مدائن صالح ليست ديار قوم صالح عليه السلام

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم

أرسل إلي الأخ الحبيب عبدالله بن علي بن فائع العسيري رسالة ضمنها بحثاً له عن إشكال أورده بعض المؤرخين والكتاب حول مدائن صالح الموجودة الآن قريباً من مدينة العلا شمال المدينة النبوية، وهذا نص رسالته:

( جرى في سالف الأيام المناقشة في وصف أبواب بنيان ديار ثمود الموجودة في طريق العلا عندنا شمال المدينة، حيث إنها لا تزيد عن أبواب ديارنا، وقد عرف عنهم ما قد عرف من ضخامة الأجسام، وهذا ما استشكله ابن خلدون، وتابعه جمع من أهل العلم على هذا الأشكال، وأجابوا عنه بأجوبة لا تخلو من التعقب والنظر ، ومن هؤلاء العلامة المحدث / محمد عبدالرزاق حمزة في تذييله على كتاب < القائد إلى تصحيح العقائد > للعلامة المعلمي <٢٥٥> حيث يقول :
‏(‏ جاء في الحديث أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا ، فما زال الخلق - أي من بنيه - يتناقض حتى صاروا إلى ما هم عليه الآن . استشكله ابن خلدون ، ونقل إشكاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري بأن ديار ثمود في الحجر لا تزيد أبوابها عن أبواب ديارنا وهم من القدم على ما يظهر أن يكونوا في نصف الطريق بيننا وبين آدم فكان على هذا يجب أن تطول أبدانهم عنا بنحو ثلاثين ذراعا، ولعل أهل الحفريات عثروا على عظام وجماجم قديمة جدا ولا يزيد طولها عن طول الناس اليوم ، وقد سمعت حل الإشكال من الشيخ عبيد الله السندي رحمه الله أن الطول المذكور في عالم المثال لا في عالم الأجسام والمشاهدة . فالله أعلم )
وتعقبه العلامة ناصر الدين الألباني فقال معلقا على هذا الموضع :
‏(‏ قلت : هذا التأويل أشبه بتأويلات المتكلمين والمتصوفة ، وإني متعجب جدا من حكاية فضيلة الشيخ إياه وإقراره له ، واستشكال ابن خلدون إنما يصح على ما استظهره أن ثمود في نصف الطريق بيننا وبين آدم ، وهذا رجم بالغيب ، إذ لم يأت به نص عن المعصوم ، ولا ثبت مثله حتى الآن من الآثار المكتشفة ، بل لعلها قد دلت على خلاف ما استظهره ، فيبقى الحديث من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها دون أي استشكال ) انتهى كلام الشيخ رحمه الله .

قلت : [ عبدالله بن فايع العسيري ] قد ظفرت بنص في هذه المسألة يكتب بماء العين إذ به يتجلى حقيقة الأمر وهو ما نقله الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في توضيح المشتبه {٨/٩٧} عن البرزالي أنه قال :
‏(‏ ومدائن صالح التي بالقرب من العلا في طريق الحاج من الشام بلد إسلامي ، وصالح المنسوبة إليه من بني العباس بن عبدالمطلب ، وفيها قبور عليها نصائب تاريخها بعد الثلاثمائة ) انتهى

فهذا النص يفيد بأن الموضع المعروف الآن في بلدة العلا ليس حجر ثمود ، وإنما هي أبنية حدثت في زمن الإسلام ، وأن صالحاً المنسوبة إليه هذه المدائن ليس نبي الله عليه السلام، بل هو رجل من ذرية العباس بن عبدالمطلب، بدليل أن هناك قبور يرجع تأريخ نصائبها إلى ما بعد عام الثلاثمائة هجرية . فالذي يظهر أن هذه المدائن كانت بقرب حجر ثمود ، فلما فنيت وزالت أطلال الحجر ظن الناس أنها هذه المدائن .
ويرجع هذا عندي إلى أسباب منها :
أنها لما طالت المدة على الناس ونُسي العلم في شأنها وكان بنيان هذه المدائن بهذه العظمة والبهاء مع قرب موضعها من الحجر سببا لحصول هذا الغلط والوهم ، وعلى أثره انبنى الإشكال الذي أورده ابن خلدون ومن جاء بعده من أهل العلم ، ولا يقال إنه لا يعقل أن يتتابع أهل العلم عصورا مديدة على هذا الغلط دون أن يعرفو حقيقة الأمر ، إذ من عرف حال الناس الخاصة والعامة منهم في إهمال الأحوال والشؤون التاريخية فيما هو أهم من هذه المسألة لا يستكبر خفاء حقيقة الأمر كل هذه المدة ، فإنها قد تخفى عليهم أحداث وأمور قريبة العهد منهم، وما ذلك إلا ما شكاه الموفق أبوالحسن ابن أبي بكر الخزرجي في مقدمة تأريخ اليمن، قال ما نصه : ( حداني على جمعه - أي تأريخه هذا - ما رأيت من إهمال الناس لفن التأريخ مع شدة احتياجهم إليه وتعويلهم في كثير من الأمور عليه .. الخ )؛ فإذا كان إهمال الناس لأمور وأحوال هي من شأن عصرهم فمن باب أولى أن يكون التفريط فيما بعد زمانه وتوار عن الأنظار مكانه ، والحال في هذا يصدق فيه ما قال بعضهم :
[align=center]فلو تسأل الأيام ما اسمي ما درت ¤ وأين مكاني ما عرفن مكانيا [/align]

