=&quot]وبوحي الله لنبيه يوسف انتهت علاقة يوسف بأخوته في هذه المرحلة فلا وجه لاستمرار الفعل السيئ بعد وعد الله. وذكر في هذا السياق (يوسف وأخوته)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم بلون آخر يتميز السياق الثاني وهو مشهدهم وهم يبكون بين يدي والدهم عشاءاً حيث لا يسهل تبين كذبهم من وجوههم ، وفي ذلك دلالة على بعد الجب عن مسكن ابيهم وهذا يبعد ان يكونون قد عادوا لانتظار من يلتقطه وختمه بقوله تعالى (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُون). وذكر في هذا السياق (يعقوب وأخوة يوسف)[/FONT]
[FONT=&quot]والسياق الثالث [/FONT][FONT=&quot]وهو محل الاشكال : ( [/FONT][FONT=&quot]وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [/FONT][FONT=&quot](19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)[/FONT][FONT=&quot] ، وفيه (يوسف عليه السلام ، السيارة ، مشتري يوسف)[/FONT]
[FONT=&quot]وتفصيل وجاهة القول بأن السيارة هم من باعه هو كالآتي:[/FONT]
[FONT=&quot]أولا[/FONT][FONT=&quot] : ففي معرض تآمر إخوة يوسف على أخيهم استقر رأيهم على إلقاءه في الجب (ليلتقطه) بعض السيارة إذ قال جل جلاله: [/FONT][FONT=&quot]قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا ما اتفقت عليه آرائهم وممالأتهم فلم يقل (يشتريه) بعض السيارة أو (يبتاعه) بعض السيارة ، بل (يلتقطه) فيجدونه حين يريدون رفع الماء من البئر ، وهذه دلالة بينه على أنه كان عليه السلام في حكم (اللُّقَطَة) بالنسبة للسيارة وهنا تأتي أمامنا عدة أسئلة تجيب على نفسها وهي:[/FONT]
· [FONT=&quot]كيف تباع اللقطة ؟؟ إذا كنا نعلم أن من التقط شيئا فلا يحق لأحد أن يدعي فيه ؟[/FONT]
· [FONT=&quot]كيف يقبل السيارة من غلمان جهال أن يبتاعوا منهم غلاماً مثلهم ؟ وظاهرهم أخوة له فيقول تعالى :( [/FONT][FONT=&quot]قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
· [FONT=&quot]كيف يصمت يوسف ولا ينبيء عما حدث له ويباع لهم أمام إخوته وهو صامت لا يدفع عن نفسه بأنه حر وإنما تآمروا عليه.[/FONT]
· [FONT=&quot]لماذا يسرّون يوسف بضاعة إن كانوا قد اشتروه ودفعوا ثمنه ؟[/FONT]
[FONT=&quot]ثانيا[/FONT][FONT=&quot]: القائلين بان من باعه إخوته لديهم إشكال واحد ، وهو كيف يستبشرون به ثم يبيعونه بثمن بخس ؟ ، وهنا فتوجيه ذلك يسير جدا فإيجادهم للغلام في البئر تم من قبل واردهم فاستبشر بأن وجد غلاما صدفة (لقطة) فالتقطه وقال يا بشرى ، مستبشرا بما لقيهُ لا يملكه احد فأصبح لهم فأخفوه في بضاعتهم لئلا يدعي عليهم في أحد حتى يبتعدون عن مكان الجب فيبيعونه عاجلا بأي ثمن يعرض عليهم ليتخلصوا منه ويقبضوا ثمناً أياً كان هذا الثمن قليلا فهو مجزيء لهم حيث لم يدفعوا للغلام مقابل فقد وجدوه صدفة في البئر.[/FONT]
[FONT=&quot]وصغر الغلام وضعفه لا يرغِّبُ المشترين فيه لأنه لا يقوى على مشاق العمل والسخرة والعبودية ، وملامحه لا تبين عن أنه ممن يباع ويشترى فيخشى من يشتري مثله أن يدعي فيه أحد فلا يستطيع على شراء مثله وضمان ثمنه الا شخص متنفذ في مصر لا يتمكن أحد من مقاضاته او الادعاء عليه فكان المشتري عزيز مصر ، وقد يكون المشتري الثاني او الثالث فقد يكون المشتري من السيارة غير العزيز ولكن الإضمار في القرآن ينقل القاريء إلى ما يستحق الذكر من القصص.[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثا[/FONT][FONT=&quot] : قال تعالى ([/FONT][FONT=&quot]فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)[/FONT]
[FONT=&quot]والتفريط غير البيع ، فالقاؤه في الجب وتركه حتى يلتقطه السيارة بعد ان وجدوه فجأة لهو قمة التفريط ، وإلا لكان القول ( بيعكم ليوسف).[/FONT]
[FONT=&quot]وأخيرا فالسياق بيّنٌ لا لبس فيه ولا إشكال ولو تتبع القارئ السياق من أول السورة إلى آخرها لوجد دلالات ترد القول بأن البائعين هم إخوة يوسف ، فسياق البيع لم يكن يتضمن الا يوسف والسيارة أما اخوته فقد انتهى الحديث عنهم وتحول القصص القرآني لمشهد مختلف تماما واشارة ذلك وعد الله ليوسف عليه السلام بان يبنئ إخوته بفعلهم.[/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله أن يرشدنا للصواب ويفتح علينا جميعا بأنوار علمه ويفهمنا كتابه الكريم على الوجه الذي أراده جل وعلا إنه هو ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.[/FONT]
 
دراسة جيدة أخي عدنان نفع الله بك.
إتماما للفائدة أحب أن أورد قول الإمام الطبري رحمه الله،وهذا نصه(وأولى القولين في ذلك بالصواب،
قول من قال :تأويل ذلك:وشرى إخوة يوسف يوسف بثمن بخس،وذلك أن الله عز وجل قد أخبر عن
الذين اشتروه أنهم أسروا شراء يوسف من أصحابهم،خيفة أن يستشركوهم،بادعائهم أنه بضاعة.ولم يقولوا
ذلك إلا رغبة فيه أن يخلص لهم دونهم،واسترخاصا لثمنه الذي ابتاعوه به،لأنه ابتاعوه كما قال جل ثناؤه
(بثمن بخس).ولو كان مبتاعوه من إخوته فيه من الزاهدين،لم يكن لقيلهم لرفقائهم:"هو بضاعة معنى
ولا كان لشرائهم إياه وهم فيه من الزاهدين وجه،إلا أن يكونوا كانوا مغلوبا على عقولهم،لأنه محال أن
يشتري صحيح العقل ماهو فيه زاهد من غير إكراه له عليه،ثم يكذب في أمره الناس بأ يقول "هو بضاعة
لم أشتره"مع زهده فيه.بل هذا القول من قول من هو بسلعته ضنين لنفاستها عنده،ولما يرجو من نفيس الثمن
لها وفضل الربح)
أقول:كل من كان أهلا للنظر في الأقوال وترجيحها أن يرجح مايظهر له،لكن تضعيف وإسقاط قول رجحه جماعة
من المحققين ينبغي التحرز منه حسب الإمكان إلا إذا خالف دليلا صحيحا صريحا أو كان لايستند إلى دليل معتبر،
أقول هذا من باب التذكير وإلا فالجميع لايخفى عليه ذلك.
 
عودة
أعلى