أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
بسم الله
ومن موضوعات علوم القرآن المهمة : موضوع النسخ في القرآن
وهذه بعض الوقفات مع هذا الموضوع :
الوقفة الأولى : في أهمية هذا الموضوع :
النسخ في القرآن الكريم من الموضوعات المهمة التي لابُدّ من الإلمام بها لكل من تصدّى لدراسة القرآن ، وأراد معرفة أحكامه ومعانيه .
ولذلك فقد كتب فيه المؤلفون في علوم القرآن ، وأفرده كثيرون بالتصنيف - كما سيأتي - ؛ ( لأن معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم فـي فهم الإسلام وفـي الاهتداء إلى صحيح الأحكام ، خصوصاً إذا ما وجدت أدلة متعارضة لايندفع التعارض بينها إلاَّ بمعرفة سابقها من لاحقها ، وناسخها من منسوخها .
ولهذا كان سلفنا الصالح يعنون بهذه الناحية ، يحذقونها ، ويلفتون أنظار الناس إليها ، ويحملونهم عليها ؛ حتى لقد جاء في الأثر أن ابن عباس - رضي الله عنهما - فسّر الحكمة في قوله تعالى : { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) } [ البقرة : 269 ] بمعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ( 1) .
وروي أن عليًّا - رضي الله عنه - مرّ على قاص ، فقال : أتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت( 2) . يريد أنه عرّض نفسه وعرض الناس للهلاك ، مادام أنه لايعرف الناسخ من المنسوخ )(3 ) .
وقد ذكر الحافظ ابن عبدالبر - رحمه الله - في كتابه جامع بيان العلم وفضله في باب معرفة أصول العلم وحقيقته وما الذي يقع عليه اسم الفقه والعلم مطلقاً - أثراً يبيّن أهمية هذا العلم ، حيث قال : ( وذكر أبو بكر محمد بن الحسن النقاش ، ثنا عبدالله بن محمود ، قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول : ليس من المعلوم كلها علم هو أوجب على العلماء وعلى المتعلمين ، وكافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه ؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً ، والعلم به لازم ديانةً ، والمنسوخ لايعمل به ، ولاينتهي إليه ، فالواجب على كل عالم عِلْمُ ذلك لئلا يوجب على نفسه أو على عباد الله أمراً لم يوجبه الله عزوجل ، أو يضع عنه فرضاً أوجبه الله عزوجل )( 4) .
وقال القرطبي في بيان أهمية معرفة النسخ : ( معرفة هذا الباب أكيدة ، وفائدته عظيمة ، لايستغني عن معرفته العلماء ، ولاينكره إلاَّ الجهلة الأغبياء ، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام )( 5) .
معنى النسخ في اللغة :
يأتي النسخ في كلام العرب على ثلاثة أوجه :
الأول : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الكتاب ، إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر ، فهذا لم يتغير المنسوخ منه ، وإنَّما صار له نظيرٌ مثله في لفظه ومعناه ، وهما باقيان .
والثاني : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الشمس الظل ، إذا أزالته وحلت محله .
والثالث : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الريحُ الآثار ، إذا أزالتها فلم يَبق منها عوض ، ولا حلت الريح محل الآثار ، بل زالا جميعاً( 6) .
وقد وردت مادة النسخ في القرآن الكريم بهذه المعاني الثلاثة :
فمن الأول - وهو النقل - قول الله تعالى : { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 29 ] .
ومن الثاني - وهو إزالة شيء مع حلول شيء آخر محله - قوله تعالى : { مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّـِنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ) } [ البقرة : 106 ] .
ومن الثالث - وهو إزالة الشيء بدون حلول شيء آخر محله - قول الله تعالى : { فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ } [ الحج : 52 ]( 7) .
معنى النسخ في الاصطلاح :
يحتاج معنى النسخ في الاصطلاح إلى شيء من الإيضاح ؛ وذلك لأن معناه في اصطلاح المتقدمين يختلف عن معناه في اصطلاح المتأخرين .
فالمتقدمون - من الصحابة والتابعين - لهم اصطلاح خاص في مسألة النسخ ، فمفهوم النسخ عندهم أعم من مفهومه عند الأصوليين والفقهاء والمحدثين ، وما استقر عليه الأمر بعد ذلك في هذا المصطلح ، فلم يكن النسخ عندهم مُمَيَّزاً عن غيره من أساليب البيان ، فقد كانوا يطلقون النسخ على تخصيص العام ، وتقييد المطلق ، وتبيين المجمل ، وإيضاح المبهم ، ونحو ذلك ، كما كانوا يطلقونه على النسخ بمعناه المعروف عند الأصوليين بعد تحديد المصطلحات العلمية .