ولم يقف الأمر عند حد الإهمال فقط، بل تفاقم الأمر ببعض الخواص ومن أكابر أهل العلم في زمانه بأن يتطرق للتنقيص للتأريخ وأهله ، وكان هذا سببا لقيام الحافظ السخاوي بتأليف كتابه / الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ .
وليس هذا مني تزيدا في الكلام، ولكن بيانا للأسباب التي أدت للغلط في الحقائق التأريخية حتى من قبل أهل العلم الذين لم يعنوا بهذا الفن ، فإما يرفضه بعضهم بالكلية ، أو يأخذونه على هناته ويقبلون كل ما جاء فيه من غير تحرير لماينقلون ، وهذا لا يقل عن سابقه في حيدته عن السبيل السوية ، وقد عقد العلامة المؤرخ ابن خلدون فصلا جليلا في مقدمته الشهيرة ، اسماه :
‏< فضل علم التأريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها > قال فيه < ٩ > :
‏{‏ وحتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه - أي فن التأريخ - في أحوال الدين والدنيا فهو محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق وينكبان به عن المزلات و المغالط لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة و قواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أوسمينا ... الخ ).
وهذا ما حدا بالعلامة / محمد بن سليمان آل بسام أن يكتب ترجمة خاصة في شيخه / عبدالرحمن السعدي في تحقيقه لكتاب الشيخ السعدي التعليق وكشف النقاب على نظم قواعد الإعراب ، حيث قال في مقدمة هذه الترجمة :
( فقد اطلعت على تراجم لشيخنا عبدالرحمن بن ناصربن عبدالله آل سعدي ، فوجدت فيها بعض الأخطاء في أمور أتيقنها ولا شك فيها ، وأمور أخرى يترجح عندي مخالفتها للواقع ، فأحببت أن أضع له ترجمة موجزة ، متحريا فيها الواقع ) فانظروا كيف وقع الإختلاف بين أهل العلم في ترجمة رجل هم تلاميذ له وحصلت المعاينة له فكيف الحال مع من غبر .
وهذه دار الأرقم بن أبي الأرقم وشهرتها حصلت في الإسلام بحيث كان النبي صلى عليه وسلم يختبأ فيها هو وأصحابه ، يقول العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في مجموع فتاواه ورسائله (١/١٥٨) بعد أن نقل النقول عن أهل العلم في موضعها : { وهذا كله على تسليم كون الدار المعروفة اليوم بدار الأرقم هي دار الأرقم في الواقع ، وفي النفس من ذلك شيء ، لأمرين : وذكر الأمرين رحمه الله } .
ومثل ذلك ما اشتهر في قبور الأنبياء في بعض البلدان ، وقد تسمع أن قبور بعضهم في عدة بلدان كما هو الحال في قبر نبي الله أيوب عليه السلام فتجده في اليمن وتجده في عمان وتجده في الشام ، وحقيقة الحال ما قاله العلامة محدث المدينة / حماد الأنصاري رحمه الله كما في المجموع في ترجمته {١/٣٢٠} :
‏(‏ ومن الجدير بالذكر أن علماء السلف أجمعوا على أنه لا يعرف قبر نبي بعينه إلا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في قاعدة التوسل والوسيلة وكتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ) .
فلا شك أن ما نقله ابن ناصر الدين عن البرزالي في شأن مدائن صالح يعتبر نقلاً عزيزاً يحل إشكالا طالما أشكل على الأكابر.
وفي الحقيقة أن من تأمل الشكل المعماري لهذه المدائن وجد أنها تأخذ من نمط العمران العباسي ونظائرها في العراق كثير ، فإنهم قد جلبوا أمهر البنائين ووقع في دولتهم من الحضارة مالم يسبقوا إليه ، ولا شك أن كمال الصنائع إنما يحصل بكمال الحضارة وكثرتها بكثرة الطالب لها ، والسر في حصول هذه المباني العظيمة ، ما قاله ابن خلدون في مقدمته في فصل صناعة البناء < ٤٠٩ > :
‏{وقد يعرف صاحب هذه الصناعة - أي صناعة البناء - أشياء من الهندسة مثل تسوية الحيطان بالوزن وإجراء المياه بأخذ الأرتفاع ، وأمثال ذلك فيحتاج إلى البصر بشيء من مسائله وكذلك في جر الأثقال بالهندام؛ فإن الأجرام العظيمة إذا شيدت بالحجارة الكبيرة يعجز قدر الفعلة عن رفعها إلى مكانها من الحائط فيتحيل لذلك بمضاعفة قوة الحبل بإدخاله في المعالق من أثقاب مقدرة على نسب هندسية تصير الثقيل عند معاناة الرفع خفيفا فيتم المراد من ذلك بغير كلفة ، وهذا إنما يتم بأصول هندسية معروفة متداولة بين البشر ، وبمثلها كان بناء الهياكل الماثلة لهذا العهد التي يحسب أنها من بناء الجاهلية ، وأن أبدانهم كانت على نسبتها في العظم الجسماني وليس كذلك وإنما تم لهم ذلك بالحيل الهندسية كما ذكرناه؛ فتفهم ذلك، والله يخلق ما يشاء سبحانه } انتهى كلامه والله الموفق . ) انتهت رسالة الأخ عبدالله زاده الله علماً وتوفيقاً.
[line][/line]
قال أبومجاهدالعبيدي: ولما قرأت الرسالة السابقة رجعت إلى كتاب "معجم الأمكنة الوارد ذكرها في القرآن الكريم للأستاذ سعد بن جنيدل، فوجدته قد ذكر في تعريفه بـ"الحجر" كلاماً قريباً مما قرره صاحب الرسالة السابقة - مع أن كاتبها لم يطلع على شيئ من ذلك قبل بحثه لهذه المسألة كما أفادني-.
جاء في الكتاب المذكور: ( وقد كتب حمد الجاسر بحثاً بعنوان: "ليس الحجر مدائن صالح" قال فيه: يطلق الناس الآن اسم مدائن صالح على الوادي الواقع شمال مدينة العلا، المعروف باسم "الحجر" - بكسر الحاء المهملة واسكان الجيم وبالراء - ذي الآثار التي تناولها الباحثون بالدراسات الوافية.
والواقع أن إطلاق ذلك الاسم على هذا الوادي خطأ وقع فيه الناس منذ عهد قديم، وتوضيح ذلك:
أ- أن الحجر هو الوادي الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وورد النهي عن الشرب ما مائه سوى بئر الناقة التي كانت معروفة إلى عهد قريب، لأن هذا الوادي كانت منازل قوم غضب الله عليهم فأهلكهم قبل ظهور الاسلام بعصور مجهولة.
وهذا الوادي لا يزال معروفاً باسم "الحجر" عند سكان جهاته، وعند غيرهم، لا خلاف في ذلك.

ب- وفي جنوب مدينة العلا بنحو 55 كيلاً آثار عمران قديم، من أسس بناء ومجاري مياه وآثار زراعة، يطلق على موضعها الآن اسم غريب هو "المابيات" جمع مابيه - بالميم المفتوحة بعدها ألف فباء موحدة مكسورة فهاء- وهذا الاسم حادث، فقد كان الموضع في القرن السابع الهجري وما قرب منه يعرف باسم مدينة صالح، ثم مدائن صالح.
وله قبل ذلك اسم آخر، أرجح أن "الرحبة" الوارد في كثير من كتب الرحلات ومعجمات الأمكنة، فنسي اسم الرحبة، واسم مدينة صالح - أو مدائن صالح - وعرف باسم وادي العطاس على ما جاء في رحلة ابن بطوطة، الذي مر بهذا الموضع في عشر الثلاثين من القرن الثامن، مع أن الوادي كان معروفاً باسم وادي الديدان، الذي نجد له في الكتب الأعجمية وما عرب منها صوراً غريبة "ددان" و "دادان" و"ديدان".
ج- وادي الديدان الذي تقع فيه مدينة صالح التي عرفت باسم "مدائن صالح" ليس متصلاً من حيث الجوار بوادي الحجر الذي قرر العلماء أخيراً عدم سكناه، بل يفصل بينهما مسافة من الأرض تقارب خمسين كيلاً، بل تزيد.

د- أما كيف نشأ الخطأ؛ فهو أن الحجر كان من منازل قوم النبي صالح عليه السلام، فكذبوه فأهلكهم الله، ونجا صالح والذين آمنوا معه، وقد ذكر الله خبرهم في سور من القرآن الكريم، ومنها سورة الحجر؛ ففي الآية الحادية والثمانين منها: { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)} [الحجر : 80 - 83].
وقد بقيت آثار القوم في البيوت المنحوتة في الجبال، وفي الآبار المحفورة في الوادي، وفي غيرها؛ فكان المسافرون الذين يذهبون من الحجاز إلى الشام أو من يمرون بهذه الجهات يشاهدون تلك الآثار، ويتناقلون أخبارهم من الكتب أو من الرواة، وكثير من رواة الأخبار ومدونيها لا يلتزمون الدقة وتحري الصواب فيما ينقلون أو يكتبون، فوقع الخلط بين الآثار الواقعة شمال مدينة العلا في وادي الحجر، وهي آثار سابقة، وبين الآثار الواقعة جنوب مدينة العلا، وهي مما حدث في صدر الإسلام. وساعد على وقع الخلط أن الموضع الأخير جنوب العلا كان يعرف بمدينة صالح، وهو رجل مسلم من بني العباس، ومدينته هذه كانت قائمة إلى القرن الرابع الهجري، وأن الموضع الأول الذي هو الحجر الواقع شمال العلا عرف سكانه بقوم صالح، وعرفت إحدى آباره ببئر ناقة صالح، وعرف موضع بأحد جباله بمسجد صالح - أي المكان الذي كان يتعبد فيه -. ومن هنا أطلق على الحجر خطأ اسم ("مدائن صالح"... إلخ) . انتهى

قلت: وقد وقع في هذا اللبس متأخروا المفسرين، حيث يعرفون "الحجر" بمدائن صالح" كما فعل ابن عاشور وغيره.

والله أعلم.

[/align]
 
فائدة جيدة ننتظر من الأخوة المتخصصين والمهتمين مناقشتها تأييداً أو نفياً , وبثبوت هذه المعلومة ترفع الحرج عن كثير ممن يرغب زيارة هذه المعالم والاطلاع عليها .
 
لا خلاف بين المؤرخين - فيما أعلم - في أن " صالح " الموجود في التسمية الحادثة " مدائن صالح "أنه من زمن الدولة العباسية، لكن الخلاف هل الحجر (1) ( وهو الاسم القرآني ) الموجود اليوم شمال العلا بـ 22 كم يرجع لقوم ثمود أو للأنباط ؟

وممن نفى نسبتها د. عبدالرحمن الأنصاري عالم الآثار السعودي

وعلى القول بأنها حجر ثمود ، فما حكم المكث بها ؟ تكلم عنها الحافظ في الفتح عقب حديث ابن عمر في الصحيح.

