محمد عابد الجابري وتفسير القرآن للدكتور رضوان السيد

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,322
مستوى التفاعل
131
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
هذه مقالة للدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية حول كتابة محمد عابد الجابري لكتابه في تفسير القرآن على حسب ترتيب النزول ، فيها بعض الفوائد .

تنبهتُ إلى تغيّر الاستراتيجيات البحثية والكتابية لدى المفكّر الراحل محمد عابد الجابري، عندما بدأ يكتب سلسلة من المقالات الأسبوعية في صحيفة الاتحاد الظبيانية حول القرآن. وقد أثارت بعض تلك المقالات ردوداً واستفهامات وتساؤلات، دفعتْني لمناقشته في الفكرة ذاتها. فالحق أن هذا الرأي أو ذاك في ترتيب السُوَر القرآنية أو الآيات ضمن السور، أو الناسخ والمنسوخ، أو القراءات القرآنية، كل ذلك كانت له سوابق قديماً وحديثاً. ولذا فما كانت تلك الآراء (المجموعة في صعيد واحد للمرة الأولى) هي التي دفعتني للاعتقاد بأن استراتيجيات الكتابة لدى الجابري قد تغيرت. وإنما الذي دفعني إلى ذلك الاعتقاد أن الجابري وعلى مدى ربع قرن، ظل يؤكد أنه ليس مصلحاً دينياً، ولا يريد إنشاء علم كلام جديد، ولذا فهو – بخلاف الأستاذ محمد أركون – لن يخوض في القرآن قِدَماً أو بنية. بل إن المصحف الذي بين أيدينا هو الذي جمعه أمير المؤمنين عثمان بين الدفتين، ولا شك في وحدة النص، ولا في مقاصده الكبرى، وإلا فإننا نكون ماضين في آثار المستشرقين، الذين تعاملوا ويتعاملون مع النص القرآني وكأنما هو ليس نصاً ولا وحدة أو بنية. المهم إنني صادفتُ المفكر الجابري مرة في أبو ظبي، ومرة في لبنان، وسألته عن الأمر، ولماذا قرر المضيّ في هذا السبيل الذي سبق أن قال بتجنّبه؟ وظن الجابري أولا إن رأيه في أسباب النزول أو في الناسخ والمنسوخ لم يعجبني، لكنني شرحتُ له أن ذلك ليس من قصدي، وإنما القصدُ اختبار هل تطور أو تغير رأْيُهُ في مسألة القرآن والنص القرآني بنيةً ووحدة. ونفى الجابري ذلك، وذكّرني بأن النص الذي أذكُرُه من إحدى مقالاته قد ورد فيه أيضا أن التفسير القرآني، يجوز بل يجبُ فيه الاجتهاد، وليس من الضروري التقيُّد بآراء المفسرين الكلاسيكيين. فقد بدأ العملُ التفسيري للقرآن أيام الصحابة (عبدالله بن عباس)، وازدهر أيام التابعين، ولو كان الأمر محرّماً لما حاوله الصحابة، ولما ظهرت مئات التفاسير عبر العصور، سالكة مختلف المناهج والمناحي.
بيد أن الجابري عندما نشر تفسيره في ثلاثة مجلدات، ما اقتصر على الاجتهاد، أياً يكن شذوذه أو تفرده، بل سارع في تفسيره الذي سماه «التفسير الواضح» إلى القيام بالعملية التأويلية على أساس «ترتيب النزول». وهذا الأمر بالذات أدعى إلى ألاّ يكون التفسير واضحاً على الإطلاق – ثم إنه يهدد النص القرآني بنيةً ووحدةً وإِنْ بطرائق غير مباشرة، فقد اعتمد الجابريُّ على كتب علوم القرآن («الإتقان» للسيوطي على الخصوص)، كما اعتمد على ما يردُ في عناوين السُور وأحاديث أسباب النزول من أن هذه الآية أو تلك مكية بينما السورة مدنية أو العكس. وحين لم يجد شيئاً من ذلك يمكن الاستنادُ إليه، اعتمد على أحاديث أسباب النزول – وأكثرها ضعيف بمقاييس المحدّثين – ليضع هذه الآية هنا وتلك هناك قبل البدء بتفسيرها أو تفسيرهما. بل انه أحيانا ارتأى أن بين الآيات في سورة كذا، والآيات في سورة كذا وحدة تقتضي وضعهُما في سياق واحد في الترتيب والتفسير. وقلت في البداية إن الأمر يمكن فهمُهُ باعتباره تفسيراً للقرآن بالقرآن، وهو أعلى درجات التفسير. ثم تنبهتُ إلى أن النص بذلك لا يعود نصاً، وهو يخالف أبسط قواعد البنيوية واللسانيات. وإذا كان قد فعل ذلك بقصد الوضوح أو الإيضاح، فإن هذه الطريقة تزيدُ من غموض النص (الذي لم يعد نصاً)، وتحوله إلى مجموعة ضخمة من المفردات والفقر المتناثرة، شأن ما فعله الفيلولوجيون من المستشرقين بالقرآن وبخاصة الألماني نولدكه. لكن نولدكه كان يكتب «تاريخاً» للقرآن عام 1859، عندما كانت الطريقة الفيلولوجية مسيطرة، وكانت التاريخانية علم العلوم! وهو أمر لا يتفق أبداً مع مبادئ الفهم عند الجابري الذي يعتبر النص بنية ذهنية ولفظية وشعورية. والنص القرآني ليس كذلك فقط، بل هو أيضا بنية شعرية وشعائرية في منتهى الدقة والانضباط بعد عصور متطاولة من القراءة الشعائرية والأخرى التأويلية، بحيث ما عاد يمكن البدء بفهمه من طريق تحطيم البنية، وليس استبدال بنية بأخرى مثلاً. وما كان عبد القاهر الجرجاني عابثاً عندما اكتشف أن إعجاز القرآن في نظْمه وليس في مفرداته.
عندما ذهبتُ إلى جامعة توبنغن في ألمانيا الاتحادية للدراسة عام 1973 كان رودي بارث، أستاذ الدراسات الإسلامية في المعهد الشرقي في الجامعة قد تقاعد. وكان بارث قد ترجم القرآن إلى الألمانية في جزء، وخصص جزءين آخرين لكتابة تفسير له بالألمانية أيضا. وأكمل المشروع بكتابة جزء في سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) سمّاه: «محمد والقرآن» (ترجمتُه إلى العربية عام 2008). المهم إنني رأيتُهُ يوماً في مكتبه القديم في المعهد، وسألتُه مازحاً: لماذا لم تفسّر القرآن على أساس أسباب النزول وترتيب النزول؟ وابتسم قائلاً: ما حاولتُ ذلك، لأن أوتو برتزل الألماني، وريتشارد بل البريطاني، قد حاولا ذلك وفشلا، ودعْك من أسباب النزول، ومن ترتيبات المكي والمدني والناسخ والمنسوخ. فهذه التقسيمات «علوم» ظهرت في ما بعد، ونص القرآن أنصَع من دون أسباب نزول وترتيبات نزول !
كان الأستاذ الجابري قال : إن التحطيمات التي يراد إحداثها في النص القرآني، لا تزيدنا معرفة، وهي لن تحقق أي اكتشاف. لكنه فسّر القرآن أخيرا، وسمّاه «التفسير الواضح»، فيبقى أن يُثْبت المتلقّون لهذه الرسالة من القراء إنهم اكتشفوا بهذه الطريقة عوالم قرآنية لا نعرفُها قدَّمها إليهم الأستاذ الجابري، أو قدّمها ريتشارد بل داعية قراءة القرآن بحسب ترتيب النزول.
لقد رحل الأستاذ الجابري تاركاً حوالي الأربعين كتاباً. وهو المفكر العربي الأكثر شعبية في أوساط الشباب في العالم العربي. وقد ختم كفاح حياته بتفسير للقرآن، فأسأل الله سبحانه أن يتقبله منه قبولاً حسناً، وإنما الأعمال بالنيات.
المصدر
 
