احترامي لآراءكما و اجتهادتكما، و أتفق معكما أن في القرآن علوم لأن الله سبحانه هو خالق الكون و عالم الغيب لا يعزب عنه من مثقال ذرة لا في السموات و لا في الأرض و لكن لا أتفق معكما لا في الإسم و لا في التعريف بما يسمى الإعجاز العلمي، لأنه اصطلاح ليس مكانه فتح الباب للبعض لتحريف آيات الله و ذلك عن طريق استغلال عاطفة المسلمين و حبهم لكتاب الله.
سأعطي مثالا : ما قاله الطاهري عن تفسير البعوضة بأن هناك حشرة فوقها فذاك بكل بساطة هو تحريف للآية. لماذا :
أولا : لأن هدف الآساسي للآية 26 ليس هو تصديق أنه من عند الله و لكن الهداية و بطبيعة الحال الهداية شملت التصديق و لكن العكس غير صحيح.
ثانيا. اتباعا لما جاء كتعريف الإعجاز العلمي، و أن المقصودُ
بالإعجاز العلمي للقرآن: هو إخباره عن حقائقَ علمية لم تكن معروفة للبشرية يوم نزول القرآن على نبينا صلى الله عليه وسلم، ولم يكتشف العلمُ هذه الحقائق إلا في وقتنا الحاضر.
و الآن رجوع إلى ما سؤال الطاهري:
مثبت قبل اثباته العلم الدنيوي.
هو أن الحقائق التي سيثبتها العلم
لا حقا يجب أن تكون واضحة مسبقا و تابثة, و مثال ذلك لو كانت الآية 26 المقصود منها أن هناك حشرة فوقها فيجب أن يكون تفسير مسبق أن ما فوقها تعني حشرة فوقها قبل اثبات العلم لذلك...
لهذا أقول إن الاسم و التعريف بما يسمى الإعجاز العلمي هو جد ضعيف فتح الباب لتفلسف و التحريف و تعد من أخطر الأشياء في دين الله فالقصد و النية الصالحة ليست كافية للوصول للحق....فليس من الهين اختيار مصطلحات و تعاريف نظن أنها ليس فيها ضرر فمن تكون أنت و من أكون أنا لكي تحدد ما ينبغي و لا ينبغي و خير دليل حديث جبريل و الرسول صلى الله عليه و سلم. (أسئلة جبريل فتأملوا الحديث و تفكروا فيه رحمكم الله ).
وتأملوا كذلك كيف كان خوف الصحابة رضي الله عنهم عن جمع القرآن.
روى البخاري في "صحيحه" عن زيد رضي الله عنه أنه قال: أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ -أي اشتد وكثر- يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري.
بالتوفيق