وصنف فيها فقيه قطر الشيخ عبدالله زيد آل محمود رسالته " حجر ثمود وليس حجراً محجوراً" والفتوى عندنا على خلاف ذلك ، لذلك تمنع السلطات المختصة الزائرين من الأكل والشرب في الحجر ( لذا تتحايل الجهات السياحية بإحضار طعام وشراب معهم ) مع تقييد وقت الزيارة من الساعة 8 صباحاً إلى غروب الشمس ومنع حمل السلاح وتسجيل الاسم عند الدخول (3)

وقد بحثت هذه المسألة لكنني لم أجد جواباً يشفي غليلي، لأن وصف مساكن ثمود في القرآن لا تختص بمساكن الجبال، والموجود اليوم جبال منحوتة بعض أبوابها ملتصقة بالأرض وبعضها مرتفعة، وفوق كل باب نحت طائر ( نسر أو غيره ) اقتلع رأسه (2) مع كتابة كلام تحت اسم الطائر(4) ، وبداخل كل باب بالمشاهدة قبور بعضها على الأرض وبعضها داخل جدار،




____
(1) أهل العلا اليوم يسمونها مدائن صالح باسمها المشهور، ويسمون منطقة المزارع بعدها منطقة الحجر، وكان الأولى أن تسمى المدائن باسم الحجر كما جاء في القرآن إن كانت كذلك.
(2) قيل أن أهل العلا كان يجعلون رؤوسها شارة للرمي، وقيل اقتلعته بعض الجهات الرسمية، وبعد انضمام الآثار إلى منظمة اليونسكو فقد حددت شروطاً منها عدم تغيير الأرض لذا منعت سفلتة أرض الحجر، وكذا عدم بناء برج جوال بجانبها حفاظاً على الآثار كما هي.
(3) هذا يختص بمنطقة الحجر، أما المنطقة الإسلامية في الحجر كسكة الحديد وآثار الدولة العثمانية فهي مشبوكة بسياج ولا يسمح بزيارتها كما رأيتها مع الاتفاق أنها لا تدخل ضمن منطقة الحجر.
(4) قيل هو اسم الملك المدفون في القصر.
 
لا خلاف بين المؤرخين - فيما أعلم - في أن " صالح " الموجود في التسمية الحادثة " مدائن صالح "أنه من زمن الدولة العباسية

جزاك الله خيرا على هذه الإفادة.

ولعلك توثق هذا الإجماع الذي ذكرته.
 
حكيت ما وجدته من بحثي القاصر، ولا يعني قول " بلا خلاف - فيما أعلمه - " هذا إجماعاً فنفي العلم ليس علماً بالعدم كما هو مقرر، والخلاف موجود. وقد قيل أن التسمية هذه حادثة قيل 400 سنة وقيل أقدم من ذلك، والفرضيات في مساكن الثموديين كثيرة فمنهم من يقول أنهم سكنوا مساكن الأنباط في الحجر مع عدم وجود أي آثار ثمودية فيها سواء من المقابر أو المنحوتات ومنهم من يقول غير ذلك.

طالع للإفادة :
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20080304/Con20080304177488.htm
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=10146&article=381797&state=true
 
فيما يلى اسوق شهادة لواحد من أكبر المتخصصين فى تاريخ العرب قبل الاسلام وفى آثار ونقوش الجزيرة العربية
ذاك هو الأستاذ الدكتور ( خليل يحيي نامى ) والذى اكتشف بنفسه ثم ترجم ونشر عشرات النقوش العربية القديمة التى تعود الى الى ممالك العرب الأولين
وفى كتابه (العرب قبل الاسلام : تاريخهم - لغاتهم - آلهتهم ) نجده يتحدث عن تاريخ ثمود مع بيان مفصل عن مجموعات نقوشهم المنشورة ومكتشفيها ، ويفصل القول فى خصائص لغتهم ويعرض النقوش والكتابات الصفوية ثم النقوش اللحيانية مقارنا بينهما فى درجة قربهما من الفصحى
وقد وصف الأستاذ الدكتور شوقى ضيف يرحمه الله هذا الكتاب فى تقديمه له بأنه " عمل علمى فذ " وبأنه ثمرة عشرات السنين من العمل العلمى المتواصل
ويهمنا مما ذكره هذه الفقرة المتصلة بموضوعنا :
" وجدت أغلب الكتابات الثمودية فى الحجر ( مدائن صالح ) ، وكانت ثمود المذكورة فى القرآن تسكن فى تلك الناحية ( سورة الأعراف ، الآيات 71 - 79 ، سورة هود 61 - 68 ، سورة الحجر 80 - 84 ، سورة الشعراء 141 - 158 )
ونعرف من هذه الآيات أن سيدنا صالحا هو النبى المرسل الى ثمود أهل الحجر ، لذلك سميت باسم مدائن صالح "

هذا ما قاله أحد كبار المتخصصين فى النقوش العربية القديمة وفى تاريخ الممالك العربية القديمة
ومن الواضح أنه يعزو الاسم ( مدائن صالح ) الى النبى صالح نفسه عليه السلام ، ومن هنا يصير من الخطأ القول بأنه يوجد اجماع على غير ذلك

هذا ، والله عز وجل هو أعلى وأعلم
 
[align=justify]
حكيت ما وجدته من بحثي القاصر، ولا يعني قول " بلا خلاف - فيما أعلمه - " هذا إجماعاً فنفي العلم ليس علماً بالعدم كما هو مقرر، والخلاف موجود.[/url]

وصلتني رسالة فيها تعليق على قولك هذا، وقد تضمنت تحريراً يتعلق بالإجماع، وثبوته، وما العبارات التي تدل على ثبوت الإجماع، وما العبارات التي لا تدل على ذلك، وهذا نصها بعد تعديل يسير:

( أنا معك يا أخي الغزالي أن عدم العلم بالمخالف لا يصح به دعوى الإجماع الذي يراد به إحصاء جميع أقوال الناس التي لا يحصيها إلا رب العالمين ، وهذا الإجماع الذي كان ينفيه الإمام أحمد وغيره من العلماء بقولهم : < من ادعى الإجماع فقد كذب > أما الإجماع الذي هو بمعنى عدم العلم بالنزاع في المسألة فهذا هو المقصود بإجماعات أهل العلم في مسائل العلم ، فلا يصح نفيك بأنه لا يفيد الإجماع، وإلا للزم منه عدم انعقاد إجماع في مسألة ما ، وهذا الذي قرره شيخ الإسلا في مجموع الفتاوى {١٩/٢٧١} بقوله :
(فإن عدم العلم ليس علما بالعدم لا سيما في أقوال علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي لا يحصيها إلا رب العالمين ، ولهذا قال أحمد وغيره من العلماء : من ادعى الإجماع فقد كذب ، وهذه دعوى المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا أعلم نزاعا ، والذين كانوا يذكرون الإجماع كالشافعي وأبي ثور وغيرهما يفسرون مرادهم : بأنا لا نعلم نزاعا ، ويقولون : هذا هو الإجماع الذي ندعيه ) انتهى كلامه رحمه الله .
فتبين بهذا خطأ قولك : أن قول بلا خلاف فيما أعلمه لا تفيد حكاية الإجماع من قائلها على المعنى السائد للإجماع بين أهل العلم .
ثانيا : قولك : فنفي العلم ليس علما بالعدم كما هو مقرر . فهذه قاعدة مشهورة والخطأ في كلامك ليس في القاعدة وإنما في الإستشهاد بها ، فأنت لم تنفي علما وأنما ادعيت علما وذلك بقولك : فيما أعلمه . وهناك فرق بين أن يقول الإنسان : لا أعلم . وبين أن يقول : فيما أعلم ، فالأولى : جهل ونفي للعلم ، والثانية : علم وإثبات . ولذا فالإستصحاب عند الإصوليين : العلم بعدم الدليل . يقابله الجهل الذي هو : عدم العلم بالدليل . وتأمل العبارتين تجد الفارق بينهما . فطلبي لك بأن توثق حكايتك بعدم الخلاف في المسألة إنما هو من مطالب هذه الإفادة ، ولم ألزمك بشيء ليس من لازم كلامك .
وهنا أبين مع الأسف أن كثيرا من أهل العلم فضلا عن طلاب العلم لا يفهمون قاعدة :
< عدم العلم ليس علما بالعدم > فإنا عندما نقول : عدم العلم ليس علما بالعدم ، إنما نقوله عندما يأتينا أحد بنفي ويأتينا غيره بإثبات فنقدم المثبت على النافي لأنه ناقل عن الأصل ومعه زيادة علم .
أما أن جاءنا نص بالنفي ولم يأتنا ما يعارضه فحينئذ لا يسعنا أن نقول : عدم العلم ليس نقلا للعدم ، بل عدم العلم في هذه الحالة يعد علما بالعدم ، ومثال ما سبق أن قررنه في هذه المسألة حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ما بال قائما قط ، ومن حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ) وحديث حذيفة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ) ففي هذه الحال نقول : إن كلام عائشة عدم علم وليس علما بالعدم . وحديث حذيفة علم بالعدم الذي نفت عائشة العلم به، ولو لم يرد حديث حذيفة فهل نستطيع أن نقول : يحتمل أن النبي كان يبول قائما ولم تعلم عائشة بذلك ؟
نعم هذا احتمال عقلي قائم، ولكنه كالعدم لأنه لم ينقل ، فلا نثبت شيء بهذا الاحتمال.
ولو جوزنا استعمال مثل هذا الاحتمال لأسقطنا الشريعة جملة وتفصيلا؛ لأنه لا يبقى نص إلا ويحتمل أنه نسخ ولم يبلغنا الناسخ، أو يحتمل أنه قيد أو خصص ولم يبلغنا المقيد أو المخصص ، أو يحتمل أنه عارضه ما هو أقوى منه ولم يبلغنا ، فهذه احتمالات واردة عقلا فقط ، ولكنها ساقطة لا اعتبار لها شرعا باتفاق أهل العلم .
ثالثا : قولك - بعدما قلت : ( بلا خلاف فيما أعلمه ) - : ( والخلاف موجود .) وهذه العبارة أتت على ما تعلمه بالنقض ، فكيف تقول بلا خلاف فيما أعلمه ثم تقول : والخلاف موجود . فتأمل الإنسان كلامه قبل يخرج منه يجنبه الملامة.
أسأل الله التوفيق لي ولك، وكل منا يكمل صاحبه ، والعلم ينفع الرجل ما دام يستنصح إخوانه فيه . والله الموفق .)


