نثار الفوائد
New member
أعلن مؤخرا في "مكتبة برلين الحكومية" عن امتلاكها جزء من مخطوطة قد يعود تاريخها لعصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو بعده بقليل، وقد أدى هذا الإعلان لضخ دم جديد في حقل الدراسات القرآنية في "قسم المشرق" بمكتبة برلين الحكومية أكبر مكتبات أوربا.
وذكر موقع "Deutsche Welle" أن مكتبة برلين الحكومية التي أجرت دراسات على المخطوط؛ تضم في قسم المشرق وحده 600 ألف من الكتب والنفائس الأخرى بـ 140 لغة، منها 43 ألف مخطوطة, ويصل عدد المخطوطات الإسلامية إلى حوالي 17 ألف: 11100 عربية و2400 فارسية و3100 عثمانية, ناهيك عن الآلاف الأخرى من المخطوطات للأعراق الأخرى في منطقة الشرق.
ويتألف المخطوطة من سبع رُقوق (جمع رَقّ: جلد حيوان كان يستخدم للكتابة) مكتوب عليها آيات بالخط الحجازي من سورتي "النساء" و"المائدة" (من الآية 138 إلى الآية 155 من النساء، ومن الآية 172 من النساء إلى 87 من المائدة), يبلغ طول الرقوق حوالي 35 سم وبعرض 26 سم تقريبا, ويبدو فعل الزمن عليها بعض الشيء: بعض الثقوب، وحروق طفيفة، وزوايا مهترئة, وحسب رأي الخبراء من الصعوبة تحديد الموطن الأول للمخطوطة. ويقول "كريستوف راوخ" الخبير بالمخطوطات الإسلامية ومدير قسم المشرق بالمكتبة: "صارت المخطوطة إلى ملكية المكتبة في العام 1940 بعد شراء تركة برنهارت موريتس", وقد قام المستشرق برنهارت موريتس Bernhard Moritz (1859-1939) بالعديد من الرحلات البحثية في سوريا والعراق والمغرب وشبه الجزيرة العربية وزنجبار ومصر, وعمل بين الأعوام 1896-1911 مديراً لـ"دار الكتب والوثائق القومية"(الكتب-خانة الخديوية) في القاهرة.
وقد أرسلت عينة من رق المخطوطة إلى "المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا" في زيوريخ بسويسرا، الذي يعتبر واحد من أفضل عشر جامعات على مستوى العالم، وذلك بغية إجراء اختبار الكربون المشع (C-14) لتحديد عُمر الرَق, ويقول ميشائيل جوزيف ماركس، الخبير بالقرآن ومدير المشروع البحثي "Corpus Coranicum" عن نتيجة الفحص: "بنسبة 95% فإن الرَقّ يعود للأعوام بين 606 و652 ميلادي, وأرجح أن يكون في حدود العام 650", ومن المعلوم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم توفي عام 632م, ويضيف السيد رواخ قائلاً: "ولكن الفحص الكربوني لا يعطي نتائج قاطعة عن تاريخ الكتابة، بل عن عمر الجلد المُستخدم", يوافقه الرأي ماركس ويضيف: "لقد تمت تأرخة الرَقّ وليس الحبر, ومن المحتمل نظرياً ـ ولكنه مستبعد ـ أن يكون قد تم ذبح الخروف في هذا الوقت ولكن تمت الكتابة على جلده في عقود لاحقة, فليس لدينا حقائق علمية مطلقة مائة بالمائة".
وعن أهمية هذه الرُقوق يقول السيد ماركس: "نتعرف من خلال المخطوطات هذه على تطور الخط العربي وقواعد الإملاء القديمة، والقليل من علامات الإعجام، وبالطبع لا وجود لعلامات الإعراب أو التشكيل (فتحة، ضمة...). في بعض المواضع، هذا وتختلف الصياغة في المخطوط عن قراءة حفص الشائعة في معظم البلاد الإسلامية اليوم".
وعن تدوين القرآن في القرن الهجري الأول، يقول السيد ماركس: "يظهر هذا المخطوط وغيره أنه كان هناك الكثير من علماء الدين الإسلامي، الذين قاموا بكتابة القرآن، في القرن الأول بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وهي حسب معلوماتنا أجزاء كبيرة من 20 مخطوطة (تحوي بمجموعها 2000 صفحة) من القرن الأول الهجري, وهذا رقم كبير مقارنةً بكتابة الإنجيل".