وقد بيّن هذا وقرره كثيرٌ من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية( 8) وتلميذه ابن القيم( 9) والإمام الشاطبي في كتابه الموافقات( 10) .
وأمَّا معنى النسخ في اصطلاح المتأخرين من الأصوليين والفقهاء والمحدثين وأهل علوم القرآن - فقد اختلفت عباراتهم في تحديد معناه بعد أن اتفقوا على أنه يختلف عن أساليب البيان الأخرى من تخصيص ، واستثناء ، وتقييد ، وتبيين ، وإيضاح ونحوها .
ولعل من أفضل التعاريف التي تبين معنى النسخ في اصطلاح المتأخرين مع سهولته ووضوحه وشموله = ما ذكره فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه { الأصول من علم الأصول } ؛ حيث قال في تعريف النسخ في الاصطلاح : ( رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة )(11 ) .
( فهذا التعريف مع كونه مختصراً ، فهو جامع مانع ، سالم من المآخذ والاعتراضات الواردة على غيره .
فقوله : { رفع حكم } تعريف للنسخ على أنه فعل الشارع ، خلافاً للذين عرفوه بأنه الخطاب ، أو اللفظ ، أو الطريق ، فهؤلاء عرفوا النسخ بدليله ، وتقييد الحكم بأنه { حكم دليل شرعي } مخرج لرفع حكم البراءة الأصلية ، فلايسمى نسخاً .
وقوله : { أو لفظه } جيء به ليشمل التعريفُ نسخ لفظ التلاوة ؛ لأن النسخ إمَّا أن يكون للحكم أو للفظ أولهما معاً .
وقوله : { بدليل } يخرج رفع الحكم بالموت والجنون ونحوهما ، وتقييد الدليل بكونه من الكتاب والسنة ؛ ليخرج ما عداهما من الأدلة كالإجماع والقياس فلاينسخ بهما )( 12) .
فائدة : هذه بعض المؤلفات في موضوع النسخ في القرآن الكريم :
من الكتب المطبوعة المصنفة قديماً في الناسخ والمنسوخ :
1 - الناسخ والمنسوخ في القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ( ت 224 هـ ) .
2 - الناسخ والمنسوخ في القرآن ، لأبي جعفر النحاس ( ت 328 هـ ) .
3 - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ، لمكي بن أبي طالب ( ت 407 هـ ) .
4 - الناسخ والمنسوخ ، لأبي منصور عبدالقاهر البغدادي ( ت 429 هـ ) .
5 - الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ، لأبي بكر محمد بن عبدالله بن العربي ( ت 543 هـ ) .
6 - نواسخ القرآن ، لابن الجوزي ( ت 597 هـ ) .
7 - ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه ، لابن البارزي ( ت 738 هـ ) .
ومن المؤلفات الحديثة المطبوعة في موضوع النسخ :
1 - النسخ في القرآن الكريم ، لمصطفى زيد ( رسالة دكتوراه ) .
2 - نظرية النسخ في الشرائع السماوية ، لشعبان محمد إسماعيل .
3 - فتح المنان في نسخ القرآن ، لعلي حسن العريض .
4 - النسخ في الشريعة الإسلاميَّة كما أفهمه ، لعبدالمتعال الجبري ( رسالة ماجستير ) .
5 - النسخ بين الإثبات والنفي ، لمحمد محمود فرغلي .
6 - دراسات في الإحكام والنسخ في القرآن الكريم ، لمحمد حمزة .
7 - الأدلة المطمئنة على ثبوت النسخ في الكتاب والسنة ، لعبدالله مصطفى العريس .
إضافة إلى ما كتب في النسخ في أغلب الكتب المؤلفة في علوم القرآن وأصول الفقه .
وهناك مقالات وبحوث في مجلات عن هذا الموضوع ومنها :
1 - النسخ في القرآن الكريم ، للشيخ عبدالله الشبانة في مجلة البحوث الإسلاميَّة ، العدد 29 ص 207
إلى ص 277 .
2 - النسخ في الشريعة حقيقته والحكمة منه ، لعمر السّردي في مجلة الحكمة ، العدد التاسع ص 157
إلى ص 221 .