تتمة: وهذا رابط مفيد في تحرير المراد بـ:نفي الخلاف" والفرق بينه وبين الإجماع:
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=140&aid=854[/align]
 
أشكر للأخ صاحب التعليق تصحيحه وإفادته، وليس عندي رد عليها لأني أوافقه عليها فجزاه الله خيرا.

وجملة ( بلا خلاف فيما أعلمه ) متعلقة بالمؤرخين، وأما خلاف من سواهم من أهل العلوم الأخرى فهو المراد بـ ( والخلاف موجود ).
 
معلومات قيمة بارك الله فيكم جميعاً ، وأشكر أخي أبا مجاهد لنقله البحث وأشكر الباحث الكريم الأستاذ عبدالله بن علي بن فائع العسيري على هذه الإفادات القيمة .
كما أشكر المعقبين على تعقيباتهم المفيدة .
ولمزيد من الإفادة في هذا الموضوع فإن للصديق العزيز الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذييب وكيل كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود عنايةً وتخصصاً بالآثار في شمال السعودية ولا سيما مناطق الحجر ومدائن صالح والجوف وحائل وما حولها . ومن بحوثه المنشورة في ذلك :

- نقوش ثمودية من المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية (1999م).
- نقوش قارا الثمودية بمنطقة الجوف: المملكة العربية السعودية, الرياض, مؤسسة عبدالرحمن السديري, الخيرية (2000م).
- دراسة لنقوش ثمودية من جُبة حائل: المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية, (2000م).
- مدخل إلى قواعد النقوش النبطية, الرياض: مطبعة الخالد. (2001م).
- نقوش ثمودية من سكاكا (قاع فريحة, والطوير, القدير): المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية. (2002م).
- نقوش ثمودية جديدة في الجوف, المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية
(2003م).
- الكتابة في الشرق الأدنى القديم من الرمز إلى الأبجدية، بيروت: الدار العربية للموسوعات 1428هـ/2008م .
كما له ترجمة لبعض الأبحاث والكتب الإنجليزية المتخصصة في الآثار منها :
- مقدمة كتاب نقوش المقابر النبطية في مدائن صالح: جامعة اكسفورد: جامعة مانشيستر, بريطانيا: (1993م), ص ص: 5-55.
ويمكن الاطلاع على معظم هذه الأبحاث في موقعه الشخصي على بوابة الجامعة هنا .

وقد بعثت له برابط الموضوع للإفادة والتعليق .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تحدثت مع أحد الإخوة الأساتذة في علم الآثار عن هذا الموضوع، وطلبت منه أن يبدي رأيه حول هذا الموضوع، وبعد نقاش معه أفاد بما يلي:
أن هذه الآثار هي آثار قوم صالح عليه السلام، واستدل على ذلك بأدلة منها:
1 – أن هناك كتابات على هذه الآثار بخط قديم تدل على أنه قبل الإسلام، فواضح أنها قبل الإسلام.
2 – أنه ليس هناك ما يثبت أن هذا النحت في الفترة العباسية كما هو مذكور.
3 – ما استدل به بعض الباحثين بأن ارتفاع مدخل تلك المدائن لا يتناسب مع طول الأمم السابقة لأنهم كانوا أطول منا .. الخ، أشار بأن مومياء "رمسيس الثاني" على سبيل المثال، وغيره من المتقدمين في العصور ما قبل الإسلام أطوالهم قريبة من طولنا إلى حد متقارب ...
هذا ما سمعته منه على عجالة ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
 
رد أحد الإخوة في ملتقى أهل الحديث بهذا الرد:

هذا التحليل كله خطأ من أوله لأخره !

لم يكن اسم العلا مشهوراً في بداية التاريخ الإسلامي ، وحينما مرّ بها الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء ذهابه إلى غزوة تبوك في سنة 9هـ صلى في موضع العلا اليوم ، في موضع منها يسمى قُرْح: بالضم ثم بالسكون ؛ هو سوق وادي القرى

قال السمهودي في وفاء الوفا المسجد الثالث عشر بالحجر ، وذكر ابن زبالة بدله العلا ، وكلاهما بوادي القرى ، الرابع عشر : بالصعيد صعيد قُرْح ، الخامس عشر : بوادي القرى ، وقال الحافظ عبد الغني في مسجد الصعيد : وهو اليوم مسجد وادي القرى )

قال ياقوت في معجم البلدان حينما تحدث عن قُرْح : و هو سوق وادي القرى ، وفي حديث أبي الشموس البلوي رضي الله عنه: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي في صعيد قُرْح ، فعلّمْنا مُصَلاّه بعظم وأحجار ، فهو في المسجد الذي يصلي فيه أهل وادي القرى .
وقال المقدسي في ذكر قُرْح : ( … والجامع في الأزقة في محرابه عظم … )

قلت : ولا يزال يعرف المسجد الجامع في مدينة العلا القديمة بمسجد العظام ؛ وهو الظاهر في الصورة .
attachment.php


قال الحافظ ابن حجر في الصحابة :
أَخبرنا أَبو الفرج الثقفي بإسناده عن ابن أَبي عاصم قال‏:‏ حدثنا بكر بن عبد الوهاب أَبو محمد العثماني، حدثنا زياد بن نصر، عن سليم بن مطير، عن أَبيه، عن أَبي الشموس البلوي قال‏:‏ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فوَجَدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلنا على بئر ثمود، فَعَجَنا واستقينا، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن نُهَرق الماءَ، وأَن نطرَح العجين وننفِرَ، وكنت حَسَيتُ حسيةَ لي، فقلت‏:‏ يا رسول الله، ألقمُها راحلتي? قال‏:‏ ‏"‏ألقمها إيهاها‏"‏‏.‏ فهرقنا الماءَ، وطرحنا العجين، وتفَرنا حتى نزلنا على بئر صالح عليه السلام‏.‏ أخرجه الثلاثة‏ .‏

قلت : وأما الرحبة : لا تزال معروفة ؛ موضع من ناحية خيبر وهي من ديار بني رشيد وعنزة اليوم ؛ وبجوارها برمة : موضع معروف قرب الأبرق وهي لعنزة وامرائها بطن الخريقات منهم .

