مجموع فوائد علوم القراءات المذكورة في غير مظانّها.

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1​
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فهذا موضوع أذكر فيه -إن شاء الله- فوائد متّصلة بعلوم القراءات، مذكورة في غير مظانّها من كتب أهل العلم، أرجو أن تعمّ بها الفائدة، ويكثر من جرّائها الانتفاع، ويعظم الله تعالى لي بها الأجر والثواب.
وأعني بكون الفائدة في غير مظانّها أحد أمرين:
الأول: أنها في عامة كتب العلم المصنّفة في غير علوم القراءات.
الثاني: أنها في كتاب من كتب علوم القراءات، لكنَّها في فرع آخر غير الفرع الذي يبحث فيه الكتاب أصالة، كأن يكون الكتاب في الرسم والفائدة في القراءات، ونحو ذلك.
وطريقتي التي سأسلكها –إن شاء الله-: أن أفرد كل فائدة بمشاركة مستقلّة عن أخواتها، مع التعليق على الفائدة إن استلزم الأمر ذلك.
والله ولي التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا به.

ضيف الله بن محمد الشمراني
المدينة المنورة 23 / 1 / 1436هـ​
 
الفائدة الأولى
قال تعالى: ﴿۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلٗاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ ١٠﴾[سبأ:10]
قال الإمام أبو بكر ابن العَرَبي المالكي (ت 543هـ):
فيها مسألتان:
المسألة الأولى قوله : { فضلا } : فيه أربعة عشر قولا:
الأول : النبوة .
الثاني : الزبور .
الثالث : حسن الصوت .
الرابع : تسخير الجبال والناس .
الخامس : التوبة .
السادس : الزيادة في العمر .
السابع : الطير .
الثامن : الوفاء بما وعد .
التاسع : حسن الخلق .
العاشر : الحكم بالعدل .
الحادي عشر : تيسير العبادة .
الثاني عشر : العلم ; قال الله تعالى : ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ عِلۡمٗاۖ﴾[النمل:15]
الثالث عشر : القوة ; قال الله تعالى : ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ ١٧﴾[سبأ:17]
الرابع عشر : قوله : ﴿ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ ﴾[النمل:16]
والمراد هاهنا من جملة الأقوال: حُسن الصوت; فإن سائرها قد بيّناه في موضعه في كتاب الأنبياء من (الـمُشْكِلَين).
وكان داود عليه السلام ذا صوت حسن ووجه حسن ، و[له] قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري : (لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود )، وهي :
المسألة الثانية: وفيه دليل الإعجاب بحسن الصوت ، وقد روى عبد الله بن مغفل قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته أو جمله وهي تسير به ، وهو يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قراءة لينة وهو يُرَجِّع ، ويقول: آه } ، واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع ، وكرهه مالك . وهو جائز؛ لقول أبي موسى للنبي عليه السلام: (لو عَلِمْتُ أنك تسمع لحَبَّرتُه لك تحبيرا) ; يريد لجعلته لك أنواعا حِسانا ، وهو التلحين ، مأخوذ من الثوب المُحَبَّر، وهو المخطط بالألوان .
وقد سمعتُ تاج القراء ابن لُفْتة بجامع عمرو يقرأ : ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ﴾[الإسراء:79] ،فكأني ما سمعتُ الآية قط!
وسمعتُ ابن الرّفّاء وكان من القراء العِظام يقرأ: ﴿كٓهيعٓصٓ ١﴾[مريم:1] وأنا حاضر بالقَرافة، فكأني ما سمعتُها قط!
وسمعتُ بمدينة السلام شيخَ القراء البصريين يقرأ في دار بها المَلِك : ﴿وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ ١﴾[البروج:1]، فكأني ما سمعتُها قط! حتى بلغ إلى قوله تعالى : ﴿فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ ١٦﴾[البروج:16] فكأن الإيوان قد سقط علينا!!
والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن ، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر وأقرب إلى لين القلوب وذهاب القسوة منها .
وكان ابن الكازَرُوني يأوي إلى المسجد الأقصى ، ثم تمتَّعنا به ثلاث سنوات ، ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيُسمَع من الطُّور ، فلا يقدر أحد أن يصنع شيئا طول قراءته إلا الاستماع إليه!!
وكان صاحب مصر الملقب بالأفضل قد دخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة وحَوَّلها عن أيدي العباسيّة ، وهو حَنِقٌ عليها وعلى أهلها بحصاره لهم وقتالهم له ، فلما صار فيها وتدانى بالمسجد الأقصى منها ، وصلى ركعتين = تصدَّى له ابن الكازروني ، وقرأ : ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٦﴾[آل عمران:26]، فما ملك نفسه حين سمعه أن قال للناس على عظم ذنبهم عنده ، وكثرة حقده عليهم: ﴿ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ ٩٢﴾[يوسف:92].
والأصواتُ الحسنة نعمة من الله تعالى ، وزيادة في الخلق ومِنَّة، وأحقُّ ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله ; فنِعَم الله إذا صرفت في الطاعة فقد قُضِيَ بها حَقُّ النعمة.
[أحكام القرآن، لابن العربي (4 / 5-8)، طبعة دار الحديث بالقاهرة]
 