هذه مقالة للدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية حول كتابة محمد عابد الجابري لكتابه في تفسير القرآن على حسب ترتيب النزول ، فيها بعض الفوائد .
.​
المهم إنني رأيتُهُ يوماً في مكتبه القديم في المعهد، وسألتُه مازحاً: لماذا لم تفسّر القرآن على أساس أسباب النزول وترتيب النزول؟ وابتسم قائلاً: ما حاولتُ ذلك، لأن أوتو برتزل الألماني، وريتشارد بل البريطاني، قد حاولا ذلك وفشلا، ودعْك من أسباب النزول، ومن ترتيبات المكي والمدني والناسخ والمنسوخ. فهذه التقسيمات «علوم» ظهرت في ما بعد، ونص القرآن أنصَع من دون أسباب نزول وترتيبات نزول !
كان الأستاذ الجابري قال : إن التحطيمات التي يراد إحداثها في النص القرآني، لا تزيدنا معرفة، وهي لن تحقق أي اكتشاف. لكنه فسّر القرآن أخيرا، وسمّاه «التفسير الواضح»، فيبقى أن يُثْبت المتلقّون لهذه الرسالة من القراء إنهم اكتشفوا بهذه الطريقة عوالم قرآنية لا نعرفُها قدَّمها إليهم الأستاذ الجابري، أو قدّمها ريتشارد بل داعية قراءة القرآن بحسب ترتيب النزول.
لقد رحل الأستاذ الجابري تاركاً حوالي الأربعين كتاباً. وهو المفكر العربي الأكثر شعبية في أوساط الشباب في العالم العربي. وقد ختم كفاح حياته بتفسير للقرآن، فأسأل الله سبحانه أن يتقبله منه قبولاً حسناً، وإنما الأعمال بالنيات.
المصدر
أشكر المشرف العزيز على نقل هذه المقالة للدّكتور رضوان السّيّد.
ولي أسئلة مشروعة على هذه المقالة:
كيف عرف الدّكتور رضوان السّيّد أنّ الأستاذ الجابريّ و المفكّر العربيّ الأكثر شعبيّة في أوساط الشّباب في العالم العربيّ؟
أم رجماً بالغيب؟ أم انتصاراً للرّجل وتخفيفاً من حدّة الهجوم على كتاباته المرفوضة، ومنهجيّته الواضحة في التّحرّر من العقيدة والشّريعة وغيرهما كما نصّ على ذلك بنفسه لا نقلاً عن غيره؟
هل لقاء الأساتذة في المؤتمرات والنّدوات يخفّف من حدّة النّقاش حول كثير من الجدليّات العامّة بله الخاصّة؟
هل قلوبنا عاطفيّة بدرجة كبيرة؛ ليخفّف من حدّة الخلاف رحيل أحدهم إلى الرّفيق الأعلى سبحانه وتعالى، واستدعاء ذكرياتنا معه؟
هل تنبّه الدّكتور رضوان إلى تغيّر الاستراتيجيّات البحثيّة والكتابيّة لدى الرّاحل الجابريّ من خلال تتبّعه ينفيه له الجابريّ بكلمة لا؟
هل يجوز كتابة القرآن الكريم حسْب النّزول وهو احتماليّ اجتهاديّ، وترك ترتيبه القطعيّ الّذي لم يؤمّن الله تعال أحداً من البشر عليه؛ بل تكفّل بحفظه سبحانه بعد أن أمّن البشريّة كلّها على كتبه السّابقة فما رعوها حقّ رعايتها؟
أسئلة مشروعة لا تنتظر جواباً؛ إنّما تنتظر أن تُختزن في الذّاكرة حين مناقشة الأفكار الغريبة المستوردة؛ والشّخصيّات الّتي تبهر بعض النّاس؛ لتكون خالصة لله مجرّدة عن العواطف الخادعة واللّقاءات الحميميّة؛ وبالذّات فيما يتعلّق بمقدّساتنا وثوابتنا.
كان الخلاف قبيل عقود تزيد أو تنقص حول الفروع والمتغيّرات، واليوم أصبح الحديث ضرباً في الأصول والثّوابت.
 