الحواشي السفلية
(1) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 5 ، 6 رقم [3] ، وابن جرير الطبري في تفسيره 5/576 بتحقيق : أحمد ومحمود شاكر ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ 1/411 رقم [4] . وانظر : كلام المحقق عليه ، وذكره ابن كثير في تفسيره 1/304 ، والسيوطي في الدر المنثور 1/348 ، وزاد سبته لابن المنذر وابن أبي حاتم .
(2) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 4 رقم [1] ، والنحاس في الناسخ والمنسوخ 1/410 رقم [2] والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 1/244 ، وقال محققه : إسناده صحيح .
(3 ) مناهل العرفان للزرقاني 2/189 .
(4 ) جامع بيان العلم وفضله 1/767 وقال المحقق عن هذا الأثر : ( علقه المصنّف ولعله في بعض مصنفات أبي بكر النقاش ، فإنه صاحب تصانيف ولم يكن محمود الرواية ) انظر ترجمته في السير 15/573 - 576 .
(5 ) تفسير القرطبي 2/62 .
(6 ) ذكر هذه المعاني الثلاثة مكي بن أبي طالب في كتابه الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 47 - 53 وانظر : لسان العرب لابن منظور 14/121 ، وكتاب نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ص 443 ، 444 ، وللتوسع في معرفة معاني النسخ في اللغة انظر : كتاب النسخ في القرآن لمصطفى زيد 1/55 - 62 .
(7 ) انظر : الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ، للدكتور عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي ص 18 ، 19 .
(8 ) انظر : مجموع الفتاوى 13/29 .
(9 ) انظر : إعلام الموقعين 1/66 ، 67 .
(10 ) انظر : الموافقات للشاطبي 3/81 - 88 ، وقد توسع في تقرير ذلك وضرب الأمثلة عليه .
(11 ) الأصول من علم الأصول للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 45 .
(12 ) من مقدمة محقق كتاب الناسخ والمنسوخ ، لأبي جعفر النحاس 1/114 ، الشيخ الدكتور سليمان اللاحم .
وللحديث بقية إن شاء الله
ومن موضوعات علوم القرآن المهمة : موضوع النسخ في القرآن
وهذه بعض الوقفات مع هذا الموضوع :
الوقفة الأولى : في أهمية هذا الموضوع :
النسخ في القرآن الكريم من الموضوعات المهمة التي لابُدّ من الإلمام بها لكل من تصدّى لدراسة القرآن ، وأراد معرفة أحكامه ومعانيه .
ولذلك فقد كتب فيه المؤلفون في علوم القرآن ، وأفرده كثيرون بالتصنيف - كما سيأتي - ؛ ( لأن معرفة الناسخ والمنسوخ ركن عظيم فـي فهم الإسلام وفـي الاهتداء إلى صحيح الأحكام ، خصوصاً إذا ما وجدت أدلة متعارضة لايندفع التعارض بينها إلاَّ بمعرفة سابقها من لاحقها ، وناسخها من منسوخها .
ولهذا كان سلفنا الصالح يعنون بهذه الناحية ، يحذقونها ، ويلفتون أنظار الناس إليها ، ويحملونهم عليها ؛ حتى لقد جاء في الأثر أن ابن عباس - رضي الله عنهما - فسّر الحكمة في قوله تعالى : { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) } [ البقرة : 269 ] بمعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ( 1) .
وروي أن عليًّا - رضي الله عنه - مرّ على قاص ، فقال : أتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت( 2) . يريد أنه عرّض نفسه وعرض الناس للهلاك ، مادام أنه لايعرف الناسخ من المنسوخ )(3 ) .
وقد ذكر الحافظ ابن عبدالبر - رحمه الله - في كتابه جامع بيان العلم وفضله في باب معرفة أصول العلم وحقيقته وما الذي يقع عليه اسم الفقه والعلم مطلقاً - أثراً يبيّن أهمية هذا العلم ، حيث قال : ( وذكر أبو بكر محمد بن الحسن النقاش ، ثنا عبدالله بن محمود ، قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول : ليس من المعلوم كلها علم هو أوجب على العلماء وعلى المتعلمين ، وكافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه ؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً ، والعلم به لازم ديانةً ، والمنسوخ لايعمل به ، ولاينتهي إليه ، فالواجب على كل عالم عِلْمُ ذلك لئلا يوجب على نفسه أو على عباد الله أمراً لم يوجبه الله عزوجل ، أو يضع عنه فرضاً أوجبه الله عزوجل )( 4) .