الفائدة الثانية​
قال الإمام ابن قيّم الجوزية (ت 751هـ) –رحمه الله-:
ومن فوائد نظر العبد في حق الله عليه: أنه لا يتركه ذلك يُدِلُّ بعمل أصلًا، كائنًا ما كان، ومَنْ أَدَلَّ بعمله لم يصعد إلى الله، كما ذكر الإمام أحمد عن بعض أهل العلم بالله أنه قال له رجل: إني لأقوم في صلاتي فأبكي حتى يكاد ينبت البقل من دموعي، فقال له: إنك إنْ تضحك وأنتَ تعترف لله بخطيئتك؛ خيرٌ من أن تبكي وأنتَ تُدِلُّ بعملك؛ فإنَّ صلاة المُدِلّ لا تصعد فوقه، فقال له: أوصني. قال: "عليكَ بالزهد في الدنيا، وأن لا تنازعها أهلها، وأن تكون كالنحلة، إنْ أكلتْ طيّبًا، وإنْ وضعتْ وضعتْ طيّبًا، وإنْ وقعتْ على عودٍ لم تضرَّه ولم تكسره، وأوصيكَ بالنصح لله عزّ وجلّ نُصْح الكلب لأهله، فإنهم يجيعونه ويطردونه، ويأبى إلا أن يحوطهم وينصحهم".
ومِنْ هاهنا أخذ الشاطبيُّ قوله:
وقد قيل كن كالكلب يقصيه أهله
وما يأتلي في نصحهم متبذّلا.

[إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان (1 / 153)، طبعة دار عالم الفوائد بمكة المكرمة]
 