لا أحد ينكر أن هناك تحولا في فكر الجابري
آخر عهدي بكتبه كتاب : مدخل إلى القرآن الكريم ، الجزء الأول ( في التعريف بالقرآن )
أثناء تقديمه للكتاب كتب ما يلي :
(...) وبعد ، فهذا مدخل إلى القرآن يتألف من جزأين : الأول في "التعريف بالقرآن " والثاني في "موضوعات في القرآن" أما الثاني فسنتحدث عنه حين تقديمه للقراء ، وأما هذا الجزء الأول فيتألف من ثلاثة أقسام : قسم خصصناه لاستكناه وحدة الأصل في الديانات السماوية الثلاث ، وقسم تتبعنا فيه "مسار الكون والتكوين " للقرآن الكريم . أما القسم الثالث فقد حللنا فيه القصص القرآني .
ومع أن هذا القسم الأخير قد يبدو وكأنه مجرد ملحق ، إلا أنه في الحقيقة بمثابة المرآة التي تعكس بجلاء موضوعات القسمين السابقين . إن اعتمادنا ترتيب النزول – وليس ترتيب المصحف – في تتبع قصص القرآن قد مكننا من إبراز وظيفة هذا القصص كوسيلة وسلاح للدعوة المحمدية في مواجهة خصومها ، الشيء الذي ساعدنا على إبراز التساوق بين السيرة النبوية وتطور مسار الكون والتكوين الخاص بالقرآن . وهذا ما كان ليتأتى لنا لو أننا سلكنا مسلك من كتبوا في هذا الموضوع من الكتاب والمؤلفين ، القدماء منهم والمحدثون ، الذين تعاملوا مع القص القرآني كأحداث "تاريخية " اتخذوا مرجعية لها ما عرف ب"الإسرائيليات " ، بدل التعامل معه ك"أحداث قرآنية " لها أسباب نزول خاصة بها ، وبالتالي أهداف ومقاصد خاصة .
***