فأرسل إلي الأخ عبدالله بن علي العسيري هذا الرد:

[align=justify]( الأخ مصعب الجهني رأيت تعليقك على دراسة العلامة / حمد الجاسر في شأن وادي الديدان الواقع جنوب بلدة العلا وعلاقته بوادي الحجر ، وتخطئتك لكامل دراسته حول هذا الموضوع ، مصدرا تعليقك بقولك : هذا التحليل كله خطأ من أوله لأخره . والحقيقة أن تعليقك كذلك لا يخلو من التعقب ، وبيان ذلك :
أولا : حديث الشيخ كان عن الوادي الواقع جنوب العلا بنحو 55 كيلا ، وأظهرت من تعليقك أن الشيخ لا يقول بدخول العلا ضمن وادي القرى الذي يدخل من ضمنه الحجر ، وهذا غلط على الشيخ وتلبيس لميراثه ، فهذا الشيخ يقول في هامش تحقيقه لكتاب المغانم المطابة في معالم طابة للفيروز آبادي ، ما نصه : { المفهوم من كلام المتقدمين أن وادي القرى هو العلا والحجر وما بقربهما } ولكان لما كان من منهج الشيخ فيما يؤلفه عن صفة الإرض المشاهدة المباشرة ، ولا يكون مكتفيا بما يستخرجه من بطون الكتب كما صنعت أنت ، وجد أن موضع الحجر والموضع المشار إليه جنوب العلا لا ينظمهما وادي واحد ، فكانت النتيجة التي ذكر في تحليله ، والحقيقة أن الشيخ رحمه الله أصاب في عدم ألحقه لوادي الديدان الواقع جنوب بلدة العلا بوادي الحجر ،وأيده بقوله : أن هذا الوادي ليس متصلا من حيث الجوار بوادي الحجر الذي قرر العلماء أخيرا عدم سكناه . بل أفادنا قوله :
< بل يفصل بينهما مسافة من الأرض تقارب خمسين كيلا ، بل تزيد > بأنه قد وقف عليها بنفسه ، فهذا هو الواقع وعين اليقين الذي أعطته المشاهدة ، وكما قيل : لا يسأل بأين مع رأي العين ، ومهما كانت الوثائق التي وقفت عليها فإنها لا تقبل مع الواقع الذي يخالفها خاصة إذا كانت من معالم الطبيعة الثابتة كالجبال والوديان ، والشيخ رحمه الله قد وقف على ما هو أقدم مما وقفت عليه من المصادر ، ولكن الشأن كما قال الإمام الأستاذ / محمد عبده كما في أعماله الكاملة {٢/٤١٧} في مقال له عن كتب المغازي :
( وعلى أي حال فلا يستغني مطالع التاريخ عن قوة حاكمة يميز بها بين ما ينطبق على الواقع وما ينبو عنه ) .
فالحال كما قال علامة الجزيرة ومؤرخها ، ومن خالف فإنما يصدق في حاله قول من قال :
أيها المنكح الثريا سهيلا ¤
عمرك الله كيف يلتقيان ¤
هي شامية إذا ما استهلت ¤
وسهيل إذا استهل يماني ¤
ثم لا يكفي الإنسان النقل من الأسفار فإنه يقع فيها أحيان الإجمال والإبهام ، ولبس الأمر على المتأخرين خاصة فيما لم يعاينوه ، ورحم الله شمس الدين أبا العريف المالكي حين قال :
من لم يشافه عالما بأصوله ¤
فيقينه في المشكلات ظنون ¤
الكتب تذكرة لمن هو عارف¤
وصوابها بمحالها معجون ¤
من أنكر الأشياء دون تثبت ¤
وتيقن فمعاند مفتون ¤
وأنا أعتقد أن وادي الديدان من مناصي وادي القرى ويصب فيه ، ولسبب قربه منه واتصاله به في مرحلة من مراحله مع شهرة وادي القرى وكونه الوادي الأم في تلك الناحية وقعت النسبة إليه ، هذا ما يخص وادي الديدان . أما وادي الحجر فإنه كذلك لا يقع ضمن وادي القرى كما حقق ذلك الأستاذ / تركي القهيدان في بحث له بعنوان :< الحجر ليست من وادي القرى > نشر في جريدة الرياض بتاريخ ١٧/١٢/١٤٢٥ هجرية العدد : <١٣٣٦٧> وذكر أنه أعتمد في دراسته هذه على مشاهداته الشخصية على أرض الواقع مع استفادته من المصادر والمراجع . نقل فيه عن جمع من الإئمة ما يفيد بأن الحجر شيء ووادي القرى شيء وأنهما ليسا بشيء واحد ، ومنه قول ابن منظور في لسان العرب عن الحجر : ديار ثمود ناحية الشام عند وادي القرى .
وكذا قول ابن خلدون : وأما ثمود .. فكانت ديارهم بالحجر ووادي القرى بين الحجاز والشام . وكذا تفريق أبي عبدالله السكوني بقوله : وادي القرى والحجر والجناب منازل قضاعة . وكذا ياقوت في معجمه عند كلامه عن الأثالث فقال : الأثالث بلفظ الجمع جبال في ديار ثمود بالحجر قرب وادي القرى . وهذا يتناقض مع قوله في (١/٩٨) الحجر : اسم ديارثمود بوادي القرى } وكذا فرق الإدريسي ت /٥٥٨ في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، حينما وصف الطريق من دمشق إلى مدينة يثرب .
قلت أنا عبدالله بن فايع : وهذا الكتاب هو الذي تحدثت عنه دائرة المعارف الفرنسية بقولها : ( إن مصنف الإدريسي هو أوفى كتاب جغرافي تركه لنا العرب ، وإن ما يحتويه من تحديد للمسافات والوصف الدقيق يجعله أعظم وثيقه علمية جغرافية ) وكذا البلادي في كتابه معجم معالم الحجاز عندما وصف مدائن صالح بأن : { واديها المذكور في القرآن يصب في وادي القرى من الشمال } وغير ذلك من النقول التي دلل بها على ما يقول ، والحقيقة أنه بحث قيم يشكر عليه أفاد فيه غاية الإفادة .
ثانيا : ما نقلته عن السمهودي في وفاء الوفا مدللا به على كون العلا في وادي القرى وهذا سبق مناقشته ، ولكن لي وقفت مع ما نقلته ، وهو قول السمهودي : المسجد الثالث عشر بالحجر ، وذكر ابن زبالة بدله العلا وكلاهما بوادي القرى .. الخ فأقول :
المتأخرون كما سبق تكون بضاعتهم مزجاة ، وقليل من يسلم منهم ، وما ذكره ابن زباله من أمر المسجد الذي بالعلا ، ونقل له السمهودي رواية في شأن هذا المسجد {٣/١٠٣١} فقال : ولأن في رواية أخرى لابن زبالة : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي بصعيد قرح من الوادي ، فعلمنا مصلاه بأحجار وعظم ، فهو المسجد الذي يجتمع فيه أهل الوادي } فأن كان عمدة موضع هذا المسجد هي هذه الرواية فليست بشيء فإن الراوي هو محمد بن الحسن بن زبالة الذي كذبه أهل العلم قاطبة كما في ترجمته من تهذيب الكمال للحافظ جمال الدين المزي ، ولخص كلامهم الحافظ في التقريب بقوله : < كذبوه > .
ولم ترد هذه الرواية في حديث أبي الشموس البلوي إلا من طريقه . فكيف الإعتماد عليها في إثباتك لهذا المسجد بقولك : ولا يزال يعرف المسجد بمسجد العظام . فلعله لم يحدث إلا قريبا من زمن ابن زبالة الذي عرفت حاله ومكانته من العدالة ، وأبوالشموس بريئا من عهدة هذا المسجد ، فحري بكل باحث أن يكون كما قال الأستاذ / أكرم ضياء العمري في كتابه < مناهج البحث وتحقيق التراث > 236 :
( إن نقد النص من أصعب المراحل التي يمر بها الباحث ، وهي التي تحتاج إلى التركيز الكثير للنظر والتأمل في النص وإعمال قواعد النقد المختلفة في توثيقه قبل الإستناد عليه أو الإستنباط منه ، وفي الدراسات الإسلامية والتأريخية لا يبنى الكلام إلا على أساس من النصوص ، إذ لا تأريخ حيث لا توجد الوثائق ) ويقول العلامة حسن المشاط في إنارة الدجى في مغازي خير الورى {١/٧٠} : ثم أعلم أن أهل السير لا يتقيدون بالصحيح من الأخبار .. ومن أجل ذلك قال العلامة العراقي في ألفيته في المغازي والسير :
وليعلم الطالب أن السيرا ¤
تجمع ما صح وما قد أنكرا ¤
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى {٢٧/٤٧٩} عن هؤلاء الإخباريين :
( فإن كثيرا مما يسندونه عن كذاب أو مجهول ، وأما ما يرسلونه فظلمات بعضها فوق بعض ) وحديث أبي الشموس على ضعفه لم ترد هذه الرواية المنكرة فيه ، فقد علق البخاري له بصيغة التمريض مقرون بغيره في جامعه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : قول الله تعالى : < وإلى ثمود أخاهم صالحا > فقال : ويروى عن سبرة بن معبد وأبي الشموس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإلقاء الطعام . ولما ساق الحافظ ابن حجر في الإصابة ترجمته نقل عن البغوي قوله :
{ وليس لأبي الشموس غير هذا الحديث وفي إسناده ضعف } وكذا لما ساق ابن الأثير ترجمته بسنده في أسد الغابة ذكر في حديثه أجمع الروايات عند من خرجها وهم من أشار إليهم بقوله : أخرجه الثلاثة ، ويقصد بهم كما قال في مقدمة كتابه : وأن قلت أخرجه الثلاثة فأعني ابن منده وأبا نعيم وأبا عمربن عبدالبر .
فلم يذكر ما جاء في رواية ابن زبالة ، ولذلك أشار السمهودي بقوله : المسجد الثالث عشر : بالحجر ، وذكر ابن زبالة بدله العلاء ، إشعارا بتفرده .
ولا يقال إن المقدسي وأمثاله من المتأخرين قد ذكر ذلك ، فلا تغني متابعتهم عن الرواية شيئا ، فإنهم متابعون لابن زباله ، ونعني بالتفرد أنه لم يتابعه أحد من المتقدمين على ما ذكر .
وانبه هنا إلى خطأ قولك : قال الحافظ ابن حجر في الصحابة . وصوابه : ابن الأثير في أسد الغابة .
ثالثا : قولك : وأما الرحبة لا تزال معروفة موضع من ناحية خيبر .. الخ فهذا كلام صحيح جزاك الله خيرا على التنبيه عليه ، وأن ما وقع للشيخ الجاسر فهو معدود من التقدير المغلوط ، والمثبت لها مقدم على من يدعي أنه كان اسم موضع تغير ، والأصل عدم الزوال والإنتقال ، وزيادة في التوثيق فقد ذكر الأستاذ / عمر رضا كحالة في معجم قبائل العرب {١/١٠٥} مساكن بلي بن عمرو ، قال : تقع مساكنها بين المدينة ووادي القرى ، من منقطع دار جهينة .. إلى أن قال ومن ديار بلي : ... الجزال ، والرحبة ، والسقيا .. الخ . وفي الكتاب المئوي (٢/١٤٤) الذي هو بإشراف وزارة النقل قال في الفصل الأول : وقفة مع الماضي - الموصلات والاتصالات عبر العصور :
وخلال العصر العباسي أزدهرت مدن طريق الحج الشامي ومحطاته وبخاصة الواقعة في منطقة وادي القرى ، مثل : العلا وقرح والرحبة والسقيا ، وقد سجلت المسوحات الأثرية وجود برك مياه وبقايا قنوات في مواقع هذه المدن ) . فإن قيل لعل هذا الأسم قد تكرر في عدة مواقع ، فالجواب : أن أصحاب البلدانيات لم يذكروا في تلك الجهة إلا موضع واحدا ، قال صفي الدين البغدادي في مراصد الإطلاع {٢/٦٠٨} : الرحبة : ناحية بين المدينة والشام من وادي القرى .
والله الموفق.) انتهى رد الأخ عبدالله العسيري
[/align]
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
وبعد:
تعقيبا على قول عبد الله فايع العسيري في رسالته إلى الأخ الفاضل أبي مجاهد:

"جرى في سالف الأيام المناقشة في وصف أبواب بنيان ديار ثمود الموجودة في طريق العلا عندنا شمال المدينة، حيث إنها لا تزيد عن أبواب ديارنا، وقد عرف عنهم ما قد عرف من ضخامة الأجسام، وهذا ما استشكله ابن خلدون، وتابعه جمع من أهل العلم على هذا الأشكال، وأجابوا عنه بأجوبة لا تخلو من التعقب والنظر ، ومن هؤلاء العلامة المحدث / محمد عبدالرزاق حمزة في تذييله على كتاب < القائد إلى تصحيح العقائد > للعلامة المعلمي <٢٥٥> حيث يقول :
‏(‏ جاء في الحديث أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا ، فما زال الخلق - أي من بنيه - يتناقض حتى صاروا إلى ما هم عليه الآن . استشكله ابن خلدون ، ونقل إشكاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري بأن ديار ثمود في الحجر لا تزيد أبوابها عن أبواب ديارنا وهم من القدم على ما يظهر أن يكونوا في نصف الطريق بيننا وبين آدم فكان على هذا يجب أن تطول أبدانهم عنا بنحو ثلاثين ذراعا، ولعل أهل الحفريات عثروا على عظام وجماجم قديمة جدا ولا يزيد طولها عن طول الناس اليوم ، وقد سمعت حل الإشكال من الشيخ عبيد الله السندي رحمه الله أن الطول المذكور في عالم المثال لا في عالم الأجسام والمشاهدة . فالله أعلم "

أقول أنا"حجازي الهوى":
روى البخاري رحمه الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ.

قال بن حجر في شرحه للحديث:
قَوْلُهُ : ( فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُص حَتَّى الْآن )
"أَيْ أَنَّ كُلّ قَرْن يَكُون نَشَأْته فِي الطُّول أَقْصَر مِنْ الْقَرْن الَّذِي قَبْله ، فَانْتَهَى تَنَاقُص الطُّول إِلَى هَذِهِ الْأُمَّة وَاسْتَقَرَّ الْأَمْر عَلَى ذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن التِّين قَوْله " فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْق يَنْقُص " أَيْ كَمَا يَزِيد الشَّخْص شَيْئًا فَشَيْئًا ، وَلَا يَتَبَيَّن ذَلِكَ فِيمَا بَيْن السَّاعَتَيْنِ وَلَا الْيَوْمَيْنِ حَتَّى إِذَا كَثُرَتْ الْأَيَّام تَبَيَّنَ ، فَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْم فِي النَّقْص ، وَيَشْكُل عَلَى هَذَا مَا يُوجَد الْآن مِنْ آثَار الْأُمَم السَّالِفَة كَدِيَارِ ثَمُود فَإِنَّ مَسَاكِنهمْ تَدُلّ عَلَى أَنَّ قَامَاتهمْ لَمْ تَكُنْ مُفْرِطَة الطُّول عَلَى حَسَب مَا يَقْتَضِيه التَّرْتِيب السَّابِق ، وَلَا شَكَّ أَنَّ عَهْدهمْ قَدِيم ، وَأَنَّ الزَّمَان الَّذِي بَيْنهمْ وَبَيْن آدَم دُون الزَّمَان الَّذِي بَيْنهمْ وَبَيْن أَوَّل هَذِهِ الْأُمَّة ، وَلَمْ يَظْهَر لِي إِلَى الْآن مَا يُزِيل هَذَا الْإِشْكَال"

أقول:
لا يلزم من نقصان الخلق أن يكون كل قرن في الطول أقصر من الذي قبله كما قال بن حجر فعاد قوم هود عليه السلام تميزوا عن قوم نوح بطول قامتهم وهم سابقون لهم كما هو ظاهر القرآن:
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة الأعراف (69)
قال الطبري رحمه الله في تفسيره:
"وزادكم في الخلق بسطة" ، زاد في أجسامكم طولا وعِظَمًا على أجسام قوم نوح، وفي قواكم على قواهم، نعمة منه بذلك عليكم، فاذكروا نعمه وفضله الذي فضلكم به عليهم في أجسامكم وقُوَاكم، واشكروا الله على ذلك بإخلاص العبادة له، وترك الإشراك به، وهجر الأوثان والأنداد."

ومن المعلوم أن بين نوح عليه السلام وآدم عشرة قرون كما جاء في الأثر عن بن عباس رضي الله عنهما.
ومن المعلوم أيضا أن مدة دعوة نوح عليه السلام كانت تسعة قرون ونصف القرن " ألف سنة إلا خمسين عاما" كما هو نص القرآن. والله أعلم كم عاش بعد الطوفان.
ثم إن ذرية ممن حمل الله مع نوح تكاثروا وأصبحوا أمما ،منهم عاد قوم هود والله أعلم كم كان بينهم وبين الطوفان ، والله أعلم كم عاشوا حتى هلكوا بالعذاب.

ثم كانت ثمود قوم صالح عليه السلام من بعد عاد ولكن هذه البعدية لا يلزم منها المباشرة ، وقد قص الله علينا في القرآن أن بين قوم نوح وعاد وثمود قرونا كثيرة كما هو في سورة الفرقان:
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38))

وهنا أقول:
هذه القرون المتطاولة بين آدم وثمود والتي لا يعلمها الله لا يستبعد أن تكون أطوال الخلق قد تناقصت خلالها حتى وصلت في عهد ثمود إلى قريب مما نعهده اليوم، ولو نظرنا اليوم إلى أطوال البشر لرأينا أن بعض الأمم يفوق بعضها في الطول وهم في عصر واحد.
إذا ما استشكله بن حجر رحمه الله وغيره لا يعد إشكالاً عند التدقيق في الأمر.

وأما بخصوص البيوت المنحوتة في الصخر في منطقة العلا فأقول:
روى البخاري: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ.
ونفهم من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزا الحجر.
ونفهم أن المكان الذي نزل فيه هو الحجر أرض ثمود .