قال العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في كتابه: (شرح مختصر التحرير):
قوله: "والسبع متواترة": يعني: القراءات السبع متواترة، أي: نُقِلَتْ بالتواتر، لكنها في الحقيقة بالنسبة للعالَم الإسلامي متفرِّقة، فتجد من الناس من يقرأ بقراءة فلان، ومن الناس من يقرأ بقراءة فلان؛ لكن لو قرأ الإنسانُ بالقراءات كلِّها فلا حرج، بل نرى أنه من الأفضل والسنّة أن يتعلَّم الإنسان هذه القراءات السبع ليكونَ مُحيطًا بها؛ لأنَّ الأفضلَ أن تقرأ مرة بهذه القراءة، ومرة بهذه القراءة؛ لأنَّ الكل سنّة ثابتٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن مع هذا إذا شقَّ عليك، أوخفتَ من الفتنة = فاقرأ بقراءة واحدة، قراءة البلد الذي تعيش فيه؛ لأننا لو جاء إنسانٌ من المغرب وأراد أن يقرأ بقراءة ورش عندنا وحوله عامَّة = ما مكَّنوه من هذا.
ولو جاء هذا الرجل بالمصحف الذي يقرأ به، والمكتوب على قاعدة المغرب لمزَّقه العامة -فالعوامّ هوامّ- لأنَّ الكتابة تختلف اختلافًا بيّنًا، فالقاف يجعلون عليها نقطة واحدة، فإذا رأى في المصحف: (قل هو الله أحد) فإذا هي (فل) فلا يملك نفسه إلا أن يقول: هذا مُحَرَّف!! ثم يمزِّقه. فالعوام إذا كان هناك شيء يُشكِل خصوصًا أنه عقيدة، وأنه قرآن؛ فينبغي –إن لم نقل: يجب- أن يتجنّبه الإنسان.
وقوله: "متواترة" يعني: منقولة بالتواتر –ولله الحمد- ينقلها الصغير عن الكبير؛ حتى وصلت إلينا، فلم تختلف كما اختلفت الصحف السابقة.
وهي متواترة لفظًا ومعنًى، ولا شيء من المتواتر أشدّ وأقوى من تواتر القرآن؛ لأنه ينقله الصغير عن الكبير، والذكر والأنثى، وكل المسلمين ينقلونه، فهو متواتر أشد التواتر؛ ولهذا يفيد العلم اليقيني القطعي أنه كلام الله عز وجل، وأنه الذي بلّغه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه؛ ولهذا مَنْ أنكرَ منه حرفًا واحدًا كَفَر.
وقوله: "ومصحف عثمان رضي الله عنه أحد الحروف السبعة، فتصحُّ الصلاة بما وافقه".
"الحروف السبعة": يشير إلى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أُنزِلَ القرآن على سبعة أحرف". وهذه الأحرف ليست هي القراءات السبع، فالقراءات السبع في حرف واحد، وهو حرف قريش.
لكن الحروف السبعة حروف لغات، وكان العرب في أول الإسلام لا يتمكن الإنسان من أن يغيِّر لهجته؛ لصعوبة ذلك عليه كما هو الواقع اليوم، فالآن تذهب إلى جنوب المملكة وجدتَ عندهم لهجة، ولا يستطيعون أن يتكلّموا بلغة أهل القصيم، وأهل القصيم أيضًا لا يستطيعون أن يتكلّموا بلغة أهل الجنوب؛ فمن أجل التيسير على الأمة رخّصَ الله عز وجل أن يقرأه الناس على حسب لغاتهم، لكن المعنى لا يَختلف.
وبقي الأمر كذلك حتى كانت خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فبدأ الناس في الأقطار يقرؤونها على هذه الأحرف، فحصلت فتنة، فأشيرَ على عثمان رضي الله عنه أن يَجمعَ الناسَ على حرف واحد، فجمع الناس على حرف واحد، وهو حرف قريش، أي: لغة قريش.
والحمد لله أن الله عز وجل وفَّقَ أمير المؤمنين لهذا العمل؛ لأنه لو بقي إلى اليوم لكان النزاع السابق الذي في القرن الأول سيكون في القرن الأخير أشد وأكثر، لكن من رحمة الله بهذه الأمة –ومن حمايته وحفظه لكتابه- يسَّر الله على يد هذا الخليفة الراشد أن يجمع على حرف واحد فجُمِع.
ولهذا قال رحمه الله: "أحد الحروف السبعة" والباقي الآن مجهول، ولا يمكن أن يُقرَأ بأي حرفٍ منه؛ لأنَّ القرآنَ لا يمكن أن يُعتمَد إلا إذا نُقِلَ نقلًا متواترًا أو كان خير آحاد صحيح، وهذا لا يمكن في الأحرف الستة؛ لأنها ذهبت من حين ما أحرق عثمان رضي الله عنه المصاحف إلا المصحف العثماني، فذهبت ونُسِيَت.