في هذا الجزء الأول من الكتاب سياسة وتاريخ ! وهل يمكن فصل الدعوة المحمدية عن السياسة والتاريخ ؟ وهل يمكن الفصل في القرآن بين الدين والدنيا ؟ ثم هل يمكن إصلاح حاضرنا بدون إصلاح فهمنا لماضينا ؟
أسئلة تستعيد المنهج/الرؤية الذي تبنيته منذ "نحن والتراث" والذي يتلخص في جملة واحدة : جعل المقروء معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا في الوقت ذاته .
ثقتي في حسن ظن القراء كبيرة . والله نسأل التوفيق .
 
"إن الذين يتتبعون السيرة النبوية المحمدية من خلال ذلك، ومن خلال مسار نزول القرآن وبالارتباط معه، لابدّ أن يدركوا، مهما كان دينهم أو ميولهم العقدية والأيديولوجية والسياسية، أنه إذا كان التاريخ هو الذي يصنع الرجال فإن الرجل محمد بن عبد الله نبي الإسلام هو وحده صنع التاريخ".
الجابري، فهم القرآن الحكيم، ج1، ص387.
 
"إن الذين يتتبعون السيرة النبوية المحمدية من خلال ذلك، ومن خلال مسار نزول القرآن وبالارتباط معه، لابدّ أن يدركوا، مهما كان دينهم أو ميولهم العقدية والأيديولوجية والسياسية، أنه إذا كان التاريخ هو الذي يصنع الرجال فإن الرجل محمد بن عبد الله نبي الإسلام هو وحده صنع التاريخ".
الجابري، فهم القرآن الحكيم، ج1، ص387.

دائما الرجال هم الذين يصنعون التاريخ وإنما يتفاوتون في الأثر الذي يتركونه
وإذا كنت ترى في هذا مدحا لرسول صلى الله عليه وسلم
فخير منه قول الله تعالى
"الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" سورة إبراهيم (1)
وإذا كنتَ أوردتَه كمثال لولاء الجابري للإسلام وتاريخ الإسلام
فماذا تقول عن الطوام التي تبناها الجابري من الفكر الاستشراقي والتي لا يفهم منها إلا تشويه الإسلام وتاريخه؟
وإذا كنت أوردته لتبرهن أن السيرة النبوية الشريفة كانت مرتبطة بنزول القرآن فلا أحد ينكر ذلك.
 
الملتقى في غنى عن تلميع الرجل
أفضى إلى ما قدم وحسابه على الله
والمفترض أن لا يكون الملتقى سببا لدلالة أحد لفكر الرجل وكتبه وتوجهاته
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
 
مهما لمُّّعَ الفكر المنحرف فسيبقى علامة ونقطة سوداء تشير إلى الفكر الشاذ عن خط سير الأمة الواضح المحفوظ بحفظ الله وتدبيره
 