ويتفق السيد ماركس مع رأي السيد روخ بأن "نتائج البحث على هذه المخطوطة لن تغير اتجاه أبحاث القرآن، وأن هذه النتائج لا تتعارض، من حيث المضمون، عما يعتقده المسلمون عن تدوين القرآن وتاريخه", ويضيف: "تتشابه كثيراً مخطوطات القرآن في القرنين الهجريين الأوليين، ولكنها لا تتطابق 100 بالمائة, لقد أحرزت البحوث العلمية على المخطوطات تقدماً كبيراً في العشرين عاما الماضية، غير أننا مازلنا في البداية؛ هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة تنتظر الإجابة". يذكر أن هناك جزء من المخطوطة مازالت تحتفظ به "دار الكتب والوثائق القومية" في القاهرة.
جاءت عملية إخضاع المخطوطة لفحص الكربون المشع في إطار المشروع البحثي الضخم "كورانيكا", وهو المشروع الفرنسي الألماني المشترك والمموّل من "مؤسسة البحوث الألمانية" DFG و"الوكالة القومية الفرنسية للبحوث" .ANR, وعن أهداف هذا المشروع يحدثنا مديره ماركس: "يتبع المشروع منهجا تاريخيا وذلك على عدة مستويات: أولاً: جمع المخطوطات والبرديات القديمة وتحديد عمرها وتحليلها من حيث المحتوى, ثانياً: جمع القراءات الإسلامية المبكرة في التراث الإسلامي, ثالثاً: توثيق نصوص العصور القديمة المتأخرة (القرون التي سبقت ظهور الإسلام)، وهي النصوص المتعلقة بمحيط القرآن، وذلك لمساعدتنا على فهم القرآن في سياقه التاريخي, رابعاً: التعليق على القرآن بالاستناد لمناهج أدبية وباستخدام نصوص العصور القديمة المتأخرة", الجدير ذكره أن مشروع "كورانيكا" تنفذه "أكاديمية برلين-براندينبورغ للعلوم" Berlin-Brandenburgische Akademie der Wissenschaften, وقد انطلق عام 2007م ويستمر حتّى عام 2024م.
المصدر: Tafsir Center for Quranic Studies | مركز تفسير للدراسات القرآنية
وذكر موقع "Deutsche Welle" أن مكتبة برلين الحكومية التي أجرت دراسات على المخطوط؛ تضم في قسم المشرق وحده 600 ألف من الكتب والنفائس الأخرى بـ 140 لغة، منها 43 ألف مخطوطة, ويصل عدد المخطوطات الإسلامية إلى حوالي 17 ألف: 11100 عربية و2400 فارسية و3100 عثمانية, ناهيك عن الآلاف الأخرى من المخطوطات للأعراق الأخرى في منطقة الشرق.
ويتألف المخطوطة من سبع رُقوق (جمع رَقّ: جلد حيوان كان يستخدم للكتابة) مكتوب عليها آيات بالخط الحجازي من سورتي "النساء" و"المائدة" (من الآية 138 إلى الآية 155 من النساء، ومن الآية 172 من النساء إلى 87 من المائدة), يبلغ طول الرقوق حوالي 35 سم وبعرض 26 سم تقريبا, ويبدو فعل الزمن عليها بعض الشيء: بعض الثقوب، وحروق طفيفة، وزوايا مهترئة, وحسب رأي الخبراء من الصعوبة تحديد الموطن الأول للمخطوطة. ويقول "كريستوف راوخ" الخبير بالمخطوطات الإسلامية ومدير قسم المشرق بالمكتبة: "صارت المخطوطة إلى ملكية المكتبة في العام 1940 بعد شراء تركة برنهارت موريتس", وقد قام المستشرق برنهارت موريتس Bernhard Moritz (1859-1939) بالعديد من الرحلات البحثية في سوريا والعراق والمغرب وشبه الجزيرة العربية وزنجبار ومصر, وعمل بين الأعوام 1896-1911 مديراً لـ"دار الكتب والوثائق القومية"(الكتب-خانة الخديوية) في القاهرة.