وقوله: "فتصح الصلاة بما وافقه وصحّ وإن لم يكن من العشرة" يعني تصح الصلاة بكل قراءة وافقت مصحف عثمان رضي الله عنه وصح سندها.
فكل ما وافق وجه نحوي
وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن
فهذا الثلاثة الأركان
هذه الأركان الثلاثة لصحة القراءة:
الأول: أن يكون موافقًا للمصحف العثماني في النحو، يعني: في الإعراب.
الثاني: أنه يحتوي للفظ كله.
الثالث: أن يصح؛ فهو القرآن.
وعلى كل حال: القراءات السبع محفوظة، والقراءات العشر محفوظة، فما وافقها –وإن كان بسند آخر- فإنه صحيح.
وقوله: "وغير متواتر" تقدم أن المؤلف رحمه الله قال: "والسبع متواترة" ثم قال: "وغير متواتر" يعني: "وكذلك القرآن غير المتواتر، وهو ما نُقِل بخبر الآحاد، وهذا الغير متواتر يقول المؤلف رحمه الله: ليس بقرآن. وظاهر كلامه: ولو صح سنده، إذ أحيانا تصح القراءة عن صحابي لكن ليست موافقة لمصحف عثمان رضي الله عنه، فيقول المؤلف رحمه الله: إنه ليس من القرآن؛ فلا تصح الصلاة به.
ومن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في كفارة الأيمان: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، فإن كلمة (متتابعات) من قراءة عبد الله بن مسعود، وليست متواترة، لكنها صحيحة، ومع ذلك يقول المؤلف: إن هذا ليس بقرآن ولا تصح الصلاة به؛ لأنه ليس من القرآن المتواتر.
وذهب بعض العلماء إلى أنه من القرآن، وتصح الصلاة به؛ فإنه إذا كنا ننسب الحديث القدسي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ثم إلى الله عز وجل وهو من أخبار الآحاد؛ فكذلك القرآن، ولا سيما إذا كان من قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا باتباع قراءته فقال: ((من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل –أو قال طريا كما أنزل- فليقرأ بقراءة ابن أم عبد))، يعني عبد الله بن مسعود.
فإذا صح السند إلى عبد الله بن مسعود أن قرأ بهذه القراءة؛ فالقول الراجح أنه قرآن، وأن الصلاة تصح به؛ لأنه قرأن صح إلى عبد الله بن مسعود؛ لكن المؤلف يرى أن ما خرج عن القراءات السبع ولم يوافقها فليس بقرآن؛ لأنها هي التي نُقِلت إلينا نقلا متواترا.
وقوله: "وما صح منه حجة" هذا من الغرائب: ما صح من غير المتواتر فهو "حجة" يُحتَج به في الأحكام، بل ويُحتَج به في العقائد؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قد يقول قائل: إنه تناقض؛ فكيف نحتجّ به ونقول: ليس بقرآن؛ لأن الاحتجاج به فرع عن كونه قرآنا، ولكنهم أجابوا بأن القرآن يحتاج إلى تواتر؛ لأن الله قال: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩﴾[الحِجر:9] وخبر الآحاد عند أكثر المتكلمين لا يفيد إلا الظن، والظن يوجب العمل، وإن كانوا أيضًا لا يحتجون به في العقيدة!
ولكن الصحيح أن هذا القول: "وما صح منه حجة" حُجة على من قال: إنه لا تصح القراءة به؛ لأننا نقول: إذا جعلتموه حجة فإنه يلزم من هذا أن تصح القراءة به، وهذا هو الصحيح، فإنه حجة، وأنه تصح القراءة به إذا صح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقوله: "وتكره قراءته" وهذا من العجائب!! شيء يُكرَه ويكون حجة علينا عند الله! يقولون: لأنه إذا صحت القراءة به ثَبَت معناه، أما اللفظ فلا نقرأ به. والصحيح أن القراءة به لا تُكرَه؛ لأنه صح سنده إلى من قرأ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