"إن الذين يتتبعون السيرة النبوية المحمدية من خلال ذلك، ومن خلال مسار نزول القرآن وبالارتباط معه، لابدّ أن يدركوا، مهما كان دينهم أو ميولهم العقدية والأيديولوجية والسياسية، أنه إذا كان التاريخ هو الذي يصنع الرجال فإن الرجل محمد بن عبد الله نبي الإسلام هو وحده صنع التاريخ".
الجابري، فهم القرآن الحكيم، ج1، ص387.
خطأ قيمي ، غير مستمد من قيم القرءان ، لا الرجال يصنعون التاريخ ، ولاالتاريخ يصنع الرجال ،
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنظر إلى مقال رضوان السيد الذي أورده مشكوراً فضيلة الدكتور عبد الرحمن
أود ان اشير إلى بعض القضايا باختصار:
أولاً: الإنصاف يقتضي أن لا يتم الحكم على أحد من خلال موقف واحد، ولا من خلال لقاء عابر، وإن كان الموقف الواحد يعطي انطباعاً ومؤشراً.
ثانياً: إن قراءة كتب ومقالات الجابري وأمثاله تحتاج إلى معرفة أوسع بثقافته التي تربى عليها، والظروف المحيطة به والمؤثرات التي تأثر بها حين كتب ما كتب.
ثالثاً: من الأسلم والأفضل لعامة الناس البعد عن قراءة هذا الفكر، لما يتضمنه من شبهات ومزالق وانحرافات خطيرة، لا يستطيع تقويمها إلا العلماء الراسخون.
رابعاً: كان الإسلام وسيبقى في سموه ورحابته، على الرغم من تعدد القراءات والاتجاهات والمشارب في تناوله ودراسته، وأخطاء الباحثين تُحسب عليهم لا على النص القرآني.
خامساً: نلاحظ أيضاً اهتمام كثير من المستشرقين وأساتذة الجامعات الأوروبية بدراسة القرآن والإسلام، وحرصهم على
طرح أفكار ورؤى جديدة، ولهم في ذلك غايات ومقاصد متنوعة. وهؤلاء إن أحسنّا الظن بحيادهم وموضوعيتهم، فإن لديهم
كثيراً من الأخطاء الفادحة منشؤها عدم فهم اللغة العربية على وجهها الصحيح. فكيف إذا انضم إلى ذلك سوء الطوية
والرغبة في الكيد للإسلام وأهله، والتعصب الأعمى ضد القرآن.
سادساً: كلما تعمقنا في قراءة الإسلام، وحرصنا على تدبر القرآن استطعنا أن نفهم الدين والحياة بشكل أفضل، وفوتنا على المشككين فرصة التلاعب بعقولنا وأحلامنا.
شكراً جزيلاً.
 
خواطر على هامش الموضوع

خواطر على هامش الموضوع

إننا بحاجة اليوم أن نفرق بين ثلاثة محاور ربما خلطنا بينها، وهي منهجية نقد الأفكار، ومنهجية تقييم الأشخاص، ومنهجية تقييم أثر أفكار شخص ما على جمهور الناس.
ونتيجة الخلط بين هذه الثلاث فإنك تجد نقدنا للأفكار يكون أحيانا بالقول/ إنها لا تلقى انتشاراً واسعاً، وهذا في حقيقته ليس نقدا للفكرة أصلاً.
كما ترى أننا نخلط بين نقد الأفكار، وتقييم الشخص بالقول مثلا/ إن هذه الفكرة يريد بها هذا الشخص كذا نظر لخلفيته الفكرية أو نحوها.
ولذا فإن هناك عددا من المحددات تعين على التفريق بين الأمور الثلاثة السابقة، ومنها:
- عند نقد الأفكار، ونقاشها نقاشا علميا موضوعياً ينبغي مراعاة أمور ومنها:
· النظر إلى النص وحده، والحكم عليه بمقتضى ما يحويه من أفكار دون التأثر بمؤثرات أخرى قد تغير حكمنا على النص لأن القائل له فلان أو علان.
· عرض النص محل النقد، وبيان أدلة نقده.
· بيان موقع هذا النقد والخلاف مع هذا المخالف من الشرع( هل خلافه في هذه المسألة عينها هو خلاف اجتهادي أو قطعي ).
- عند تقييم الأشخاص يراعى:
· استعراض أعمال الرجل جميعها.
· متابعة تطور أفكاره، وهل هي في انحدار أو ارتفاع.
- عند تقييم أثر أفكار شخص ما على جمهور الناس يراعى:
· ملاحظة وجوده الاعلامي ( القنوات_ الصحف والجرائد ).
· ملاحظة نشاطه البحثي، وحركة مؤلفاته ( كم مؤلفاته، وكم عدد طبعاتها؟).
· الشبكة العنكبوتية يمكن أن تكشف شيئا من أثر الشخص من خلال عدد النتائج عند البحث عنه، وانتشار اسمه في المواقع.
وينبغي أن نلاحظ أن اطلاعنا أو عدمه لم يعد معيارا لمدى انتشار أفكار شخص ما، ذلك أن كثيرا ممن ربما لم نسمع بهم هم من أشهر كتاب العالم!
كما أشير إلى أمر مهم، وهو أن الباحثين اليوم يسلكون أحد اتجاهين في نقد المخالف:
الأول: النقد العام والمجمل لأفكاره، وهذا الاتجاه نحتاجه ولا نستغني عنه خصوصا عند الخطاب العام.
الثاني: النقد التفصيلي لأفكاره، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به الباحثون من المختصين.
والمهم أن ينطلق النقد من خلفية علمية، ومن اطلاع على الأمر محل النقد لا من عاطفة فحسب
وفق الله الجميع لكل خير.
 
عودة
أعلى