وقال القرطبي في بيان أهمية معرفة النسخ : ( معرفة هذا الباب أكيدة ، وفائدته عظيمة ، لايستغني عن معرفته العلماء ، ولاينكره إلاَّ الجهلة الأغبياء ، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام )( 5) .
معنى النسخ في اللغة :
يأتي النسخ في كلام العرب على ثلاثة أوجه :
الأول : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الكتاب ، إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر ، فهذا لم يتغير المنسوخ منه ، وإنَّما صار له نظيرٌ مثله في لفظه ومعناه ، وهما باقيان .
والثاني : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الشمس الظل ، إذا أزالته وحلت محله .
والثالث : أن يكون مأخوذاً من قول العرب : نسخت الريحُ الآثار ، إذا أزالتها فلم يَبق منها عوض ، ولا حلت الريح محل الآثار ، بل زالا جميعاً( 6) .
وقد وردت مادة النسخ في القرآن الكريم بهذه المعاني الثلاثة :
فمن الأول - وهو النقل - قول الله تعالى : { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 29 ] .
ومن الثاني - وهو إزالة شيء مع حلول شيء آخر محله - قوله تعالى : { مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّـِنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ) } [ البقرة : 106 ] .
ومن الثالث - وهو إزالة الشيء بدون حلول شيء آخر محله - قول الله تعالى : { فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ } [ الحج : 52 ]( 7) .
معنى النسخ في الاصطلاح :
يحتاج معنى النسخ في الاصطلاح إلى شيء من الإيضاح ؛ وذلك لأن معناه في اصطلاح المتقدمين يختلف عن معناه في اصطلاح المتأخرين .
فالمتقدمون - من الصحابة والتابعين - لهم اصطلاح خاص في مسألة النسخ ، فمفهوم النسخ عندهم أعم من مفهومه عند الأصوليين والفقهاء والمحدثين ، وما استقر عليه الأمر بعد ذلك في هذا المصطلح ، فلم يكن النسخ عندهم مُمَيَّزاً عن غيره من أساليب البيان ، فقد كانوا يطلقون النسخ على تخصيص العام ، وتقييد المطلق ، وتبيين المجمل ، وإيضاح المبهم ، ونحو ذلك ، كما كانوا يطلقونه على النسخ بمعناه المعروف عند الأصوليين بعد تحديد المصطلحات العلمية .
وقد بيّن هذا وقرره كثيرٌ من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية( 8) وتلميذه ابن القيم( 9) والإمام الشاطبي في كتابه الموافقات( 10) .
وأمَّا معنى النسخ في اصطلاح المتأخرين من الأصوليين والفقهاء والمحدثين وأهل علوم القرآن - فقد اختلفت عباراتهم في تحديد معناه بعد أن اتفقوا على أنه يختلف عن أساليب البيان الأخرى من تخصيص ، واستثناء ، وتقييد ، وتبيين ، وإيضاح ونحوها .
ولعل من أفضل التعاريف التي تبين معنى النسخ في اصطلاح المتأخرين مع سهولته ووضوحه وشموله = ما ذكره فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه { الأصول من علم الأصول } ؛ حيث قال في تعريف النسخ في الاصطلاح : ( رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة )(11 ) .
( فهذا التعريف مع كونه مختصراً ، فهو جامع مانع ، سالم من المآخذ والاعتراضات الواردة على غيره .
فقوله : { رفع حكم } تعريف للنسخ على أنه فعل الشارع ، خلافاً للذين عرفوه بأنه الخطاب ، أو اللفظ ، أو الطريق ، فهؤلاء عرفوا النسخ بدليله ، وتقييد الحكم بأنه { حكم دليل شرعي } مخرج لرفع حكم البراءة الأصلية ، فلايسمى نسخاً .
وقوله : { أو لفظه } جيء به ليشمل التعريفُ نسخ لفظ التلاوة ؛ لأن النسخ إمَّا أن يكون للحكم أو للفظ أولهما معاً .
وقوله : { بدليل } يخرج رفع الحكم بالموت والجنون ونحوهما ، وتقييد الدليل بكونه من الكتاب والسنة ؛ ليخرج ما عداهما من الأدلة كالإجماع والقياس فلاينسخ بهما )( 12) .