وقد أرسلت عينة من رق المخطوطة إلى "المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا" في زيوريخ بسويسرا، الذي يعتبر واحد من أفضل عشر جامعات على مستوى العالم، وذلك بغية إجراء اختبار الكربون المشع (C-14) لتحديد عُمر الرَق, ويقول ميشائيل جوزيف ماركس، الخبير بالقرآن ومدير المشروع البحثي "Corpus Coranicum" عن نتيجة الفحص: "بنسبة 95% فإن الرَقّ يعود للأعوام بين 606 و652 ميلادي, وأرجح أن يكون في حدود العام 650", ومن المعلوم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم توفي عام 632م, ويضيف السيد رواخ قائلاً: "ولكن الفحص الكربوني لا يعطي نتائج قاطعة عن تاريخ الكتابة، بل عن عمر الجلد المُستخدم", يوافقه الرأي ماركس ويضيف: "لقد تمت تأرخة الرَقّ وليس الحبر, ومن المحتمل نظرياً ـ ولكنه مستبعد ـ أن يكون قد تم ذبح الخروف في هذا الوقت ولكن تمت الكتابة على جلده في عقود لاحقة, فليس لدينا حقائق علمية مطلقة مائة بالمائة".
وعن أهمية هذه الرُقوق يقول السيد ماركس: "نتعرف من خلال المخطوطات هذه على تطور الخط العربي وقواعد الإملاء القديمة، والقليل من علامات الإعجام، وبالطبع لا وجود لعلامات الإعراب أو التشكيل (فتحة، ضمة...). في بعض المواضع، هذا وتختلف الصياغة في المخطوط عن قراءة حفص الشائعة في معظم البلاد الإسلامية اليوم".
وعن تدوين القرآن في القرن الهجري الأول، يقول السيد ماركس: "يظهر هذا المخطوط وغيره أنه كان هناك الكثير من علماء الدين الإسلامي، الذين قاموا بكتابة القرآن، في القرن الأول بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وهي حسب معلوماتنا أجزاء كبيرة من 20 مخطوطة (تحوي بمجموعها 2000 صفحة) من القرن الأول الهجري, وهذا رقم كبير مقارنةً بكتابة الإنجيل".
ويتفق السيد ماركس مع رأي السيد روخ بأن "نتائج البحث على هذه المخطوطة لن تغير اتجاه أبحاث القرآن، وأن هذه النتائج لا تتعارض، من حيث المضمون، عما يعتقده المسلمون عن تدوين القرآن وتاريخه", ويضيف: "تتشابه كثيراً مخطوطات القرآن في القرنين الهجريين الأوليين، ولكنها لا تتطابق 100 بالمائة, لقد أحرزت البحوث العلمية على المخطوطات تقدماً كبيراً في العشرين عاما الماضية، غير أننا مازلنا في البداية؛ هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة تنتظر الإجابة". يذكر أن هناك جزء من المخطوطة مازالت تحتفظ به "دار الكتب والوثائق القومية" في القاهرة.
جاءت عملية إخضاع المخطوطة لفحص الكربون المشع في إطار المشروع البحثي الضخم "كورانيكا", وهو المشروع الفرنسي الألماني المشترك والمموّل من "مؤسسة البحوث الألمانية" DFG و"الوكالة القومية الفرنسية للبحوث" .ANR, وعن أهداف هذا المشروع يحدثنا مديره ماركس: "يتبع المشروع منهجا تاريخيا وذلك على عدة مستويات: أولاً: جمع المخطوطات والبرديات القديمة وتحديد عمرها وتحليلها من حيث المحتوى, ثانياً: جمع القراءات الإسلامية المبكرة في التراث الإسلامي, ثالثاً: توثيق نصوص العصور القديمة المتأخرة (القرون التي سبقت ظهور الإسلام)، وهي النصوص المتعلقة بمحيط القرآن، وذلك لمساعدتنا على فهم القرآن في سياقه التاريخي, رابعاً: التعليق على القرآن بالاستناد لمناهج أدبية وباستخدام نصوص العصور القديمة المتأخرة", الجدير ذكره أن مشروع "كورانيكا" تنفذه "أكاديمية برلين-براندينبورغ للعلوم" Berlin-Brandenburgische Akademie der Wissenschaften, وقد انطلق عام 2007م ويستمر حتّى عام 2024م.
المصدر: Tafsir Center for Quranic Studies | مركز تفسير للدراسات القرآنية