وفي الحديث الآخر في البخاري : عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ قَالَ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ.
وربما يفهم من حديث سالم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل الحجر وهو معارض لحديث نافع وكلا الحديثين مروي عن بن عمر رضي الله عنهما.

قال بن حجر في الفتح:
"وَسَيَأْتِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْزِل فِيهِ أَلْبَتَّة.
وقال في موضع آخر:
"قَوْله : ( بَاب نُزُول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجْر )
بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم ، وَهِيَ مَنَازِل ثَمُود . زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ مَرَّ بِهِ وَلَمْ يَنْزِل ، وَيَرُدّهُ التَّصْرِيح فِي حَدِيث اِبْن عُمَر بِأَنَّهُ " لَمَّا نَزَلَ الْحِجْر أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا "

وهذا الأشكال ترفعه الراويات عند أحمد رحمه الله تعالى:
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا صَخْر بن جُوَيرية، عن نافع، عن ابن عمر قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا منها القدور. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجينَ الإبلَ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم"

الذي أفهمه من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزل في الحجر في مكان ثم ارتحل عنه وحرم ماءه ونزل في مكان آخر الذي هو مكان بئر الناقة واستقى منها.
الأمر الآخر أنه صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الدخول على القوم الذين عذبوا ، والذي أفهمه من عبارة هذا النهي هو أن المكان الذي نهى عن الدخول فيه هو غير المكان الذي نزل فيه ، وسياق الحديث يجعلني أفهم من قوله في حديث البخاري " لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ" أي لا تدخلوا بيوتهم وليس في الحجر بيوت يمكن نسبتها إلى ثمود غير تلك البيوت المنحوته في الصخر التي زعم بعض الباحثين أنها مقابر أو أنها من الزمن العباسي، ويقوي قولي هذا ما جاء في القرآن:

(وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) سورة الأعراف من الآية(74)
(وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ) سورة الشعراء (149)
(وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ) سورة الحجر (82)

وقال تبارك وتعالى:
(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52))
وهذه إشارة إلى شيء محسوس ، وليس هناك إلا تلك البيوت المنحوتة في الصخر التي يطلق الناس اليوم عليها مدائن صالح.
قال بن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره في سورة الأعراف:
"وكانت ثمود بعد عاد، ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قراهم ومساكنهم، وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع."

وما جاء في رسالة الأخ العسيري ومانفله أبو مجاهد في مشاركته عن كتاب : "معجم الأمكنة الوارد ذكرها في القرآن الكريم للأستاذ سعد بن جنيدل"
ملخصها أن التسمية:"مدائن صالح" نقلت عن الموضع الأصلي الذي أطلقت جنوب العلا إلى موضع آخر وهو موضع الحجر أرض ثمود شمال العلا.

أما ما ذكره الأخ الغزالي بقوله:

لا خلاف بين المؤرخين - فيما أعلم - في أن " صالح " الموجود في التسمية الحادثة " مدائن صالح "أنه من زمن الدولة العباسية، لكن الخلاف هل الحجر ( وهو الاسم القرآني ) الموجود اليوم شمال العلا بـ 22 كم يرجع لقوم ثمود أو للأنباط ؟

أقول:
إن هذا الإشكال ناتج عن الدراسات الاستشراقية التي تهدف إلى تكذيب القرآن وبخاصة ما يتعلق بالقصص القرآني عن عاد وثمود ، ومع الأسف يبدو أن بعض دارسي الآثار من المسلمين قد ساروا وراء الدراسات الاستشراقية دون التنبه إلى ما ترمي إليه هذه الدراسات.
 
الحكم الشرعي المتعلق بأرض ثمود

الحكم الشرعي المتعلق بأرض ثمود

هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وآله وصحبه. وبعد:
اطلعت هيئة كبار العلماء على المعاملة المتعلقة بموضوع دراسة حكم إحياء أرض ديار ثمود الواردة إلى فضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد رفق خطاب المقام السامي رقم (5576) وتاريخ 26/3/1392هـ المحالة إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بخصوص رغبة جلالة الملك _حفظه الله- بأن تقوم هيئة كبار العلماء بدارسة
(حكم إحياء أرض ديار ثمود)، وموافاة جلالته بما يتقرر.
جرى عرض ذلك على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في أول شهر شعبان حتى 13 منه عام 1392هـ.
كما استعرض المجلس ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الموضوع، وبعد دراسة مجلس الهيئة لذلك، ولما أعد فيه من بحث، وبعد تداول الرأي قرر ما يلي:
أولاً: الاتفاق على أنه لا يجوز إحياء أراضي ديار ثمود؛ للأحاديث الصحيحة الدالة على النهي، ولعدم ورود أدلة تدفعها.
ثانياً: نظراً لعدم وجود تحديد واضح للمحظور إحياؤه من غيره رأى المجلس تأجيل البت في تحديد الممنوع إحياؤه حتى يقدم له بحث مستوفى من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بعد تطبيق ذلك على واقع الأرض بواسطة أهل الخبرة في تلك الجهات،وبالاشتراك مع بعض الفنيين لرسم ذلك ثم يجري بعد ذلك دراسته في دورة قادمة؛ ليتم البت في تحديد الممنوع إحياؤه من غيره.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.



هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فبناء على برقية سمو نائب وزير الداخلية رقم (13879) وتاريخ 11/4/1394هـ الصادر بعد صدور قرار هيئة كبار العلماء بتحريم إحياء ديار ثمود الصادر في دورتها الثالثة برقم(9) في شهر ربيع الآخر عام 1393هـ، الموجهة لرئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بشأن الاستفسار عما يجب اتخاذه في ثمار ديار ثمود ومنتجاتها التي تم نضجها وحصادها قبل إبلاغهم بالمنع، وهل تلحق المواشي والدواجن بالثمار؟
وبناء على إدراج هذا الموضوع ضمن جدول أعمال الدورة الخامسة لهيئة كبار العلماء – عرض الموضوع في هذه الدورة المنعقدة في مدينة الطائف فيما بين 5/8/1394هـ و22/8/1394هـ.

وبعد دراسة الموضوع وتداول الرأي قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:

أولاً:لا يشتمل الحكم بتحريم إحياء ديار ثمود وسكناها وتحريم مياهها- ما نشأ فيها أو جلب إليها من المواشي والدواجن، وإن تغذى بما فيها من مزارع ونبات وشرب من مياهها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يعلفوا ركائبهم العجين الذي عجنوه بماء آبار ثمود، ولو كان ذلك يوجب تحريم ركائبهم عليهم ما أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يعلفوها ذلك العجين.

ثانياً: لا يلزم من تحريم مياهها وإحياء أرضها تحريم ثمارها؛ لأن أعيان المياه والتربة قد استحالت لأعيان أخرى هي الثمار والزروع ، والاستحالة تقتضي تغيير الخواص والأحكام ونظير ذلك طهارة ما سمد من الأشجار والزروع بالنجاسات، وحل ثمارها بسبب الاستحالة ، ونظيره أيضاً طهارة ما تخلل بنفسه من الخمر وحل الائتدام به وبيعه وشرائه، وغيرها من أنواع الانتفاع بعد أن كان خمراً محرماً شربها وبيعها وشراؤها، وذلك بسبب الاستحالة.

وأيضاً للزراع فيها كسب وتسبب يوجب ملك الثمار والزروع، ومال المسلم معصوم كدمه وعرضه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه".
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة الخامسة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد الرزاق عفيفي
عبد الله خياط
عبد الله بن حميد
عبد العزيز بن صالح
عبد المجيد حسن
محمد الحركان
سليمان بن عبيد
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
راشد بن خنين
عبد الله بن غديان
محمد بن جبير
صالح اللحيدان
عبد الله بن منيع
[مخالف وله وجهة نظر مرفقة]
وجهة نظر في حكم ثمار ديار ثمود
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد:
ففي [صحيح البخاري] سنده إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم ألا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها، واستقينا، فأمرهم، أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء، وفيه بسنده إلى ابن عمر، أن الناس نزلوا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أرض ثمود الحجر، واستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يهريقوا ما استقوا من بئرها وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
إن المتأمل في علة المنع من الاستقاء من هذه الآبار سيخرج بأحد أمرين: إما لنجاسة الماء، أو لوصف لازم له يوجب تحريمه، وجمهور أهل العلم متفقون على القول بطهارة مياه تلك الآبار؛ لما روى أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سئل: أنتوضأ من بئر بضاعة؟- وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب –فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : "الماء طهور لا ينجسه شيء" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.
قال الإمام أحمد رحمه الله: حديث بئر بضاعة صحيح. فتعين القول بأن علة المنع من ذلك وصف قائم فيه لازم له يوجب تحريمه.
وإلى نحو ذلك أشار القرطبي –رحمه الله- في تفسير سورة الحجر فقال: أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- بهرق ما استقوا من بئر ثمود وإلقاء ما عجن وخبز به؛ لأنه ماء سخط فلم يجز الانتفاع به؛ فراراً من سخط الله، وقال: ((أعلفوه الإبل)) قال مالك: إن ما لا يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أن تعلفه الإبل والبهائم، إذ لا تكليف عليها.ا هـ.