[شرح مختصر التحرير، لابن عثيمين، (478-482)، الطبعة المعتمدة من مؤسسة الشيخ].
 
جزاك الله خيراً

أكمل الموضوع بارك الله فيك
 
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

((وكتب في المصاحف إنما متصلة وهو على غير قياس الرسم المصطلح عليه من بعد لأنهما كلمتان لم تصيرا كلمة واحدة، بخلاف إنما التي هي للقصر. ولم يكن الرسم في زمن كتابة المصاحف في أيام الخليفة عثمان قد بلغ تمام ضبطه.))

التحرير والتنوير، دار سحنون للطباعة والنشر، تونس، (340/10)

___
 
بارك الله في الأخ ضيف الله الشمراني على فكرته الجيدة
فعلاً هناك كثير من النفائس لبعض العلوم نجدها مبثوثة في غير مظانِّها ، واستخلاص تلك الفوائد فيه من الفوائد ما فيه
سدّد الله خطاكم وأعظم لكم الأجر والثواب ورزقنا الله وإياكم الصدق الإخلاص بالقول والعمل
 
ما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يتقدم كثيرا على حال علم القراءات بين المسلمين منذ عصر ابن الجزري إلى اليوم لأنه يفيد أن شيخ الإسلام ابن تيمية ويؤيده الشيخ ابن عثيمين يذهبان مذهب ابن شنَبوذ المنبوذ بين أهل القراءات منذ المئة الرابعة.
والحقّ أن هذه المسألة هي أساس الوعي التاريخي في علم القراءات ولا يمكن الفصل فيها إلا أن يتأسس مجلس على مستوى العالم الإسلامي للقراءات يكون له أعضاء وشيوخ من أهل الدراية في هذا الباب يجمعون إلى الضبط العملي قسطا كبيرا من العلم بتاريخ القراءات واختلاف القراء. ويكون للمجلس موقع على الشبكة ودورية فصلية أو سنوية (أو نصف سنوية) واجتماعات دورية (ولو عبر الشبكة)، ويتخذ المجلس قرارات لها حكم قوة الإجماع ولن يكون لقراراته هذه القوة العلمية ما لم يكن منفتحا فاصلا فصلا مبينا بين ضرورات الأداء وبين جواز القراءة والإقراء ثمّ العلم في واقعه والتاريخ في مسيرته.
وتوجد مواقع جيدة كموقع الشيخ السالم الجكني حفظه الله لكنّا نأمل أن يتأسس "مجلس للقراءات" يشبه مجمع اللغة العربية للغة يتخذ قرارات يتلقاها أهل القراءات بالقبول ولا بأس أن يعطي المجلس كل قرار فترة شهر أو شهرين أو ستة أشهر لاكتساب الدرجة القطعية لكيلا يكون للناس على المجلس حجة بعد ذلك.
والله أعلم
 
أشكر لكم سعادة الدكتور عبد الرحمن الصالح هذه المشاركة، وأهلًا بكم مجدَّدًا.
أؤكِّد على ما تفضَّلتم به من ضرورة إقامة مَجْمَع للقرّاء على غرار المجامع اللغوية والفقهية، وعسى أن يكون قريبًا، ولو إلكترونيًا.
 
قال د. البشير عصام المَرّاكشي، في كتابه (تكوين المَلَكة اللغوية: ص144):
"طرائق الاستفادة من القرآن الكريم في المجال اللغوي كثيرة، أجتزئ هنا بذكر بعضها اختصارًا.
فأول ما يعتني الطالب به: حفظ كتاب الله كاملًا، فإن أعجزه ذلك -وما أظن صاحب همّة يعجز عن ذلك مع تيسير الله له- فلا أقلَّ من أن يدمن قراءته، حتى تصير العبارات القرآنية منه على طرف الثمام.
وليحرص على تعلّم قواعد التجويد، ورياضة لسانه وفكّه بها، حتى يعتاد النطق العربي الفصيح. ولستُ أعرف شيئًا يُعينُ الطالب على حُسن النطق بحروف العربية وكلماتها مثل دراسة علم التجويد. وقد رأيتُ من فرّطَ في هذا العلم، لا يستقيم لسانه بكلام عربي، ولا يزال يخلط بين الحروف، ويستثقل الانتقال من حركة إلى أخرى، ولا يميّز بين شدّة وسكون، وهلمَّ جَرًّا".
 
عودة
أعلى