عبد الحميد البطاوي
New member
*حول زيادة كان
الصواب أن كان في القرآن الكريم أصلية وليست زائدة
كان تدل على تمكن الفعل في الثبوت فخبرها كائن لا محالة فإن قيل فما فائدتها في قوله
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) الشعراء.
فالمعنى أن عدم إيمانهم متأصل فيهم فالآيات ترد على عقولهم وتألفها قلوبهم وتراها أعينهم وتصغي إليها آذانهم ومع ذلك جحدوا بها وحاربوها فمنهم من يجعل أصابعه في أذنه ومنهم يولى مدبرا ومنهم من قتل ما يدل علة اآية لينفيها ومنهم من قال لا تسمعوا للقرآن ومنهم من حارب صاحب اآية بل منهم من قتل رسولهم فلا تعجب من فعلهم فهم متمكنون من الكفر والجحود والذي دل على ذلك وأكثر من ذلك كلمة (كان).
*-ونحوه(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ...(50) الكهف. كان من الجن فإن طبيعة الجن متمكنة منه فلم يتأثر في حضوره في الملأ الأعلى ووقوفه في زمرة الملائكة المعصومين و لأنه من الجن وله حق الاختيار ولم يكن معصوما فاختار الخروجج على أمرالله لأنه ما زال متأثرا بخلقه الأصى فليس وجوده مع الملائكة ينسيه خلقه الأول إنه من الجن بل متأصلا فيهم كان من الجن ووجوده مع الملائكة أمر عارض لن يؤثر فيه بل المؤثر كونه من الجن.
و نحو ذلك صفات المدح
لعل ذلك أولى بل هو الصواب لأن هناك من قال بزيادة كان
ففي البغوي : وما كان أكثرهم مؤمنين، مصدقين أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه: كان هاهنا صلة مجازه: وما أكثرهم مؤمنين.
وفي البيضاوي :وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ في علم الله وقضائه فلذلك لا ينفعهم أمثال هذه الآيات العظام.
ونقل الألوسي عن سيبويه إن كانَ صلة والمعنى وما أكثرهم مؤمنين فالمراد الإخبار عن حالهم في الواقع لا في علم الله تعالى الأزلي وارتضاه شيخ الإسلام، وقال: هو الأنسب بمقام بيان عتوهم وغلوهم في المكابرة والعناد مع تعاقد موجبات الإيمان من جهته عز وجل وأما نسبة كفرهم إلى علمه تعالى فربما يتوهم منها كونهم معذورين فيه بحسب الظاهر ويحتاج حينئذ إلى تحقيق عدم العذر بما يخفى على العلماء المتقنين، والمعنى على الزيادة وما أكثرهم مؤمنين مع عظم الآية الموجبة للإيمان لغاية تماديهم في الكفر والضلالة وانهماكهم في الغي والجهالة. ويجوز على قياس ما مر عن بعض الأجلة في قوله تعالى: أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أن يقال: إن كانَ للاستمرار واعتبر بعد النفي فالمراد استمرار نفي إيمان أكثرهم مع عظم الآية الموجبة لإيمانهم، وفيه من تقبيح حالهم ما فيه.
وهذا المعنى وإن تأتي على تقدير إسقاط كانَ بأن يعتبر الاستمرار الذي تفيده الجملة الاسمية بعد النفي أيضا إلا أنه فرق بين الاستمرارين بعد اعتبار كان قوة وضعفا فتدبر، ونسبة عدم الإيمان إلى أكثرهم لأن منهم من لم يكن كذلك
وقال ابن عاشور:
وكانَ هُنَا مُقْحَمَةٌ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ وَالْمُحَقِّقِينَ[1].
[1] البغوي - إحياء التراث (3/ 462) تفسير البيضاوي (4/ 134)الألوسي (10/ 63)
التحرير والتنوير (19/ 102)
الصواب أن كان في القرآن الكريم أصلية وليست زائدة
كان تدل على تمكن الفعل في الثبوت فخبرها كائن لا محالة فإن قيل فما فائدتها في قوله
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) الشعراء.
فالمعنى أن عدم إيمانهم متأصل فيهم فالآيات ترد على عقولهم وتألفها قلوبهم وتراها أعينهم وتصغي إليها آذانهم ومع ذلك جحدوا بها وحاربوها فمنهم من يجعل أصابعه في أذنه ومنهم يولى مدبرا ومنهم من قتل ما يدل علة اآية لينفيها ومنهم من قال لا تسمعوا للقرآن ومنهم من حارب صاحب اآية بل منهم من قتل رسولهم فلا تعجب من فعلهم فهم متمكنون من الكفر والجحود والذي دل على ذلك وأكثر من ذلك كلمة (كان).
*-ونحوه(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ...(50) الكهف. كان من الجن فإن طبيعة الجن متمكنة منه فلم يتأثر في حضوره في الملأ الأعلى ووقوفه في زمرة الملائكة المعصومين و لأنه من الجن وله حق الاختيار ولم يكن معصوما فاختار الخروجج على أمرالله لأنه ما زال متأثرا بخلقه الأصى فليس وجوده مع الملائكة ينسيه خلقه الأول إنه من الجن بل متأصلا فيهم كان من الجن ووجوده مع الملائكة أمر عارض لن يؤثر فيه بل المؤثر كونه من الجن.
و نحو ذلك صفات المدح
لعل ذلك أولى بل هو الصواب لأن هناك من قال بزيادة كان
ففي البغوي : وما كان أكثرهم مؤمنين، مصدقين أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه: كان هاهنا صلة مجازه: وما أكثرهم مؤمنين.
وفي البيضاوي :وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ في علم الله وقضائه فلذلك لا ينفعهم أمثال هذه الآيات العظام.
ونقل الألوسي عن سيبويه إن كانَ صلة والمعنى وما أكثرهم مؤمنين فالمراد الإخبار عن حالهم في الواقع لا في علم الله تعالى الأزلي وارتضاه شيخ الإسلام، وقال: هو الأنسب بمقام بيان عتوهم وغلوهم في المكابرة والعناد مع تعاقد موجبات الإيمان من جهته عز وجل وأما نسبة كفرهم إلى علمه تعالى فربما يتوهم منها كونهم معذورين فيه بحسب الظاهر ويحتاج حينئذ إلى تحقيق عدم العذر بما يخفى على العلماء المتقنين، والمعنى على الزيادة وما أكثرهم مؤمنين مع عظم الآية الموجبة للإيمان لغاية تماديهم في الكفر والضلالة وانهماكهم في الغي والجهالة. ويجوز على قياس ما مر عن بعض الأجلة في قوله تعالى: أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أن يقال: إن كانَ للاستمرار واعتبر بعد النفي فالمراد استمرار نفي إيمان أكثرهم مع عظم الآية الموجبة لإيمانهم، وفيه من تقبيح حالهم ما فيه.
وهذا المعنى وإن تأتي على تقدير إسقاط كانَ بأن يعتبر الاستمرار الذي تفيده الجملة الاسمية بعد النفي أيضا إلا أنه فرق بين الاستمرارين بعد اعتبار كان قوة وضعفا فتدبر، ونسبة عدم الإيمان إلى أكثرهم لأن منهم من لم يكن كذلك
وقال ابن عاشور:
وكانَ هُنَا مُقْحَمَةٌ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ وَالْمُحَقِّقِينَ[1].
[1] البغوي - إحياء التراث (3/ 462) تفسير البيضاوي (4/ 134)الألوسي (10/ 63)
التحرير والتنوير (19/ 102)