وفي [الإقناع وشرحه] ما نصه: ولا يباح ماء آبار ديار ثمود غير بئر الناقة.. إلى أن قال: فظاهره، أي: ظاهر القول بتحريم ماء غير بئر الناقة من ديار ثمود لا تصح الطهارة، أي: الوضوء والغسل به؛ لتحريم استعماله؛ كماء مغصوب، أو ماء ثمنه المعين حرام في البيع، فلا يصح الوضوء بذلك، ولا الغسل به؛ لحديث: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".. إلى أن قال: ولا يستعمله؛ لأنه ممنوع شرعاً فهو كالمعدوم حساً. ا هـ.
وحيث اتجه القول إلى أن علة المنع: اشتماله على وصف لازم له، وهو كونه ماء سخط، فإن الثمار الناتجة من مزارع وبساتين تلك الديار المسقاة بتلك الآبار شبيهة بالطحين المعجون بماء هذه الآبار، إن لم تكن أولى منها. ذلك أن العجين بمائها مركب من أمرين: مباح، هو: الطحين، ومحرم، هو: الماء، أما الثمار فمحتواها لا يخرج عن تربة تلك الديار ومياه آبارها، والقول باستحالة حرمة هذه المياه حينما تحولت إلى ثمار قياساً على النجاسة غير صحيح –فيما أرى- قياس مع الفارق، فإن الشيء المتنجس يزول بغسله، أو باستحالته، أما التحريم فلا يزول إلا بزوال الوصف الموجب له، كاستحالة الخمر إلى خل، فإن الوصف الموجب لتحريمها الإسكار، وباستحالتها إلى خل زال ذلك الوصف، فصارت حلالاً. وتحريم مياه هذه الآبار –لكونها مياه سخط أو لأي وصف آخر- موجب للتحريم، والوصف الموجب لتحريم مياه آبار ديار ثمود وصف ملازم لها، سواء اختلطت بغيرها –كالعجين- أو شكلت مع غيرها أجساماً أخرى كالثمار.
يدل على أن الحرمة لا تزول عن الشيء المحرم- وإن انتقل من حال إلى حال إلا بزوال الوصف الموجب لها- ما روى الجماعة عن جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : "إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه"، وما روى ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" رواه أحمد وأبو داود.
فإن حرمة الشحوم على اليهود انسحبت على أثمان أدهانها، ولم تنفعهم حيلتهم لاستباحتها، بل بقي التحريم قائماً، فاستحقوا بذلك لعنة الله لاستباحته.
كما يدل على ذلك ما ثبت عنه –صلى الله عليه وسلم- من أنه ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغير، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. فذكر أن من أسباب رد الدعاء وعدم الاستجابة –أكل الحرام، وشربه، والتغذية به، مع أن أعيان هذه الأشياء المحرمة تستحيل إلى مواد أخرى بعد أكلها أو شربها، ومع ذلك لم تكن استحالتها مانعة من ملازمة الحرمة لها، ومن كون ملازمة الحرمة لها سبباً في ردّ الدعاء ومنع الاستجابة؛ لأن الوصف الموجب لحرمتها ملازم لها.
لذلك كله فإني أرى أن لثمار مزارع وبساتين ديار ثمود حكم الطحين المعجون بمائها، وهو إطعامه الدواب.
وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

الطائف في 20/8/1394هـ عضو هيئة كبار العلماء
عبد الله بن سليمان بن منيع
 
معلومات قيمة بارك الله فيكم جميعاً ، وأشكر أخي أبا مجاهد لنقله البحث وأشكر الباحث الكريم الأستاذ عبدالله بن علي بن فائع العسيري على هذه الإفادات القيمة .
كما أشكر المعقبين على تعقيباتهم المفيدة .
ولمزيد من الإفادة في هذا الموضوع فإن للصديق العزيز الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذييب وكيل كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود عنايةً وتخصصاً بالآثار في شمال السعودية ولا سيما مناطق الحجر ومدائن صالح والجوف وحائل وما حولها . ومن بحوثه المنشورة في ذلك :

- نقوش ثمودية من المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية (1999م).
- نقوش قارا الثمودية بمنطقة الجوف: المملكة العربية السعودية, الرياض, مؤسسة عبدالرحمن السديري, الخيرية (2000م).
- دراسة لنقوش ثمودية من جُبة حائل: المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية, (2000م).
- مدخل إلى قواعد النقوش النبطية, الرياض: مطبعة الخالد. (2001م).
- نقوش ثمودية من سكاكا (قاع فريحة, والطوير, القدير): المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية. (2002م).
- نقوش ثمودية جديدة في الجوف, المملكة العربية السعودية, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية
(2003م).
- الكتابة في الشرق الأدنى القديم من الرمز إلى الأبجدية، بيروت: الدار العربية للموسوعات 1428هـ/2008م .
كما له ترجمة لبعض الأبحاث والكتب الإنجليزية المتخصصة في الآثار منها :
- مقدمة كتاب نقوش المقابر النبطية في مدائن صالح: جامعة اكسفورد: جامعة مانشيستر, بريطانيا: (1993م), ص ص: 5-55.
ويمكن الاطلاع على معظم هذه الأبحاث في موقعه الشخصي على بوابة الجامعة هنا .

وقد بعثت له برابط الموضوع للإفادة والتعليق .

هل رد عليك بإفادة أو تعليق؟
 
لتذكير الدكتور مرة أخرى :)

لتذكير الدكتور مرة أخرى :)

موضوع ثري بالفوائد وبما هو متعقب!
قادني البحث في النت عليه، وما كتبه أبو سعد الغامدي حسن جداً، وكذلك الجهني، وعلى ما تعقب به تعقبات لا أذكرها لكن أشير إلى بعضها فقصارى ما انتقد به وقف على أطلال ومجاري وديان قد عهد اندراس آثارها وطروء التغيرات عليها من نحو تحولها وتوسعها وضيقها في مدة مثلها فمثل هذا الوقوف لا يعارض به النقل، والفائدة التي أشار إليها الأخ صالح صواب إن ثبتت لها قيمتها، ونزول بعض العباسيين وإحياؤهم أرضاً درست آثارها ونسبتها لهم مع تقدم غيرهم في سكناها ممكن لا يبطل سبق غيرهم... وثمود كانت مملكة لها شأنها في وقتها لا يبعد أن تمتد ديارهم وآثارهم في شمال العلا وجنوبها، هذا وثمة تعقبات أخرى على ما قيل في الإجماع أعلاه وما مثل به وقضايا جانبية كأن هذا ليس بموضعها... المقصود المثبت أقرب لدلالات النصوص في نظري، ومجال تعقبات هذا الذي أشرت إليه خصب كمجال تعقبات ما سطر ابتداء!

والغرض تذكير مشرفنا الشيخ عبدالرحمن بمشاركة د. سليمان الذيب.
 
والغرض تذكير مشرفنا الشيخ عبدالرحمن بمشاركة د. سليمان الذيب.
حياك الله أخي العزيز وحيا الجميع .
أخي الدكتور سليمان الذييب وكيل كلية الآثار بجامعة الملك سعود، وأعباؤه المتتالية تحول بينه وبين الكتابة الهادئة التي يريدها فيما يبدو لي، ونحن نقبل منه الإشارة الدالة ، وسأذكره الآن بذلك لعله ينشط له .
 
موضوع لم يحسم بعد!!!

موضوع لم يحسم بعد!!!

أشكر الجمع على إيرادهم النفع وبعد
مازال استشكال ابن حجر رحمه الله وغيره قائما ولكن
ألا يمكن أن يجاب عنه بأن يقال أن قوم ثمود كانوا في الطول مثلنا ولم يكونوا أصحاب قامات عالية كما هو الشأن في قوم يأجوج ومأجوج قصار القامة مع تقدم الزمان بمعنى أن حديث( فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) من العام الذي دخله التخصيص
ما رأي الإخوة الفضلاء .
والسلام عليكم.



 
عودة
أعلى