فائدة : هذه بعض المؤلفات في موضوع النسخ في القرآن الكريم :
من الكتب المطبوعة المصنفة قديماً في الناسخ والمنسوخ :
1 - الناسخ والمنسوخ في القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ( ت 224 هـ ) .
2 - الناسخ والمنسوخ في القرآن ، لأبي جعفر النحاس ( ت 328 هـ ) .
3 - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ، لمكي بن أبي طالب ( ت 407 هـ ) .
4 - الناسخ والمنسوخ ، لأبي منصور عبدالقاهر البغدادي ( ت 429 هـ ) .
5 - الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ، لأبي بكر محمد بن عبدالله بن العربي ( ت 543 هـ ) .
6 - نواسخ القرآن ، لابن الجوزي ( ت 597 هـ ) .
7 - ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه ، لابن البارزي ( ت 738 هـ ) .
ومن المؤلفات الحديثة المطبوعة في موضوع النسخ :
1 - النسخ في القرآن الكريم ، لمصطفى زيد ( رسالة دكتوراه ) .
2 - نظرية النسخ في الشرائع السماوية ، لشعبان محمد إسماعيل .
3 - فتح المنان في نسخ القرآن ، لعلي حسن العريض .
4 - النسخ في الشريعة الإسلاميَّة كما أفهمه ، لعبدالمتعال الجبري ( رسالة ماجستير ) .
5 - النسخ بين الإثبات والنفي ، لمحمد محمود فرغلي .
6 - دراسات في الإحكام والنسخ في القرآن الكريم ، لمحمد حمزة .
7 - الأدلة المطمئنة على ثبوت النسخ في الكتاب والسنة ، لعبدالله مصطفى العريس .
إضافة إلى ما كتب في النسخ في أغلب الكتب المؤلفة في علوم القرآن وأصول الفقه .
وهناك مقالات وبحوث في مجلات عن هذا الموضوع ومنها :
1 - النسخ في القرآن الكريم ، للشيخ عبدالله الشبانة في مجلة البحوث الإسلاميَّة ، العدد 29 ص 207
إلى ص 277 .
2 - النسخ في الشريعة حقيقته والحكمة منه ، لعمر السّردي في مجلة الحكمة ، العدد التاسع ص 157
إلى ص 221 .
الحواشي السفلية
(1) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 5 ، 6 رقم [3] ، وابن جرير الطبري في تفسيره 5/576 بتحقيق : أحمد ومحمود شاكر ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ 1/411 رقم [4] . وانظر : كلام المحقق عليه ، وذكره ابن كثير في تفسيره 1/304 ، والسيوطي في الدر المنثور 1/348 ، وزاد سبته لابن المنذر وابن أبي حاتم .
(2) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص 4 رقم [1] ، والنحاس في الناسخ والمنسوخ 1/410 رقم [2] والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 1/244 ، وقال محققه : إسناده صحيح .
(3 ) مناهل العرفان للزرقاني 2/189 .
(4 ) جامع بيان العلم وفضله 1/767 وقال المحقق عن هذا الأثر : ( علقه المصنّف ولعله في بعض مصنفات أبي بكر النقاش ، فإنه صاحب تصانيف ولم يكن محمود الرواية ) انظر ترجمته في السير 15/573 - 576 .
(5 ) تفسير القرطبي 2/62 .
(6 ) ذكر هذه المعاني الثلاثة مكي بن أبي طالب في كتابه الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 47 - 53 وانظر : لسان العرب لابن منظور 14/121 ، وكتاب نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ص 443 ، 444 ، وللتوسع في معرفة معاني النسخ في اللغة انظر : كتاب النسخ في القرآن لمصطفى زيد 1/55 - 62 .
(7 ) انظر : الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ، للدكتور عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي ص 18 ، 19 .
(8 ) انظر : مجموع الفتاوى 13/29 .
(9 ) انظر : إعلام الموقعين 1/66 ، 67 .
(10 ) انظر : الموافقات للشاطبي 3/81 - 88 ، وقد توسع في تقرير ذلك وضرب الأمثلة عليه .
(11 ) الأصول من علم الأصول للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 45 .
(12 ) من مقدمة محقق كتاب الناسخ والمنسوخ ، لأبي جعفر النحاس 1/114 ، الشيخ الدكتور سليمان اللاحم .
وللحديث بقية إن شاء الله